المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكلام ما تضمن كلمتين بالإسناد - شرح مختصر الروضة - جـ ١

[الطوفي]

فهرس الكتاب

- ‌الْفَصْلُ الْأَوَّلُ فِي تَعْرِيفِ أُصُولِ الْفِقْهِ:

- ‌الْفَصْلُ الثَّانِيفِي التَّكْلِيفِ

- ‌ تَكْلِيفِ الْمُمَيِّزِ

- ‌فُرُوعٌ:

- ‌ الْجِهَادَ خَاصٌّ بِالْمُؤْمِنِينَ

- ‌ إِنْ صَحَّ التَّكْلِيفُ بِالْمُحَالِ لِغَيْرِهِ، صَحَّ بِالْمُحَالِ لِذَاتِهِ

-

- ‌الْفَصْلُ الثَّالِثُفِي أَحْكَامِ التَّكْلِيفِ

- ‌الْوَاجِبُ

- ‌الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ

- ‌النَّدْبُ

- ‌الْحَرَامُ

- ‌الْمَكْرُوهُ:

- ‌الْمُبَاحُ:

- ‌التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ»

- ‌هَلْ يَجِبُ عَلَى اللَّهِ رِعَايَةُ الْمَصْلَحَةِ

- ‌ الْعِلَّةُ

- ‌ السَّبَبُ

- ‌ الشَّرْطُ

- ‌ فَوَائِدَ

- ‌ الثَّانِيَةُ: فِي فُرُوقٍ نَافِعَةٍ تَتَعَلَّقُ بِالْعِلَّةِ وَالشَّرْطِ:

- ‌ الثَّالِثَةُ: الْمَوَانِعُ الشَّرْعِيَّةُ:

- ‌ الْأَدَاءِ وَالْإِعَادَةِ وَالْقَضَاءِ

- ‌ الْعَزِيمَةُ وَالرُّخْصَةُ

- ‌الْفَصْلُ الرَّابِعُفِي اللُّغَاتِ

- ‌ مَبْدَأِ اللُّغَاتِ

- ‌ الْأَسْمَاءُ: وَضْعِيَّةٌ، وَعُرْفِيَّةٌ، وَشَرْعِيَّةٌ، وَمَجَازٌ

- ‌ أَقْسَامِ التَّجَوُّزِ

- ‌ الصَّوْتُ:

- ‌الْكَلَامُ مَا تَضَمَّنَ كَلِمَتَيْنِ بِالْإِسْنَادِ

- ‌الْكَلَامُ: نَصٌّ، وَظَاهِرٌ، وَمُجْمَلٌ

- ‌الظَّاهِرُ:

الفصل: ‌الكلام ما تضمن كلمتين بالإسناد

وَ‌

‌الْكَلَامُ مَا تَضَمَّنَ كَلِمَتَيْنِ بِالْإِسْنَادِ

، وَهُوَ نِسْبَةُ أَحَدِ الْجُزْئَيْنِ إِلَى الْآخَرِ لِإِفَادَةِ الْمُخَاطَبِ. وَقِيلَ: اللَّفْظُ الْمُرَكَّبُ الْمُفِيدُ بِالْوَضْعِ، وَشَرْطُهُ الْإِفَادَةُ. وَلَا يَأْتَلِفُ إِلَّا مِنِ اسْمَيْنِ، نَحْوَ زَيْدٌ قَائِمٌ. أَوْ فِعْلٍ وَاسْمٍ، نَحْوَ قَامَ زَيْدٌ. فَالْأُولَى جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ. وَالثَّانِيَةُ فِعْلِيَّةٌ، وَيَا زَيْدُ، وَالشَّرْطِيَّةُ، نَحْوَ إِنْ تَقُمْ أَقُمْ، فِعْلِيَّتَانِ.

