المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(7) - (18) - باب من بلغ علما - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌(11) - (6) - فَضْلُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ رضي الله عنه

- ‌(11) - (7) - فَضْلُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه

- ‌(11) - (8) - فَضائِلُ الْعَشَرَةِ رضي الله عنهم

- ‌(11) - (9) - فَضْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه

- ‌(11) - (10) - فَضْلُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه

- ‌(11) - (11) - فَضْلُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه

- ‌(11) - (12) - فَضْلُ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ابْنَي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهم

- ‌(11) - (13) - فَضْلُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رضي الله عنهما

- ‌(11) - (14) - فَضْلُ سَلْمَانَ وَأَبِي ذَرٍّ وَالْمِقْدَادِ رضي الله عنهم

- ‌(11) - (15) - فَضْلُ بِلَالٍ رضي الله عنه

- ‌(11) - (16) - فَضَائِلُ خَبَّابٍ رضي الله عنه

- ‌(11) - (17) - فَضْلُ أُبَيِّ بْنِ كعْبٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنهم

- ‌(11) - (18) - فَضْلُ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه

- ‌(11) - (19) - فَضْلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رضي الله عنه

- ‌(11) - (20) - فَضْلُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه

- ‌(11) - (21) - فَضْلُ أَهْلِ بَدْرٍ رضي الله عنهم

- ‌(11) - (22) - فَضْلُ الْأَنْصَارِ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ

- ‌(11) - (23) - فَضْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا

- ‌(1) - (12) - بَابٌ: فِي ذِكْرِ الْخَوَارِجِ

- ‌(2) - (13) - بَابٌ: فِيمَا أَنْكَرَتِ الْجَهْمِيَّةُ

- ‌(3) - (14) - بَابُ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً أَوْ سَيِّئَةً

- ‌(4) - (15) - بَابُ مَنْ أَحْيَا سُنَّةً قَدْ أُمِيتَتْ

- ‌(5) - (16) - بَابُ فَضْلِ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ

- ‌(6) - (17) - بَابُ فَضْلِ الْعُلَمَاءِ وَالْحَثِّ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ

- ‌(7) - (18) - بَابُ مَنْ بَلَّغَ عِلْمًا

- ‌(8) - (19) - بَابُ مَنْ كَانَ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ

- ‌(9) - (20) - بَابُ ثَوْابِ مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ

- ‌(10) - (21) - بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُوطَأَ عَقِبَاهُ

- ‌(11) - (22) - بَابُ الْوَصَاةِ بِطَلَبَةِ الْعِلْمِ

- ‌(12) - (23) - بَابُ الانْتِفَاعِ بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ بِهِ

- ‌(13) - (24) - بَابُ مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ

الفصل: ‌(7) - (18) - باب من بلغ علما

(7) - (18) - بَابُ مَنْ بَلَّغَ عِلْمًا

(106)

- 228 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا لَيْثُ بْنُ أَبِي سُلَيْمٍ،

===

(7)

- (18) - (باب من بلغ علمًا)

(106)

- 228 - (1)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي.

(وعلي بن محمد) الطنافسي الكوفي.

(قالا: حدثنا محمد بن فضيل) بن غزوان الضبي مولاهم أبو عبد الرَّحمن الكوفي، قال في "التقريب": صدوق، من التاسعة، رمي بالتشيع، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا ليث بن أبي سليم) - مصغرًا - أيمن بن زُنيم - مصغرًا أيضًا - القرشي مولاهم أبو بكر الكوفي.

قال أبو داوود: ليث كان أعلم أهل الكوفة بالمناسك، وقال ابن عدي: له أحاديث صالحة، وقد روى عنه شعبة، والثوري، ومع الضعف الذي فيه يكتب حديثه، وقال الدارقطني: صاحب سنة يخرَّج حديثه، وقال محمد: ليث صدوق يهم، وقال البزار: لا نعلم أحدًا ترك حديثه، وقال ابن معين: منكر الحديث كان صاحب سنة، وقال الساجي: صدوق فيه ضعف، وكان سيئ الحفظ، كثير الغلط، وقال في "التقريب": صدوق اختلط أخيرًا، ولم يتميز حديثه، فترك، من السادسة، مات سنة ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(م عم).

قلت: هو مختلف فيه يرد السند من الصحة إلى الحسن.

ص: 293

عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبَّاب أَبِي هُبَيْرَةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَبَلَّغَهَا؛

===

(عن يحيى بن عباد) بن شيبان الكوفي (أبي هبيرة) مصغرًا (الأنصاري) السلمي، وثقة النسائي، وقال في "التقريب": ثقة، من الرابعة، مات بعد العشرين ومئة. يروي عنه:(م عم).

