الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تمييز أو المراد مثل المداد وهو ما يمد به ينفد ({ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله} [لقمان: 27]) أي ولو ثبت كون الأشجار أقلامًا وثبت البحر ممدودًا بسبعة أبحر. وكان مقتضى الكلام أن يقال ولو أن الشجر أقلام والبحر مداد لكن أغنى عن ذكر المداد قوله يمده لأنه من قولك مدّ الدواة وأمدها جعل البحر الأعظم بمنزلة الدواة وجعل الأبحر السبعة مملوءة مدادًا فهي تصب في مدادها أبدًا صبًّا حتى لا ينقطع، والمعنى ولو أن أشجار الأرض أقلام والبحر ممدود بسبعة أبحر وكتبت بتلك الأقلام وبذلك المداد كلمات الله لما نفدت كلماته ونفدت الأقلام والمداد لقوله:{قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربي} .
وأخرج عبد الرزاق في تفسيره من طريق أبي الجوزاء قال: لو كان كل شجرة في الأرض أقلامًا والبحر مدادًا لنفد الماء وتكسرت الأقلام قبل أن تنفد كلمات الله. وقال ابن أبي حاتم: حدّثني أبي سمعت بعض أهل العلم يقول قول الله: {إنّا كل شيء خلقناه بقدر} [القمر: 49] وقوله: {قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربي لنفد البحر} الآية يدل على أن البحر غير مخلوق لأنه لو كان مخلوقًا لكان له قدر وكانت له غاية ولنفد كنفاد المخلوقين وتلا قوله تعالى: {قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربي} إلى آخر الآية. ({إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام}) أراد السماوات والأرض وما بينهما أي من الأحد إلى الجمعة لاعتبار الملائكة شيئًا فشيئًا وللإعلام بالتأني في الأمور وإن لكل عمل يومًا لأن إنشاء شيء بعد شيء أدل على عالم مدبر مريد يصرفه على اختياره ويجريه على مشيئته ({ثم استوى}) استولى ({على العرش}) أضاف الاستيلاء إلى العرش وإن كان سبحانه مستوليًا على جميع المخلوقات لأن العرش أعظمها وأعلاها وتفسير العرش بالسرير والاستواء بالاستقرار كما يقوله المشبهة باطل لأنه تعالى كان قبل العرش ولا مكان وهو الآن كما كان لأن التغير من صفات الأكوان ({يغشي الليل النهار}) أي يلحق الليل بالنهار والنهار بالليل ({يطلبه حثيثًا}) حال من الليل أي سريعًا والطالب هو الليل كأنه لسرعة مضيه يطلب النهار ({والشمس والقمر والنجوم}) أي وخلقها ({مسخرات}) حال أي مذللات ({بأمره}) هو أمر تكوين ({ألا له الخلق والأمر}) أي هو الذي خلق الأشياء وله الأمر ({تبارك الله رب العالمين} [الأعراف: 54]) كثر خيره أو دام برّه من البركة والنماء (سخر: ذلل). باللام وسقط لأبي ذر من قوله: {يغشي الليل النهار} الخ وقال بعد قوله: {النهار} الآية.
7463 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تَكَفَّلَ اللَّهُ لِمَنْ جَاهَدَ فِى سَبِيلِهِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ بَيْتِهِ، إِلَاّ الْجِهَادُ فِى سَبِيلِهِ وَتَصْدِيقُ كَلِمَتِهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ إِلَى مَسْكَنِهِ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ» .
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرحمن بن هرمز (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
(تكفل الله) فضلاً منه تعالى (لمن جاهد في سبيله لا يخرجه من بيته إلا الجهاد في سبيله وتصديق كلمته) بالإفراد ولأبي ذر عن الكشميهني والمستملي وتصديق كلماته (أن يدخله الجنة أو يردّه إلى مسكنه) الذي خرج منه (بما نال من أجر) بغير غنيمة إن لم يغنموا (أو) من أجر مع (غنيمة) إن غنموا.
والحديث سبق قريبًا.
31 - باب فِى الْمَشِيئَةِ وَالإِرَادَةِ
{وَمَا تَشَاءُونَ إِلَاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} وَقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {تُؤْتِى الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ}
[آل عمران: 26]{وَلَا تَقُولَنَّ لِشَىْءٍ إِنِّى فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا * إِلَاّ أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} [الكهف: 23، 24]
{إنك لا تَهدي مَن أحببت وَلكِن الله يَهدي مَن يَشاءُ} [القصص: 56] قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: عَنْ أَبِيهِ نَزَلَتْ فِى أَبِى طَالِبٍ: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} .
هذا (باب) بالتنوين (في المشيئة والإرادة) فلا فرق بين المشيئة والإرادة إلا عند الكرامية حيث جعلوا المشيئة صفة واحدة أزلية تتناول ما يشاء الله تعالى بها من حيث يحدث والإرادة حادية متعددة بعدد المرادات ويدل لأهل السنة قوله تعالى: ({وما تشاؤون إلا أن يشاء الله}) قال إمامنا الشافعي: فيما رواه البيهقي عن الربيع بن سليمان عنه المشيئة إرادة الله وقد أعلم الله خلقه أن المشيئة له دونهم فقال وما تشاؤون إلا أن يشاء الله فليست للخلق مشيئة إلا أن يشاء الله تعالى اهـ.
وقد دلت الآية على أنه تعالى خالق أفعال العباد وأنهم لا يفعلون إلا ما يشاء وقال تعالى: {ولو شاء الله ما اقتتلوا} [البقرة: 253] ثم أكد ذلك بقوله تعالى: {ولكن الله يفعل ما يريد} فدل على أنه فعل اقتتالهم الواقع بينهم لكونه مريدًا له وإذا كان هو الفاعل لاقتتالهم فهو المريد لمشيئتهم والفاعل فثبت بذلك أن كسب العباد
إنما هو بمشيئة الله وإرادته ولو لم يرد وقوعه ما وقع.
