الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ ضَمَانَ الْغَائِبِ مِنْ الْمُشْتَرِي فَتَنَازَعَا فَقَوْلَانِ لِتَعَارُضِ أَصْلِ السَّلَامَةِ وَانْتِفَاءِ الضَّمَانِ اهـ
الْفَرْعُ الثَّانِي قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: لَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ أَنَّهَا مِنْ الْمُبْتَاعِ إنْ أَدْرَكَتْهَا الصَّفْقَةُ فَوَجَدَهَا الْمُشْتَرِي قَدْ مَاتَتْ فَقَالَ الْبَائِعُ مَاتَتْ بَعْدَ الصَّفْقَةِ وَقَالَ الْمُبْتَاعُ قَبْلَ الصَّفْقَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُبْتَاعِ اهـ
(وَقَبْضُهُ عَلَى الْمُشْتَرِي) . اللَّخْمِيِّ: الْإِتْيَانُ بِالْغَائِبِ عَلَى مُبْتَاعِهِ. ابْنُ الْمَوَّازِ: وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَضْرِبَ لِقَبْضِ السِّلْعَةِ الْغَائِبَةِ أَجَلًا قَرِيبًا أَوْ بَعِيدًا ذَلِكَ مِنْ وَجْهِ الضَّمَانِ لِسِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا وَذَلِكَ لَا يَحِلُّ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ ذَلِكَ عَلَى أَنْ تَتَوَجَّهَ فِي قَبْضِهَا، قَرُبَ ذَلِكَ أَوْ بَعُدَ، تَعَجَّلَ ذَلِكَ أَوْ تَأَخَّرَ، لَا يُشْتَرَطُ فِي ذَلِكَ وَقْتٌ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ اشْتَرَى سِلْعَةً غَائِبَةً عَلَى أَنْ يُوَافِيَهُ بِهَا الْبَائِعُ بِمَوْضِعٍ آخَرَ لَمْ يَجُزْ. ابْنُ الْمَوَّازِ: وَهُوَ مِنْ وَجْهِ الضَّمَانِ لِسِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا: أَصْبَغُ: وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ عَلَى أَنْ تُوَافِيَنِي بِهَا هَاهُنَا. ابْنُ الْمَوَّازِ: هَذَا إذَا كَانَ ضَمَانُ السِّلْعَةِ مِنْ الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ لَا يَضْمَنُ إلَّا حُمُولَتَهَا فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ.
[بَابُ الرِّبَا]
فَصْلٌ.
ابْنُ شَاسٍ: الْبَابُ الثَّانِي يَعْنِي مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي الْفَسَادِ بِجِهَةِ الرِّبَا (وَحَرُمَ فِي نَقْدٍ وَطَعَامٍ رِبَا فَضْلٍ وَنَسْءٍ) اُنْظُرْ مَحْصُولَ هَذِهِ الْعِبَارَةِ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: يَحْرُمُ فَضْلُ الْقَدْرِ وَالنَّسَأِ بَيْنَ عَرْضَيْنِ
مُتَّحِدَيْ جِنْسِ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ أَوْ رِبَوِيِّ الطَّعَامِ (كَدِينَارٍ وَدِرْهَمٍ أَوْ غَيْرِهِ بِمِثْلِهِمَا) ابْنُ عَرَفَةَ: تَحْقِيقُ الْمُسَاوَاةِ الْمُمْكِنُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ بِهَا شَرْطٌ عَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، وَعَلَيْهِ مَنَعَ مَالِكٌ فِي سَلَمِهَا مِائَةَ دِينَارٍ كَيْلًا بِمِثْلِهَا مَعَ كُلٍّ مِنْهُمَا مِائَةُ دِرْهَمٍ كَيْلًا وَيُنَاقَضُ بِمَا فِي الشَّرِكَةِ.
اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ وَعِبَارَةَ الْبَاجِيِّ مَنَعَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ بَيْعَ دِينَارٍ وَثَوْبٍ بِدِينَارَيْنِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الذَّهَبَيْنِ، لِأَنَّ السِّلْعَةَ تَتَقَسَّطُ مَعَ دِينَارِهَا عَلَى الدِّينَارِ فَيُصِيبُ كُلَّ دِينَارٍ نِصْفُ دِينَارٍ وَنِصْفُ السِّلْعَةِ، وَلِهَذَا مَنَعَهُ الشَّافِعِيُّ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِالذَّرَائِعِ.
اُنْظُرْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى الْخِلَافَ فِيمَنْ حَلَفَ لَا أَشْتَرِي أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ شِيَاهٍ فَاشْتَرَى مَعَ رَجُلَيْنِ ثَلَاثِينَ بِالسَّوِيَّةِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنْ صَارَ لَهُ فِي الْقَسْمِ خَمْسَةَ عَشَر لَا حِنْثَ عَلَيْهِ إذَا قُلْنَا إنَّ الْقَسْمَ هُنَا بَيْعٌ كَأَنَّهُ قَدَّرَ أَنَّ الثُّلُثَ خَمْسَةَ عَشَرَ وَهُوَ حَظُّهُ، وَثُلُثَاهَا وَهُوَ عَشْرَةٌ اشْتَرَاهَا مِنْ صَاحِبِهِ بِحَظِّهِ مِنْ الْخَمْسَةَ عَشَرَ الَّتِي بِيَدِ صَاحِبِهِ.
وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُعْرَفُ بِمُدِّ عَجْوَةٍ لِأَنَّهَا تُفْرَضُ فِيمَنْ بَاعَ مُدَّ عَجْوَةٍ وَدِرْهَمًا بِدِرْهَمَيْنِ، وَجَوَّزَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَقَالَ: مَنْ بَاعَ مِائَةَ دِينَارٍ فِي قِرْطَاسٍ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ أَنَّهُ جَائِزٌ وَيَحْتَسِبُ بِالْقِرْطَاسِ فِي مِائَةِ دِينَارٍ. وَأَجَازَ الشَّافِعِيُّ دِينَارًا وَدِرْهَمًا بِدِينَارٍ وَدِرْهَمٍ.
أَبُو عُمَرَ: قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَالنَّخَعِيُّ: يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَدِينَارًا بِاثْنَيْ عَشَرَ دِرْهَمًا وَجَعَلُوا عَشْرَةً مِنْ الِاثْنَيْ عَشَرَ بِإِزَاءِ الْعَشَرَةِ، وَالدِّرْهَمَيْنِ بِإِزَاءِ الدِّينَارِ. وَرُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ الثَّوْرِيِّ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْفَضْلُ بِقِيمَةِ مَا بِإِزَائِهِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي الرَّجُلِ يَبِيعُ الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ بَيْنَهُمَا فَضْلٌ
قَالَ السَّيِّدُ: يَأْخُذُ بِفَضْلِهِ ذَهَبًا.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: ذَلِكَ قَبِيحٌ وَذَرِيعَةٌ إلَى الرِّبَا اهـ. اُنْظُرْ الرَّدَّ عَلَى الدِّرْهَمِ هُوَ بِعَيْنِهِ مُدُّ عَجْوَةٍ فَقَالَ مَالِكٌ: كُنَّا نَمْنَعُهُ وَيُخَالِفُنَا أَهْلُ الْعِرَاقِ ثُمَّ أَجَزْنَاهُ لِضَرُورَةِ النَّاسِ وَلَكِنَّهُمْ لَا يَقْصِدُونَ بِهِ صَرْفًا، فَكَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله يَقُولُ: رَجَعَ مَالِكٌ فِي الرَّدِّ عَلَى الدِّرْهَمِ لِقَوْلِ غَيْرِهِ مِنْ أَجْلِ الضَّرُورَةِ، فَتِلْكَ الشُّرُوطُ الَّتِي شَرَطَهَا الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ غَيْرِ أَنْ شَرَطَهَا الْإِمَامُ وَلَا الْمُخَالِفُ قَدْ يَقَعُ فِي بَعْضِهَا نَظَرٌ، مِنْ ذَلِكَ: اتِّحَادُ الْمَرْدُودِ عَلَيْهِ. قَالَ أَوَّلُ مَنْ اشْتَرَطَهُ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ، وَمِنْ ذَلِكَ شَرْطُ الْوَزْنِ إذَا كَانَ الْعُرْفُ شَرَطَهُ كَانَ يَحْكِي عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ الْجَوَازَ، وَمَنْ اشْتَرَطَ الْوَزْنَ لَزِمَهُ أَنْ يَمْنَعَ الرَّدَّ بالقرسطون لِأَنَّهُ يُتَوَصَّلُ بِهِ لِمَعْرِفَةِ النَّقْصِ وَلَا يُتَوَصَّلُ بِهِ لِمَعْرِفَةِ الزِّيَادَةِ. وَانْظُرْ أَيْضًا جَوَازَ الرَّدِّ عَلَى الدِّرْهَمِ إنَّمَا هُوَ فَرْعُ جَوَازِ التَّقْسِيطِ وَالْمَذْهَبُ فِي ذَلِكَ مُضْطَرِبٌ.
قَالَ اللَّخْمِيِّ: يُمْنَعُ ثَوْبٌ بِثَوْبَيْنِ مُؤَجَّلَيْنِ، وَأَجَازَهُ الشَّافِعِيُّ قَالَ: وَقَدْ رَاعَى ابْنُ الْقَاسِمِ التَّقْسِيطَ فَأَجَازَ سَلَمَ فُسْطَاطَيْهِ فِي فُسْطَاطَيْنِ مِثْلِهِمَا، إحْدَاهُمَا مُعَجَّلَةٌ وَالْأُخْرَى مُؤَجَّلَةٌ، جَعَلَ الْمُعَجَّلَةَ فِي مُقَابَلَةِ
الْمُعَجَّلَةِ، وَالْمُؤَجَّلَةُ هِبَةٌ.
وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ: الْبُيُوعُ الْمَكْرُوهَةُ الَّتِي اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي إجَازَتِهَا إنْ فَاتَتْ لَمْ تُرَدَّ مُرَاعَاةً لِلْخِلَافِ. وَاخْتَارَ اللَّخْمِيِّ أَنْ لَا تُرَدَّ مُطْلَقًا.
(وَمُؤَخَّرٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ فِي الصَّرْفِ إلَّا الْمُنَاجَزَةُ لَا يَجُوزُ فِي ذَلِكَ تَأْخِيرٌ وَلَا نَظْرَةٌ إلَّا يَدًا بِيَدٍ (وَلَوْ قَرِيبًا) عِيَاضٌ: اُخْتُلِفَ فِي يَسِيرِ التَّأْخِيرِ فِي الصَّرْفِ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيهَا كَرِهَ مَالِكٌ لِلصَّيْرَفِيِّ أَنْ يُدْخِلَ الدِّينَارَ تَابُوتَه أَوْ يَخْلِطَهُ ثُمَّ يُخْرِجَ الدَّرَاهِمَ وَلَكِنْ يَدَعُهُ حَتَّى يَزِنَ الدَّرَاهِمَ فَيَأْخُذَ وَيُعْطِيَ، وَكَرِهَ أَنْ يُصَارِفَهُ فِي مَجْلِسٍ وَيُنَاقِدَهُ فِي آخَرَ وَيَجْلِسَا سَاعَةً ثُمَّ يَتَنَاقَدَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا، فَإِنْ طَالَ
الْمَجْلِسُ بَطَلَ الصَّرْفُ. (أَوْ غَلَبَةً) ابْنُ رُشْدٍ: إذَا انْعَقَدَ الصَّرْفُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْمُنَاجَزَةِ فَتَأَخَّرَ شَيْءٌ مِمَّا وَقَعَ عَلَيْهِ الصَّرْفُ غَلَبَةً بِنِسْيَانٍ أَوْ غَلَطٍ أَوْ سَرِقَةٍ مِنْ الصَّرَّافِ أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا يَغْلِبَانِ عَلَيْهِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَهَذَا يَمْضِي الصَّرْفُ فِيهَا، وَمُنِعَ فِيهِ التَّنَاجُزُ وَلَا يَنْتَقِضُ بِاتِّفَاقٍ. وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ مَا حَصَلَ فِيهِ التَّأْخِيرُ يَنْتَقِضُ، وَلَوْ قَالَ أَنَا أَتَجَاوَزُ النُّقْصَانَ لَا يَنْتَقِضُ شَيْءٌ مِنْ الصَّرْفِ اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَعَدَمُ حُرْمَةٍ لِبَعْضِهِ " أَنَّ تَأْخِيرَ الْيَسِيرِ كَتَأْخِيرِ الْجَمِيعِ إذَا كَانَ اخْتِيَارًا فَفَرْقٌ بَيْنَ الْغَلَبَةِ
وَالِاخْتِيَارِ وَهُوَ فِي كَلَامِ خَلِيلٍ مُجْمَلٌ.
(أَوْ عَقَدَ وَوَكَّلَ فِي الْقَبْضِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ وَكَّلْت رَجُلًا يَصْرِفُ لَك دِينَارًا فَلَمَّا صَرَفَهُ أَتَيْته قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ بِأَمْرِك بِالْقَبْضِ وَقَامَ يَذْهَبُ فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ.
قَالَ مَالِكٌ: فَلَا يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَصْرِفَ ثُمَّ يُوَكِّلَ مَنْ يَقْبِضُ لَهُ وَلَكِنْ يُوَكِّلُ مَنْ يَصْرِفُ لَهُ وَيَقْبِضُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ اشْتَرَى سَيْفًا كَثِيرَ الْفِضَّةِ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ ثُمَّ قَبَضَهُ وَبَاعَهُ مَكَانَهُ ثُمَّ نَقَدَ الدَّنَانِيرَ فَبِئْسَ مَا فَعَلَ، وَلَا يَنْتَقِضُ الصَّرْفُ إلَّا إنْ انْصَرَفَ مُشْتَرِي السَّيْفِ قَبْلَ نَقْدِ بَائِعِهِ الْعَشَرَةَ
الدَّنَانِيرَ فَلَا يُعْطِيه الْعَشَرَةَ الدَّنَانِيرَ لِأَنَّ بَيْعَهُ فَاسِدٌ وَقَدْ فَاتَ بِالْبَيْعِ. اُنْظُرْ أَوَّلَ تَرْجَمَةٍ مِنْ الصَّرْفِ.
(أَوْ غَابَ نَقْدُ أَحَدِهِمَا أَوْ طَالَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ اشْتَرَيْت مِنْ رَجُلٍ عِشْرِينَ دِرْهَمًا بِدِينَارٍ وَأَنْتُمَا فِي مَجْلِسٍ وَكَانَ الدَّرَاهِمُ مَعَهُ وَاسْتَقْرَضْت أَنْتَ الدِّينَارَ، فَإِنْ كَانَ أَمْرًا قَرِيبًا كَحَلِّ الصُّرَّةِ وَلَا يَقُومُ لِذَلِكَ وَلَا يَبْعَثُ وَرَاءَهُ جَازَ.
قَالَ الْقَابِسِيُّ وَغَيْرُهُ: إنَّمَا يَصِحُّ هَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُ الدَّرَاهِمِ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عِنْدَ صَاحِبِ الدِّينَارِ، فَأَمَّا إنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا دِينَارَ عِنْدَهُ فَلَا يَجُوزُ عَقْدُ الصَّرْفِ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ. (أَوْ نَقْدَاهُمَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ اسْتَقْرَضْت أَنْتَ دِينَارًا مِنْ رَجُلٍ إلَى جَانِبِك وَاسْتَقْرَضَ هُوَ الدَّرَاهِمَ مِنْ رَجُلٍ إلَى جَانِبِهِ فَدَفَعْت إلَيْهِ الدِّينَارَ وَقَبَضْت الدَّرَاهِمَ فَلَا خَيْرَ فِيهِ.
(أَوْ بِمُوَاعَدَةٍ) قَالَ
ابْنُ رُشْدٍ: لَا يَجُوزُ فِي الصَّرْفِ مُوَاعَدَةٌ وَلَا كَفَالَةٌ وَلَا خِيَارٌ وَلَا حَوَالَةٌ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: أَمَّا الْخِيَارُ فَلَا خِلَافَ أَنَّ الصَّرْفَ بِهِ فَاسِدٌ لِعَدَمِ الْمُنَاجَزَةِ بَيْنَهُمَا، وَأَمَّا الْمُوَاعَدَةُ فَتُكْرَهُ فَإِنْ وَقَعَ ذَلِكَ وَتَمَّ الصَّرْفُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْمُوَاعَدَةِ لَمْ يُفْسَخْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَقَالَ أَصْبَغُ: يُفْسَخُ. ابْنُ عَرَفَةَ: كَرِهَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ الْمُوَاعَدَةَ فِي الصَّرْفِ، وَمَنَعَهَا أَصْبَغُ، وَجَوَّزَهَا ابْنُ نَافِعٍ.
قَالَ اللَّخْمِيِّ: وَالْجَوَازُ أَحْسَنُ. قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: مَنْ اشْتَرَى سِوَارَيْنِ ذَهَبًا بِدَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يُرِيَهُمَا لِأَهْلِهِ فَإِنْ أَعْجَبَاهُمْ رَجَعَ إلَيْهِ فَاسْتَوْجَبَهُمَا وَإِلَّا رَدَّهُمَا، فَقَدْ خَفَّفَهُ مَالِكٌ وَكَرِهَهُ أَيْضًا اهـ. اُنْظُرْ بَيْعَ الْحُلِيِّ مُزَايَدَةً مَنَعَهُ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ: عَلَى الْمَعْرُوفِ فِي الصَّرْفِ بِخِيَارٍ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ أَوَّلَ مَسْأَلَةٍ مِنْ تَرْجَمَةِ الْمُنَاجَزَةِ فِي الصَّرْفِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ بَيْعَ الْحُلِيِّ مُزَايَدَةً جَائِزٌ رَاجِعْهُ فِيهِ. وَبِهَذَا كَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله يُفْتِي وَهُوَ مُقْتَضَى مَا لِابْنِ جَمَاعَةَ إذَا كَانَ الْمَبِيعُ مَصُوغًا فَمِنْ تَمَامِ الْبَيْعِ قَبْضُ الْبَائِعِ الدَّلَالَةَ وَالْفَائِدَةَ. الْقَبَّابُ: يَعْنِي وَكَانَ الْبَيْعُ بِنَقْدٍ بِحَيْثُ يَكُونُ صَرْفًا يَجِبُ فِيهِ الْمُنَاجَزَةُ فَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْبَائِعَ مِنْ دَلَالَةٍ أَوْ غَيْرِهَا هِيَ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ وَشُرِطَ قَبْضُ الْبَائِعِ لَهَا وَذَلِكَ مَقْصُودٌ وَهُوَ مِنْ الدَّقَائِقِ، لِأَنَّ ذَلِكَ إحَالَةٌ. رَاجِعْهُ أَنْتَ
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَأَمَّا الْحَوَالَةُ إذَا صَرَفَ وَأَحَالَ عَلَى الصَّرَّافِ مَنْ يَقْبِضُ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ اهـ. وَكَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله يَقُولُ: مِنْ هَذَا مَا يَتَّفِقُ فِي الْأَسْوَاقِ يَشْتَرِي لَحْمًا بِدِرْهَمٍ وَنِصْفٍ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ دِرْهَمًا كَبِيرًا وَيَقُولُ الْجَازِرُ لِلْخَضَّارِ قُبَالَتَهُ أَعْطِهِ خُضْرَةً بِقِيرَاطٍ حَتَّى أَتَحَاسَبَ مَعَك، فَهَذَا مِنْ الْحَوَالَةِ فِي الصَّرْفِ، لَكِنْ إنْ أَخَذَ الْمُشْتَرِي الْخُضْرَةَ وَأَعْطَاهُمَا الدِّرْهَمَ الْكَبِيرَ شَرِكَةً بَيْنَهُمَا جَازَ، وَيَكُونُ عِنْدَ مَنْ رَضِيَ مِنْهُمَا إمَّا عِنْدَ الْجَزَّارِ وَإِمَّا عِنْدَ الْخَضَّارِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: لَا خَيْرَ إنْ تَوَكَّلَ عَلَى الصَّرْفِ وَتَقْبِضُ أَنْتَ. لَكِنْ لَمَّا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنْ صَرَفَ وَأَحَالَ عَلَى الصَّرَّافِ قَالَ: فَإِنْ قَبَضَهُ الْمُحَالُ فَلَا يَجُوزُ، وَإِنْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ بِخِلَافِ الْوَكَالَةِ إذَا صَرَفَ ثُمَّ وَكَّلَ عَلَى قَبْضِ الدَّرَاهِمِ فَقَبَضَهَا الْوَكِيلُ بِحَضْرَتِهِمَا قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَهُ الَّذِي وَكَّلَهُ جَازَ. رَاجِعْ
الْمُقَدِّمَاتِ.
(أَوْ بِدَيْنٍ إنْ تَأَجَّلَ) . ابْنُ بَشِيرٍ: غَلِطَ كَثِيرٌ فَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْن صَرْفِ مَا فِي الذِّمَّةِ وَالصَّرْفِ عَلَى الذِّمَّةِ. وَحَقِيقَةُ الصَّرْفِ عَلَى الذِّمَّةِ هِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ يَعْنِي مَسْأَلَةَ اسْتِقْرَاضِ أَحَدِهِمَا أَوْ كِلَيْهِمَا مَا يُنْقَدُ قَالَ: وَأَمَّا صَرْفُ مَا فِي الذِّمَّةِ فَهُوَ أَنْ يَكُونَ لَك فِي ذِمَّتِهِ ذَهَبٌ أَوْ فِضَّةٌ فَتَصْرِفُهُ مِنْهُ بِعَيْنٍ نَاجِزٍ، فَإِنْ كَانَ مَا فِي الذِّمَّةِ حَالًّا فَالْمَشْهُورُ الْجَوَازُ. وَوَجْهُ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ وَحُلُولِ مَا فِيهَا وَكَأَنَّهُ عَلَى الْحَقِيقَةِ حَاضِرٌ وَقَدْ حَصَلَ التَّنَاجُزُ صُورَةً وَمَعْنًى. فَإِنْ كَانَ مَا فِي الذِّمَّةِ غَيْرَ حَالٍّ فَالْمَشْهُورُ مَنْعُهُ لِأَنَّ الذِّمَّةَ عَامِرَةٌ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمُطَالِبُ هَاهُنَا كَالْمُسَلِّفِ عَلَى ذِمَّتِهِ، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ قَبَضَ مَا أَسْلَفَهُ عَنْهَا أَوْ يُقَدَّرُ أَنَّهُ نَقَدَ هَاهُنَا لِيَأْخُذَ مِنْ ذِمَّتِهِ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَيَصِيرُ صَرْفًا فِيهِ تَأْخِيرٌ. ابْنُ رُشْدٍ: وَمَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دِينَارَانِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ دِينَارًا وَصَرَفَ الدِّينَارَ الْآخَرَ دَرَاهِمَ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِ دِينَارٌ وَاحِدٌ فَلَا يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهُ عَيْنًا وَنِصْفَهُ شَيْئًا آخَرَ.
