المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌موقف المستشرقين من الفكر الإسلامي ‌ ‌مدخل … موقف المستشرقين من الفكر الإسلامي: تنوعت اهتمامات - الاستشراق والتبشير

[محمد السيد الجليند]

الفصل: ‌ ‌موقف المستشرقين من الفكر الإسلامي ‌ ‌مدخل … موقف المستشرقين من الفكر الإسلامي: تنوعت اهتمامات

‌موقف المستشرقين من الفكر الإسلامي

‌مدخل

موقف المستشرقين من الفكر الإسلامي:

تنوعت اهتمامات المستشرقين بالإسلام وتعددت اتجاهاتهم، بحيث شملت كل فروع الثقافة تقريبا، وأسسوا مدارس وأقساما في الجامعات الأوربية تخصصت في هذه الدراسات الشرقية، واستقدموا لها بعض أبناء العالم الإسلامي؛ ليتعلموا بها عن طريق المنح الدراسية، وعن طريق التبادل الثقافي بين الجامعات، وحصل كثير من أبناء العالم الإسلامي على درجاتهم العلمية من هذه الجامعات الأروبية، ومن جهة أخرى عملت بعض الدول الأوربية على إنشاء جامعات ومدارس في كثير من البلاد الإسلامية تعمل تحت إشرافها العلمي وخططها الدراسية، ولا تكاد تخلو بلد إسلامي من هذا النوع من المؤسسات التعليمية التي تخضع في تمويلها ومناهجها العلمية لدول أوربا، وفي معظم الأحوال فإن أبناء هذه المدارس وخريجيها يكون ولاؤهم الثقافي والحضاري والسياسي لهذه الدول التي تلقوا تعليمهم فيها أو تحت إشرافها.

ومن الجهود التي قام بها المستشرقون، أنهم قاموا بوضع الموسوعات العلمية الإسلامية مثل دوائر المعارف المختلفة مثل دائرة المعارف الإسلامية، والقاموس الإسلامي، والمعجم المفهرس لألفاظ الحديث، ورغم الأخطاء الكثيرة التي وقعت في دائرة المعارف الإسلامية وفي المعجم المفهرس لألفاظ الحديث، إلا أن هذه الأعمال قد أدت خدمات جليلة للباحثين ووفرت كثيرا من الجهد والوقت.

ص: 25

للدرسين، والأخطاء التي وقعت في هذه الدوائر المعرفية قد انتقلت منها إلى كثير من أعمال الدارسين، وقبلوها على أنها قضايا مسلمة وشاعت هذه الأخطاء بين المهتمين بالدراسات الإسلامية من العرب وغيرهم.

كذلك امتدت نشاطات المستشرقين في مجال الدراسات العربية والإسلامية فعقدوا المؤتمرات والندوات وألقوا المحاضرات في الجامعات العربية والإسلامية، فضلا عن تأليف الكتب والاشتغال بتحقيق التراث العربي والإسلامي في مجالات كثيرة كما تسللوا إلى المجامع اللغوية في كثير من البلاد، فأصبح بعضهم أعضاء عاملين في مجمع اللغة العربية بمصر، وفي سوريا، وبغداد، والمغرب وتونس، ولا تكاد تخلو جامعة أوربية الآن من قسم متخصص في الدراسات الشرقية والإسلامية، وكانت أكثر دول أوروبا اهتماما بهذه القضية هي فرنسا، فأنشأت بها أقدم مدرسة للدراسات العربية منذ القرن الثاني عشر في "دايمس" بأمر البابا سلفستر، ثم مدرسة شارتر سنة 1117م، وأنشأ البابا هونوريوس معهدا للغات الشرقية سنة 1285م، كما أنشيء أخيرا كرسي للغات الشرقية الدراسات الإسلامية بباريس والسوربون، فضلا عن المدارس الكثيرة التي انتشرت في أنحاء كثيرة من فرنسا لهذا الغرض، ثم أنشأت فرنسا معاهد كثيرة في البلاد الإسلامية التي احتلتها، فأنشأت المعهد الفرنسي للآثار الشرقية بمصر في المنيرة سنة 1880م، وأنشأت كلية بورجاد في تونس سنة

ص: 26

1841م، ثم تحولت إلى جامعة للآداب العربية، وأنشأت مدرسة الآداب العالية بالجزائر سنة 1881م، ثم تحولت إلى جامعة سنة 1909م، وكذلك أنشأت في المغرب معهدًا للدراسات المغربية بالرباط سنة 1931م، ولها في دمشق المعهد الفرنسي سنة 1922م، وكذلك المعهد الفرنسي بطهران الذي أنشئ سنة 1948م.

ولقد أخذت معظم دول أوربا تحذو حذو فرنسا في الاهتمام بالدراسات الاستشراقية فأنشأت أقساما ومعاهد ومدارس مختلفة للدراسات الشرقية كما هو الحال في جامعة إيطاليا، وانجلترا، وأسبانيا والبرتغال، والنمسا، وهولندا، وألمانيا، والدنمارك، والسويد، والمجر، وروسيا، وأمريكا.. إلخ، وبعض هذه الدول قد أسست في كثير من البلدان التي تقع تحت نفوذها معاهد أو كليات تابعة لهم، كما فعلت أمريكا في بيروت ومصر وتركيا، غيرها، حيث أنشأت بكل منها جامعة مستقلة تسمى الجامعة الأمريكية يتسرب من خلال نشاطها الثقافي مبادؤها وأهدافها إلى الجامعات والمؤسسات التربوية في هذه الشعوب.

ولقد اختلفت مواقف المستشرقين من الفكر الإسلامي وقضاياه تبعا لاختلاف أديانهم أو مذاهبهم الفكرية والسياسية؛ لأننا نجد بين صفوف المستشرقين اليهودي الحاقد على الإسلام وأهله، والمسيحي الراهب المبشر بدينه، والشيوعي الملحد الذي لا دين له، ولا بد أن تختلف مواقف هؤلاء جميعا تبعا لانتمائهم الفكري والعقائدي، ولكن

ص: 27

على سبيل العموم كان أسوأ هؤلاء جميعا هم المستشرقون اليهود، فمنهم من يتهم الإسلام بأنه دين فرضه محمد وأتباعه بقوة السيف والحروب.

وفيهم من ينكر نبوة محمد أصلا، ويرى أن ما جاء به من تعاليم قرآنية أخذها عن أحبار اليهود وكهنة النصارى.

ومن المستشرقين من يتهم إله المسلمين بأنه متعالٍ جبار بينما إله النصارى عطوف ودود متواضع ظهر الناس في صورة واحد منهم وهو عيسى ابن مريم، ولا يكاد يخلو كتاب استشراقي يتصل بالإسلام ونبيه إلا وهو يقطر سما وحقدا على الإسلام والمسلمين، ويفصح بعض المستشرقين عن هذا الحقد المعلن في تعليق صريح له، على الحملات الصليبية فيقول: وهكذا تقهقرت قوة الهلال أمام راية الصليب، وانتصر الإنجيل على القرآن، وعلى ما تضمنه من قوانين الأخلاق الساذجة.

وقد يطول بنا المقام لو أردنا التفضيل في موقف المستشرقين من الفكر الإسلامي وعلمائه، ولكننا سوف نقصر دراستنا هنا على نقاظ محددة أراها أكثر مناسبة للمقام حسب المساحة المحددة لنا في هذا الكتاب.

ص: 28