الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 -
تكشف لنا مؤلفات الشيخ قوّته على الصبر على البحث والجَلَد على التفتيش والتنقيب والتتبّع والمقارنة، في وقت لم تكن الفهارس قد ظهرت إلا في أضيق الحدود، فقد صرّح الشيخ أنه ربما قرأ المجلد الكامل لاستخراج عبارة أو كلمة، وقد يبقى في تحقيق لفظة أو عبارة أيامًا، ويُكاتب العلماءَ والباحثين في أقطار الأرض من أجل ضبط لفظة أو الوقوف على مصدر قصة أو نحو ذلك.
11 -
مع ما شرحناه من خصائص كتب الشيخ، وما وقع في كتبه من التحرير والتدقيق وحل عويصات المسائل لن تجده يفخر بها أو يمدح كتبه ومصنفاته، ولو وقعت بعض هذه التحقيقات لغيره لتبجَّح بها في المجالس والمحافل والكتب.
هذا بعض ما تميزت به كتب الإمام، والناظر فيها بعين الإنصاف يعلم أنها من أحسن ما كتبه المتأخرون علمًا وتحقيقًا ولغةَ بيان وتنوّعًا في المعارف.
الأغراض الحاملة للشيخ على التأليف
يمكن ذكرها في الآتي:
1 -
إجابةً لسؤال سائل، كما في كتاب "تحقيق الكلام في المسائل الثلاث" ورسالة "إدراك الركعة بإدراك الركوع"، و"اللطيفة البكرية"، و"الأنوار الكاشفة" وغيرها.
2 -
تقييدًا للمسألة بعد مذاكرة أو مناظرة، وذلك في رسائل عديدة في إعراب بعض الآيات (انظر مجموع رسائل التفسير)، ومسألة اشتراط الصوم في الاعتكاف، ومسألة توكيل الولي المجبر، وبعض المسائل اللغوية والأدبية.
3 -
انتصارًا للحق وبيانًا للصواب وردًّا على المخالفين، كما في "التنكيل بما في تأنيب الكوثري من الأباطيل" وملحقاته من الطليعة والتعزيز وشكر الترحيب، ويمكن أن يدخل كتاب "الأنوار الكاشفة" في ذلك، والرد على الفراهي، والرد على بعض شرَّاح جامع الترمذي من الحنفية، والرد على الجيراجي صاحب كتاب "الوراثة في الإسلام" و"عمارة القبور" وبعض الرسائل الفقهية.
4 -
تحقيقًا لبعض المسائل الكبرى أو القضايا التفصيلية سواء كانت فقهية أو عقدية، كما في كتابه العظيم "رفع الاشتباه عن معنى العبادة والإله
…
" وكتاب "الوحدان"، و"معجم شواهد النحو واللغة"، و"إرشاد العامه إلى الكذب وأحكامه"، و"حكم العمل بالحديث الضعيف" ورسائل في البدعة، وجملة من الرسائل الحديثية والفقهية والتفسيرية والعقدية.
فإن قيل: إن أغلب كتب الشيخ مسوّدات، فكيف يمكن طباعة المسوّدة وفيها من الضرب والتخريج والتحويل ما يزيد من صعوبة العمل إذا نظرنا إلى كون تلك الكتب والرسائل نسخًا فريدة؟ ولعل المؤلف لا يرضى بطباعة كتبه على هذا الحال.
فالجواب من وجوه:
الوجه الأول: أن الشيخ من العلماء الذين يصدق في مؤلفاتهم القول: "إن مبيّضاتها مسوّدات"، فمهما بلغ الكتاب حدّ التمام فإن الشيخ لا يزال يتعاهده بالإضافة والتصحيح والتنقيح حتى يعود مسوّدة كما بدأ، ولذلك نجد الكتاب الكثير الضرب والهوامش والتحويل إذا تمّ نسخه ووُضِعت كل
إشارات المؤلف في مواضعها= غدا كتابًا متسلسل الأفكار مؤتلف المقاطع متناسق الفقرات، مترابط الأجزاء، لا تنكر منه شيئًا كأنه مبيَّضة نهائية.
والشأن في كتب الشيخ كالشأن في مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، فغالب ما تركه بخطه مسوّدات استخرجها تلاميذه كما شرحناه في غير موضع.
الوجه الثاني: عُرف في تراثنا ما يسمى باستخراج الكتاب من مسوّداته، وقد وقع هذا كثيرًا في جملة من كتب التراث. يراجع "الكتاب العربي المخطوط" لأيمن فؤاد سيد، ولي بحث في هذه القضية التراثية.
الوجه الثالث: أن الشيخ رحمه الله كان حريصًا على طبع كتبه ورسائله ومجاميعه وأشعاره، وقد صرّح بذلك في عدة مناسبات سواء حين كان عند الإدريسي أو بعد ما استقر في الهند أو وقت استقراره في مكة المكرمة؛ فإليك هذه المواضع:
1 -
قال في وصية له أيام مقامه لدى الإدريسي قبل سنة 1341: "أسأل والدي وأخي الشقيق أن يجمعا ويدوِّنا ما يوجد معي من نظمي أو مذاكرتي. وإذا تيسَّر نشره فذلك خير. وعلى أمير المؤمنين ــ أيده الله ــ أن يجمع ما يوجد من مدحي لجنابه العالي، ويأمر بنسخه وطبعه ونشره، فذلك تمام حقِّي عليه".
2 -
وقال في رسالة لأخيه أحمد مؤرخة في سنة 1356: "أنا مشتغل بتأليف رسالة مهمة وأحب أن أطبعها على نفقتي إن أمكن، لأن لا أطمع أن أحدًا يساعدني بطبعها، ولا تطاوعني نفسي أن أطلب المساعدة من أحد".
3 -
وقال في رسالة له إلى الشيخ أحمد شاكر: "في عزمي أن أفرد من كتابي ترجمة الإمام الشافعي وترجمة الخطيب، لأن الكلام طال فيها فصار كل منها يصلح أن تكون رسالة مستقلة. فهل هناك في القاهرة مِن الشافعية مَن ينشط لطبع تينك الرسالتين على نفقته. فإن كان فأرجو من فضيلتكم أن تعرّفوني حتى أرسلهما إليكم وتنوبوا عني فيما يلزم
…
".
4 -
وقال تلميذه محمد بن أحمد المعلمي فيما كتبه إليَّ: "إن هيئة سعودية زارته، فأراهم بعض مؤلفاته فقالوا له: لماذا لا يهتم بطبعها؟ فأفاد أنه إذا رأى الله سبحانه وتعالى أن فيها إفادة للإسلام والمسلمين فسيأتي الله بمن يطبعها".
فهذه النصوص تدلّ على حرص الشيخ على طباعة كتبه ورسائله ومذكّراته، وحرصه على ذلك كان من وقت مبكّر، فنحن بحمد الله ما زِدْنا على أن نفّذنا وصية الشيخ، وساعدنا على طبعها بلا طلب منه، ونَشِطنا إلى جمع تراثه كاملًا لتعميم نفعه، فلعلّنا ممن اختارهم الله سبحانه لنشر علمه وتراثه، فنكون مَن أشار إليهم الشيخ بقوله: "إذا رأى الله سبحانه وتعالى فيها إفادة
…
فسيأتي الله بمن يطبعها".
وقد قسمنا الكلام على كتب الشيخ المعلمي وآثاره على النحو التالي:
أولًا: مؤلفاته بحسب ترتيبها في هذه الموسوعة
ثانيًا: كتبه المفقودة أو التي لم تدخل في هذه الموسوعة
ثالثًا: تحقيقاته