الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(12) - (23) - بَابُ الانْتِفَاعِ بِالْعِلْمِ وَالْعَمَلِ بِهِ
(126)
- 248 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "اللَّهُمَّ؛ إِنِّي
===
(12)
- (23) - (باب الانتفاع بالعلم والعمل به)
(126)
- 248 - (1) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي.
(حدثنا أبو خالد الأحمر) سليمان بن حيان الأزدي الكوفي، صدوق يخطيء، من الثامنة، مات سنة تسعين ومئة (190 هـ)، وقيل قبلها. يروي عنه:(ع).
(عن) محمد (بن عجلان) القرشي مولاهم أبي عبد الله المدني.
وثقه أحمد وابن معين، وقال في "التقريب": صدوق، من الثامنة، إلَّا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة، مات سنة ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن سعيد بن أبي سعيد) كيسان المقبري أبي سعد المدني، ثقة، من الثالثة، مات في حدود العشرين ومئة، وقيل قبلها، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) المدني الدوسي رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته؛ رجاله ثلاثة منهم مدنيون، واثنان كوفيان، وحكمه: الصحة.
(قال) أبو هريرة: (كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم؛ إني
أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ دُعَاءٍ لَا يُسْمَعُ، وَمَنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ".
===
أعوذ بك من علم لا ينفع) صاحبه في الدين والدنيا؛ فإن من العلم ما لا ينفع صاحبه، بل يصير عليه حجة.
وقال السيوطي في بيان العلم الغير النافع: إنه الذي لا يهذب الأخلاق الباطنة، فيسري منها إلى الأفعال الظاهرة، فيفوز بها الثواب الآجل، وفي استعاذته صلى الله عليه وسلم من هذه الأمور إظهار العبودية وإعظام للرب تبارك وتعالى، وأن العبد ينبغي له ملازمة الخوف ودوام الافتقار إلى جنابه تعالى، وفيه حث لأمته على ذلك وتعليم لهم، وإلا .. فهو صلى الله عليه وسلم معصوم من هذه الأمور، وفيه أن الممنوع من السجع ما يكون عن قصده إليه وتكلف في تحصيله، وأما ما اتفق حصوله بسبب قوة السليقة وفصاحة اللسان .. فبمعزل عن ذلك. انتهى "سندي".
(ومن دعاء لا يسمع) أي: لا يقبل ولا يستجاب، فكأنه غير مسموع حيث لَمْ يترتب عليه فائدة السماع المطلوبة منه، (ومن قلب لا يخشع) أي: لا يخضع لله سبحانه ولا يخاف منه فيمتثل أوامره ويجتنب نواهيه (ومن نفس لا تشبع) من الدنيا؛ أي: حريصة على الدنيا لا تشبع منها، وأما الحرص على العمل والخير .. فمحمود مطلوب، قال تعالى:{وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (1).
وعبارة "تحفة الأحوذي" هنا: (ومن قلب لا يخشع) أي: لا يسكن ولا يطمئن بذكر الله، (ومن دعاء لا يسمع) بصيغة المجهول؛ أي: لا يستجاب، (ومن نفس لا تشبع) أي: بما آتاها الله، ولا تقنع بما رزقها، ولا تفتر عن جمع المال؛ لما فيها من شدة الحرص، أو من نفس تأكل كثيرًا، قال ابن الملك:
(1) سورة طه: (114).
(127)
- 249 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُبَيْدَةَ،
===
أي: حريصة على جمع المال وتحصيل المناصب، (ومن علم لا ينفع) أي: علم لا أعمل به، ولا أعلم الناس، ولا يهذب الأخلاق والأقوال والأفعال، أو علم لا يحتاج إليه، أو لَمْ يرد في تعلمه إذن شرعي.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته: الترمذي؛ أخرجه في كتاب الدعوات، وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي؛ أخرجه في كتاب الاستعاذة، باب الاستعاذة من دعاء لا يسمع.
ودرجته: أنه صحيح؛ لأن رجاله ثقات، وغرضه: الاستدلال به.
* * *
ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه، فقال:
(127)
- 249 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) الكوفي، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).
(حدثنا عبد الله بن نمير) الهمداني أبو هشام الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة تسع وتسعين ومئة (199 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن موسى بن عبيدة) - مصغرًا - ابن نشيط بن عمرو بن الحارث الربذي أبي عبد العزيز المدني. روى عن: محمد بن ثابت، وعبد الله بن دينار، وإياس بن سلمة ابن الأكوع، ويروي عنه:(ت ق)، وعبد الله بن نمير، ووكيع.
وقال ابن معين: ضعيف لا يحتج بحديثه، وقال علي بن المديني: موسى بن عبيدة ضعيف الحديث، حدث بأحاديث مناكير، وقال أبو حاتم: منكر الحديث،
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ ثَابتٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الَلَّهُمَّ؛ انْفَعْنِي بِمَا عَلَّمْتَنِي، وَعَلِّمْنِي مَا يَنْفَعُنِي، وَزِدْنِي عِلْمًا،
===
وقال الترمذي: يضعف، وقال النسائي: ضعيف، وقال ابن سعد: كان ثقة كثير الحديث وليس بحجة، وقال يعقوب بن شيبة: صدوق ضعيف الحديث جدًّا، ومن الناس من لا يكتب حديثه لوهائه وضعفه وكثرة اختلاطه، وقال الساجي: منكر الحديث، وقال ابن قانع: فيه ضعف، وقال ابن حبان: ضعيف.
وبالجملة: اتفقوا على ضعفه، وقال في "التقريب": ضعيف، من السادسة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئة (153 هـ).
(عن محمد بن ثابت) روى عن: أبي هريرة، وأبي حكيم مولى الزبير، ويروي عنه:(ت ق)، وموسى بن عبيدة الربذي.
قال الدوري عن ابن معين: لا أعرفه، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: لا نعرف من محمد هذا، وقال في "التقريب": محمد بن ثابت عن أبي هريرة مجهول، من السادسة.
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته؛ رجاله اثنان منهم مدنيان، واثنان كوفيان، وواحد مجهول، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه راويًا متفقًا على ضعفه وهو موسى بن عبيدة، وراويًا مجهولًا؛ وهو محمد بن ثابت.
(قال) أبو هريرة: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم؛ انفعني بما علمتني) في ديني ودنياي، (وعلمني ما ينفعني) في آجلي وعاجلي، (وزدني علمًا) ينفعني، وفي هذا حث لأمته على هذا الدعاء وتعليم لهم، وإلا .. فهو صلى الله عليه وسلم علمه نافع له ولأمته، قال
وَالْحَمْدُ لِلّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ".
(128)
- 250 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ
===
تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (1)، (والحمد لله على كلّ حال) من الرخاء والشدة والنصر والغلبة، وظاهر العطف: أن جملة الحمدلة إنشائية المعني، وإن كانت خبرية اللفظ.
