الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويحتمل أن يكون الجواب اختلف بحسب المقام فحيث قيل
فارس والروم كان هناك قرينة تتعلق بالحكم بين الناس وسياسة الرعية وحيث قيل اليهود والنصارى كان هناك قرينة تتعلق بأمور الديانات أصولها وفروعها.
والحديث سبق في ذكر بني إسرائيل.
15 - باب إِثْمِ مَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ أَوْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً
لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيرِ عِلْمٍ} [النحل: 25] الآيةَ.
(باب إثم من دعا) الناس (إلى ضلالة) لحديث من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئًا أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة (أو سن سنة سيئة) لحديث: "ومن سنّ في الإسلام سُنّة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا" رواه مسلم من حديث جرير بن عبد الله البجلي (لقول الله تعالى: {ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم} [النحل: 25] الآية) في من وجهان:
أحدهما: أنها مزيدة وهو قول الأخفش أي وأوزار الذين على معنى ومثل أوزار لقوله: إن عليه وزرها ووزر من عمل بها.
والثاني: أنها غير مزيدة وهي للتبعيض أي وبعض أوزار الذين، وقدر أبو البقاء مفعولاً حذف وهذه صفته أي وأوزارًا من أوزار ولا بد من حذف مثل أيضًا. ومنع الواحدي أن تكون للتبعيض قال: لأنه يستلزم تخفيف الأوزار عن الاتباع وهو غير جائز لقوله عليه الصلاة والسلام من غير أن ينقص من أوزارهم شيئًا لكنها للجنس أي ليحملوا من جنس أوزار الاتباع. قال أبو حيان: والتي لبيان الجنس لا تتقدر هكذا وإنما تتقدر والأوزار التي هي أوزار الذين فهو من حيث المعنى كقول الأخفش وإن اختلفا في التقدير وبغير علم حال من مفعول يضلونهم أي يضلون من لا يعلم أنهم ضلال قاله في الكشاف أو من الفاعل، ورجح هذا بأنه هو المحدث عنه وأول الكلام قوله:{وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم قالوا أساطير الأولين} [النحل: 24] ليحملوا أوزارهم كاملة في يوم القيامة وقوله لهم أي لهؤلاء الكفار وأساطير الأولين أي أحاديث الأولين وأباطيلهم واللام في ليحملوا للتعليل أي قالوا ذلك إضلالاً للناس فحملوا أوزار ضلالهم كاملة وبعض أوزار أو وأوزار من ضل لهم وهو وزر الإضلال، لأن المضل والضال شريكان، وثبت قوله بغير علم لأبي ذر وسقط له لفظ الآية.
7321 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنْ نَفْسٍ تُقْتَلُ ظُلْمًا إِلَاّ كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا» . وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ مِنْ دَمِهَا لأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ أَوَّلاً.
وبه قال: (حدّثنا الحميدي) عبد الله بن الزبير قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة قال: (حدّثنا
الأعمش) سليمان بن مهران (عن عبد الله بن مرة) بضم الميم وفتح الراء مشددة الخارفي (عن مسروق) هو ابن الأجدع (عن عبد الله) بن مسعود أنه (قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم):
(ليس من نفس) من بني آدم (تقتل ظلمًا) بضم الفوقية الأولى وفتح الثانية بينهما قاف ساكنة (إلا كان على ابن آدم الأوّل) قابيل حيث قتل أخاه هابيل (كفل) بكسر الكاف وسكون الفاء نصيب (منها) قال الحميدي (وربما قال سفيان) بن عيينة (من دمها لأنه أوّل من سنّ القتل أوّلاً).
على وجه الأرض من بني آدم وسقط لأبي ذر أوّل من.
وفي الحديث الحث على اجتناب البدع والمحدثات في الدين لأن الذي يحدث البدعة ربما تهاون بها لخفة أمرها في الأول ولا يشعر بما يترتب عليها من المفسدة وهو أن يلحقه إثم من عمل بها من بعده إذ كان الأصل في إحداثها.
والحديث سبق في خلق آدم.
16 - باب مَا ذَكَرَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَحَضَّ عَلَى اتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ
وَمَا أَجْمَعَ عَلَيْهِ الْحَرَمَانِ: مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَمَا كَانَ بِهَا مِنْ مَشَاهِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَمُصَلَّى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْمِنْبَرِ وَالْقَبْرِ.
(باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم) بفتح الذال المعجمة والكاف والنبي رفع فاعل (وحض) بحاء مهملة مفتوحة وضاد معجمة مشددة أي حرض (على اتفاق أهل العلم). قال في الكواكب في بعض الروايات وما حض عليه من اتفاق أهل العلم وهو من باب تنازع العاملين وهما ذكر وحض، (وما أجمع) بهمزة قطع ولأبي ذر عن الكشميهني وما اجتمع بهمزة وصل وزيادة فوقية بعد الجيم (عليه الحرمان مكة والمدينة) أي ما اجتمع عليه أهلهما من الصحابة ولم يخالف صاحب من غيرهما والإجماع اتفاق المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أمر من الأمور الدينية، بشرط أن يكون بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فخرج بالمجتهدين العوام وعلم اختصاصه بالمجتهدين
والاختصاص بهم اتفاق فلا عبرة باتفاق غيرهم اتفاقًا وعلم عدم انعقاده في حياته صلى الله عليه وسلم من قوله بعد وفاته، ووجهه أنه إن وافقهم فالحجة في قوله، وإلا فلا اعتبار لقولهم دونه، وعلم أن إجماع كلٍّ من أهل المدينة النبوية، وأهل البيت النبوي وهم فاطمة وعليّ والحسن والحسين رضي الله عنهم، والخلفاء الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعليّ رضي الله عنهم، والشيخين أبي بكر وعمر، وأهل الحرمين مكة والمدينة، وأهل المصرين الكوفة والبصرة غير حجة لأنه اجتهاد بعض مجتهدي الأمة لا كلهم خلافًا لمالك في إجماع أهل المدينة، وعبارة المؤلّف تشعر بأن اتفاق أهل الحرمين كليهما إجماع، لكن قال في الفتح: لعله أراد الترجيح به لا دعوة الإجماع (وما كان بها) بالمدينة (من مشاهد النبي صلى الله عليه وسلم و) مشاهد (المهاجرين والأنصار ومصلّى النبي صلى الله عليه وسلم) عطف على مشاهد (والمنبر والقبر) معطوفان عليه وفيه تفضيل المدينة بما ذكر، لا سيما وما بين القبر والمنبر روضة من رياض الجنة ومنبره على حوضه، ولأبي ذر عن
الحموي والمستملي: وما كان بهما بلفظ التثنية والإفراد أولى لأن ما ذكره في الباب كله متعلق بالمدينة وحدها. وقال في الفتح: والتثنية أولى.
7322 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى مَالِكٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ السَّلَمِىِّ، أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الإِسْلَامِ فَأَصَابَ الأَعْرَابِىَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ فَجَاءَ الأَعْرَابِىُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَقِلْنِى بَيْعَتِى، فَأَبَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِى بَيْعَتِى فَأَبَى ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِى بَيْعَتِى فَأَبَى، فَخَرَجَ الأَعْرَابِىُّ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«إِنَّمَا الْمَدِينَةُ كَالْكِيرِ تَنْفِى خَبَثَهَا وَيَنْصَعُ طِيبُهَا» .
