الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ فِي لُزُومِ الْعَقْدِ وَجَوَازِهِ] [
فَصْلٌ فِي الْخِيَار] [
خِيَارُ التَّرَوِّي]
ابْنُ شَاسٍ: الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ فِي لُزُومِ الْعَقْدِ وَجَوَازِهِ. وَالْأَصْلُ فِي الْبَيْعِ اللُّزُومُ وَالْخِيَارُ عَارِضٌ، ثُمَّ هُوَ مُتَنَوِّعٌ إلَى خِيَارِ التَّرَوِّي وَإِلَى خِيَارِ النَّقِيضَةِ
النَّوْعُ الْأَوَّلُ خِيَارُ التَّرَوِّي وَهُوَ مَا لَا يَقِفُ عَلَى فَوَاتِ وَصْفِهِ وَسَبَبُهُ الشَّرْطُ دُونَ الْمَجْلِسِ بَلْ لَا يَثْبُتُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ بِالْعَقْدِ وَلَا بِالشَّرْطِ (إنَّمَا الْخِيَارُ بِشَرْطٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا انْعَقَدَ الْبَيْعُ فَلَا خِيَارَ لِوَاحِدٍ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ إلَّا أَنْ
يَشْتَرِطَاهُ. (كَشَهْرٍ فِي دَارٍ) ابْنُ يُونُسَ: لَمَّا كَانَ الْخِيَارُ رِفْقًا بِالْمُتَبَايِعِينَ لِلنَّظَرِ وَالرَّأْيِ وَالِاخْتِبَارِ كَانَ أَمَدُ الْخِيَارِ مُخْتَلِفًا فِيمَا تَبَايَعَاهُ بِقَدْرِ مَا يَحْتَاجَانِ إلَى ذَلِكَ. مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَالْخِيَارُ فِي الدَّارِ يُرِيدُ وَسَائِرِ الرَّبْعِ الشَّهْرُ وَنَحْوُهُ. عَبْدُ الْحَقِّ: الدُّورُ وَالْأَرَضُونَ سَوَاءٌ لَا وَجْهَ لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا (وَلَا تُسْكَنُ) الْمُتَيْطِيُّ: لَا يَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يُشْتَرَطَ فِي الْخِيَارِ سُكْنَى الدَّارِ مُدَّةَ أَيَّامِ
الْخِيَارِ، وَانْظُرْ إنْ شُرِطَ ذَلِكَ.
(وَكَجُمُعَةٍ فِي رَقِيقٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَالْخِيَارُ فِي الْجَارِيَةِ مِثْلُ خَمْسَةِ أَيَّامٍ إلَى الْجُمُعَةِ وَشِبْهُ ذَلِكَ لِاخْتِبَارِ حَالِهَا وَعَمَلِهَا. ابْنُ حَبِيبٍ: وَكَذَلِكَ الْخِيَارُ فِي الْعَبْدِ.
(وَاسْتَخْدَمَهُ) الَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ لَا يَجُوزُ لِلْمُبْتَاعِ اشْتِرَاطُ الِانْتِفَاعِ بِالْمَبِيعِ أَمَدَ الْخِيَارِ إلَّا قَدْرَ مَا يَقَعُ بِهِ الِاخْتِبَارُ كَاسْتِخْدَامِ الْعَبْدِ فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا ثَمَنَ لَهُ (وَكَثَلَاثٍ فِي دَابَّةٍ وَكَيَوْمٍ فِي رُكُوبِهَا وَلَا بَأْسَ بِشَرْطِ الْبَرِيدِ أَشْهَبُ وَالْبَرِيدَيْنِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَالدَّابَّةُ تُرْكَبُ الْيَوْمَ وَشِبْهَهُ وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَسِيرَ عَلَيْهَا الْبَرِيدُ وَنَحْوُهُ مَا لَمْ يَتَبَاعَدْ.
قَالَ أَشْهَبُ: وَالْبَرِيدِيُّ يُخْتَبَرُ فِيهِمَا سَيْرُهَا. وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَجُوزُ الْخِيَارُ فِي الدَّابَّةِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ كَالثَّوْبِ. ابْنُ يُونُسَ: إنَّمَا شَرَطَ مَالِكٌ الْيَوْمَ
فِي شَرْطِ رُكُوبِهَا فَأَمَّا عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الثَّوْبِ (وَفِي كَوْنِهِ خِلَافًا تَرَدُّدٌ وَكَثَلَاثٍ فِي ثَوْبٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا الثَّوْبُ فَيَجُوزُ فِيهِ الْخِيَارُ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَشِبْهَ ذَلِكَ، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَرْجِعُ الثَّوْبُ إلَيْهِ. اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا " لَا يُشْتَرَطُ لُبْسُ الثَّوْبِ ".
(وَصَحَّ بَعْدَ بَتٍّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ بَاعَ سِلْعَةً ثُمَّ جَعَلَ لِلْمُبْتَاعِ الْخِيَارَ
بَعْدَ إتْمَامِ الْبَيْعِ أَوْ جَعَلَ الْمُبْتَاعُ لِلْبَائِعِ الْخِيَارَ لَزِمَ ذَلِكَ إذَا كَانَ يَجُوزُ فِي مِثْلِهِ الْخِيَارُ وَهُوَ بَيْعٌ مُؤْتَنِفٌ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لَهَا مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ، وَمَا أَصَابَ السِّلْعَةَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَهُوَ مِنْ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ صَارَ بَائِعًا
(وَهَلْ إنْ نَقَدَ؟ تَأْوِيلَانِ) ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: وَهَذَا إذَا انْتَقَدَ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ الثَّمَنَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَنْتَقِدْ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ الثَّمَنَ صَارَ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ الْمُشْتَرِي فَدَفَعَ فِيهِ سِلْعَةً فِيهَا خِيَارٌ. اللَّخْمِيِّ: مَنْ بَاعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا مِنْهُ عَلَى خِيَارٍ جَازَ، وَسَوَاءٌ انْتَقَدَ الْأَوَّلُ الثَّمَنَ أَوْ لَمْ يَنْتَقِدْ، لِأَنَّ مِنْ حَقِّ الْأَوَّلِ أَنْ يَنْتَقِدَ ثَمَنَهُ الْآنَ وَلَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْخِيَارِ إلَّا أَنْ يَقُولَ آخُذُهَا مِنْ الدَّيْنِ أَوْ أُقِيلُك
فِيهَا فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ نَقْدٌ فِي خِيَارٍ (وَضَمِنَهُ حِينَئِذٍ الْمُشْتَرِي) تَقَدَّمَ نَصُّهَا " وَمَا أَصَابَ السِّلْعَةَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَهُوَ مِنْ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ صَارَ بَائِعًا " وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الضَّمَانَ مِنْ الْمُشْتَرِي، جَعَلَ هُوَ لِلْبَائِعِ الْخِيَارَ أَوْ جَعَلَهُ الْبَائِعُ لَهُ، وَكَأَنَّ الْبَائِعَ قَالَ لِلْمُشْتَرِي إنْ شِئْت بِعْهَا مِنِّي وَلَك الْخِيَارُ فَالْمُشْتَرِي هُوَ الْبَائِعُ جَعَلَ هُوَ الْخِيَارَ أَوْ جُعِلَ لَهُ.
(وَفَسَدَ بِشَرْطِ مُشَاوَرَةِ بَعِيدٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنَّمَا يَجُوزُ الْبَيْعُ عَلَى مَشُورَةِ فُلَانٍ أَوْ رِضَاهُ إذَا كَانَ قَرِيبًا، وَإِنْ اسْتَثْنَى مَشُورَةَ رَجُلٍ بِبَلَدٍ بَعِيدٍ فَسَدَ الْبَيْعُ، وَلَوْ تَرَكَ الْمُبْتَاعُ مَشُورَةَ فُلَانٍ الْغَائِبِ مُجِيزًا لِلْبَيْعِ لَمْ يَجُزْ لِوُقُوعِهِ فَاسِدًا (أَوْ مُدَّةٍ زَائِدَةٍ) مِنْ
الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَا بَعُدَ مِنْ أَجْلِ الْخِيَارِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ.
(أَوْ مَجْهُولَةٍ) ابْنُ رُشْدٍ: إنْ لَمْ يَضُرَّ بِالْخِيَارِ أَجَّلَا وَاشْتَرَطَاهُ فَلَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ، وَيَضْرِبُ لَهُمَا مِنْ الْأَجَلِ بِقَدْرِ مَا تُخْتَبَرُ إلَيْهِ تِلْكَ السِّلْعَةُ لِأَنَّ الْحَدَّ فِي ذَلِكَ مَعْرُوفٌ، فَإِذَا أَخَلَّا بِذِكْرِهِ فَإِنَّهُمَا دَخَلَا عَلَى الْعُرْفِ وَالْعَادَةِ (أَوْ غَيْبَةٍ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ رَطْبِ الْفَوَاكِهِ وَالْخُضَرِ عَلَى أَنَّهُ فِيهِ بِالْخِيَارِ، فَإِنْ كَانَ النَّاسُ يُشَاوِرُونَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ غَيْرَهُمْ وَيَحْتَاجُونَ فِيهَا إلَى رَأْيِهِمْ فَلَهُمْ الْخِيَارُ بِمِقْدَارِ حَاجَةِ النَّاسِ مِمَّا لَا يَقَعُ فِيهِ تَغْيِيرٌ وَلَا فَسَادٌ، وَالْأَجَلُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ أَقْرَبُ مِنْهُ فِيمَا لَا يُسْرِعُ فِيهِ الْفَسَادُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ.
