الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقدمة:
أن الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
وبعد،
هذه دراسة موجزة عن الاستشراق والتبشير تلبية لرغبة عزيزة من كلية الشريعة بجامة قطر. وصادفت هذه الرغبة هوى في نفسي، خاصة بعد أن أثمرت جهود المستشرقين والمنصرين في بعض أقطارنا العربية بعض ثمارها على المستوى الثقافي والفكري في بعض منها، وعلى المستوى التعليمي والإعلامي في بعضها الآخر.
وسمعنا وقرأنا من يردد آراء المستشرقين في طلب المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث والطلاق وتعدد الأزواج وتكوين الأسرة غير التقليدية.
ولست ممن يقولون إن الاستشراق أو المستشرقين يجمعهم حكم واحد، أو كلهم على رأي واحد في موقفهم من الإسلام وقضاياه، لا، بل إن الإنصاف يقضي علينا أن نقول: إن منهم منصفين للإسلام القضايا المسلمين، ولقد أفدنا من دراستهم الكثيرة حول قضايا الإسلام ينبغي أن لا ننكر ذلك ولا نشك فيه، ولكن مما لا أشك فيه أن
الاستشراق والتنصير كانا من أخطر الوسائل التي سلكها الاستعمار في تنفيذ سياسته في العالم الإسلامي، ولا أشك في أنهما وجهان لعملة واحدة، وهو موقف الصليبية المعاصرة من العالم الإسلامي، أقول الصليبية ولا أقول المسيحية، وينبغي أن يكون القارئ على وعي بالفروق الجوهرية بينهما.
لأن المسيحية دين نؤمن بما نزل منه على عيسى عليه السلام، أما الصليبية المعاصرة، فهي موقف وأيديولوجية، هي تكوين سياسي وثقافي نرفضه ونحاربه.. نرفضه كاتجاه ثقافي يهدف إلى احتواء الإسلام بحضارته وثقافته، الصليبية موقف واتجاه يهدف إلى تذويب حضارتنا وخصوصيتنا في حضارة الغرب وثقافته، ولعل رءوس الفتن التي تطل علينا بين الحين والآخر تحت ستار التنوير والتقدمية هي من آثار جهود هاتين الظاهرتين، وهذه الدراسة الموجزة التي أقدمها؛ تلبية لرغبة كلية الشريعة آمل أن تكون محققة للمطلوب منها. توخينا فيها الإيجاز غير المخل بالمقصود مكتفين بإثارة القضايا الكبرى التي التي تمثل المحاور العامة والأهداف الكبرى والمقصودة، رغبة في توضيحها وتعريفها لتكشف النقاب عن هذه الروح الصليبية التي يتعامل به الغرب مع العالم الإسلامي، وليس ذلك من باب إثارة الأحقاد وزرع الضغائن، وإنما من باب تجلية المواقف وكشف الحقائق، تناولنا خلال القسم الأول ظاهرة الاستشراق وارتباطها تاريخيًّا بالحروب الصليبية، ثم بيَّنَّا موقف المستشرقين من أهم القضايا الكبرى؛ القرآن، النبي، "والفكر الإسلامي" مؤيدين ذلك بنصوصهم
لكما أمكن ذلك، ثم أوضحنا الأخطاء التاريخية والمنهجية والزيف والافتراء الذي وقعوا فيه بسبب بعدهم عن روح الإنصاف وعدم التحلي بطلب الحق وقصده.
وفي القسم الثاني تناولنا قضية التنصير في العالم الإسلامي، وركزنا بصفة خاصة على نشاط المنصرين في الجزيرة العربية وبينَّا وسائلهم في التنصير وسياستهم في الالتفاف حول الحرمين الشريفين في الجزيرة العربية، وحول دور الأزهر الشريف في مصر.
ونحن نعلم سلفا أن طبيعة هذه الدراسة تحتاج إلى التفصيل والشرح رغبة في إزالة الشبهات التي قد يثيرها هذا أو ذلك حول هذا الموضوع الذي نعترف بأهميته وخطورته معًا، ولكن حسبنا في هذا المقام أن تجيء هذه الدراسة وافية بالمطلوب منها، وأن تحقق الغرض الذي انتدبنا له ونحيل القارئ الكريم إلى المطولات والمصادر التاريخية التي تحقق مقصودة في معرفة التفصيلات ونلتمس منه العذر في قصدنا إلى الإيجاز والاختصار. والله من وراء القصد، ونسأله سبحانه أن يجعل عملنا كله خالصا لوجه الكريم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
محمد الجليند
14 رجب سنة 1413هـ
7 ديسمبر سنة 1995م.