ــ

قَوْلُهُ: " وَالْكَلَامُ مَا تَضَمَّنَ كَلِمَتَيْنِ بِالْإِسْنَادِ "، إِنَّمَا قَالَ: مَا تَضَمَّنَ، وَلَمْ يَقُلْ: مَا تَأَلَّفَ أَوْ تَرَكَّبَ مِنْ كَلِمَتَيْنِ لِيَدْخُلَ فِيهِ مِثْلُ: اضْرِبْ، وَنَحْوِهِ مِمَّا أَحَدُ جُزْئَيْهِ غَيْرُ مَلْفُوظٍ بِهِ، لَكِنَّهُ فِي ضِمْنِ الْمَلْفُوظِ بِهِ، وَالتَّضَمُّنُ أَخَصُّ مِنَ التَّرْكِيبِ وَالتَّأْلِيفِ، لِأَنَّ التَّرْكِيبَ وَالتَّأْلِيفَ لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ شَيْئَيْنِ يُرَكَّبُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ أَوْ يَأْلَفُهُ، بِخِلَافِ التَّضَمُّنِ، فَإِنَّهُ حُصُولُ شَيْءٍ فِي ضِمْنِ شَيْءٍ آخَرَ: فِي طَيِّهِ، فَقَدْ لَا يَكُونُ مَلْفُوظًا بِهِ، كَالْفَاعِلِ فِي فِعْلِ الْأَمْرِ، وَفِي الْمَاضِي وَالْمُضَارِعِ إِذَا سَبَقَهُ ظَاهِرٌ يَرْجِعُ إِلَيْهِ، نَحْوَ: اضْرِبْ، وَزَيْدٌ ضَرَبَ وَيَضْرِبُ.

فَقَوْلُهُ: " مَا تَضَمَّنَ كَلِمَتَيْنِ " يَشْمَلُ مَا كَانَ بِالْإِسْنَادِ وَبِدُونِهِ، كَالْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ، نَحْوَ: غُلَامُ زَيْدٍ، وَالصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ، نَحْوَ: رَجُلٌ صَالِحٌ، لَكِنَّ هَذَا لَيْسَ بِكَلَامٍ مَا لَمْ يَكُنِ التَّضَمُّنُ الْمَذْكُورُ إِسْنَادِيًّا، فَلَمَّا قَالَ:" بِالْإِسْنَادِ " خَرَجَ ذَلِكَ، وَصَارَ الْحَدُّ مَقْصُورًا عَلَى التَّضَمُّنِ الْإِسْنَادِيِّ، نَحْوَ: زَيْدٌ قَائِمٌ، وَقَامَ زَيْدٌ.

قَوْلُهُ: " وَهُوَ " يَعْنِي الْإِسْنَادَ، " نِسْبَةُ أَحَدِ الْجُزْئَيْنِ إِلَى الْآخَرِ إِفَادَةُ الْمُخَاطَبِ " فَائِدَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، يَحْسُنُ السُّكُوتُ عَلَيْهَا، فَفِي قَوْلِنَا: زَيْدٌ قَائِمٌ، قَدْ نَسَبْنَا أَحَدَ الْجُزْئَيْنِ، وَهُوَ قَائِمٌ، إِلَى الْجُزْءِ الْآخَرِ، وَهُوَ: زَيْدٌ، وَكَذَلِكَ فِي قَامَ زَيْدٌ: نَسَبْنَا

ص: 547

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قَامَ، وَهُوَ الْفِعْلُ، إِلَى الْفَاعِلِ، وَهُوَ زَيْدٌ، هَذَا فِي الْإِثْبَاتِ. وَأَمَّا فِي قَوْلِنَا: زَيْدٌ لَيْسَ بِقَائِمٍ، وَمَا قَامَ زَيْدٌ، فَالنِّسْبَةُ كَذَلِكَ لَكِنَّهَا بِالنَّفْيِ.

قَوْلُهُ: " وَقِيلَ: اللَّفْظُ "، أَيْ: وَقِيلَ: الْكَلَامُ هُوَ اللَّفْظُ " الْمُرَكَّبُ الْمُفِيدُ بِالْوَضْعِ ".