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدّثني) بالإفراد (مالك) هو ابن أنس بالإحرام (عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله) بن عمرو بن حرام بمهملة وراء (السلمي) بفتحتين الأنصاري صحابي ابن صحاي غزا تسع عشرة غزوة رضي الله عنهما (أن أعرابيًّا) قيل اسمه قيس بن أبي حازم وردّ بأنه تابعي كبير لا صحابي أو هو قيس بن حازم المنقري الصحابي (بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فأصاب الأعرابي وعك) بفتح الواو وسكون العين حمى (بالمدينة فجاء الأعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) وسقط قوله إلى في رواية الكشميهني فرسول نصب على ما لا يخفى (فقال: يا رسول الله أقلني بيعتي) على الهجرة أو من المقام بالمدينة (فأبى) بالموحدة فامتنع (رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن يقيله (ثم جاءه) مرة ثانية (فقال) يا رسول الله (أقلني بيعتي فأبى) أن يقيله (ثم جاءه) الثالثة (فقال) يا رسول الله (أقلني بيعتي فأبى) أن يقيله (فخرج الأعرابي) من المدينة إلى البدو (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم):
(إنما المدينة كالكير) الذي ينفخ به النار أي الموضع المشتمل عليها (تنفي خبثها) بفتح الفوقية وسكون النون وكسر الفاء وخبثها بفتح المعجمة والموحدة والمثلثة ما يثيره من الوسخ (وينصع) بالتحتية وسكون النون بعدها صاد فعين مهملتان ويخلص (طيبها) بكسر الطاء والتخفيف والرفع فاعل ينصع ولأبي ذرّ تنصع بالفوقية طيبها بالنصب على المفعولية، كذا في الفرع كأصله طيبها بالتخفيف وكسر أوّله في الروايتين وبه ضبط القزاز، لكنه استشكله فقال: لم أر للنصوع في الطيب ذكرًا، وإنما الكلام يتضوع بالضاد المعجمة وزيادة الواو الثقيلة.
ومرّ الحديث في فضل المدينة في أواخر الحج وفي الأحكام ومطابقته لما ترجم به هنا من جهة الفضيلة التي اشتمل على ذكرها كلٍّ منهما.
7323 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنِى ابْنُ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - قَالَ: كُنْتُ أُقْرِئُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ فَلَمَّا كَانَ آخِرَ حَجَّةٍ حَجَّهَا عُمَرُ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بِمِنًى: لَوْ شَهِدْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَتَاهُ رَجُلٌ قَالَ: إِنَّ فُلَانًا يَقُولُ: لَوْ مَاتَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لَبَايَعْنَا فُلَانًا فَقَالَ عُمَرُ لأَقُومَنَّ الْعَشِيَّةَ فَأُحَذِّرَ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ
الَّذِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَغْصِبُوهُمْ قُلْتُ: لَا تَفْعَلْ فَإِنَّ الْمَوْسِمَ يَجْمَعُ رَعَاعَ النَّاسِ يَغْلِبُونَ عَلَى مَجْلِسِكَ فَأَخَافُ أَنْ لَا يُنْزِلُوهَا عَلَى وَجْهِهَا فَيُطِيرُ بِهَا كُلُّ مُطِيرٍ، فَأَمْهِلْ حَتَّى تَقْدَمَ الْمَدِينَةَ دَارَ الْهِجْرَةِ وَدَارَ السُّنَّةِ فَتَخْلُصُ بِأَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ فَيَحْفَظُوا مَقَالَتَكَ وَيُنَزِّلُوهَا عَلَى وَجْهِهَا فَقَالَ: وَاللَّهِ لأَقُومَنَّ بِهِ فِى أَوَّلِ مَقَامٍ أَقُومُهُ بِالْمَدِينَةِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ فَكَانَ فِيمَا أُنْزِلَ آيَةُ الرَّجْمِ.
وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: (حدّثنا عبد الواحد) بن زياد قال: (حدّثنا معمر) بسكون العين بين فتحتين ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن عبيد الله) بضم العين (ابن عبد الله) بن عتبة بن مسعود أنه قال: (حدّثني) بالإفراد (ابن عباس رضي الله عنهما قال: كنت أُقرئ) بضم الهمزة وسكون القاف من الإقراء (عبد الرحمن بن عوف) القرآن، وقول الدارمي معنى أقرئ رجالاً أي أتعلم منهم من القرآن لأن ابن عباس كان عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إنما حفظ المفصل من المهاجرين والأنصار، وتعقب بأنه خروج عن الظاهر بل عن النص لأن قوله أقرئ معناه أعلم. قال في الفتح: ويؤيده أن في رواية ابن إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري كنت أختلف إلى عبد الرحمن بن عوف ونحن بمنى مع عمر بن الخطاب أعلم عبد الرحمن
بن عوف القرآن أخرجه ابن أبي شيبة وقد كان ابن عباس ذكيًّا سريع الحفظ وكان كثير من الصحابة لاشتغالهم بالجهاد لم يستوعبوا القرآن حفظًا وكان من اتفق له ذلك يستدركه بعد الوفاة النبوية فكانوا يعتمدون على نجباء الأبناء فيقرئونهم تلقينًا للحفظ (فلما كان آخر حجة حجها عمر) رضي الله عنه سنة ثلاث وعشرين (فقال عبد الرحمن) بن عوف (بمنى) بالتنوين وكسر الميم (لو شهدت أمير المؤمنين أتاه رجل) لشهدت عجبًا فجواب لو محذوف أو كلمة لو للتمني فلا تحتاج إلى جواب ولم أعرف اسم الرجل وفي باب رجم الحبلى من الزنا من الحدود قال: كنت أقرئ رجالاً من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف فبينا أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها إذ رجع إليّ عبد الرحمن فقال لو رأيت رجلاً أتى أمير المؤمنين اليوم (قال) ولأبي ذر فقال (إن فلانًا) لم أقف على اسمه أيضًا (يقول: لو مات أمير المؤمنين) عمر (لبايعنا فلانًا) يعني طلحة بن عبيد الله أو عليًّا (فقال عمر: لأقومن العشية فاحذر) بالنصب ولأبي ذر بالرفع وللكشميهني فلأحذر (هؤلاء الرهط الذين يريدون أن يغصبوهم) بفتح التحتية وسكون المعجمة وكسر المهملة أي يقصدون أمورًا ليست من وظيفتهم ولا مرتبتهم فيريدون أن يباشروها بالظلم والغصب قال عبد الرحمن (قلت): يا أمير المؤمنين (لا تفعل) ذلك (فإن الموسم يجمع رعاع الناس) بفتح الراء والعين المهملة وبعد الألف أخرى جهلتهم وأراذلهم (يغلبون) ولأبي ذر عن الكشميهني: ويغلبون (على مجلسك) يكثرون فيه (فأخاف أن لا ينزلوها) بضم التحتية وفتح النون وكسر الزاي مشددة وبسكون النون أي مقالتك (على وجهها) وللكشميهني وجوهها (فيطير بها) بضم التحتية وكسر الطاء المهملة وسكون التحتية (كل مطير) بضم الميم مع التخفيف أي فينقلها كل ناقل بالسرعة من غير تأمل ولا ضبط ولأبي الوقت فيطيرها بتشديد التحتية (فأمهل) بهمزة قطع
وكسر الهاء (حتى تقدم المدينة دار الهجرة ودار السنة) بالنصب على البدلية من المدينة (فتخلص) بضم اللام والنصب لأبي ذر ولغيره بالرفع أي حتى تقدم المدينة فتصل (بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار فيحفظوا) بالفاء ولأبي الوقت ويحفظوا بالواو (مقالتك وينزلوها) بالتخفيف والتشديد (على وجهها. فقال) عمر رضي الله عنه: (والله لأقومن به في أوّل مقام أقومه بالمدينة).