وهذا الحديث مما انفرد به المؤلف، ودرجته: أنه ضعيف (20)(41)؛ لأن في سنده راويين اتفقوا على ضعفهما، كما قد عرفت، وغرضه: الاستئناس به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى لحديث أبي هريرة بحديث آخر له رضي الله عنه، فقال:
(128)
- 250 - (3)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يونس بن محمد) بن مسلم البغدادي أبو محمد الحافظ المؤدب. روى عن: فليح بن سليمان، والحمادين، والليث، وغيرهم، ويروي عنه:(ع)، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو خيثمة، وغيرهم.
قال ابن معين: ثقة، وقال يعقوب بن شيبة: ثقة ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة سبع ومئتين (207 هـ).
(وسريج) مصغرًا (ابن النعمان) بن مروان الجوهري أبو الحسين البغدادي. روى عن: فليح بن سليمان، والحمادين، ويروي عنه:(خ عم)، وابن أبي شيبة.
(1) سورة الشورى: (52).
قَالَا: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْمَرٍ أَبِي طُوَالَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ يَسَارٍ،
===
وثقه ابن معين والعجلي وأبو داوود وابن سعد وغيرهم، وقال في "التقريب": ثقة يهم قليلًا، من كبار العاشرة، مات سنة سبع عشرة ومئتين (217 هـ).
(قالا: حدثنا فليح) مصغرًا (ابن سليمان) بن أبي المغيرة - اسمه رافع - الخزاعي أبو يحيى المدني، وفليح لقب غلب عليه، واسمه عبد الملك. روى عن: أبي طوالة، والزهري، ويروي عنه:(ع)، ويونس بن محمد، وسريج بن النعمان.
قال النسائي وابن معين: ضعيف، قال علي بن المديني: كان فليح وأخوه عبد الحميد ضعيفين، وقد اعتمده البخاري في "صحيحه"، وروى عنه الكثير، وقال: وهو عندي لا بأس به، مات سنة ثمان وستين ومئة (168 هـ)، وقال في "التقريب": صدوق كثير الخطأ، من السابعة.
(عن عبد الله بن عبد الرَّحمن بن معمر) بن حزم الأنصاري (أبي طوالة) -بضم الطاء وفتح الواو- بدل من عبد الله المدني، كان قاضي المدينة في زمن عمر بن عبد العزيز. روى عن: سعيد بن يسار، ويروي عنه:(ع)، وفليح بن سليمان.
قال أحمد وابن معين وابن سعد والترمذي والنسائي وابن حبان والدارقطني: ثقة، زاد محمد بن سعد: كثير الحديث، وقال في "التقريب": ثقة، من الخامسة، مات سنة أربع وثلاثين ومئة، ويقال بعد ذلك.
(عن سعيد بن يسار) أبي الحباب المدني. روى عن: أبي هريرة، ويروي عنه:(ع)، وأبو طوالة، وقال في "التقريب": ثقة متقن، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة، وقيل: قبلها بسنة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللهِ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيَا .. لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"؛
===
(عن أبي هريرة) الدوسي المدني رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته؛ رجاله أربعة منهم مدنيون، وواحد بغدادي، واحد كوفي، وحكمه: الحسن؛ لأن فليح بن سليمان مختلف فيه، وسائر رجاله ثقات.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تعلم علمًا مما يبتغى) ويطلب (به وجه الله) ورضاه سبحانه وتعالى، ومن بيان للعلم؛ أي: علمًا من العلم الذي يطلب به رضا الله تعالى؛ وهو العلم الشرعي، وما كان آلةً له وهو العلم بالشرائع والأحكام وآلاتها، حالة كونه (لا يتعلمه) أي: لا يطلب ولا يقصد تعلمه (إلَّا ليصيب) وينال (به) أي: بذالك العلم (عرضًا) يسيرًا ومتاعًا قليلًا (من الدنيا) أي: من أعراض الدنيا .. (لَمْ يجد) ولم يشم (عرف الجَنَّة) أي: رائحتها (يوم القيامة).
وفيه دلالة على أن الوعيد المذكور لمن لَمْ يقصد بالعلم الديني إلَّا الدنيا فقط، وأما من طلب بعلمه رضا المولى ومع ذلك له ميل ما إلى الدنيا .. فليس بداخل في هذا الوعيد، وكذا من طلب الدنيا بعلم الطب أو الهندسة أو الحساب أو المساحة .. فليس بداخل فيه.
والعرف بفتح العين وسكون الراء المهملتين، وفيه مبالغة في تحريم الجَنَّة؛ لأن من لَمْ يجد رائحة الشيء لا يناله قطعًا، وهذا محمول على أنه يستحق إلا يدخل أولًا مع الفائزين، ثم أمره إلى الله تعالى كأمر أصحاب الذنوب كلهم إذا ماتوا على الإيمان، وقيل: المعنى أنه يكون محرومًا من ريح الجَنَّة
يَعْنِي: رِيحَهَا.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: أَنْبَأَنَا أَبُو حَاتِمٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
===
وإن دخلها، وقيل: بل هذا الحكم مخصوص بيوم القيامة، كما هو المذكور في لفظ الحديث، وهو من حين أن يحشروا إلى أن يستقر كلّ أهل دار مقره؛ وبيانه: أن الأخيار سيما العلماء إذا وردوا يوم القيامة .. يجدون رائحة الجَنَّة قبل أن يدخلوها؛ تقويةً لقلوبهم وتسليةً لهمومهم على مقدار مراتبهم، وعلى هذا فالمبتغي بعلمه الأعراض الفانية .. يكون في ذلك اليوم كصاحب أمراض حادثة في الدماغ؛ كالزكام مانعة من إدراك الروائح لا يجد رائحة الجَنَّة.
قال أبو هريرة: (يعني) النبي صلى الله عليه وسلم بعرف الجَنَّة: (ريحها)، وهذا كلام مدرج من الراوي.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته: أبو داوود؛ أخرجه في كتاب العلم، باب في طلب العلم لغير الله تعالى.
فدرجته: أنه حسن؛ لحسن سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
(قال أبو الحسن) علي بن إبراهيم بن سلمة القطان رَاوِيَةُ المؤلف:
(أنبأنا أبو حاتم) محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي الرازي أحد الأئمة الأعلام، من الحادية عشرة، مات سنة سبع وسبعين ومئتين (277 هـ). يروي عنه:(د س).
(حدثنا سعيد بن منصور) بن شعبة أبو عثمان الخراساني، ثقة، مصنف، من العاشرة، مات سنة سبع وعشرين ومئتين، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
قال: (حدثنا فليح بن سليمان، فذكر) سعيد بن منصور (نحوه) أي:
(129)
- 251 - (4) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا أَبُو كَرِبٍ الْأَزْدِيُّ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم
===
نحو حديث يونس بن محمد، وغرضه بسوق هذا السند: بيان متابعة سعيد بن منصور ليونس بن محمد في رواية هذا الحديث عن فليح بن سليمان.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(129)
- 251 - (4)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي.
قال: (حدثنا حماد بن عبد الرَّحمن) الكلبي منسوب إلى كلب بن وبرة أبو عبد الرَّحمن الكوفي، وقيل: الحمصي. روى عن: أبي كرب الأزدي، وأبي إسحاق السبيعي، وإسماعيل بن إبراهيم الأنصاري، وغيرهم، ويروي عنه: هشام بن عمار، والوليد بن مسلم، و (ق).