قَالَ أَشْهَبُ: وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَغِيبَ الْمُبْتَاعُ عَلَى مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مِنْ مَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ فَيَصِيرُ تَارَةً سَلَفًا وَتَارَةً بَيْعًا، لِأَنَّك لَوْ بِعْت ذَلِكَ مِنْ رَجُلٍ فَغَابَ عَلَيْهِ ثُمَّ أَقَلْته مِنْ
بَعْضِهِ وَأَخَذْت ثَمَنَ مَا بَقِيَ كَانَ بَيْعًا وَسَلَفًا بِخِلَافِ إقَالَتِك مِنْ أَحَدِ عَبْدَيْنِ أَوْ ثَوْبَيْنِ، وَذَلِكَ جَائِزٌ فِيمَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ. وَلَوْ بِعْت عَبْدَيْنِ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْك أَحَدَهُمَا عِنْدَ الْأَجَلِ بِنِصْفِ الثَّمَنِ.
قَالَ سَحْنُونَ: يُرِيدُ بِعَيْنِهِ عَلَى مَا هُوَ يَوْمئِذٍ مِنْ نَمَاءٍ أَوْ نَقْصٍ لَجَازَ لِأَنَّهُ إنَّمَا اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِعَيْنِهِ وَاسْتَأْجَرَ الْآخَرَ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ بِالثَّمَنِ الَّذِي يَبْقَى عَلَيْهِ وَذَلِكَ جَائِزٌ، لِأَنَّ كُلَّ مَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَيُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إتْلَافِهِ يَجُوزُ إجَارَتُهُ، وَلَا تَجُوزُ إجَارَةُ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ إدَامٍ وَنَحْوِهِ، وَلَا كُلُّ مَا لَا يُنْتَفَعُ بِهِ إلَّا بِإِتْلَافِهِ إمَّا بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ. ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً يَرُدُّ عَلَيْك مِثْلَ مَا اسْتَأْجَرَ مِنْك فَهُوَ سَلَفٌ وَمَا تَأْخُذُ مِنْ أُجْرَتِهِ فَهُوَ النَّفْعُ.
وَإِنَّمَا تَصِحُّ مَسْأَلَةُ الْعَبْدَيْنِ إذَا سَمَّى مَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ الْمَرْدُودُ أَوْ دَخَلَا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ شَيْئًا قَدْ عَرَفُوهُ وَإِلَّا فَهُوَ كَمَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا وَلَمْ يُعْلِمْهُ مَا يَسْتَعْمِلُهُ فِيهِ فَذَلِكَ فَاسِدٌ. (أَوْ لُبْسِ ثَوْبٍ) أَشْهَبُ: لَا يُشْتَرَطُ لُبْسُ الثَّوْبِ لِأَنَّهُ لَا يُخْتَبَرُ بِاللُّبْسِ كَمَا تُخْتَبَرُ الدَّابَّةُ بِالرُّكُوبِ وَالْعَبْدُ بِالِاسْتِخْدَامِ (وَرَدَّ أُجْرَتَهُ) ابْنُ يُونُسَ: وَإِذَا فَسَدَ الْبَيْعُ فِي اشْتِرَاطِ لُبْسِ
الثَّوْبِ وَنَقَصَ كَانَ عَلَى الْمُبْتَاعِ قِيمَةُ لُبْسِهِ.
(وَيَلْزَمُ بِانْقِضَائِهِ وَرُدَّ فِي كَالْغَدِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً أَوْ ثَوْبًا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً فَلَمْ يَخْتَرْ حَتَّى مَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهَا مِنْ يَدِهِ وَلَا أَخْذُهَا مِنْ يَدِ الْبَائِعِ، وَتَلْزَمُ مَنْ هِيَ بِيَدِهِ مِنْ بَائِعٍ أَوْ مُبْتَاعٍ لَا خِيَارَ لِلْآخَرِ فِيهَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ الْخِيَارِ أَوْ كَالْغَدِ أَوْ قُرْبَ ذَلِكَ فَذَلِكَ لَهُ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا: لِمُشْتَرِطِ الْخِيَارِ الصَّحِيحِ أَنْ يَرُدَّ بَعْدَ الْأَجَلِ إنْ كَانَ بِقُرْبِهِ، اُنْظُرْ قِيَاسَ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى هَذَا مَا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ قَالَ: إنَّهَا مِثْلُهَا إذَا وَقَفَتْ السِّلْعَةُ عَلَى مَنْ زَادَ فِيهَا وَتَغَيَّبَ الْبَائِعُ فَيَقُولُ مَنْ زَادَ قَدْ مَضَتْ أَيَّامُ الصِّيَاحِ
لَا حَاجَةَ لِي بِهَا. اُنْظُرْ سَمَاعَ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ.
(وَبِشَرْطِ نَقْدٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: شَرْطُ النَّقْدِ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ مُفْسِدٌ (كَالْغَائِبِ) تَقَدَّمَ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَالنَّقْدُ فِيهِ "(وَعُهْدَةِ ثَلَاثٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَجُوزُ النَّقْدُ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ بِشَرْطٍ.
(وَمُوَاضَعَةٍ وَأَرْضٍ لَمْ يُؤْمَنْ رِيُّهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ:
لَا بَأْسَ بِكِرَاءِ أَرْضِ الْمَطَرِ عَشْرَ سِنِينَ وَإِنْ لَمْ يَنْقُدْ، فَإِنْ شَرَطَ النَّقْدَ فَسَدَ الْكِرَاءُ، وَإِنْ أَكْرَاهَا سِنِينَ وَقَدْ أَمْكَنَتْ لِلْحَرْثِ جَازَ نَقْدُ حِصَّةِ عَامِهِ هَذَا.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ اكْتَرَاهَا سَنَةَ قَرُبَ الْحَرْثُ وَحِينَ تَوَقَّعَ الْغَيْثَ لَمْ يَجُزْ النَّقْدُ حَتَّى تُرْوَى وَتُمَكَّنَ مِنْ الْحَرْثِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَيَجُوزُ النَّقْدُ فِي أَرْضِ النِّيلِ قَبْلَ رِيِّهَا لِأَمْنِهَا. قِيلَ لِمَالِكٍ: فَإِنْ كَانَتْ أَرْضُ الْمَطَرِ فِيمَا اُخْتُبِرَ مِنْهَا لَا تَخْتَلِفُ، أَيَجُوزُ النَّقْدُ فِيهَا؟ قَالَ: النِّيلُ أَبْيَنُ شَأْنًا وَأَرْجُو جَوَازَ النَّقْدِ فِيهَا إنْ كَانَتْ هَكَذَا بِخِلَافِ الَّذِي تَخَلَّفَ مِنْ أَرْضِ الْمَطَرِ أَوْ ذَاتِ بِئْرٍ قَلَّ مَاؤُهَا وَيُخَافُ أَنْ لَا يَقُومَ بِهَا، فَالنَّقْدُ فِي هَذَا خَطَرٌ لِغَلَبَةِ الْغَرَرِ فَيَصِيرُ النَّقْدُ تَارَةً ثَمَنًا وَتَارَةً سَلَفًا كَالنَّقْدِ فِي الْمُوَاضَعَةِ وَبَيْعِ الْخِيَارِ وَبَيْعِ الْعُهْدَةِ.
(وَجُعْلٍ) إتْيَانُهُ بِهَذَا الْفَرْعِ مَعَ هَذِهِ الْفُرُوعِ يَقْتَضِي أَنَّ النَّقْدَ فِي الْجُعْلِ بِغَيْرِ شَرْطٍ جَائِزٌ، اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا يَتَقَرَّرُ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ آجَرْته عَلَى بَيْعِ سِلَعٍ كَثِيرَةٍ شَهْرًا عَلَى أَنَّهُ مَتَى شَاءَ تَرَكَ جَازَ لِأَنَّهُ إجَارَةٌ عَلَى خِيَارٍ وَيَجُوزُ فِيهَا النَّقْدُ. ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ وَلَا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهِ بَعْدَ الْعَقْدِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ أَنْ يَتْرُكَ مَتَى شَاءَ عُدَّ تَمَادِيهِ فِي الْعَمَلِ أَخْذًا لِمَا لَهُ فِي ذِمَّتِهِ فَقَدْ فُسِخَ دَيْنُهُ فِيمَا لَا يَتَعَجَّلُهُ كَمَا لَوْ أَجَّرَ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ثُمَّ تَطَوَّعَ لَهُ بِنَقْدِ الْإِجَارَةِ فَيَصِيرُ إذَا رَضِيَ بَعْدَ الثَّلَاثِ بِالتَّمَادِي عَلَى الْإِجَارَةِ فَسَخَ مَا فِي ذِمَّتِهِ فِيهَا وَهُوَ كَالتَّطَوُّعِ بِالنَّقْدِ فِي الْخِيَارِ فِي السَّلَمِ، وَهَذَا أَبْيَنُ، وَكَذَا أَيْضًا الْفَرْعُ قَبْلَ هَذَا. بَهْرَامَ: ظَاهِرُهُ أَنَّ التَّطَوُّعَ بِالنَّقْدِ فِي أَرْضٍ لَمْ يُؤْمَنْ رِيُّهَا جَائِزٌ، وَنَصَّ ابْنُ الْفَاكِهَانِيِّ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ عَلَى مَنْعِهِ.
