المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسألة الإحرام بالحج يوم التروية والخروج إلى عرفة] - شرح عمدة الفقه - ابن تيمية - كتاب الحج - جـ ٢

[ابن تيمية]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حَلْقُ الشَّعْرِ وَقَلْمُ الظُّفْرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ مقدار الفدية في الحلق أو التقليم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ما آذى المحرم من الشعر في غير محله]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لبس المخيط]

- ‌[مَسْأَلَةٌ تغطية الرأس]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الطيب]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَتْلُ الصَيْدِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ عَقْدُ النِّكَاحِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمُبَاشَرَةُ لِشَهْوَةٍ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْوَطْءُ فِي الْفَرْجِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حكم الوطء في العمرة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ النسك لَا يَفْسُدُ بِإِتْيَانِ شَيْءٍ حَالَ الْإِحْرَامِ إِلَّا الْجِمَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ المرأة كالرجل في محظورات الإحرام إلا في لبس المخيط وتخمير الرأس]

- ‌[بَابُ الْفِدْيَةِ] [

- ‌مَسْأَلَةٌ الْفِدْيَةِ عَلَى ضَرْبَيْنِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ما يجب بترك الواجب]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جزاء الصيد]

- ‌[مَسْأَلَةٌ جزاء الصيد بالطعام]

- ‌[مَسْأَلَةٌ هدي التمتع]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فدية الجماع]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الإحصار]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حكم تكرار المحظور]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ما لا يمكن إزالته من المحظورات لا فرق بين سهوه وعمده]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أنواع الهدي]

- ‌[بَابُ دُخُولِ مَكَّةَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يستحب دخول مكة من أعلاها]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يستحب دخول المسجد من باب بني شيبة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ما يستحب عند رؤية البيت]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الطواف تحية المسجد الحرام]

- ‌[مَسْأَلَةٌ معنى الاضطباع وحكمه]

- ‌[مَسْأَلَةٌ السنة أن يبدأ الطواف من الحجر الأسود]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الطائف يجعل البيت على يساره]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الأصل في مشروعية الرمل]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يشرع استلام الركنين اليمانيين في كل طواف]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الصلاة خلف المقام]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَخْتِمَ الطَّوَافَ بِاسْتِلَامِ الْحَجَرِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الخروج إلى الصفا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إِذَا طَافَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ جَازَ أَنْ يَحِلَّ مِنْ إِحْرَامِهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ في أحكام الطواف والسعي والإحلال إلا فيما يعرضها للتكشف]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ] [

- ‌مَسْأَلَةٌ الإحرام بالحج يَوْمُ التَّرْوِيَةِ والخروج إلى عرفة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ صفة الصلاة والخطبة يوم عرفة وموضعه]

- ‌[مَسْأَلَةٌ صفة الوقوف بعرفة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أفضل أحوال الوقوف بعرفة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ما يستحب من الذكر والدعاء بعرفة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الدفع إلى مزدلفة وصفته]

- ‌[مَسْأَلَةٌ صفة الصلاة في مزدلفة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ المبيت بمزدلفة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ صلاة الفجر بمزدلفة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الوقوف عند المشعر الحرام بالمزدلفة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وقت الدفع من مزدلفة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ رمي جمرة العقبة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ نحر الهدي]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الحلق أو التقصير]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التحلل الأول]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طواف الإفاضة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ سعي المتمتع مع طواف الزيارة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ التحلل الثاني]

- ‌[مَسْأَلَةٌ استحباب الشرب من ماء زمزم وصفته]

- ‌[بَابُ مَا يَفْعَلُهُ بَعْدَ الْحِلِّ] [

- ‌مَسْأَلَةٌ المبيت في منى بلياليها]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وقت رمي الجمار في أيام التشريق وصفته]

- ‌[مَسْأَلَةٌ على القارن والمتمع دم]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طواف الوداع]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اشتغل بعد طواف الوداع بتجارة]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ما يشرع بعد طواف الوداع]

- ‌[مَسْأَلَةٌ حكم الخروج من غير وداع]

- ‌[مَسْأَلَةٌ سقوط طواف الوداع عن الحائض والنفساء]

- ‌[بَابُ أَرْكَانِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ] [

- ‌مَسْأَلَةٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ واجبات الحج]

- ‌[مسألة الْإِحْرَامُ مِنَ الْمِيقَاتِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ إِلَى اللَّيْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَبِيتُ بِمُزْدَلِفَةَ إِلَى نِصْفِ اللَّيْلِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ السَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْمَبِيتُ بِمِنًى]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الرمي]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الْحَلْقُ والتقصير]

- ‌[مَسْأَلَةٌ طَوَافُ الْوَدَاعِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَرْكَانُ الْعُمْرَةِ وَوَاجِبَاتُهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ما يترتب على ترك الركن أو الواجب أو المسنون]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أحكام الفوات]

الفصل: ‌مسألة الإحرام بالحج يوم التروية والخروج إلى عرفة]

[بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ] [

‌مَسْأَلَةٌ الإحرام بالحج يَوْمُ التَّرْوِيَةِ والخروج إلى عرفة]

مَسْأَلَةٌ: (وَإِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَمَنْ كَانَ حَلَالًا أَحْرَمَ مِنْ مَكَّةَ، وَخَرَجَ إِلَى عَرَفَاتٍ).