وَفِي الْكَافِي: إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دِينَارٌ سَلَفًا أَوْ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهُ ذَهَبًا وَنِصْفَهُ دَرَاهِمَ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ عِنْدَهُ ذَهَبٌ وَدَرَاهِمُ بِذَهَبٍ وَقَدْ أَجَازَهُ أَشْهَبُ (وَإِنْ مِنْ أَحَدِهِمَا) . الْبَاجِيُّ: لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دَنَانِيرُ وَلِلْآخَرِ عَلَيْهِ دَرَاهِمُ حَالَّةٌ جَازَ أَنْ يَتَطَارَحَاهَا صَرْفًا. ابْنُ عَرَفَةَ: فِي جَوَازِ ذَلِكَ مُطْلَقًا وَمَنْعَهُ. ثَالِثُهَا
تَجُوزُ الْمُقَاصَّةُ إنْ حَلَّا مَعًا وَهَذَا الْقَوْلُ الثَّالِثُ هُوَ الْمَشْهُورُ.
(أَوْ غَابَ رَهْنٌ أَوْ وَدِيعَةٌ وَلَوْ سُكَّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ أَوْدَعْته دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ حُلِيًّا مَصُوغًا أَوْ رَهَنْته ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَبِيعَ مِنْهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِخِلَافِهِ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ لِأَنَّهُ ذَهَبٌ بِفِضَّةِ وَلَيْسَ يَدًا بِيَدٍ إلَّا أَنْ
يَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ حَاضِرًا وَتَقْبِضُهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ.
قَالَ: وَمَنْ أَوْدَعْته مِائَتَيْ دِرْهَمٍ ثُمَّ لَقِيته وَالدَّرَاهِمُ فِي بَيْتِهِ فَهَضَمْت عَنْهُ مِائَةً عَلَى أَنْ أَعْطَاك مِائَةً مِنْ غَيْرِهَا لَمْ يَجُزْ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهَا بِعَيْنِهَا مِائَةً وَتَدَعَ لَهُ مِائَةً (كَمُسْتَأْجِرٍ) ابْنُ شَاسٍ: الْمُسْتَأْجِرُ حُكْمُهُ حُكْمُ الْوَدِيعَةِ (وَعَارِيَّةٍ) ابْنُ شَاسٍ: قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ
الْعَارِيَّةُ حُكْمُهَا حُكْمُ الرَّهْنِ. قَالَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ: وَهُوَ ظَاهِرٌ.
(وَمَغْصُوبٍ إنْ صِيَغ) ابْنُ بَشِيرٍ: الْمَغْصُوبُ إنْ كَانَ مَصُوغًا، فَإِنْ حَضَرَ وَقْتُ الصَّرْفِ فَلَا شَكَّ فِي جَوَازِ صَرْفِهِ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ فَإِنْ عُلِمَ بَقَاؤُهُ وَسَلَامَتُهُ مِنْ عَيْبٍ يُوجِبُ تَعَلُّقَ الْقِيمَةِ بِذِمَّةِ الْغَاصِبِ فَيَجْرِي جَوَازُ صَرْفِهِ عَلَى صَرْفِ الْوَدِيعَةِ وَالرَّهْنِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ بِذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُهُ لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ حِينَئِذٍ الْقِيمَةُ وَهِيَ مِنْ جِنْسِ مَا يُصَارِفُهُ بِهِ فَقَدْ يُؤْخَذُ عَنْهُ أَكْثَرُ أَوْ أَقَلُّ فَيُؤَدِّي إلَى التَّفَاضُلِ فِي النَّوْعِ الْوَاحِدِ (إلَّا أَنْ يَذْهَبَ فَيَضْمَنَ قِيمَتَهُ فَكَالدَّيْنِ) ابْنُ الْحَاجِبِ: الْغَائِبُ إنْ كَانَ مَصُوغًا فَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ، فَإِنْ ذَهَبَ فَعَلَى الْخِلَافِ فِي صَرْفِ الدَّيْنِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ غَصَبَ لِرَجُلٍ سِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ فَاسْتَهْلَكَهُمَا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُمَا مَصُوغًا مِنْ الدَّرَاهِمِ وَلَهُ أَنْ يُؤَخِّرَهُ بِتِلْكَ الْقِيمَةِ، وَأَمَّا مَنْ كَسَرَ لِرَجُلٍ سِوَارَيْنِ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ قِيمَةُ الصِّيَاغَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَفْسَدَ لَهُ صُنْعَهُ. ابْنُ يُونُسَ: وَاَلَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ أَنَّهُ إذَا كَسَرَهُمَا لَزِمَتْهُ قِيمَتُهُمَا وَكَانَا لَهُ. اُنْظُرْ مَفْهُومَ الشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ " إنْ صِيَغ ".
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ غَصَبَك دَنَانِيرَ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَصْرِفَهَا مِنْهُ بِدَرَاهِمَ وَتَقْبِضَهَا، ذَكَرَ أَنَّ الدَّنَانِيرَ عِنْدَهُ حَاضِرَةٌ أَوْ لَمْ يَذْكُرْهَا لِأَنَّهَا فِي ذِمَّتِهِ. ابْنُ بَشِيرٍ: فِي مَعْنَى الْمَسْكُوكِ كُلُّ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مِنْ الْمَكْسُورِ
وَالتِّبْرِ لِأَنَّهُ مُتَعَلِّقٌ بِالذِّمَّةِ.
(وَبِتَصْدِيقٍ فِيهِ كَمُبَادَلَةِ رِبَوِيَّيْنِ) ابْنُ عَرَفَةَ: فِي صِحَّةِ الصَّرْفِ عَلَى تَصْدِيقِ دَافِعِهِ تَعَدِّيًا فِي وَزْنِهِ أَوْ جَوْدَتِهِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ. ابْنُ رُشْدٍ: رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ إجَازَةُ التَّصْدِيقِ فِي مُبَادَلَةِ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ، فَإِنْ وَقَعَ لَمْ يُفْسَخْ لِلْخِلَافِ فِي ذَلِكَ، ابْنُ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ: إنْ قَالَ لَهُ الصَّرَّافُ فِي الدَّرَاهِمِ هِيَ جِيَادٌ فَأَخَذَهَا بِقَوْلِهِ وَهُوَ لَا يَدْرِي أَجِيَادٌ هِيَ أَوْ لَا فَنَهَى عَنْهُ قِيلَ: فَأَنَا لَا أُبْصِرُهَا وَأَنْتَ تَكْرَهُ أَنْ أُفَارِقَهُ قَالَ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} [الطلاق: 2] وَلَا يَجُوزُ التَّصْدِيقُ فِي الصَّرْفِ وَلَا فِي تَبَادُلِ الطَّعَامَيْنِ. قَالَ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُصَارِفَهُ سِوَارَيْنِ عَلَى أَنْ يُصَدِّقَهُ فِي وَزْنِهِمَا، وَإِنْ افْتَرَقَا وَوَجَدَهُمَا كَذَلِكَ فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْضِ الصَّرْفِ، وَلَوْ وَزَنَهُمَا قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَوَجَدَ بِهِمَا نَقْصًا فَرَضِيَهُ أَوْ زِيَادَةً فَتَرَكَهَا الْآخَرُ فَذَلِكَ جَائِزٌ. ابْنُ الْمَوَّازِ: وَكَذَلِكَ إذَا افْتَرَقَا عَلَى الْفِرَاقِ لَا عَلَى أَنْ يَزِنَ وَلَا عَلَى أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنْهُ فَلَمْ يَطْلُبْهُ بِبَدَلٍ وَلَا نُقْصَانٍ فَهُوَ جَائِزٌ، وَكَذَا لَوْ جَاءَ لِيُبَدِّلَ إلَيْهِ فَأَرْضَاهُ حَتَّى لَا يُبَدِّلَ لَجَازَ ذَلِكَ. وَمِنْ الْوَاضِحَةِ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ طَعَامٍ كَيْلًا وَجُزَافًا بِشَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ عَلَى التَّصْدِيقِ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ أَوْ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ طَعَامٌ بِطَعَامٍ غَيْرِ نَاجِزٍ لِأَنَّهُ يُخْتَبَرُ بِكَيْلِهِ بَعْدَ التَّفَرُّقِ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَسَحْنُونٌ: لَا يَجُوزُ التَّصْدِيقُ فِي تَبَادُلِ الطَّعَامَيْنِ وَالذَّهَبَيْنِ أَوْ الْفِضَّتَيْنِ وَلَا فِي الصَّرْفِ، وَالْعِلَّةُ فِي ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْوَاضِحَةِ اهـ مِنْ ابْنِ يُونُسَ.
(وَمُقْرَضٍ وَمَبِيعٍ لِأَجَلٍ وَرَأْسِ مَالٍ سَلَمٍ) قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَأَبُو الْحَسَنِ: لَا بَأْسَ أَنْ يُسْلِمَ دِينَارًا فِي طَعَامٍ أَوْ يُصَدِّقَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي وَزْنِهِ بِخِلَافِ التَّصْدِيقِ عَلَى الْوَزْنِ فِي الصَّرْفِ وَالتَّصْدِيقِ فِي كَيْلِ الطَّعَامِ إذَا بِيعَ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ أَوْ كَانَ قَرْضًا. ابْنُ يُونُسَ: وَكَرِهَ ذَلِكَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَمَنَعَ جَوَازَ التَّصْدِيقِ فِي الْبَيْعِ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَجِدُ نَقْصًا فَيَغْتَفِرُهُ لِمَا يَرْجُو مِنْ
التَّأْخِيرِ بِالسَّلَمِ (وَمُعَجَّلٍ قَبْلَ أَجَلِهِ) ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ الْكَاتِبِ فِي الَّذِي أَخَذَ مِنْ غَرِيمِهِ الطَّعَامَ عَلَى التَّصْدِيقِ: يَحْتَمِلُ أَنْ لَا يَجُوزَ تَصْدِيقُهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ لِمَا يَدْخُلُ ذَلِكَ مِنْ أَنَّهُ إنَّمَا صَدَّقَهُ مِنْ أَجْلِ تَعْجِيلِهِ قَبْلَ أَجَلِهِ فَيَدْخُلُهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً وَهُوَ مَعْنَى " ضَعْ وَتَعَجَّلْ ".
