الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
11 -
الحديث الحادي عشر حديث حذيفة بن اليمان
.
أخرجه عبد الرزاق في المصنف قال: عن إسرائيل عن عامر بن شقيق عن شقيق بن سلمة قال: انطلقت أنا وزر بن حبيش إلى حذيفة وهو في دار الحارث بن أبي ربيعة، فاستأذنّا عليه، فخرج إلينا، فأتى بلبن، فقال: اشربا، فقلنا: إنا نريد الصيام. قال: وأنا أريد الصيام، فشرب، ثم ناول زرًّا فشرب، ثم ناولني فشربت، والمؤذن يؤذن في المسجد، قال: فلما دخلنا المسجد أقيمت الصلاة، وهم يغلسون.
قلت: فهو موقوف.
وأخرجه الإمام أحمد في المسند قال: حدثنا عفان، ثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش قال: تسحرت ثم أنطلقت للمسجد فمررت بمسجد حذيفة بن اليمان، فدخلت عليه فأمر بلقحة فحلبت، وبقدر فسخنت، ثم قال: ادن فكل، فقلت إني أريد الصوم.
فقال: وأنا أريد الصوم.
فأكلنا وشربنا، ثم أتينا المسجد فأقيمت الصلاة.
ثم قال حذيفة: هكذا فعل بي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قلت: أبعد الصبح؟!
قال: نعم، هو الصبح غير أن الشمس لم تطلع.
قال: وبين بيت حذيفة وبين المسجد كما بين مسجد ثابت وبستان حوط.
وقد قال حماد أيضاً: وقال حذيفة: هكذا صنعت مع النبي صلى الله عليه وسلم، وصنع بي النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال: حدثنا مؤمل، ثنا سفيان عن عاصم عن زر عن حذيفة قال: كان بلال يأتي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتسحر، وإني لأبصر مواقع نبلي.
قلت: أبعد الصبح؟
قال: بعد الصبح إلا أنها لم تطلع الشمس.
وقال: حدثنا وكيع عن سفيان عن عاصم قال: قلت لحذيفة: أي ساعة تسحرتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع.
وقال: حدثنا يزيد، أنا شريك بن عبد الله عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال: قلت لحذيفة: يا أبا عبد الله، تسحرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.
قلت: أكان الرجل يبصر مواقع نبله؟
قال: نعم، هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع.
وأخرجه ابن جرير قال: حدثنا أبو كريب. قال: ثنا أبو بكر عن عاصم عن زر عن حذيفة قال: قلت: تسحرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: نعم، لو أشاء لأقول هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع.
وحدثنا أبو كريب قال: ثنا أبو بكر، قال؛ ما كذب عاصم على زر، ولا زر على حذيفة. قال قلت له: يا أبا عبد الله تسحرت مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع.
وحدثنا ابن بشار، قال: ثنا مؤمل، قال: ثنا سفيان عن عاصم عن زر عن حذيفة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتسحر وأنا أرى مواقع النبل.
قلت: أبعد الصبح؟
قال: هو الصبح إلا أنه لم تطلع الشمس.
وحدثنا ابن حميد، قال: حدثنا الحكم بن بشير، قال حدثنا عمرو بن قيس وخلاد الصفار عن عاصم بن بهدلة، عن زر بن حبيش قال: أصبحت ذات يوم فغدوت إلى المسجد، فقلت. لو مررت على باب حذيفة، ففتح لي فدخلت، فإذا هو يسخن له طعام، فقال اجلس حتى تطعم.
فقلت: إني أريد الصوم.
فقرب طعامه فأكل، وأكلت معه، ثم قام إلى لقحة في الدار فأخذ يحلب من جانب، وأحلب من جانب، فناولني.
فقلت: ألا ترى الصبح؟
قال: اشرب.
فشربت ثم جئت إلى باب المسجد فأقيمت الصلاة.
فقلت له: أخبرني بآخر سحور تسحرته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فقال: هو الصبح إلا أنها لم تطلع الشمس.
وأخرجه ابن ماجه في سننه قال: حدثنا علي بن محمد، ثنا أبو بكر بن عياش، عن عاصم، عن زر، عن حذيفة قال: تسحرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع.
وأخرجه النسائي من أوجه كثيرة قال: أنبأنا محمد بن يحيى بن أيوب، قال: أنبأ وكيع عن سفيان عن عاصم عن زر قال: قلنا لحذيفة: أي ساعة تسحرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع.