(قال ابن عباس) بالسند السابق (فقدمنا المدينة) فجاء عمر يوم الجمعة حين زاغت الشمس فجلس على المنبر فلما سكت المؤذن قام (فقال) بعد أن أثنى على الله بما هو أهله (إن الله بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل) فيه فتح همزة أنزل (آية الرجم). بنصب آية وهي قوله مما نسخ لفظه: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، ولأبي ذر: أنزل بضم الهمزة وكسر الزاي آية الرجم بالرفع وسقطت التصلية بعد قوله إن الله بعث محمدًا في رواية أبي ذر.
ومطابقة الحديث للترجمة من وصف المدينة بدار الهجرة والسُّنّة ومأوى المهاجرين والأنصار.
والحديث أورده هنا باختصار وسبق في باب رجم الحبلى من الزنا من الحدود مطوّلاً.
7324 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ أَبِى هُرَيْرَةَ وَعَلَيْهِ ثَوْبَانِ مُمَشَّقَانِ مِنْ كَتَّانٍ فَتَمَخَّطَ فَقَالَ: بَخٍ بَخٍ أَبُو هُرَيْرَةَ، يَتَمَخَّطُ فِى الْكَتَّانِ لَقَدْ رَأَيْتُنِى وَإِنِّى لأَخِرُّ فِيمَا بَيْنَ مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى حُجْرَةِ عَائِشَةَ مَغْشِيًّا عَلَىَّ فَيَجِىءُ الْجَائِى، فَيَضَعُ رِجْلَهُ عَلَى عُنُقِى وَيُرَى أَنِّى مَجْنُونٌ وَمَا بِى مِنْ جُنُونٍ مَا بِى إِلَاّ الْجُوعُ.
وبه قال: (حدّثنا سليمان بن حرب) الواشحي قال: (حدّثنا حماد) هو ابن زيد (عن أيوب) السختياني (عن محمد) هو ابن سيرين أنه (قال: كنا عند أبي هريرة) رضي الله عنه (وعليه ثوبان ممشقان) بضم الميم الأولى وفتح الثانية والمعجمة المشددة والقاف مصبوغان بالمشق بكسر الميم وفتحها وسكون الشين بالطين الأحمر (من كتان) والواو في قوله وعليه للحال (فتمخط) أي استنثر (فقال: بخ بخ) بموحدة مفتوحة وتضم فخاء معجمة ساكنة فيهما مخففة وتشدد كلمة تقال عند المدح والرضا بالشيء وقد تكون للمبالغة (أبو هريرة يتمخط في الكتان لقد رأيتني) أي لقد رأيت نفسي (وإني لأخرّ) أسقط (فيما بين منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حجرة عائشة) رضي الله عنها حال كوني
(مغشيًا) بفتح الميم وسكون الغين المعجمة أي مغمى (عليّ) بتشديد الياء من الجوع وللحموي والمستملي عليه بالهاء (فيجيء الجائي فيضع رجله على عنقي) وللحموي والمستملي على عنقه (ويرى) بضم التحتية ويظن (أني مجنون و) الحال (ما بي جنون ما بي إلا الجوع). والغرض من الحديث هنا قوله: وإني لأخِرُّ فيما بين المنبر والحجرة. وقال ابن بطال عن المهلب: وجه دخوله في الترجمة الإشارة إلى أنه لما صبر على الشدة التي أشار إليها من أجل ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم في طلب العلم جوزي بما انفرد به من كثرة محفوظه ومنقوله من الأحكام وغيرها، وذلك ببركة صبره على المدينة.
والحديث أخرجه الترمذي في الزهد.
7325 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَابِسٍ قَالَ: سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَشَهِدْتَ الْعِيدَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: نَعَمْ وَلَوْلَا مَنْزِلَتِى مِنْهُ مَا شَهِدْتُهُ مِنَ الصِّغَرِ، فَأَتَى الْعَلَمَ الَّذِى عِنْدَ دَارِ كَثِيرِ بْنِ الصَّلْتِ فَصَلَّى، ثُمَّ خَطَبَ وَلَمْ يَذْكُرْ أَذَانًا وَلَا إِقَامَةً، ثُمَّ أَمَرَ بِالصَّدَقَةِ، فَجَعَلَ النِّسَاءُ يُشِرْنَ إِلَى آذَانِهِنَّ وَحُلُوقِهِنَّ فَأَمَرَ بِلَالاً فَأَتَاهُنَّ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن كثير) بالمثلثة العبدي البصري قال: (أخبرنا سفيان) الثوري (عن عبد الرحمن بن عابس) بالعين المهملة وبعد الألف موحدة مكسورة فمهملة ابن ربيعة النخعي أنه (قال: سئل ابن عباس) رضي الله عنهما بضم السين وكسر الهمزة (أشهدت) بهمزة الاستفهام أي أحضرت (العيد) أي صلاته (مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم ولولا منزلتي منه ما شهدته من الصغر) أي ما حضرت العيد وسبق في باب العلم الذي بالمصلّى من العيدين: ولولا مكاني من الصغر ما شهدته وهو يدل على أن الضمير في قوله منه يعود على غير المذكور وهو الصغر، ومشى بعضهم على ظاهر ذلك السياق: فقال: إن الضمير يعود على النبي صلى الله عليه وسلم، والمعنى لولا منزلتي من النبي صلى الله عليه وسلم ما شهدت معه العيد وهو متجه، لكن السياق يخالفه وفيه نظر لأن الغالب أن الصغر في مثل هذا يكون مانعًا لا مقتضيًا فلعل فيه تقديمًا وتأخيرًا، ويكون قوله من الصغر متعلقًا بما بعده فيكون المعنى لولا منزلتي من النبي صلى الله عليه وسلم ما حضرت معه لأجل صغري ويمكن حمله على ظاهره وأراد بشهوده ما وقع من وعظه للنساء لأن الصغر يقتضي أن يغتفر له الحضور معهن بخلاف الكبر (فأتى) عليه الصلاة والسلام (العلم) بفتحتين (الذي عند دار كثير بن الصلت) بالمثلثة والصلت بفتح الصاد المهملة وسكون اللام بعدها فوقية ابن معد يكرب الكندي (فصلّى) عليه الصلاة والسلام العيد بالناس (ثم خطب ولم) ولأبي ذر فلم بالفاء بدل الواو (يذكر أذانًا ولا إقامة ثم أمر) عليه الصلاة والسلام (بالصدقة) وفي العيدين ثم خطب ثم أتى النساء ومعه بلال فوعظهن وذكرهن وأمرهن بالصدقة (فجعل) ولأبي ذر عن الكشميهني فجعلن (النساء يشرن) بضم التحتية وكسر المعجمة وسكون الراء وفي العيدين فرأيتهن يهوين بأيديهن (إلى آذانهن وحلوقهن فأمر) عليه الصلاة والسلام (بلالاً) يأتيهن ليأخذ منهن ما يتصدقن به (فأتاهن) فجعلن يلقين في ثوبه الفتخ والخواتيم (ثم رجع) بلال (إلى النبي صلى الله عليه وسلم).