فِي هَذَا الْكَلَامِ فُصُولٌ:

أَحَدُهَا: أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَخْرُجَ النَّاسُ إِلَى عَرَفَاتٍ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ - وَهُوَ الثَّامِنُ - مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ حَتَّى يُدْرِكُوا صَلَاةَ الظُّهْرِ بِمِنًى، فَيُصَلُّوا بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ، وَيُقِيمُوا بِهَا حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.

قَالَ جَابِرٌ: " «فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ» ". رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ.

وَعَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ قَالَ: «سَأَلْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: " قُلْتُ: أَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ عَقَلْتَهُ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَيْنَ صَلَّى الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ؟ قَالَ: بِمِنًى قُلْتُ: فَأَيْنَ صَلَّى الْعَصْرَ يَوْمَ النَّفْرِ؟ قَالَ: بِالْأَبْطَحِ، ثُمَّ قَالَ: افْعَلْ كَمَا يَفْعَلُ أُمَرَاؤُكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: " «صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَالْفَجْرَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِمِنًى» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ.

ص: 479

فَإِنْ تَأَخَّرَ الْأُمَرَاءُ فِي الْخُرُوجِ إِلَى مِنًى، وَتَعَجَّلُوا مِنْهَا إِلَى عَرَفَاتٍ

فَإِنْ تَعَجَّلَ إِلَى مِنًى قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: قُلْتُ لِأَبِي: يَتَعَجَّلُ الرَّجُلُ إِلَى مِنًى قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ يَتَعَجَّلُ.

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُصَلِّيَ بِمِنًى مَعَ الْإِمَامِ إِنْ أَمْكَنَ، قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَإِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَصَلِّ مَعَ الْإِمَامِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ بِمِنًى إِنِ اسْتَطَعْتَ، وَقُلْ فِي طَرِيقِكَ إِلَى مِنًى: اللَّهُمَّ إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ وَعَلَيْكَ اعْتَمَدْتُ، وَوَجْهَكَ أَرَدْتُ، فَأَسْأَلُكَ أَنْ تُبَارِكَ لِي فِي سَفَرِي وَأَنْ تَقْضِيَ حَاجَتِي وَتَغْفِرَ لِي، ثُمَّ تَقُولُ إِذَا دَخَلْتَ مِنًى: اللَّهُمَّ هَذِهِ مِنًى، وَهِيَ مِمَّا دَلَلْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ الْمَنَاسِكِ فَأَسْأَلُكَ أَنْ تَمُنَّ عَلَيْنَا بِجَوَامِعِ الْخَيْرِ كُلِّهِ كَمَا مَنَنْتَ عَلَى أَوْلِيَائِكَ وَأَهْلِ طَاعَتِكَ فَإِنَّمَا أَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ فِي قَبْضَتِكَ نَاصِيَتِي بِيَدِكَ تَفْعَلُ بِي مَا أَرَدْتَ، وَتَبِيتُ بِهَا.

الْفَصْلُ الثَّانِي

أَنَّهُ مَنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى إِحْرَامِهِ لِكَوْنِهِ مُفْرِدًا، أَوْ قَارِنًا خَرَجَ إِلَى مِنًى، وَمَنْ كَانَ حَلَالًا فَهُمْ قِسْمَانِ: أَهْلُ مَكَّةَ، وَالْمُتَمَتِّعُونَ.

فَأَمَّا الْمُتَمَتِّعُونَ فَالسُّنَّةُ أَنْ يُحْرِمُوا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ وَسَوَاءٌ كَانُوا قَدْ حَلُّوا مِنْ إِحْرَامِهِمْ، أَوْ لَمْ يَحِلُّوا لِأَجْلِ الْهَدْيِ كَمَا أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ أَنْ يُحْرِمُوا.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: " «فَلَمَّا قَدِمْنَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: اجْعَلُوا إِهْلَالَكُمْ

