الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[رسالتان من الأستاذ فؤاد سيد]
القاهرة
في 10/ 6/ 1965
أستاذنا العلامة الجليل الشيخ عبد الرحمن المعلمي حفظه الله ورعاه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد، فقد سعدت بتلقي رسالتكم الكريمة المؤرخة 28 المحرم 1385، وحمدت الله على جميل أحوالكم وتمام صحتكم وعافيتكم، وإني لأشكركم على هذه المواصلة القلبية النبيلة، ولا حرج عليكم أبدًا في الإقلال من الكتابة إلى أحبابكم، فالجميع يقدّر ظروفكم ويكفيه منكم ما يحمله قلبكم الكبير من الحب الصافي والمودّة الأكيدة، ويكفي أن نسمع عنكم من طريق إخواننا وأحبابنا، وعلى رأسهم الأخ في الله الشيخ سليمان الصنيع بعضَ أخباركم ونشاطكم وخدمتكم الجليلة لسنة رسول الله وحفّاظها الأمناء، زادكم الله من فضله، وأتمّ عليكم نعمته، ومدّ في عمركم لتحقيق رسالتكم النبيلة النافعة للإسلام والمسلمين.
وبخصوص موضوع الوزير "أبو بكر الع? دى"، وأنا الآن لا أضبطها بالنقط أو بالشكل بعدما تضاربت فيها الروايات أمام عيني نتيجةً لبحثكم وبحثي الأخير الذي وصلتُ فيه إلى ما يأتي:
1 -
في "تاريخ ثغر عدن" لبامخرمة المطبوع في أوربا سنة 1950 يذكر صاحبنا في مواضع كثيرة باسم "العَيِّدِي" مضبوطة بالشكل، ويذكر في
الحواشي القراءات الأخرى التي يراها لهذا الاسم وهي: العَبْدى ــ العَيْذيّ ــ العَيِّذيّ ــ العِيديِّ.
2 -
في "خريدة القصر" لابن العماد الأصفهاني، قسم شعراء الشام واليمن والحجاز المطبوع أخيرًا سنة 1964 بتحقيق الدكتور شكري فيصل ترجمة لا بأس بها للرجل من ص 145 ويذكر الاسم فيها "أبو بكر بن أحمد بن محمد العِيْديِّ اليمني" وفي الحواشي يورد الروايات الأخرى التي رآها وهي: العبدي ــ العَيْدي.
3 -
رجعت إلى مخطوطة "الغِيْد في أخبار زبيد" لعمارة اليمني، فرأيت أن الناسخ يذكر الاسم:"العبدي" وترجمته هناك مطولة وحافلة بشعره من ورقة 180 - 232.
4 -
في كتاب ابن المجاور "المستبصر" ص 46 يذكره باسم: العبدي، وفي الحاشية: العيدى.
5 -
وعند الجندي في "السلوك" ترجمة له في لوحة 156 بقوله: "ومنهم أبو العتيق أبو بكر بن أحمد العبدي [بنقطة تحت الموحدة ونقطة تحت الدال للإهمال] نَسَبًا الأبيني بلدًا، من قومه الأع? ود [كذا بدون نقط] جماعة يسكنون أبين ولجح وعدن
…
". وقد أنهى الجندي الترجمة بقوله: وكانت وفاة الأديب بعدن سنة ثمانين وخمسمائة تقريبًا. ومن آثاره في عدن المسجد الذي يُعرف بمسجد العبدي [كذا بنقط الموحدة].
ويبدو أن هذه الترجمة هي التي نقل منها الأهدل.
وقد كان بودّي أن أرجع لكتاب "مشتبه النسبة" لبامخرمة، ــ وهو في الأعم خاص بأهل اليمن والجنوب ــ حيث عادته أن يضبط الإنساب بالعبارة، إلا أنه مع الأسف ليس في مصر نسخة من هذا الكتاب وإن كنت رأيتها في اليمن.
ولا شك أن الأخ هادون العطاس يمكنه أن يكتب إلى من يعرف من العلماء في عدن ــ وأنا أعتقد بوجود هذا الكتاب هناك ــ لمراجعة هذه النسبة وضبطها، وإن كنت أخيرًا بعد هذه البلبلة أميل إلى أن الاسم "العندي". وأن القبيلة "الأعنود".