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: فأتى العلم الذي عند دار كثير، وقال المهلب فيما ذكره عنه ابن بطال. شاهد الترجمة قول ابن عباس ولولا مكاني من الصغر ما شهدته لأن معناه أن صغير أهل المدينة وكبيرهم ونساءهم وخدمهم ضبطوا العلم معاينة منهم في مواطن العمل من شارعها المبين عن الله تعالى وليس لغيرهم هذه المنزلة. وتعقب: بأن قول ابن عباس من الصغر ما شهدته إشارة منه إلى أن الصغر مظنة عدم الوصول إلى المقام الذي شاهد فيه النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع كلامه وسائر ما قصّه، لكن لما كان ابن عمه وخالته أم المؤمنين وصل بذلك إلى المنزلة المذكورة
ولولا ذلك لم يصل ويؤخذ منها نفي التعميم الذي ادعاه المهلب وعلى تقدير تسليمه فهو خاص بمن شاهد ذلك وهم الصحابة فلا يشاركهم فيه من بعدهم بمجرد كونه من أهل المدينة قاله في فتح الباري.
والحديث سبق في الصلاة وفي العيدين.
7326 -
حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْتِى قُبَاءً مَاشِيًا وَرَاكِبًا.
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن عبد الله بن دينار) المدني (عن ابن عمر) مولاه رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتي قباء) بضم القاف ممدودًا وقد يقصر ويذكر على أنه اسم موضع فيصرف ويؤنث على أنه
اسم بقعة فلا يصرف التأنيث والعلمية أي يأتي مسجد قباء حال كونه (ماشيًا) مرة (وراكبًا) أخرى وفي باب من أتى مسجد قباء من أواخر الصلاة يأتي مسجد قباء كل سبت ماشيًا وراكبًا وللكشميهني راكبًا ماشيًا بالتقديم والتأخير. قال المهلب: المراد معاينة النبي صلى الله عليه وسلم ماشيًا وراكبًا في قصده مسجد قباء وهو مشهد من مشاهده صلى الله عليه وسلم وليس ذلك بغير المدينة.
والحديث مضى في أواخر الصلاة في ثلاثة أبواب متوالية أوّلها باب مسجد قباء.
7327 -
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ: ادْفِنِّى مَعَ صَوَاحِبِى وَلَا تَدْفِنِّى مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِى الْبَيْتِ فَإِنِّى أَكْرَهُ أَنْ أُزَكَّى.
وبه قال: (حدّثنا عبيد بن إسماعيل) الهباري قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن هشام عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة) رضي الله عنها أنها (قالت لعبد الله بن الزبير) بن العوام ابن أسماء أخت عائشة (ادفني) إذا مت (مع صواحبي) بالتخفيف أمهات المؤمنين رضي الله عنهن بالبقيع (ولا تدفني) بفتح الفوقية وكسر الفاء وتشديد النون (مع النبي صلى الله عليه وسلم في البيت) في حجرتي التي دفن فيها النبي صلى الله عليه وسلم وصاحباه (فإني أكره أن أُزكى) بضم الهمزة وفتح الزاي والكاف المشددة كرهت أن يثنى عليها بما ليس فيها بل بمجرد كونها مدفونة عنده صلى الله عليه وسلم وصاحبيه دون سائر أمهات المؤمنين فيظن أنها خصّت بذلك دونهن لمعنى فيها ليس فيهن، وهذا منها غاية في التواضع.
7328 -
وَعَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ ائْذَنِى لِى أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَىَّ فَقَالَتْ: إِى وَاللَّهِ، قَالَ: وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرْسَلَ إِلَيْهَا مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَتْ: لَا وَاللَّهِ لَا أُوثِرُهُمْ بِأَحَدٍ أَبَدًا.
(وعن هشام) بالسند السابق مما وصله الإسماعيلي من وجه آخر (عن أبيه) عروة (أن عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (أرسل إلى عائشة) رضي الله عنها قال الحافظ ابن حجر هذا صورته الإرسال لأن عروة لم يدرك زمن إرسال عمر إلى عائشة لكنه محمول على أنه حمله عن عائشة فيكون موصولاً (ائذني لي أن أدفن) بضم الهمزة وفتح الفاء (مع صاحبي) النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر (فقالت: إي) بكسر الهمزة وسكون التحتية (والله) حرف جواب بمعنى نعم ولا تقع إلا مع القسم (قال) عروة بن الزبير: (وكان الرجل إذا أرسل إليها من الصحابة) يسألها أن يدفن معهم وجواب الشرط قوله (قالت: لا والله لا أوثرهم) بالمثلثة (بأحد أبدًا) أي لا أتبعهم بدفن أحد. وقال ابن قرقول: هو من باب القلب أي لا أوثر بهم أحدًا ويحتمل أن يكون لا أثيرهم بأحد أي لا أنبشهم لدفن أحد والباء بمعنى اللام، واستشكله السفاقسي بقولها في قصة عمر لأوثرنه على نفسي وأجاب باحتمال أن يكون الذي آثرته به المكان الذي دفن فيه من وراء قبر أبيها بقرب النبي صلى الله عليه وسلم وذلك لا ينفي وجود مكان آخر في الحجرة. والحديث من أفراده.
7329 -
حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى أُوَيْسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: أَخْبَرَنِى أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّى الْعَصْرَ فَيَأْتِى الْعَوَالِىَ وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ.
وَزَادَ اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ وَبُعْدُ الْعَوَالِى أَرْبَعَةُ أَمْيَالٍ أَوْ ثَلَاثَةٌ.
وبه قال: (حدّثنا أيوب بن سليمان) أبو بلال قال: (حدّثنا أبو بكر بن أبي أويس) واسم أبي بكر عبد الحميد وأبي أويس عبد الله الأصبحي الأعشى (عن سليمان بن بلال) أبي محمد مولى الصديق (عن صالح بن كيسان) بفتح الكاف المدني أنه قال (قال ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (أخبرني) بالإفراد (أنس بن مالك) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلّي العصر فيأتي العوالي) بفتح العين والواو المخففة جمع عالية أي المرتفع من قرى المدينة من جهة نجد (والشمس مرتفعة) أي والحال أن الشمس مرتفعة. (وزاد الليث) بن سعد الإمام فيما وصله البيهقي (عن يونس) بن يزيد الأيلي (وبعد العوالي) بضم الموحدة وسكون العين (أربعة أميال أو ثلاثة) والأميال جمع ميل وهو ثلث الفرسخ، وقيل هو مد البصر والشك من الراوي.
ومطابقة الحديث للترجمة قيل من قوله فيأتي العوالي لأن إتيانه إلى العوالي يدل على أن العوالي من جملة مشاهده في المدينة.
7330 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ، عَنِ الْجُعَيْدِ سَمِعْتُ السَّائِبَ بْنَ يَزِيدَ يَقُولُ: كَانَ الصَّاعُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مُدًّا وَثُلُثًا بِمُدِّكُمُ الْيَوْمَ وَقَدْ زِيدَ فِيهِ.
سَمِعَ القَاسِمُ بْنُ مالِكٍ الجُعَيْدَ.
