المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(11) - (22) - باب الوصاة بطلبة العلم - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ٢

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌(11) - (6) - فَضْلُ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ رضي الله عنه

- ‌(11) - (7) - فَضْلُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه

- ‌(11) - (8) - فَضائِلُ الْعَشَرَةِ رضي الله عنهم

- ‌(11) - (9) - فَضْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ رضي الله عنه

- ‌(11) - (10) - فَضْلُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه

- ‌(11) - (11) - فَضْلُ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ رضي الله عنه

- ‌(11) - (12) - فَضْلُ الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ ابْنَي عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنهم

- ‌(11) - (13) - فَضْلُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رضي الله عنهما

- ‌(11) - (14) - فَضْلُ سَلْمَانَ وَأَبِي ذَرٍّ وَالْمِقْدَادِ رضي الله عنهم

- ‌(11) - (15) - فَضْلُ بِلَالٍ رضي الله عنه

- ‌(11) - (16) - فَضَائِلُ خَبَّابٍ رضي الله عنه

- ‌(11) - (17) - فَضْلُ أُبَيِّ بْنِ كعْبٍ وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنهم

- ‌(11) - (18) - فَضْلُ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه

- ‌(11) - (19) - فَضْلُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ رضي الله عنه

- ‌(11) - (20) - فَضْلُ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْبَجَلِيِّ رضي الله عنه

- ‌(11) - (21) - فَضْلُ أَهْلِ بَدْرٍ رضي الله عنهم

- ‌(11) - (22) - فَضْلُ الْأَنْصَارِ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ

- ‌(11) - (23) - فَضْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا

- ‌(1) - (12) - بَابٌ: فِي ذِكْرِ الْخَوَارِجِ

- ‌(2) - (13) - بَابٌ: فِيمَا أَنْكَرَتِ الْجَهْمِيَّةُ

- ‌(3) - (14) - بَابُ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً أَوْ سَيِّئَةً

- ‌(4) - (15) - بَابُ مَنْ أَحْيَا سُنَّةً قَدْ أُمِيتَتْ

- ‌(5) - (16) - بَابُ فَضْلِ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ

- ‌(6) - (17) - بَابُ فَضْلِ الْعُلَمَاءِ وَالْحَثِّ عَلَى طَلَبِ الْعِلْمِ

- ‌(7) - (18) - بَابُ مَنْ بَلَّغَ عِلْمًا

- ‌(8) - (19) - بَابُ مَنْ كَانَ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ

- ‌(9) - (20) - بَابُ ثَوْابِ مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ

- ‌(10) - (21) - بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُوطَأَ عَقِبَاهُ

- ‌(11) - (22) - بَابُ الْوَصَاةِ بِطَلَبَةِ الْعِلْمِ

- ‌(12) - (23) - بَابُ الانْتِفَاعِ بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ بِهِ

- ‌(13) - (24) - بَابُ مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ

الفصل: ‌(11) - (22) - باب الوصاة بطلبة العلم

(11) - (22) - بَابُ الْوَصَاةِ بِطَلَبَةِ الْعِلْمِ

(123)

- 245 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ رَاشِدٍ الْمِصرِيُّ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ عَبْدَةَ،

===

(11)

- (22) - (باب الوصاة بطلبة العلم)

والوصاة -بفتح الواو-: اسم مصدر بمعنى الوصية، وفي "الصحاح": يقال: أوصيته إيصاءً ووصاةً، ووصيته توصيةً ووصاةً، بمعنىً؛ أي: باب إيصاء النبي صلى الله عليه وسلم شؤون من يطلب العلم الديني إلى المسلمين بترحيبهم إذا جاؤوا، وإجابتهم إذا استفتوا عن العلم، والطلبة -بفتحتين-: جمع طالب؛ ككملة جمع كامل، والمعنى: باب إيصاء النبي صلى الله عليه وسلم حقوق الطلبة وإكرامهم إلى الناس احترامًا للعلم الذي طلبوه.