هَذَا الْحَدُّ ذَكَرَهُ ابْنُ مُعْطِي فِي " الْفُصُولِ " وَغَيْرِهِ، وَالْأَوَّلُ ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ.

فَقَوْلُهُ: " اللَّفْظُ ": احْتِرَازٌ مِنَ الْعَقْدِ، وَالْإِشَارَةِ، وَالْكِتَابَةِ، وَنَحْوِهَا مِمَّا لَيْسَ بِلَفْظٍ.

وَقَوْلُهُ: " الْمُرَكَّبُ ": احْتِرَازٌ مِنَ اللَّفْظِ الْمُفْرَدِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِكَلَامٍ، إِذْ شَرْطُ الْكَلَامِ التَّرْكِيبُ، لِأَنَّهُ خَبَرٌ وَحَدِيثٌ، فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ أَقَلِّ مَا يَكُونُ مِنْ مُخْبَرٍ بِهِ، وَمُخْبَرٍ عَنْهُ، أَوْ مُحْدَثْ بِهِ، وَمُحْدَثٍ عَنْهُ، يُرَكَّبُ أَحَدُهُمَا مَعَ الْآخَرِ.

وَقَوْلُهُ: " الْمُفِيدُ ": احْتِرَازٌ مِنَ الْمُرَكَّبِ غَيْرِ الْمُفِيدِ، كَالْمُضَافِ وَالْمُضَافِ إِلَيْهِ، وَالْمَوْصُوفِ وَالصِّفَةِ.

وَقَوْلُهُ: " بِالْوَضْعِ ": احْتِرَازٌ مِنَ الْمُفِيدِ لَا بِالْوَضْعِ، بَلْ بِالْعَقْلِ، كَدَلَالَةِ الصَّوْتِ عَلَى مُصَوِّتٍ وَرَاءَ حِجَابٍ، أَوْ بِالطَّبْعِ، كَدَلَالَةِ أَحْ عَلَى أَذَى الصَّدْرِ، وَأَخْ عَلَى الْهَمِّ وَالْغَمِّ.

ثُمَّ هَاهُنَا بَحْثَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ بَيْنَ الْكَلَامِ وَالْكَلِمِ عُمُومًا وَخُصُوصًا، فَبَعْضُ الْكَلِمِ كَلَامٌ، وَهُوَ مَا إِذَا اشْتَمَلَ عَلَى الْإِسْنَادِ الْمُفِيدِ، نَحْوَ: زَيْدٌ فِي الدَّارِ، وَبَعْضُ الْكَلَامِ كَلِمٌ، وَهُوَ مَا إِذَا تَضَمَّنَ ثَلَاثَ كَلِمَاتٍ فَصَاعِدًا، لِأَنَّ الْكَلِمَ جَمْعٌ، وَأَقَلُّهُ ثَلَاثٌ، فَقَوْلُنَا: زَيْدٌ

ص: 548

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فِي الدَّارِ: كَلِمٌ وَكَلَامٌ، وَزَيْدٌ قَائِمٌ: كَلَامٌ لَا كَلِمٌ، وَزَيْدٌ مِنْ عَنْ هَلْ: كَلِمٌ لَا كَلَامٌ، وَمِنْ عَنْ: لَا كَلَامٌ وَلَا كَلِمٌ، لَا مُفِيدٌ، وَلَا ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ، بَلْ هُوَ كَلِمَتَانِ.

الْبَحْثُ الثَّانِي: زَعَمُوا أَنَّ الْكَلَامَ مُشْتَقٌّ مِنَ الْكَلْمِ، وَهُوَ الْجُرْحُ، فَلِذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُفِيدًا، أَيْ: يُؤَثِّرُ فِي نَفْسِ السَّامِعِ فَائِدَةً، كَمَا يُؤَثِّرُ الْجُرْحُ فِي نَفْسِ الْمَجْرُوحِ أَلَمًا. وَهَذَا يَرُدُّ عَلَيْهِ الْكَلِمَ، فَإِنَّهُ مِنْ مَادَّةِ الْكَلَامِ، فَيَقْتَضِي أَنَّهُ مُشْتَقٌّ مِمَّا اشْتُقَّ مِنْهُ الْكَلَامُ، مَعَ أَنَّ الْكَلِمَ لَا يَسْتَلْزِمُ الْفَائِدَةَ.

