المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحديث الخامس في التيمم إلى المناكب والآباط - الانتهاء لمعرفة الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء

[عبد السلام علوش]

فهرس الكتاب

- ‌المقَدِّمَة

- ‌الباب الأول

- ‌الفصل الأول: في تعريف خبر الواحد

- ‌الفصل الثاني: في ذكر اتفاق أهل العلمعلى وجوب العمل بخبر الآحاد إلا من شذ

- ‌الفصل الثالث: في ييان أدلة القائلينبالاحتجاج بخبر الآحاد

- ‌باب فيما أورده من لم يحتج بخبر الواحد ورد هذه الدعوى

- ‌الفصل الرابع: في بيان الشروط التي ذكرها أهل العلم للعمل بخبر الواحد

- ‌الفصل الخامس: في ذكر شرطنا في ذكر الحديث

- ‌الباب الثاني

- ‌الفصل الأولفي ذكر الأحاديث التي هي على شرطنا بهذا الكتاب

- ‌الحديث الأول الذي متنه: " من غسَّل ميتاً فليغتسل، ومن حمله فليتوضّأ

- ‌الحديث الثاني الذي متنه: " لا تحدّي بعد يومك هذا

- ‌الحديث الثالث في المسح على النعلين والقدمين

- ‌الحديث الرابعفي النهي عن تنقيص الوضوء عن ثلاث مرات

- ‌الحديث الخامس في التيمم إلى المناكب والآباط

- ‌الحديث السادس: في الذي يقع على جارية امرأته من حديث سلمة بن المحبِّق

- ‌الحديث السابعفي نهي الوالي عن قتل القاتل

- ‌الحديث الثامنفي أكل البرد في رمضان، ولم يصح

- ‌الحديث التاسعفي زكاة الإبل

- ‌الحديث العاشر إلى الحديث العشرين، في السحور بعد الأذان

- ‌أحاديث طلوع الشمس

- ‌ الحديث الحادي عشر حديث حذيفة بن اليمان

- ‌الحديث الحادي والعشرونفي توريث المولى الأسفل معتقه

- ‌الحديث الثاني والعشروناسترقاق ولد الزنا من الحرة

- ‌الحديث الثالث والعشرونفي المتبايعين إن اختلفا

- ‌الحديث الرابع والعشرون والخامس والعشرونفي النهي عن التمتعِ بالحج، أو النهي عن العمرة قبل الحج، والآخر في النهي عن القِران

- ‌الفصل الثاني: في ذكر الأحاديث التي لم يفت بها الفقهاء، وليست على شرط الكتاب لجهة القول بنسخها فقط

- ‌ منها أحاديث في الغسل:

- ‌وصل في بيان حصول الاختلاف علي القول بهذا الخبر بين الصحابة ثم رجوعهم عن ذلك

- ‌وصل آخر في بيان تركهم القول بهذا الخبر من جهة النسخ:

- ‌استلحاق:

- ‌أحاديث قتل شارب الخمر في الرابعة وفيه عن ستة عشر صحابياً سوى المراسيل

- ‌باب آخر فيما جاء من المراسيل في قتل شارب الخمر

- ‌باب ما جاء من الأحاديث في قتل شارب الخمر في الرابعة ونسخ ذلك

- ‌وصل في ذكر المراسيل الواردة في نسخ الخبر:

- ‌الخَاتِمَة

الفصل: ‌الحديث الخامس في التيمم إلى المناكب والآباط

‌الحديث الخامس في التيمم إلى المناكب والآباط

وهذا الحديث لست أعرفه في شيء من الكتب المصنفة التي وقفت عليها إلا من رواية ابن شهاب الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود. ليس هو من غير هذه الطريق.

الوصل الأول: في بيان صحته، وذكر طرقه:

لهذا الحديث ثلاث طرق لا رابع لها:

° الطريق الأولى: وهي التي من رواية ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن عمار.

أ - أخرجها أبو داود قال:

حدثنا أحمد بن صالح، أخبرنا عبد الله بن وهب حدثني يونس عن ابن شهاب قال: إن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، حدثه عن عمار بن ياسر أنه كان يحدث أنهم تمسَّحُوا وهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصعيد لصلاة الفجر.

فضربوا بأكفهم الصعيد، ثم مسحوا وجوههم مسحة واحدة، ثم عادوا فضربوا بأكفهم الصعيد مرة أخرى، فمسحوا بأيدهم كلها إلى المناكب، والآباط من بطون أيديهم ".

ب - وأخرجها ابن ماجه مختصرة المتن قال:

حدثنا أبو الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، ثنا عبد الله بن وهب، أنبأنا يونس بن يزيد. . . فذكر الحديث إلى قوله " بأيديهم " الأولى، ولم يزد.