(وَإِجَارَةٍ بِجُزْءِ زَرْعٍ) ابْنُ الْهِنْدِيِّ: مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا يَحْرُسُ لَهُ زَرْعًا لَا يَجُوزُ نَقْدُ الْإِجَارَةِ فِيهِ عَلَى الشَّرْطِ، وَيَجُوزُ عَلَى الطَّوْعِ لِأَنَّ الزَّرْعَ رُبَّمَا تَلِفَ فَتَنْفَسِخُ فِيهِ الْإِجَارَةُ إذْ لَا يُمْكِنُ فِيهِ الْخَلَفُ فَهُوَ إنْ سَلَّمَ كَانَتْ إجَارَةً وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْ كَانَتْ سَلَفًا. نَقْلُ الشَّعْبِيِّ هَذَا عَيْنَهُ قَالَ: وَيَدُلُّ هَذَا عَلَى مَا رَوَاهُ أَصْبَغُ فِي حَمَّالِ شَيْءٍ فَصُدِمَ فَانْكَسَرَ مَا عَلَيْهِ فَلَهُ أُجْرَتُهُ بِقَدْرِ مَا حَمَلَ مِنْ الطَّرِيقِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِ لِأَنَّهُ شَيْءٌ بِعَيْنِهِ.
(وَأَجِيرٍ تَأَخَّرَ شَهْرًا) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ اسْتَأْجَرَ عَامِلًا مِنْ الْعُمَّالِ إمَّا نَسَّاجًا وَإِمَّا خَيَّاطًا وَمَا يُشْبِهُ ذَلِكَ مِنْ الْأَعْمَالِ وَقَدْ عَرَفَ أَنَّهُ يَعْمَلُهُ بِيَدَيْهِ أَوْ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَعْمَلُهُ بِيَدَيْهِ، فَسَأَلَهُ أَنْ يُقَدِّمَ لَهُ أُجْرَةً وَهُوَ يَقُولُ: لَا أَعْمَلُ فِي عَمَلِهِ إلَى شَهْرٍ قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ إنَّمَا يَعْمَلُ بِيَدَيْهِ فِيمَا يَعْرِفُ مِنْهُ أَوْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُقَدِّمَ إلَيْهِ أَجْرَهُ حَتَّى يَبْدَأَ فِي عَمَلِهِ فَلْيُقَدِّمْ إلَيْهِ أَجْرَهُ إنْ شَاءَ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ عَمَلِهِ أَخَذَ مِنْهُ بَقِيَّةَ رَأْسِ مَالِهِ عَلَى حِسَابِ مَا عَمِلَ وَمَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ لَهُ فِي مَالِ الْعَامِلِ تَمَامُ ذَلِكَ الْعَمَلِ اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ أَيَّامًا مُسَمَّاةً أَوْ قَاطَعَهُ مُقَاطَعَةً.
ابْنُ رُشْدٍ: الْإِجَارَةُ عَلَى عَمَلِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ كَنَسْجِ الْغَزْلِ وَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ عَلَى قِسْمَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مَضْمُونًا فِي ذِمَّةِ الْأَجِيرِ، فَهَذَا لَا يَجُوزُ إلَّا بِتَعْجِيلِ الْأَجْرِ أَوْ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ لِأَنَّهُ مَتَى تَأَخَّرَا جَمِيعًا كَانَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ، فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِتَعْجِيلِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ أَوْ تَعَجُّلِهِمَا جَمِيعًا. الْقِسْمُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ مُتَعَيِّنًا فِي عَيْنِ الْأَجِيرِ، فَيَجُوزُ بِتَعْجِيلِ الْأَجْرِ وَتَأْخِيرِهِ عَلَى أَنْ يَشْرَعَ فِي الْعَمَلِ، فَإِنْ لَمْ يَشْرَعْ فِي الْعَمَلِ
إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ النَّقْدُ إلَّا عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ.
وَقَوْلُهُ " إنَّهُ إذَا لَمْ يَفْعَلْ فِي عَمَلِهِ إلَى شَهْرٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَدِّمَ إلَيْهِ إجَارَتَهُ " يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ الْإِجَارَةِ إذَا لَمْ يُقَدِّمْ الْإِجَارَةَ وَهُوَ نَحْوُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنَّهُ أَجَازَ كِرَاءَ الرَّاحِلَةِ بِعَيْنِهَا عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا إلَى شَهْرٍ إذَا لَمْ يَنْقُدْ، فَيُحْتَمَلُ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ لَا يَجُوزُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا الْأَيَّامُ الْقَلَائِلُ مِثْلُ الْجُمُعَةِ وَمَا لَا يَطُولُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مَعَ النَّقْدِ فَيَتَّفِقُ الْقَوْلَانِ. اُنْظُرْهُ فِي أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الْإِجَارَةِ. وَذَكَرَ أَنَّ الْإِجَارَةَ تَنْفَسِخُ بِهَلَاكِ الْمَصْنُوعِ مُطْلَقًا، وَلَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِ الصَّانِعِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعَيَّنًا، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْأَجْرُ حَتَّى يُتِمَّ الْعَمَلَ بِخِلَافِ الْكِرَاءِ، وَانْظُرْ إذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِعَمَلِ الْعَامِلِ، هَلْ يُحْمَلُ عَلَى الْمَضْمُونِ؟ اُنْظُرْ فِيهِ.
وَفِي رَسْمِ طَلَّقَ: مِنْ تَضَمُّنِ الصُّنَّاعِ إذَا قَبَضَ الْقَصَّارُ أُجْرَتَهُ وَدَفَعَ الثَّوْبَ لِقَصَّارٍ آخَرَ وَفَرَّ هُوَ، فَإِنْ كَانَتْ إجَارَةً مَضْمُونَةً أَخَذَ ثَوْبَهُ بِلَا شَيْءٍ وَإِلَّا غَرِمَ لَهُ أُجْرَةَ مِثْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلِمَ بِتَعَدِّي الْأَوَّلِ فِي اسْتِئْجَارِهِ إيَّاهُ عَلَى مَا وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَهُ بِيَدِهِ. اُنْظُرْ الرَّسْمَ الْمَذْكُورَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ: لَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ الْعَامِلُ لِمِثْلِهِ أَعِنِّي خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَأَعْيُنُك خَمْسَةَ أَيَّامٍ فِي حَصَادِ زَرْعِك وَدَرْسِهِ وَعَمَلِهِ. ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّهُ مِنْ الرِّفْقِ فَكَانَ ذَلِكَ ضَرُورَةً تُبِيحُ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِيمَا قَلَّ وَقَرُبَ مِنْ الْأَيَّامِ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَعْمَالُ.
قَالَ أَشْهَبُ: لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ الرَّجُلُ عَبْدَ الْآخَرِ النَّجَّارَ وَيَعْمَلُ لَهُ الْيَوْمَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْآخَرُ عَبْدَهُ الْخَيَّاطَ يَخِيطُ لَهُ غَدًا، وَإِنْ قَالَ: اُحْرُثْ لِي فِي الصَّيْفِ وَأَحْرُثُ لَك فِي الشِّتَاءِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: وَعَلَى هَذَا الْأَصْلِ تَجْرِي مَسْأَلَةُ دَوْلَةِ النِّسَاءِ الْوَاقِعَةُ فِي عَصْرِنَا فِي اجْتِمَاعِهِنَّ فِي الْغَزْلِ لِبَعْضِهِنَّ حَتَّى يَسْتَوْفِينَ، فَإِنْ قَرُبَ مُدَّةُ اسْتِيفَائِهِنَّ مِنْ الْغَزْلِ بِجَمِيعِهِنَّ كَالْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ وَنَحْوِهَا وَعَيَّنْت الْمُبْتَدَأَ لَهَا وَمَنْ يَلِيهَا إلَى آخِرِهِنَّ وَصِفَةَ الْغَزْلِ جَازَ وَإِلَّا فَسَدَتْ، وَكَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله يَقُولُ: إنَّمَا مُنِعَ فِي الرِّوَايَةِ اُحْرُثْ مَعِي فِي الصَّيْفِ وَأَحْرُثُ لَك فِي الشِّتَاءِ فَقَدْ لَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يُضَيِّقَ فِي الْمُدَّةِ هَذَا التَّضْيِيقَ. ابْنُ الْمَوَّازِ: يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ: خُذْ حِمَارِي اعْمَلْ عَلَيْهِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ وَتَعْمَلُ لِي عَلَيْهِ خَمْسَةَ أَيَّامٍ.