ص: 480

بِالْحَجِّ عُمْرَةً إِلَّا مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ، فَطُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ، وَأَتَيْنَا النِّسَاءَ وَلَبِسْنَا الثِّيَابَ، وَقَالَ: مَنْ قَلَّدَ الْهَدْيَ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ، ثُمَّ أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أَنْ نُهِلَّ بِالْحَجِّ، فَإِذَا فَرَغْنَا مِنَ الْمَنَاسِكِ جِئْنَا طُفْنَا بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَقَدْ تَمَّ حَجُّنَا وَعَلَيْنَا الْهَدْيُ» " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَعَنْ جَابِرٍ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «فَقَالَ لَهُمْ: " أَحِلُّوا مِنْ إِحْرَامِكُمْ بِطَوَافٍ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَقَصِّرُوا، ثُمَّ أَقِيمُوا حَلَالًا حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَأَهِّلُوا بِالْحَجِّ، وَاجْعَلُوا الَّتِي قَدَّمْتُمْ بِهَا مُتْعَةً» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: " «فَحَلَّ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَقَصَّرُوا إِلَّا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ» ".

وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: " «أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَمَّا أَحْلَلْنَا أَنْ نُحْرِمَ إِذَا تَوَجَّهْنَا إِلَى مِنًى، قَالَ: فَأَهْلَلْنَا مِنَ الْأَبْطَحِ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ: " «أَهْلَلْنَا مِنَ الْأَبْطَحِ» ".

وَفِي رِوَايَةٍ: " «حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ وَجَعَلْنَا مَكَّةَ بِظَهْرٍ أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَالْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا

ص: 481

وَلَمْ يُفَرِّقْ أَحْمَدُ فِي اسْتِحْبَابِ الْإِحْرَامِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بَيْنَ وَاجِدِ الْهَدْيِ وَعَادِمِهِ، بَلْ أَمَرَ بِالْإِحْرَامِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ الْمُتَمَتِّعَ مُطْلَقًا، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ وَهُوَ الَّذِي قَالَهُ الْقَاضِي آخِرًا هُوَ وَعَامَّةُ أَصْحَابِهِ.

وَقَالَ الْقَاضِي - فِي الْمُجَرَّدِ -: مَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ فَإِنَّهُ يُحْرِمُ لَيْلَةَ السَّابِعِ لِيَصُومَ السَّابِعَ وَالثَّامِنَ وَالتَّاسِعَ، وَهِيَ الْأَيَّامُ الثَّلَاثَةُ بَعْدَ إِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ ; لِأَنَّ صَوْمَهَا قَبْلَ الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ فِيهِ خِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، فَيَتَحَرَّزُ عَنْهُ، وَزَادَ ابْنُ عَقِيلٍ عَلَى هَذَا فَقَالَ: يُحْرِمُ لَيْلَةَ السَّادِسِ، أَوْ يَوْمَ الْخَامِسِ لِيَصُومَ السَّادِسَ وَالسَّابِعَ وَالثَّامِنَ.

وَهَذَا كُلُّهُ تَصَرُّفٌ بِالسُّنَّةِ الْمَسْنُونَةِ بِالرَّأْيِ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مَضَى مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيهِ سُنَّةٌ إِلَّا اتِّبَاعُهَا، وَقَدْ أَمَرَ أَصْحَابَهُ كُلَّهُمْ أَنْ يُحْرِمُوا يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَكَانُوا كُلُّهُمْ مُتَمَتِّعِينَ إِلَّا نَفَرًا قَلِيلًا سَاقُوا الْهَدْيَ، وَأَمَرَ مَنْ لَمْ يَجِدِ الْهَدْيَ مِنْهُمْ أَنْ يَصُومُوا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةً إِذَا رَجَعَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ، وَمَعْلُومٌ عِلْمَ الْيَقِينِ أَنَّ قَوْمًا فِيهِمْ عَشَرَاتُ الْأُلُوفِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ الضَّيِّقِ، يَكُونُ كَثِيرٌ مِنْهُمْ، أَوْ أَكْثَرُهُمْ غَيْرَ وَاجِدِينَ لِلْهَدْيِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: كَانَ يَنْبَغِي لِهَؤُلَاءِ الْإِحْرَامُ يَوْمَ السَّادِسِ وَالْخَامِسِ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُهُمْ بِالْإِحْرَامِ يَوْمَ الثَّامِنِ؟!

ص: 482

وَمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الِاحْتِرَازِ مِنَ الْخِلَافِ فَإِنَّمَا يُشْرَعُ إِذَا أَوْرَثَ شُبْهَةً، فَإِنَّ الِاحْتِرَازَ مِنَ الشُّبْهَةِ مَشْرُوعٌ.

فَإِذَا وَضَحَ الْحَقُّ وَعُرِفَتِ السُّنَّةُ، وَكَانَ فِي الِاحْتِرَازِ عَمَّا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ فَلَا مَعْنَى لَهُ.