(عن أبيه) عباد بن شيبان الأنصاري السلمي -بفتح السين واللام- المدني الصحابي المشهور. روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم، وعن زيد بن ثابت، فله حديثان. يروي عنه:(ق).

(عن زيد بن ثابت) بن الضحاك الأنصاري الخزرجي النجاري المدني رضي الله عنه، له اثنان وتسعون حديثًا، مات سنة خمس وأربعين (45 هـ).

وهذا السند من سداسياته؛ رجاله أربعة منهم كوفيون، واثنان مدنيان، ومن لطائفه: أن فيه رواية صحابي عن صحابي، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه ليث بن أبي سليم، وهو مختلف فيه.

(قال) زيد بن ثابت: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نضَّر الله) أي: ألبس الله النضارة؛ أي: الحسن والجمال والبهاء (امرأ) وامرأة (سمع مقالتي) فوعاها (فبلغها) إلى غيره كما سمعها مني، قال الخطابي: دعا له بالنضارة وهي النعمة؛ يقال: نضر بالتشديد والتخفيف وهو أجود، وفي "النهاية": يروى بالتشديد والتخفيف من النضارة؛ وهي في الأصل حسن الوجه والبريق، وأراد حسن قدره ورفعة منزلته عند الله تعالى، وقيل: روي مخففًا وأكثر المحدثين يقول بالتثقيل، والأول الصواب، والمراد البسه الله النضرة وهي الحسن وخلوص اللون وصفاؤه؛ أي: جمَّله وزيَّنه وأوصله الله تعالى إلى نضرة الجَنَّة؛ أي: إلى نعيمها ونضارتها، قال ابن عيينة: ما من أحد يطلب الحديث إلَّا وفي وجهه

ص: 294

فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ" زَادَ فِيهِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ "ثَلَاثٌ لَا يُغِلُّ عَلَيْهِنَّ قَلْبُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ

===

نضرة لهذا الحديث، وقال القاضي أبو الطيب الطبري: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقلت: يا رسول الله؛ أنت قلت: نضر الله امرأً، وتلوت عليه الحديث جميعه ووجهه يتهلل؟ فقال لي: نعم، أنا قلته.

والفاء في قوله: (فرب حامل فقه) معللة لما يفهم من الحديث، و (رب) للتكثير؛ أي: إن التبليغ مطلوب؛ لأنه رب حامل فقه وحديث (غير فقيه) معناه، فيبلغه إلى من يعلمه، والمراد بحامل الفقه: حافظ الأدلة التي يستنبط منها الفقه (غير فقيه) أي: غير قادر على استنباط الفقه من تلك الأدلة، فيبلغها إلى قادر الاستنباط منها، (ورب حامل فقه) أي: حامل أدلتها قادر على الاستنباط منها شيئًا يسيرًا، فيبلغها (إلى من هو أفقه منه) أي: أعلم من الحامل وأقدر على الاستنباط منها أحكامًا كثيرة؛ بأن كان الذي يسمع منه أفقه منه وأقدر على الاستنباط منها.

(زاد فيه) أي: في الحديث (علي بن محمد) الطنافسي على ابن نمير (ثلاث) خصال، سوغ الابتداء بالنكرة إضافتها إلى مقدر كما قدرنا، أو الوصف به؛ أي: ثلاث من الخصال، والخبر جملة قوله:(لا يغل) - بكسر الغين المعجمة واللام المشددة على المشهور وضم الياء - من أغلَّ الرباعي إذا خان، أو فتحها من غل الثلاثي إذا صار ذا حقد وعداوة.

و(عليهن) حال مقدمة على صاحبها، وهو قوله:(قلب امرئ مسلم) وهو فاعل (يغل) أي: ثلاث خصال لا يوصف قلب امرئ مسلم بالغل والغش والخيانة والحقد والعداوة، حالة كونه كائنًا عليهن؛ أي: ما دام مستمرًا على تلك الثلاث؛ أي: لا يدخل في قلبه خيانة أو حقد يمنعه من تبليغ العلم،

ص: 295

إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلّهِ، وَالنُّصْحُ لِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ، وَلُزُومُ جَمَاعَتِهِمْ".

===

فينبغي له الثبات على تلك الثلاث حتى لا يمنعه شيء من الغل والحقد من التبليغ، وبهذا ظهر مناسبة هذه الجملة لما قبلها. انتهى "سندي".

