الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عندي احتاج صحيح، وذهب أكثر أهل الأصول من أهل السُّنّة إلى أن الخوارج فسّاق وأن حكم الإسلام يجري عليهم لتلفظهم بالشهادتين ومواظبتهم على أركان الإسلام وإنما فسقوا بتكفيرهم المسلمين مستندين إلى تأويل فاسد وجرّهم ذلك إلى استباحة دماء مخالفيهم وأموالهم والشهادة عليهم بالكفر والشرك. وقال القاضي عياض: كادت هذه المسألة أن تكون أشد إشكالاً عند المتكلمين من غيرها حتى سأل الفقيه عبد الحق الإمام أبا المعالي عنها فاعتذر بأن إدخال كافر في الملة وإخراج مسلم منها عظيمة في الدين قال: وقد توقف قبله القاضي أبو بكر الباقلاني وقال لم يصرح القوم بالكفر وإنما قالوا أقوالاً لا تؤدي إلى الكفر، وقال الغزالي في كتاب التفرقة بين الإيمان والزندقة: الذي ينبغي الاحتراز عن التكفير ما وجد إليه سبيل فإن استباحة دماء المسلمين المصلين المقرين بالتوحيد خطأ والخطأ في ترك ألف كافر في الحياة أهون من الخطأ في سفك دم مسلم واحد.
7 - باب مَنْ تَرَكَ قِتَالَ الْخَوَارِجِ لِلتَّأَلُّفِ وَأَنْ لَا يَنْفِرَ النَّاسُ عَنْهُ
(باب من ترك قتال الخوارج للتألف و) لأجل (أن لا ينفر الناس عنه) بفتح التحتية وسكون النون وكسر الفاء والضمير في عنه للتارك.
6933 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ: بَيْنَا النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَقْسِمُ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ذِى الْخُوَيْصِرَةِ التَّمِيمِىُّ فَقَالَ: اعْدِلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: «وَيْلَكَ مَنْ يَعْدِلُ إِذَا لَمْ أَعْدِلْ» قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: دَعْنِى أَضْرِبْ عُنُقَهُ قَالَ: «دَعْهُ فَإِنَّ لَهُ أَصْحَابًا يَحْقِرُ أَحَدُكُمْ صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِ، وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنَ الرَّمِيَّةِ، يُنْظَرُ فِى قُذَذِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، يُنْظَرُ فِى نَصْلِهِ فَلَا
يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِى رِصَافِهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، ثُمَّ يُنْظَرُ فِى نَضِيِّهِ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ شَىْءٌ، قَدْ سَبَقَ الْفَرْثَ وَالدَّمَ آيَتُهُمْ رَجُلٌ إِحْدَى يَدَيْهِ -أَوْ قَالَ ثَدْيَيْهِ- مِثْلُ ثَدْىِ الْمَرْأَةِ -أَوْ قَالَ مِثْلُ الْبَضْعَةِ تَدَرْدَرُ- يَخْرُجُونَ عَلَى حِينِ فُرْقَةٍ مِنَ النَّاسِ» قَالَ أَبُو سَعِيدٍ: أَشْهَدُ سَمِعْتُ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَأَشْهَدُ أَنَّ عَلِيًّا قَتَلَهُمْ وَأَنَا مَعَهُ جِىءَ بِالرَّجُلِ عَلَى النَّعْتِ الَّذِى نَعَتَهُ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَنَزَلَتْ فِيهِ: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِى الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 58].
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي الجعفي قال: (حدّثنا هشام) هو ابن يوسف الصنعاني قال: (أخبرنا معمر) بفتح الميمين بينهما عين ساكنة ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (عن أبي سعيد) سعد بن مالك الخدري رضي الله عنه أنه (قال: بينا) غير ميم (النبي صلى الله عليه وسلم يقسم) ذهبًا بعثه عليّ بن أبي طالب من اليمن سنة تسع وخصّ به أربعة أنفس الأقرع بن حابس الحنظلي وعيينة بن حصن الفزاري وعلقمة بن علاثة العامري وزيد الخير الطائي إذ (جاء عبد الله بن ذي الخويصرة) بضم الخاء المعجمة وبالصاد المهملة مصغرًا (التميمي) وهو حرقوص بن زهير أصل الخوارج قال في الكواكب: كذا في جل النسخ بل في كلها عبد الله بن ذي الخويصرة بزيادة ابن والمشهور في كتب أسماء الرجال ذو الخويصرة فقط اهـ.