وَأَيْضًا فَإِنَّ الْمُتَمَتِّعَ إِذَا أُمِرَ بِتَقْدِيمِ الْإِحْرَامِ قَلَّ تَرَفُّهُهُ وَرُبَّمَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّمَتُّعُ إِذَا قَدِمَ مَكَّةَ يَوْمَ السَّادِسِ، أَوِ السَّابِعِ، وَفِي ذَلِكَ إِخْرَاجٌ لِلْمُتَمَتِّعِ عَنْ وَجْهِهِ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّ الْإِحْرَامَ إِنَّمَا يُشْرَعُ عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي السَّفَرِ، وَلِهَذَا لَمْ يُحْرِمِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنَ الْمِيقَاتِ إِلَّا عِنْدَ إِرَادَةِ الْمَسِيرِ، وَقَدْ بَاتَ فِيهِ لَيْلَةً، وَالْحَاجُّ إِنَّمَا يَتَوَجَّهُونَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، فَفِي الْأَمْرِ بِالْإِحْرَامِ قَبْلَهَا أَمْرٌ بِالْإِحْرَامِ وَهُوَ مُقِيمٌ، أَوْ أَمْرٌ بِالتَّقَدُّمِ إِلَى مِنًى، وَكِلَاهُمَا أَمْرٌ بِخِلَافِ الْأَفْضَلِ الْمَسْنُونِ، فَلَا يَجُوزُ الْأَمْرُ بِذَلِكَ.

وَأَمَّا وَقْتُ الِاسْتِحْبَابِ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، فَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: الْأَفْضَلُ أَنْ يُحْرِمَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَقَالَ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ: يُسْتَحَبُّ أَنْ يُوَافِيَ مِنًى بَعْدَ الزَّوَالِ مُحْرِمًا.

وَقَوْلُ أَبِي الْخَطَّابِ أَجْوَدُ ; لِأَنَّ فِي الْحَدِيثِ: " «أَمَرَنَا عَشِيَّةَ التَّرْوِيَةِ أَنْ نُحْرِمَ بِالْحَجِّ» ".

ص: 483

وَأَمَّا مَكَانُ الْإِحْرَامِ فَالْمَشْهُورُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ جَوْفِ الْكَعْبَةِ ; قَالَ أَحْمَدُ - فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ -: فَإِنْ كُنْتَ مُتَمَتِّعًا قَصَّرْتَ مِنْ شَعْرِكَ وَحَلَلْتَ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ صَلَّيْتَ رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَأَهْلَلْتَ بِالْحَجِّ تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أُرِيدُ الْحَجَّ فَيَسِّرْهُ لِي وَتَقَبَّلْهُ مِنِّي وَأَعِنِّي عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا تُشْتَرَطُ إِذَا كُنْتَ فِي الْحَرَمِ ثُمَّ قُلْ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ .... إِلَى آخِرِهِ.

وَفِي مَوْضِعِهِ رِوَايَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: بَعْدَ أَنْ تَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، قَالَ - فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ -: فَإِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ طَافَ بِالْبَيْتِ، فَإِذَا خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ لَبَّى بِالْحَجِّ، وَقَالَ - أَيْضًا -: قُلْتُ لِأَبِي: مِنْ أَيْنَ يُهِلُّ بِالْحَجِّ؟ قَالَ: إِذَا جَعَلَ الْبَيْتَ خَلْفَ ظَهْرِهِ، قُلْتُ: فَإِنَّ بَعْضَ النَّاسِ يَقُولُ: يُحْرِمُ مِنَ الْمِيزَابِ، قَالَ: إِذَا جَعَلَ الْبَيْتَ خَلْفَ ظَهْرِهِ أَهَلَّ.

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُهِلُّ مِنْ جَوْفِ الْمَسْجِدِ، قَالَ - فِي رِوَايَةِ حَرْبٍ - فِي وَصْفِ الْمُتْعَةِ: وَيُحِلُّ إِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ أَهَلَّ بِالْحَجِّ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَإِنْ كَانَ سَاقَ الْهَدْيَ أَهَلَّ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ مَعَ كَوْنِهِ بَاقِيًا عَلَى إِحْرَامِهِ، وَهَذَا ظَاهِرُ رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ، وَقَدِ اسْتَحَبَّ الْمَرُّوذِيُّ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ يُحْرِمَ ; لِأَنَّ الْإِحْرَامَ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ عَقِبَ صَلَاةٍ كَالْإِحْرَامِ مِنَ الْمِيقَاتِ.

ص: 484

وَاسْتُحِبَّ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ أَنْ يَطُوفَ حَلَالًا ثُمَّ يُحْرِمَ بَعْدَ الطَّوَافِ، وَهَذَا الطَّوَافُ لِتَوْدِيعِ الْبَيْتِ لِكَوْنِهِ خَارِجًا إِلَى الْحِلِّ، وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ خَرَجَ إِلَى الْحِلِّ أَنْ يُوَدِّعَ الْبَيْتَ وَأَنْ يُحْرِمَ عَقِبَ الطَّوَافِ، كَمَا اسْتُحِبَّ لِمَنْ يُحْرِمُ بِغَيْرِ مَكَّةَ أَنْ يُحْرِمَ عَقِبَ الصَّلَاةِ، وَمَتَى طَافَ أَحْرَمَ عَقِبَ رَكْعَتَيِ الطَّوَافِ.