* * *

(123)

- 245 - (1) حدثنا محمد بن الحارث بن راشد) بن طارق الأموي، مولاهم أبو عبد الله (المصري) المؤذن بالجامع بمصر. روى عن: الحكم بن عبدة، والليث بن سعد، وابن لهيعة، وغيرهم، ويروي عنه:(ق)، ويعقوب بن سفيان، وغيرهم.

ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": صدوق يغرب، من العاشرة، مات سنة إحدى وأربعين ومئتين (241 هـ).

قال: (حدثنا الحكم بن عبدة) الشيباني، ويقال: الرعيني أبو عبدة البصري نزيل مصر. روى عن: أبي هارون العبدي، وأيوب، وابن أبي عروبة، ويروي عنه:(ق)، ومحمد بن الحارث، ويحيى بن بكرٍ، وغيرهم، له عند ابن ماجة حديث واحد في الوصاة بطلبة العلم؛ وهو هذا الحديث.

ص: 341

عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"سَيَأْتِيكُمْ أَقْوَامٌ يَطْلُبُونَ الْعِلْمَ، فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُمْ .. فَقُولُوا لَهُمْ: مَرْحَبًا مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَفْتُوهُمْ"، قُلْتُ لِلْحَكَمِ: مَا أَفْتُوهُمْ؟

===

قال الآجري عن أبي داوود: ما عندي من علمه شيء، وقال أبو الفتح الأزدي: ضعيف، وقال في "التقريب": مستور، من السابعة.

(عن أبي هارون) عمارة بن جوين - مصغرًا - (العبدي) البصري. روى عن: أبي سعيد الخدري، وابن عمر، ويروي عنه:(ت ق)، والحكم بن عبدة، والحمادان، والثوري، وهشيم، وغيرهم.

قال أبو زرعة وأبو حاتم: ضعيف، وقال النسائي: متروك الحديث، قال خالد بن خداش عن حماد بن زيد: كان كذابًا، بالغداة شيء وبالعشي شيء، وقال في "التقريب": متروك، من الرابعة، مات سنة أربع وثلاثين ومئة (134 هـ).

(عن أبي سعيد الخدري) سعد بن مالك الأنصاري رضي الله عنه.

وهذا السند من رباعياته؛ رجاله اثنان منهم بصريان، وواحد مدني، وواحد مصري، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه راويًا متفقًا على ضعفه؛ وهو أبو هارون العبدي.

(عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سيأتيكم) الخطاب للصحابة، ويلحق بهم العلماء (أقوام يطلبون العلم، فإذا رأيتموهم .. فقولوا لهم: مرحبًا مرحبًا) أي: صادفتم مكانًا واسعًا (بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: بسبب إيصاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إياكم إلينا (وأفتوهم) من الإفتاء معطوف على (قولوا) أي: أجيبوا لهم عما سألوه من العلم، قال محمد بن الحارث:(قلت للحكم) بن عبدة: (ما) معنى قوله: (أفتوهم؟

ص: 342

قَالَ: عَلِّمُوهُمْ.

(124)

- 246 - (2) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَامِرِ بْنِ زُرَارَةَ، حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ هِلَالٍ،

===

قال) الحكم: معناه (علموهم) أي: علموا أيها الصحابة أو العلماء أولئك الطلبة ما يحتاجون إليه من العلم ويطلبونه.

وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته: الترمذي؛ أخرجه في كتاب العلم، باب ما جاء في الاستيصاء بمن يطلب العلم.

ودرجته: أنه ضعيف (17)(38)، كما ضعفه الترمذي؛ لأن في سنده راويًا متفقًا على ضعفه؛ وهو أبو هارون العبدي، بل قيل: إنه كذاب، وغرضه: الاستئناس به.

* * *

ثم استأنس المؤلف للترجمة ثانيًا بحديث أبي هريرة رضي الله عنه، فقال:

(124)

- 246 - (2)(حدثنا عبد الله بن عامر بن زرارة) الحضرمي، مولاهم أبو محمد الكوفي. روى عن: معلى بن هلال، وعلي بن مسهر، ويحيى بن أبي زائدة، وغيرهم، ويروي عنه:(م د ق)، وأبو زرعة، وأبو حاتم، وغيرهم.