قال أبو زرعة: يروي أحاديث مناكير، وقال أبو حاتم: شيخ مجهول، منكر الحديث، ضعيف الحديث، وقال في "التقريب": ضعيف، من الثامنة.
قال: (حدثنا أبو كرب) بفتح الكاف وكسر الراء (الأزدي) قال أبو حاتم: مجهول، وقال في "التقريب": مجهول، من السابعة. يروي عنه:(ق).
(عن نافع) العدوي، مولاهم مولى ابن عمر أبي عبد الله المدني.
(عن) عبد الله (بن عمر) المكي رضي الله تعالى عنهما (عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا السند من خماسياته؛ رجاله واحد منهم مكي، وواحد مدني، وواحد
قَالَ: "مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِيُمَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ لِيُبَاهِيَ بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ لِيَصْرِفَ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ .. فَهُوَ فِي النَّارِ".
===
كوفي، وواحد دمشقي، وواحد مجهول، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه راويين ضعيفين.
(قال) النبي صلى الله عليه وسلم: (من طلب العلم) أي: لا لله، بل (ليماري) ويجادل (به السفهاء) أي: الجهال ضعاف العقول جمع السفيه؛ وهو قليل العقل، والمراد بهم: الجهال؛ أي: ليجادل به الجهال، والمماراة من المرية وهي الشك؛ لأن كلًّا من المتحاجين يثك فيما يقول صاحبه ويشككه فيما يورد على حجته، أو من المري؛ وهو مسح الحالب الضرع ليستنزل ما فيه من اللبن؛ فإن كلًّا من المتناظرين يستخرج ما عند صاحبه، كذا حققه الطيبي.
(أو ليباهي) ويفاخر ويغالب (به العلماء) في المناظرة والجدال؛ ليظهر علمه في الناس رياء وسمعة كذا في المجتمع (أو ليصرف) ويميل (وجوه الناس) وقلوبهم (إليه) أي: يطلبه بنية تحصيل المال والجاه وإقبال العامة والطلبة عليه .. (فهو في النار) وفي رواية الترمذي في حديث كعب بن مالك: "أدخله الله النار".
وعبارة السندي: قوله: (أو ليصرف وجوه الناس إليه) أي: ينوي به تحصيل المال والجاه، وصرف وجوه الناس العوام إليه، وجعلهم كالخدم له، أو جعلهم ناظرين إليه إذا تكلم، متعجبين من كلامه إذا تكلم، مجتمعين حوله إذا جلس، قوله:(فهو في النار) معناه: أنه يستحقها بلا دوام، ثم فضل الله واسع، فإن شاء .. عفا بلا دخول.
وهذا الحديث مما انفرد به ابن ماجة، لكن رواه الترمذي بلفظه من حديث
(130)
- 252 - (5) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَنْبَأَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ،
===
كعب بن مالك، وقال: هذا حديث غريب، ورواه من حديث ابن عمر، وقال: حسن، لكن إسناد الترمذي غير إسناد المؤلف.
فدرجته: أنه حسن المتن، وإن كان سنده ضعيفًا؛ لأن له شاهدًا من حديث كعب المذكور في "الترمذي" ومن حديث جابر المذكور بعده، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى ثالثًا لحديث أبي هريرة بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهم، فقال:
(130)
- 252 - (5)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله الذهلي النيسابوري.
قال: (حدثنا) سعيد بن الحكم بن محمد بن سالم (بن أبي مريم) الجمحي، مولاهم أبو محمد المصري، ثقة ثبت فقيه، من كبار العاشرة، مات سنة أربع وعشرين ومئتين (224 هـ)، وله ثمانون سنة. يروي عنه:(ع).
قال: (أنبأنا يحيى بن أيوب) الغافقي أبو العباس المصري، وثقه ابن معين ويعقوب بن سفيان، وقال في "التقريب": صدوق، ربما أخطأ من السابعة، مات سنة ثمان وستين ومئة (168 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن) عبد الملك بن عبد العزيز (ابن جريجٍ) الأموي، مولاهم أبي الوليد المكي، ثقة فقيه وكان يدلس ويرسل، من السادسة، مات سنة خمسين ومئة (150 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ، وَلَا لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ، وَلَا تَخَيَّرُوا بِهِ الْمَجَالِسَ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ .. فَالنَّارُ النَّارُ".
===
(عن أبي الزبير) محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم، وثقه ابن معين والنسائي وابن عدي، وقال في "التقريب": صدوق إلَّا أنه يدلس، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن جابر بن عبد الله) الأنصاري السلمي رضي الله عنهما.
وهذا السند من سداسياته؛ رجاله اثنان منهم مكيان واثنان مصريان، وواحد مدني، وواحد نيسابوري، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تعلموا) مضارع مجزوم بلا الناهية؛ لأنه على حذف إحدى التاءين أصله لا تتعلموا (العلم) الديني (لتباهوا) بضم التاء؛ لأنه من باب فاعل؛ أي: لتفاخروا (به العلماء، ولا لتماروا) وتجادلوا (به السفهاء) والجهال ضعاف العقول، (وَلَا) لـ (تخيروا به) بحذف إحدى التاءين؛ أي: ولا لتأخذوا به (المجالس) أي: خيار المجالس وصدورها وأحسنها؛ لتفتخروا به على الناس؛ أي: ولا لتختاروا لأنفسكم بسببه صدور المجالس وأولها لاعتقاد أفضليتكم على الناس بسبب العلم؛ لأن الفضل إنما يكون بالتقوى مع العمل به، (فمن فعل ذلك) المذكور من المباهاة والمماراة به واختيار النفس به .. (فالنار النار) أحق به، والثاني توكيد لفظي، وهذا إذا قرأناه بالرفع، ويحتمل النصب على معنى: فيستحق النار النار.
وهذا الحديث مما انفرد به ابن ماجة عن أصحاب "الأمهات"، وفي "الزوائد": رجال إسناده ثقات، ورواه ابن حبان في "صحيحه" من حديث ابن أبي مريم به، والحاكم من طريق ابن أبي مريم مرفوعًا وموقوفًا.
(131)
- 253 - (6) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ، أَنْبَأَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْكِنْدِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ ابْنِ أَبِي بُرْدَةَ،
===
فدرجته: أنه صحيح، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى رابعًا لحديث أبي هريرة بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(131)
- 253 - (6)(حدثنا محمد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي: نسبة إلى جرجراء؛ مدينة بين واسط وبغداد، أبو جعفر التاجر الأموي مولى عمر بن عبد العزيز. روى عن: الوليد بن مسلم، وابن عيينة، وحاتم بن إسماعيل، وإسحاق الأزرق، وغيرهم، ويروي عنه:(د ق)، وأبو زرعة الرازي، وغيرهم.
قال أبو زرعة ومحمد بن عبد الله الحضرمي: ثقة، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ).