وَقَالَ الْأَثْرَمُ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: الَّذِي يُحْرِمُ مِنْ مَكَّةَ مِنْ أَيْنَ يُحْرِمُ؟ قَالَ: إِذَا تَوَجَّهَ إِلَى مِنًى كَمَا صَنَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.

وَعَنِ الْحَسَنِ التَّمِيمِيِّ قَالَ: " قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ إِنِّي تَمَتَّعْتُ فَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُهِلَّ بِالْحَجِّ أَيْنَ أُهِلُّ؟ قَالَ: مِنْ حَيْثُ شِئْتَ، قُلْتُ مِنَ الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: مِنَ الْمَسْجِدِ ".

وَعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَرَبِيٍّ قَالَ: " قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: حَسَنٌ يَا ابْنَ جَمِيلٍ، فَقُلْتُ: مِنْ أَيْنَ أُهِلُّ وَمَتَى أُهِلُّ؟ قَالَ: مِنْ حَيْثُ شِئْتَ وَمَتَى شِئْتَ " رَوَاهُمَا سَعِيدٌ.

وَوَجْهُ الْأَوَّلِ: أَنَّ كُلَّ مِيقَاتٍ فِيهِ مَسْجِدٌ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ الْإِحْرَامُ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِهِ كَمِيقَاتِ ذِي الْحُلَيْفَةِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ جَابِرٍ فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا أَمَرَهُمْ بِالْإِحْرَامِ إِذَا تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى وَلَمْ يُعَيِّنْ مَكَانًا فِي أَمْرِهِ ; لِأَنَّ بِقَاعَ مَكَّةَ وَالْحَرَمِ مُسْتَوِيَةٌ فِي جَوَازِ الْإِحْرَامِ مِنْهَا، فَأَحْرَمَ مَنْ شَاءَ مِنَ الْأَبْطَحِ، كَمَا أَحْرَمَ خَلْقٌ مِنْ أَصْحَابِهِ مِنْ ذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَمْ يَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ.

وَلَوْ قَدَّمَ الْمُتَمَتِّعُ الْإِحْرَامَ جَازَ ; قَالَ الْفَضْلُ: سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُتَمَتِّعٍ أَهَلَّ بِالْحَجِّ حِينَ رَأَى هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ؟ فَقَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ ذَلِكَ، ثُمَّ أَخَّرَ ذَلِكَ إِلَى يَوْمِ التَّرْوِيَةِ.

ص: 485

وَقَالَ - فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ -: الْوَجْهُ أَنْ يُهِلَّ الْمُتَمَتِّعُ بِالْحَجِّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي أَهَلَّ فِيهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَإِنْ أَهَلَّ قَبْلَهُ فَجَائِزٌ.

وَأَمَّا مَنْ كَانَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ مِنْ أَهْلِهَا وَغَيْرِهِمْ مِمَّنِ اعْتَمَرَ قَبْلَ أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ لَمْ يَعْتَمِرْ فَفِيهِمْ رِوَايَتَانِ ; إِحْدَاهُمَا: هُمْ وَغَيْرُهُمْ سَوَاءٌ يُحْرِمُونَ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ ; قَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي طَالِبٍ فِي الْمَكِّيِّ: إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ صَلَّى الْفَجْرَ وَطَافَ بِالْبَيْتِ، فَإِذَا تَوَجَّهَ إِلَى مِنًى أَحْرَمَ بِالْحَجِّ، «لِقَوْلِ جَابِرٍ: " فَلَمَّا تَوَجَّهْنَا أَهْلَلْنَا بِالْحَجِّ».

وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ: يُهِلُّ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ ; قَالَ - فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ - إِذَا دَخَلَ مَكَّةَ مُتَمَتِّعًا يُهِلُّ بِالْحَجِّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ إِذَا تَوَجَّهَ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَى مِنًى، قِيلَ لَهُ: فَالْمَكِّيُّ يُهِلُّ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ؟ قَالَ: كَذَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ.

قَالَ الْقَاضِي: فَقَدْ نُصَّ عَلَى أَنَّ الْمُتَمَتِّعَ يُهِلُّ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، فَالْمَكِّيُّ يُهِلُّ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَالَ - فِي مَوْضِعٍ آخَرَ - قَوْلُ أَحْمَدَ فِي الْمَكِّيِّ يُهِلُّ إِذَا رَأَى الْهِلَالَ حَكَى فِي ذَلِكَ قَوْلَ عُمَرَ، وَالْحُكْمُ فِيهِ كَالْحُكْمِ فِي غَيْرِهِ.

وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَا إِذَا سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ مَسْأَلَةٍ فَقَالَ فِيهَا: قَالَ فُلَانٌ

ص: 486

كَذَا وَأَشَارَ إِلَى بَعْضِ الْفُقَهَاءِ، فَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: يَكُونُ ذَلِكَ مَذْهَبًا ; لِأَنَّهُ قَدِ اسْتُدْعِيَ مِنْهُ الْجَوَابُ، فَلَوْلَا أَنَّ ذَلِكَ مَذْهَبُهُ لَمْ يَكُنْ قَدْ أَجَابَ.

وَذَهَبَ غَيْرُهُ إِلَى أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَذْهَبًا لَهُ ; لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَخْبَرَ بِمَذْهَبِ الْغَيْرِ لِيُقَلِّدَهُ السَّائِلُ.

فَأَمَّا إِنْ أَخْبَرَ بِقَوْلِ صَحَابِيٍّ: فَهُوَ عِنْدَهُمْ مَذْهَبٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ حُجَّةٌ، كَمَا لَوْ أَخْبَرَ بِآيَةٍ أَوْ حَدِيثٍ وَلَمْ يَتَأَوَّلْهُ، وَلَمْ يُضَعِّفْهُ، فَإِنَّهُ يَكُونُ مَذْهَبًا لَهُ بِلَا خِلَافٍ.

وَذَلِكَ لِمَا رَوَى الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ: " يَا أَهْلَ مَكَّةَ مَا لِي أَرَى النَّاسَ يُقْدِمُونَ شُعْثًا غُبْرًا وَأَنْتُمْ يَفُوحُ مِنْ أَحَدِكُمْ رِيحُ الْمِسْكِ، إِذَا رَأَيْتُمْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ فَأَهِلُّوا " رَوَاهُ سَعِيدٌ.

«وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ مَنْ أَرَادَ الْأُضْحِيَةَ إِذَا دَخَلَ الْعَشْرُ أَنْ لَا يَأْخُذَ

ص: 487

مِنْ شَعْرِهِ وَلَا ظُفْرِهِ»، فَالَّذِي يُرِيدُ الْحَجَّ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، فَيُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ، وَإِنْ لَمْ يُحْرِمْ فَقَدْ رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّائِبِ الْمَخْزُومِيُّ قَالَ: قَالَ عُمَرُ رحمه الله: " تَجَرَّدُوا فِي الْحَجِّ وَإِنْ لَمْ تُحْرِمُوا ".

وَالرِّوَايَةُ الْأُولَى: اخْتِيَارُ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ ; لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ تَقْدِيمُ الْإِحْرَامِ عَلَى الْمِيقَاتِ الْمَكَانِيِّ، فَكَذَلِكَ عَلَى الْمِيقَاتِ الزَّمَانِيِّ.

وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا حَجَّ حَجَّةَ الْوَدَاعِ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَمَرَ أَهْلَ مَكَّةَ بِالْإِحْرَامِ مِنْ أَوَّلِ الْعَشْرِ، وَلَا قَبْلَ يَوْمِ التَّرْوِيَةِ.

وَلِأَنَّ السُّنَّةَ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُحْرِمَ عِنْدَ إِرَادَةِ السَّفَرِ ; بِدَلِيلِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَاتَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ وَلَمْ يُحْرِمْ حَتَّى أَرَادَ الرَّحِيلَ، فَإِمَّا أَنْ يُحْرِمَ وَيُقِيمَ مَكَانَهُ، أَوْ يُقِيمَ بِمِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَارِ

، وَبِهَذَا احْتَجَّ ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه ; عَنْ عَطَاءٍ قَالَ:" رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ رحمه الله وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ رُئِيَ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ، فَخَلَعَ قَمِيصَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ، ثُمَّ رَأَيْتُهُ فِي الْعَامِ الْمُقْبِلِ وَهُوَ فِي الْبَيْتِ، فَقِيلَ لَهُ: قَدْ رُئِيَ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ، فَخَلَعَ قَمِيصَهُ ثُمَّ أَحْرَمَ، فَلَمَّا كَانَ الْعَامُ الثَّالِثُ قِيلَ لَهُ: قَدْ رُئِيَ هِلَالُ ذِي الْحِجَّةِ، فَقَالَ: وَمَا أَنَا إِلَّا كَرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِي، وَمَا أَرَانِي أَفْعَلُ إِلَّا كَمَا فَعَلُوا، فَأَمْسَكَ حَتَّى كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ فَأَتَى الْبَطْحَاءَ فَلَمَّا اسْتَوَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ أَحْرَمَ ". وَعَنْ مُجَاهِدٍ نَحْوُ ذَلِكَ، قَالَ: " يَعْنِي فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنِّي كُنْتُ امْرَأً مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ أُهِلَّ

