الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(3) - (14) - بَابُ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً أَوْ سَيِّئَةً
(79)
- 201 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ،
===
(3)
- (14) - (باب من سن سنة حسنة أو سيئة)
أي: هذا باب معقود في بيان الأحاديث الواردة في حكم من سن وشرع وعمل سنة وخصلة حسنة؛ أي: مرضية؛ لموافقتها قواعد الشرع، أو سيئة؛ أي: غير مرضية لمخالفتها قواعده.
* * *
ثم استدل المؤلف رحمه الله تعالى على الترجمة بحديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه، فقال:
(79)
- 201 - (1)(حدثنا محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب) محمد بن عبد الرحمن بن أبي عثمان الأموي البصري، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربع وأربعين ومئتين (244 هـ). يروي عنه:(م ت س ق).
(حدثنا أبو عوانة) الوضاح بن عبد الله اليشكري الواسطي، ثقة ثبت، من السابعة، مات سنة خمس أو ست وسبعين. يروي عنه:(ع).
(حدثنا عبد الملك بن عمير) بن سويد اللخمي الكوفي، أبو عمر القبطي، ثقة فقيه، من الرابعة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن المنذر بن جرير) بن عبد الله البجلي الكوفي، مقبول، من الثالثة. يروي عنه:(م د س ق).
عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَنَّ سُنَةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا .. كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَمِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ
===
(عن أبيه) جرير بن عبد الله بن جابر بن مالك بن نصر البجلي اليماني أبي عمرو القسري الصحابي المشهور رضي الله عنه، له مئة حديث، اتفقا على ثمانية، وانفرد البخاري بحديث، ومسلم بستة، مات سنة إحدى وخمسين وقيل: أربع وخمسين (54 هـ). يروي عنه: (ع).
وهذا السند من خماسياته؛ رجاله ثلاثة منهم كوفيون، وواحد واسطي، وواحد بصري، وحكمه: الصحة.
(قال) جرير: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سن) وعمل (سنة حسنة) أي: طريقة مرضية وفعلة معروفة في الشرع؛ لموافقتها قواعده يقتدى به فيها، والفاء في قوله:(فعمل) بالبناء للمفعول .. تفسيرية؛ لأنه تفسير لقوله: "سن"، بأن عمل (بها) أي: بتلك الخصلة الحسنة التي عملها أول الناس .. (كلان له) أي: للعامل بها أولًا والبادئ بها (أجرها) أي: أجر عمله لتلك الحسنة أولًا، أو أجر الحسنة التي عملها الناس بعده، والإضافة لأدنى ملابسة؛ فإن السنة الحسنة لما كانت سببًا في ثبوت أجر عاملها .. أضيف الأجر إليها بهذه الملابسة، كذا ذكره الطيبي.
وقال التوربشتي: والصواب: (أجره) بتذكير الضمير؛ لعود الضمير إلى صاحب الطريقة؛ أي: له أجر عمله أولًا، وهو غير لازم، ولا وجه لتغليط الرواة إذا احتمل الكلام التصحيح بوجه ما، فكيف والتصحيح ها هنا واضح؟ !
(ومثل أجر من عمل بها) أي: بتلك الحسنة إلى يوم القيامة، (لا ينقص) بالبناء للفاعل؛ أي: لا ينقص إعطاء مثل أجر العاملين لمن سن (من أجورهم)
شَيْئًا، وَمَنْ سَنَّ سُنَّة سَيِّئَة فَعُمِلَ بِهَا .. كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا، لَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا".
===
أي: من أجور العاملين (شيئًا) من النقص أو من الثواب؛ وذلك كالابتداء بالتصدق على المحتاج، أو بالإنفاق في الخيرات؛ كبناء المساجد والمدارس والربط.
(ومن سن) وأسس (سنة سيئة) أي: خصلة غير مرضية؛ لمخالفتها قواعد الشرع؛ كالقتل ظلمًا والغصب والنهب، (فعمل بها) بالبناء للمفعول؛ تفسير لسن، كما مر .. (كان عليه) أي: على ذلك البادئ العامل لها أولًا (وزرها) أي: وزر عمله إياها ابتداء؛ لأنه باشرها، (و) عليه أيضًا مثل (وزر من عمل بها) إلى يوم القيامة؛ لأنه تسبب في عملهم بها بتأسيسها والابتداء لها، (لا ينقص) ذلك المثل الذي حمل عليه بسبب عملهم (من أوزارهم شيئًا) من النقص أو من العقاب.
