المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ التمهيد للاستعمار: - الاستشراق والتبشير

[محمد السيد الجليند]

الفصل: ‌ التمهيد للاستعمار:

وهذه الأهداف التبشيرية كانت واضحة تماما في كتابات المستشرقين قديما وحديثا مما مهد الطريق لحملات التبشير في العصر الحديث، حيث التقت أهداف الاستشراق والتبشير في العمل على بذر الشكوك حول عقيدة المسلم ورسوله؛ ليخرجوا المسلم عن دينه إن استطاعوا، فإذا عجزوا عن تحقيق هذا الهدف فلا أقل من أن يتركوه بلا دين ولا عقيدة كما صرح بذلك "زويمر" وصدق الله العظيم حيث يقول:{وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ} [البقرة: الآية 120] .

ص: 20

2-

‌ التمهيد للاستعمار:

لم يكن استيلاء صلاح الدين الأيوبي على بيت المقدس بالأمر الذي ينساه الغرب، بل إن الأمل في السيطرة عليه وتخليصه من أيدي المسلمين ظل حلما وأملا بالنسبة للصليبيين، ولذلك فإن الحملات الصليبية تكررت كثيرا على بيت المقدس؛ لتحقيق هذا الهدف، وكان من الوسائل التي سلكها الغرب لتحقيق هدفهم محاولة دراسة ما يتعلق بشؤون البلاد وأحوال الناس فيها، وهذا الدور الذي قام به المستشرقون قد مهد السبيل للاستعمار لكي يحتل بلاد المسلمين بأيسر السبل وأقصرها معا، فلم يكد ينتهي القرن التاسع عشر إلا وقد احتل الغرب معظم البلاد الإسلامية والعربية بصفة خاصة، فوضعت فرنسا يدها على سوريا ولبنان ومعظم دول شمال أفريقيا الإسلامية، ووضعت انجلترا يدها على مصر والسودان والعراق والأردن

ص: 20

وفلسطين وكثير من إمارات الخليج العربي واليمن، وبدأ الاستعمار يتعامل بأسلوب جديد مع شعوب هذه المناطق، حيث عمل على إضعاف روح المقاومة في نفوس المسلمين؛ ليجعل منهم شعوبا قابلة للاستعمار فكرا وثقافة وحضارة وعقيدة، وهذا أخطر ما أصيب به العالم الإسلامي؛ قابليته للاستعمار بأشكاله وأساليبه الحديثة والمعاصرة، وكان من أهم وسائل الاستعمار في ذلك ما يلي:

أ- التشكيك في ماضي هذه الأمة، في تراثها وحضارتها، حتى إذا فقد المسلم ثقته في نفسه أخذ يبحث له عن هوية وانتماء يعيد به ثقته في نفسه ويجد فيه الأمان المفقود، فيرتمي في أحضان الغرب تقليدا واتباعا، وظهرت مصطلحات: التنوير، التقدمية، كمبررات لتقليد الغرب والارتقاء في أحضانه.

ب- وضع مفاهيم جديدة وطرحها على الرأي العام خلال أجهزة الإعلام التي نجح الاستعمار في استقطاب كثير من العاملين بها؛ ليقوموا نيابة عنهم بهذه المهمة، بقصد إضعاف روح الانتماء الإسلامي والعربي، فطرحوا الفكر القومي بدلا من الانتماء الإسلامي، وعملوا على إحياء الفرعونية في مصر، والفينيقية والآشورية في بلاد العراق والشام، والكردية والفارسية والتركية كلٌّ في موطنه، بعد أن كانت هذه الأقطار المترامية يجمعها رباط واحد هو الإسلام، وخلافة واحدة هي الخلافة العثمانية، ولقد روج المستشرقون ومن سار في ركبهم لهذه الروح الجاهلية التي كان القضاء عليها هدفا من أهداف الإسلام وانفراط عقد

ص: 21