أو (على) بمعنى (مع) أي: معهن.

أحدها: (إخلاص العمل لله) أي: جعل العمل من التبليغ وغيره مخلصًا لله سبحانه وتعالى، لا لغرض دنيوي؛ كالمال والمحمدة والسمعة والرياء، ومعنى الإخلاص: تصفية العمل للخالق عن ملاحظة المخلوق، (و) الثاني:(النصح لأئمة المسلمين) بالسمع والطاعة ما لم يأمروا بمعصية الله تعالى، والنصح: إرادة الخير للغير، والمعنى: والنصح للمسلمين حتى للأئمة، ويكفي في إرادة النصح للأئمة إرادته لكل أحد من الرعية؛ لأن فساد الرعية يتعدى آثاره إليهم، ويؤخذ من هذا أن رئيس الأئمة هو النبي صلى الله عليه وسلم ونصحه مطلوب بهذا الحديث أولًا، ويتضمن نصحه بالتبليغ النصح لتمام أمته صلى الله عليه وسلم. انتهى "سندي" بتصرف.

(و) الثالث: (لزوم جماعتهم) أي: موافقتهم في أمور الدين بترك الابتداع من التشيع والاعتزال وغيرهما، وترك المخالفة في شؤون الدنيا بشهر السلاح عليهم.

وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته: الترمذي وحسنه، وقال: في الباب عن عبد الله بن مسعود ومعاذ بن جبل وجبير بن مطعم وأبي الدرداء وأنس، وأخرجه أحمد وأبو داوود والدارمي.

ودرجته: أنه صحيح لغيره فيما عدا ما زاده علي بن محمد؛ فإن له شاهدًا مما رواه الترمذي وغيره، ودرجة ما زاده علي بن محمد: الحسن؛ لأن في سنده ليث بن أبي سليم، وهو مختلف فيه؛ لأنه قد تركه الجمهور.

ص: 296

(107)

- 229 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ،

===

وغرضه بسوقه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث زيد بحديث جبير بن مطعم رضي الله عنهما، فقالا:

(107)

- 229 - (2)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي.

قال: (حدثنا أبي) عبد الله بن نمير الهمداني الكوفي.

(عن محمد بن إسحاق) بن يسار المطلبي أبي عبد الله المدني صاحب المغازي، صدوق يدلس، من الخامسة، مات سنة خمسين ومئة (150 هـ)، ويقال بعدها. يروي عنه:(م عم).

(عن عبد السلام) بن أبي الجنوب -بفتح الجيم وتخفيف النون المضمومة آخره موحدة- المدني. روى عن: الزهري، ويروي عنه: محمد بن إسحاق، و (ق).

قال ابن المديني: منكر الحديث، وقال أبو زرعة: ضعيف، وقال أبو حاتم: شيخ متروك، وقال البزار: لين الحديث، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات ما لا يشبه حديث الأثبات، وقال في "التقريب": ضعيف، من الثامنة.

(عن) محمد بن مسلم (الزهري) أبي بكر المدني الحافظ متفق على جلالته وإتقانه، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل: قبل ذلك بسنة أو سنتين. يروي عنه: (ع).

(عن محمد بن جبير بن مطعم) بن عدي النوفلي أبي سعيد المدني،

ص: 297

عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالْخَيْفِ مِنْ مِنىً فَقَالَ: "نَضَّرَ اللهُ

===

ذكره ابن سعد في الطبقة الثانية من تابعي أهل المدينة، وقال العجلي: مدني تابعي ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": ثقة، عارف بالنسب، من الثالثة، مات على رأس المئة في خلافة عمر بن عبد العزيز. يروي عنه:(ع).

(عن أبيه) جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي النوفلي أبي عدي المدني رضي الله عنه، أسلم قبل حنين أو يوم الفتح، له ستون حديثًا، اتفقا على ستة، وانفرد (ع) بحديث، و (م) بآخر، وقال في "التقريب": صحابي عارف بالأنساب، مات بالمدينة، سنة ثمان وخمسين (58 هـ)، أو تسع وخمسين. يروي عنه:(ع).

وهذا السند من سباعياته؛ رجاله خمسة منهم مدنيون، واثنان كوفيان، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه راويًا متفقًا على ضعفه؛ وهو عبد السلام بن أبي الجنوب.