وبه قال: (حدّثنا عمرو بن زرارة) بفتح العين في الأول وضم الزاي وتكرير الراء بينهما ألف الكلابي النيسابوري قال: (حدّثنا القاسم بن مالك) أبو جعفر المزني الكوفي (عن الجعيد) بضم الجيم وفتح العين مصغرًا وقد يستعمل مكبرًا ابن عبد الرحمن بن أويس الكندي المدني أنه قال: (سمعت السائب بن يزيد) الكندي له ولأبيه صحبة رضي الله عنهما (يقول: كان الصاع) جمعه أصوع بوزن أفلس. قال الجوهري: إن
شئت أبدلت من الواو المضمومة همزة اهـ. ويقال فيه ايضًا آصع على القلب أي تحويل العين إلى ما قبل الفاء مع قلب الواو همزة فيجتمع همزتان فتبدل الثانية ألفًا لوقوعها ساكنة بعد همزة مفتوحة وكان (على عهد النبي صلى الله عليه وسلم-مدًّا وثلثًا) نصب خبر كان وللأصيلي وابن عساكر مد وثلث بالرفع على طريق من يكتب المنصوب بغير ألف. وقال في الكواكب: أو يكون في كان ضمير الشأن فيرتفع على الخبر (بمدّكم اليوم) وكان الصاع في زمنه صلى الله عليه وسلم أربعة أمداد والمد رطل وثلث رطل عراقي (وقد زيد فيه) أي في الصاع زمن عمر بن عبد العزيز حتى صار مدًّا وثلث مد من الأمداد العمرية (سمع القاسم بنُ مالك الجعيد) يشير إلى ما سبق في كفارة الأيمان عن عثمان بن أبي شيبة عن القاسم حدّثنا الجعيد، وفي رواية زياد بن أيوب عن القاسم بن مالك قال أخبرنا الجعيد أخرجه الإسماعيلي وقوله سمع إلى آخره ثابت لأبوي ذر والوقت فقط.
ومناسبة الحديث للترجمة كما في الفتح أن الصاع مما اجتمع عليه أهل الحرمين بعد العهد النبوي واستمر فلما زاد بنو أمية في الصاع لم يتركوا اعتبار الصاع النبوي فيما ورد فيه التقدير بالصاع من زكاة الفطر وغيرها، بل استمروا على اعتباره في ذلك وإن استعملوا الصاع الزائد في شيء غير ما وقع التقدير فيه بالصاع كما نبه عليه مالك ورجع إليه أبو يوسف في القصة المشهورة.
والحديث سبق في الكفارات وأخرجه النسائي.
7331 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى طَلْحَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِى مِكْيَالِهِمْ، وَبَارِكْ لَهُمْ فِى صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ» . يَعْنِى أَهْلَ الْمَدِينَةِ.
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك) الإمام (عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك) رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال):
(اللهم بارك) زد (لهم في مكيالهم، وبارك لهم في صاعهم ومدهم. يعني) صلى الله عليه وسلم (أهل المدينة) قال القاضي عياض: ويحتمل أن تكون هذه البركة دينية وهو ما يتعلق بهذه المقادير من حقوق الله تعالى في الزكوات والكفارات فيكون بمعنى البقاء لها البقاء الحكم بها ببقاء الشريعة وثباتها وأن تكون دنيوية من تكثير المال والقدر بها حتى يكفي منها ما لا يكفي من غيرها أو ترجع
البركة إلى التصرف بها في التجارة وأرباحها وإلى كثرة ما يكال بها من غلاتها وأثمارها أو لاتساع عيش أهلها بعد ضيقه لما فتح الله عليهم ووسع من فضله لهم بتمليك البلاد والخصب والريف بالشام والعراق وغيرهما حتى أكثر الحمل إلى المدينة، وفي هذا كله ظهور إجابة دعوته صلى الله عليه وسلم وقبولها اهـ.
ورجح النووي كونها في نفس المكيل بالمدينة بحيث يكفي المدّ فيها من لا يكفيه في غيرها. وقال الطيبي: ولعل الظاهر هو قول القاضي أو لاتساع عيش أهلها إلى آخره لأنه صلى الله عليه وسلم قال: وأنا أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك لمكة ودعاء إبراهيم هو قوله: {فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون} [إبراهيم: 37] يعني وارزقهم من الثمرات بأن تجلب إليهم من البلاد لعلهم يشكرون النعمة في أن يرزقوا أنواع الثمرات في وادٍ ليس فيه لحم ولا شجر ولا ماء، لا جرم أن الله عز وجل أجاب دعوته فجعله حرفًا آمنًا يجبى إليه ثمرات كل شيء رزقًا من لدنه، ولعمري إن دعاء حبيب الله صلى الله عليه وسلم استجيب لها وضاعف خيرها على خيرها بأن جلب إليها في زمن الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم من مشارق الأرض ومغاربها من كنوز كسرى وقيصر وخاقان ما لا يحصى ولا يحصر، وفي آخر الأمر يأرز الدين إليها من أقاصي الأراضي وشاسع البلاد وينصر هذا التأويل قوله في حديث أبي هريرة: أمرت بقرية تأكل القرى ومكة أيضًا من مأكولها اهـ.
ومطابقة الحديث للترجمة كالذي قبله كما لا يخفى وسبق في البيوع والكفارات وأخرجه مسلم والنسائي.
7332 -
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا أَبُو ضَمْرَةَ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ زَنَيَا فَأَمَرَ بِهِمَا فَرُجِمَا قَرِيبًا مِنْ حَيْثُ تُوضَعُ الْجَنَائِزُ عِنْدَ الْمَسْجِدِ.
وبه قال: (حدّثنا إبراهيم بن المنذر) أبو إسحاق القرشي الخزامي المدني قال: (حدّثنا أبو ضمرة) أنس بن عياض المدني قال: (حدّثنا موسى بن عقبة) صاحب المغازي (عن نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر) رضي الله عنهما (أن اليهود) من خيبر
وذكر الطبري وغيره كما مر في المحاربين أن منهم كعب بن الأشرف وكعب بن أسعد وسعيد بن عمرو ومالك بن الصيف وكنانة بن أبي الحقيق وغيرهم (جاؤوا إلى النبي) وسقط لفظ إلى لأبي ذر عن المستملي فالتالي منصوب (صلى الله عليه وسلم برجل) لم يسم (وامرأة) اسمها بسرة بضم الموحدة وسكون المهملة (زنيا) وكانا محصنين (فأمر) صلى الله عليه وسلم (بهما) بالزانيين (فرجما قريبًا من حيث توضع الجنائز) بضم الفوقية وفتح الضاد المعجمة بينهما واو ساكنة ولأبي ذر عن المستملي حيث موضع الجنائز بميم مفتوحة بدل الفوقية والجنائز جر بالإضافة (عند المسجد) النبوي.
ومطابقته للترجمة في قوله حيث توضع الجنائز إذ هي من المشاهد الكريمة المصرح بها في قوله ومصلّى النبي صلى الله عليه وسلم.
وسبق الحديث بأتم من هذا في المحاربين في باب أحكام أهل الذمة.
7333 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَمْرٍو مَوْلَى الْمُطَّلِبِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَلَعَ لَهُ أُحُدٌ فَقَالَ:«هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّى أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا» .
تَابَعَهُ سَهْلٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِى أُحُدٍ.