قال أبو حاتم: صدوق، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": صدوق، من العاشرة، مات سنة سبع وثلاثين ومئتين (237 هـ).

قال: (حدثنا المعلَّى بن هلال) بن سويد الحضرمي أبو عبد الله الطحان الكوفي. روى عن: إسماعيل بن مسلم، وأبي إسحاق، ومنصور بن المعتمر، والأعمش، وغيرهم، ويروي عنه:(ق)، وعبد الله بن عامر بن زرارة، وقتيبة بن سعيد، وغيرهم.

ص: 343

عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى الْحَسَنِ نَعُودُهُ حَتَّى مَلأْنَا الْبَيْتَ، فَقَبَضَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ نَعُودُهُ حَتَّى مَلأْنَا الْبَيْتَ، فَقَبَضَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى مَلأْنَا الْبَيْتَ وَهُوَ

===

قال أبو طالب عن أحمد: متروك الحديث، حديثه موضوع كذب، وهو كذاب، وقال أحمد بن أبي مريم عن ابن معين: هو من المعروفين بالكذب ووضع الحديث، وبالجملة: اتفق النقاد على تكذيبه، من الثامنة.

(عن إسماعيل) بن مسلم المكي أبي إسحاق البصري، سكن مكة، ولكثرة مجاورته قيل له: المكي، وكان فقيهًا مفتيًا. روى عن: الحسن البصري، والشعبي، وقتادة، والزهري، وغيرهم، ويروي عنه:(ت ق)، والمعلى بن هلال، وابن المبارك، والأوزاعي، والسفيانان.

قال أبو طالب عن أحمد: منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث مختلط، وقال ابن حبان: كان فصيحًا، وهو ضعيف، يروي المناكير عن المشاهير ويقلب الأسانيد.

وبالجملة: اتفقوا على ضعفه، وقال في "التقريب": كان ضعيف الحديث، من الخامسة.

(قال) إسماعيل بن مسلم: (دخلنا على الحسن) البصري حال كوننا (نعوده) من مرضه، فكثرنا عنده (حتى ملأنا البيت) وكان مضطجعًا مادًا رجليه، (فقبض رجليه، ثم قال) الحسن: (دخلنا على أبي هريرة) وهو مضطجع ماد رجليه حالة كوننا (نعوده) من مرضه، فكثرنا عنده (حتى ملأنا البيت، فقبض رجليه، ثم قال) أبو هريرة: (دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاجتمعنا عنده (حتى ملأنا البيت وهو) صلى الله عليه وسلم

ص: 344

مُضْطَجِعٌ لِجَنْبِهِ، فَلَمَّا رَآنَا .. قَبَضَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ قَالَ:"إِنَّهُ سَيَأْتِيكُمْ أَقْوَامٌ مِنْ بَعْدِي يَطْلُبُونَ الْعِلْمَ، فَرَحِّبُوا بِهِمْ وَحَيُّوهُمْ وَعَلِّمُوهُمْ"،

===

(مضطجع لجنبه) أي: على جنبه الأيمن للاستراحة، (فلما رآنا) مزدحمين عنده .. (قبض رجليه) توقيرًا لهم ولكثرة الزحام.

وهذا السند من خماسياته؛ رجاله اثنان منهم بصريان، واثنان كوفيان، وواحد مدني، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه راويين متفقينَ على ضعفهما؛ وهما المعلى بن هلال، وإسماعيل بن مسلم.

(ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنه) أي: إن الشأن والحال (سيأتيكم) أيها الأصحاب (أقوام) كرام من الطلبة (من بعدي) أي: من بعد وفاتي، حالة كونهم (يطلبون العلم) الديني منكم؛ أي: تعليمه (فرحبوا بهم) أمر من الترحيب؛ أي: قولوا لهم: مرحبًا؛ توقيرًا لهم؛ أي: صادفتم مكانًا رحبًا واسعًا لكم لا ضيق فيه، (وحيوهم) أمر من التحية؛ أي: قولوا لهم: حياكم الله سلمكم الله؛ بشارة لهم على ما طلبوه من العلم، (وعلموهم) أمر من التعليم؛ أي: ما يحتاجون إليه من أمور الدين.