هذا وسأكتب من جهتي إلى صديقي العزيز القاضي محمد الأكوع محقق كتاب "الإكليل" وصاحب الخبرة في مثل هذه المسائل، ليبحث القضية معنا لعله يصل إلى حقيقة الأمر.
أكرّر شكري لرسالتكم الشريفة، وأدعو لكم بطول العمر، وأسأل الله أن ينفعنا بكم وبعلمكم، ويسدّد خطاكم ويكتب لكم السعادة والهناء والصحة. مع خالص تحياتي واحتراماتي للصديق الكريم والأخ الوفي الشيخ الصنيع. وسأكتب لك قريبًا ردًّا على رسالته التي وصلتني أول أمس فقط.
والسلام عليكم ورحمة الله.
المخلص: فؤاد سيّد.
القاهرة
غرة شوال سنة 1385
أستاذنا الجليل العلامة الشيخ عبد الرحمن المعلمي
…
متَّعه الله بالصحة والعافية والهناء.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكل عام وأنتم بخير وعافية وصحة وسعادة، جعلَ الله كل أيامكم أعيادًا، ومنحكم الصحة والتوفيق ويسّر لكم سبيل الخير والفلاح، وجعلكم من الفائزين المقبولين وبعد:
فيؤسفني أن رسالة سيادتكم الأخيرة وصلتني منذ ثلاثة أيام فقط، رغم أنها مؤرّخة في 21/ 5/1385، وقد أوضحتُ ذلك لأستاذنا الشيخ الصنيع في رسالتي المرفقة مع رسالتكم هذه. فلا حول ولا قوة إلا بالله.
ويهمني أن أذكر لسيادتكم أنه مع الأسف لا يوجد في دار الكتب نسخة مخطوطة من "تاريخ ثغر عدن" حتى أرجع إليها في تحقيق "العبدي". وقد كان لحسن الحظ ــ عند مطالعتي رسالتكم ــ بجانبي الأستاذ حمد الجاسر وتناقشنا في صواب النِّسْبة، وقد سبق له اهتمام بها، ولذلك فقد كتب لسيادتكم الورقة المرفقة مع هذا بخطه
(1)
، ولعلها تلقي ضوءًا على صحة النسبة.
إنني لأعتذر لكم عن هذا التأخير الذي لم تكن لي فيه حيلة، وأسأل الله
(1)
ألحقنا هذه الورقة بعد رسالتَي الأستاذ فؤاد سيد ورسالة الشيخ البيحاني.
أن يعفو عنا جميعًا ويهدينا سواء السبيل، والسلام عليكم ورحمة الله
المخلص فؤاد سيّد
[رسالة من الشيخ البيحاني]
تحريرًا في 27/شوال 1385 هـ
حضرة المحترم الشيخ العلامة الجليل بقية المحققين عبد الرحمن بن يحيى المعلمي حفظه الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بلغني كتابكم الكريم المحرر في 15 الجاري وفيه تسألون عن الشيخ العندي، وأشكركم على عظيم ثقتكم وحسن ظنكم بي مع ما تعرفون من قصر باعي وقلة بضاعتي، والمذكور هو أبو بكر بن أحمد بن محمد العَنَدِي بفتح العين المهملة والنون المنقوطة من أعلى مفتوحة أيضًا وبعدها دال مهملة، وهكذا ينطق بهذا الاسم، وهو نسبة على قرية يقال لها (العَنَد) شمال حوطة لحج العاصمة على بعد عشرين ميلًا تقريبًا، وهي تقرب من الشَقْعة بفتح الشين وسكون القاف وبها سكان قليل، وقال لي أحد أمراء لحج أنها كانت قلعة حربية وكان فيها معسكر صغير للجيش البريطاني، والمسؤول عنه أديب فقيه فرضي شاعر مشهور، ولد في (أبين) وطلب العلم في عدن وبرز في معلوماته، وكان للأمير بلال بن جوير المعظمي كاتب يثق به ويعتمد عليه، ولما توفي الكاتب