ص: 186

ج - وأخرجها عبد الرزاق عن معمر عن الزهري، بتمام اللفظ، ومن طريقه أحمد.

د - وأخرجها البيهقي في السنن، تامة المتن قال:

أخبرنا الأستاذ أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك، أنا عبد الله بن جعفر، ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود ثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن عبيد الله عن عمار بن ياسر قال:. . . . إن الناس طفقوا يومئذ يمسحون بأكفهم الأرض فيمسحون وجوههم ثم يعودون فيضربون ضربة أخرى فيمسحون بها أيديهم إلى المناكب والآباط، ثم يصلّون كذلك.

هـ - وهذه طريق أبي داود الطيالسي فإنه قال حدثنا ابن أبي ذئب فذكره

(حكم هذه الطريق):

وهذه الطريق منقطعة، لأن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة لم يدرك عمار بن ياسر.

وهو قول سائر أهل العلم لاتفاقهم على عدم اللقاء بينهما. كما حكاه الزيلعي وغيره.

° الطريق الثانية: وهي التي من رواية الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه عن عمار، فزاد في هذه الطريق:" عن أبيه ".

ص: 187

أ - أخرجها ابن حزم فقال:

روينا من طريق العباس بن عبد العظيم، عن عبد الله بن محمد بن أسماء بن عبيد، عن عمه جويرية بن أسماء، عن مالك بن أنس عن الزهري: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبيه عن عمار بن ياسر قال: " تيممنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسحنا بوجوهنا وأيدينا إلى المناكب ".

وهذه الطريق هي طريق النسائي، والعباس شيخه فيه.

ب - وأخرجها ابن حبان في صحيحه قال: أخبرنا الفضل بن الحباب، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء بن أخي جويرية، قال: حدثنا جويرية، عن مالك عن الزهري. . . فذكره - ولم يذكر الوجه فيه - وإنما قال: تيممنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المناكب ".

ج - وأخرجها الحميدي في مسنده قال: ثنا سفيان قال: ثنا الزهري فذكره كابن حبان.

د - وأخرجها ابن ماجه في سننه قال: حدثنا محمد بن أبي عمر العدني، ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن الزهري به مثل لفظ ابن حبان.

هـ - وأخرجها الشافعي عن الثقة عن معمر عن الزهري به. . فذكره.

ص: 188

و - وأخرجها البيهقي في السنن قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، ثنا أحمد بن عبيد الصفار، ثنا إسماعيل بن إسحاق. وأخبرنا أبو طاهر الحسن بن علي، أنا أبو جعفر، ثنا إسماعيل، ثنا زيد القاضي، ثنا عبد الله بن محمد بن أسماء، ثنا جويرية عن مالك عن الزهري به. . . كلفظ النسائي.

(حكم هذه الطريق):

وهذه الطريق صحيحة إن شاء الله، موصولة.

وأما قول البيهقي: شك سفيان بن عيينة في ذكر أبيه في إسناده.

فمرة يسقطه كالطريق الأولى ومرة يثبته كما هنا.

فالجواب: أنه ليس له ذكر في الروايات التي سقط فيها ذكراً عن أبيه " ولذلك لم يذكر هذه العلة أحد من أصحاب العلل، ولا المضعفين لهذه الطريق، فالوهم هنا من البيهقي، إلا أن يكون ذلك عنده من طريق لم يسقها هو، وليست هي عند أحد من الناس، وهو بعيد جداً.

نعم، الخلاف عنه في ذكراً عن أبيه " أو " عن ابن عباس " كما سيأتي في الطريق الثالثة، فقط.

هذا من وجه.

ومن آخر، أن الحديث لا يدور على سفيان من هذه الطريق الموصولة، بل تابعه على ذلك مالك كما عند النسائي وابن حبان والبيهقي.

فإن طرحت رواية سفيان بقيت رواية مالك.

ص: 189

نعم، الخلاف عن سفيان إنما هو بذكر عمرو بن دينار مرة، وترك ذكره مرّة.

وقد ذكر هذا البيهقي وغيره.

والجواب أنه لا مانع من أن يكون سفيان سمعه من عمرو أولاً عن الزهري، ثم سمعه من الزهري نفسه، فأسقط الواسطة.

ومما يؤكد صحة هذا، ما ذكره الحميدي في مسنده بعد الحديث المذكور، من هذه الطريق التي سقناها عنه قال: حضرت سفيان وسأله يحيى بن سعيد القطان فحدثه وقال فيه - القائل سفيان -: حدثنا الزهري.

ثم قال سفيان: حضرت إسماعيل بن أبي أمية أتى الزهري فقال: يا أبا بكر إن الناس ينكرون عليك حديثين يتحدث بهما.

