الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الطَّوَافِ وَيَكُونُ هَذَا عُمْرَةً
وَلَا يَتَعَيَّنُ الْإِحْرَامُ مِنَ التَّنْعِيمِ، بَلْ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَيِّ الْجَوَانِبِ شَاءَ.
وَإِنِ اعْتَمَرَ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
وَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ إِفَاضَتِهِ، وَقَبْلَ طَوَافِهِ، أَوْ قَبْلَ تَكْمِيلِ الطَّوَافِ، فَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ
[مَسْأَلَةٌ حكم الوطء في العمرة]
مَسْأَلَةٌ: (وَإِنْ وَطِئَ فِي الْعُمْرَةِ أَفْسَدَهَا وَعَلَيْهِ شَاةٌ).
وَجُمْلَةُ ذَلِكَ: أَنَّ مَا يُفْسِدُ الْعُمْرَةَ يُفْسِدُ الْحَجَّ؛ وَهُوَ الْوَطْءُ وَالْإِنْزَالُ عَنْ مُبَاشَرَةٍ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَيَجِبُ الْمُضِيُّ فِي فَسَادِهَا، كَالْمُضِيِّ فِي فَاسِدِ الْحَجِّ، وَحُكْمُ الْإِحْرَامِ بَاقٍ عَلَيْهِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَجِّ، وَعَلَيْهِ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِي أَحْرَمَ بِهِ أَوَّلًا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحْرَمَ دُونَ الْمِيقَاتِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ مِنَ الْمِيقَاتِ.
قَالَ أَحْمَدُ - فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ -: وَإِذَا وَاقَعَ الْمُحْرِمُ امْرَأَتَهُ وَهُمَا مُعْتَمِرَانِ: فَقَدْ أَفْسَدَا عُمْرَتَيْهِمَا، وَعَلَيْهِمَا قَضَاءٌ يَرْجِعَانِ إِنْ كَانَ عَلَيْهِمَا فَيُهِلَّانِ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَا مِنَ الْمِيقَاتِ، وَلَا يُجْزِئُهُمَا إِلَّا مِنَ الْمِيقَاتِ الَّذِي أَهَلَّا بِالْعُمْرَةِ وَقَضَيَا مِثْلَ مَا أَفْسَدَا، وَإِنْ خَشِيَا الْفَوَاتَ، وَلَمْ يَقْدِرَا أَنْ يَرْجِعَا أَحْرَمَا مِنْ مَكَّةَ
وَحَجَّا حَجُّهُمَا صَحِيحٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ ذَبَحَا لِتَرْكِهِمَا الْمِيقَاتَ لَمَّا دَخَلَا بِغَيْرِ إِحْرَامٍ مِنَ الْمِيقَاتِ، فَإِذَا فَرَغَا مِنْ حَجِّهِمَا خَرَجَا إِلَى ذِي الْحُلَيْفَةِ، فَأَحْرَمَا بِعُمْرَةٍ مَكَانَ الْعُمْرَةِ الَّتِي أَفْسَدَا، فَإِذَا قَدِمَا مَكَّةَ ذَبَحَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَدْيًا لِمَا أَفْسَدَا مِنْ عُمْرَتَيْهِمَا مِنَ الْوُقُوعِ. فَإِذَا كَانَتْ بَدَنَةً كَانَتْ أَجْوَدَ وَإِلَّا فَشَاةٌ تُجْزِؤُهُ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَدْيٌ إِنْ كَانَ اسْتَكْرَهَهَا، وَابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَدْيٌ أَكْرَهَهَا أَوْ لَمْ يُكْرِهْهَا.