وسبق في علامات النبوة فأتى ذو الخويصرة رجل من تميم لكن في رواية عبد الرزاق عن معمر إذ جاءه ابن ذي الخويصرة وكذا عند الإسماعيلي من رواية عبد الرزاق ومحمد بن ثور وأبي سفيان الحميري وعبد الله بن معاذ أربعتهم عن معمر (فقال: اعدل يا رسول الله) بهمزة وصل وجزم اللام على الطلب أي اعدل في القسمة (فقال) صلى الله عليه وسلم له:
(ويلك) ولأبي ذر عن الحموي ويحك بالحاء المهملة بدل اللام (من) ولأبي ذر ومن (يعدل إذا لم أعدل) قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه يا رسول الله (دعني اضرب عنقه) ولأبي ذر ائذن لي فأضرب بهمزة قطع منصوب بفاء الجواب (قال) صلى الله عليه وسلم لعمر (دعه) أي اتركه (فإن له أصحابًا يحقر) بكسر القاف يستقل (أحدكم صلاته مع صلاته وصيامه مع صيامه) بلفظ الأفراد فيهما وظاهره أن ترك الأمر بقتله بسبب أصحابه الموصوفين بالصفة المذكورة وهو لا يقتضي ترك قتله مع ما ظهر منه من مواجهته صلى الله عليه وسلم بما واجهه به فيحتمل أن يكون لمصلحة التألف (يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية) الصيد المرمي والمروق سرعة نفوذ السهم من الرمية حتى يخرج من الطرف الآخر ولشدة سرعة خروجه لقوة ساعد الرامي لا يتعلق بالسهم من جسد الصيد شيء (ينظر) بضم أوله وفتح ثالثه مبنيًّا للمفعول (في قذذه) بضم القاف وفتح الذال المعجمة الأولى في ريش السهم ليعرف هل أصاب أو أخطأ (فلا يوجد فيه شيء) من أثر الصيد المرمى (ثم ينظر في) ولأبي ذر عن الكشميهني إلى (نصله) حديدة السهم (فلا يوجد فيه شيء. ثم ينظر في) ولأبي ذر عن
الكشميهني إلى (رصافه) بكسر الراء بعدها صاد مهملة (فلا يوجد فيه شيء) وسقط لفظ ينظر لأبي ذر (ثم ينظر في نضيه) بفتح النون وكسر الضاد المعجمة والتحتية المشددة بعدها هاء عود السهم من غير ملاحظة أن يكون له نصل وريش (فلا يوجد فيه شيء) من دم الصيد أو غيره فيظن أنه لم يصبه
والفرض أنه أصاب (قد سبق الفرث) بفتح الفاء وسكون الراء بعدها مثلثة السرجين ما دام في الكرش (والدم) أي جاوزهما ولم يعلق فيه منهما شيء بل خرجا بعده شبه خروجهم من الدين وكونهم لم يتعلقوا بشيء منه بخروج ذلك السهم. وفي مسندي الحميدي وابن أبي عمر من طريق أبي بكر مولى الأنصار عن علي أن ناسًا يخرجون من الذين كما يخرج السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه أبدًا (آيتهم) علامتهم (رجل إحدى يديه) بالتثنية (أو قال: ثدييه) بالتثنية أيضًا والشك هل هي تثنية يد بالتحتية أو ثدي بالمثلثة ولأبي ذر عن المستملي ثدييه أي من غير شك قال في الفتح بالمثلثة فيهما فالشك عنده هو الثدي بالإفراد أو التثنية؟ قال ووقع في رواية الأوزاعي إحدى يديه تثنية يد ولم يشك وهو المعتمد ففي رواية شعيب ويونس إحدى عضديه (مثل ثدي المرأة) بالمثلثة والإفراد (أو قال: مثل البضعة) بفتح الموحدة وسكون الضاد المعجمة أي القطعة من اللحم (تدردر) بفتح الفوقية والدالين المهملتين بينهما راء ساكنة آخره راء أخرى وأصله تتدردر فحذفت إحدى التاءين أي تتحرك وتجيء وتذهب، ولمسلم من رواية زيد بن وهب عن علي وآية ذلك أن فيهم رجلاً له عضد ليس له ذراع على رأس عضده مثل حلمة الثدي عليه شعرات بيض، وعند الطبري من طريق طارق بن زياد عن علي في يده شعرات سود (يخرجون على حين فرقة من الناس) بكسر الحاء المهملة وبعد التحتية الساكنة نون وبضم فاء فرقة أي زمان افتراق الناس ولأبي ذر عن المستملي على خير فرقة بالخاء المعجمة وبعد التحتية راء وفرقة بكسر الفاء. قال في فتح الباري: والأول المعتمد وهو الذي في مسلم وغيره وإن كان الآخر صحيحًا أي أفضل طائفة.