(أنبأنا الوليد بن مسلم) القرشي الدمشقي، ثقة، من الثامنة، مات آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن يحيى بن عبد الرَّحمن الكندي) أبي شيبة المصري. روى عن: عبيد الله بن أبي بردة، وعمر بن عبد العزيز، ويروي عنه:(ق)، والوليد بن مسلم، وهشيم، وغيرهم.
قال الطبراني: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": صدوق، من السادسة.
(عن عبيد الله) بن المغيرة (بن أبي بردة) الكناني، وقد ينسب إلى
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ أُنَاسًا مِنْ أُمَّتِي سَيَتَفَقَّهُونَ فِي الدِّينِ، وَيَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ، وَيَقُولُونَ: نَأْتِي الْأُمَرَاءَ فَنُصِيبُ مِنْ دُنْيَاهُمْ وَنَعْتَزِلُهُمْ بِدِينِنَا، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ؛
===
جده، ويقال له: عبد الله - مكبرًا - روى عن: ابن عباس، ويروي عنه:(ق)، ويحيى بن عبد الرَّحمن الكندي.
وقال في "التقريب": مقبول، من الرابعة، وفي "التهذيب" الذي في عدة نسخ من "سنن ابن ماجة":(عن عبيد الله ابن أبي بردة)، وقد رواه الطبراني من الوجه الذي أخرجه منه ابن ماجة، فقال:(عن عبيد الله بن المغيرة بن أبي بردة)، أخرجه الضياء في "المختارة"، ومقتضاه: أن يكون عبيد الله عنده ثقة. انتهى.
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته؛ رجاله واحد منهم طائفي، وواحد جرجرائي، وواحد دمشقي، وواحد مصري، وواحد كنا في، وحكمه: الحسن؛ لأن عبيد الله بن أبي بردة، وإن كان مجهول البلدة .. فقد قال فيه الحافظ في "التقريب": إنه مقبول، ووثقه الطبري، كما مر آنفًا.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أناسًا من أمتي) في آخر الزمان (سيتفقهون) أي: سيدعون الفقه (في الدين، ويقرؤون القرآن) قراءة مجودة، (ويقولون) أي: يقول بعضهم لبعض: (نأتي الأمراء) أي: نحضر مجالسهم وحفلاتهم ونزورهم في بيوتهم، (فنصيب من دنياهم) أي: نأخذ من دنياهم ما نحتاج إليه بسبب التعارف بيننا وبينهم، (ونعتزلهم) أي: نبتعد (بديننا) عن السلوك في مسالكهم والتمسك بسيرتهم والاقتداء بهم في ديننا، فلا يضرنا فسادهم في دينهم وسوء مسالكهم، (وَلَا يكون ذلك) أي: لا يوجد ذلك الأمر
كَمَا لَا يُجْتَنَى مِنَ الْقَتَادِ إِلَّا الشَّوْكُ .. كَذَلِكَ لَا يُجْتَنَى مِنْ قُرْبِهِمْ إِلَّا"، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ: كَأَنَّهُ يَعْنِي: الْخَطَايَا.
===
الذي قصدوه؛ وهو الإصابة من دنياهم والاعتزال عنهم بدينهم، وفي المثل السائر: من تجالس .. توارث.
وقوله: (كما لا يجتنى) على صيغة المبني للمفعول من جنى الثمرة واجتناها إذا اقتطفها من الشجر (من القتاد) وهو شجر ذو شوك لا يكون له ثمر ولا يستفاد منه إلَّا الشوك المضر؛ أي: فكما لا يستفاد من شجر القتاد (إلَّا الشوك) المضر .. (كذلك لا يجتنى) ولا يستفاد (من قربهم) أي: من قرب الأمراء؛ يعني: أمراء السوء والجور (إلَّا) الخطايا والذنوب وفساد الأخلاق والسيرة والسلوك.
(قال محمد بن الصباح) في تفسير المستثنى المحذوف: (كأنه) صلى الله عليه وسلم (يعني) ويقصد بالمستثنى الذي حذفه لغرض الإبهام (الخطايا) جمع خطيئة وهي الذَّنْب.
فنبه بهذا التمثيل على أن قرب الأمراء لا يفيد سوى المضرة الدينية أصلًا، وهذا إما مبني على أن ما قدر له من الدنيا فهو آت لا محالة، سواء أتى أبواب الأمراء أم لا، فحينئذ ما بقي في إتيان أبوابهم فائدة إلَّا المضرة المحضة في الدين، أو على أن النفع الدنيوي الحاصل بصحبتهم بالنظر إلى الضرر الديني كلا شيء، فما بقي إلَّا الضرر، وعن محمد بن أبي سلمة: الذباب على العذرات أحسن من قارئ على أبواب هؤلاء الأمراء. انتهى.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ودرجته: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به.
فقد قال عبد العظيم المنذري في كتاب "الترغيب": إن جميع رواته ثقات،
(132)
- 254 - (7) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ،
===
ولا تغتر بما قاله في "الزوائد": إن إسناده ضعيف، وعبيد الله بن أبي بردة لا يعرف. انتهى؛ فقد وثقه الطبري، وقال في "التقريب": إنه مقبول.
* * *
ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة ثانيًا بحديث آخر لأبي هريرة رضي الله عنه، فقال:
(132)
- 254 - (7)(حدثنا علي بن محمد) الطنافسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).
(ومحمد بن إسماعيل) بن سمرة الأحمسي أبو جعفر الكوفي السراج. روى عن: المحاربي، وابن عيينة، ووكيع، وغيرهم، ويروي عنه:(ت س ق)، وابن خزيمة، وأبو نعيم، وابن أبي داوود، وآخرون.
قال أبو حاتم: صدوق، وقال ابنه: صدوق ثقة، وقال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": ثقة، من العاشرة، مات سنة ستين ومئتين (260 هـ)، وقيل قبلها.
كلاهما: (قالا: حدثنا عبد الرَّحمن بن محمد) بن زياد (المحاربي) أبو محمد الكوفي. روى عن: عمار بن سيف، والأعمش، وعباد بن كثير، وإبراهيم بن مسلم الهجري، وعدة، ويروي عنه:(ع)، وأبو بكر بن أبي شيبة، وأبو سعيد الأشج، وآخرون.
وقال ابن معين والنسائي: ثقة، وقال أبو حاتم: صدوق إذا حدث عن الثقات، ويروي عن المجهولين أحاديث منكرة فيفسد حديثه، وقال في "التقريب": لا بأس به، وكان يدلس، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (190 هـ).
حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ سَيْفٍ، عَنْ أَبِي مُعَانٍ الْبَصْرِيِّ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ،
===
قال: (حدثنا عمار بن سيف) الضبي أبو عبد الرَّحمن الكوفي. روى عن: أبي معان - بالنون - البصري، وابن أبي ليلي، وهشام بن عروة، وغيرهم، ويروي عنه:(ت ق)، والمحاربي، وابن المبارك، وإسحاق بن منصور السلولي، وغيرهم.