فَقَدْ بَيَّنَ أَنَّهُ يَجِبُ قَضَاؤُهَا عَلَى الْفَوْرِ إِلَّا إِذَا خَشِيَ فَوْتَ الْحَجِّ، فَإِنَّهُ يُحْرِمُ بِالْحَجِّ وَعَلَيْهِ دَمٌ غَيْرُ دَمِ الْفَسَادِ لِدُخُولِهِ مَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ صَحِيحٍ كَمَا لَوْ دَخَلَهَا حَلَالًا، وَأَحْرَمَ بِالْحَجِّ مِنْهَا، وَالدَّمُ الْوَاجِبُ شَاةٌ وَالْأَفْضَلُ بَدَنَةٌ هَذَا مَنْصُوصُهُ وَقَوْلُ أَصْحَابِهِ.
وَيَتَخَرَّجُ - إِذَا أَوْجَبْنَا فِي الْوَطْءِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ بَدَنَةً -: أَنَّهُ يَجِبُ فِي الْعُمْرَةِ التَّامَّةِ بَدَنَةٌ وَأَوْلَى.
وَالْوَطْءُ الْمُفْسِدُ لِلْعُمْرَةِ - بِلَا رَيْبٍ - إِذَا وَقَعَ قَبْلَ كَمَالِ طَوَافِهَا، فَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَبْلَ السَّعْيِ، وَقُلْنَا السَّعْيُ رُكْنٌ: أَفْسَدَهَا أَيْضًا، وَإِنْ قُلْنَا هُوَ وَاجِبٌ
وَإِنْ وَطِئَهَا بَعْدَ السَّعْيِ وَقَبْلَ الْحَلْقِ، أَوْ بَعْدَ الطَّوَافِ قَبْلَ الْحَلْقِ، وَقُلْنَا السَّعْيُ سُنَّةٌ: لَمْ تَبْطُلْ عُمْرَتُهُ بِحَالٍ سَوَاءً، قُلْنَا الْحِلَاقُ وَاجِبٌ أَوْ سُنَّةٌ هَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَعَلَيْهِ عَامَّةُ أَصْحَابِهِ؛ قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: مَنْ وَطِئَ فِي
الْعُمْرَةِ بَعْدَ الطَّوَافِ قَبْلَ السَّعْيِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ: أَفْسَدَ الْعُمْرَةَ وَعَلَيْهِ دَمُ شَاةٍ لِلْفَسَادِ وَعُمْرَةٌ مَكَانَهَا وَإِنْ وَطِئَ فِيهَا بَعْدَ السَّعْيِ قَبْلَ الْحِلَاقِ أَسَاءَ وَالْعُمْرَةُ صَحِيحَةٌ وَعَلَيْهِ دَمٌ؛ قَالَ - فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ - فِي مُعْتَمِرٍ طَافَ فَوَاقَعَ أَهْلَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْعَى: فَسَدَتْ عُمْرَتُهُ وَعَلَيْهِ مَكَانَهَا، وَلَوْ طَافَ وَسَعَى ثُمَّ وَطِئَ قَبْلَ أَنْ يَحْلِقَ وَيُقَصِّرَ: فَعَلَيْهِ دَمٌ.
وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ -: إِذَا جَامَعَ قَبْلَ أَنْ يُقَصِّرَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: عَلَيْهِ دَمٌ وَإِنَّمَا يَحِلُّ بِالْحَلْقِ أَوِ التَّقْصِيرِ. فَقَدْ نَصَّ عَلَى بَقَاءِ الْإِحْرَامِ وَوُجُوبِ الدَّمِ مَعَ صِحَّةِ الْعُمْرَةِ، وَعَنْهُ رِوَايَةٌ أُخْرَى: لَا دَمَ عَلَيْهِ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحِلَاقَ مُسْتَحَبٌّ، وَأَنَّهُ يَتَحَلَّلُ بِدُونِهِ؛ قَالَ - فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِبْرَاهِيمَ وَابْنِ مَنْصُورٍ -: فَإِذَا أَصَابَ أَهْلَهُ فِي الْعُمْرَةِ قَبْلَ أَنْ يُقَصِّرَ، فَإِنَّ الدَّمَ لِهَذَا عِنْدِي كَثِيرٌ.