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدّثني) بالإفراد (مالك) إمام دار الهجرة ابن أنس الأصبحي (عن عمرو) بفتح العين ابن أبي عمرو ميسرة (مولى المطلب) المدني أبي عثمان (عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلع) أي بدا (له أُحد) الجبل المشهور عند رجوعه من حنين سنة ست أو سبع (فقال):
(هذا) مشيرًا إلى أُحد (جبل يحبنا) حقيقة بأن يخلق الله تعالى فيه الإدراك والمحبة (ونحبه) إذ جزاء المحبة المحبة وقيل إنه محمول على المجاز أي يحبنا أهله ونحب أهله وهم الأنصار، أو المراد نحب أُحدًا بأهله لأنه في أرض من نحب والأولى كما في شرح السُّنّة إجراؤه على ظاهره، ولا ينكر وصف الجمادات بحب الأنبياء والأولياء وأهل الطاعة وهذا هو المختار الذي لا محيد عنه على أنه يحتمل أنه أراد بالجبل أرض المدينة كلها، وخص الجبل بالذكر لأنه أوّل ما يبدو من أعلامها لقوله أوّلاً في الحديث طلع له أُحُد وقوله ثانيًا:(اللهم إن إبراهيم) خليلك (حرم مكة) بتحريمك لها على لسانه (وإني أحرم ما بين لابتيها) أي لابتي المدينة تثنية لابة وهي الحرة إذ المدينة بين حرتين إلى معنى الأول يلمح قول بلال:
وهل يبدون لي شامة وطفيل
وليس المتمنى ظهور هذين الجبلين بل لأنهما من أعلام مكة.
والحديث مرّ في الجهاد في باب فضل الخدمة في الغزو وفي أحاديث الأنبياء وآخر غزوة أُحُد.
(تابعه) أي تابع أنس بن مالك (سهل) بفتح السين المهملة ابن سعد (عن النبي صلى الله عليه وسلم في) قوله (أُحُد) جبل يحبنا ونحبه لا في قوله اللهم إن إبراهيم إلى آخره.
وسبق هذا معلمًا عن سليمان بلفظ. وقال سليمان عن سعد بن سعيد عن عُمارة بن غزية عن عباس عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(أحُد جبل يحبنا ونحبه) وعباس هو ابن سهل بن سعد المذكور.
7334 -
حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، حَدَّثَنِى أَبُو حَازِمٍ، عَنْ سَهْلٍ أَنَّهُ كَانَ بَيْنَ جِدَارِ الْمَسْجِدِ مِمَّا يَلِى الْقِبْلَةَ وَبَيْنَ الْمِنْبَرِ مَمَرُّ الشَّاةِ.
وبه قال: (حدّثنا ابن أبي مريم) هو سعيد بن محمد بن الحكم بن أبي مريم البصري قال: (حدّثنا أبو غسان) بالغين المعجمة المفتوحة والسين المهملة المشدّدة محمد بن مطرف قال: (حدّثني) بالإفراد (أبو حازم) بالحاء المهملة والزاي سلمة بن دينار الأعرج (عن سهل) بفتح السين ابن سعد الساعدي رضي الله عنه (أنه كان بين جدار المسجد) النبوي (مما يلي القبلة وبين المنبر ممرّ الشاة). أي موضع مرورها وهو بالرفع على أن كان تامة أو ممر اسم كانت بتقدير نحو قدر والظرف الخبر، وفي باب قدركم ينبغي أن يكون بين المصلي والسترة أوائل كتاب الصلاة. عن سهل قال: كان بين مصلّى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الجدار ممر شاة.
7335 -
حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِىٍّ، حَدَّثَنَا مَالِكٌ، عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا بَيْنَ بَيْتِى وَمِنْبَرِى رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ وَمِنْبَرِى عَلَى حَوْضِى» .
وبه قال: (حدّثنا عمرو بن علي) بفتح العين وسكون الميم ابن بحر بن كثير بالنون والزاي أبو حفص الباهلي الفلاس الصيرفي البصري قال: (حدّثني عبد الرحمن بن مهدي) بفتح الميم وكسر الدال بينهما هاء ساكنة ابن حسان الحافظ أبو سعيد البصري اللؤلؤي قال: (حدّثنا مالك) الإمام الأعظم (عن خبيب بن عبد الرحمن) بضم الخاء المعجمة وفتح الموحدة الأولى الأنصاري المدني (عن حفص بن عاصم) أي ابن عمر بن الخطاب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ما بين بيتي) أي قبري وهو في منزله (ومنبري روضة من رياض الجنة) مقتطعة منها كالحجر الأسود أو تنقل إليها كالجذع الذي حنّ إليه صلوات الله وسلامه عليه أو هو مجاز بأن يكون من إطلاق المسبب على السبب لأن ملازمة ذلك المكان للعبادة سبب في نيل الجنة وفيه نظر سبق في آخر الحج (ومنبري على حوضي) أي يوضع بعينه يوم القيامة عليه والقدرة صالحة لذلك.
وسبق مزيد لذلك في الحج، ومطابقته هنا ظاهرة والمراد بحوضه نهر الكوثر الكائن داخل الجنة لا حوضه الذي خارجها المستمد من الكوثر أو أن له هناك منبرًا على حوضه يدعو الناس عليه إليه.
7336 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا جُوَيْرِيَةُ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: سَابَقَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْخَيْلِ فَأُرْسِلَتِ الَّتِى ضُمِّرَتْ مِنْهَا وَأَمَدُهَا إِلَى الْحَفْيَاءِ إِلَى ثَنِيَّةِ الْوَدَاعِ، وَالَّتِى لَمْ تُضَمَّرْ أَمَدُهَا ثَنِيَّةُ الْوَدَاعِ إِلَى مَسْجِدِ بَنِى زُرَيْقٍ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهِ كَانَ فِيمَنْ سَابَقَ.
وبه قال: (حدّثنا موسى بن إسماعيل) التبوذكي قال: (حدّثنا جويرية) بضم الجيم ابن أسماء البصري (عن نافع) مولى ابن عمر (عن عبد الله) بن عمر رضي الله عنهما أنه (قال: سابق النبي صلى الله عليه وسلم بين الخيل فأرسلت) الخيل (التي ضمرت) بضم الضاد المعجمة وتشديد الميم مكسورة وأرسلت بضم الهمزة والتضمير هو أن تعلف الفرس حتى تسمن ثم ترد إلى القوت وذلك في أربعين يومًا. وقال الخطابي: تضمير الخيل أن يظاهر عليها بالعلف مدة ثم تغشى بالجلال ولا تعلف إلا قوتًا حتى تعرق فتذهب كثرة لحمها، ولأبي ذر عن الكشميهني: فأرسل بفتح الهمزة أي فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم الخيل التي ضمرت (منها) من الخيول (وأمدها) بفتح الهمزة والميم المخففة غايتها (إلى الحفياء) بفتح الحاء المهملة وسكون الفاء بعدها تحتية مهموز ممدود موضع بينه وبين المدينة خمسة أميال أو ستة، وسقطت (إلى) لأبي ذر فالحفياء رفع (إلى ثنية الوداع) بفتح الواو (والتي لم تضمر أمدها) غايتها (ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق) من الأنصار وزيد في المسافة للمضمرة لقوّتها وقصر منها لما لم يضمر لقصورها عن شأو ذات التضمير ليكون عدلاً بين النوعين وكله إعداد للقوّة في إعزاز كلمة الله امتثالاً لقوله تعالى:{وأعدّوا لهم ما استطعتم} [الأنفال: 60](وإن عبد الله) بن عمر رضي الله عنهما (كان فيمن سابق) قال المهلب: فيما نقله عنه ابن بطال في حديث سهل في مقدار ما بين الجدار والمنبر سُنّة متّبعة في موضع المنبر ليدخل إليه من ذلك الموضع، ومسافة ما بين الحفياء، والثنية لمسابقة الخيل سُنّة متّبعة أي يكون ذلك سُنّة متّبعة وأمدًا للخيل المضمرة عند السباق.
والحديث سبق في الصلاة في باب هل يقال مسجد بني فلان وسقط لأبي ذر من قوله وأمدها إلى آخره وثبت لغيره.