(قال) جبير بن مطعم: (قام) فينا (رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبًا (بالخيف من منًى) والخيف -بفتح فسكون-: الموضع المرتفع عن مجرى السيل المنحدر عن غلظ الجبل، ومسجد منىً يسمى مسجد الخيف؛ لأنه في سفح جبلها، (فقال) في خطبته:(نضر الله) سبحانه، قال التوربشتي: النضرة: الحسن والرونق، يتعدى ولا يتعدي، وروي مخففًا ومثقلًا، وقال النواوي: التشديد أكثر، وقال الأبهري: روى أبو عبيدة بالتخفيف، قال: هو لازم ومتعد، ورواه الأصمعي بالتشديد، وقال: المخفف لا زم، والتشديد للتعدية، وعلى الأول للتكثير والمبالغة. انتهى.

ص: 298

امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَبَلَّغَهَا؛ فَرُبّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ".

===

أي: خص الله بالبهجة والسرور (امرأ سمع مقالتي) فحفظها كما في بعض الرواية؛ أي: بالقلب أو بالكتابة، (فبلغها) كما سمعها، كما في بعض الرواية؛ أي: من غير زيادة ولا نقصان، خصه بها لما رزق بعلمه ومعرفته من القدر والمنزلة بين الناس في الدنيا ونعمه في الآخرة حتى يرى عليه رونق الرخاء والنعمة، ثم قيل: إنه إخبار؛ يعني: جعله ذا نضرة، وقيل: دعاء له بالنضرة وهي البهجة والبهاء في الوجه من أثر النعمة؛ (فرب حامل فقه) أي: علم وحافظه (غير فقيه) أي: غير عالم معناه، فيبلغه إلى فقيه.

(ورب حامل فقه) فقيه، فيبلغه (إلى من هو أفقه منه) أي: فرب حامل قد يكون فقيهًا ولا يكون أفقه، فيحفظه ويبلغه إلى من هو أفقه منه، فيستنبط منه ما لا يفهمه الحامل، أو إلى من يصير أفقه منه، وهذا إشارة إلى فائدة النقل والداعي إليه، قال الطيبي: قوله: "إلى من هو أفقه منه" .. هو صفة لمدخول (رب) استغني بها عن جوابها؛ أي: رب امرئ حامل فقه أداه إلى من هو أفقه منه، وقوله:"فرب حامل فقه غير فقيه" بيَّن به أن راوي الحديث ليس الفقه من شرطه، إنما شرطه الحفظ، وعلى الفقيه التفهم والتدبر. قاله المناوي.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة بهذا السند، وقد أخرجه أحمد والطبراني في "الكبير".

فدرجته: أنه حسن لغيره؛ لأن له شاهدًا من حديث زيد بن ثابت المذكور قبله، حسَّنه الترمذي، كما مر آنفًا، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.

* * *

ص: 299

(107)

- 229 - (م) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا خَالِي يَعْلَى ح وَحَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِنَحْوِهِ.

===

ثم ذكر المؤلف رحمه الله تعالى المتابعة في حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه، فقالا:

(107)

- 229 - (م)(حدثنا علي بن محمد) الطنافسي الكوفي.

قال: (حدثنا خالي يعلى) بن عبيد بن أبي أمية الإيادي، مولاهم أبو يوسف الطنافسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة بضع ومئتين.

يروي عنه: (ع).

(ح) أي: حول المؤلف السند.

(و) قال: (حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي.

قال: (حدثنا سعيد بن يحيى) بن صالح اللخمي أبو يحيى الكوفي المعروف بسعدان، قال ابن حبان: ثقة مأمون مستقيم الأمر في الحديث، وقال في "التقريب": صدوق، من التاسعة، مات قبل المئتين. يروي عنه:(خ س ق).

(قالا) أي: قال يعلى بن عبيد وسعيد بن يحيى.

(حدثنا محمد بن إسحاق) بن يسار المطلبي المدني (عن الزهري، عن محمد بن جبير بن مطعم، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله: (بنحوه) متعلق بقالا؛ لأنه العامل في المتابع؛ أي: قال يعلى بن عبيد وسعيد بن يحيى: حدثنا محمد بن إسحاق، وساقا بنحو ما حدث عبد الله بن نمير، عن محمد بن إسحاق، وغرضه بهذين السندين: بيان متابعتهما لعبد الله بن نمير،

ص: 300

(108)

- 230 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ

===

وفائدتها بيان كثرة طرقه، ولكن فيهما علو السند وتقوية السند الأول؛ لأن فيهما إسقاط عبد السلام الضعيف.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث زيد بحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما، فقال:

(108)

- 230 - (3)(حدثنا محمد بن بشار) بن عثمان العبدي البصري.