وقسم بعضهم الإرادة إلى قسمين إرادة أمر وتشريع، وإرادة قضاء وتقدير، فالأولى تتعلق بالطاعة والمعصية سواء وقعت أم لا، والثانية شاملة لجميع الكائنات محيطة بجميع الحادثات طاعة ومعصية وإلى الأول الإشارة بقوله تعالى:{يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر} [البقرة: 185] وإلى الثاني بقوله تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقًا حرجًا} [الأنعام: 125].
(وقول الله تعالى) بالجر عطفًا على المجرور السابق وسقط الباب وتاليه لغير أبي ذر فقوله وقول الله تعالى رفع ({تؤتي الملك من تشاء} [آل عمران: 26]) وقوله تعالى: ({ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدًا * إلا أن يشاء الله} [الكهف: 23، 24]) وقوله تعالى: ({إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} [القصص: 56]) يخلق فعل الاهتداء فيما يشاء فدلت هذه الآيات على إثبات الإرادة والمشيئة لله تعالى وأن العباد لا يريدون شيئًا إلا وقد سبقت إرادة الله تعالى له وأنه الخالق لأعمالهم طاعة أو معصية.
(قال سعيد بن المسيب عن أبيه نزلت) آية {إنك لا تهدي من أحببت} (في أبي طالب) وقد أجمع المفسرون على أنها نزلت فيه كما قاله الزجاج، وهذا التعليق وصله في تفسر سورة القصص.
وقوله: ({يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر})[البقرة: 185] تمسك به المعتزلة بأنه لا يريد المعصية. وأجيب بأن معنى إرادة اليسر التخيير بين الصوم في السفر ومع المرض والإفطار بشرطه وإرادة العسر المنفية الإلزام بالصوم في السفر في جميع الحالات فالإلزام هو الذي لا يقع لأنه لا يريده وقد تكرر ذكر الإرادة في القرآن، واتفق أهل السُّنّة على أنه لا يقع إلا ما يريده الله تعالى وأنه مريد لجميع الكائنات وإن لم يكن آمرًا بها. وقالت المعتزلة: لا يريد الشر لأنه لو أراده لطلبه وشنعوا على أنه يلزمهم أن يقولوا وإن الفحشاء مرادة لله تعالى وينبغي أن ينزه عنها. وأجاب أهل السُّنَّة: بأن الله تعالى قد يريد الشيء ولا يرضاه ليعاقب عليه ولثبوت أنه خلق الجنة والنار وخلق لكلٍّ أهلاً وألزموا المعتزلة بأنهم جعلوا أنه يقع في ملكه ما لا يريده.
7464 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا دَعَوْتُمُ اللَّهَ فَاعْزِمُوا فِى الدُّعَاءِ، وَلَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ إِنْ شِئْتَ فَأَعْطِنِى فَإِنَّ اللَّهَ لَا مُسْتَكْرِهَ لَهُ» .
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال: (حدّثنا عبد الوارث) بن سعيد (عن عبد العزيز) بن صهيب (عن أنس) رضي الله عنه أنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(إذا دعوتم الله) عز وجل (فاعزموا) بهمزة وصل (في الدعاء) وفي الدعوات فليعزم المسألة فليقطع بالسؤال ويجزم به حسن ظن بكرم ربه تعالى (ولا يقولن أحدكم إن شئت فأعطني) بهمزة قطع أي لا يشترط المشيئة لعطائه لأنه أمر متيقن أنه لا يعطي إلا أن يشاء فلا معنى لاشتراط المشيئة لأنها إنما تشترط فيما يصح أن يفعل بدونها من إكراه أو غيره ولذا أشار عليه السلام بقوله (فإن الله لا مستكره له). بكسر الراء وأيضًا ففي قوله إن شئت نوع من الاستغناء عن عطائه قول القائل إن شئت أن تعطيني كذا فافعل ولا يستعمل هذا غالبًا إلا في مقام يشعر بالغنى وأما مقام الاضطرار فإنما فيه عزم المسألة وبتّ الطلب.
والحديث سبق في الدعوات ومطابقته لما ترجم به هنا في قوله: إن شئت.
7465 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ ح وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى أَخِى عَبْدُ الْحَمِيدِ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِىِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّ حُسَيْنَ بْنَ عَلِىٍّ عليهما السلام أَخْبَرَهُ أَنَّ عَلِىَّ بْنَ أَبِى طَالِبٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَرَقَهُ وَفَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةً فَقَالَ لَهُمْ:«أَلَا تُصَلُّونَ» ؟ قَالَ عَلِىٌّ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا أَنْفُسُنَا بِيَدِ اللَّهِ، فَإِذَا شَاءَ أَنْ يَبْعَثَنَا بَعَثَنَا فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ قُلْتُ ذَلِكَ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَىَّ شَيْئًا ثُمَّ سَمِعْتُهُ وَهْوَ مُدْبِرٌ يَضْرِبُ فَخِذَهُ وَيَقُولُ:«{وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَىْءٍ جَدَلاً}»
[الكهف: 54].
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم (ح) للتحويل قال المؤلف.
(وحدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدّثنا أخي عبد الحميد) أبو بكر بن أبي أويس الأصبحي (عن سليمان) بن بلال (عن محمد بن أبي عتيق) عبد الرحمن الصديقي التيمي (عن ابن شهاب) الزهري (عن علي بن حسين) بضم الحاء (أن) أباه (حسين بن علي عليهما السلام أخبره أن) أباه (علي بن أبي طالب) رضي الله عنه (أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة) أي أتاهما في ليلة ونصب فاطمة عطفًا على الضمير المنصوب في طرقه (فقال لهم) لعلي وفاطمة ومن عندهما يحضهم.