(وَبَيْعٌ وَصَرْفٌ) قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ مَعَ الْبَيْعِ جُعْلٌ وَلَا صَرْفٌ أَوْ مُسَاقَاةٌ أَوْ شَرِكَةٌ أَوْ نِكَاحٌ أَوْ قِرَاضٌ. وَيُعَبِّرُ الشُّيُوخُ عَنْ هَذِهِ الْعُقُودِ بِلَفْظِ " جِصّ مُشْنِق ". ابْنُ عَرَفَةَ: ثَالِثُ الْأَقْوَالِ فِي الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ يَجُوزُ بِقَيْدِ التَّبَعِيَّةِ فِي الدِّينَارِ الْوَاحِدِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ دِينَارًا) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ كَانَ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ فِي دِينَارٍ وَاحِدٍ
فَمَذْهَبُ الْكِتَابِ أَنَّهُ جَائِزٌ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا تَبَعًا لِلْآخَرِ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ بِنِصْفِ الدِّينَارِ.
(وَالصَّرْفُ بِنِصْفِهِ أَوْ يَجْتَمِعَا فِيهِ) ابْنُ حَبِيبٍ: مَنْ ابْتَاعَ عَرْضًا وَدَرَاهِمَ بِدِينَارَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ أَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ جَازَ. ابْنُ يُونُسَ: هَذَا مُوَافِقٌ لِلْمُدَوِّنَةِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ تَبَعًا وَأَقَلَّ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ فَهُوَ جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَغَيْرِهِ. اللَّخْمِيِّ: وَأَجَازَ مَالِكٌ حِنْطَةً بِتَمْرٍ وَثَوْبٍ نَقْدًا وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِهِ فِي بَيْعٍ وَصَرْفٍ لِأَنَّ حُكْمَ الطَّعَامِ بِالطَّعَامِ حُكْمُ الصَّرْفِ. وَقَوْلُ مَالِكٍ نَقْدًا قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: الْقِيَاسُ إذَا تَنَاجَزَا فِي الطَّعَامَيْنِ أَنْ يَجُوزَ تَأَخُّرُ الثَّوْبِ.
وَقَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: قَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْبَيْعَ وَالصَّرْفَ جَائِزٌ اجْتِمَاعُهُمَا. ابْنُ رُشْدٍ: وَمَا هُوَ الْبَيْعُ وَالصَّرْفُ بِالْحَرَامِ أَبْيَنُ، وَقَدْ أَجَازَهُ
أَشْهَبُ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ مَالِكٌ كَرِهَهُ قَالَ: وَإِنَّمَا الَّذِي كُرِهَ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ مَعَهُمَا سِلْعَةً وَالْوَرِقُ بِالْوَرِقِ مَعَهُمَا سِلْعَةً. ابْنُ رُشْدٍ: وَقَوْلُ أَشْهَبَ أَظْهَرُ.
(وَسِلْعَةٌ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ إنْ تَأَجَّلَ الْجَمِيعُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِسِلْعَةٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا كُلُّ ذَلِكَ نَقْدًا. ابْنُ الْحَاجِبِ: وَتَأْجِيلُ الْجَمِيعِ مُمْتَنِعٌ. ابْنُ شَاسٍ: لِأَنَّهُ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَالدِّرْهَمَانِ فِي هَذَا كَالدِّرْهَمِ بِخِلَافِ الثَّلَاثَةِ دَرَاهِمَ.
(أَوْ السِّلْعَةُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ " قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ تَنَاقَدَا الدِّينَارَ وَالدِّرْهَمَ وَتَأَخَّرَتْ السِّلْعَةُ لَمْ يَصْلُحْ عِنْدَ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إلَّا أَنْ يَتَأَخَّرَ الثَّوْبُ لِمِثْلِ خِيَاطَةٍ أَوْ حَتَّى يَبْعَثَ فِي أَخْذِهِ وَهُوَ ثَوْبٌ بِعَيْنِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ (أَوْ أَحَدُ النَّقْدَيْنِ) ابْنُ يُونُسَ: اخْتِصَارُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ كَانَ أَحَدُ الْعَيْنَيْنِ مُؤَجَّلًا لَمْ يَجُزْ بِإِجْمَاعٍ لِأَنَّهُ لِلذَّهَبِ بِالْوَرِقِ إلَى أَجَلٍ (بِخِلَافِ تَأْجِيلِهِمَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ تَأَخَّرَ
الدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ إلَى أَجَلٍ وَعُجِّلَتْ السِّلْعَةُ فَجَائِزٌ. ابْنُ الْكَاتِبِ: فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ لَمْ يَجُزْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَدْفَعَ الدِّرْهَمَ وَيَأْخُذَ الدِّينَارَ، وَإِنَّمَا يَنْظُرُ إلَى صَرْفِ الدِّينَارِ دَرَاهِمَ فَيَحُطُّ مِنْهُ دِرْهَمًا ثُمَّ يَدْفَعُ إلَى الْبَائِعِ بَاقِيَهُ. ابْنُ يُونُسَ: ظَاهِرُ الْكِتَابِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ الدِّرْهَمَ وَيَأْخُذَ الدِّينَارَ (أَوْ تَعْجِيلِ الْجَمِيعِ) تَقَدَّمَ نَصُّهَا أَوَّلَ الْمَسْأَلَةِ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَأَمَّا بِدِينَارٍ إلَّا ثَلَاثَةً أَوْ خَمْسَةً أَوْ أَكْثَرَ فَيَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ تَقَدَّمَ وَلَا يَنْبَغِي التَّأْخِيرُ فِي شَيْءٍ مِنْهُ.
(كَدَرَاهِمَ مِنْ دَنَانِيرَ بِالْمُقَاصَّةِ وَلَمْ يَفْضُلْ) قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: مَنْ ابْتَاعَ خَمْسَةَ عَشَرَ جِلْدًا كُلُّ جِلْدٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمٍ لِأَجَلٍ لَا خَيْرَ فِيهِ إلَّا إنْ قَطَعُوا صَرْفَ الدَّرَاهِمِ قَبْلَ الْعَقْدِ.
مُحَمَّدٌ: مِثْلَ أَنْ يَقُولُوا إنْ وَقَعَ بَيْنَنَا بَيْعٌ بِدَرَاهِمَ فَنَبِيعُهَا كَذَا وَكَذَا بِدِينَارٍ فَهَذَا الْجَائِزُ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ نَقْدًا وَلَا لِأَجَلٍ لِأَنَّهُ صَرْفٌ وَبَيْعٌ، فَإِذَا وَقَعَ الْبَيْعُ بَيْنَهُمْ عَلَى أَنْ يَتَقَاصَّا مِنْ الدَّنَانِيرِ فِيمَا اجْتَمَعَ مِنْ الدَّرَاهِمِ الْمُسْتَثْنَاةِ بِسَوْمٍ سَمَّيَاهُ فَاتَّفَقَا فِيمَا تَبَايَعَا بِهِ أَنْ يَفْضُلَ مِنْ الدَّرَاهِمِ شَيْءٌ بَعْدَ الْمُقَاصَّةِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ بَاعَ مِنْهُ سِتَّةَ عَشَرَ جِلْدًا كُلُّ جِلْدٍ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا عَلَى أَنْ يَحْسِبَ الدَّرَاهِمَ بَيْنَهُمَا سِتَّةَ عَشَرَ دِرْهَمًا بِدِينَارٍ جَازَ، كَانَ الْبَيْعُ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ، لِأَنَّ الْبَيْعَ إنَّمَا يَنْعَقِدُ بَيْنَهُمَا عَلَى هَذَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا (وَفِي الدِّرْهَمَيْنِ كَذَلِكَ) قَالَ: وَكَذَلِكَ إنْ فَضَلَ بَعْدَ الْمُقَاصَّةِ دِرْهَمٌ أَوْ دِرْهَمَانِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الرَّجُلُ السِّلْعَةَ بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمًا أَوْ دِرْهَمَيْنِ عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ السِّلْعَةَ وَيَتَأَخَّرَ الدِّينَارُ، وَالدِّرْهَمُ أَوْ الدِّرْهَمَانِ إلَى أَجَلٍ وَاحِدٍ (وَفِي أَكْثَرَ كَالْبَيْعِ وَالصَّرْفِ) قَالَ: وَأَمَّا إنْ فَضَلَ بَعْدَ الْمُحَاسَبَةِ مِنْ الدَّرَاهِمِ الدَّرَاهِمُ الْكَثِيرَةُ فَيَجُوزُ الْبَيْعُ إنْ كَانَ نَقْدًا، وَلَا يَجُوزُ إنْ كَانَ لِأَجَلٍ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى شَرْطِ الْمُحَاسَبَةِ فَيَجُوزُ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمُسْتَثْنَاةُ فِي الصَّفْقَةِ الدِّرْهَمَ وَالدِّرْهَمَيْنِ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ، وَيَجُوزُ إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ الْمُسْتَثْنَاةُ كَثِيرَةً دُونَ صَرْفِ دِينَارٍ إنْ كَانَ الْبَيْعُ نَقْدًا، وَلَا يَجُوزُ إنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ. وَانْظُرْ إنْ وُجِدَ عَيْبٌ بَيْنَ أَنْ يَحُدَّهُ بِالدِّينَارِ أَوْ بِالدِّرْهَمَيْنِ فَرْقٌ.
(وَصَائِغٌ يُعْطَى الزِّنَةَ وَالْأُجْرَةَ) ابْنُ الْمَوَّازِ: قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ أَتَى إلَى صَائِغٍ بِوَرِقِهِ لِيَعْمَلَ لَهُ خَلْخَالًا فَوَجَدَ عِنْدَهُ خَلْخَالًا مَعَهُ فَرَاطَلَهُ فِيهِ بِوَرِقِهِ وَأَعْطَاهُ أُجْرَةَ عَمَلِ يَدِهِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ (كَزَيْتُونٍ وَأُجْرَتُهُ لِمُعْصِرِهِ) ابْنُ شَاسٍ: يَنْخَرِطُ فِي هَذَا السِّلْكِ مَسْأَلَةُ دَارٍ لَا الْإِشْقَالَةِ وَهِيَ الْمَعَاصِرُ يَأْتِيهَا مَنْ مَعَهُ زَيْتُونٌ فَيُقَدِّرُ قَدْرَ مَا يَخْرُجُ فَيَأْخُذُهُ زَيْتًا وَيُعْطِيهِمْ الْأُجْرَةَ، وَفِي ذَلِكَ قَوْلَانِ سَبَبُهُمَا الْقِيَاسُ عَلَى الرُّخْصِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: لَمْ يَذْكُرْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ غَيْرُ ابْنِ بَشِيرٍ وَلَمْ أَرَهَا لِأَقْدَمَ مِنْهُ مَعَ مَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الصَّائِغِ (بِخِلَافِ تِبْرٍ يُعْطِيهِ الْمُسَافِرُ وَأُجْرَتَهُ دَارَ الضَّرْبِ لِيَأْخُذَ زِنَتَهُ) ابْنُ الْمَوَّازِ: قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ يَأْتِي بِفِضَّةٍ إلَى أَهْلِ
بَيْتِ الضَّرْبِ فَيُرَاطِلُهُمْ بِهَا دَرَاهِمَ مَضْرُوبَةً وَيُعْطِيهِمْ أُجْرَتَهُمْ قَالَ: أَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا وَقَدْ عُمِلَ بِهِ فِيمَا مَضَى بِدِمَشْقَ.
ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَقَالَهُ مَنْ لَقِيتُ مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ قَالَ: وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْمَلَ سَكَّاكٌ أَوْ صَائِغٌ إلَّا فِضَّتَك وَذَهَبَك وَحْدَهُ، وَأَمَّا عَمَلُ أَهْلِ السِّكَّةِ فِي جَمْعِهِمْ ذُهُوبَ النَّاسِ فَإِذَا فَرَغَتْ أَعْطَوْا لِكُلِّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ وَزْنِ ذَهَبِهِ وَقَدْ عَرَفُوا مَا يَخْرُجُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ هَذَا أَيْضًا. قَالَهُ مَنْ لَقِيته مِنْ أَصْحَابِ مَالِكٍ.
ابْنُ يُونُسَ: الصَّوَابُ جَمْعُ الذُّهُوبِ لِأَهْلِ السِّكَّةِ لِأَجْلِ الرِّفْقِ بِالنَّاسِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ كَلَامٍ: فَوَجَبَ أَنْ يَجُوزَ لِذَلِكَ كَمَا أَجَازَ مَالِكٌ أَنْ يُدْفَعَ إلَى السَّكَّاكِ أُجْرَةُ عَمَلِهِ، وَيُعْطِيهِ السَّكَّاكُ دَنَانِيرَ مِثْلَ وَزْنِ ذَهَبِهِ لِضَرُورَةِ الصَّبْرِ، وَهَذَا أَشْنَعُ وَأَشَدُّ مِنْ جَمْعِ الذُّهُوبِ وَلَكِنْ أَجَازَهُ لِلضَّرُورَةِ.
ابْنُ الْمَوَّازِ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الزَّيْتُونِ يَأْتِي هَذَا بِإِرْدَبٍّ وَهَذَا بِأَكْثَرَ حَتَّى تَمْتَلِئَ الْإِشْقَالَةُ فَيُعْصَرَ قَالَ: إنَّمَا يُكْرَهُ هَذَا لِأَنَّ بَعْضَهُ أَكْثَرُ خَرَاجًا مِنْ بَعْضٍ، فَأَمَّا لِحَاجَةِ النَّاسِ إلَى ذَلِكَ فَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا وَلَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ مَصَالِحِهِمْ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: وَكَذَا فِي عَصْرِ الْجُلْجُلَانِ وَالْفُجْلِ. وَقَالَ سَحْنُونَ: لَا خَيْرَ فِيهِ.
قَالَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله: لِهَذَا كَانَ الْخَطِيبُ الْحَفَّارُ يَمْنَعُ خَلَطَ اللَّبَنِ وَقِسْمَةَ جُبْنِهِ. وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ لُبٍّ أَنَّهُ كَانَ يُجِيزُهُ وَقَدْ كُنْت أَمْنَعُهُ قَالَ: ثُمَّ أَجَزْته بَعْدَ ذَلِكَ لِلضَّرُورَةِ بِشَرْطِ أَنْ يُكَالَ كُلَّ يَوْمٍ، وَأَمَّا كَيْلُهُ أَوَّلَ يَوْمٍ ثُمَّ يَسْتَمِرُّ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مَمْنُوعٌ (وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ) ابْنُ رُشْدٍ: ضَعَّفَهُ مَالِكٌ فِي دَارِ الضَّرْبِ لِمَا ذُكِرَ، وَالصَّوَابُ أَنْ لَا يَجُوزَ إلَّا مَعَ الْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ الْمُبِيحِ أَكْلَ الْمَيِّتَةِ (وَبِخِلَافِ دِرْهَمٍ بِنِصْفٍ وَفُلُوسٍ أَوْ غَيْرِهِ) ابْنُ الْحَاجِبِ: أَمَّا دِرْهَمٌ بِنِصْفٍ فَمَا دُونَهُ وَفُلُوسٍ أَوْ طَعَامٍ فَجَائِزٌ لِلضَّرُورَةِ. الْقَبَّابُ: الْأَصْلُ فِي الرَّدِّ عَلَى الدِّرْهَمِ الْمَنْعُ لِكَوْنِهِ بَيْعَ فِضَّةٍ بِفِضَّةٍ مَعَ إحْدَاهُمَا سِلْعَةً، وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ بِكَرَاهَةِ الرَّدِّ عَلَى الدِّرْهَمِ عَلَى الْأَصْلِ ثُمَّ خَفَّفَهُ لِضَرُورَةِ النَّاسِ إلَيْهِ وَبِمَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَمِنْ شُرُوطِهِ أَنْ يَكُونَ الْمَرْدُودُ النِّصْفَ فَدُونَ. مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ اشْتَرَيْتَ بِنِصْفِ دِرْهَمٍ فُلُوسًا وَبِنِصْفِهِ الْآخَرِ فِضَّةً أَوْ بِثُلُثَيْهِ طَعَامًا وَأَخَذْتَ بَاقِيَهُ فِضَّةً فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ أَخَذْت بِثُلُثِهِ طَعَامًا وَأَخَذْت بَاقِيَهُ فِضَّةً فَمَكْرُوهٌ. ابْنُ يُونُسَ: وَإِنَّمَا كَرِهَهُ مَالِكٌ إذَا كَانَتْ الْفِضَّةُ أَكْثَرَ وَجَوَّزَهُ إذَا كَانَتْ أَقَلَّ، لِأَنَّ الطَّعَامَ إذَا كَانَ هُوَ الْأَكْثَرُ عُلِمَ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ فِي الشِّرَاءِ وَالْفِضَّةُ التَّبَعُ فَأَجَازَهُ لِلرِّفْقِ بِالنَّاسِ وَلِلضَّرُورَةِ الَّتِي تَلْحَقُهُمْ إذْ لَا يَجُوزُ كَسْرُ الدِّرْهَمِ (فِي بَيْعٍ) .
الْقَبَّابُ: مِنْ شُرُوطِ الرَّدِّ أَنْ يَكُونَ الرَّدُّ فِي بَيْعٍ أَوْ مَا فِي مَعْنَاهُ مِنْ إجَارَةٍ أَوْ كِرَاءٍ وَلَا يَجُوزُ فِي صَدَقَةٍ وَلَا هِبَةٍ وَلَا قَرْضٍ. وَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يُرَدَّ ثُلُثُ دِرْهَمٍ عَلَى مَنْ ابْتَاعَ بِثُلُثَيْ دِرْهَمٍ وَلَمْ يَنْقُدْ، فَلَمَّا طُولِبَ بِالنَّقْدِ بَعْدَ الِافْتِرَاقِ أَعْطَاهُ دِرْهَمًا صَحِيحًا وَرَدَّ عَلَيْهِ الْبَائِعُ ثُلُثَ دِرْهَمٍ فِضَّةً كَمَا يَجُوزُ ذَلِكَ لَوْ كَانَ فِي أَصْلِ الشِّرَاءِ وَمُنِعَ إذَا أَسْلَفَهُ ثُلُثَيْ دِرْهَمٍ أَنْ يَأْتِيَهُ بِدِرْهَمٍ صَحِيحٍ فَيُعْطِيَهُ فِيهِ فِضَّةً. وَمَا قُلْنَا مِنْ جَوَازِهِ فِي الْإِجَارَةِ وَالْكِرَاءِ مَعْنَاهُ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ جَمِيعِ الْمَنَافِعِ، فَإِذَا طَلَبَهُ بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ بِأُجْرَتِهِ يَدْفَعُ إلَيْهِ الصَّانِعُ صَغِيرًا أَوْ يَأْخُذُ مِنْهُ كَبِيرًا إذَا لَمْ يَكُونَا دَخَلَا عَلَى ذَلِكَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ
(وَسُكَّا وَاتَّحَدَتْ) عِيَاضٌ: مِنْ شُرُوطِ الرَّدِّ أَنْ يَكُونَ الدِّرْهَمَانِ مَعًا مَسْكُوكَيْنِ وَأَنْ
يَكُونَ سَكْتُهُمَا وَاحِدَةً. الْقَبَّابُ: اُنْظُرْ هَذَيْنِ الشَّرْطَيْنِ مَعَ كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ لَمَّا عَلَّلَ الْجَوَازَ بِالضَّرُورَةِ قَالَ: وَهَذَا فِي بَلَدٍ فِيهِ الدَّرَاهِمُ الْكِبَارُ خَاصَّةً أَوْ الدَّرَاهِمُ الْكِبَارُ وَالصِّغَارُ وَلَا يَكُونُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي إلَّا دِرْهَمٌ كَبِيرٌ وَفِي كَسْرِهِ ضَرَرٌ، فَأُبِيحَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِنِصْفِهِ طَعَامًا وَبِبَاقِيهِ فِضَّةً، أَوْ مِنْ هَذِهِ الْخَرَارِيبِ الصِّغَارِ لِلضَّرُورَةِ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا فِي بَلَدٍ الْغَالِبُ فِيهِ الْخَرَارِيبُ الصِّغَارُ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُشْتَرِي دِرْهَمًا كَبِيرًا وَيَأْخُذَ بِنِصْفِهِ طَعَامًا وَبَاقِيهِ مِنْ الْخَرَارِيبِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ السَّمَاعِ أَخْذُ ثُلُثِهِ فِضَّةً وَعُلِمَ تَقْيِيدُهُ. ابْنُ رُشْدٍ: جَوَازُ أَنْ يَكُونَ الْمَرْدُودُ غَيْرَ مَسْكُوكٍ كَمَا تَقَدَّمَ لِابْنِ يُونُسَ اهـ. وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ يُونُسَ " أَمَّا فِي بَلَدٍ فِيهِ الْخَرَارِيبُ الصِّغَارُ "، وَقَوْلُهُ " وَلَا يَكُونُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي إلَّا دِرْهَمٌ كَبِيرَةٌ " ظَاهِرٌ إنْ كَانَ عِنْدَهُ دِرْهَمٌ صَغِيرٌ فَإِنَّ الرَّدَّ لَا يَجُوزُ.
وَحَكَى لَنَا سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله أَنَّ ابْنَ عَلَاقٍ كَانَ يَقُولُ: لَا يُشْتَرَطُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي دِرْهَمٌ صَغِيرٌ لِأَنَّ هَذَا حُكْمٌ ضُبِطَ بِالْمَظِنَّةِ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى النَّادِرِ كَالْقَصْرِ فِي السَّفَرِ (وَعُرِفَ الْوَزْنُ) . الْقَبَّابُ: مِنْ شُرُوطِ الرَّدِّ أَنْ يَكُونَا مَعْرُوفَيْ الْوَزْنِ وَإِلَّا كَانَ بَيْعُ الْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ جُزَافًا وَلَا خَفَاءَ يَمْنَعُهُ اهـ.