قال ابن معين: حديثه ليس بشيء، وقال أبو زرعة: ضعيف، وقال أبو حاتم: كان شيخًا صالحًا، وكان ضعيف الحديث، منكر الحديث، وقال أبو داوود: كان مغفلًا، وقال العجلي: ثقة ثبت متعبد، وكان صاحب سنة، وقال عثمان الدارمي والليث بن عبدة عن ابن معين: ثقة، وقال أبو غسان: كان من خيار الناس، وذكره العقيلي في "الضعفاء"، وقال في "التقريب": ضعيف الحديث، وكان عابدًا، من الثامنة، إلَّا أنه قديم الموت، مات بعد الستين ومئة.
(عن أبي معان) بالنون (البصري)، روى عن: محمد بن سيرين، ويروي عنه:(ق)، وقال في "التقريب": مجهول، من السادسة.
(ع) أي: حول المؤلف السند (و) قال:
(حدثنا علي بن محمد) الطنافسي الكوفي.
قال: (حدثنا إسحاق بن منصور) السلولي، مولاهم أبو عبد الرَّحمن الكوفي. روى عن: عمار بن سيف، وإسرائيل بن يونس السبيعي، وداوود الطائي، وزهير بن معاوية، وعدة، ويروي عنه:(ع)، وأبو كريب، ومحمد بن حاتم، وخلق، قال في "التقريب": صدوق، تكلم فيه للتشيع، من التاسعة، مات سنة أربع ومئتين (204 هـ)، وقيل بعدها.
عَنْ عَمَّارِ بْنِ سَيْفٍ، عَنْ أَبِي مُعَانٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "تَعَوَّذُوا بِاللهِ مِنْ جُبِّ الْحُزْنِ"، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ وَمَا جُبُّ الْحُزْنِ؟ قَالَ: "وَادٍ فِي جَهَنَّمَ تَتَعَوَّذُ مِنْهُ جَهَنَّمُ كُلَّ يَوْمٍ أَرْبَعَ مِئَةِ مَرَّةٍ"،
===
(عن عمار بن سيف) الضبي الكوفي.
(عن أبي معان) البصري.
(عن) محمد (بن سيرين) الأنصاري، مولاهم أبي بكر البصري: ثقة ثبت عابد كبير القدر، من الثالثة، مات سنة عشر ومئة (110 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.
وهذان السندان من سداسياته؛ رجالهما ثلاثة منهم كوفيون، واثنان بصريان، وواحد مدني، وحكمهما: الضعف؛ لأن مدارهما على عمار بن سيف وأبي معان البصري؛ فعمار ضعفه أكثر النقاد، وأبو معان مجهول.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعوذوا) واستجيروا (بالله) سبحانه أيها المؤمنون (من جب الحزن) أي: من بئر الحزن والهم، والجب -بضم الجيم وتشديد الباء الموحدة-: البئر التي لَمْ تطو، والحزن -بفتحتين أو بضم فسكون-: ضد الفرح، قال الطيبي: هو علم لواد في جهنم، والإضافة فيه كالإضافة في دار السلام؛ أي: دار فيها السلام من الآفات.
(قالوا) أي: قال الحاضرون عنده صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله؛ وما جب الحزن؟ قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو؛ أي: جب الحزن (واد في جهنم تتعوذ) وتستجير بالله سبحانه (منه) أي: من ذلك الوادي لشدة حرارته (جهنم) أي: سائر أودية جهنم (كلّ يوم) أي: في مقدار كلّ يوم؛ لأن اليوم ليس في الآخرة (أربع مئة مرّة)، وفي بعض النسخ:(تعوذ) بحذف
قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ؛ وَمَنْ يَدْخُلُهُ؟ قَالَ: "أُعِدَّ لِلْقُرَّاءِ الْمُرَائِينَ بأَعْمَالِهِمْ، وَإنَّ مِنْ أَبْغَضِ الْقُرَّاءِ إِلَى اللهِ .. الَّذِينَ يَزُورُونَ الْأُمَرَاءَ"، قَالَ المُحَارِبِيُّ: الْجَوَرَةَ.
===
إحدى التاءين، وتعوذ جهنم منها الظاهر أنه على حقيقته؛ فإنه تعالى قادر على كلّ شيء، وقيل: هو كناية عن شدة عذاب هذا المحل، وعلى التقديرين، فينبغي أن يراد بجهنم: ما أعد لتعذيب العصاة لا الكفرة والمنافقين.
(قالوا: يا رسول الله؛ ومن) الذي (يدخله؟ ) أي: يدخل ذلك الجب ويستحقه؟ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أُعِدَّ) وهُيِّئَ (لـ) عذاب (القراء) الذين يقرؤون القرآن (المرائين) من الرياء؛ أي: الذين يقصدون بقراءتهم إراءة الناس وسمعتهم، وفي "القاموس": قرأ القرآن، فهو قارئ، من قَرَأَة وقُرَّاء وقارئين، والقُرَّاء - كرمان -: الناسك المتعبد كالقارئ والمتقريّ، والجمع قراؤون وقوارئ. انتهى، وللعاملين الذين يعملون الأعمال الصالحة ويقصدون (بأعمالهم) الرياء والسمعة لا وجه الله سبحانه ورضاه.
(وإن من أبغض القراء) وأمقتهم (إلى الله) أي: عند الله سبحانه وتعالى القراء .. (الذين يزورون) ويواصلون (الأمراء) والملوك والسلاطين ويتملقون إليهم؛ طلبًا منهم الرئاسة والمال والمنزلة والجاه، (قال) عبد الرَّحمن بن محمد (المحاربي) أي: زاد على إسحاق بن منصور في روايته عن عمار بن سيف لفظة: (الجورة) أي: قال: الذين يزورون الأمراء الجورة، صفة للأمراء والجورة -بفتحتين- كالظلمة وزنًا ومعنىً، جمع جائر؛ بمعنى مائل عن الحق، ظالم للرعية.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته: الترمذي؛ أخرجه في كتاب الزهد، باب ما جاء في الرياء والسمعة، وقال: هذا حديث غريب، في سنده عمار بن سيف وهو ضعيف، وأبو معان وهو مجهول، كما عرفت. انتهى.
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ سيْفٍ، عَنْ أَبِي مُعَانٍ، قَالَ مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ: قَالَ عَمَّارٌ: لَا أَدْرِي مُحَمَّدٌ أَوْ أَنَسُ بْنُ سِيرِينَ.
===
فدرجته: أنه ضعيف كسنده، وغرضه: الاستئناس به، وقيل: المتن صحيح؛ نظرًا لتقوية هذا السند بالمتابعة الآتية، وغرضه الاستشهاد به.
(قال أبو الحسن) علي بن إبراهيم القطان راوية المؤلف:
(حدثنا إبراهيم بن نصر) الهمداني صاحب القفيز، لَمْ أر من ذكر ترجمته.
قال: (حدثنا أبو غسان مالك بن إسماعيل) النهدي الكوفي، متقن عابد، من صغار التاسعة، مات سنة سبع عشرة ومئتين (217 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا عمار بن سيف) الضبي الكوفي.
(عن أبي معان) البصري.