فقال الزهري: ما هما؟

قال: تيممنا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المناكب.

فقال الزهري: أخبرني عبيد الله بن عبد الله عن أبيه عن عمار.

ثم سأله إسماعيل عن الحديث الآخر. . .

قلت: فتبين من هذا أن سفيان قد سمعه من الزهري في هذا المجلس، إن لم يكن سمعه أيضاً في آخر.

ولما كان سفيان شيخ الحميدي - راوي هذه القصة في مسنده - وهو

ص: 190

من أجل شيوخ البخاري - لم يعد من إسناد أصح من هذا الإسناد، لهذه القصة، فقطعنا بصحة سماعه منه لهذا الحديث بعينه.

وسيأتي بعد ذكر تصحيح الحافظين أبي حاتم وأبي زرعة لهذه الطريق، عند ذكر الطريق الثالثة:

° الطريقة الثالثة: وهي التي عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن عمار بن ياسر.

أ - أخرجها أبو داود قال:

حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف، ومحمد بن يحيى النيسابوري في آخرين، قالوا: أخبرنا يعقوب أخبرنا أبي، عن صالح عن ابن شهاب حدثني عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن عمار بن ياسر:" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرّس بأولات الجيش ومعه عائشة، فانقطع عقد لها من جزع ظفار، فحبس الناس ابتغاء عقدها ذلك حتى أضاء الفجر، وليس مع الناس ماء، فتغيظ عليها أبو بكر رضي الله عنه وقال: حبست الناس وليس معهم ماء، فأنزل الله تعالى ذكره على رسوله رخصة التطهر بالصعيد الطيب، فقام المسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربوا بأيديهم الأرض ثم رفعوا أيديهم ولم يقبضوا من التراب شيئاً، فمسحوا بها وجوهم وأيديهم إلى المناكب، ومن بطون أيديهم إلى الأباط ".

زاد يحيى في حديثه: قال ابن شهاب في حديثه: ولا يعتبر بهذا الناس. وأخرجها ابن الجارود في المنتقى قال:

ص: 191

حدثنا محمد بن يحيى قال ثنا يعقوب بن إبراهيم بن سعد، قال: ثني أبي عن صالح. . فذكره مثل رواية أبي داود.

ب - وأخرجها النسائي قال:

أخبرني محمد بن يحيى. . . فذكره - إلا قول ابن شهاب الذي في آخر الحديث " ولا يعتبر الناس بهذا ".

ج - وأخرجها البيهقي قال:

أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، ثنا أحمد بن جعفر القطيعي ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل حدثني أبي عن صالح عن ابن شهاب. . فذكره.

د - وهذه الطريق مروية عن الإمام أحمد كما ترى، وقد أخرجها في مسنده هكذا.

هـ - وقد روي هذا من طريق محمد بن إسحاق عن الزهري.

وظاهر كلام بعض الأئمة ومقتضاه أن هذا اللفظ قد روي أيضاً من طريق سفيان بن عيينة عن الزهري به، كما سيأتي مع مناقشته.

ولم أقف على هذه الطريق.

(حكم هذه الطريق):

ظاهرها الصحة والسلامة، إلا أن الحفاظ يعفونها بالطريق الثانية المتقدمة، يجعلون الثانية هي الصواب، وأن الثالثة خطأ.

ص: 192

فقد رأيت ابن حاتم في " العلل " يقول: سألت أبي وأبا زرعة، عن حديث رواه صالح بن كيسان وعبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم في التيمم، فقالا:" هذا خطأ، رواه مالك وابن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبيه عن عمار، وهو الصحيح، وهما أحفظ ".

قلت - القائل ابن أبي حاتم -: قد رواه يونس وعقيل وابن أبي ذئب عن الزهري - عن عبيد الله بن عبد الله عن عمار عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهم أصحاب الكتب.

فقالا: " مالك صاحب كتاب، وصاحب حفظ ". انتهى.

قلت: فاستفدنا من مناقشة هؤلاء الحفاظ لهذه الطرق الثلاثة أشياء:

- أولها: أن الطريق الأولى ليست تروى عن سفيان، كما قررناه في الرد على البيهقي.

وذلك أن ابن أبي حاتم، لم يذكره عند محاولته إعلال الطريق الثانية، فإنه من واجب من قام مقامه أن يذكر أجل من روى الطريق الأولى، فما كان له أن يعدل عن ذكر سفيان، ويذكر يونس وعقيلاً وابن أبي ذئب، ويغفل عن سفيان.

- ثانيها: أن الطريق الثالثة كالأولى، ليست تروى عن سفيان، فإن ابن أبي حاتم لم يذكر ذلك في أول سؤاله.