وَكَانَ الْأُسْتَاذُ الْمُدَوِّرُ يُصَرِّحُ بِمَنْعِ الرَّدِّ بالقرسطون (وَانْتُقِدَ الْجَمِيعُ كَدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ وَإِلَّا فَلَا) لَعَلَّهُ وَانْتُقِدَ الْجَمِيعُ وَإِلَّا فَلَا كَدِينَارٍ أَوْ دِرْهَمَيْنِ. الْقَبَّابُ: مِنْ شُرُوطِ الرَّدِّ أَنْ يَكُونَ الْجَمِيعُ نَقَدَ الدِّرْهَمَ الْكَبِيرَ وَعَوَّضَهُ بِخِلَافِ مَنْ اشْتَرَى بِدِينَارٍ إلَّا دِرْهَمَيْنِ. ابْنُ جَمَاعَةَ: لَا يَجُوزُ رَدُّ الصَّرْفِ عَلَى دِرْهَمَيْنِ وَإِنَّمَا يَجُوزُ فِي دِرْهَمٍ وَاحِدٍ. الْقَبَّابُ: فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدْفَعَ كَبِيرَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً أَوْ أَكْثَرَ وَيَسْتَرِدَّ فِيهِمَا دِرْهَمًا صَغِيرًا. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ وَلَفْظُهُ عِيَاضٌ عَنْ ابْنِ أَبِي زَمَنِينَ اهـ. وَانْظُرْ الْمَرْدُودَ. وَأَجَازَ اللَّخْمِيِّ أَنْ يَدْفَعَ دِرْهَمًا وَيَأْخُذَ بِبَقِيَّتِهِ دَرَاهِمَ صِغَارًا قَالَ: إذَا كَانَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ النِّصْفُ. ابْنُ عَرَفَةَ: ذُكِرَ عَنْ بَعْضِ عُدُولِ بَلَدِنَا الْمُدَرِّسِينَ فَتْوَاهُ
بِجَوَازِ الرَّدِّ فِي الدِّينَارِ فَبَعَثَ إلَيْهِ الْقَاضِي ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَأَتَاهُ فَسَأَلَهُ عَمَّا نُقِلَ عَنْهُ لِيُؤَنِّبَهُ عَلَى ذَلِكَ فَأَنْكَرَ فَتْوَاهُ بِذَلِكَ.
(وَرُدَّتْ زِيَادَةٌ بَعْدَهُ لِعَيْبِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ صَرَفْتَ مِنْ رَجُلٍ دِينَارًا ثُمَّ لَقِيته بَعْدَ أَيَّامٍ فَقُلْت لَهُ قَدْ اسْتَرْخَصْت الدِّينَارَ فَزِدْنِي فَزَادَك دِرْهَمًا نَقْدًا أَوْ لِأَجَلٍ فَجَائِزٌ وَلَا يَنْتَقِضُ الصَّرْفُ، فَإِنْ كَانَ الدِّينَارُ رَدِيئًا فَرَدَّهُ انْتَقَضَ الصَّرْفُ وَأَخَذَ مِنْك الَّذِي زَادَك مَعَ دَرَاهِمِهِ لِأَنَّهُ لِلصَّرْفِ فَيُرَدُّ بِرَدِّهِ، وَكَذَلِكَ الْهِبَةُ بَعْدَ الْبَيْعِ لِلْمَبِيعِ إنْ رَدَّ السِّلْعَةَ بِعَيْبٍ أَخَذَهَا (لَا لِعَيْبِهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ. لَيْسَ لَك رَدُّ الزِّيَادَةِ بِعَيْبٍ تَجِدُهُ فِيهَا لِأَنَّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهَا الصَّرْفُ.
ابْنُ يُونُسَ: إذْ
لَوْ شَاءَ لَمْ يَزِدْك وَهِيَ هِبَةٌ تَطَوَّعَ بِهَا فَلَا يَلْزَمُهُ بَدَلُهَا.
وَقَالَ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ: إنْ زَادَهُ خَوْفَ نَقْضِ الصَّرْفِ بَطَلَ الصَّرْفُ وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَبِتَصْدِيقٍ فِيهِ " أَنَّهُ إذَا وُجِدَ مَعِيبٌ فِي الصَّرْفِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُرْضِيَهُ وَلَا يَفْسَخُ.
وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: إنْ لَمْ يُرِدْ الْفَسْخَ وَصَالَحَ عَلَى الزَّائِدِ بِعَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ فَأَجَازَ ذَلِكَ مُحَمَّدٌ، وَمَنَعَهُ ابْنُ شَعْبَانَ قَالَ: إلَّا أَنْ يَتَفَاسَخَا ثُمَّ يَعْمَلَانِ عَلَى مَا يَجُوزُ، وَاسْتَشْهَدَ بِمَسْأَلَةِ كِتَابِ الصُّلْحِ فِي الطُّرُقِ. وَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، فَأَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنْ يُرْضِيَهُ عَلَى شَيْءٍ وَيَدْفَعَهُ إلَيْهِ نَقْدًا وَلَا يَرُدَّهُ.
اُنْظُرْ ثَانِيَ تَرْجَمَةٍ مِنْ الصَّرْفِ مِنْ اللَّخْمِيِّ (وَهَلْ مُطْلَقًا) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ لَيْسَ لَك رَدُّ الزِّيَادَةِ بِعَيْبٍ.
قَالَ ابْنُ يُونُسَ: إذْ لَوْ شَاءَ لَمْ يَزِدْك (أَوْ إلَّا أَنْ يُوجِبَهَا) اللَّخْمِيِّ: إنْ قَالَ لَهُ اسْتَرْخَصْت فَزِدْنِي فَزَادَهُ دِرْهَمًا ثُمَّ وَجَدَهُ زَائِفًا، فَإِنْ كَانَ الْتَزَمَ ذَلِكَ وَلَمْ يَعِبْهُ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَدِّلَهُ (أَوْ إنْ عُيِّنَتْ تَأْوِيلَاتٌ
وَإِنْ رَضِيَ بِالْحَضْرَةِ بِنَقْضِ وَزْنٍ أَوْ بِكَرَصَاصٍ بِالْحَضْرَةِ أَوْ رَضِيَ بِإِتْمَامِهِ أَوْ بِمَغْشُوشٍ مُطْلَقًا صَحَّ) ابْنُ عَرَفَةَ: نَقْصُ الْقَدْرِ يُعْلَمُ بِالْقُرْبِ إنْ رَضِيَ بِهِ أَوْ أَتَمَّ تَمَّ، فَإِنَّ تَفَرَّقَا قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ مَا نَقَصَ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَنْتَقِضُ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْجَمِيعَ يَنْتَقِضُ إلَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ بِغَلَبَةٍ أَوْ غَلَطٍ فَيَمْضِي مَا وَقَعَ فِيهِ التَّنَاجُزُ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: إنْ وَجَدَ نَقْصًا قَبْلَ التَّفَرُّقِ فَلَهُ أَنْ يَرْضَى أَوْ يَأْخُذَ بِهِ مَا شَاءَ. رَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ: إنْ كَانَ كَرَصَاصٍ فَالْمِقْدَارُ اهـ.
وَانْظُرْ إذَا كَانَ هَذَا كُلُّهُ بَعْدَ التَّفَرُّقِ، فَأَمَّا النَّقْصُ فَإِنْ كَانَ فِي الْعَدَدِ فَقَالَ اللَّخْمِيِّ: النَّقْصُ فِي الصَّرْفِ عَلَى وَجْهَيْنِ: فِي الْعَدَدِ وَفِي الْوَزْنِ، وَهُوَ فِي الْوَزْنِ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَنْ تَكُونَ الدَّنَانِيرُ مَجْمُوعَةً، وَالثَّانِي أَنْ تَكُونَ عَدَدًا كَالْقَائِمَةِ وَالْفُرَادَى ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ انْعَقَدَ الصَّرْفُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ عَدَدًا.
فَوَجَدَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ فَثَالِثُ الْأَقْوَالِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الصَّرْفَ يَنْتَقِضُ، قَامَ بِحَقِّهِ فِي ذَلِكَ النَّقْدِ أَوْ لَمْ يَقُمْ. ثُمَّ قَالَ وَإِنْ كَانَ الصَّرْفُ عَلَى قَائِمَةٍ أَوْ فُرَادَى أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا الصَّرْفُ فِيهِ عَلَى الْعَدَدِ فَوَجَدَ بَعْضَهَا نَقَصَ عَنْ
الْوَزْنِ الْمُعْتَادِ كَانَ كَالزَّائِفِ إنْ تَمَسَّكَ بِهِ وَلَمْ يَقُمْ صَحَّ الصَّرْفُ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنْ صَرَفَ مِنْهُ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ فَوَجَدَ مِنْ الدَّرَاهِمِ دِرْهَمًا نَاقِصًا فَيَقُولُ أَنَا أَتَجَاوَزُ.
فَلَا يَنْتَقِضُ مِنْ الصَّرْفِ شَيْءٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ وَيَنْتَقِضُ مِنْ الصَّرْفِ صَرْفُ دِينَارٍ وَاحِدٍ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ تَجَاوَزَ النَّاقِصُ جَازَ كَالزَّائِفِ إذَا رَضِيَ بِهِ. وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ أَبِي زَيْدٍ: إذَا وَجَدَ الصَّرَّافَ قَدْ سَرَقَ مِنْ الْوَزْنِ أَوْ غَلِطَ فَيَرْجِعُ، قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَى أَنَّ مَا كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ تَخْتَلِفَ فِيهِ الْمَوَازِينُ فَجَائِزٌ أَنْ يَتَجَاوَزَهُ، وَلَا يَنْتَقِضُ الصَّرْفُ وَإِلَّا فَلَا بُدَّ مِنْ نَقْضِ الصَّرْفِ.
ابْنُ بَشِيرٍ: وَلَا خِلَافَ أَنَّهُ إذَا رَضِيَ بِالزَّائِفِ وَلَوْ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ فَإِنَّ الصَّرْفَ يَصِحُّ. وَتَعَقَّبَ هَذِهِ الْمَازِرِيُّ وَقَالَ: إنَّ الْعَقْدَ كَانَ عَلَى طَيِّبٍ فَالرِّضَا بِالزَّائِفِ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ تَأْخِيرٌ، ثُمَّ أَجَابَ عَنْ هَذَا اُنْظُرْهُ فِيهِ
(وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُعَيَّنْ) ابْنُ الْحَاجِبِ نَقْصُ الْمِقْدَارِ يُعْلَمُ بِالْحَضْرَةِ إنْ رَضِيَ بِهِ أَوْ بِإِتْمَامِهِ نَاجِزًا صَحَّ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ وَكَانَ غَيْرَ مُعَيَّنٍ أُجْبِرَ الْمُمْتَنِعُ وَفِي الْمُعَيَّنِ قَوْلَانِ. ابْنُ رُشْدٍ: مَذْهَبُ مَالِكٍ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِهِ أَنَّ الدَّنَانِيرَ وَالدَّرَاهِمَ فِي
الصَّرْفِ إنْ عُيِّنَتْ تَعَيَّنَتْ، وَإِنْ لَمْ تُعَيَّنْ فَهَلْ تُعَيَّنُ بِالْقَبْضِ أَوْ بِالْمُفَارَقَةِ؟ فَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ سَاعَةَ صَارَفَهُ فَمَنْ رَأَى أَنَّهَا تَتَعَيَّنُ بِالْقَبْضِ لَمْ يَلْزَمْهُ أَنْ يُعْطِيَهُ بَقِيَّةَ صَرْفِهِ مِمَّا بَقِيَ فِي يَدِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ فَيَكُونُ صَرْفًا مُسْتَقِلًّا اهـ.