غرضه بسوق هذا السند: بيان متابعة أبي غسان للمحاربي في رواية هذا الحديث عن عمار بن سيف، واختلفت النسخ في هذا الحديث؛ ففي "تحفة الأشراف" لَمْ يذكره المزي، فيكون من زوائد القطان، وجعله ابن حجر في "النكت الظراف" من أحاديث السنن؛ والذي يترجح أنه من زيادات القطان راوية المصنّف، فإبراهيم بن نصر راوي الخبر ليس من شيوخ ابن ماجة.
(قال) أبو غسان (مالك بن إسماعيل: قال عمار) بن سيف: (لا أدري) ولا أعلم هل قال أبو معان حين روى لي هذا الحديث؛ أي: هل قال: حدثني (محمد) ابن سيرين (أو) قال: (أنس بن سيرين؟ ) والشك من عمار بن سيف، وهذا الكلام من قوله: قال أبو الحسن إلى هنا .. من زيادات أبي الحسن على "السنن"، والله أعلم.
(133)
- 255 - (8) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَالْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ النَّصْرِيِّ، عَنْ نَهْشَلٍ،
===
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى خامسًا لحديث أبي هريرة بحديث ابن مسعود رضي الله عنهما، فقال:
(133)
- 255 - (8)(حدثنا علي بن محمد) الطنافسي الكوفي.
(والحسين بن عبد الرَّحمن) أبو علي الجرجرائي: نسبة إلى جرجرايا؛ اسم بلدة بين بغداد وواسط كذا في "القاموس"، كما مر. روى عن: عبد الله بن نمير، والوليد بن مسلم، ويروي عنه:(د س ق).
ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم: مجهول، وقال في "التقريب": مقبول، من العاشرة، مات سنة ثلاث وخمسين ومئتين (253 هـ).
كلاهما: (قالا: حدثنا عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي.
(عن معاوية) بن سلمة (النصري) - بالنون - أبي سلمة الكوفي: مقبول، من الثامنة. يروي عنه:(ق).
(عن نهشل) بن سعيد بن وردان الورداني أبي سعيد الخرساني، بصري الأصل. روى عن: الضحاك بن مزاحم، وداوود بن أبي هند، والربيع بن النعمان، وغيرهم، ويروي عنه:(ق)، ومعاوية بن سلمة النصري، وعبد الرَّحمن بن محمد المحاربي، وغيرهم.
قال أبو داوود الطيالسي وإسحاق بن راهويه: كذاب، وقال ابن معين وأبو زرعة والدارقطني: ضعيف، وقال أبو حاتم والنسائي: متروك الحديث، وقال ابن حبان: يروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم، لا يحل كتب حديثه إلَّا على التعجب، وقال في "التقريب": متروك، من السابعة، وقال البخاري: روى عنه معاوية النصري أحاديث مناكير، وقال النقاش: روى عن الضحاك الموضوعات.
عَنِ الضَّحَّاكِ، عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ صَانُوا الْعِلْمَ وَوَضَعُوهُ عِنْدَ أَهْلِهِ .. لَسَادُوا بِهِ أَهْلَ زَمَانِهِمْ، وَلكِنَّهُمْ بَذَلُوهُ لِأَهْلِ الدُّنْيَا؛ لِيَنَالُوا بِهِ مِنْ دُنْيَاهُمْ فَهَانُوا عَلَيْهِمْ،
===
(عن الضحاك) بن مزاحم الهلالي، أبي القاسم أو أبي محمد الخراساني، صدوق، كثير الإرسال، من الخامسة، مات بعد المئة. يروي عنه:(عم).
(عن الأسود بن يزيد) بن قيس النخعي أبي عبد الرَّحمن الكوفي، ثقة مخضرم فقيه مكثر، من الثانية، مات سنة أربع أو خمس وسبعين (75 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله بن مسعود) الهذلي الكوفي رضي الله عنه.
وهذا السند من سباعياته؛ رجاله خمسة منهم كوفيون، وواحد خراساني، وواحد كلبي مجهول، وحكمه: الضعف جدًّا؛ لأن فيه راويين ضعيفين: نهشلًا؛ فإنه كذاب وضاع، والضحاك؛ فإنه مجهول.
(قال) عبد الله بن مسعود: (لو أن أهل العلم) الديني (صانوا العلم) وحفظوه عن غير موضعه وهم أهل الدنيا (ووضعوه) أي: وضعوا العلم وجعلوه (عند أهله) أي: عند أهل العلم وهم أهل الدين
…
(لسادوا) أي: لفاقوا (به) أي: بالعلم (أهل زمانهم) وعصرهم؛ أي: لو وضعوا العلم في الموضع اللائق به .. لصاروا سادة لأهل زمانهم؛ يعني: أن العلم رفيع القدر، يرفع قدر من يرفعه عن الابتذال في غير المحال اللائقة به، قال الزهري: العلم ذكر لا يحبه إلَّا ذكور الرجال؛ أي: الذين يحبون المعالي من الأمور.
(ولكنهم) أي: ولكن أهل العلم (بذلوه) أي: بذلوا العلم وأعطوه (لأهل الدنيا؛ لينالوا به) أي: ليأخذوا بدل العلم (من دنياهم) أي: من دنيا أهل الدنيا، (فهانوا) أي: وإن أهل العلم وذلوا (عليهم) أي: عند أهل الدنيا؛
سَمِعْتُ نَبِيَّكُمْ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنْ جَعَلَ الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا هَمَّ آخِرَتِهِ .. كَفَاهُ اللهُ هَمَّ دُنْيَاهُ، وَمَنْ تَشَعَّبَتْ بِهِ الْهُمُومُ فِي أَحْوَالِ الدُّنْيَا ..
===
فإنهم أهانوا رفيعًا، فأهانهم الله تعالى، فجعلهم متكففين عند أرباب الدنيا، فلو عملوا بدينهم، وتمسكوا بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وتوكلوا على الله .. لأغناهم الله عن أهل الدنيا، فصاروا سادة لهم؛ لأن أهل الدنيا يحتاجون إليهم لعلمهم.
وهذا القدر من الحديث موقوف على ابن مسعود، فهو ضعيف؛ لضعف سنده.
ثم قال ابن مسعود: (سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم قال الطيبي: هذا الخطاب توبيخ للمخاطبين حيث خالفوا أمر نبيهم، حالة كونه (يقول: من جعل الهموم) أي: همومه المتفرقة المجتمعة عليه (همًا واحدًا) أي: جعل همه واحدًا موضع الهموم التي للناس، أو من كان له هموم متعددة فتركها، وجعل موضعها الهم الواحد، وقوله:(هم آخرته) بدل من قوله: (همًا واحدًا) أي: من ترك هموم الدنيا المجتمعة عليه، وجعل همه في آخرته ودينه .. (كفاه الله) سبحانه وتعالى (هم دنياه) وأعانه عليه وقضاه له ورزقه من حيث لا يحتسب، قال تعالى:{وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (1).