ثم أخرجه موقوفاً من طريقين:
الأول: عن شعبة عن عدي قال سمعت زراً قال تسحرت مع حذيفة. . . فذكره.
الثاني: عن محمد بن فضيل ثنا يعقوب، ثنا إبراهيم، عن صلة بن زفر قال تسحرت مع حذيفة. . .
وأخرجه ابن حزم في " المحلّى " قال: حدثنا حمام بن أحمد، ثنا عبد الله بن محمد الباجي، ثنا محمد بن عبد الملك بن أيمن، ثنا حبيب بن خلف البخاري، ثنا أبو ثور إبراهيم بن خالد، ثنا روح بن عبادة، ثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قال: تسحرت، ثم انطلقت إلى المسجد، فدخلت على حذيفة. . .
فذكر مثل لفظ أحمد الأول، إلا أنه قال:" بعد الصبح. . . " مكان " هو الصبح. . . ".
وقال: حدثنا محمد بن سعيد بن نبات، ثنا عبد الله بن نصر، ثنا قاسم بن أصبغ، ثنا ابن وضاح ثنا موسى بن معاوية، ثنا وكيع عن سفيان الثوري عن عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش قلت لحذيفة: أي وقت تسحرتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
قال: هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع.
وأخرجه سعيد بن منصور عن أبي الأحوص عن عاصم عن زر به، وكذا ابن أبي شيبة.
قلت: فهذه الأسانيد، لا يتطرق إليها الضعف لجهة الراوين عن عاصم بن بهدلة - وهو نفسه ابن أبي النجود، باتفاق - أمثال سفيان الثوري وعنه وكيع ومؤمل، وحماد بن سلمة وعنه روح وعفان، وأبو بكر بن عياش وعنه علي بن محمد وغيره، وغيرهم.
ومن فوقه زر بن حبيش عن حذيفة، - لا كلام - وأما عاصم بن أبي النجود واسم أمه بهدلة: فقد وثقه جميع الناس، ولم يختلف في عدالته أحد.
إلا أن كبار الحفاظ - ومع توثيقهم له - ينتقدون عليه مفاريده، واضطراباته، وسوء في حفظه.
قال ابن أبي حاتم: سألت أبا زرعة عنه فقال: ثقة.
فذكرته لأبي، فقال: ليس هذا محله أن يقال: إنه ثقة، وقد تكلم فيه ابن علية فقال: كان كل من اسمه عاصم سيئ الحفظ.
وقال أبو حاتم أيضاً: محله عندي الصدق، صالح الحديث، ولم يكن بذاك الحافظ.
وقال ابن خراش: في حديثه نكرة.
وقال أبو جعفر العقيلي: لم يكن فيه إلا سوء الحفظ.
وقال الدارقطني: في حفظه شيء.
وقال يعقوب بن سفيان: في حديثه اضطراب، وهو ثقة
وقال ابن رجب في شرح علل الترمذي: وممن يضطرب في حديث سماك، عاصم بن بهدلة.
وقد ذكر الترمذي، أن هؤلاء وأمثالهم، ممن تكلم فيه من قبل حفظه وكثرة خطأه، لا يحتج بحديث أحد منهم إذا انفرد - يعني من الأحكام الشرعية والأمور العلمية - وأن أشد ما يكون ذلك إذا اضطرب أحدهم في الإسناد فزاد فيه أو نقص، أو غيَّر الإسناد أو غيَّر المتن تغييراً يتغتر به المعنى. . . ".
قلت: فهذا أشد مما ذكر ابن رجب، فإنه وإن لم يكن مضطرباً سنداً، لكنه في سياقه اختلاف، فهو مضطرب متناً: فتارة يقول: فأمر بلقحة فحلبت.
ثم يقول: فقام إلى لقحة في الدار، فأخذ يحلب من جانب وأحلب من جانب.
وطوراً يقول: " بعد الصبح ".
ثم يقول: " هو الصبح ".
ومرة يقول: كان بلال يأتي النبي وهو يتسحر، وإني لأبصر مواقع نبلي - والمبصر حذيفة - ومرة يقول:" كان الرجل يبصر مواقع نبله " - والسائل زر.
وقد يجاب عن جميع هذا بأنه يحمل على التعدد في الواقعة، أو حكاية الرواة للحديث بالمعنى.
قلت: وهو جواب محتمل غير مدفوع، لا يقطع فيه.