ولا يعارض هذا الحديث بقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (1) لأنه حمل وزر تسببه في عملهم، لا وزر عملهم بها، والله سبحانه وتعالى أعلم.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته: مسلم أخرجه في كتاب الزكاة باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة، وفي كتاب العلم باب من سن سنة حسنة أو سيئة، وأخرجه النسائي في كتاب الزكاة باب التحريض على الصدقة.
فدرجته: أنه صحيح، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
قال النواوي: قوله (من سن سنة حسنة
…
) إلى آخره .. معناه الابتداء بالخيرات والتحذير عن اختراع الأباطيل والمستقبحات، وسبب هذا الكلام في
(1) سورة الأنعام: (164).
(80)
- 202 - (2) حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
===
هذا الحديث أنه قال في أوله: فجاء رجل من الأنصار بصُرَّة كادت كفه تعجز عنها فتتابع الناس، وكان الفضل العظيم للبادئ بهذا الخير والفاتح لباب هذا الإحسان. انتهى.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث جرير بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما، فقال:
(80)
- 202 - (2)(حدثنا عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث) بن سعيد بن ذكوان العنبري البصري، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(م ت س ق).
قال (حدثني أبي) عبد الصمد بن عبد الوارث بن سعيد التميمي العنبري مولاهم أبو سهل البصري، صدوق ثبت في شعبة، من التاسعة، مات سنة سبع ومئتين (207 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أيوب) بن أبي تميمة كيسان السختياني أبي بكر البصري، ثقة ثبت حجة، من كبار الفقهاء العباد، من الخامسة، مات سنة إحدى وثلاثين ومئة (131 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن محمد بن سيرين) الأنصاري مولاهم أبي بكر البصري، ثقة ثبت عابد، من الثالثة، مات سنة عشر ومئة (110 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته؛ رجاله كلهم بصريون إلا أبا هريرة؛ فإنه مدني، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَحَثَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدِي: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: فَمَا بَقِيَ فِي الْمَجْلِسِ رَجُلٌ إِلَّا تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اسْتَنَّ خَيْرًا فَاسْتُنَّ بِهِ .. كَانَ لَهُ أَجْرُهُ كَامِلًا وَمِنْ أُجُورِ مَنِ اسْتَنَّ بِهِ وَلَا يَنْقُصُ
===
(قال) أبو هريرة: (جاء رجل) من المحتاجين (إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاشتكى إليه الفقر والفاقة، (فحث) النبي صلى الله عليه وسلم الناس وحرضهم (عليه) أي: على التصدق على ذلك الرجل الفقير، (فقال رجل) من الحاضرين:(عندي كذا وكذا) من المال صدقة عليه، (قال) أبو هريرة:(فما بقي في) ذلك (المجلس رجل) أي: واحد من الناس (إلا تصدق عليه) أي: على ذلك الفقير (بما) تيسر له من المال (قل أو كثر).
وعبارة السندي هنا: قوله: "كذا وكلذا" أي: من المال، وأنا أتصدق به، ثم جاء به قبل الناس، فتبعه الناس في التصدق، فلذلك ذكر فيه: من استن خيرًا
…
إلى آخره.
وقوله: "بما قل أو كثر" أي: بقليل أو كثير، فـ "ما" نكرة موصوفة، وجعلها موصولة لا يساعده المقام. انتهى.
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من استن خيرًا) بالبناء للفاعل؛ أي: من عمل خيرًا وسبق إليه، (فاستن به) بالبناء للمفعول؛ أي: فاقتدي به في عمله؛ أي: فعمل الناس به مقتدين به متبعين له .. (كان له) أي: لذلك البادئ (أجره) أي: أجر عمله (كاملًا) غير ناقص (و) نصيب (من أجور من استن) واقتدى (به) في عمل ذلك الخير؛ أي: له أجر التسبب في عملهم لا أجر عملهم؛ لقوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} (1)، (ولا ينقص) ما
(1) سورة النجم: (39).
مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنِ اسْتَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَاسْتُنَّ بِهِ .. فَعَلَيْهِ وِزْرُهُ كَامِلًا وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ اسْتَنُّوا بِهِ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا".
(81)
- 203 - (3) حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ،
===
أعطي له من أجر التسبب (من أجورهم) أي: من أجور من اقتدى به في عمله (شيئًا) من النقص، (ومن استن) واخترع (سنة سيئة، فاستن به) بالبناء للمفعول؛ أي: اقتدي به في عملها .. (فعليه) أي: فعلى ذلك البادئ (وزره كاملًا و) نصيب (من أوزار الذين استنوا به، ولا ينقص) ما حمل به من وزر التسبب (من أوزارهم شيئًا) من النقص.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، وفي "الزوائد": إسناده صحيح، ورواه مسلم والترمذي من حديث جرير.
فدرجته: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث جرير بحديث أنسر رضي الله عنهما، فقال:
(81)
- 203 - (3)(حدثنا عيسى بن حماد) بن مسلم الأنصاري التجيبي مولاهم أبو موسى (المصري) لقبه زغبة -بضم الزاي وسكون المعجمة بعدها موحدة- وهو لقب أبيه أيضًا، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثمان وأربعين ومئتين (248 هـ). يروي عنه:(م دس ق).
(أنبأنا الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي مولاهم أبو الحارث المصري، ثقة ثبت مشهور، من السابعة، مات سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).
عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "أَيُّمَا دَاعٍ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ فَأتُّبِعَ .. فَإِنَّ لَهُ
===
(عن يزيد بن أبي حبيب) سويد مولى شريك بن الطفيل الأزدي أبي رجاء المصري عالمها، ثقة فقيه وكان يرسل، من الخامسة، مات سنة ثمان وعشرين ومئة (128 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن سعد بن سنان) ويقال: سنان بن سعد الكندي المصري. روى عن: أنس بن مالك، ويروي عنه:(د ت ق)، ويزيد بن أبي حبيب وحده.
وقال ابن حبان في "الثقات": حدث عنه المصريون، وأرجو أن يكون الصحيح سنان بن سعد، وقد اعتبرت حديثه، فرأيت ما روى عن سنان بن سعد يشبه أحاديث الثقات، وما روي عن سعد بن سنان فيه المناكير، كأنهما اثنان، وقال ابن أبي خيثمة: سألت ابن معين عن سعد بن سنان الذي روى عنه يزيد بن أبي حبيب، فقال: ثقة، وقال النسائي: منكر الحديث، وقال في "التقريب": صدوق له أفراد، من الخامسة.
(عن أنس بن مالك) خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته؛ رجاله كلهم مصريون إلا أنس بن مالك؛ فإنه بصري، وحكمه: الحسن؛ لأن في سنده راويًا مختلفًا فيه؛ وهو سعد بن سنان.
(عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيما داع دعا) الناس (إلى ضلالة) شركًا كان أو بدعة أو معصية، (فاتبع) -بضم التاء المشدده على صيغة المبني للمجهول من باب افتعل الخماسي- أي: فاقتدي وائتم في ضلالته، وعملها الناس لأجل الاقتداء والائتمام به .. (فإن له) أي: عليه
مِثْلَ أَوْزَارِ مَنِ اتَّبَعَهُ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا، وَأَيُّمَا دَاعٍ دَعَا إِلَى هُدىً فَأتُّبِعَ .. فَإِنَّ لَهُ مِثْلَ أُجُورِ مَنِ اتَّبَعَهُ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا".
(82)
-204 - (4) حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ،
===
(مثل أوزار من اتبعه) -بفتح التاء المشددة على صيغة المبني للفاعل- أي: مثل أوزار من اقتدى به وقلده، (ولا ينقص) ذلك المثل الذي عليه (من أوزارهم) أي: من أوزار العاملين لتلك الضلالة (شيئًا) من النقص.
(وأيما داع دعا) الناس (إلى هدىً) ورشاد إيمانًا كان أو عبادة، (فاتغ) بالبناء للمفعول أيضًا؛ أي: فاقتدي به فيما دعا إليه .. (فإن له) أي: فإن لذلك الداعي إلى هدىً (مثل أجور من اتبعه) بالبناء للفاعل، (ولا ينقص) ذلك المثل (من أجورهم شيئًا) من النقص؛ لأن الداعي يستحق الأجر بدعوته، والعامل بعمله، فلا وجه للنقصان.
وهذا الحديث مما انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه حسن؛ لما في سنده من الراوي المختلف فيه، وله شاهد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه صححه الترمذي، وهو ما رواه المصنف بعد، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث جرير بحديث أبي هريرة رضي الله عنهما، فقال:
(82)
-204 - (4)(حدثنا أبو مروان محمد بن عثمان) بن خالد بن عمران بن عبد الله بن الوليد ابن عثمان بن عفان الأموي (العثماني) المدني سكن مكة.
قال أبو حاتم: ثقة، وقال صالح بن محمد الأسدي: ثقة صدوق إلا أنه يروي عن أبيه المناكير، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: يخطئ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ دَعَا إِلَى هُدىً .. كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنِ
===
ويخالف، مات بمكة في آخر سنة أربعين وأول إحدى وأربعين ومئتين (241 هـ)، وقال في "التقريب": صدوق يخطئ، من العاشرة. يروي عنه:(س ق).
قال: (حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم) سلمة بن دينار المخزومي مولاهم المدني الفقيه.
قال ابن معين: ثقة، مات وهو ساجد في الحرم النبوي سنة أربع وثمانين ومئة (184 هـ)، وقيل قبل ذلك أربع وثمانين ومئة، وقال في "التقريب": صدوق فقيه، من الثامنة. يروي عنه:(ع).
(عن العلاء بن عبد الرحمن) بن يعقوب الجهني الحرقي مولاهم أبو شبل المدني.
وثقه أحمد، وقال ابن معين: ليس بذاك، وقال في "التقريب": صدوق ربما وهم، من الخامسة، مات سنة بضع وثلاثين ومئة. يروي عنه:(م عم).
(عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب الجهني المدني، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(م عم).
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته، ومن لطائفه: أن رجاله كلهم مدنيون، وحكمه: الصحة.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من دعا) الناس (إلى هدىً) ودين مستقيم .. (كان له) أي: لذلك الداعي (من الأجر) والثواب (مثل أجور من
اتَّبَعَهُ لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ .. فَعَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنِ اتَّبَعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا".
(83)
- 205 - (5) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ،
===
اتبعه) واهتدى به، (لا ينقص ذلك) المثل الذي كان للداعي (من أجورهم) أي: من أجور المتبعين له (شيئًا) من النقص.
(ومن دعا) الناس (إلى ضلالة) وغواية .. (فعليه) أي: فعلى ذلك الداعي (من الإثم) والذنب (مثل آثام) وذنوب (من اتبعه) في الضلالة وضل به، (لا ينقص ذلك) المثل عليه (من آثامهم) أي: من آثام الضالين به (شيئًا) من النقص؛ لأن الدال على الشيء كفاعله في الثواب والعقاب.
وهذا انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لأن رجاله ثقات، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث جرير بحديث أبي جحيفة رضي الله عنهما، فقال:
(83)
-205 - (5)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله الذهلي النيسابوري، ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(خ عم).
قال: (حدثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين بن حماد بن زهير التيمي مولاهم الحافظ الكوفي، مشهور بكنيته، ودكين لقب أبيه، واسمه عمرو بن حماد، قال في "التقريب": ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة ثماني عشرة، وقيل: تسع عشرة ومئتين (219 هـ)، وكان من كبار شيوخ البخاري. يروي عنه:(ع).
حَدَّثَنَا أَبُو إِسْرَائِيلَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كَانَ لَهُ أَجْرُهُ وَمِثْلُ أُجُورِهِمْ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا،
===
(حدثنا أبو إسرائيل) إسماعيل بن خليفة العبسي، أبو إسرائيل الملائي الكوفي، صدوق سيئ الحفظ، نسب إلى الغلوفي التشيع، من السابعة، مات سنة تسع وستين ومئة (169 هـ). يروي عنه:(ت ق).
(عن الحكم) بن عُتيبة -مصغرًا- الكندي الكوفي، ثقة ثبت فقيه، من الخامسة، مات سنة ثلاث عشرة ومئة (113 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن أبي جحيفة) -مصغرًا- وهب بن عبد الله السوائي -بضم المهملة ومد الواو- الكوفي، مشهور بكنيته، الصحابي المعروف رضي الله عنه، من صغار الصحابة، مات النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبلغ الحلم، له خمسة وأربعون حديثًا اتفقا على حديثين، وانفرد (خ) بحديثين، و (م) بثلاثة، مات سنة أربع وسبعين (74 هـ).