(ومن تشعبت) وتفرقت (به) أي: فيه (الهموم) أي: همومه وآماله، فالباء بمعنى (في)، أو فرقته الهموم فالباء للتعدية، ويحتمل أن تكون للمصاحبة؛ أي: من تفرقت الهموم حالة كونها مصحوبة معه (في أحوال الدنيا) ومتاعها ..
(1) سورة الطلاق: (3).
لَمْ يُبَالِ اللهُ فِي أَيِّ أَوْدِيَتِهَا هَلَكَ".
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: حَدَّثَنَا خَازِمُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ النَّصْرِيِّ - وَكَانَ ثِقَةً -، ثُمَّ ذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ بِإِسْنَادِهِ.
===
(لم يبال الله) سبحانه وتعالى (في أي أوديتها) أي: في أي أودية الدنيا (هلك) أي: لَمْ يبال الله سبحانه هلاكه في أي واد من أوديتها، وهذا كناية عن عدم كفايته وإعانته له في أموره الدنيوية؛ لأنه لَمْ يكتف بما قدره الله له، واعتمد على تدبير نفسه واطمان عليه، فهذا القدر المرفوع من هذا الحديث صحيح لغيره؛ لأن له شاهدًا من حديث ابن عمر صححه الحاكم.
وهذا الحديث مما انفرد به ابن ماجة، فدرجته: أن الموقوف منه ضعيف (21)(42)؛ لضعف سنده، والمرفوع صحيح لغيره وإن كان سنده ضعيفًا، كما بيناه، فغرضه في المرفوع منه: الاستشهاد به، وفي الموقوف: الاستئناس به.
(قال أبو الحسن) القطان راوية المؤلف:
(حدثنا خَازم بن يحيى، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير).
كلاهما: (قالا: حدثنا) عبد الله (بن نمير، عن معاوية) بن سلمة (النصري).
قال عبد الله بن نمير (وكان) معاوية (ثقة، ثم ذكر) أبو بكر بن أبي شيبة (الحديث) المذكور؛ يعني: حديث عبد الله بن مسعود (نحوه) أي: نحو حديث علي بن محمد (بإسناده) أي: بإسناد علي بن محمد؛ يعني: عن نهشل عن الضحاك عن الأسود عن عبد الله.
(134)
- 256 - (9) حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَخْزَمَ وَأَبُو بَدْرٍ عَبَّادُ بْنُ الْوَلِيدِ قَالَا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ الْهُنَائِيُّ،
===
فغرض أبي الحسن بسوق هذا السند: بيان متابعة أبي بكر بن أبي شيبة لعلي بن محمد في رواية هذا الحديث عن عبد الله بن نمير عن معاوية، وهذا الكلام من قوله: قال أبو الحسن .. من زيادة أبي الحسن على "السنن".
* * *
ثم استأنس المؤلف رحمه الله تعالى للترجمة ثالثًا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما، فقال:
(134)
- 256 - (9)(حدثنا زيد بن أخزم) - بمعجمتين - الطائي النبهاني -بفتح النون وسكون الموحدة- نسبة إلى نبهان؛ بطن من طيء، أبو طالب البصري. روى عن: محمد بن عباد، ويروي عنه:(خ عم).
وثقه أبو حاتم والنسائي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": ثقة حافظ، من الحادية عشرة، استشهد في كائنة الزنج بالبصرة سنة سبع وخمسين ومئتين (257 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(وأبو بدر عباد بن الوليد) بن خالد الغُبَري البغدادي.
قال أبو حاتم: صدوق، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين، وقيل: اثنتين وستين ومئتين (262 هـ). يروي عنه: (ق).
كلاهما (قالا: حدثنا محمد بن عباد الهنائي) -بضم الهاء وتخفيف النون- أبو عباد البصري. روى عن: علي بن المبارك الهنائي، وشعبة، وحميد بن مهران، وغيرهم، ويروي عنه:(ت س ق)، وزيد بن أخزم.
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْمُبَارَكِ الْهُنَائِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ السَّخْتِيَانِيِّ، عَنْ خَالِدِ بْنِ دُرَيْكٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ
===
قال أبو حاتم: صدوق، من التاسعة، له عندهم حديث ابن عمر في الوعيد على التعلم لغير الله؛ وهو هعذا الحديث.
قال: (حدثنا علي بن المبارك الهنائي) البصري. روى عن: أيوب، وهشام بن عروة، ويحيى بن أبي كثير، ويروي عنه:(ع)، ومحمد بن عباد الهنائي.
وثقه ابن المديني وابن نمير والعجلي، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال: كان ضابطًا متقنًا، من السابعة.
(عن أيوب) بن أبي تميمة كيسان (السختياني) العنزي أبي بكر البصري، قال ابن سعد: كان ثقة ثبتًا حجةً، من كبار الفقهاء العباد، من الخامسة، مات سنة إحدى وثلاثين ومئة (131 هـ). يروي عنه (ع).
(عن خالد بن دريك) - مصغرًا بوزن كليب - الشامي. روى عن: ابن عمر، وعائشة ولم يدركها، ويعلى بن منية مرسلًا، ويروي عنه:(عم)، وأيوب، وابن عون، والأوزاعي.
قال ابن معين: مشهور، وقال مرّة: ثقة، وقال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات" في أتباع التابعين، قال أبو زرعة الشامي في "تاريخه": سألت دحيمًا عن خالد بن دريك، فقدم أمره وسنه، فلم ينكر رواية قتادة عنه ولا لُقِيَّه لابن عمر، وقال في "التقريب": ثقة يرسل، من الثالثة (عم).
(عن) عبد الله (بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما.
وهذا السند من سداسياته؛ رجاله أربعة منهم بصريون، وواحد مكي، وواحد شامي، رجاله ثقات، إلَّا أنه قيل: إن خالد بن دريك لَمْ يدرك ابن عمر.
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ طَلَبَ الْعِلْمَ لِغَيْرِ اللهِ أَوْ أَرَادَ بِهِ غَيْرَ اللهِ .. فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".
(135)
- 257 - (10) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَاصمٍ الْعَبَّادَانِيُّ،
===
(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من طلب العلم لغير) وجه (الله) سبحانه وتعالى ورضاه، من نحو طلب الجاه وجلب الدنيا، وفي حديث أبي هريرة عند أحمد وأبي داوود:(من تعلم علمًا مما يبتغى به وجه الله).
(أو أراد به غير الله) الظاهر أن (أو) للشك .. (فليتبوأ مقعده من النار) أي: فليتخذ له فيها منزلًا؛ فإنها داره وقراره، قال شارح "الترمذي": والحديث فيه انقطاع على الأصح، كما مر آنفًا؛ فإن خالد بن دريك لَمْ يدرك ابن عمر رضي الله عنهما. انتهى.
وهذا الحديث شارك المؤلف في روايته: الترمذي؛ أخرجه في كتاب العلم، باب ما جاء فيمن يطلب بعلمه الدنيا.
فدرجته: الضعف (22)(43)؛ لأن في سنده انقطاعًا، وغرضه: الاستئناس به.