(ومحمد بن الوليد) بن عبد الحميد القرشي العامري أبو عبد الله البصري الملقب بحمدان، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ)، وقيل بعدها يروي عنه:(خ م س ق).

(قالا: حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري.

قال: (حدثنا شعبة) بن الحجاج العتكي البصري.

(عن سماك) بن حرب بن أوس الذهلي أبي المغيرة الكوفي، صدوق، من الرابعة، مات سنة ثلاث وعشرين ومئة (123 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن عبد الرَّحمن بن عبد الله) بن مسعود الهذلي الكوفي.

قال ابن معين: ثقة لَمْ يسمع من أبيه، وقال في "التقريب": ثقة، من صغار الثانية، مات سنة تسع وسبعين (79 هـ)، وقد سمع من أبيه لكن شيئًا يسيرًا. يروي عنه:(ع).

(عن أبيه) عبد الله بن مسعود الهذلي الكوفي رضي الله تعالى عنه.

ص: 301

أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "نَضَّرَ اللهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَبَلَّغَهُ؛ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَحْفَظُ

===

وهذا السند من سداسياته؛ رجاله ثلاثة منهم كوفيون، وثلاثة بصريون، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نضر الله امرأ سمع منا حديثًا)، وفي رواية الترمذي:(شيئًا) بدل (حديثًا)، قال الطيبي: يعم الأقوال والأفعال الصادرة من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم يدلُّ عليه صيغة الجمع في (منا).

قلت: الظاهر عندي أن المعنى سمع مني أو من أصحابي حديثًا من أحاديثي فبلغه

إلى آخره، وعبارة السندي هنا: أي: سمع بلا واسطة أو بواسطة، وهي بمعنى سمع مقالتي، ولا يتقيد بالسماع من فيه صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا العلماء، والله تعالى أعلم.

(فبلغه) كما سمعه، كما في رواية الترمذي؛ أي: من غير زيادة ولا نقصان، وخص مبلغ الحديث كما سمعه بهذا الدعاء؛ لأنه سعى في نضارة العلم وتجديد السنة، فجازاه بالدعاء بما يناسب حاله، وهذا يدلُّ على شرف الحديث وفضله ودرجة طلابه؛ حيث خصهم النبي صلى الله عليه وسلم بدعاء لَمْ يُشرِك فيه أحدًا من الأمة، ولو لَمْ يكن في طلب الحديث وحفظه وتبليغه فائدة سوى أن يستفيد بركة هذه الدعوة المباركة .. لكفى ذلك فائدةً وغنمًا، وجلَّ في الدارين حظًا وقسمًا.

(فرب مبلغ) -بفتح اللام- وهو مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد، و (رب) للتقليل وقد ترد للتكثير، (أحفظ) بالرفع صفة لمبلغ تابع لمحله أو بالجر تابع للفظه، ومتعلق

ص: 302

مِنْ سَامِعٍ".

(109)

- 231 - (4) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ أَمْلَاهُ عَلَيْنَا، حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ،

===

(رب) محذوف، وهو خبر المبتدأ، تقديره: يوجد أو يكون؛ أي: مبلغ أحفظ؛ أي: أفطن وأفهم أو أكثر مراعاةً لمعناه وعملًا بمقتضاه، وليس المراد الحفظ اللساني، وأوعى لما أقول (من سامع) مني موجود كثيرًا أو قليلًا، وصرح بذلك أبو القاسم بن منده في روايته من طريق هوذة عن ابن عون ولفظه:(فإنه عسى أن بعض من لَمْ يشهد أوعى لما أقول من بعض من شهد).

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي؛ أخرجه في كتاب العلم، باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع، وقال: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه أحمد وابن حبان، قال المناوي: وإسناده صحيح.

قلت: فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث زيد بحديث أبي بكرة رضي الله عنهما، فقال:

(109)

- 231 - (4)(حدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري.

قال: (حدثنا يحيى بن سعيد) بن فروخ (القطان) التميمي أبو سعيد البصري.

قال ابن بشار: (أملاه علينا) أي: أملى يحيى بن سعيد هذا الحديث الآتي علينا، والإملاء: حكاية القول لمن يكتبه.

قال يحيى: (حدثنا قرة بن خالد) السدوسي أبو خالد البصري، ثقة ضابط،

ص: 303

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ وَعَنْ رَجُلٍ آخَرَ هُوَ أَفْضَلُ فِي نَفْسِي مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: خَطَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

===

من السادسة، مات سنة خمس وخمسين ومئة (155 هـ). يروي عنه:(ع).