وَسَيَأْتِي أَنَّ هَذَا الثَّانِي هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ (وَإِنْ طَالَ نُقِضَ إنْ قَامَ بِهِ) ابْنُ شَاسٍ: الْمَغْشُوشُ إنْ رَضِيَ وَاجِدُهُ بِهِ صَحَّ الصَّرْفُ وَإِنْ قَامَ بِهِ انْتَقَضَ الصَّرْفُ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَإِذَا قُلْنَا بِالنَّقْضِ، فَهَلْ يَخْتَصُّ بِغَيْرِ الْمُعَيَّنِ؟ وَأَمَّا الْمُعَيَّنُ فَيَجُوزُ فِيهِ الْبَدَلُ بِلَا خِلَافٍ أَوْ يَجْرِي فِي الْمُعَيَّنِ وَغَيْرِهِ قَوْلَانِ: الْأَوَّلُ رَأْيُ اللَّخْمِيِّ وَأَصْلُهُ لِأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَالثَّانِي رَأْيُ جُلِّ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَصْلُهُ لِأَبِي الْقَاسِمِ وَابْنِ الْكَاتِبِ اهـ. وَرَشَّحَ اللَّخْمِيُّ مَا ذُكِرَ عَنْهُ بِمَا نَصُّهُ: لَمَّا كَانَ مُعَيَّنًا لَمْ يَلْزَمْ الْمَرْدُودَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِبَدَلِهِ فَانْتَقَضَ الصَّرْفُ، وَإِذَا انْتَقَضَ الصَّرْفُ كَانَ مَا تَرَاضَيَا عَلَيْهِ الْآنَ صَرْفًا مُبْتَدَأً.
قَالَ: وَإِنْ كَانَ الْعَيْبُ بِالدَّرَاهِمِ وَكَانَتْ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ لَمْ يَجُزْ الْبَدَلُ عِنْدَ مَالِكٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَجَازَهُ ابْنُ وَهْبٍ، وَهَذَا أَقْيَسُ إذَا كَانَا قَدْ اخْتَبَرَا مَا تَصَارَفَا عَلَيْهِ وَعَلَيْهِ قَدْ اخْتَبَرَا مَا تَصَارَفَا عَلَيْهِ وَقَلَبَاهُ، فَمَا وُجِدَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ مِنْ بَابِ الْغَلَبَةِ فِي الصَّرْفِ.
وَقَدْ أَجَازَ الْبَدَلَ فِي الصَّرْفِ ابْنُ شِهَابٍ وَاللَّيْثُ وَابْنُ عُمَرَ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَمُحَمَّدٌ وَأَبُو يُوسُفَ وَرَبِيعَةُ وَابْنُ سِيرِينَ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ، وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيّ قِيَاسًا عَلَى الْعَيْبِ يُوجَدُ فِي السَّلَمِ اهـ. وَانْظُرْ إذَا قُلْنَا لَا يَجُوزُ الْبَدَلُ فَأَرَادَ أَنْ يَبْقَيَا عَلَى صَرْفِهِمَا وَيُرَاضِيهِ صَاحِبُ الزَّائِفِ بِشَيْءٍ يُعْطِيهِ لَهُ وَيَسْتَغْنِيَانِ عَنْ الْبَدَلِ وَعَنْ الْفَسْخِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: ذَلِكَ جَائِزٌ كَمَسْأَلَةِ الطَّوْقِ الْوَاقِعَةِ فِي كِتَابِ الصُّلْحِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ.
وَانْظُرْ أَيْضًا إذَا كَانَ الزَّائِفُ
مِمَّا يُشْكِلُ عِنْدَ بَعْضٍ وَيَجُوزُ عِنْدَ بَعْضٍ نَصَّ ابْنُ جَمَاعَةَ أَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْبَدَلُ. اُنْظُرْ بُيُوعَ الْقَبَّابُ، وَانْظُرْ هُنَا مَسْأَلَةً نَصَّ عَلَيْهَا اللَّخْمِيِّ وَهِيَ إذَا وَجَدَ دَرَاهِمَ الصَّرْفِ بِزِيَادَةٍ قَالَ: يَرُدُّ تِلْكَ الزِّيَادَةَ لِلصَّرَّافِ وَصَرْفُهُ صَحِيحٌ (كَنَقْصِ الْعَدَدِ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ " بِنَقْصِ وَزْنٍ وَاسْتَظْهَرَ عَلَيْهِ " فَهُوَ يَحْتَاجُ لِتَأَمُّلٍ
وَاسْتِظْهَارٍ (وَهَلْ مُعَيَّنُ مَا غُشَّ كَذَلِكَ أَوْ يَجُوزُ فِيهِ الْبَدَلُ تَرَدُّدٌ) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ: وَإِذَا قُلْنَا
بِالنَّقْصِ فَهَلْ يَخْتَصُّ بِغَيْرِ الْعَيْنِ.
(وَحَيْثُ نُقِضَ فَأَصْغَرُ دِينَارٍ إلَّا أَنْ يَتَعَدَّاهُ فَأَكْبَرُ مِنْهُ لَا الْجَمِيعُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَوْ صَرَفَ دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ وَجَدْتُ فِيهَا دِرْهَمًا زَائِفًا انْتَقَضَ صَرْفُ دِينَارٍ، وَإِنْ وَجَدْت أَكْثَرَ مِنْ صَرْفِ دِينَارٍ وَإِنْ قَلَّ انْتَقَضَ صَرْفُ دِينَارَيْنِ، وَهَكَذَا عَلَى هَذَا الْحِسَابِ. ابْنُ يُونُسَ: وَإِنْ كَانَتْ الدَّنَانِيرُ سِكَّةً وَاحِدَةً وَهِيَ تَنْقُصُ مَجْمُوعَةً فِي الْوَزْنِ فَإِنَّمَا يَنْتَقِضُ صَرْفُ أَنْقَصِ الدَّنَانِيرِ. التُّونِسِيُّ: مَهْمَا قَدَرْت عَلَى نَقْصِ قَلِيلٍ فَلَا تَنْقُصُ أَكْثَرَ مِنْهُ، ابْنُ يُونُسَ: إنَّمَا لَمْ يَنْتَقِضْ صَرْفُ الْجَمِيعِ لِأَنَّ كُلَّ دِينَارٍ كَأَنَّهُ مُنْفَرِدٌ بِنَفْسِهِ إذْ لَا تَخْتَلِفُ قِيمَتُهُ مِنْ قِيمَةِ صَاحِبِهِ (وَهَلْ وَلَوْ لَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ دِينَارٍ؟ تَرَدُّدٌ) الْجَلَّابُ: وَغَيْرُهُ هُوَ الَّذِي تَقَدَّمَ إذَا رَتَّبَا لِكُلِّ دِينَارٍ شَيْئًا مَعْلُومًا حِينَ الْعَقْدِ، وَأَمَّا إنْ صَارَفَا جُمْلَةَ دَنَانِيرَ بِجُمْلَةِ دَرَاهِمَ لَمْ يَنْتَقِضْ الصَّرْفُ كُلُّهُ. ابْنُ يُونُسَ: لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ لِأَنَّ الدَّنَانِيرَ لَا تَخْتَلِفُ قِيمَتُهَا إذَا كَانَتْ سِكَّةً وَاحِدَةً وَإِنَّمَا يَقَعُ لِكُلِّ دِينَارٍ حِصَّتُهُ مِنْ الدَّرَاهِمِ عَلَى الْعَدَدِ، إنْ كَانَتْ خَمْسَةً وَقَعَ لِكُلِّ
دِينَارٍ خُمْسُ الدَّرَاهِمِ، وَإِنْ كَانَتْ سِتَّةً فَسُدُسُ الدَّرَاهِمِ، فَالْحُكْمُ يُوجِبُ التَّرْتِيبَ وَإِنْ لَمْ يُرَتِّبَاهُ، وَلِأَنَّ التَّرْتِيبَ حُكْمٌ لَهُ لِأَنَّ مِنْ أَصْلِهِمْ فِي الْبُيُوعِ إذَا رَتَّبَ لِكُلِّ سِلْعَةٍ ثَمَنًا وَبِيعَتْ فِي صَفْقَةٍ أَنَّ ذَلِكَ التَّرْتِيبَ لَا حُكْمَ لَهُ فِي طَرَيَان الِاسْتِحْقَاقِ وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ
(وَهَلْ يَنْفَسِخُ فِي السِّكَكِ أَعْلَاهَا أَوْ الْجَمِيعُ؟ قَوْلَانِ) ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: هَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ إنْ كَانَتْ سِكَّةُ الدَّنَانِيرِ كُلُّهَا وَاحِدَةً، فَإِنْ كَانَتْ السِّكَّةُ مُخْتَلِفَةً فَقَالَ أَصْبَغُ: يَنْتَقِضُ صَرْفُ أَجْوَدِ الدَّنَانِيرِ.
وَقَالَ سَحْنُونَ: يَنْتَقِضُ الصَّرْفُ كُلُّهُ لِأَنَّ الدِّرْهَمَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ كُلِّ دِينَارٍ ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُ سَحْنُونٍ أَقْيَسُ. اُنْظُرْ سَمَاعَ أَبِي زَيْدٍ، حُكْمُ الْحُلِيِّ الْكَثِيرِ يُوجَدُ فِي وَاحِدٍ مِنْهُ مِسْمَارُ نُحَاسٍ، فَإِنْ كَانَ كُلُّهُ مُسْتَوِيًا لَا تَخْتَلِفُ الْأَغْرَاضُ فِيهِ كَأَنْ يَكُونَ كُلُّهُ خَلَاخِلَ فَإِنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ مِنْهُ خَلْخَالَانِ خَاصَّةً وَلَا يَنْتَقِضُ الْجَمِيعُ، وَكَذَلِكَ هُوَ الْحُكْمُ أَيْضًا إنْ وَجَدَ فِي الثَّمَنِ زَائِفًا. قَالَهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ.
(وَشُرِطَ لِلْبَدَلِ جِنْسِيَّةٌ وَتَعْجِيلٌ) اُنْظُرْ هَذَا فَهُوَ فَرْعُ جَوَازِ الْبَدَلِ فِي الصَّرْفِ وَقَدْ مَنَعَ هُوَ الْبَدَلَ بَعْدَ الْمُفَارَقَةِ فَيَبْقَى إذَا كَانَ هَذَا بِالْحَضْرَةِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ الْبَاجِيِّ: إنْ وَجَدَ نَقْصًا قَبْلَ الْمُفَارَقَةِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا شَاءَ. وَلَمَّا ذَكَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْخِلَافَ فِي الْبَدَلِ فَرَّعَ عَلَى الْجَوَازِ وَقَالَ: شَرْطُ الْبَدَلِ الْجِنْسِيَّةُ وَالتَّعْجِيلُ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا يَقْتَضِي مَنْعَهُ بِعَرْضٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ شَرْطُ عَدَمِ يَسَارَةِ الْعَرْضِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ.
(وَإِنْ اُسْتُحِقَّ مُعَيَّنٌ سُكَّ بَعْدَ مُفَارَقَةٍ أَوْ طُولٍ، أَوْ مَصُوغٌ مُطْلَقًا نُقِضَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا صَرَفْتَ دِينَارًا بِدَرَاهِمَ وَقَبَضْتهَا فَاسْتُحِقَّتْ الدَّرَاهِمُ انْتَقَضَ الصَّرْفُ.