* * *
ثم استشهد المؤلف رحمه الله تعالى سادسًا لحديث أبي هريرة بحديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما، فقال:
(135)
- 257 - (10)(حدثنا أحمد بن عاصم) بن عنبسة (العباداني) أبو صالح البغدادي. روى عن: بشير بن ميمون، وسعيد بن عامر، والفضل بن العباس، وغيرهم، ويروي عنه: ابن عباس، وابن أبي الدنيا، وأحمد، وابن ماجة.
ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": صدوق، من الحادية عشرة. يروي عنه:(ق).
حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ مَيْمُونٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَشْعَثَ بْنَ سَوَّارٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ حُذَيْفَةَ
===
قال: (حدثنا بشير بن ميمون) الخراساني ثم الواسطي أبو صيفي المكي.
روى عن: أشعث بن سوار الكوفي، وجعفر الصادق، وسعيد المقبري، وغيرهم، ويروي عنه:(ق)، وأحمد بن عاصم، وعلي بن حجر، وغيرهم.
قال ابن معين: أجمع الناس على طرح حديثه، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال في موضع آخر: متهم بالوضع، قال أبو حاتم: ضعيف الحديث، وعامة رواياته مناكير، وقال الدارقطني والجوزجاني: متروك الحديث، وقال ابن عدي: ضعيف جدًّا، وقال في "التقريب": متروك متهم، من الثامنة، مات سنة بضع وثمانين ومئة.
(قال) بشير بن ميمون: (سمعت أشعث بن سوار) الكندي النجار الكوفي.
روى عن: الحسن البصري، والشعبي، وعدي بن ثابت، وغيرهم، ويروي عنه:(م ت س ق)، وشعبة، والثوري، وهشيم، وحفص بن غياث، وبشير بن ميمون، وغيرهم.
قال العجلي: ضعيف، وقال ابن سعد: كان ضعيفًا في حديثه، وقال ابن حبان: فاحش الخطأ كثير الوهم، وقال في "التقريب": ضعيف، من السادسة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ).
(عن) محمد (بن سيرين) الأنصاري، مولاهم أبي بكر البصري، ثقة ثبت، من الثالثة، مات سنة عشر ومئة (110 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن حذيفة) بن اليمان العبسي - بموحدة - أبي عبد الله الكوفي رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته؛ رجاله اثنان منهم كوفيان، وواحد بصري، وواحد
قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لَا تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ لِتُبَاهُوا بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ لِتُمَارُوا بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ لِتَصْرِفُوا وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْكُمْ؛ فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ .. فَهُوَ فِي النَّارِ".
(136)
- 258 - (11) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ،
===
واسطي، وواحد بغدادي، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه راويين ضعيفين متروكين؛ وهما بشير بن ميمون، وأشعث بن سوار، وفي "الزوائد": إسناده ضعيف فيه بشير بن ميمون، قال ابن معين: أجمعوا على طرح حديثه، وقال البخاري: منكر الحديث، بل متهم بالوضع. انتهى.
(قال) حذيفة: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تعلموا العلم) - بحذف إحدى التاءين - أي: لا تتعلموا العلم (لتباهوا) أي: لتفاخروا (به العلماء، أو لتماروا) وتجادلوا (به السفهاء) أي: ضعاف العقول الجهال، (أو لتصرفوا) وتميلوا (وجوه الناس) وقلوبهم (إليكم) و (أو) في الموضعين للتنويع لا للشك؛ (فمن فعل ذلك) أي: تعلم العلم لواحد من تلك الوجوه الثلاثة .. (فهو في النار) أي: يكون مآله إلى النار؛ عقوبةً له على ما فعل.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ودرجته: أنه صحيح لغيره، وإن كان سنده ضعيفًا؛ لأن له شاهدًا من حديث ابن عمر وجابر المذكورين سابقًا، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف سابعًا لحديث أبي هريرة بحديث آخر له رضي الله عنه، فقال:
(136)
- 258 - (11)(حدثنا محمد بن إسماعيل) بن سمرة الأحمسي السراج أبو جعفر الكوفي.
حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيُّ، عَنْ جَدِّهِ،
===
قال ابن أبي حاتم: صدوق ثقة، وقال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، من العاشرة، مات سنة ستين ومئتين (265 هـ)، وقيل قبلها. يروي عنه:(ت س ق).
قال: (حدثنا وهب بن إسماعيل) بن محمد بن قيس (الأسدي) أبو محمد الكوفي. روى عن: عبد الله بن سعيد المقبري، والأوزاعي، والثوري، وغيرهم،
ويروي عنه: (ق)، ومحمد بن إسماعيل الأحمسي، وأبو سعيد الأشج.
قال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التقريب": صدوق، من كبار التاسعة.
قال: (حدثنا عبد الله بن سعيد) بن أبي سعيد كيسان (المقبري) أبو عباد الليثي، مولاهم المدني، روى عن: جده، ويروي عنه:(ت ق)، ووهب بن إسماعيل الأسدي.
قال أحمد: منكر الحديث متروك الحديث، وقال ابن معين: ضعيف ليس بشيء لا يكتب حديثه، وقال أبو زرعة: ضعيف الحديث لا يوقف منه على شيء، وقال البخاري: تركوه، وقال الدارقطني: متروك ذاهب الحديث، وقال ابن حبان: كان يقلب الأخبار حتى يسبق إلى القلب أنه المتعمد لها، وبالجملة: اتفقوا على ضعفه، وقال في "التقريب": متروك، من السابعة.
(عن جده) أبي سعيد المقبري كيسان بن سعيد المدني صاحب العباء مولى أم شريك. روى عن: أبي هريرة، وعمرو، وعلي، وأبي سعيد الخدري، وغيرهم، ويروي عنه:(ع)، وابنه، وابن ابنه عبد الله بن سعيد معروف بالمقبري؛ لأن منزله كان بالقرب من المقابر.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ لِيُبَاهِيَ بهِ الْعُلَمَاءَ، وَيُجَارِيَ بِهِ السُّفَهَاءَ، وَيَصْرِفَ بِهِ وُجُوهَ النَّاسِ إِلَيْهِ. . أَدْخَلَهُ اللَّهُ جَهَنَّمَ".
===
ثقة ثبت، من الثانية، مات سنة مئة (100 هـ).
(عن أبي هريرة) رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته؛ رجاله ثلاثة منهم مدنيون، واثنان كوفيان، وحكمه: الضعف؛ لاتفاقهم على ضعف عبد الله بن سعيد بالوضع والترك.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من تعلم العلم ليباهي) ويفاخر (به العلماء ويجاري) ويجادل (به السفهاء) أي: الجهال (ويصرف) أي: يميل (به وجوه الناس) وقلوبهم (إليه. . أدخله الله) سبحانه وتعالى (جهنم) مجازاة له على عمله وقصده.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، وهو نظير الحديث الذي قبله: ضعيف المسند، صحيح المتن؛ لأن له شاهدًا من حديث ابن عمر وجابر المذكورين سابقًا، وغرضه: الاستشهاد به.
وجملة ما ذكره في هذا الباب: أحد عشر حديثًا:
واحد للاستدلال، وثلاثة للاستئناس، وسبعة للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم