المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مسألة ما يستحب من الذكر والدعاء بعرفة] - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - كتاب الحج - جـ ٢

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَلْقُ الشَّعْرِ وَقَلْمُ الظُّفْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مقدار الفدية في الحلق أو التقليم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ما آذى المحرم من الشعر في غير محله]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لبس المخيط]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تغطية الرأس]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الطيب]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَتْلُ الصَيْدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَقْدُ النِّكَاحِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُبَاشَرَةُ لِشَهْوَةٍ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْوَطْءُ فِي الْفَرْجِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حكم الوطء في العمرة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النسك لَا يَفْسُدُ بِإِتْيَانِ شَيْءٍ حَالَ الْإِحْرَامِ إِلَّا الْجِمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ المرأة كالرجل في محظورات الإحرام إلا في لبس المخيط وتخمير الرأس]

- ‌[بَابُ الْفِدْيَةِ] [

- ‌مَسْأَلَةٌ الْفِدْيَةِ عَلَى ضَرْبَيْنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ما يجب بترك الواجب]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جزاء الصيد]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جزاء الصيد بالطعام]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هدي التمتع]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فدية الجماع]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الإحصار]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حكم تكرار المحظور]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ما لا يمكن إزالته من المحظورات لا فرق بين سهوه وعمده]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أنواع الهدي]

- ‌[بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يستحب دخول مكة من أعلاها]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يستحب دخول المسجد من باب بني شيبة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ما يستحب عند رؤية البيت]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الطواف تحية المسجد الحرام]

- ‌[مَسْأَلَةٌ معنى الاضطباع وحكمه]

- ‌[مَسْأَلَةٌ السنة أن يبدأ الطواف من الحجر الأسود]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الطائف يجعل البيت على يساره]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الأصل في مشروعية الرمل]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يشرع استلام الركنين اليمانيين في كل طواف]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الصلاة خلف المقام]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَخْتِمَ الطَّوَافَ بِاسْتِلَامِ الْحَجَرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الخروج إلى الصفا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ جَازَ أَنْ يَحِلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ في أحكام الطواف والسعي والإحلال إلا فيما يعرضها للتكشف]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ] [

- ‌مَسْأَلَةٌ الإحرام بالحج يَوْمُ التَّرْوِيَةِ والخروج إلى عرفة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ صفة الصلاة والخطبة يوم عرفة وموضعه]

- ‌[مَسْأَلَةٌ صفة الوقوف بعرفة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أفضل أحوال الوقوف بعرفة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ما يستحب من الذكر والدعاء بعرفة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الدفع إلى مزدلفة وصفته]

- ‌[مَسْأَلَةٌ صفة الصلاة في مزدلفة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ المبيت بمزدلفة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ صلاة الفجر بمزدلفة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الوقوف عند المشعر الحرام بالمزدلفة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وقت الدفع من مزدلفة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رمي جمرة العقبة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نحر الهدي]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الحلق أو التقصير]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التحلل الأول]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طواف الإفاضة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ سعي المتمتع مع طواف الزيارة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التحلل الثاني]

- ‌[مَسْأَلَةٌ استحباب الشرب من ماء زمزم وصفته]

- ‌[بَابُ مَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ الْحِلِّ] [

- ‌مَسْأَلَةٌ المبيت في منى بلياليها]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وقت رمي الجمار في أيام التشريق وصفته]

- ‌[مَسْأَلَةٌ على القارن والمتمع دم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طواف الوداع]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اشتغل بعد طواف الوداع بتجارة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ما يشرع بعد طواف الوداع]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حكم الخروج من غير وداع]

- ‌[مَسْأَلَةٌ سقوط طواف الوداع عن الحائض والنفساء]

- ‌[بَابُ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ] [

- ‌مَسْأَلَةٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ واجبات الحج]

- ‌[مسألة الْإِحْرَامُ مِنَ الْمِيقَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ إِلَى اللَّيْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَبِيتُ بِمِنًى]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الرمي]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَلْقُ والتقصير]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَوَافُ الْوَدَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَرْكَانُ الْعُمْرَةِ وَوَاجِبَاتُهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ما يترتب على ترك الركن أو الواجب أو المسنون]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أحكام الفوات]

الفصل: ‌[مسألة ما يستحب من الذكر والدعاء بعرفة]

لِأَنَّ فِي ذَلِكَ تَخْفِيفًا عَنِ الْمَرْكُوبِ، وَتَوَاضُعًا لِلَّهِ بِالنُّزُولِ إِلَى الْأَرْضِ.

فَعَلَى هَذَا إِذَا أُعْيِيَ مِنَ الْقِيَامِ فَهَلْ يَكُونُ قُعُودُهُ أَفْضَلَ؟

.