وَيُجَابُ عَنْهُ: بِأَنَّا قَدْ بَيَّنَّا أَنَّ بَعْضَ الْكَلِمِ، وَجَمِيعَ الْكَلَامِ مُفِيدٌ، فَاعْتُبِرَ فِي الِاشْتِقَاقِ الْأَكْبَرِ، وَهُوَ مُفِيدٌ، أَعْنِي الْكَلَامَ وَبَعْضَ الْكَلِمِ، وَهُوَ أَكْثَرُ الْأَلْفَاظِ، فَكَانَ غَالِبُهَا مُفِيدًا، فَصَحَّ الِاشْتِقَاقُ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ.

قَوْلُهُ: " وَشَرْطُهُ الْإِفَادَةُ "، أَيْ: شَرْطُ الْكَلَامِ الْإِفَادَةُ، لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ مُقْتَضَى الِاشْتِقَاقِ، وَمِنْ كَوْنِهِ إِخْبَارًا، فَيَحْتَاجُ إِلَى مُخْبَرٍ بِهِ وَمُخْبَرٍ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: " وَلَا يَأْتَلِفُ إِلَّا مِنِ اسْمَيْنِ، نَحْوَ: زَيْدٌ قَائِمٌ، أَوْ فِعْلٍ وَاسْمٍ، نَحْوَ: قَامَ زَيْدٌ "، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْحَاصِلَ مِنْ تَرْكِيبِ الْكَلِمِ الثَّلَاثِ بَعْضُهَا مَعَ بَعْضٍ سِتَّةُ تَرَاكِيبَ بِلَا تَكْرَارٍ، وَتِسْعَةٌ مَعَ تَكْرَارِ ثَلَاثَةٍ مِنْهَا، لِأَنَّهَا ثَلَاثَةٌ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهَا يَكُونُ مُرَكَّبًا مَعَ

ص: 549

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

مِثْلِهِ، وَمَعَ قَسِيمَيْهِ، فَهِيَ ثَلَاثَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ تِسْعَةٌ: الِاسْمُ مَعَ اسْمٍ، أَوْ فِعْلٍ، أَوْ حَرْفٍ. وَالْفِعْلُ مَعَ فِعْلٍ، أَوِ اسْمٍ، أَوْ حَرْفٍ. وَالْحَرْفُ مَعَ حَرْفٍ، أَوِ اسْمٍ، أَوْ فِعْلٍ. وَإِذَا سَقَطَ الْمُكَرَّرُ، عَادَتْ إِلَى اسْمٍ مَعَ اسْمٍ، أَوْ فِعْلٍ، أَوْ حَرْفٍ، وَفِعْلٍ مَعَ فِعْلٍ، أَوْ حَرْفٍ، وَحَرْفٍ مَعَ حَرْفٍ.

وَالْكَلَامُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ مُسْنَدٍ إِلَيْهِ، فَالِاسْمُ مَعَ الِاسْمِ كَلَامٌ، لِوُجُودِ الْمُسْنَدِ وَالْمُسْنَدِ إِلَيْهِ جَمِيعًا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ، وَالْفِعْلُ مَعَ الِاسْمِ كَلَامٌ، لِوُجُودِهِمَا مِنْ نَوْعَيْنِ، وَالِاسْمُ مَعَ الْحَرْفِ لَيْسَ بِكَلَامٍ، لِعَدَمِ أَحَدِهِمَا الْمُسْنَدِ أَوِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ، وَالْفِعْلُ مَعَ الْفِعْلِ كَذَلِكَ، لِعَدَمِ الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ، وَالْفِعْلُ مَعَ الْحَرْفِ كَذَلِكَ وَأَوْلَى، وَالْحَرْفُ مَعَ الْحَرْفِ كَذَلِكَ وَأَوْلَى.