ابْنُ رُشْدٍ: فَلَوْ قَالَ اعْمَلْ عَلَيْهِ شَهْرًا لِنَفْسِك وَشَهْرًا لِي لَوَجَبَ أَنْ يَجُوزَ ذَلِكَ إنْ بَدَأَ بِالشَّهْرِ الَّذِي لِنَفْسِهِ، وَأَنْ لَا يَجُوزَ إنْ بَدَأَ بِالشَّهْرِ الَّذِي لِصَاحِبِ الدَّابَّةِ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ نَقَدَ كِرَاءَ دَابَّةٍ يَرْكَبُهَا إلَى شَهْرٍ. هَكَذَا قَالَ اُنْظُرْ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ فِي الْأَكْرِيَةِ. وَمِنْ ابْنِ يُونُسَ: إنْ اكْتَرَى سَفِينَةً بِعَيْنِهَا عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا وَقْتَ صَلَاحِ الرُّكُوبِ جَازَ إنْ لَمْ يَنْقُدْ إلَّا إنْ كَانَ وَقْتُ صَلَاحِ الرُّكُوبِ قَرِيبًا مِثْلَ نِصْفِ شَهْرٍ وَنَحْوِهِ جَازَ النَّقْدُ، وَإِنْ بَعُدَ كَالشَّهْرَيْنِ وَنَحْوِهِمَا لَمْ يَجُزْ النَّقْدُ.
(وَمُنِعَ وَإِنْ بِلَا شَرْطٍ فِي مُوَاضَعَةٍ وَغَائِبٍ وَكِرَاءٍ ضُمِّنَ وَسَلَمٍ بِخِيَارٍ) ابْنُ رُشْدٍ: أَمَّا النَّقْدُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَجَائِزٌ إلَّا فِيمَا لَا يُمْكِنُ التَّنَاجُزُ فِيهِ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ كَالسَّلَمِ وَالْعَبْدِ الْغَائِبِ وَالْجَارِيَةِ الَّتِي فِيهَا الْمُوَاضَعَةُ لِأَنَّهُ إنْ تَمَّ الْبَيْعُ دَخَلَهُ فَسْخُ الدَّيْنِ. اللَّخْمِيِّ: وَكَذَلِكَ مَضْمُونُ الْكِرَاءِ فَإِنْ نَزَلَ لَمْ يُفْسَخْ اهـ. اُنْظُرْ إنْ
كَانَ هَذَا مُرَاعَاةً لِقَوْلِ أَشْهَبَ.
(وَاسْتَبَدَّ بَائِعٌ أَوْ مُشْتَرٍ عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ) ابْنُ رُشْدٍ: لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَنْ يَشْتَرِطَ مَشُورَةَ غَيْرِهِ وَلَا خِلَافَ أَنَّ لِمُشْتَرِطِهَا تَرْكَهَا.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَوْ ابْتَاعَ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يَسْتَشِيرَ فُلَانًا جَازَ لَهُ أَنْ يُخَالِفَهُ إلَى رَدٍّ أَوْ إجَازَةٍ وَلَا يَمْنَعُهُ الْبَائِعُ (لَا خِيَارِهِ وَرِضَاهُ وَتُؤُوِّلَتْ أَيْضًا عَلَى نَفْيِهِ فِي مُشْتَرٍ وَعَلَى نَفْيِهِ فِي الْخِيَارِ فَقَطْ وَعَلَى أَنَّهُ كَالْوَكِيلِ فِيهِمَا) ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَشْهُورُ صِحَّةُ اشْتِرَاطِ خِيَارِ ثَالِثٍ إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ وَفِي اسْتِبْدَادِهِ بِالْأَخْذِ وَالرَّدِّ سَبْعَةُ أَقْوَالٍ. وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ لِنَفْسِهِ سِلْعَةً عَلَى رِضَا فُلَانٍ أَوْ خِيَارِهِ، ثُمَّ لَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ رَدٌّ أَوْ إجَازَةٌ دُونَ خِيَارِ مَنْ اشْتَرَطَ. ابْنُ يُونُسَ: لَمْ يُبَيِّنْ هَاهُنَا هَلْ لِلْبَائِعِ خِلَافُ مَنْ اشْتَرَطَ خِيَارَهُ أَوْ رِضَاهُ وَبَيَّنَهُ فِي الْمُشْتَرِي. وَحَمَلَ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ ذَلِكَ لِلْبَائِعِ دُونَ الْمُشْتَرِي عَلَى ظَاهِرِ تَفْسِيرِ قَوْلِ مَالِكٍ. وَذَكَرَ عَبْدُ الْوَهَّابِ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ اخْتَلَفَ قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ مَرَّةً لِلْبَائِعِ أَنْ يُخَالِفَ خِيَارَ مَنْ اشْتَرَطَ خِيَارَهُ أَوْ رِضَاهُ إلَى رَدٍّ أَوْ إجَازَةٍ وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُخَالِفَ الْأَجْنَبِيَّ. وَقَالَ مَرَّةً: إنَّ الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِي سَوَاءٌ وَلَهُ أَنْ يُخَالِفَهُ. رَاجِعْ ابْنَ يُونُسَ وَالتَّنْبِيهَاتِ.
(وَرَضِيَ مُشْتَرٍ كَاتَبَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَاَلَّذِي لَهُ الْخِيَارُ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ إذَا وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ رَهَنَ أَوْ آجَرَ أَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ أَوْ عَتَقَ أَوْ قَبَّلَ أَوْ بَاشَرَ أَوْ وَطِئَ فَذَلِكَ كُلُّهُ رِضًا بِالْبَيْعِ وَمِنْ الْبَائِعِ (رُدَّ لَهُ) ابْنُ حَبِيبٍ: وَكَذَلِكَ إنْ حَلَقَ رَأْسَ الْوَصِيفِ أَوْ حَجَّمَهُ فَهُوَ رِضًا (وَزَوَّجَ وَلَوْ عَبْدًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ زَوَّجَ الْمُشْتَرِي الْأَمَةَ أَوْ زَوَّجَ الْعَبْدَ أَوْ ضَرَبَهُ أَوْ جَعَلَهُ فِي صِنَاعَةٍ أَوْ فِي الْكِتَابِ أَوْ سَاوَمَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ لِلْبَيْعِ أَوْ أَكْرَى الرِّبَاعَ
وَالدَّوَابَّ وَذَلِكَ كُلُّهُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَذَلِكَ رِضًا وَقَطْعٌ لِخِيَارِهِ (أَوْ قَصَدَ تَلَذُّذًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فِي الْجَارِيَةِ فَجَرَّدَهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَنَظَرَ إلَيْهَا فَلَيْسَ ذَلِكَ رِضًا وَقَدْ تُجَرَّدُ لِلتَّقْلِيبِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ تَلَذُّذًا فَذَلِكَ رِضًا. ابْنُ يُونُسَ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ
تُجَرَّدَ لِلتَّقْلِيبِ إذْ قَدْ يَكُونُ فِي جِسْمِهَا عَيْبٌ (أَوْ رَهَنَ أَوْ آجَرَ أَوْ أَسْلَمَ لِلصَّنْعَةِ أَوْ تَسَوَّقَ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ بِهَذَا كُلِّهِ (أَوْ جَنَى إنْ تَعَمَّدَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ جَنَى الْمُشْتَرِي فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ عَلَى الْعَبْدِ عَمْدًا قَطَعَ يَدَهُ أَوْ فَقَعَ عَيْنَهُ فَذَلِكَ رِضًا وَلَهُ رَدُّهُ فِي الْخَطَأِ وَمَا نَقَصَهُ، وَفِي الدَّابَّةِ مِثْلُهُ إنْ جَنَى عَلَيْهَا عَمْدًا فَذَلِكَ رِضًا وَيَغْرَمُ الثَّمَنَ كُلَّهُ، وَلَهُ رَدُّهَا فِي الْخَطَأِ وَمَا نَقَصَهَا مِنْ ثَمَنِهَا، وَإِنْ كَانَ عَيْبًا مُفْسِدًا ضَمِنَ الثَّمَنَ كُلَّهُ
(أَوْ نَظَرَ الْفَرْجَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَنَظَرُ الْمُبْتَاعِ فَرْجَ الْأَمَةِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ رِضًا لِأَنَّ الْفَرْجَ لَا يُجَرَّدُ فِي الشِّرَاءِ وَلَا يَنْظُرُ إلَيْهِ إلَّا النِّسَاءُ وَمَنْ يَحِلُّ إلَيْهِ الْفَرْجُ. ابْنُ يُونُسَ: دَلَّ هَذَا عَلَى جَوَازِ نَظَرِ الرَّجُلِ إلَى فَرْجِ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي غَيْرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَمَا كَرِهَ مِنْ ذَلِكَ بَعْضُ النَّاسِ فَلَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلَا كَرَاهِيَةَ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ الْفِقْهِ (أَوْ عَرَّبَ دَابَّةً أَوْ وَدَّجَهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ فِي الدَّابَّةِ فَوَدَّجَهَا أَوْ عَرَّبَهَا أَوْ هَلَبَهَا أَوْ سَافَرَ عَلَيْهَا فَهُوَ رِضًا وَتَلْزَمُهُ الدَّابَّةُ. هَلَبْت الْفَرَسَ إذَا نَتَفْت هُلْبَهُ وَالْهُلْبَةُ مَا غَلُظَ مِنْ شَعْرِ الذَّنَبِ وَغَيْرِهِ. وَيُقَالُ دِجْ دَابَّتَك أَيْ اقْطَعْ وَدَجَهَا وَهُوَ كَالْفَصْدِ لِلْإِنْسَانِ (لَا إنْ جَرَّدَ جَارِيَةً) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ بِهَذَا قَبَّلَ أَوْ رَهَنَ.
