الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1-
في العلوم الرياضية:
إن تاريخ الرياضيات المعاصر يدين بالفضل إلى حدٍّ كبير لتراث العرب وما خلفوه من مؤلفات في هذا العلم ظلت حبيسة المكتبات والمتاحف وفي بطون المخطوطات إلى وقت قريب، وللأسف الشديد فقد اهتم غير المسلمين وغير العرب بهذا التراث، ونفضوا عنه غبار الزمن، وفتحوا له صدورهم وعقولهم، وأنشأوا لإحيائه المؤسسات والمراكز البحثية، ورصدوا لطباعته ونشره الميزانيات الضخمة، بل إن العرب والمسلمين لم يعرفوا قيمة هذا التراث إلا بعد أن وقف الغرب على نشره وتحقيقه الجهود الكبيرة، ولعل من أكبر المهتمين بإبراز دور العرب في النهضة العلمية في أوربا "جورج سارتون" في كتابه "تاريخ العلم"، و"ل. ديورانت" في كتابه "قصة الحضارة"، كما أفرد العالم الإيطالي "أولدو ميلي OLDO MIELI" مجلدًا خاصًّا لبيان فضل العرب في الرياضيات، وكذلك ينبغي ألا ننكر فضل "يوسكوفيتش" في كتابه "تاريخ الرياضيات"؛ حيث عقد فصلا خاصا أسماه الرياضيات العربية.
ولقد اطلع العرب على علوم الأمم الأخرى حيث امتزجت الحضارة الإسلامية بالحضارات المجاورة للأمم الأخرى في الهند وفارس، وصارت بغداد بوتقة انصهرت فيها هذه الحضارات في مدرستي الكوفة، والبصرة، وفي بغداد العاصمة التي تأسست فيها مدرسة رياضية كبيرة تمت فيها ترجمة رياضيات "أرشميدس" و"بطليموس"، وانتقلت إليها نظريات "فيثاغورس" في الهندسة.
ولم يقف جهد العقل العربي في الرياضيات على مجرد الاختراع فقط بل تعدى ذلك إلى الاختراع والابتكار:
1-
الأعداد:
وقف العرب على نظام الأعداد والترقيم للأمم المجاورة، واستحسنوا فيها الأرقام الهندية فأخذوا بها وطورها ونظموا أشكالها حيث لم تكن موحدة بالشكل الذي نعرفه الآن، فوحدها العرب وهذبوها وتفرع عنها نوعان من الأرقام عرفت إحداهما بالأرقام الهندسية وهي التي يستعملها أكثر شعوب العالم العربي الآن: كما عرفت الثانية بالأرقام الغبارية أو الأرقام "الفاسية" نسبة إلى فاس بالمغرب واشتهرت هذه الأرقام الأخيرة ببلاد المغرب والأندلس ولا زالت تستعمل بها حتى الآن، وهي التي تعرف في أوربا بالأرقام العربية، في سلسلة مضاعفات العشرة والمائة والألف. ومن الجدير بالذكر أن كلمة صفر عربية وهي ترجمة للكلمة السنكريتية sumga وتعني الفراغ. وأول تمثيل الصفر على شكل نقطة ظهر على قرطاس يرجع تاريخه إلى عام 873م1، والصفر لم يكتشف في الهند إلا في القرن الثامن الميلادي ونقله العرب عنهم وبدأوا العمل به قبل أن يتقدم الهنود في استعماله ومن العجيب حقا أن أول كتاب ألف بالعربية
1 إسهام علماء الإسلام في الرياضيات، عبد الله طحطاح، عالم الفكر، المجلد الحادي عشر، العدد الأول، ص286.
وظهر فيه الصفر مرسومًا نقطة كما نرسمه اليوم ظهر سنة 274هـ الموافق 874م. بينما أول نقش هندي ظهر فيه الصفر يرجع تاريخه إلى سنة 876م أي بعد استعمال العرب الصفة في كتبهم بعامين1.
ولا شك أن العالم عرف الأرقام العددية والصفر الهندي عن طريق العرب وليس عن طريق الهنود ولا تزال هذه الأرقام تحمل اسمها العربي إلى اليوم في أوروبا، وكذلك الصفر فإنه في الإنجليزية صيفر "cipher" وفي الألمانية تصفر "ziffer" وفي الفرنسية شيفر "chiffre" وفي الإيطالية شفرا "cifra" وبواسطة الصفر أمكن تحديد مراتب الأعداد وقيمتها حسب موضع الصفر منها يمينا أو يساوا، والعرب لم يفهموا الصفر على أنه عدم كما يفهم الناس ذلك خطأ ولا كما فهمه الأوروبيون أول أمرهم حين سموه "nol"، ويعنون به العدم بل أن الصفر قيمة ما يطرأ بسببها تبدل أساسي على الأعداد المأخوذة معه حسب موضعه فيها يمينا أو يسارا.
ب- ولقد استطاع غياث الدين الكاشي في أول القرن التاسع الهجري أن يستخرج نسبة محيط الدائرة إلى قطرها بصورة أدق مما نعرفه عليها اليوم2.
ج- وأول من ألف في الجبر هو المفكر العربي "الخوارزمي" صاحب كتاب حساب الجبر والمقابلة. واستطاع أن يحل
معادلات من الدرجة الأولى والثانية والثالثة، واستطاع عمر الخيام المتوفى 517هـ حل المعادلات من الدرجة الرابعة، وهذا أرقى ما وصل إليه علماء الرياضيات في عصرنا الحاضر.
د- كما سبق العرب إلى اكتشاف النظرية القائلة بأن مجموع عددين مكعبين لا يكون عددا مكعبا وهذا هو أساس النظرية التي اشتهر بها الرياضي الفرنسي "بيبر" المتوفي سنة 1665م، وفضل العرب على علم التفاضل والتكامل لا ينكره أحد.
1 نشرة معهد المخطوطات العربية سنة 1968م.
2 المنطق الحديث د. قاسم 33.