ص: 488

بِإِهْلَالِهِمْ، ثُمَّ ذَهَبْتُ أَنْظُرُ، فَإِذَا أَنَا أَدْخُلُ عَلَى أَهْلِي وَأَنَا مُحْرِمٌ، وَأَخْرُجُ وَأَنَا مُحْرِمٌ، فَإِذَا ذَلِكَ لَا يَصْلُحُ ; لِأَنَّ الْمُحْرِمَ إِذَا أَحْرَمَ خَرَجَ لِوَجْهِهِ، قُلْتُ: فَأَيَّ ذَلِكَ تَرَى؟ قَالَ: يَوْمَ التَّرْوِيَةِ " رَوَاهُمَا سَعِيدٌ.

(الْفَصْلُ الثَّالِثُ)

أَنَّهُمْ يَبِيتُونَ بِمِنًى حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ عَلَى ثَبِيرٍ وَهُوَ الْجَبَلُ الْمُشْرِفُ عَلَى مِنًى، فَلَا يَشْرَعُوا فِي الرَّحِيلِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، فَأَمَّا شَدُّ الْأَحْمَالِ وَوَضْعُهَا عَلَى الْحُمُولَةِ فَلَيْسَ مِنَ السَّيْرِ.

(الْفَصْلُ الرَّابِعُ)

أَنَّهُمْ يَسِيرُونَ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَاتٍ - وَلَا يَقِفُونَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتِ الْجَاهِلِيَّةُ تَفْعَلُ - فَيَنْزِلُونَ قَبْلَ الزَّوَالِ بِنَمِرَةَ، وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ قَالَ: يَنْزِلُونَ بِعَرَفَةَ.

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ - فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ -: ثُمَّ يَغْدُو - يَعْنِي بَعْدَ الْمَبِيتِ

ص: 489

بِمِنًى - إِلَى عَرَفَاتٍ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ إِلَيْكَ تَوَجَّهْتُ وَعَلَيْكَ اعْتَمَدْتُ، وَوَجْهَكَ أَرَدْتُ، أَسْأَلُكَ أَنْ تُبَارِكَ لِي فِي سَفَرِي وَتَقْضِيَ حَاجَتِي وَتَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، اللَّهُمَّ إِنِّي لَكَ أَرْجُو وَإِيَّاكَ أَدْعُو، وَإِلَيْكَ أَرْغَبُ فَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ مِنَ الْآخِرَةِ وَالدُّنْيَا.

قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ: " «فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ: تَوَجَّهُوا إِلَى مِنًى فَأَهَلُّوا بِالْحَجِّ وَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ، وَالْفَجْرَ، ثُمَّ مَكَثَ قَلِيلًا حَتَّى طَلَعَتِ الشَّمْسُ، وَأَمَرَ بِقُبَّةٍ مِنْ شَعْرٍ تُضْرَبُ بِنَمِرَةَ، فَسَارَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلَا تَشُكُّ قُرَيْشٌ إِلَّا أَنَّهُ وَاقِفٌ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَأَجَازَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ فَوَجَدَ الْقُبَّةَ قَدْ ضُرِبَتْ لَهُ بِنَمِرَةَ، فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى إِذَا زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَى فَرُحِّلَتْ لَهُ، فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَالَ: إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، أَلَا كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمِي مَوْضُوعٌ، وَدِمَاءُ الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعَةٌ، وَإِنَّ أَوَّلَ دَمٍ أَضَعُ مِنْ دِمَائِنَا دَمُ ابْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْحَارِثِ - كَانَ مُسْتَرْضَعًا فِي بَنِي سَعْدٍ فَقَتَلَتْهُ هُذَيْلٌ - وَرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، وَأَوَّلُ رِبًا أَضَعُ رِبَانَا ; رِبَا الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ كُلُّهُ، فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ اللَّهِ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَنْ لَا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ

ص: 490

رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ، قَدْ تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ إِنِ اعْتَصَمْتُمْ بِهِ: كِتَابَ اللَّهِ، وَأَنْتُمْ تَسْأَلُونَ عَنِّي فَمَا أَنْتُمْ قَائِلُونَ؟ قَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّكَ قَدْ بَلَّغْتَ وَأَدَّيْتَ وَنَصَحْتَ، فَقَالَ بِأُصْبُعِهِ السَّبَّابَةِ يَرْفَعُهَا إِلَى السَّمَاءِ وَيَنْكُتُهَا إِلَى النَّاسِ: اللَّهُمَّ اشْهَدْ، اللَّهُمَّ اشْهَدْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ أَذَّنَ، ثُمَّ أَقَامَ الصَّلَاةَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ أَقَامَ فَصَلَّى الْعَصْرَ، وَلَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ» " رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ.

وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: " «غَدَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ مِنًى حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ صَبِيحَةَ يَوْمِ عَرَفَةَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ، فَنَزَلَ بِنَمِرَةَ وَهِيَ مَنْزِلُ الْإِمَامِ الَّذِي يَنْزِلُ فِيهِ بِعَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ رَاحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُهَجِّرًا فَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ ثُمَّ رَاحَ فَوَقَفَ عَلَى الْمَوْقِفِ مِنْ عَرَفَةَ» " رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ.

وَقَدْ رَوَى الْأَزْرَقِيُّ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: " «سَأَلْتُ عَطَاءَ أَيْنَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَنْزِلُ يَوْمَ عَرَفَةَ؟ قَالَ: بِنَمِرَةَ مَنْزِلِ الْخُلَفَاءِ إِلَى الصَّخْرَةِ السَّاقِطَةِ بِأَصْلِ الْجَبَلِ عَنْ يَمِينِكَ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى عَرَفَاتٍ يُلْقَى عَلَيْهَا ثَوْبٌ يَسْتَظِلُّ بِهِ صلى الله عليه وسلم» -.

ص: 491

قَالَ الْأَزْرَقِيُّ: نَمِرَةُ هُوَ الْجَبَلُ الَّذِي عَلَيْهِ أَنْصَابُ الْحَرَمِ عَلَى يَمِينِكَ إِذَا خَرَجْتَ مِنْ مَأْزِمَيْ عَرَفَةَ تُرِيدُ الْمَوْقِفَ، وَتَحْتَ جَبَلِ نَمِرَةَ غَارٌ أَرْبَعُ أَذْرُعٍ فِي خَمْسِ أَذْرُعٍ، وَذَكَرُوا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَنْزِلُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ حَتَّى يَرُوحَ إِلَى الْمَوْقِفِ، وَهُوَ مَنْزِلُ الْأَئِمَّةِ الْيَوْمَ، وَالْغَارُ دَاخِلٌ فِي جِدَارِ دَارِ الْإِمَارَةِ فِي بَيْتٍ فِي الدَّارِ.

وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي مَرَاسِيلِهِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، ثَنَا أَبَانُ بْنُ سَلْمَانَ:" أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَزَلَ يَوْمَ عَرَفَةَ عِنْدَ الصَّخْرَةِ الْمُقَابِلَةِ مَنَازِلَ الْأُمَرَاءِ - يَوْمَ عَرَفَةَ - الَّتِي بِالْأَرْضِ فِي أَسْفَلِ الْجَبَلِ، وَسَتَرَ إِلَيْهَا بِثَوْبٍ عَلَيْهِ ".

وَأَمَّا سُلُوكُهُ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ: فَقَالَ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ: يُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ فِي الْحَجِّ أَنْ يَخْرُجَ فِي الْيَوْمِ الثَّامِنِ مِنْ مَكَّةَ فَيَنْزِلُ بِخِيفِ بَنِي

ص: 492

كِنَانَةَ حَيْثُ نَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَيَبِيتُ بِهَا وَيَسِيرُ بِهِمْ مِنْ غَدِهِ وَهُوَ الْيَوْمُ التَّاسِعُ - مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى عَرَفَةَ - عَلَى طَرِيقِ ضَبٍّ، وَيَعُودُ عَلَى طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ اقْتِدَاءً بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلِيَكُونَ عَائِدًا فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّتِي صَدَرَ مِنْهَا، فَإِذَا أَشْرَفَ عَلَى عَرَفَةَ نَزَلَ بِبَطْنِ نَمِرَةَ، وَأَقَامَ بِهِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ ثُمَّ سَارَ مِنْهُ إِلَى مَسْجِدِ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام بِوَادِي عَرَفَةَ.

وَقَالَ الْأَزْرَقِيُّ: ضَبٌّ طَرِيقٌ مُخْتَصَرَةٌ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ إِلَى عَرَفَةَ، وَهِيَ فِي أَصْلِ الْمَأْزِمَيْنِ عَنْ يَمِينِكَ وَأَنْتَ ذَاهِبٌ إِلَى عَرَفَةَ، وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَلَكَهَا حِينَ عَدَلَ مِنْ مِنًى إِلَى عَرَفَةَ قَالَ ذَلِكَ بَعْضُ الْمَكِّيِّينَ.

وَرَوَى بِإِسْنَادِهِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: " سَلَكَ عَطَاءٌ طَرِيقَ ضَبٍّ، قَالَ: هِيَ طَرِيقُ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ ".

وَفِي رِوَايَةٍ فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ: فَقَالَ: " لَا بَأْسَ إِنَّمَا هِيَ طَرِيقٌ ".

ص: 493