(وَهُوَ رَدٌّ مِنْ الْبَائِعِ إلَّا الْإِجَارَةَ) سَحْنُونَ: إذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ فَكُلُّ شَيْءٍ يَفْعَلُهُ مِمَّا لَوْ فَعَلَهُ الْمُشْتَرِي كَانَ رِضًا فَهُوَ إذَا فَعَلَهُ الْبَائِعُ رُدَّ لِلْبَيْعِ. اللَّخْمِيِّ: لَيْسَ هَذَا بِبَيِّنٍ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ، فَإِنْ أَجَّرَ الْبَائِعُ الْعَبْدَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ وَكَانَ مِنْ عَبِيدِ الْإِجَارَةِ أَوْ بَعَثَهُ فِي صِنَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ رَدًّا لِأَنَّ غَلَّتَهُ وَمَنَافِعَهُ لَهُ حَتَّى يَمْضِيَ الْبَيْعُ.
(وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ اخْتَارَ أَوْ رَدَّ بَعْدَهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَيَلْزَمُ بِانْقِضَائِهِ " وَمَعَ مَا يَتَقَرَّرُ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا اخْتَارَ مَنْ لَهُ الْخِيَارُ مِنْ الْمُتَبَايِعَيْنِ رَدًّا أَوْ إجَازَةً وَصَاحِبُهُ غَائِبٌ وَأَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ جَازَ عَلَى الْغَائِبِ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إذَا كَانَ الثَّوْبُ بِيَدِ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لَهُ لَمْ يَحْتَجْ بَعْدَ أَمَدِ الْخِيَارِ إلَى الْإِشْهَادِ إنْ أَرَادَ الْفَسْخَ، وَإِنْ أَرَادَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ فَلْيُشْهِدْ عَلَى ذَلِكَ. وَإِنْ كَانَ الثَّوْبُ بِيَدِ الْمُشْتَرِي فَأَرَادَ إمْضَاءَ الْبَيْعِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى الْإِشْهَادِ، وَإِنْ أَرَادَ فَسْخَهُ فَلْيُشْهِدْ وَهَذَا بَيِّنٌ.
(وَلَا يَبِعْ مُشْتَرٍ فَإِنْ فَعَلَ فَهَلْ يُصَدَّقُ أَنَّهُ اخْتَارَ بِيَمِينٍ أَوْ لِرَبِّهَا
نَقْضُهُ؟ قَوْلَانِ) لَوْ قَالَ " فَإِنْ فَعَلَ فَهَلْ يُصَدَّقُ إنْ اخْتَارَ بِيَمِينٍ أَوْ لِرَبِّهَا رِبْحُهُ " لِتَنْزِلَ عَلَى مَا يَتَقَرَّرُ إذْ سَحْنُونَ قَدْ طَرَحَ نَقْضَ الْبَيْعِ وَصَوَّبَ ذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ.
قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَبِيعُ الرَّجُلُ السِّلْعَةَ إذَا كَانَ فِيهَا خِيَارٌ لَهُ حَتَّى يَسْتَوْجِبَهَا لِنَفْسِهِ وَيُشْهِدَ ثُمَّ يَبِيعَهَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنْ بَاعَهَا فَرُوِيَ عَلَى أَنَّ بَيْعَهُ لَيْسَ بِاخْتِيَارٍ، وَرَبُّ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ، إنْ شَاءَ أَجَازَ الْبَيْعَ وَأَخَذَ الثَّمَنَ، وَإِنْ شَاءَ نَقَضَ الْبَيْعَ. وَطَرَحَ سَحْنُونَ مِنْ قَوْلِهِ إنَّ الْبَائِعَ مُخَيَّرٌ وَقَالَ: إنَّمَا فِي رِوَايَةٍ عَلَى أَنَّ الرِّبْحَ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي ضَمَانِهِ. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ بَاعَ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ فَيَقُولُ لَهُ الْبَائِعُ: بِعْت سِلْعَتِي وَمَا فِي ضَمَانِي فَالرِّبْحُ لِي، وَأَمَّا نَقْضُ الْبَيْعِ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ بَيْعَ الْمُبْتَاعِ لَا يُسْقِطُ خِيَارَهُ فَلَوْ نُقِضَ الْبَيْعُ لَكَانَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَخْذَ السِّلْعَةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي نَقْضِهِ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مَنْ ابْتَاعَ شَيْئًا بِالْخِيَارِ لَهُ فَبَاعَهُ بِرِبْحٍ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ قَبْلَ أَنْ يُخْبِرَ صَاحِبَهُ بِاخْتِيَارِهِ. فَإِنْ قَالَ: بِعْته بَعْدَ أَنْ اخْتَرْت صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَلَهُ الرِّبْحُ وَإِلَّا فَالرِّبْحُ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُ فِي ضَمَانِهِ. قَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ.
(وَانْتَقَلَ لِسَيِّدِ مُكَاتَبٍ عَجَزَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا ابْتَاعَ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَعَجَزَ فِي الثَّلَاثِ فَلِسَيِّدِهِ مِنْ الْخِيَارِ
مَا كَانَ لَهُ.
(وَلِغَرِيمٍ أَحَاطَ دَيْنُهُ وَلَا كَلَامَ لِوَارِثٍ إلَّا أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ) الْمُدَوَّنَةُ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِ الْمَيِّتِ فَاخْتَارَ غُرَمَاؤُهُ رَدًّا وَأَخْذًا وَذَلِكَ أَوْفَرُ لِتَرِكَتِهِ وَازْدِيَادٌ لِقَضَاءِ دَيْنِهِ فَذَلِكَ لَهُمْ دُونَ الْوَرَثَةِ، فَإِنْ رَدُّوا لَمْ يَكُنْ لِلْوَرَثَةِ الْأَخْذُ إلَّا أَنْ يَدْفَعُوا الثَّمَنَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ دُونَ مَالِ الْمَيِّتِ (وَلِوَارِثٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: الْخِيَارُ يُورَثُ عَنْ الْمَيِّتِ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُ (وَالْقِيَاسُ رَدُّ الْجَمِيعِ إنْ رَدَّ بَعْضُهُمْ وَالِاسْتِحْسَانُ أَخْذُ الْمُجِيزِ الْجَمِيعَ) أَشْهَبُ: يُورَثُ الْخِيَارُ عَنْ الْبَائِعِ أَوْ عَنْ الْمُبْتَاعِ، ثُمَّ لَيْسَ لِلْوَرَثَةِ إلَّا الِاجْتِمَاعُ عَلَى رَدٍّ أَوْ إجَازَةٍ، وَكَذَلِكَ الْوَصِيَّانِ وَإِنْ اخْتَلَفَ وَارِثُو الْخِيَارِ وَهُمْ رُشَدَاءُ فَشَاءَ بَعْضُهُمْ إمْضَاءَ الْبَيْعِ وَشَاءَ بَعْضُهُمْ رَدَّهُ فَلَيْسَ لَهُمْ إلَّا أَنْ يُجِيزُوا كُلُّهُمْ أَوْ يَرُدُّوا كُلُّهُمْ، وَهَذَا هُوَ النَّظَرُ لِأَنَّ مَيِّتَهُمْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إجَازَةُ بَعْضِ الصَّفْقَةِ وَرَدُّ بَعْضِهَا فَكَذَلِكَ هُمْ، وَاسْتُحْسِنَ لِمَنْ أَجَازَ مِنْ وَرَثَةِ الْمُبْتَاعِ أَنْ يَأْخُذَ نِصَابَ مَنْ لَمْ يُجِزْ إنْ شَاءَ، فَإِنْ أَبَى رَدَدْنَا الْجَمِيعَ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ لَهُ
الْبَائِعُ أَخْذَ جِهَتِهِ فَقَطْ فَلَا يَكُونُ عَلَيْهِ إلَّا ذَلِكَ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: وَكَذَا رَدُّهُمْ بِعَيْبٍ فِيهَا بِغَيْرِ خِيَارٍ أَوْ مُشْتَرِيَانِ أَصَابَا عَيْبًا فَرَضِيَهُ وَاحِدٌ وَرَدَّ بِهِ الْآخَرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، لَيْسَ ذَلِكَ لَهُمَا إلَّا أَنْ يَرُدَّا جَمِيعًا أَوْ يَحْبِسَا أَوْ يَأْخُذَ الْمُتَمَاسِكُ جَمِيعَ السِّلْعَةِ وَقَالَهُ مَالِكٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي هَذَا الْكِتَابِ: وَفِي كِتَابِ التَّدْلِيسِ أَنَّ لِمَنْ شَاءَ مِنْ الْمُشْتَرِينَ أَنْ يَأْخُذَ أَوْ يَرُدَّ بِخِيَارٍ أَوْ عَيْبٍ قَالَ: وَلَا قَوْلَ لِلْبَائِعِ إذْ لَا يَتْبَعُ ذِمَّةَ كُلِّ وَاحِدٍ إلَّا بِحِصَّتِهِ، وَأَمَّا الْوَرَثَةُ فَإِنَّمَا وَرِثُوا ذَلِكَ عَمَّنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُ بَعْضٍ دُونَ بَعْضٍ فَهُمْ كَإِيَّاهُ (وَهَلْ وَرَثَةُ الْبَائِعِ كَذَلِكَ؟ تَأْوِيلَانِ) ابْنُ يُونُسَ: مَا تَقَدَّمَ هُوَ فِي اخْتِلَافِ وَرَثَةِ الْمُبْتَاعِ، وَأَمَّا فِي اخْتِلَافِ وَرَثَةِ الْبَائِعِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ الَّذِي يُرِيدُ فَسْخَ الْبَيْعِ مِنْهُمْ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي يُرِيدُ إمْضَاءَ الْبَيْعِ مِنْ وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي وَيَجْرِي الْجَوَابُ فِي ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي وَرَثَةِ الْمُشْتَرِي.