7337 -
: حَدّثَنَت قُتَيْبَةُ، عَنْ لَيْث، عَنْ نافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ ح.
وَحَدَّثَنِى إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عِيسَى وَابْنُ إِدْرِيسَ، وَابْنُ أَبِى غَنِيَّةَ، عَنْ أَبِى حَيَّانَ، عَنِ الشَّعْبِىِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ: سَمِعْتُ عُمَرَ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد (عن ليث) هو ابن سعد الإمام (عن نافع) مولى ابن عمر (عن ابن عمر) عبد الله بهذا وهذا الطريق كما قال في فتح الباري يتعلق بالمسابقة فهو متابعة لرواية جويرية بن أسماء السابقة عن نافع (ح) للتحويل قال المؤلّف.
(وحدّثني) بالواو والإفراد ولأبي ذر: حدّثنا بسقوط الواو وبالجمع (إسحاق) هو ابن إبراهيم المعروف بابن راهويه كما جزم به أبو نعيم والكلاباذي وغيرهما قال: (أخبرنا عيسى) بن يونس بن أبي إسحاق عمرو بن عبد الله الهمداني السبيعي (وابن إدريس) هو عبد الله بن إدريس بن يزيد الكوفي (وابن أبي غنية) بفتح الغين المعجمة وكسر النون وتشديد التحتية المفتوحة هو يحيى بن عبد الملك بن حميد بن أبي غنية الكوفي الأصبهاني الأصل ثلاثتهم (عن أبي حيان) بفتح الحاء
المهملة والتحتية المشدّدة وبعد الألف نون يحيى بن سعيد بن حيان التيمي تيم الرباب (عن الشعبي) عامر بن شراحيل (عن ابن عمر رضي الله عنهما) أنه (قال: سمعت عمر) بن الخطاب (على منبر النبي صلى الله عليه وسلم):
وسبق تمامه في الأشربة في باب ما جاء في أن الخمر ما خامر العقل فقال: إنه قد نزل تحريم الخمر وهي من خمسة أشياء العنب والتمر والحنطة والشعير والعسل، والخمر ما خامر العقل الحديث ففي سياق المؤلّف له هنا فيه إجحاف في الاختصار، ولذا استشكل سياقه مع سابقه بعض الشراح فظن أن سياق حديث قتيبة السابق لهذا الحديث الذي هو حديث ابن عمر عن عمر المختصر من حديث الأشربة هذا. قال في الفتح: وهو غلط فاحش
فإن حديث عمر من أفراد الشعبي عن ابن عمر عن عمر، وسبب هذا الغلط ما ذكرته من المبالغة في الاختصار فلو قال بعد قوله في حديث قتيبة بعد قوله عن ابن عمر بهذا كما ذكرته لارتفع الإشكال كذا قرره في الفتح فليتأمل، فإن ظاهر التحويل يُشعِر بأن السابق للاحق وإن لم يكن بلفظه على ما هي عادة المؤلّف وغيره. وقال العيني بعد إيراده لذلك أخرجه من طريقين أحدهما عن قتيبة والآخر عن إسحاق، وقد سقط قوله حدّثنا قتيبة إلى قوله حدّثني إسحاق لغير كريمة وثبت لها.
7338 -
حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، أَخْبَرَنِى السَّائِبُ بْنُ يَزِيدَ سَمِعَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ خَطَبَنَا عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وبه قال: (حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم بن شهاب أنه قال: (أخبرني) بالإفراد (السائب بن يزيد) الصحابيّ رضي الله عنه أنه (سمع عثمان بن عفان) رضي الله عنه حال كونه (خطيبًا) وفي رواية خطبنا بنون المتكلم مع غيره بلفظ الماضي وهو الذي في اليونينية أي خطبنا عثمان (على منبر النبي صلى الله عليه وسلم).
وهذا حديث أخرجه أبو عبيد في كتاب الأموال من وجه آخر عن الزهري فزاد فيه يقول هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليؤدّه.
7339 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ أَنَّ هِشَامَ بْنَ عُرْوَةَ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ يُوضَعُ لِى وَلِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْمِرْكَنُ فَنَشْرَعُ فِيهِ جَمِيعًا.
وبه قال: (حدّثنا محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشدّدة أبو بكر العبدي مولاهم الحافظ بندار قال: (حدّثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي بالسين المهملة البصري قال: (حدّثنا هشام بن حسان) القردوسي بضم القاف والدال المهملة بينهما راء ساكنة وبسين مهملة مكسورة الأزدي مولاهم الحافظ (أن هشام بن عروة حدّثه عن أبيه) عروة بن الزبير (أن عائشة) رضي الله عنها (قالت: كان) ولأبي ذر قد كان (يوضع لي ولرسول الله صلى الله عليه وسلم هذا المركن) بكسر الميم وفتح
الكاف بينهما راء ساكنة بعدها نون الإجانة التي يغسل فيها الثياب قاله الكرماني وغيره، وقال الخليل: شبه تور من أدم، وقال غيره شبه حوض من نحاس. قال في الفتح: وأبعد من فسره بالإجانة بكسر الهمزة وتشديد الجيم ثم نون لأنه فسر الغريب بمثله والإجانة هي القصرية بكسر القاف. قال العيني متعقبًا، قال ابن الأثير: المركن الإجانة التي يغسل فيها الثياب والميم زائدة وكذا فسره الأصمعي (فنشرع فيه جميعًا) أي نتناول منه بغير إناء.
وسبق في باب غسل الرجل مع امرأته من كتاب الغسل قالت: كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد من قدح يقال له الفرق. قال ابن بطال فيما حكاه في الفتح فيه سُنّة متّبعة لبيان مقدار ما يكفي الزوج والمرأة إذا اغتسلا.
7340 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا عَاصِمٌ الأَحْوَلُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: حَالَفَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الأَنْصَارِ وَقُرَيْشٍ فِى دَارِى الَّتِى بِالْمَدِينَةِ.
وبه قال: (حدّثنا مسدد) هو ابن مسرهد قال (حدّثنا عباد بن عباد) بفتح العين والموحدة المشددة فيهما ابن حبيب بن المهلب المهلبي أبو معاوية من علماء البصرة قال (حدّثنا عاصم الأحول) بن سليمان أبو عبد الرحمن البصري الحافظ (عن أنس) رضي الله عنه أنه (قال: حالف) بالحاء المهملة وباللام المفتوحة بعدها فاء أي عاقد (النبي صلى الله عليه وسلم بين الأنصار) من الأوس والخزرج (وقريش) من المهاجرين على التناصر والتعاضد (في داري التي بالمدينة). وهذا موضع الترجمة وهو آخر هذا الحديث والتالي حديث آخر وهو قوله:
7341 -
وَقَنَتَ شَهْرًا يَدْعُو عَلَى أَحْيَاءٍ مِنْ بَنِى سُلَيْمٍ.
(وقنت) عليه الصلاة والسلام (شهرًا) بعد الركوع (يدعو على أحياء) بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة (من بني سليم). بضم السين وفتح اللام لأنهم غدروا بالقراء وقتلوهم وكانوا سبعين من أهل الصفة يتفقرون العلم ويتعلمون القرآن وكانوا ردءًا للمسلمين إذا نزلت بهم نازلة وكانوا حقًّا عمار المسجد وليوث الملاحم ولم ينج منهم إلا كعب بن زيد الأنصاري من بني النجار فإنه تخلص وبه رمق فعاش حتى استشهد يوم الخندق وكان ذلك في السنة الرابعة. وفي رواية بالمغازي قنت شهرًا في صلاة الصبح يدعو على أحياء من أحياء العرب على رعل وذكوان وعصية وبني لحيان، وساق المؤلّف هنا حديثين اختصرهما وسبق كلٌّ منهما بأتم مما ذكره هنا.