ص: 193

وكذلك فإنهما لما أجاباه بصحة الثانية، ذكرا فيها سفيان بن عيينة مع مالك، ولو كان سفيان روى غير الثانية - كالأولى أو الثالثة مثلاً - لما ناسب ذكره في الطريق الثانية، لأنه عند ذلك يكون ذكره من الإعلال لا من التصحيح، وهما إنما أرادا تصحيح الخبر لا إعلاله.

وهنا يبقى الجواب عما ذكره أبو داود في سننه فإنه قال: " وشك فيه ابن عيينة: مرة قال عن عبيد الله عن أبيه، أو عن عبيد الله عن ابن عباس: ومرة قال: " عن أبيه "، ومرة قال:(عن ابن عباس) انتهى.

فالظاهر أن هذه الطريق التي حكاها أبو داود ولم يروها هو، ولم نقف عليها، ولم يستدل بها الحفاظ، قد جاءت من طريق ضعيفة جداً غير معتبرة، فأسقط الحفاظ ذكرها لعدم ثبوتها، فمثلها لا يستدل به، وذكرها أبو داود في جملة ما اعترض به على رواية سفيان، أو أنها جاءت مغايرة اللفظ، والله أعلم.

ثالثها: أن الحديث محفوظ صحيح من الطريق الثانية بحمد الله تعالى، كما هو قول ابن خزيمة وابن حبان وابن حزم والبيهقي وغيرهم.

ص: 194

الوصل الثاني: بيان ترك القول بهذا الحديث:

قد تقدم لنا قول ابن شهاب: " ولا يعتبر بهذا الناس ".

أي لا يعتبرون بهذا الحديث ويعملون به. وقد قال صاحب عون المعبود: " ولم يذهب أحد إلى التيمم إلى الآباط والمناكب، هكذا قال الزهري، وأما هو - يعني الزهري - فقد ذكر ابن المنذر والطحاوي وغيرهما أنه كان يرى التيمم إلى الآباط " انتهى.

قلت: وقد استقرينا مذاهب الناس فلم نجد من يقول بهذا الخبر، وإنما يفتون بأحاديث مسح الوجه الكفين.

وقد قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله: لم يختلف أحد من العلماء في أنه لا يلزم مسح ما وراء المرفقين.

قلت أنا أبو عبد الله: هذا تفصيل من الخطابي دقيق، لأن القول بمسح المرفقين، كما أشار قد قال به ابن عمر، والحسن، والشعبي، وإبراهيم، وعبد الرزاق.

أخرج جميع ذلك عنهم عبد الرزاق في المصنف وغيره، ولذلك لم نذكر أحاديث المرفقين في هذا الكتاب لأنها ليست على شرطنا. والله أعلم.

ص: 195

الوصل الثالث: في ذكر الأوجه التي ردوا بها هذا الخبر:

الوجه الأول: في ثبوت ما أهو أصح منه بغير هذه الكيفية، وجعله ناسخا له.

قال الحافظ في الفتح: الأحاديث الواردة في صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث أبي جهيم وعمار، وما عداهما فضعيف أو مختلف في رفعه ووقفه، والراجح عدم رفعه.

فأما حديث أبي جهيم فورد بذكر اليدين مجملاً.

وأما حديث عمار: فورد بذكر الكفين - فقط - في الصحيحين.

وبذكر المرفقين في السنن، وفي رواية إلى نصف الذراع، وفي رواية إلى الآباط.

فأما رواية المرفقين، وكذا نصف الذراع ففيهما مقال.

وأما رواية الآباط، فقال الشافعي وغيره: إن كان وقع بامر النبي صلى الله عليه وسلم، فكل تيمم صح للنبي صلى الله عليه وسلم بعده فهو ناسخ له.

ثم قال: ومما يقوي رواية الصحيحين في الاقتصار على الوجه والكفين، كون عمار كان يفتي بعد النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وراوي الحديث أعرف بالمراد به من غيره، ولا سيما الصحابي المجتهد، انتهى.

ص: 196

الوجه الثاني: لمن يشترط عدم مخالفة الراوي لروايته.

فقد عرفت من الجواب الأول أن عماراً كان يفتي بخلافه، فلم يتحقق به هذا الشرط عند القائلين به.

الوجه الثالث: في أن هذا التيمم كان من فعلهم، ولم يكن عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذا حكاه كثيرون من شراح الحديث والفقهاء، فقالوا: ليس في القصة نص بيان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، ولا نص بيان بأنه عليه الصلاة والسلام عرف به بعد فأمرَّه.

وهذا منقول عن الشافعي، والبيهقي، وابن حزم، والسندي، والسيوطي، وكثيرين.

ص: 197