ابْنُ عَرَفَةَ: فِي كَوْنِ الرَّادِّ مِنْ وَرَثَةِ الْبَائِعِ كَالْآخِذِ مِنْ وَرَثَةِ الْمُبْتَاعِ أَوْ لَا أَخْذَ لَهُ بِحَالٍ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ لِبَعْضِ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ، وَالثَّانِي مَا حَكَى الْمَازِرِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَقَالَ شِهَابُ الدِّينِ فِي الْفُرُوقِ: وَحَدِيثُ مَنْ مَاتَ عَنْ حَقٍّ فَلِوَارِثِهِ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ فَالْبَيْعُ عَلَى الْخِيَارِ لِأَحَدِ الْمُتَبَايِعَيْنِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ جَائِزٌ وَيُورِثُ الْوَاحِدَ مَنْ لَا يُورِثُ الْآخَرَ. نَظِيرُ اللِّعَانِ إذَا أَسْلَمَ وَلَمْ يَخْتَرْ الْقَضَاءَ لِمُطَالَبَةِ الْوَكَالَةِ، نَظِيرَ الْآخَرِ الشُّفْعَةُ خِيَارُ التَّعْيِينِ الْوَصِيَّةُ الْهِبَةُ الْإِقَالَةُ.
(وَإِنْ جُنَّ نَظَرَ السُّلْطَانُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ جُنَّ فَأُطْبِقَ عَلَيْهِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَالسُّلْطَانُ يَنْظُرُ لَهُ فِي الرَّدِّ أَوْ الْأَخْذِ أَوْ يُوَكِّلُ بِذَلِكَ مَنْ وَلِيَ مِنْ وَرَثَتِهِمْ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَيَنْظُرُ فِي مَالِهِ وَيُنْفِقُ مِنْهُ عَلَى عِيَالِهِ كَمَا يَنْظُرُ فِي مَالِ الْمَفْقُودِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: يَتَلَوَّمُ السُّلْطَانُ لِلْمَجْنُونِ وَيُنْفِقُ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي التَّلَوُّمِ، وَبَلَغَنِي عَنْهُ أَنَّ تَلَوُّمَهُ لَهُ سَنَةٌ " فَإِنْ بَرِيءَ وَإِلَّا فُرِّقَ بَيْنَهُمَا. قَالَ مَالِكٌ: وَالْأَجْذَمُ الْبَيِّنُ جُذَامُهُ يُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ وَأَمَّا الْأَبْرَصُ فَلَا.
(وَانْتَظَرَ الْمُغْمَى وَإِنْ طَالَ فُسِخَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ اُنْتُظِرَتْ إفَاقَتُهُ، ثُمَّ هُوَ عَلَى خِيَارِهِ إلَّا أَنْ يَطُولَ إغْمَاؤُهُ أَيَّامًا فَيَنْظُرَ السُّلْطَانُ، فَإِنْ رَأَى ضَرَرًا فَسَخَ الْبَيْعَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُمْضِيَهُ بِخِلَافِ الْجُنُونِ وَالصِّبَا وَإِنَّمَا الْإِغْمَاءُ مَرَضٌ.
(وَالْمِلْكُ لِلْبَائِعِ) ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ وَنَصُّ اللَّخْمِيِّ وَالْبَاجِيِّ وَابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْمَبِيعَ مُدَّةَ الْخِيَارِ مِلْكٌ لِبَائِعِهِ فَالْإِمْضَاءُ نَقْلٌ. اُنْظُرْ عَلَى هَذَا يَأْتِي مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى الْعُتْبِيِّ أَنَّ عُهْدَةَ الثَّلَاثَةِ تَبْدَأُ بَعْدَ مُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ.
وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا اشْتَرَى شِقْصًا بِخِيَارٍ فَاخْتَارَ بَعْدَ أَنْ بِيعَ الشِّقْصُ الْآخَرُ بَيْعَ بَتٍّ أَنَّ لَهُ أَنْ يَشْفَعَ فِي الشِّقْصِ الْمَبِيعِ بَيْعَ بَتٍّ. ابْنُ رُشْدٍ: فَيَأْتِي عَلَى هَذَا أَنَّ الْعُهْدَةَ تَكُونُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ.
(وَمَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَوْ جَنَى عَلَى الْأَمَةِ أَجْنَبِيٌّ فِي أَمَدِ الْخِيَارِ فَقَطَعَ يَدَهَا وَأَصَابَهَا ذَلِكَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَلِلْمُبْتَاعِ رَدُّهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ أَوْ يَأْخُذُهَا مَعِيبَةً بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَالْأَرْشُ لِلْبَائِعِ وَعَلَيْهِ طَلَبُ الْجَانِي، وَمَا وَهَبَ لَهَا أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَلِلْبَائِعِ، وَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ. وَعِبَارَةُ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي فُرُوقِهِ: رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ الْوَلَدَ إذَا حَدَثَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي إنْ اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ، وَإِنْ وَهَبَ لَهَا مَالًا أَوْ جُرِحَتْ فَأَخَذَ عِوَضًا لِذَلِكَ الْجُرْحِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إذَا اخْتَارَ الْإِمْضَاءَ وَالْجَمِيعُ مَا وُجِدَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ ثُمَّ بَيَّنَ الْفَرْقَ بَيْنَهَا (إلَّا أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَالَهُ) ابْنُ الْكَاتِبِ: فِيمَا وُهِبَ لِلْجَارِيَةِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ إنَّمَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُبْتَاعُ مَالَهَا، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَطَهُ لَكَانَ مَا وُهِبَ لَهَا بِمَنْزِلَةِ مَالِهَا الْمُشْتَرَطِ قِيَاسًا عَلَى مَنْ كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَوَهَبَ لِلْمُكَاتَبِ مَالًا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ أَنَّهُ إنْ مَضَتْ الْكِتَابَةُ فَالْمَالُ يَكُونُ تَبَعًا لِلْعَبْدِ كَمَالِهِ الْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ لَهُ قَبْلَ عَقْدِ الْكِتَابَةِ.
(وَالْغَلَّةُ) ابْنُ عَرَفَةَ: غَلَّةُ الْمَبِيعِ مُدَّةَ الْخِيَارِ لِبَائِعِهِ. الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَاللَّبَنُ وَالثَّمَرُ غَلَّةٌ وَالصُّوفُ جُزْءٌ مِنْ الْجَمِيعِ (وَأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ لَهُ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ إنْ جَنَى عَلَى الْمَبِيعِ أَجْنَبِيٌّ فَالْأَرْشُ لِلْبَائِعِ (بِخِلَافِ الْوَلَدِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا وَلَدَتْ الْأَمَةُ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ كَانَ وَلَدُهَا مَعَهَا فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ أَوْ رَدِّهِ لِمَنْ لَهُ الْخِيَارُ بِالثَّمَنِ الْمُشْتَرَطِ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْمُبْتَاعِ مِنْ الْوِلَادَةِ إنْ رَدَّهَا. ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: الْمَعْرُوفُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ الْحَامِلَ إذَا جَاوَزَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ كَانَ حَالُهَا حَالَ الْمَرِيضَةِ وَبَيْعُ الْمَرِيضِ عِنْدَهُمْ لَا يَجُوزُ، فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ بَاعَ الْأَمَةَ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهَا حَامِلٌ. وَقِيلَ لِعَبْدِ الْمَلِكِ: مَا يَمْنَعُ مِنْ بَيْعِ الْأَمَةِ إذَا كَانَتْ حَامِلًا؟ قَالَ: إذَا أَثْقَلَتْ وَصَارَتْ فِي الْحَدِّ الَّذِي إذَا صَارَتْ إلَيْهِ الْحُرَّةُ مُنِعَتْ مِنْ ثُلُثِهَا، وَكَذَلِكَ إذَا جَاوَزَتْ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فَيَمْنَعُ مِنْ بَيْعِهَا مَا يَمْنَعُ الْمَرِيضَ الْمُوقَفَ.