قَوْلُهُ: " فَالْأُولَى جُمْلَةٌ اسْمِيَّةٌ "، يَعْنِي: زَيْدٌ قَائِمٌ، " وَالثَّانِيَةُ " جُمْلَةٌ فِعْلِيَّةٌ " يَعْنِي: قَامَ زَيْدٌ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجُمْلَةِ الِاسْمِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ: أَنَّ الَّتِي أَوَّلُ جُزْئَيْهَا اسْمٌ: اسْمِيَّةٌ، وَإِنْ كَانَ آخِرُ جُزْئَيْهَا فِعْلًا، نَحْوَ: زَيْدٌ قَامَ، وَالَّتِي أَوَّلُ جُزْئَيْهَا فِعْلٌ: فِعْلِيَّةٌ، وَلَا يَكُونُ آخِرُ جُزْئَيْهَا إِلَّا اسْمًا، نَحْوَ قَامَ زَيْدٌ.

وَقَوْلُهُ: " وَيَا زَيْدُ، وَالشَّرْطِيَّةُ نَحْوَ: إِنْ تَقُمْ أَقُمْ فِعْلِيَّتَانِ ". هَذَا عَلَى سَبِيلِ الضَّمِّ لِمُنْتَشِرِ الْجُمَلِ، وَرَدَّ الْجَمِيعَ إِلَى انْحِصَارٍ فِي الِاسْمِيَّةِ وَالْفِعْلِيَّةِ، وَدَفْعًا لِنَقْضِ قَوْلِنَا: إِنَّ الْكَلَامَ لَا يَأْتَلِفُ إِلَّا مِنِ اسْمَيْنِ، أَوْ فِعْلٍ وَاسْمٍ. بِقَوْلِهِمْ: يَا زَيْدُ، فَإِنَّهُ كَلَامٌ مُفِيدٌ، وَهُوَ مِنْ حَرْفٍ وَاسْمٍ.

ص: 550

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وَالْجَوَابُ أَنَّ يَا زَيْدُ وَإِنْ كَانَ حَرْفًا وَاسْمًا فِي اللَّفْظِ، فَإِنَّهُ فِعْلٌ وَاسْمٌ فِي الْمَعْنَى، فَإِنَّ " يَا " نَائِبَةٌ مَنَابَ أَدْعُو، أَوْ أُنَادِي، فَقَوْلُكَ: يَا زَيْدُ، تَقْدِيرُهُ: أَدْعُو زَيْدًا، أَوْ أُنَادِي زَيْدًا، وَلِهَذَا كَانَ الْمُنَادَى الْمَبْنِيُّ عَلَى الضَّمِّ، نَحْوَ: يَا زَيْدُ، وَيَا رَجُلُ، وَاقِعًا مَوْقِعَ الْمَنْصُوبِ، نَظَرًا إِلَى الْفِعْلِ الَّذِي نَابَتْ عَنْهُ " يَا "، فَلَوْ قِيلَ: لَا يَأْتَلِفُ الْكَلَامُ إِلَّا مِنِ اسْمَيْنِ، أَوْ فِعْلٍ وَاسْمٍ، لَفْظًا أَوْ تَقْدِيرًا، لَانْدَفَعَ هَذَا النَّقْضُ بِـ " يَا زَيْدُ "، لِأَنَّهُ فِعْلٌ وَاسْمٌ تَقْدِيرًا.

وَأَمَّا ذِكْرُنَا لِلْجُمْلَةِ الشَّرْطِيَّةِ، فَلِأَنَّ النُّحَاةَ يَقُولُونَ: الْجُمْلَةُ إِمَّا اسْمِيَّةٌ، نَحْوَ: زَيْدٌ قَائِمٌ، أَوْ فِعْلِيَّةٌ، نَحْوَ: قَامَ زَيْدٌ، أَوْ ظَرْفِيَّةٌ، نَحْوَ: زَيْدٌ عِنْدَكَ، وَعَمْرٌو فِي الدَّارِ، أَوْ شَرْطِيَّةٌ نَحْوَ: إِنْ تَقُمْ أَقُمْ. وَعِنْدَ التَّحْقِيقِ يَظْهَرُ أَنَّ الظَّرْفِيَّةَ اسْمِيَّةٌ، وَالشَّرْطِيَّةَ فِعْلِيَّةٌ.