وهذا الحديث مما انفرد به ابن ماجة، ودرجته: أنه ضعيف (18)(39)؛ لما عرفت في سنده، وغرضه بسوقه: الاستئناس به.

وفي "الزوائد": إسناده ضعيف؛ فإن المعلي بن هلال كذبه أحمد وابن معين وغيرهما، ونسبه إلى وضع الحديث غير واحد من النقاد، وإسماعيل بن مسلم اتفقوا على ضعفه، وله شاهد من حديث أبي سعيد المذكور قبله وبعده، قال الترمذي فيه: لا نعرفه إلَّا من حديث أبي هارون عن أبي سعيد.

قلت: أبو هارون العبدي ضعيف باتفاقهم. انتهى.

ص: 345

قَالَ: فَأَدْرَكْنَا وَاللهِ أَقْوَامًا مَا رَحَّبُوا بِنَا وَلَا حَيَّوْنَا وَلَا عَلَّمُونَا إِلَّا بَعْدَ أَنْ كُنَّا نَذْهَبُ إِلَيْهِمْ فَيَجْفُونَا.

(125)

- 247 - (3) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَنْقَزِيُّ،

===

(قال) الحسن البصري: (فأدركنا - والله - أقوامًا) من المشايخ لا التلامذة (ما رحبوا بنا) أي: ما يقولون لنا: مرحبًا مرحبًا، كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم (وَلَا حيونا) أي: ولا يقولون لنا: حياكم الله حياكم الله عند إتياننا إليهم لطلب العلم، (وَلَا علمونا) العلم الديني من التفسير والحديث والفقه، وما كان آلة لها (إلَّا بعد أن كنا نذهب إليهم) أي: نكرر الذهاب إليهم، (فيجفونا) - بالجيم - من الجفاء بحذف نون الرفع؛ لتوالي الأمثال، أو للازدواج؛ أي: فيبعدوننا من حضرتهم في أوائل أمر الذهاب إليهم حتى نكرر المراجعة إليهم، أو فيكونون جفاة غلاظ القلوب علينا لا يرحمون لنا بقضاء حوائجنا من العلم، وفي السندي: وكتب الفقيه أحمد بن أبي الخير أن قول الحسن هذا يحمل على من أدرك من غير الصحابة رضي الله عنهم؛ فإن أكثر علمه إنما أخذه من التابعين. انتهى.

* * *

ثم استأنس المؤلف للترجمة ثالثًا بحديث آخر لأبي سعيد رضي الله عنه، فقال:

(125)

- 247 - (3)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).

قال: (حدثنا عمرو بن محمد العنقزي) -بفتح المهملة والقاف بينهما نون

ص: 346

أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي هَارُونَ الْعَبْدِيِّ قَالَ: كُنَّا إِذَا أَتَيْنَا أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ .. قَالَ: مَرْحَبًا بِوَصِيَّةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم؛ إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَنَا: "إِنَّ النَّاسَ لَكُمْ تَبَعٌ، وَإِنَّهُمْ

===

ساكنة وبالزاي- نسبة إلى العنقز وهو المرزنجوش، وقيل: الريحان كان يبيعه أو يزرعه، كما في "اللباب"، القرشي، مولاهم أبو سعيد الكوفي.

وثقه النسائي، وقال في "التقريب": ثقة، من التاسعة، مات سنة تسع وتسعين ومئة (199 هـ). يروي عنه:(م عم).

وقال: (أنبأنا سفيان) بن سعيد الثوري أبو عبد الله الكوفي، ثقة، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي هارون) عمارة بن جوين - مصغرًا - (العبدي) البصري، متروك، من الرابعة، مات سنة أربع وثلاثين ومئة (134 هـ). يروي عنه:(ت ق).

(قال): أبو هارون (كنا إذا أتينا أبا سعيد الخدري) رضي الله عنه.