(وَالضَّمَانُ مِنْهُ) ابْنُ يُونُسَ: الْقَضَاءُ أَنَّ الضَّمَانَ فِي أَمَدِ الْخِيَارِ مِمَّا يَحْدُثُ بِالسِّلْعَةِ مِنْ الْبَائِعِ إذْ هُوَ أَقْدَمُ مِلْكًا فَلَا يَنْتَقِلُ الضَّمَانُ عَنْهُ إلَّا بِتَمَامِ انْتِقَالِ مِلْكِهِ عَنْهَا، وَالضَّمَانُ مِنْهُ فِيمَا قَبَضَهُ الْمُبْتَاعُ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ
وَفِيمَا يَثْبُتُ هَلَاكُهُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، لِأَنَّ هَلَاكَهُ ظَاهِرٌ بِغَيْرِ صُنْعِهِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ فِي قَبْضِهِ كَالرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ. وَأَمَّا مَا لَمْ يَثْبُتْ هَلَاكُهُ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ فَالْمُبْتَاعُ يَضْمَنُهُ لِأَنَّ قَبْضَهُ خَارِجٌ مِنْ قَبْضِ الْأَمَانَةِ وَإِنَّمَا قَبَضَهُ لِمَنْفَعَةِ نَفْسِهِ وَعَلَى وَجْهِ الْمُبَايَعَةِ دُونَ الْأَمَانَةِ، وَكَقَبْضِ الرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ الَّتِي جَعَلَهَا صلى الله عليه وسلم مَضْمُونَةً فِي السِّلَاحِ فَكَانَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِثْلَهُ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا بِعَبْدٍ وَالْخِيَارُ لِأَحَدِهِمَا أَوْ لَهُمَا جَمِيعًا وَتَقَابَضَا، فَمُصِيبَةُ كُلِّ عَبْدٍ مِنْ بَائِعِهِ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتِمَّ وَلَا يَتِمُّ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَقَعَ الْخِيَارُ.
(وَحَلَفَ مُشْتَرٍ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ اشْتَرَى رَقِيقًا أَوْ حَيَوَانًا بِالْخِيَارِ فَقَبَضَهَا ثُمَّ ادَّعَى إبَاقَ الرَّقِيقِ وَانْفِلَاتَ الدَّوَابِّ أَوْ أَنَّ ذَلِكَ سُرِقَ مِنْهُ وَهُوَ بِمَوْضِعٍ لَا يُجْهَلُ، لَمْ يُكَلَّفْ بِبَيِّنَةٍ وَصُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ هَذَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِمَا يَدُلُّ عَلَى كَذِبِهِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ ادَّعَى مَوْتًا وَهُوَ بِمَوْضِعٍ لَا يَخْفَى، سَأَلَ عَنْهُ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ لِأَنَّ الْمَوْتَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ وَلَا يُقْبَلُ إلَّا الْعُدُولُ، فَإِنْ تَبَيَّنَ كَذِبُهُ فِي مَسْأَلَتِهِمْ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ بِالْمَوْضِعِ أَحَدٌ فَهُوَ ضَامِنٌ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ كَذِبُهُ صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ. ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ وَالْمُتَّهَمُ فِي هَذَا وَغَيْرُ الْمُتَّهَمِ سَوَاءٌ، وَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ. وَكَذَلِكَ فِي عَارِيَّةِ الْحَيَوَانِ وَإِجَارَتِهَا يَدَّعِي ضَيَاعَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ قَبَضَهَا لِمَنْفَعَتِهِ، فَالْمُتَّهَمُ وَغَيْرُهُ فِيهَا سَوَاءٌ بِخِلَافِ الْوَدَائِعِ الَّتِي لَا مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهَا فَلَا يَحْلِفُ فِيهَا إلَّا الْمُتَّهَمُ. قَالَهُ بَعْضُ فُقَهَائِنَا.
(أَوْ يُغَابُ عَلَيْهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ ادَّعَى هَلَاكَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَهُوَ ضَامِنٌ وَلَا يُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ هَلَكَ بِغَيْرِ تَفْرِيطٍ أَوْ بِأَمْرٍ ظَاهِرٍ مِنْ أَخْذِ لُصُوصٍ أَوْ غَرْقِ مَرْكَبٍ كَانُوا فِيهِ أَوْ احْتِرَاقِ مَنْزِلٍ أَوْ قِدْرٍ أَوْ الثَّوْبِ فِي النَّارِ.
قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ شَهِدَتْ بَيِّنَةٌ فِي هَذَا كَانَ مِنْ الْبَائِعِ وَكَذَلِكَ إنْ ثَبَتَ هَذَا فِي الرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ وَالضَّيَاعُ كَانَ مِنْ رَبِّهِ وَإِلَّا فَهُوَ مِمَّنْ هُوَ بِيَدِهِ.
(وَضَمِنَ الْمُشْتَرِي إنْ خُيِّرَ الْبَائِعُ الْأَكْثَرَ إلَّا أَنْ يَحْلِفَ فَالثَّمَنُ) اللَّخْمِيِّ: مَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا عَلَى خِيَارٍ وَبَانَ بِهِ ثُمَّ ادَّعَى ضَيَاعَهُ لَمْ يُصَدَّقْ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيَغْرَمُ الثَّمَنَ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي بِغَيْرِ يَمِينٍ وَدَعْ الْقِيمَةَ حِينَئِذٍ تَكُونُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ فَإِنَّهُ مَا يَغْرَمُ إلَّا الثَّمَنَ. قَالَ: وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْبَائِعِ وَقِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ حَلَفَ لَقَدْ ضَاعَ وَغَرِمَ الثَّمَنَ فَإِنْ نَكَلَ غَرِمَ الْقِيمَةَ (كَخِيَارِهِ) تَقَدَّمَ نَقْلُ اللَّخْمِيِّ إنْ ادَّعَى الْمُشْتَرِي الضَّيَاعَ وَالْخِيَارُ لَهُ غَرِمَ الثَّمَنَ خَاصَّةً وَدَعْ الْقِيمَةَ تَكُونُ أَقَلَّ (وَكَغَيْبَةِ بَائِعٍ وَالْخِيَارُ لِغَيْرِهِ) اللَّخْمِيِّ: إنْ بَقِيَ الثَّوْبُ فِي يَدِ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَغَيْرِهِ. وَيَحْلِفُ إذَا قَالَ الْمُشْتَرِي: أَنَا قَبِلْته، فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْلِفُ الْبَائِعُ لَقَدْ ضَاعَ وَيَبْرَأُ.
(وَإِنْ جَنَى بَائِعٌ وَالْخِيَارُ لَهُ عَمْدًا بِرَدٍّ وَخَطَأٍ فَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْعَيْبِ وَإِنْ تَلِفَتْ انْفَسَخَ فِيهِمَا) اللَّخْمِيِّ: لَا تَخْلُو الْجِنَايَةُ فِي
الْعَبْدِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ ابْنُ شَاسٍ: فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لَهُ وَكَانَتْ عَمْدًا فَقِيلَ: إنَّ جِنَايَتَهُ رَدٌّ لِلْبَيْعِ وَهُوَ أَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَعَلَى هَذَا إنْ كَانَتْ مِثْلَهُ فِي الرَّقِيقِ عَتَقَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ خَطَأً فَلَا شَكَّ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِرِضًا وَيُخَيَّرُ الْمُشْتَرِي فِي الْقَبُولِ بِذَلِكَ الْعَيْبِ أَوْ الرَّدِّ (وَإِنْ خُيِّرَ غَيْرُهُ وَتَعَمَّدَ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ أَوْ أَخْذُ الْجِنَايَةِ) ابْنُ شَاسٍ: إنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَجَنَى الْبَائِعُ عَمْدًا، فَإِنْ لَمْ يَتْلَفْ الْمَبِيعُ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَنْ يُغَرِّمَ الْبَائِعَ قِيمَةَ الْجِنَايَةِ وَيَأْخُذَهُ مَعِيبًا وَيَدْفَعَ الثَّمَنَ أَوْ يَرُدَّهُ.