(وقال أبو سعيد الخدري) رضي الله عنه بالسند السابق (أشهد) أني (سمعت) هذا الحديث (من النبي صلى الله عليه وسلم وأشهد أن عليًّا) رضي الله عنه (قتلهم) بالنهروان (وأنا معه) وفي رواية أفلح بن عبد الله عند أبي يعلى وحضرت مع علي يوم قتلهم بالنهروان، وعند الإمام أحمد والطبراني والحاكم من طريق عبيد الله بن شداد أنه دخل على عائشة مرجعه من العراق ليالي قتل علي فقالت له عائشة رضي الله عنها: تحدثني عن أمر هؤلاء القوم الذين قتلهم علي قال: إن عليًّا لما كاتب معاوية وحكما الحكمين خرج عليه ثمانية آلاف من قرّاء الناس فنزلوا بأرض يقال لها حروراء من جانب الكوفة وعتبوا عليه فقالوا انسلخت من قميص ألبسكه الله ومن اسم سمّاك الله به ثم حكمت الرجال في دين الله ولا حكم إلا لله، فبلغ ذلك عليًّا رضي الله عنه فجمع الناس فدعا بمصحف عظيم فجعل يضربه بيده ويقول: أيها المصحف حدّث الناس فقالوا ماذا إنسان إنما هو مداد وورق ونحن نتكلم بما رويناه منه فقال كتاب الله بيني وبين هؤلاء يقول الله في امرأة رجل {وإن خفتم شقاق بينهما} [النساء: 35] الآية وأمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من امرأة رجل ونقموا عليَّ
أن كاتبت معاوية وقد كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم سهيل بن عمرو {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} [الأحزاب: 21] ثم بعث إليهم ابن عباس فناظرهم فرجع منهم أربعة آلاف فيهم عبد الله بن الكواء فبعث علي إلى الآخرين أن يرجعوا فأبوا فأرسل إليهم كونوا حيث شئتم وبيننا وبينكم أن لا تسفكوا دمًا حرامًا ولا تقطعوا سبيلاً ولا تظلموا أحدًا فإن فعلتم نبذت إليكم الحرب. قال عبد الله بن شداد: فوالله ما قتلهم حتى قطعوا السبيل وسفكوا الدم الحرام الحديث. (جيء بالرجل) الذي قال صلى الله عليه وسلم فيه: "إحدى يديه مثل ثدي المرأة"(على النعت الذي نعته النبي صلى الله عليه وسلم) أي على الوصف الذي وصفه وفي رواية أفلح فالتمسه علي فلم يجده ثم وجده بعد ذلك تحت جدار على هذا النعت وعند الطبري من طريق زيد بن وهب فقال عليّ: اطلبوا ذا الثدية فطلبوه فلم يجدوه فقال ما كذبت وما كذبت فطلبوه فوجدوه في وهدة من الأرض عليه ناس من القتلى فإذا رجل على يده مثل سلات السنور فكبّر عليّ