وَقِيلَ: هُمَا سَوَاءٌ، وَقَدْ نَقَلَ ابْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَحْمَدَ: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ أَنْ يَقِفَ رَاكِبًا أَوْ رَاجِلًا؟ فَتَوَقَّفَ.

وَمَنْ رَجَّحَ الْأَوَّلَ قَالَ: الْوُقُوفُ يَطُولُ زَمَانُهُ، وَالْوَاقِفُ عَلَى رِجْلَيْهِ يُعْيَى وَيَكِلُّ، وَذَلِكَ يُضْجِرُهُ عَنِ الدُّعَاءِ وَالِابْتِهَالِ.

[مَسْأَلَةٌ ما يستحب من الذكر والدعاء بعرفة]

مَسْأَلَةٌ: (وَيُكْثِرُ مِنْ قَوْلِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وَيَجْتَهِدُ فِي الدُّعَاءِ وَالرَّغْبَةِ إِلَى اللَّهِ عز وجل إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ)

وَجُمْلَةُ ذَلِكَ: أَنَّ هَذَا الْمَوْقِفَ مَشْهَدٌ عَظِيمٌ وَيَوْمٌ كَرِيمٌ لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مَشْهَدٌ أَعْظَمَ مِنْهُ، رَوَتْ عَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو يُبَاهِي بِهِمُ الْمَلَائِكَةَ، وَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ. وَلَفْظُهُ " عَبْدًا أَوْ أَمَةً ".

ص: 504

وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي نُعَيْمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ مَوْلَى طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَاهِلِيِّ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِذَا كَانَ يَنْزِلُ اللَّهُ سبحانه وتعالى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِكُمُ الْمَلَائِكَةَ ; فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، فَتَقُولُ الْمَلَائِكَةُ: فِيهِمْ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَمَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ عِتْقًا مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ» ".

وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا هُوَ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ، وَمَا

ص: 505

ذَاكَ إِلَّا لِمَا يَرَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ، وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ، إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ، قِيلَ: وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ وَهُوَ يَزَعُ الْمَلَائِكَةَ» ". رَوَاهُ مَالِكٌ، وَابْنُ أَبِي الدُّنْيَا وَهُوَ مُرْسَلٌ.

وَفِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ، وَهَذَا الْمَكَانِ أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3] فَرَوَى طَارِقُ بْنُ شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: " أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْيَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا لَوْ عَلَيْنَا أُنْزِلَتْ لَاتَّخَذْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ عِيدًا، قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: 3] فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ الْيَوْمَ وَذَلِكَ الْمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ". رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا أَبَا دَاوُدَ، وَابْنَ مَاجَهْ.

وَأَمَّا تَوْقِيتُ الدُّعَاءِ فِيهِ: فَلَيْسَ فِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ مُؤَقَّتٌ إِلَّا أَنَّ أَصْحَابَنَا قَدِ اسْتَحَبُّوا الْمَأْثُورَ عَنْهُ فِي الْجُمْلَةِ ; وَهُوَ مَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ

ص: 506

عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: " «كَانَ أَكْثَرُ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَرَفَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَهَذَا لَفْظُهُ.

وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَلَفْظُهُ: " «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» " قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

وَعَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالْأَنْبِيَاءُ قَبْلِي عَشِيَّةَ عَرَفَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» ". رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ مِنْ رِوَايَةِ قَيْسِ بْنِ الرَّبِيعِ.

ص: 507

وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ كُرَيْزٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ» " رَوَاهُ مَالِكٌ.

وَاسْتَحَبُّوا أَيْضًا مَا رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: " «أَكْثَرُ مَا دَعَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشِيَّةَ عَرَفَةَ فِي الْمَوْقِفِ: اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كَالَّذِي نَقُولُ وَخَيْرٍ مِمَّا نَقُولُ، اللَّهُمَّ لَكَ صَلَاتِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي، وَإِلَيْكَ مَآبِي وَلَكَ تُرَاثِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَوَسْوَسَةِ الصَّدْرِ وَشَتَاتِ الْأَمْرِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا تَجْرِي بِهِ الرِّيحُ» ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ.

وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " «كَانَ مِمَّا دَعَا بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَسْمَعُ كَلَامِي، وَتَرَى مَكَانِي، وَتَعْلَمُ سِرِّي وَعَلَانِيَتِي، لَا يَخْفَى عَلَيْكَ شَيْءٌ مِنْ أَمْرِي، أَنَا الْبَائِسُ الْفَقِيرُ الْمُسْتَغِيثُ الْمُسْتَجِيرُ، الْوَجِلُ الْمُشْفِقُ، الْمُقِرُّ الْمُعْتَرِفُ بِذُنُوبِهِ، أَسْأَلُكَ مَسْأَلَةَ الْمِسْكِينِ، وَأَبْتَهِلُ إِلَيْكَ ابْتِهَالَ الْمُذْنِبِ، وَأَدْعُوكَ دُعَاءَ الْخَائِفِ الضَّرِيرِ، مَنْ خَضَعَتْ لَكَ رَقَبَتُهُ، وَفَاضَتْ لَكَ عَيْنَاهُ، وَذَلَّ جَسَدُهُ، وَرَغِمَ أَنْفُهُ لَكَ، اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْنِي بِدُعَائِكَ شَقِيًّا، وَكُنْ بِي رَءُوفًا رَحِيمًا، يَا خَيْرَ الْمَسْئُولِينَ، وَيَا خَيْرَ الْمُعْطِينَ» ". رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ.

ص: 508

وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَدْعُو بِعَرَفَاتٍ بِمِثْلِ دُعَائِهِ عَلَى الصَّفَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ: " أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَرْفَعُ صَوْتَهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمَّ اهْدِنَا بِالْهُدَى، وَزَيِّنَّا بِالتُّقَى، وَاغْفِرْ لَنَا فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، ثُمَّ يَخْفِضُ صَوْتَهُ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ وَعَطَائِكَ رِزْقًا طَيِّبًا مُبَارَكًا، اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَ بِالدُّعَاءِ، وَقَضَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ بِالْإِجَابَةِ، وَإِنَّكَ لَا تُخْلِفُ وَعْدَكَ، وَلَا تَكْذِبُ عَهْدَكَ، اللَّهُمَّ مَا أَحْبَبْتَ مِنْ خَيْرٍ فَحَبِّبْهُ إِلَيْنَا وَيَسِّرْهُ لَنَا، وَمَا كَرِهْتَ مِنْ شَرٍّ، فَكَرِّهْهُ إِلَيْنَا وَجَنِّبْنَاهُ، وَلَا تَنْزِعْ مِنَّا الْإِسْلَامَ بَعْدَ إِذْ أَعْطَيْتَنَا ". رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْمَنَاسِكِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ.

وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ - فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ: يُصَلِّي مَعَ الْإِمَامِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِعَرَفَةَ، ثُمَّ يَمْضِي إِلَى مَرٍّ

، ثُمَّ يَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ.

وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ: " اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، اللَّهُمَّ اهْدِنِي بِالْهُدَى، وَاغْفِرْ لِي فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى "، ثُمَّ يُرَدِّدُ ذَلِكَ كَقَدْرِ مَا يَقْرَأُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ، وَذَكَرَهُ بِإِسْنَادٍ، وَرَوَى ذَلِكَ أَيْضًا بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا سُلَيْمَانُ التَّمِيمِيُّ عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ

ص: 509

يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، اللَّهُمَّ اهْدِنِي بِالْهُدَى وَقِنِي بِالتَّقْوَى، وَاغْفِرْ لِي فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى، ثُمَّ يَرُدُّ يَدَيْهِ فَيَسْكُتُ كَقَدْرِ مَا كَانَ إِنْسَانٌ قَارِئًا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَرْفَعُ يَدَيْهِ، وَيَقُولُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمْ يَزَلْ يَفْعَلُ ذَلِكَ حَتَّى أَفَاضَ

.

قَالَ أَحْمَدُ - فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ - يَقِفُ وَيَدْعُو وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ ; لِمَا رَوَى أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ قَالَ: " «كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِعَرَفَاتٍ فَرَفَعَ يَدَيْهِ يَدْعُو، فَمَالَتْ بِهِ نَاقَتُهُ فَسَقَطَ خِطَامُهَا، فَتَنَاوَلَ الْخِطَامَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ، وَهُوَ رَافِعٌ يَدَهُ الْأُخْرَى» ". رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ.

وَعَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى قَالَ: " «لَمْ يُحْفَظْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ رَفَعَ يَدَيْهِ الرَّفْعَ كُلَّهُ إِلَّا فِي ثَلَاثِ مَوَاطِنَ: الِاسْتِسْقَاءِ، وَالِاسْتِغْفَارِ، وَعَشِيَّةَ عَرَفَةَ، ثُمَّ كَانَ بَعْدُ رَفْعٌ دُونَ رَفْعٍ» ". رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ فِي مَرَاسِيلِهِ.

ص: 510