لكن من يرى كالترمذي - على ما حكى ابن رجب - أن من كان سيئ الحفظ، أو كثير الخطأ، يرد ما جاء عنده من تفرد زائد على الخبر، فمن باب أولى أن يرد الحديث إذا كان الخبر كله مما تفرد به هذا الراوي.
ومع هذا فإن الحافظ ابن حجر في الفتح يصحح هذا الخبر فيقول: " روى سعيد بن منصور عن أبي الأحوص عن عاصم عن زر عن حذيفة قال: تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو والله النهار غير أن الشمس لم تطلع، وأخرجه الطحاوي من وجه آخر عن عاصم نحوه، وروى ابن أبي شيبة وعبد الرزاق ذلك عن حذيفة من طرق صحيحة.
قلت: وإني متوقف في صحة هذا الخبر، لما تقدم.
وصل فيما يستفاد من الخبر على فرض ثبوته وتسمية القائلين به، والجواب عنه:
اعلم أن قول حذيفة في الخبر " إلا أن الشمس لم تطلع " غير مفيد إلا للإسفار في التسحّر، إسفاراً مبهماً غير مفسر، فالسحور على كل حال لا تطلع عنده الشمس، وقوله " إلا " مفيد للقرب قدراً من الزمن يختلف الناس في تحديده وتعيينه اختلافاً كبيراً، بحسب الطباع والعادات، واختلاف تعابير الناس واصطلاحهم في اللفظ، وباختلاف البلدان، بل وباختلاف البلد الواحد، بل وربما القرية الواحدة، بحسب قرب القائل من الوديان أو الجبال وبعدهم عنها، أو المقيمين عليها أو فيها. وكذا يختلف في أيام السنة، وصفاء الجو، ومطالع القمر ومواقيته.
إنما المحدد في هذا الخبر: قوله " هو الصبح " أو " بعد الصبح " فأما الأول فلا إشكال فيه، لأنه هو المقصود ببداية حل الصلاة وتحريم الطعام، فهو موافق للآية والأخبار المتقدمة، إذ الصبح يطلق على الفجر، كما في الأحاديث الصحيحة الكثيرة، كما في صحيح مسلم وغيره " من صلى الصبح فهو في ذمة الله ".
وأما الثاني " بعد الصبح " فهو المشكل جداً الذي لا يرد - على التحقيق - إلا بالمخالفة والشذوذ، وما قدمناه من الإعلال.
أو أن يحمل هذا اللفظ على الأذان الأول، وفيه بعد، ويصرفه ما بعده " إلا أن الشمس لم تطلع " فمثل هذا لا يقال في الأذان الأول مطلقاً.
وما علمت من الفقهاء أحداً يقول بظاهر هذا الخبر البتَّة، وإنما هو
منقول عن بعض الصحابة، بل عن أبي بكر قطعاً بالأسانيد الصحيحة، وعن على احتمالاً مع صحة السند إليه، فإنه قال مرة بعدما صلى الصبح:" الآن حين تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود " رواه عنه ابن المنذر بسند صحيح.
فقطع بعض الناس أن المراد صحة ذهابه إلى جواز السحور بعد الصلاة، وهو غير مقطوع به على الصحيح، للخلاف المشهور في حتى، هل هي تفيد الوصول أو الغاية، فبالقول الأول هي موافقة لظاهر القرآن، وما عينته السنة من أن الأذان بالصبح هو انتهاء وقت إباحة الطعام.
وكذا خبر علي في قصة تسحره في العسكر، فإنه محتمل إن صح له الخبر، وكذا خبر ابن مسعود محتمل أيضاً، لا يقطع فيه بمثل قول أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين.
فإني لا أحل النقل عن علي وابن مسعود، بمثل النقل عن أبي بكر، وأما من التابعين فهو الأعمش، ولم يكن يعمل به، كما هو ظاهر كلامه فإنه قال: " لولا الشهرة لصليت الغداة ثم تسحرت، فمفهومه أنه كان يراه ولا يفعله، ومعناه منقول عن أبي بكر بن عياش راوي هذا الخبر كما قدمنا، ولم يصل إلينا إن كان عمل به أم لا.
لذلك صح تعقب الحافظ على الموفق وغيره في نقلهم الإجماع على خلاف ما ذهب إليه الأعمش.
قلت فصح هذا الحديث على شرطنا، إن كان قال به واحد أو اثنان من الفقهاء أو المحدثين.