(ألا) بالتخفيف (تصلون. قال علي) رضي الله عنه (فقلت: يا رسول الله وإنما أنفسنا بيد الله) استعارة لقدرته عز وجل (فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا) أن
يوقظنا للصلاة أيقظنا (فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم) مدبرًا (حين قلت) له (ذلك ولم يرجع) بفتح أوله وكسر ثالثه (إلي) بالتشديد (شيئًا) لم يجبني بشيء (ثم سمعته وهو مدبر) حال كونه (يضرب فخذه) بالمعجمتين تعجبًا من سرعة الجواب (ويقول) والحال أنه يقول ({وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً} [الكهف: 54]) نصب على التمييز يعني أن جدل الإنسان أكثر من جدل كل شيء، وقراءته الآية كما قال في الكواكب إشارة إلى أن الشخص يجب عليه متابعة أحكام الشريعة لا ملاحظة الحقيقة ولذا جعل جوابه من باب الجدل.
ومطابقة الحديث في قوله إذا شاء، وسبق في باب قوله:{وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً} من الاعتصام.
7466 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، حَدَّثَنَا هِلَالُ بْنُ عَلِىٍّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَثَلُ الْمُؤْمِنِ كَمَثَلِ خَامَةِ الزَّرْعِ، يَفِىءُ وَرَقُهُ مِنْ حَيْثُ أَتَتْهَا الرِّيحُ تُكَفِّئُهَا، فَإِذَا سَكَنَتِ اعْتَدَلَتْ، وَكَذَلِكَ الْمُؤْمِنُ يُكَفَّأُ بِالْبَلَاءِ، وَمَثَلُ الْكَافِرِ كَمَثَلِ الأَرْزَةِ صَمَّاءَ مُعْتَدِلَةً حَتَّى يَقْصِمَهَا اللَّهُ إِذَا شَاءَ» .
وبه قال: (حدّثنا محمد بن سنان) العوقي أبو بكر قال: (حدّثنا فليح) بضم الفاء وفتح اللام وبعد التحتية الساكنة حاء مهملة ابن سليمان العدوي مولاهم المدني قال: (حدّثنا هلال بن علي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
(مثل المؤمن كمثل خامة الزرع) بالخاء المعجمة وتخفيف الميم الطاقة الغضة الرطبة أول ما تنبت على ساقه (يفيء) بالتحتية المفتوحة والفاء المكسورة بعدها همزة ممدودًا يتحوّل ويرجع (ورقه من حيث أتتها الريح) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي من حيث انتهى الريح بالنون (تكفئها) بضم الفوقية وفتح الكاف وكسر الفاء مشددة بعدها همزة تقلبها وتحوّلها من جهة إلى جهة أخرى (فإذا سكنت) الريح (اعتدلت وكذلك المؤمن يكفأ بالبلاء) بضم التحتية وفتح الكاف والفاء المشددة
ضربه مثلاً للمؤمن فإنه يسر مرة ويبتلى مرة وكذلك خامة الزرع تعتدل مرة عند سكون الريح وتضطرب أخرى عند هبوبها (ومثل الكافر كمثل الأرزة) بفتح الهمزة والزاي بينهما راء ساكنة آخرها هاء تأنيث شجر الصنوبر كما قاله أبو عبيدة. وقال الداودي: الأرزة من أعظم الشجر لا يميل الريح أكبرها ولا تهتز من أسفلها ورواها أصحاب الحديث بإسكان الراء وروي كمثل الأرزة على وزن فاعلة أي كمثل الشجرة الثابتة ورويت بتحريك الراء والذي رويناه بإسكانها (صماء معتدلة حتى يقصمها الله) عز وجل (إذا شاء) فيكون الموت أشد عذابًا عليه.
ومطابقة الحديث في قوله إذا شاء أيضًا. والحديث سبق في أوائل الطب.
7467 -
حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ نَافِعٍ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ أَخْبَرَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهْوَ قَائِمٌ عَلَى الْمِنْبَرِ: «إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَا سَلَفَ قَبْلَكُمْ مِنَ الأُمَمِ كَمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ أُعْطِىَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ، فَعَمِلُوا بِهَا حَتَّى انْتَصَفَ النَّهَارُ ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُعْطِىَ أَهْلُ الإِنْجِيلِ الإِنْجِيلَ فَعَمِلُوا بِهِ حَتَّى صَلَاةِ الْعَصْرِ، ثُمَّ عَجَزُوا فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا ثُمَّ أُعْطِيتُمُ الْقُرْآنَ فَعَمِلْتُمْ بِهِ حَتَّى غُرُوبِ الشَّمْسِ، فَأُعْطِيتُمْ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، قَالَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ: رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَقَلُّ عَمَلاً وَأَكْثَرُ أَجْرًا قَالَ: هَلْ ظَلَمْتُكُمْ مِنْ أَجْرِكُمْ مِنْ شَىْءٍ» ؟ قَالُوا: لَا، فَقَالَ:«فَذَلِكَ فَضْلِى أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ» .