ذُكر له الشيخ أبو بكر العندي فاستدعاه وأعجبه في خلقه وخلقه وأدبه ومقدرته فاتخذه كاتبًا وأسند إليه المهمات فكان وزيرًا، له حيثيته ومكانته عند الأمير بلال المعظمي نسبةً على المعظم محمد بن سبأ الزريعي وعاملًا له في عدن، وتوفي المعظمي في سنة 547 هـ، وعاش بعده العندي نحو ثلاث وثلاثين سنة، وقد استوزره أو استكتبه الملك طفتكين بن أيوب، وهو الذي كتب له رسالة الاستيذان من أخيه صلاح الدين في العودة
من اليمن إلى مصر ومع الرسالة قصيدة طويلة أوردها الأمير أحمد فضل في كتابه "هدية الزمن" صفحة 67 ومطلعها:
لولا محلك في قلبي وأفكاري
…
ما رنّح الشوق أعطافي وتذكاري
ولا التفت على مصر وساكنها
…
وقد تعوضت عن مصر بأمصار
ولا حننت إلى أرض الشآم وإن
…
كانت مطالع أوطاني وأقطاري
وللعندي قصائد كثيرة، ومنها قصيدته التي ذكر بعضها ياقوت الحموي في "معجم البلدان" وأوَّلها:
حياك يا عدن الحيا حياك
…
وجرى رُضاب لَمَاه فوق لماك
وافترّ ثغرُ الروض فيك مضاجعًا
…
بالنشر رونق ثغرك الضحّاك
أما مسجده الذي ذكره حمزة لقمان في صفحة 268 من كتابه "تاريخ عدن والجنوب العربي" فهو غير معروف اليوم وقد سألت الكبار من أهل عدن عن هذا المسجد ولم يعرفوا عنه ولا عن موقعه قليلًا ولا كثيرًا، والمذكور هو أستاذ الشيخ نجم الدين عمارة اليمني، ونسبته إلى الأعنود ــ قبيلة تسكن عدن وأبين ولحج ــ غير صحيحة. ولو كان الأمر كذلك لقيل له الأعنودي وإنما هو منسوب إلى قرية (العَنَد). وفي جهتنا ينسب السكان إلى مساكنهم بهذه الصيغة فيقال في أهل قدس: الأقدوس، وفي أهل الحَكْم: بسكون الكاف الأحكوم، وفي أهل العند: الأعنود، وهكذا.
وكلُّ ما ورد في ضبط اسمه غير ما ذكرناه فهو مغير ومصحف، فليس هو بالعبدي ولا العيذي ولا العيدي. وليس هو أبو بكر أحمد بن محمد، وإنما هو أبو بكر بن أحمد العندي فاضبطوه فضلًا لا أمرًا هكذا، وإذا تيسر
لكم الوقوف على كتاب "التحفة السنية" للأهدل أو "تاريخ الجندي" أو "ثغر عدن" لبامخرمة أو "كتاب النسب" بكسر النون لبامخرمة أيضًا فستجدون أكثر وأحسن مما تيسر لي في هذه الخلاصة، ومعذرة إليكم من قلة الاطلاع وقلة المصادر التاريخية عندنا، أما ما أشرتم إليه من تقصيركم في المراسلات فلا عتب ولا لوم إلا على مثلي فيما يجب لأمثالكم من أهل العلم والفضل، وأعاذك الله من سوء الخلق أو العجز عن أي واجب أو مندوب، ولعلك تعذرني أنا لما تعلم من حالي.
وأرجو أن يكون قد وصلكم القسم الأول من كتابي "أشعة الأنوار على مرويات الأخبار"، من طريق الشيخ عبد الملك بن إبراهيم.
والسلام عليكم وعلى من حضر مقامكم الكريم أولًا وآخرًا ودعواتكم مطلوبة وأسأل الله أن يجمعنا قريبًا في خير زمان وأقدس مكان وبعد ذلك في جنات النعيم.
محبكم المخلص
محمد بن سالم البيحاني
الختم
(1)
(1)
وفيه: إمام وخطيب جامع العسقلاني ــ محمد سالم البيحاني ــ مؤسس المعهد العلمي الإسلامي بعدن.