ابْنُ عَرَفَةَ: جِنَايَةُ الْبَائِعِ وَالْخِيَارُ لِلْمُبْتَاعِ بِقَتْلٍ عَمْدٍ يَلْزَمُهُ فَضْلُ قِيمَتِهِ عَلَى ثَمَنِهِ وَيَنْقُصُ لِلْمُبْتَاعِ أَخْذُهُ مَعَ الْأَرْشِ (وَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ الْأَكْثَرَ) تَقَدَّمَتْ عِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ: " يَلْزَمُ فَضْلُ قِيمَتِهِ عَلَى ثَمَنِهِ ". وَعِبَارَةُ ابْنِ شَاسٍ: وَإِنْ أَتْلَفَ الْمَبِيعَ ضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي الْأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ الْقِيمَةَ لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِحُكْمِ التَّعَدِّي (وَإِنْ أَخْطَأَ فَلَهُ أَخْذُهُ نَاقِصًا أَوْ رَدُّهُ وَإِنْ تَلِفَتْ انْفَسَخَ) ابْنُ شَاسٍ: فَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْبَائِعِ خَطَأً وَالْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي، فَإِنْ كَانَتْ دُونَ النَّفْسِ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ أَخْذِهِ نَاقِصًا وَلَا شَيْءَ لَهُ، أَوْ رَدِّهِ، وَإِنْ أَتَتْ عَلَى النَّفْسِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ (وَإِنْ جَنَى مُشْتَرٍ وَالْخِيَارُ لَهُ أَوْ لَمْ يُتْلِفْهَا عَمْدًا فَهُوَ رِضًا، وَخَطَأً فَلَهُ رَدُّهُ وَمَا نَقَصَ وَإِنْ أَتْلَفَهَا ضَمِنَ الثَّمَنَ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ إنْ جَنَى الْمُشْتَرِي عَمْدًا فَفَقَأَ عَيْنَهُ فَذَلِكَ رِضًا وَلَهُ رَدُّهُ فِي الْخَطَأِ وَمَا نَقَصَهُ، وَإِنْ كَانَ عَيْبًا مُفْسِدًا ضَمِنَ الثَّمَنَ كُلَّهُ.
اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ " أَوْ جَنَى إنْ تَعَمَّدَ "(وَإِنْ خُيِّرَ غَيْرُهُ وَجَنَى عَمْدًا أَوْ خَطَأً فَلَهُ أَخْذُ الْجِنَايَةِ أَوْ الثَّمَنِ فَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ الْأَكْثَرَ) ابْنُ شَاسٍ: وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ، فَسَوَاءٌ كَانَتْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً الْبَائِعُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَخْذِهِ بِحُكْمِ الْغَرَامَةِ وَإِمْضَاءِ الْبَيْعِ. ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ التُّونِسِيُّ: جِنَايَةُ الْمُشْتَرِي وَالْخِيَارُ لِلْبَائِعِ خَطَأٌ كَأَجْنَبِيِّ، فَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ لِلْبَائِعِ أَخْذُ الْجِنَايَةِ أَوْ الثَّمَنِ لَا أَعْرِفُهُ.
(وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ وَقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ فَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا ضَمِنَ وَاحِدًا بِالثَّمَنِ فَقَطْ) اُنْظُرْ قَوْلَهُ إنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ هَلْ يُرِيدُ بِالْخِيَارِ أَوْ عَلَى الْإِيجَابِ؟ وَعِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ: مَنْ أَخَذَ ثَوْبَيْنِ لِيَخْتَارَ أَحَدَهُمَا أَوْ يَرُدَّهُمَا فَادَّعَى تَلَفَهُمَا، رَابِعُ الْأَقْوَالِ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ يَضْمَنُ أَحَدَهُمَا بِالثَّمَنِ. وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَوْ كَانَ الْمُبْتَاعُ إنَّمَا أَخَذَ الثَّوْبَيْنِ لِيَخْتَارَ أَحَدَهُمَا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ فَضَاعَا لَمْ يَضْمَنْ إلَّا ثَمَنَ أَحَدِهِمَا وَهُوَ فِي الْآخَرِ مُؤْتَمَنٌ، وَإِنْ ضَاعَ أَحَدُهُمَا ضَمِنَ نِصْفَ ثَمَنِ التَّالِفِ، ثُمَّ لَهُ أَخْذُ الثَّوْبِ الْبَاقِي أَوْ رَدُّهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الَّذِي يَسْأَلُ رَجُلًا دِينَارًا فَيُعْطِيهِ ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ لِيَخْتَارَ أَحَدَهَا فَيَزْعُمُ أَنَّهُ تَلِفَ مِنْهَا دِينَارَانِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ شَرِيكًا، وَإِنْ كَانَ تَلَفُ الدِّينَارَيْنِ لَا يُعْلَمُ إلَّا بِقَوْلِهِ انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ ابْنُ يُونُسَ: إنَّ الصَّوَابَ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ لَا يُعْلَمَ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ أَوْ بِالْبَيِّنَةِ
وَمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ فِي أَخْذِهِ أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ عَلَى غَيْرِ الْإِلْزَامِ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا: إذَا اشْتَرَى أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ عَلَى الْإِيجَابِ فَضَاعَا جَمِيعًا أَوْ أَحَدُهُمَا بِيَدِ الْمُبْتَاعِ، فَمَا تَلِفَ فَبَيْنَهُمَا وَمَا بَقِيَ فَبَيْنَهُمَا وَسَوَاءٌ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى الضَّيَاعِ أَمْ لَمْ تَقُمْ وَلَا خِيَارَ لِلْمُبْتَاعِ فِي أَخْذِ الثَّوْبِ الْبَاقِي كُلِّهِ. رَاجِعْ ابْنَ يُونُسَ (وَلَوْ سَأَلَ فِي إقْبَاضِهِمَا) ابْنُ الْمَوَّازِ: ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا وَاحِدًا ثُمَّ أَخَذَ مِنْ الْبَائِعِ ثَلَاثَةَ أَثْوَابٍ عَلَى أَنْ يَخْتَارَ مِنْهَا وَاحِدًا فَضَاعَتْ، فَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ تَطَوَّعَ لَهُ بِذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا وَاحِدًا، وَإِنْ كَانَ هُوَ سَأَلَ الْبَائِعَ ذَلِكَ ضَمِنَهَا كُلَّهَا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يُعْجِبُنِي هَذَا وَذَلِكَ سَوَاءٌ، وَلَا يَضْمَنُ إلَّا وَاحِدًا لِأَنَّ الْبَائِعَ لَمْ يُعْطِهِ إيَّاهَا إلَّا عَنْ رِضًا إذْ سَأَلَهُ (أَوْ ضَيَاعَ وَاحِدٍ ضَمِنَ نِصْفَهُ وَلَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي كَسَائِلِ دِينَارٍ فَيُعْطَى ثَلَاثَةً لِيَخْتَارَ فَزَعَمَ تَلَفَ اثْنَيْنِ، فَيَكُونُ شَرِيكًا) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ بِهَذَا وَقَالَ التُّونِسِيُّ: يَجِبُ أَنْ يَكُونَ شَرِيكًا مَعَهُ فَمَا ضَاعَ فَبَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ إجْزَائِهِمَا
يَعْنِي الدِّينَارَيْنِ اللَّذَيْنِ ضَاعَا قَالَ: وَكَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِتَلَفِ الدِّينَارَيْنِ إلَّا بِقَوْلِهِ وَأَوْجَبَ لَهُ التَّخْيِيرَ بِخِيَارِهِ، وَإِنْ قَالَ لَهُ إذَا وَزَنْتهَا خُذْ مِنْهَا دِينَارًا فَلَا يَضْمَنُ شَيْئًا.
(وَإِنْ كَانَ لِيَخْتَارَهُمَا فَكِلَاهُمَا مَبِيعٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ بِالْخِيَارِ فِي صَفْقَةٍ فَضَاعَا فِي يَدَيْهِ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ لَمْ يُصَدَّقْ وَلَزِمَاهُ بِالثَّمَنِ، كَانَ أَكْثَرَ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ أَقَلَّ، وَإِنْ ضَاعَ أَحَدُهُمَا لَزِمَهُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ. ابْنُ يُونُسَ: وَلَوْ كَانَ الْهَالِكُ مِنْهُمَا وَجْهَ الصَّفْقَةِ لَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَاهُ جَمِيعًا كَضَيَاعِ الْجَمِيعِ وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ
غَيْبَةٌ (وَلَزِمَاهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ وَهُمَا بِيَدِهِ) نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ: إذَا اشْتَرَى الثَّوْبَيْنِ جَمِيعًا بِالْخِيَارِ فَمَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَتَبَاعَدَتْ وَهُمَا بِيَدِ الْمُبْتَاعِ لَزِمَهُ أَخْذُ الثَّوْبَيْنِ. (وَفِي اللُّزُومِ لِأَحَدِهِمَا يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ) مِنْ ابْنِ يُونُسَ: وَإِنْ كَانَ إنَّمَا اشْتَرَى أَحَدَ الثَّوْبَيْنِ عَلَى الْإِيجَابِ وَذَهَبَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَتَبَاعَدَتْ وَالثَّوْبَانِ بِيَدِ الْبَائِعِ وَبِيَدِ الْمُبْتَاعِ، لَزِمَهُ نِصْفُ كُلِّ ثَوْبٍ وَلَا خِيَارَ لَهُ لِأَنَّ ثَوْبًا قَدْ لَزِمَهُ وَلَا يَعْلَمُ أَيُّهُمَا هُوَ، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَا فِيهِمَا شَرِيكَيْنِ.
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: مَنْ ابْتَاعَ ثَوْبًا مِنْ ثَوْبَيْنِ وَقَدْ لَزِمَهُ، فَإِنْ كَانَ