أَمَّا الْأَوَّلُ: فَلِأَنَّ الظَّرْفَ فِي الظَّرْفِيَّةِ مُتَعَلِّقٌ بِالْخَبَرِ، وَهُوَ اسْمٌ أَوْ فِعْلٌ، فَالتَّقْدِيرُ: زَيْدٌ مُسْتَقِرٌّ عِنْدَكَ، أَوِ اسْتَقَرَّ عِنْدَكَ، وَعَمْرٌو مُسْتَقِرٌّ فِي الدَّارِ، أَوِ اسْتَقَرَّ فِي الدَّارِ. وَعَلَى التَّقْدِيرَيْنِ يَرْجِعُ إِلَى الِاسْمِيَّةِ.

وَأَمَّا الثَّانِي: فَلِأَنَّ حَرْفَ الشَّرْطِ رَبَطَ بَيْنَ جُمْلَتَيْنِ فِعْلِيَّتَيْنِ، إِذِ التَّقْدِيرُ: إِنْ تَقُمْ أَنْتَ أَقُمْ أَنَا، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْجُمْلَتَيْنِ مُرَكَّبَةٌ مِنْ فِعْلٍ وَفَاعِلٍ، فَهِيَ إِذًا رَاجِعَةٌ إِلَى الْفِعْلِيَّةِ.

ص: 551

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

نَعَمْ هَاهُنَا تَنْبِيهٌ، وَهُوَ أَنَّ الْكَلَامَ يَخْرُجُ عَنِ الْإِفَادَةِ، تَارَةً بِالزِّيَادَةِ، وَتَارَةً بِالنَّقْصِ. أَمَّا الْأَوَّلُ: فَإِنَّ قَوْلَنَا: قَامَ زَيْدٌ، كَلَامٌ مُفِيدٌ، فَإِذَا أَدْخَلْنَا عَلَيْهِ حَرْفَ الشَّرْطِ، كَقَوْلِنَا: إِنْ قَامَ زَيْدٌ، أَوْ لَوْ قَامَ زَيْدٌ، خَرَجَ عَنِ الْإِفَادَةِ، وَبَقِيَ مُتَوَقِّفًا عَلَى تَتِمَّةٍ تَحْصُلُ فِيهِ الْفَائِدَةُ، وَهُوَ جَوَابُ الشَّرْطِ.

وَأَمَّا الثَّانِي: فَإِنَّ قَوْلَنَا: زَيْدٌ قَائِمٌ، أَوْ قَامَ زَيْدٌ، كَلَامٌ تَامٌّ، فَإِذَا أَسْقَطْنَا أَحَدَ جُزْأَيْهِ خَرَجَ عَنِ الْإِفَادَةِ.

وَعَكْسُ هَذَا أَنَّ الْكَلِمَ يَخْرُجُ إِلَى الْفَائِدَةِ بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ.

أَمَّا الْأَوَّلُ: فَقَوْلُنَا: زَيْدٌ: لَيْسَ بِمُفِيدٍ فَإِذَا قُلْنَا: قَائِمٌ، أَوْ قَامَ. بَعْدَهُ، أَوْ قَبْلَهُ، صَارَ مُفِيدًا جُمْلَةً اسْمِيَّةً أَوْ فِعْلِيَّةً.

وَأَمَّا الثَّانِي: فَقَوْلُنَا: إِنْ قَامَ زَيْدٌ، فَهُوَ غَيْرُ مُفِيدٍ، فَإِذَا أَسْقَطْنَا حَرْفَ الشَّرْطِ، بَقِيَ جُمْلَةٌ فِعْلِيَّةٌ مُفِيدَةٌ.

ص: 552