وهذا السند من خماسياته؛ رجاله ثلاثة منهم كوفيون، وواحد مدني، وواحد بصري، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه راويًا متفقًا على ضعفه؛ وهو أبو هارون البصري.

(قال) لنا أبو سعيد: (مرحبًا) أي: صادفتم مرحبًا ومكانًا واسعًا (بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: بسبب إيصاء رسول الله صلى الله عليه وسلم مراعاة حقوقكم وتوقيركم إلى المسلمين الصحابة وغيرهم، ممن يقوم مقامهم من العلماء؛ فـ (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا: إن الناس) أي: المسلمين بعدكم (لكم تبع) أي: تبع -بفتحتين- لكم في الدين، جمع تابع كطلب جمع طالب، وقيل: مصدر وضع موضع الصفة مبالغة؛ نحو قولهم: مررت برجل عدل؛ أي: عادل، (وإنهم) أي: وإن الذين بعدكم أيها

ص: 347

سَيَأْتُونَكُمْ مِنْ أَقْطَارِ الْأَرْضِ يَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ، فَإِذَا جَاؤُوكُمْ .. فَاستَوْصُوا بِهِمْ خَيْرًا".

===

الأصحاب (سيأتونكم) أي: سيأتون إليكم لطلب العلم (من أقطار الأرض) ونواحيها، حالة كونهم (يتفقهون في الدين) أي: يريدون التفقه والتفهم في أحكام الدين الاعتقادية والعملية.

وعبارة "تحفة الأحوذي": قوله: (إن الناس تبع لكم) جمع تابع؛ كخدم وخادم، والخطاب لعلماء الصحابة؛ يعني: أن الناس يتبعونكم في أفعالكم وأقوالكم؛ لأنكم أخذتم عني مكارم الأخلاق، وفيه مأخذ لتسمية التابعي تابعيًا، وإن كانت التبعية عامةً بواسطة أو بغير واسطة، ولكن المطلق ينصرف إلى الكامل، (من أقطار الأرض) جمع قطر -بضم القاف وسكون الطاء المهملة- الناحية والجانب؛ أي: من جوانبها وأطرافها (يتفقهون في الدين) أي: يطلبون الفقه والفهم فيه، والجملة استئنافيّة لبيان علة الإتيان، أو حال من المرفوع في يأتونكم، وهو أقرب إلى الذوق. قاله الطيبي.

(فإذا جاؤوكم) بهذا القصد، وآثر (إذا) على (إن) لإفادتها تحقق وقوع هذا الأمر من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم؛ لوقوع ذلك كما أخبر به .. (فاستوصوا) أي: فليوص بعضكم بعضًا؛ أي: فليأمر بعضكم بعضًا بأن يفعل (بهم) أي: بهؤلاء التابعين (خيرًا) ومصلحة في تعليمهم علوم الدين وتحقيقهم بها، أو المعنى: اطلبوا الوصية والنصيحة بهم من أنفسكم، فالسين والتاء للطلب؛ فيكون الكلام من باب التجريد؛ أي: ليجرد كلّ منكم شخصًا من نفسه ويطلب منه التوصية والنصيحة في حق الطالبين ومراعاة أحوالهم.

وقيل: الاستيصاء: طلب الوصية من نفسه، أو من غيره بأحد أو بشيء؛ يقال: استوصيت زيدًا بعمرو خيرًا؛ أي: طلبت من زيد أن يفعل بعمرو خيرًا،

ص: 348

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والباء في (بهم) للتعدية، وقيل: الاستيصاء: قبول الوصية، ومعناه: اقبلوا الوصية مني بإيتائهم خيرًا، وقيل: معناه مروهم بالخير وعظوهم وعلموهم إياه، كذا في "المرقاة". انتهى منه، والله سبحانه وتعالى أعلم.

وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته: الترمذي، كما تقدم تخريجه أول الباب، وقال: هذا حديث لا نعرفه إلَّا من رواية أبي هارون، وهو متفق على ضعفه، كما مر آنفًا.

فدرجته: أنه ضعيف (19)(40)، وغرضه: الاستئناس به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

فكلها ضعاف، وغرضه بسوقها: الاستئناس.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 349