الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْحَلْقَ يَجْمَعُ صِفَاتٍ مِنْهَا: أَنَّهُ تَحَلُّلٌ مِنَ الْإِحْرَامِ ; لِأَنَّهُ كَانَ مَحْظُورًا قَبْلَ هَذَا، وَالتَّحَلُّلُ مِنَ الْعِبَادَةِ عِبَادَةٌ كَالسَّلَامِ.
وَمِنْهَا أَنَّ وَضْعَ النَّوَاصِي نَوْعٌ مِنَ الذُّلِّ وَالْخُضُوعِ؛ وَلِهَذَا كَانَتِ الْعَرَبُ إِذَا أَرَادَتِ الْمَنَّ عَلَى الْأَسِيرِ، جَزَّتْ نَاصِيَتَهُ وَأَرْسَلَتْهُ، وَأَعْمَالُ الْحَجِّ مَبْنَاهَا عَلَى الْخُضُوعِ وَالذُّلِّ.
وَمِنْهَا أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِيهِ تَرَفُّهٌ بِإِلْقَاءِ وَسَخِ الرَّأْسِ وَشَعَثِهِ وَقَمْلِهِ، لَكِنَّ هَذَا الْقَدْرَ يُمْكِنُ إِزَالَتُهُ بِالتَّرَجُّلِ، فَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْمُبَاحَاتِ بِبَعْضِ صِفَاتِهِ لَمْ يَمْنَعْ أَنْ يَكُونَ مِنْ نَوْعِ الْعِبَادَاتِ بِبَاقِي الصِّفَاتِ. . .
(فَصْلٌ)
فَإِنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ، وَقُلْنَا: يَتَحَلَّلُ بِالرَّمْيِ - فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا يَتَحَلَّلُ إِلَّا بِالْحَلْقِ، قَالَ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ مِثْلَ أَبِي الْخَطَّابِ وَابْنِ عَقِيلٍ: يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِالرَّمْيِ وَالْحَلْقِ، أَوْ بِالرَّمْيِ وَالطَّوَافِ، أَوْ بِالطَّوَافِ وَالْحَلْقِ عَلَى قَوْلِنَا بِأَنَّ التَّحَلُّلَ نُسُكٌ وَاجِبٌ.
وَعَلَى قَوْلِنَا: يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ بِدُونِهِ، يَحْصُلُ إِمَّا بِالرَّمْيِ أَوْ بِالطَّوَافِ.
[مَسْأَلَةٌ طواف الإفاضة]
مَسْأَلَةٌ: (ثُمَّ يُفِيضُ إِلَى مَكَّةَ فَيَطُوفُ لِلزِّيَارَةِ ; وَهُوَ الطَّوَافُ الَّذِي بِهِ تَمَامُ الْحَجِّ).
قَالَ جَابِرٌ فِي حَدِيثِهِ: " «ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَفَاضَ إِلَى
الْبَيْتِ، فَصَلَّى بِمَكَّةَ الظُّهْرَ، فَأَتَى بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ يَسْقُونَ عَلَى زَمْزَمَ، فَقَالَ: انْزِعُوا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَلَوْلَا أَنْ يَغْلِبَكُمُ النَّاسُ عَلَى سِقَايَتِكُمْ لَنَزَعْتُ مَعَكُمْ، فَنَاوَلُوهُ دَلْوًا فَشَرِبَ مِنْهُ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَذَكَرَ أَبُو طَالِبٍ أَنَّهُ: ثَنَا أَحْمَدُ بِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى» قَالَ: فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيَّ، وَقَالَ: كَانَ أَحْمَدُ يَسْأَلُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ.
وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: " «أَنَّهُ طَافَ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، ثُمَّ لَمْ يُحْلِلْ مِنْ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ حَتَّى قَضَى حَجَّهُ، وَنَحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَفَاضَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ حَلَّ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ مِنْهُ، وَفَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ أَهْدَى فَسَاقَ الْهَدْيَ مِنَ النَّاسِ» " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.