وَقَالَ الْقَاضِي - فِي الْمُجَرَّدِ -: إِذَا وَطِئَ قَبْلَ الْحَلْقِ فَسَدَتْ عُمْرَتُهُ وَعَلَيْهِ دَمٌ لِأَنَّهُ وَطِئَ قَبْلَ التَّحَلُّلِ مِنْ إِحْرَامِهِ فَأَفْسَدَهُ كَمَا لَوْ وَطِئَ فِي الْحَجِّ قَبْلَ التَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ، وَلِأَنَّهُ إِحْرَامٌ تَامٌّ صَادَفَهُ الْوَطْءُ فَأَفْسَدَهُ كَإِحْرَامِ الْحَجِّ، وَلِأَنَّ الْحَلْقَ يَحِلُّ بِهِ مِنَ الْعِبَادَةِ فَإِذَا وَرَدَ قَبْلَهُ أَفْسَدَهَا، كَمَا لَوْ أَحْدَثَ الْمُصَلِّي قَبْلَ السَّلَامِ. وَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْحَلْقُ رُكْنًا فِي الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ هُوَ مَا يَجْبُرُهُ الدَّمُ إِذَا تُرِكَ. وَالْحَلْقُ لَا يُتَصَوَّرُ تَرْكُهُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَطَأْ، وَلَمْ يَحْلِقْ فَإِحْرَامُهُ بَاقٍ وَهُوَ لَمْ يَتَحَلَّلْ، وَكُلَّمَا فَعَلَ مَحْظُورًا فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ، وَإِذَا وَطِئَ لَمْ يَخْرُجْ بِالْفَسَادِ مِنَ الْإِحْرَامِ، بَلْ يَحْلِقُ وَيَقْضِي.
وَأَمَّا عَلَى الْمَذْهَبِ: فَيَفُوتُ الْحَلْقُ بِالْوَطْءِ. لِمَا رَوَى سَعِيدٌ، ثَنَا هُشَيْمٌ، ثَنَا أَبُو بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فَذَكَرَتْ أَنَّ زَوْجَهَا أَصَابَهَا، وَكَانَتِ اعْتَمَرَتْ فَوَقَعَ بِهَا قَبْلَ أَنْ تُقَصِّرَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: شَبَقٌ شَدِيدٌ شَبَقٌ شَدِيدٌ مَرَّتَيْنِ، فَاسْتَحْيَتِ الْمَرْأَةُ فَانْصَرَفَتْ وَكَرِهَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا فَرَطَ مِنْهُ وَنَدِمَ عَلَى مَا قَالَ وَاسْتَحْيَا مِنْ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: عَلَيَّ بِالْمَرْأَةِ فَأُتِيَ بِهَا، فَقَالَ: عَلَيْكِ فِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ، قَالَتْ: فَأَيُّ ذَلِكَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: النُّسُكُ، قَالَتْ: فَأَيُّ النُّسُكِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: إِنْ شِئْتِ فَنَاقَةٌ، وَإِنْ شِئْتِ فَبَقَرَةٌ، قَالَتْ: أَيُّ ذَلِكَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: انْحَرِي بَدَنَةً.
وَقَالَ: ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: أَنَّ امْرَأَةً أَتَتِ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَتْ: إِنِّي خَرَجْتُ مَعَ زَوْجِي فَأَحْرَمْنَا بِالْعُمْرَةِ، فَطُفْتُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَوَقَعَ بِهَا قَبْلَ أَنْ تُقَصِّرَ، ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ. وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ فِي الْمَنَاسِكِ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَارِقِيِّ: أَنَّ رَجُلًا وَامْرَأَتَهُ أَتَيَا ابْنَ عَبَّاسٍ قَدْ قَضَيَا إِحْرَامَهُمَا مِنْ عُمْرَتِهِمَا مَا خَلَا التَّقْصِيرَ فَغَشِيَهَا، قَالَ: أَيُّكُمَا