قال: (حدثنا محمد بن سيرين) الأنصاري مولاهم أبو بكر البصري، ثقة ثبت عابد، من الثالثة، مات سنة عشر ومئة (110 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبد الرَّحمن بن أبي بكرة) نفيع بن الحارث الثقفي البصري، ثقة، من الثانية، مات سنة ست وتسعين (96 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبيه) أبي بكرة نفيع بن الحارث بن كَلَدة -بفتحتين- ابن عمرو الثقفي البصري، الصحابي المشهور رضي الله عنه، له مئة واثنان وثلاثون حديثًا؛ اتفقا على ثمانية، وانفرد (ع) بخمسة، و (م) بآخر، أسلم بالطائف، ثم نزل البصرة، ومات بها سنة إحدى أو اثنتين وخمسين (52 هـ). يروي عنه:(ع).

وهذا السند من سداسياته، ومن لطائفه: أن رجاله كلهم بصريون ثقات، وحكمه: الصحة.

قوله: (وعن رجل آخر) معطوف على عبد الرَّحمن بن أبي بكرة، وهو من كلام قرة بن خالد؛ أي: قال قرة: حدثنا محمد بن سيرين عن عبد الرَّحمن بن أبي بكرة، وحدثنا محمد بن سيرين أيضًا عن رجل آخر (هو) أي: ذلك الآخر (أفضل) وأوثق (في نفسي) أي: في قلبي (من عبد الرَّحمن) بن أبي بكرة، نسيت اسمه الآن، قيل: ذلك الآخر هو حميد بن عبد الرَّحمن الحميري، البصري الفقيه. روى عن: أبي بكرة، وأبي هريرة، ثقة فقيه، من الثالثة.

(عن أبي بكرة) الثقفي البصري رضي الله تعالى عنه.

(قال) أبو بكرة: (خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: وعظ وذكر

ص: 304

يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ: "لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ؛ فَإِنَّهُ رُبَّ مُبَلَّغٍ يُبَلَّغُهُ أَوْعَى لَهُ مِنْ سَامِعٍ".

(110)

- 232 - (5) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ

===

الناس (يوم النحر) بمنىً، (فقال) في خطبته:(ليبلغ) أمر من التبليغ وهو المشهور، أو من الإبلاغ (الشاهد) أي: الحاضر إسماع العلم وهو بالرفع فاعل ليبلغ (الغائب) بالنصب مفعول به أول، والمفعول الثاني محذوف؛ تقديره: أي العلم الذي حضر سماعه؛ ليعمَّ البلاغ الكل، كما هو مقتضى عموم الرسالة إليهم، ولأنه قد يفهم المبلغ ما لا يفهمه الحامل من الأسرار والعلوم، وهذا معنى قوله: (فإنه رب مبلغ

) إلى آخره، والفاء فيه تعليلية؛ أي: لأن الشأن والحال رب مبلَّغ -بفتح اللام المشددة- وهو مبتدأ، كما مر.

* وجملة قوله: (يبلغه) صفة أولى لمبلغ وهو بفتح اللام المشددة أو المخففة على البناءين المذكورين، ونائب الفاعل ضمير مستتر يعود على المبلغ، والضمير البارز المنصوب للعلم، وقوله:(أوعى) أي: أحفظ وأفهم (له) أي: لذلك العلم (من سامع) صفة ثانية لمبلغ، والخبر محذوف؛ تقديره: يوجد أو يكون، كما مر.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ودرجته: أنه صحيح، لأن رجاله ثقات، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث زيد بحديث معاوية بن حيدة رضي الله عنهما، فقال:

(110)

- 232 - (5)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي.

قال: (حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي الكوفي.

ص: 305

ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصورٍ، أَنْبَأَنَا النَّضرُ بْنُ شُمَيْلٍ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مُعَاوِيَةَ الْقُشَيْرِيِّ

===

(ح) أي: حول المؤلف السند.

(و) قال: (حدثنا إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج أبو يعقوب التميمي المروزي، ثقة، من الحادية عشرة، مات سنة إحدى وخمسين ومئتين (251 هـ). يروي عنه:(خ م ت س ق).

قال: (أنبأنا النضر بن شميل) المازني أبو الحسن البصري ثم الكوفي، ثقة ثبت، من كبار التاسعة، مات سنة أربع ومئتين (204 هـ). يروي عنه:(ع).

كلاهما؛ أي: كلّ من أبي أسامة والنضر بن شميل رويا (عن بهز بن حكيم) بن معاوية بن حيدة أبي عبد الملك القشيري البصري.

وثقه ابن معين وابن المديني والنسائي، وقال الحاكم: كان من الثقات ممن يجمع حديثه، وإنما أسقط في "الصحيح" روايته عن أبيه عن جده؛ لأنَّها شاذة لا متابع له عليها، وقال أبو جعفر البستي: بهز بن حكيم عن أبيه عن جده صحيح، وقال في "التقريب": صدوق، من السادسة، مات قبل الستين ومئة. يروي عنه:(عم).

(عن أبيه) حكيم بن معاوية بن حيدة - بحاء مهملة مفتوحة وتحتانية ساكنة ودال مهملة مفتوحة فهاء تأنيث - القشيري البصري. روى عن: أبيه، ويروي عنه:(عم)، وبنوه بهز وسعيد ومهران.

قال العجلي: تابعي ثقة، وقال النسائي: ليس به بأس، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": حكيم والد بهز صدوق، من الثالثة.

(عن جده معاوية) بن حيدة بن معاوية بن قشير بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة (القشيري) البصري، نزل البصرة، صحابي رضي الله تعالى

ص: 306

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَلَا لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ".

(111)

- 233 - (6) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ،

===

عنه، قال ابن الكلبي: أخبرني أبي أنه أدركه بخراسان، ومات بها، وقال في "الخلاصة": له ثلاثة عشر حديثًا. روى عن: النبي صلى الله عليه وسلم، ويروي عنه: ابنه حكيم، وعروة بن رويم اللخمي، وحميد اليزني. يروي عنه:(عم).

وهذان السندان من خماسياته؛ رجال الأول منهما: اثنان منهم كوفيان، وثلاثة بصريون، والثاني منهما: أربعة منهم بصريون، وواحد مروزي، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) معاوية: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا ليبلغ الشاهد) أي: الحاضر عندنا (الغائب) عن مجلسنا هذا؛ لأن الرسالة شأنها العموم لكافة الناس.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ودرجته: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى خامسًا لحديث زيد بحديث ابن عمر رضي الله عنهم، فقال:

(111)

- 233 - (6)(حدثنا أحمد بن عبدة) بن موسى الضبي أبو عبد الله البصري. روى عنه: (م عم).

وثقه أبو حاتم والنسائي، وقال في "التقريب": ثقة، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ).

ص: 307

أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيُّ، حَدَّثَنِي قُدَامَةُ بْنُ مُوسَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُصَيْنِ التَّمِيمِيِّ، عَنْ أَبِي عَلْقَمَةَ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ يَسَارٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ

===

قال: (أنبأنا عبد العزيز بن محمد) بن عبيد (الدراوردي) الجهني أبو محمد المدني، صدوق، من الثامنة، مات سنة ست أو سبع وثمانين ومئة. يروي عنه:(ع).

(حدثني قدامة بن موسى) بن عمر بن قدامة -بضم القاف وتخفيف الدال- ابن مظعون الجمحي المدني، إمام المسجد النبوي. روى عنه:(م د ت ق).

وثقه ابن معين وابن حبان، وقال في "التقريب": ثقة معمَّر، من الخامسة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئة (153 هـ).

(عن محمد بن الحصين التميمي) ثم الحنظلي المدني. روى عن: أبي علقمة مولى ابن عباس، ويروي عنه:(د ت ق)، وقدامة بن موسى الجمحي.

ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال الدارقطني: مجهول، وقال في "التقريب": مجهول، من السادسة.

(عن أبي علقمة) المصري (مولى ابن عباس) الفارسي، كان على قضاء أفريقية، وكان أحد فقهاء الموالي الذين ذكرهم يزيد بن أبي حبيب، قال أبو حاتم: أحاديثه صحاح، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال العجلي: مصري تابعي ثقة، من كبار الثالثة. يروي عنه:(م عم).

(عن يسار) المدني (مولى ابن عمر). روى عن: مولاه ابن عمر، ويروي عنه: أبو علقمة مولى ابن عباس.

قال أبو رزعة: مدني ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": ثقة، من الرابعة. يروي عنه:(د ت ق).

(عن ابن عمر) رضي الله عنهما المكي.

ص: 308

أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لِيُبَلِّغْ شَاهِدُكُمْ غَائِبَكُمْ".

(112)

- 234 - (7) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ،

===

وهذا السند من سباعياته؛ رجاله أربعة منهم مدنيون، وواحد مكي، وواحد مصري، وواحد بصري، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه راويًا مختلفًا فيه؛ وهو محمد بن الحصين التميمي.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليبلغ شاهدكم) أي: حاضركم مجالس تبليغنا (غائبكم) عنها.

وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته: أبو داوود؛ أخرجه في كتاب الصلاة، باب من رخص فيهما إذا كانت الشمس مرتفعة، والترمذي؛ أخرجه في كتاب الصلاة، باب ما جاء في الكلام بعد ركعتي الفجر.

قلت: فدرجته: أنه حسن؛ لأن في سنده راويًا مختلفًا فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى سادسًا لحديث زيد بحديث أنس بن مالك رضي الله عنهما، فقال:

(112)

- 234 - (7)(حدثنا محمد بن إبراهيم) بن العلاء الشامي (الدمشقي) أبو عبد الله الزاهد السائح، مولى نبيط، نزل عبادان.

قال ابن عدي: منكر الحديث، وعامة أحاديثه غير محفوظة، وقال الدارقطني: كذاب، وقال ابن حبان: يضع الحديث لا تحل الراوية عنه، وقال الحاكم والنقاش: روى أحاديث موضوعة، وقال في "التقريب": منكر الحديث، من التاسعة. يروي عنه:(ق).

ص: 309

حَدَّثَنَا مُبَشِّرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَلَبِيُّ، عَنْ مُعَانِ بْنِ رِفَاعَةَ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّاب بْنِ بُخْتٍ الْمَكِّيِّ،

===

قال: (حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي) أبو إسماعيل الكلبي مولاهم.

روى عن: معان بن رفاعة، والأوزاعي، وشعيب بن أبي حمزة، وغيرهم، ويروي عنه:(ع).

قال ابن سعد: كان ثقة مأمونًا، قال عثمان الدارمي عن ابن معين: ثقة، وكذا قال أحمد بن حنبل، وقال ابن قانع: ضعيف، وقال في "التقريب": صدوق، من التاسعة، مات سنة مئتين (200 هـ).

(عن معان) بالنون (بن رفاعة) السلامي أبي محمد الدمشقي. روى عن: عبد الوهاب بن بخت، ويروي عنه:(ق)، ومبشر بن إسماعيل الحلبي.

قال علي بن المديني: ثقة روى عنه الناس، وقال عثمان الدارمي عن دحيم: ثقة، وقال أبو حاتم: شيخ حمصي يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال الدوري عن ابن معين: ضعيف، وقال ابن حبان: منكر الحديث، وقال في "التقريب": معان -بضم أوله وتخفيف المهملة- ابن رفاعة السلامي - بتخفيف اللام- الشامي، لين الحديث كثير الإرسال، من السابعة، مات بعد الخمسين ومئة.

(عن عبد الوهاب بن بخت) -بضم الموحدة وسكون المعجمة بعدها مثناة فوقية- الأموي أبي عبيدة (المكي) سكن الشام ثم المدينة. روى عن: أنس، وأبي هريرة، ويقال: مرسل.

قال ابن معين: كان ثقة، وقال أبو زرعة ويعقوب بن سفيان والنسائي: ثقة، وقال أبو حاتم: صالح لا بأس به، وقال في "التقريب": ثقة، من الخامسة، مات سنة ثلاث عشرة ومئة (113 هـ)، وقيل: سنة إحدى عشرة ومئة. يروي عنه: (د س ق).

ص: 310

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "نَضَّرَ اللهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا ثُمَّ بَلَّغَهَا عَنِّي؛ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ".

===

(عن أنس بن مالك) رضي الله عنه.

وهذا السند من خماسياته؛ رجاله ثلاثة منهم شاميون، وواحد بصري، وواحد مكي، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه محمد بن إبراهيم الدمشقي، وهو متفق على ضعفه.

(قال) أنس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نضر الله) سبحانه وتعالى؛ أي: زين وجمل (عبدًا سمع مقالتي فوعاها) أي: وعى تلك المقالة وحفظها لفظًا ومعنىً، أو لفظًا فقط، (ثم بلغها) أي: بلغ تلك المقالة (عني) إلى الناس كافة؛ (فرب حامل فقه) وحديث وحافظه لفظًا (غير فقيه) معناه فبلغها إلى فقيه، (ورب حامل فقه) وحديث فقيه معناه فبلغها (إلى من هو أفقه) وأعلم (منه) بالاستنباط منه.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، وأخرجه الطبراني في "الأوسط"، ودرجته: أنه صحيح لغيره، وإن كان سنده ضعيفًا؛ لأن له شواهد من الأحاديث السابقة، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثمانية أحاديث:

واحد للاستدلال، وواحد للمتابعة، وستة للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 311