7342 -
حَدَّثَنِى أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ حَدَّثَنَا بُرَيْدٌ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ قَالَ: قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَلَقِيَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَقَالَ لِى انْطَلِقْ إِلَى الْمَنْزِلِ فَأَسْقِيَكَ فِى قَدَحٍ شَرِبَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَتُصَلِّى فِى مَسْجِدٍ صَلَّى فِيهِ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم فَانْطَلَقْتُ مَعَهُ فَسَقَانِى سَوِيقًا وَأَطْعَمَنِى تَمْرًا وَصَلَّيْتُ فِى مَسْجِدِهِ.
وبه قال: (حدّثني) ولأبي ذر بالجمع (أبو كريب) بضم الكاف محمد بن العلاء قال: (حدّثنا أبو أسامة) بضم الهمزة حماد بن أسامة
قال: (حدّثنا بريد) بضم الموحدة وفتح الراء ابن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري (عن أبي بردة) بضم الموحدة عامر أو الحارث أنه (قال: قدمت المدينة) طيبة (فلقيني عبد الله بن سلام) بتخفيف اللام وعند عبد الرزاق من طريق سعيد بن أبي بردة عن أبيه قال: أرسلني أبي إلى عبد الله بن سلام لأتعلم منه فسألني من أنت فأخبرته فرحب بي. (فقال لي: انطلق إلى المنزل) أي انطلق معي إلى منزلي فأل بدل من المضاف إليه (فأسقيك) بالنصب (في قدح شرب فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصلي في مسجد صلّى فيه النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلقت معه) إلى منزله (فسقاني) ولأبي ذر فأسقاني بهمزة مفتوحة بعد الفاء (سويقًا وأطعمني تمرًا وصليت في مسجده) وفي المناقب فقال: ألا تجيء فأطعمك سويقًا وتمرًا وتدخل في بيت بالتنكير للتعظيم لدخول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه.
7343 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِى كَثِيرٍ حَدَّثَنِى عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ عُمَرَ - رضى الله عنه - حَدَّثَهُ قَالَ: حَدَّثَنِى النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَتَانِى اللَّيْلَةَ آتٍ مِنْ رَبِّى وَهْوَ بِالْعَقِيقِ أَنْ صَلِّ فِى هَذَا الْوَادِى الْمُبَارَكِ وَقُلْ عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ. وَقَالَ هَارُونُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَلِىٌّ عُمْرَةٌ فِى حَجَّةٍ.
وبه قال: (حدّثنا سعيد بن الربيع) بكسر العين أبو زيد الهروي نسبة لبيع الثياب الهروية قال: (حدّثنا علي بن المبارك) الهنائي (عن يحيى بن أبي كثير) بالمثلثة الإمام أبي نصر اليمامي الطائي مولاهم أحد الأعلام أنه قال: (حدّثني) بالإفراد (عكرمة) مولى ابن عباس (عن ابن عباس) رضي الله عنهما ولأبي ذر قال حدّثني بالإفراد ابن عباس (أن عمر) بن الخطاب (رضي الله عنه حدّثه قال: حدّثني) بالإفراد (النبي صلى الله عليه وسلم) أنه (قال):
(أتاني الليلة آتٍ من ربي) ملك أو هو جبريل (وهو بالعقيق) وادٍ بظاهر المدينة (أن صل) سُنّة الإحرام (في هذا الوادي المبارك وقل عمرة وحجة) فيه أنه كان قارنًا وروي بالنصب بفعل مقدّر نحو نويت أو أردت عمرة وحجة.
وسبق الحديث في أوائل الحج.
(وقال هارون بن إسماعيل) أبو الحسن الخزاز بالمعجمات البصري مما وصله عبد بن حميد في مسنده وعمر بن شبة في أخبار المدينة كلاهما عنه (حدّثنا علي) هو ابن المبارك فقال في روايته (عمرة في حجة). أي مدرجة في حجة فخالف سعيد بن الربع في قوله عمرة وحجة بواو العطف.
7344 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَقَّتَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم قَرْنًا: لأَهْلِ نَجْدٍ وَالْجُحْفَةَ لأَهْلِ الشَّأْمِ وَذَا الْحُلَيْفَةِ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ: قَالَ سَمِعْتُ هَذَا مِنَ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَبَلَغَنِى أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمُ» وَذُكِرَ الْعِرَاقُ فَقَالَ: لَمْ يَكُنْ عِرَاقٌ يَوْمَئِذٍ.
وبه قال: (حدّثنا محمد يوسف) البيكندي قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن عبد الله بن دينار) المدني (عن ابن عمر) رضي الله عنهما أنه قال: (وقت النبي صلى الله عليه وسلم) بتشديد القاف أي جعل حدًّا يحرم منه ولا يتجاوز أو من الوقت على بابه يعني أنه علق الإحرام بالوقت الذي يكون الشخص فيه في هذه الأماكن فعين (قرنًا) بفتح القاف وسكون الراء وهو على مرحلتين من مكة (لأهل نجد) بفتح النون وسكون الجيم بعدها دال مهملة وهو ما ارتفع والمراد هنا ما ارتفع من تهامة إلى أرض العراق (و) عين (الجحفة) بالجيم المضمومة والحاء المهملة الساكنة بعدها فاء قرية على خمس أو ست مراحل من مكة (لأهل الشام) زاد النسائي ومصر (وذا الحليفة) بضم الحاء المهملة وبالفاء مصغرًا مكان بينه وبين مكة مئتا ميل غير ميلين وبين المدينة ستة أميال (لأهل المدينة) النبوية فأل في المدينة للغلبة كالعقبة لعقبة أيلة والبيت للكعبة (قال) ابن عمر (سمعت هذا من النبي صلى الله عليه وسلم، وبلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ولأهل اليمن يلملم) بفتح اللامين والتحتية وسكون الميم الأولى جبل من جبال تهامة على ليلتين من مكة والياء فيه بدل من همزة ولا يقدح فيه قوله بلغني إذ هو عمن لم يعرف لأنه إنما يروى عن صحابي وهم عدول (وذكر العراق) بضم الذال مبنيًّا للمجهول (فقال) ابن عمر: (لم يكن عراق يومئذٍ) أي لم يكن أهل العراق في ذلك الوقت مسلمين حتى يوقت لهم عليه الصلاة والسلام ميقاتًا.
وسبق الحديث في أوائل الحج.
7345 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ حَدَّثَنِى سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ أُرِىَ وَهْوَ فِى مُعَرَّسِهِ بِذِى الْحُلَيْفَةِ فَقِيلَ لَهُ إِنَّكَ بِبَطْحَاءَ مُبَارَكَةٍ.
وبه قال: (حدّثنا عبد الرحمن بن المبارك) العيشي بالتحتية والمعجمة الطفاوي البصري قال: (حدّثنا الفضيل، بضم الفاء وفتح الضاد المعجمة ابن سليمان النميري قال: (حدّثنا موسى بن عقبة) مولى آل الزبير الإمام في المغازي قال: (حدّثني) بالإفراد (سالم بن عبد الله عن أبيه) عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أُري) بضم الهمزة وكسر الراء (وهو في معرّسه) بضم الميم وفتح العين المهملة