وبه قال: (حدّثنا الحكم بن نافع) أبو اليمان قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم أنه قال: (أخبرني) بالإفراد (سالم بن عبد الله أن) أباه (عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم على المنبر) زاد أبو ذر عن الكشميهني يقول:
(إنما بقاؤكم فيما) ولأبي ذر عن الكشميهني فيمن أي إنما بقاؤكم بالنسبة إلى ما أومن (سلف قبلكم من الأمم كلما بين) أجزاء وقت (صلاة العصر) المنتهية (إلى غروب الشمس أعطى أهل التوراة التوراة فعملوا بها حتى انتصف النهار ثم عجزوا) عن استيفاء عمل النهار كله (فأعطوا قيراطًا)، الأول مفعول أعطي وقيراطًا الثاني تأكيد والمراد بالقيراط هنا النصيب وكرر ليدل على تقسيم القراريط على جميعهم (ثم أعطي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا به) من نصف النهار (حتى صلاة العصر ثم عجزوا) عن الحمل (فأعطوا قيراطًا قيراطًا ثم أعطيتم القرآن فعملتم به) من العصر (حتى غروب الشمس فأعطيتم قيراطين قيراطين) بالتثنية (قال أهل التوراة ربنا هؤلاء أقل عملاً) بالإفراد ولأبي ذر أعمالاً (وأكثر أجرًا) ولأبي ذر عن الكشميهني جزاء (قال) الله تعالى (هل ظلمتكم) أي هل نقصتكم (من أجركم) بالإفراد (من شيء)؟ ولأبي ذر عن الكشميهني من أجوركم شيئًا (قالوا: لا. فقال: فذلك) في فكل ما أعطيته من الأجر (فضلي أوتيه من أشاء).
هذا موضع الترجمة من الحديث وسبق في باب من أدرك ركعة من العصر قبل الغروب من كتاب الصلاة.
7468 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ الْمُسْنَدِىُّ حَدَّثَنَا هِشَامٌ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ أَبِى إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: بَايَعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِى رَهْطٍ فَقَالَ: «أُبَايِعُكُمْ عَلَى أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا تَسْرِقُوا وَلَا تَزْنُوا، وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ وَلَا تَأْتُوا بِبُهْتَانٍ تَفْتَرُونَهُ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ، وَلَا تَعْصُونِى فِى مَعْرُوفٍ، فَمَنْ وَفَى مِنْكُمْ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ، وَمَنْ أَصَابَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَأُخِذَ بِهِ فِى الدُّنْيَا فَهْوَ لَهُ كَفَّارَةٌ وَطَهُورٌ، وَمَنْ سَتَرَهُ اللَّهُ فَذَلِكَ إِلَى اللَّهِ إِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ» .
وبه قال: (حدّثنا عبد الله) بن محمد (المسندي) بضم الميم وسكون المهملة وفتح
النون قال: (حدّثنا هشام) هو ابن يوسف الصنعاني قال: (أخبرنا معمر) بفتح اليمين بينهما مهملة ساكنة ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن أبي إدريس) عائذ الله بالمعجمة الخولاني (عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه أنه (قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط) هم النقباء الذين بايعوا ليلة العقبة بمنى قبل الهجرة (فقال):
(أبايعكم على) التوحيد (أن لا تشركوا بالله شيئًا و) على أن (لا تسرقوا) بحذف المفعول ليدل على العموم (ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم) وإنما خصهم بالذكر لأنهم كانوا غالبًا يقتلونهم خشية الإملاق (ولا تأتوا ببهتان) بكذب يبهت سامعه كالرمي بالزنا (تفقرونه) تختلقونه (بين أيديكم وأرجلكم) وكنّى باليد والرجل عن الذات إذ معظم الأفعال بهما (ولا تعصوني) ولأبي ذر عن الكشميهني ولا تعصوا (في معروف) وهو ما عرف من الشارع حسنه نهيًا وأمرًا (فمن وفى منكم) بتخفيف الفاء وتشدد ثبت على العهد (فأجره على الله) فضلاً ووعدًا بالجنة (ومن أصاب) منكم أيها المؤمنون (من ذلك شيئًا) غير الكفر (فأخذ) بضم الهمزة وكسر الخاء المعجمة وفي الإيمان فعوقب (به في الدنيا) بأن أقيم عليه الحدّ مثلاً (فهو) أي العقاب (له كفارة وطهور) بفتح الطاء أي مطهرة لذنوبه فلا يعاقب عليها في الآخرة (ومن ستره الله فذلك) أي فأمره (إلى الله) عز وجل (إن شاء عذبه) لعدله (وإن شاء غفر له) بفضله والغرض منه هنا قوله إن شاء غفر له على ما لا يخفى.
وسبق في كتاب الإيمان بعد قوله باب علامة الإيمان.
7469 -
حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ نَبِىَّ اللَّهِ سُلَيْمَانَ عليه السلام كَانَ لَهُ سِتُّونَ امْرَأَةً فَقَالَ: لأَطُوفَنَّ اللَّيْلَةَ عَلَى نِسَائِى فَلْتَحْمِلْنَ كُلُّ امْرَأَةٍ وَلْتَلِدْنَ فَارِسًا يُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ، فَطَافَ عَلَى نِسَائِهِ فَمَا وَلَدَتْ مِنْهُنَّ إِلَاّ امْرَأَةٌ وَلَدَتْ شِقَّ غُلَامٍ قَالَ: نَبِىُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ كَانَ سُلَيْمَانُ اسْتَثْنَى لَحَمَلَتْ كُلُّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ فَوَلَدَتْ فَارِسًا يُقَاتِلُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ» .
وبه قال: (حدّثنا معلى بن أسد) العمي أبو الهيثم الحافظ قال: (حدّثنا وهيب) بضم الواو وفتح الهاء ابن خالد البصري (عن أيوب) السختياني (عن محمد) هو ابن سيرين (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (أن نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام كان له ستون امرأة فقال: لأطوفن الليلة على نسائي) أي لأجامعن (فلتحملن) بسكون اللامين وتخفيف النون وقد يفتحان وتشدّد النون (كل امرأة) منهن (ولتلدن) بسكون وتخفيف أو فتح وتثسديد وفي الملكية أو لتلدنّ (فارسًا يقاتل في سبيل الله) عز وجل (فطاف على نسائه) أي جامعهن (فما ولدت منهن إلا امرأة) واحدة (ولدت شق غلام) بكسر الشين المعجمة ولأبي ذر عن الكشميهني جاءت بشق غلام وحكى النقاش في تفسيره أن الشق المذكور هو الجسد الذي ألقي على كرسيه (قال نبي الله صلى الله عليه وسلم):
(لو كان سليمان استثنى) قال إن شاء الله (لحملت كل امرأة منهن فولدت فارسًا يقاتل في سبيل الله). عز وجل. ولفظ ستون لا ينافي سبعين وتسعين إذ مفهوم العدد لا اعتبار له، وواقع في الجهاد مائة امرأة أو تسع وتسعون بالشك، وجمع بأن الستين حرائر وما سواهن سراري، وفي أحاديث الأنبياء زيادة فوائد تراجع والله الموفق.
والمطابقة بين الحديث والترجمة ظاهرة.
7470 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِىُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى أَعْرَابِىٍّ يَعُودُهُ فَقَالَ:«لَا بَأْسَ عَلَيْكَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» . قَالَ: قَالَ الأَعْرَابِىُّ: طَهُورٌ بَلْ هِىَ حُمَّى تَفُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ تُزِيرُهُ الْقُبُورَ. قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «فَنَعَمْ إِذًا» .
وبه قال: (حدّثنا محمد) هو ابن سلام كما قاله ابن السكن أو هو ابن المثنى قال: (حدّثنا عبد الوهاب) بن عبد المجيد (الثقفي) قال: (حدّثنا خالد الحداء) بالحاء المهملة والذال المعجمة المشددة ممدودًا (عن عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أعرابي يعوده) بالدال المهملة من عاد المريض إذا زاره والأعرابي قال الزمخشري في ربيعه هو قيس بن أبي حازم (فقال) صلى الله عليه وسلم له:
(لا بأس عليك طهور) أي مرضك مطهر لذنوبك (إن شاء الله. قال) ابن عباس: (قال الأعرابي) استبعادًا لقوله عليه الصلاة والسلام طهور وفهم أن النبي صلى الله عليه وسلم ترجى حياته فلم يوافق على ذلك لما وجده من المرض المؤذن بموته فقال: (بل حمى) ولأبي ذر عن الكشميهني بل هي حمى (تفور) بالفاء تغلى بالغين المعجمة (على شيخ كبير تزيرُهُ القبور) بضم الفوقية وكسر الزاي من أزاره إذا حمله على الزيارة والضمير المرفوع للحمى والمنصوب للأعرابي والقبور مفعول أي ليس كما رجوت لي من تأخير الوفاة بل الموت من هذا المرض هو الواقع، ولا بد لما أحسّه
من نفسه (قال النبي صلى الله عليه وسلم: فنعم إذًا) فيه دليل على أن قوله لا بأس عليك إنما كان على طريق الترجي لا على
طريق الإخبار عن الغيب كذا في المصابيح، وذكر المؤلف الحديث في علامات النبوّة وذكرت، ثم إن الطبراني زاد فيه أنه صلى الله عليه وسلم قال للأعرابي: إذ أبيت فهي كما تقول وقضاء الله كائن فما أمسى من الغد إلا ميتًا، وأن الحافظ ابن حجر قال: إن بهذه الزيادة يظهر دخول الحديث في علامات النبوّة.
7471 -
حَدَّثَنَا ابْنُ سَلَامٍ، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ عَنْ حُصَيْنٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ حِينَ نَامُوا عَنِ الصَّلَاةِ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّ اللَّهَ قَبَضَ أَرْوَاحَكُمْ حِينَ شَاءَ وَرَدَّهَا حِينَ شَاءَ» ، فَقَضَوْا حَوَائِجَهُمْ وَتَوَضَّؤُوا إِلَى أَنْ طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَابْيَضَّتْ فَقَامَ فَصَلَّى.
وبه قال: (حدّثنا ابن سلام) هو محمد قال: (أخبرنا هشيم) بضم الهاء مصغرًا ابن بشير (عن حصين) بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين ابن عبد الرحمن السلمي أبي الهذيل الكوفي ابن عم منصور (عن عبد الله بن قتادة) أبي إبراهيم السلمي (عن أبيه) أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري أنهم (حين ناموا عن الصلاة) كذا أورده هنا مختصرًا بحذف من أوله وساقه في باب حكم الأذان بعد ذهاب الوقت بلفظ: سرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فقال بعض القوم: لو عرست بنا يا رسول الله. فقال: "أخاف أن تناموا عن الصلاة". قال بلال: أنا أوقظكم فاضطجعوا وأسند بلال ظهره إلى راحلته فغلبته عيناه فنام فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وقد طلع حاجب الشمس فقال: "يا بلال أين ما قلت"؟ قال: ما أُلقيت عليّ نومة مثلها قطّ (قال النبي صلى الله عليه وسلم):
(إن الله قبض أرواحكم) أي أنفسكم قال تعالى: {الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها} [الزمر: 42] وقبضها هنا بقطع تعلقها عن الأبدان وتصرفها ظاهرًا لا باطنًا (حين شاء وردّها) عليكم عند اليقظة (حين شاء فقضوا حوائجهم وتوضؤوا إلى أن طلعت الشمس وابيضت) بتشديد الضاد من غير ألف أي صفت (فقام) النبي صلى الله عليه وسلم (فصلّى) بالناس الصبح الفائتة قضاء، والمطابقة ظاهرة.
7472 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ، وَالأَعْرَجِ وَحَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى أَخِى عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِى عَتِيقٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: اسْتَبَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَرَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ الْمُسْلِمُ: وَالَّذِى اصْطَفَى مُحَمَّدًا عَلَى الْعَالَمِينَ فِى قَسَمٍ يُقْسِمُ بِهِ فَقَالَ الْيَهُودِىُّ: وَالَّذِى اصْطَفَى مُوسَى عَلَى الْعَالَمِينَ، فَرَفَعَ الْمُسْلِمُ يَدَهُ عِنْدَ ذَلِكَ فَلَطَمَ الْيَهُودِىَّ فَذَهَبَ الْيَهُودِىُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخْبَرَهُ بِالَّذِى كَانَ مِنْ أَمْرِهِ وَأَمْرِ الْمُسْلِمِ فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم:«لَا تُخَيِّرُونِى عَلَى مُوسَى فَإِنَّ النَّاسَ يَصْعَقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُفِيقُ فَإِذَا مُوسَى بَاطِشٌ بِجَانِبِ الْعَرْشِ، فَلَا أَدْرِى أَكَانَ فِيمَنْ صَعِقَ فَأَفَاقَ قَبْلِى أَوْ كَانَ مِمَّنِ اسْتَثْنَى اللَّهُ» .
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن قزعة) بفتح القاف والزاي والعين المهملة المكي المؤذن قال: (حدّثنا إبراهيم) بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (والأعرج) عبد الرحمن بن هرمز قال البخاري: (وحدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدّثني) بالإفراد (أخي) عبد الحميد (عن سليمان) بن بلال (عن محمد بن أبي عتيق) هو محمد بن عبد الله بن أبي عتيق واسم أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق (عن ابن شهاب) الزهري (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب) بن حزن المخزومي أحد الأعلام وسيد التابعين (أن أبا هريرة) رضي الله عنه (قال: استب رجل من المسلمين) هو أبو بكر الصديق كما في جامع سفيان بن عيينة والبعث لابن أبي الدنيا لكن في تفسير الأعراف بالتصريح بأنه من الأنصار فيحتمل تعدّد القصة (ورجل من اليهود) قيل إنه فنحاص وفيه نظر سبق في الخصومات (فقال المسلم: و) الله (الذي اصطفى محمدًا على العالمين) من جن وإنس وملائكة (في قسم يقسم به، فقال اليهودي: والذي اصطفى موسى على العالمين فرفع المسلم يده عند ذلك فلطم اليهودي) عقوبة له على كذبه لما فهمه من عموم لفظ العالمين الشامل للنبي صلى الله عليه وسلم، والمقرر أنه أفضل (فذهب اليهودي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي كان من أمره وأمر المسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم):(لا تخيروني على موسى) تخييرًا يؤدي إلى تنقيصه أو يفضي بكم إلى الخصومة أو قاله تواضعًا أو قبل أن يعلم سؤدده عليهم (فإن الناس يصعقون) يغشى عليهم من الفزع عند النفخ في الصور (يوم القيامة) فأصعق معهم (فأكون أول من يفيق فإذا موسى باطش) آخذ بقوة (بجانب العرش فلا أدري أكان) بهمزة الاستفهام (فيمن صعق فأفاق قبلي أو كان ممن استثنى الله) عز وجل في قوله: {فصعق مَن في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله} [الزمر: 68].
ومطابقة الحديث ظاهرة وسبق في الخصومات.
7473 -
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَبِى عِيسَى، أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الْمَدِينَةُ يَأْتِيهَا الدَّجَّالُ فَيَجِدُ الْمَلَائِكَةَ يَحْرُسُونَهَا، فَلَا يَقْرَبُهَا الدَّجَّالُ وَلَا الطَّاعُونُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» .
وبه قال: (حدّثنا إسحاق بن أبي عيسى) جبريل وليس له إلا هذه الرواية قال: (أخبرنا يزيد بن هارون) أبو خالد السلمي الواسطي أحد الأعلام قال:
(أخبرنا شعبة) بن الحجاج (عن قتادة) بن دعامة (عن أنس بن مالك رضي الله عنه) أنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(المدينة) طابة (يأتيها الدجال) الأعور الكذاب ليدخلها (فيجد الملائكة) على أنقابها (يحرسونها فلا يقربها الدجال ولا الطاعون إن شاء الله) تعالى. وهذا الاستثناء للتبرّك والتأدّب وليس للشك والغرض منه التحريض على سكنى المدينة ليحترسوا بها من الفتنة والحديث سبق في الفتن.
7474 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «لِكُلِّ نَبِىٍّ دَعْوَةٌ فَأُرِيدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَخْتَبِىَ دَعْوَتِى شَفَاعَةً لأُمَّتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ» .
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) بضم الشين المعجمة وفتح العين المهملة ابن أبي حمزة بالحاء المهملة والزاي الحافظ أبو بشر الحمصي مولى بني أمية (عن الزهري) محمد بن مسلم أنه قال: (حدّثني) بالإفراد (أبو سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف (أن أبا هريرة) رضي الله عنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(لكل نبي دعوة) مقطوع باستجابتها (فأريد إن شاء الله) عز وجل (أن أختبئ) أن أدّخر (دعوتي) المحقّقة الإجابة (شفاعة لأمتي يوم القيامة). جزاه الله عنّا أفضل ما جزى نبيًّا عن أمته صلى الله عليه وسلم.
7475 -
حَدَّثَنَا يَسَرَةُ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ جَمِيلٍ اللَّخْمِىُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «بَيْنَا أَنَا نَائِمٌ رَأَيْتُنِى عَلَى قَلِيبٍ، فَنَزَعْتُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ أَنْزِعَ ثُمَّ أَخَذَهَا ابْنُ أَبِى قُحَافَةَ فَنَزَعَ ذَنُوبًا أَوْ ذَنُوبَيْنِ وَفِى نَزْعِهِ ضَعْفٌ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَهُ ثُمَّ أَخَذَهَا عُمَرُ فَاسْتَحَالَتْ غَرْبًا، فَلَمْ أَرَ عَبْقَرِيًّا مِنَ النَّاسِ يَفْرِى فَرِيَّهُ حَتَّى ضَرَبَ النَّاسُ حَوْلَهُ بِعَطَنٍ» .
وبه قال: (حدّثنا يسرة بن صفوان) بفتح التحتية والسين المهملة (ابن جميل) بالجيم المفتوحة (اللخمي) قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (عن الزهري محمد) بن مسلم (عن سعيد بن المسيب) المخزومي (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أنه (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) ولأبوي الوقت وذر قال النبي (صلى الله عليه وسلم):
(بينا) بغير ميم (أنا نائم رأيتني) بضم الفوقية رأيت نفسي (على قليب) بفتح القاف وكسر اللام وبعد التحتية الساكنة موحدة بئر (فنزعت) من مائها (ما شاء الله) عز وجل (أن أنزع ثم أخذها) مني (ابن أبي قحافة) أبو بكر الصديق رضي الله عنهما (فنزع) من البئر (ذنوبًا أو ذنوبين) دلوًا أو دلوين (وفي نزعه ضعف والله يغفر له، ثم أخذها عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (فاستحالت) أي الدلو في يده (غربًا) بفتح الغين المعجمة وسكون الراء من الصغر إلى الكبر (فلم أرَ عبقريًّا) بسكون الموحدة وفتح القاف سيدًا (من الناس يفري) بفتح أوّله وسكون الفاء (فريه) بفتح الفاء والتحتية أي لم أرَ سيدًا يعمل عمله في غاية الإجادة ونهاية الإصلاح (حتى ضرب الناس حوله بعطن). وهو الموضع الذي تساق إليه الإبل بعد السقي للاستراحة وهذا مثال لما جرى للعمريين رضي الله عنهما في خلافتهما وانتفاع الناس بهما بعده صلى الله عليه وسلم فكان عليه السلام هو صاحب الأمر قام به أكمل قيام وقرر قواعد الإسلام ومهد أساسه وأوضح أصوله وفروعه، فخلفه
أبو بكر رضي الله عنه وقطع دابر أهل الردّة، فخلفه عمر فاتسع الإسلام في زمانه فشبه أمر المسلمين بالقليب لما فيها من الماء الذي به حياتهم وأميرهم بالمستقي لهم، وليس في قوله وفي نزعه ضعف حط من مرتبة أبي بكر وترجيح لعمر عليه إنما هو إخبار عن قصر مدة ولايته وطول مدة عمر وكثرة انتفاع الناس به لاتساع بلاد الإسلام، وأما قوله: والله يغفر له فهي كلمة يدعم بها المتكلم كلامه ونعمت الدعامة وليس فيها تنقيص ولا إشارة إلى ذنب قاله في الكواكب. وسبق ذلك غيره في المناقب مع غيره وذكرته هنا لطول العهد به.
7476 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدٍ، عَنْ أَبِى بُرْدَةَ، عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ: كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَاهُ السَّائِلُ وَرُبَّمَا قَالَ: جَاءَهُ السَّائِلُ أَوْ صَاحِبُ الْحَاجَةِ قَالَ: «اشْفَعُوا فَلْتُؤْجَرُوا» . وَيَقْضِى اللَّهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ مَا شَاءَ.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن العلاء) أبو كريب الهمداني الحافظ قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن بريد) بضم الموحدة وفتح الراء ابن عبد الله (عن) جده (أبي بردة) بضم الموحدة وسكون الراء عامر أو الحارث (عن) أبيه (أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري رضي الله عنه أنه (قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه السائل وربما قال جاءه السائل أو صاحب الحاجة قال): لمن عنده من أصحابه:
(اشفعوا) في حاجته لديّ (فلتؤجروا) بسبب شفاعتكم. قال في المصابيح: لم أتحرّ الرواية في لام فلتؤجروا هل هي ساكنة أو محركة فإن كانت ساكنة تعيّن كونها لام الطلب وإن كانت مكسورة احتمل كونها للطلب، وكونها حرف جر وعلى الأول ففيه دخول الأمر على الفاعل المخاطب
وهو قليل، وعلى الثاني فيحتمل كون الفاء زائدة واللام متعلقة بالفعل المتقدم، ويحتمل أن تكون الفاء زائدة واللام متعلقة بفعل محذوف أي اشفعوا فلأجل أن تؤجروا أمرتكم بذلك اهـ.
قلت: والذي في فرع اليونينية ورويته بسكون اللام (ويقضي الله على لسان رسوله ما شاء). ولأبي ذر عن الحموي والمستملي ما يشاء أي يظهر الله على لسان رسوله بالوحي أو الإلهام ما قدره في علمه أنه سيكون.
والحديث سبق في باب قول الله تعالى من يشفع شفاعة حسنة من كتاب الأدب.
7477 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ هَمَّامٍ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَقُلْ أَحَدُكُمُ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى إِنْ شِئْتَ ارْحَمْنِى إِنْ شِئْتَ ارْزُقْنِى إِنْ شِئْتَ وَلْيَعْزِمْ مَسْأَلَتَهُ إِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ لَا مُكْرِهَ لَهُ» .
وبه قال: (حدّثنا يحيى) هو ابن موسى الجعفي أو أبو جعفر البلخي قال: (حدّثنا عبد الرزاق) بن همام بن نافع الحافظ الصنعاني (عن معمر) هو ابن راشد (عن همام) هو ابن منبه أنه (سمع أبا هريرة) رضي الله عنه (عن النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت) اللهم (ارحمني إن شئت) اللهم (ارزقني إن شئت) ونحو ذلك فلا يشك في القبول بل يستيقن وقوع مطلوب به ولا يعلق ذلك بمشيئة الله (وليعزم مسألته) وليجزم بها حُسْن ظن بكرم أكرم الكرماء (إنه) تعالى (يفعل ما يشاء لا مكروه له) بكسر الراء تعالى الله. نعم لو قال: إن شاء الله للتبرك لا للاستثناء لم يكره.
والحديث سبق قريبًا ومطابقته ظاهرة.
7478 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ، عَمْرٌو، حَدَّثَنَا الأَوْزَاعِىُّ، حَدَّثَنِى ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ مَسْعُودٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّهُ تَمَارَى هُوَ وَالْحُرُّ بْنُ قَيْسِ بْنِ حِصْنٍ الْفَزَارِىُّ فِى صَاحِبِ مُوسَى أَهُوَ خَضِرٌ؟ فَمَرَّ بِهِمَا أُبَىُّ بْنُ كَعْبٍ الأَنْصَارِىُّ فَدَعَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ: إِنِّى تَمَارَيْتُ أَنَا وَصَاحِبِى هَذَا فِى صَاحِبِ مُوسَى الَّذِى سَأَلَ السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ هَلْ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَذْكُرُ شَأْنَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «بَيْنَا مُوسَى فِى مَلإِ بَنِى إِسْرَائِيلَ إِذْ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: هَلْ تَعْلَمُ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْكَ؟ فَقَالَ مُوسَى: لَا فَأُوحِىَ إِلَى مُوسَى بَلَى عَبْدُنَا خَضِرٌ فَسَأَلَ مُوسَى السَّبِيلَ إِلَى لُقِيِّهِ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهُ الْحُوتَ آيَةً وَقِيلَ لَهُ إِذَا فَقَدْتَ الْحُوتَ فَارْجِعْ فَإِنَّكَ سَتَلْقَاهُ، فَكَانَ مُوسَى يَتْبَعُ أَثَرَ الْحُوتِ فِى الْبَحْرِ فَقَالَ فَتَى مُوسَى لِمُوسَى: {أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّى نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهِ إِلَاّ الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ}؟ [الكهف: 63] قَالَ مُوسَى: {ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِى فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا فَوَجَدَا} [الكهف: 64] خَضِرًا وَكَانَ مِنْ شَأْنِهِمَا مَا قَصَّ اللَّهُ» .
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا أبو حفص عمرو) بفتح العين ابن أبي سلمة التنيسي بكسر الفوقية والنون المشدّدة قال: (حدّثنا الأوزاعي) عبد الرحمن قال: (حدّثني) بالإفراد (ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه) أي ابن عباس (تمارى) تنازع وتجادل (هو والحر) بضم الحاء المهملة وتشديد الراء (ابن قيس بن حصن الفزاري) بفتح الفاء والزاي (في صاحب موسى) عليه السلام (أهو خضر فمرّ بهما أُبيّ بن كعب الأنصاري فدعاه ابن عباس فقال) له: (إني تماريت) تجادلت (أنا وصاحبي هذا) الحر بن قيس (في صاحب موسى الذي سأل) موسى (السبيل إلى لقيه هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر شأنه؟ قال) أبي (نعم إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول):
(بينا) بغير ميم (موسى في ملأ بني) ولأبي ذر في مل (من بني (إسرائيل) أي من أشرافهم أو في جماعة منهم (إذ جاءه رجل فقال) يا موسى (هل تعلم أحدًا أعلم منكم؟ فقال موسى: لا) أعلم أحدًا أعلم مني (فأوحى) بضم الهمزة ولأبي ذر عن الكشميهني فأوحى الله (إلى موسى) عليه السلام (بلى) بفتح اللام كعلى (عبدنا خضر) أعلم منك بما أعلمته من الغيوب وحوادث القدرة مما لا يعلم الأنبياء منه إلا ما أعلموا به (فسأل موسى السبيل) الطريق (إلى لقيه فجعل الله) عز وجل
(له الحوت) المملوح الميت (آية) علامة على مكان الخضر ولقيه (وقيل له) يا موسى (إذا فقدت الحوت) بفتح القاف (فارجع فإنك ستلقاه فكان موسى يتبع) بسكون القافية (أثر الحوت في البحر، فقال فتى موسى) يوشع بن نون (لموسى: {أرأيت}) ما دهاني ({إذ}) أي حين ({أوينا إلى الصخرة}) أي الصخرة التي رقد عندها موسى أو التي دون نهر الزيت وذلك أن الحوت اضطرب ووقع في البحر ({فإني نسيت الحوت وما إنسانيه إلا الشيطان أن أذكره})؟ قال موسى: ({ذلك}) أي فَقْد الحوت ({ما كنا نبغ}) أي الذي نطلبه علامة على وجدان الخضر ({فارتدا على آثارهما}) يقصّان ({قصصًا فوجدا} خضرًا) عليه السلام (فكان من شأنهما) الخضر وموسى (ما قصّ الله) عز وجل في سورة الكهف.
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله بقية الآية ستجدني إن شاء الله صابرًا وقوله فأراد ربك.
والحديث سبق في باب ما ذكر في ذهاب موسى في البحر إلى الخضر من كتاب العلم.
7479 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«نَنْزِلُ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِخَيْفِ بَنِى كِنَانَةَ حَيْثُ تَقَاسَمُوا عَلَى الْكُفْرِ» . يُرِيدُ الْمُحَصَّبَ.
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم. قال البخاري بالسند إليه: (وقال أحمد بن