وهذا السند من خماسياته؛ رجاله كلهم كوفيون إلا محمد بن يحيى؛ فإنه نيسابوري، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) أبو جحيفة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سن) وأسس للناس (سنة حسنة) أي: خصلة مرضية؛ لموافقتها قواعد الشرع، (فعمل) بالبناء للمفعول؛ أي: عمل الناس (بها بعده) أي: بعد تأسيسه وعمله بها .. (كان له) أي: لذلك الذي سن بها (أجره) أي: أجر عمله بها (ومثل أجورهم من غير أن ينقص) ذلك المثل الذي أعطي (من أجورهم) أي: من أجور العاملين بها (شيئًا) من الأجر.
وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ .. كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهُ وَمِثْلُ أَوْزَارِهِمْ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا".
(84)
-206 - (6) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ لَيْثٍ،
===
(ومن سن سنة سيئة) أي: غير مرضية في الشرع، (فعمل) بالبناء للمفعول؛ أي: فعمل الناس (بها) أي: بتلك الخصلة السيئة اقتداء به (بعده) أي: بعد عمله بها تبعًا له .. (كان عليه) أي: على ذلك البادئ (وزره) أي: وزر عمله بها (و) عليه أيضًا (مثل أوزارهم من غير أن ينقص) ذلك المثل (من أوزارهم) أي: من أوزار العاملين بها (شيئًا) من الوزر.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ودرجته: أنه صحيح؛ لأن رجاله كلهم ثقات، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة بحديث أبي هريرة رضي الله عنه، فقال:
(84)
- 206 - (6)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) الحبسي الكوفي.
(حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم الضرير التميمي الكوفي.
(عن ليث) بن أبي سليم - مصغرًا - ابن زنيم - بالزاي والنون مصغرًا - الكوفي، واسم أبيه أيمن، وقيل: غير ذلك، أبو بكر القرشي مولاهم. قال أحمد: مضطرب الحديث، وقال في "التقريب": صدوق اختلط جدًّا، ولم يتميز حديثه فترك، من السادسة، مات سنة ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(م عم).
عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَى شَيْءٍ إِلَّا وُقِفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَازِمًا لِدَعْوَتِهِ مَا دَعَا إِلَيْهِ وَإِنْ دَعَا رَجُلٌ رَجُلًا".
===
(عن بشير) مكبرًا (بن نَهِيك) -بفتح النون وكسر الهاء آخره كشاف- السدوسي أبي الشعثاء البصري، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته؛ رجاله ثلاثة منهم كوفيون، وواحد مدني، وواحد بصري، وحكمه: الضعف؛ لأن ليث بن أبي سليم مختلط متروك، وفي "الزوائد": إسناده ضعيف؛ لأن ليث بن أبي سليم ضعفه الجمهور.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من داع يدعو) الناس (إلى شيء) أي: إلى أمر من الأمور معروفًا كان أو منكرًا .. (إلَّا وقف) بالبناء للمفعول من وقف المتعدي؛ بمعنى: أوقف، ومنه قوله تعالى:{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} (1) أي: إلَّا وقف ذلك الداعي (يوم القيامة) على رؤوس الأشهاد.
وقوله: (لازمًا لدعوته) حال من ضمير (وقف) أي: وقف حالة كونه ملازمًا مصاحبًا لدعوته، و (ما) في قوله:(ما دعا إليه) خيرًا أو شرًّا في محل الجر بدل اشتمال من دعوته؛ أي: ملازمًا لها دعا إليه مصاحبًا له غير مفارق عن دعوته، بل معه دعوته، ويحتمل كونه صفة لمصدر محذوف؛ أي: إلَّا وقف وقوفًا لازمًا مستمرًا إلى فصل القضاء لأجل دعوته إلى ما دعا إليه، ويحتمل كون (ما) مفعولًا لازمًا؛ أي: ملازمًا ما دعا إليه لأجل دعوته إليه، فيناقش في دعوته؛ ليؤجر إن دعا إلى خير، ويعاقب إن دعا إلى شر، وقوله:(وإن دعا رجل رجلًا) غاية لوقف؛ أي: وقف للمناقشة في دعوته وإن دعا رجلًا واحدًا فقط.
(1) سورة الصافات: (24).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ودرجته: أنه ضعيف (9)(30)؛ لأن في إسناده ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف، وغرضه: الاستئناس به.
* * *
وجملة ما ذكره في هذا الباب: ستة أحاديث:
واحد للاستدلال، وواحد للاستئناس، وأربعة للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى اعلم