ابْنُ يُونُسَ: حُجَّةُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَمَّا قَبَضَهَا صَارَتْ كَالْمُعَيَّنَةِ، وَسَيَأْتِي لِابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا يَقْتَضِي لِأَنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِالْحَضْرَةِ.
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: لَا يَنْتَقِضُ صَرْفُ مَسْكُوكٍ بِاسْتِحْقَاقِهِ حِينَ عَقْدِهِ إلَّا أَنْ يُعَيَّنَ فَيَجْرِي عَلَى الْخِلَافِ. وَمِنْ
الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا بِحِنْطَةٍ بِعَيْنِهَا فَاسْتُحِقَّتْ الْحِنْطَةُ قَبْلَ أَخْذِ الشَّفِيعِ فُسِخَ الْبَيْعُ وَلَا شُفْعَةَ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ ابْتَاعَ الْحِنْطَةَ بِثَمَنٍ فَاسْتُحِقَّتْ بَطَلَ الْبَيْعُ وَرَجَعَ بِالثَّمَنِ وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَأْتِيَ بِمِثْلِهِمَا، وَإِنْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ أَخْذِ الشَّفِيعِ مَضَى ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَيَرْجِعُ بَائِعُ الشِّقْصِ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِقِيمَةِ النَّقْصِ، وَقَالَهُ سَحْنُونَ. وَالْقَوْلُ إنَّهُ يَرْجِعُ بِثَمَنِ الْحِنْطَةِ غَلَطٌ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا: لَوْ غَصَبَ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَابْتَاعَ بِهَا شِقْصًا فَالشِّرَاءُ جَائِزٌ وَلِلشَّفِيعِ الشُّفْعَةُ مَكَانَهُ وَعَلَى الْغَاصِبِ مِثْلُهَا، وَإِنْ وَجَدَهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِعَيْنِهَا بِيَدِ الْبَائِعِ وَأَقَامَ عَلَيْهَا بَيِّنَةً أَخَذَهَا وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُبْتَاعِ بِمِثْلِهَا وَالْبَيْعُ تَامٌّ.
وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْمَصُوغِ فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَصُوغُ انْتَقَضَ مُطْلَقًا. قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ اشْتَرَى خَلْخَالَيْنِ مِنْ رَجُلٍ بِدَنَانِيرَ فَنَقَدَهَا ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ قَبْلَ تَفَرُّقِ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَاخْتَارَ أَخْذَ الثَّمَنِ فَلَا بَأْسَ إنْ حَضَرَ الْخَلْخَلَانِ وَأَخَذَ الثَّمَنَ مَكَانَهُ، وَلَوْ كَانَ الْمُبْتَاعُ قَدْ بَعَثَ بِهِمَا إلَى بَيْتِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِلَّا نَظَرَ إلَى افْتِرَاقِهِمَا، وَلَكِنْ إذَا حَضَرَ الْخَلْخَالَانِ وَأَخَذَ الْمُسْتَحِقُّ الثَّمَنَ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ الْمُبْتَاعِ مَكَانَهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ غَابَ الْخَلْخَالَانِ لَمْ يَجُزْ.
ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ لِأَنَّ رَبَّ الْخَلْخَالَيْنِ قَدْ مَلَكَ فَسْخَ الْبَيْعِ فَيَرْضَاهُ بِتَمَامِهِ بِبَيْعٍ مُبْتَدَأٍ فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يَحْضُرَ الْخَلْخَالَانِ (وَإِلَّا صَحَّ وَهَلْ إنْ تَرَاضَيَا؟ تَرَدُّدٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَوْ أَنَّهُ سَاعَةَ اُسْتُحِقَّتْ الدَّرَاهِمُ بِالصَّرْفِ فِي الْحَضْرَةِ وَقَدْ قَبَضَهَا قَالَ لَهُ خُذْ مِثْلَهَا مَكَانَهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ جَازَ.
ابْنُ يُونُسَ: إذَا تَرَاضَيَا. قَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: فَإِنْ طَالَ أَوْ تَفَرَّقَا لَمْ يَجُزْ. ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ وَإِنْ تَرَاضَيَا إلَّا بَعْدَ فَسْخِ الْأَوَّلِ ثُمَّ يَسْتَقْبِلَانِ صَرْفًا جَدِيدًا إنْ أَحَبَّا.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: لَا مَعْنَى لِلتَّرَاضِي قَالَ: وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِالتَّرَاضِي لَجَازَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَاعَةَ صَارَفَهُ
(وَلِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَتُهُ إنْ لَمْ يُخْبَرْ الْمُصْطَرِفُ) ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ اُسْتُحِقَّ الْمَصُوغُ انْتَقَضَ مُطْلَقًا، ثُمَّ إنْ كَانَ لَمْ يُخْبَرْ الْمُصْطَرِفُ فَلِلْمُسْتَحِقِّ إجَازَتُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْخِيَارَ الْحُكْمِيَّ لَيْسَ كَالشَّرْطِيِّ، وَإِنْ أَخْبَرَهُ فَهُوَ كَشَرْطِ الْخِيَارِ. اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ.
(وَجَازَ مُحَلًّى وَإِنْ ثَوْبًا يَخْرُجُ مِنْهُ عَيْنٌ إنْ سُكَّ بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ إنْ أُبِيحَتْ وَسُمِّرَتْ) اُنْظُرْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ لَوْ قَالَ " وَجَازَ مُحَلًّى بِأَحَدِ النَّقْدَيْنِ إنْ
أُبِيحَتْ وَسُمِّرَتْ بِغَيْرِ صِنْفِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَبَعًا وَبِصِنْفِهِ إنْ كَانَ الثُّلُثُ " لِتَنْزِلَ عَلَى مَا يَتَقَرَّرُ.
قَالَ ابْنُ شَاسٍ: الْمُحَلَّى الْمُبَاحُ الِاتِّخَاذِ إنْ بِيعَ بِجِنْسِ مَا هُوَ مُحَلًّى بِهِ فَهُوَ مُلْحَقٌ بِالرُّكْنِ الثَّانِي مِنْ الصَّرْفِ فِي تَحْصِيلِ الْمُمَاثَلَةِ وَمَا تَصِحُّ بِهِ، فَالْمُحَاذَرَةُ فِيهِ مِنْ عَدَمِ الْمُسَاوَاةِ. وَإِنْ بِيعَ بِغَيْرِ جِنْسِ مَا هُوَ مُحَلًّى بِهِ فَهُوَ مُلْحَقٌ بِالْبَيْعِ وَالصَّرْفِ.
قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: أَعْنِي فِي بَيْعِ الْمُحَلَّى بِغَيْرِ جِنْسِ مَا هُوَ مُحَلًّى بِهِ لِجَوَازِ اتِّخَاذِ الْمُحَلَّى وَامْتِزَاجِ الْعُرُوضِ بِهِ وَكَوْنِهِ لَا يُنْزَعُ إلَّا بِمَضَرَّةٍ إنْ لَمْ يُحَاذَرْ فِيهِ اجْتِمَاعُ الْبَيْعِ وَالصَّرْفِ. الْبَاجِيُّ: الْقَلَائِدُ الَّتِي لَا يَفْسُدُ غَيْرُ نَظْمِهَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي الْإِبَاحَةِ.
ابْنُ بَشِيرٍ: وَيَلْحَقُ بِالْمُحَلَّى الثِّيَابُ الْمُعْلَمَةُ إذَا كَانَتْ أَعْلَامُهَا إذَا أُحْرِقَتْ خَرَجَ مِنْهَا ذَهَبٌ فَيَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمَ السَّيْفِ الْمُحَلَّى، فَإِنْ كَانَ أَعْلَامُهَا لَوْ أُحْرِقَتْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا شَيْءٌ فَقَدْ تَرَدَّدَ اللَّخْمِيِّ
هَلْ يُعْتَبَرُ مَا فِيهَا مِنْ الذَّهَبِ أَوْ لَا يُعْتَبَرُ لِأَنَّهُ كَالْمُسْتَهْلَكِ (وَعُجِّلَ بِغَيْرِ صِنْفِهِ مُطْلَقًا) أَبُو عُمَرَ: إنْ كَانَتْ الْحِلْيَةُ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ بِجِنْسِهَا وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ جِنْسِ مَا هُوَ مُحَلًّى بِهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَدًا بِيَدٍ.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: أَنَّ بَيْعَ السَّيْفِ الَّذِي فِضَّتُهُ تَبَعٌ بِفِضَّةٍ أَوْ بِذَهَبٍ إلَى أَجَلٍ فُسِخَ إنْ كَانَ قَائِمًا، وَإِنْ فَاتَ أَمْضَيْته لِأَنَّ رَبِيعَةَ كَانَ يُجِيزُ إذَا كَانَ مَا فِي السَّيْفِ وَالْمُصْحَفِ مِنْ الْفِضَّةِ تَبَعًا لَهُ أَنْ يُبَاعَ بِذَهَبٍ إلَى أَجَلٍ (وَبِصِنْفِهِ إنْ كَانَتْ الثُّلُثَ وَهَلْ بِالْقِيمَةِ أَوْ بِالْوَزْنِ خِلَافٌ) الْبَاجِيُّ: مِنْ شُرُوطِ بَيْعِ الْمُحَلَّى بِجِنْسِ مَا هُوَ مُحَلًّى بِهِ أَنْ يَكُونَ مَا فِيهِ مِنْ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ تَبَعًا لِقِيمَةِ الْحُلِيِّ.
وَظَاهِرُ الْمُوَطَّأِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِقِيمَةِ مَا فِيهِ مِنْ الْحُلِيِّ وَلَعَلَّهُ تَجَوَّزَ فِي عِبَارَتِهِ، وَظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي ذَلِكَ بِوَزْنِ الْحُلِيِّ لَا بِقِيمَتِهِ. ابْنُ يُونُسَ: كَالْقَطْعِ فِي السَّرِقَةِ وَكَالزَّكَاةِ إنَّمَا يُرَاعَى فِي ذَلِكَ الْوَزْنُ
فَكَذَلِكَ هَذَا، فَإِذَا كَانَ وَزْنُ الْحُلِيِّ مِائَةً وَقِيمَةُ النَّصْلِ مِائَتَيْنِ فَهِيَ تَبَعٌ.
وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَكِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ خِلَافُ هَذَا (وَإِنْ حُلِّيَ بِهِمَا لَمْ يَجُزْ بِأَحَدِهِمَا إلَّا إنْ تَبِعَا الْجَوْهَرَ) اللَّخْمِيِّ: لَمْ يُخْتَلَفْ فِي الْحُلِيِّ يَكُونُ فِيهِ ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ وَلُؤْلُؤٌ وَجَوْهَرٌ وَالذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ الثُّلُثُ فَأَقَلُّ وَاللُّؤْلُؤُ وَالْجَوْهَرُ الثُّلُثَانِ فَأَكْثَرُ أَنَّهُ يُبَاعُ بِأَقَلَّ مِنْ ذَلِكَ.
ابْنُ بَشِيرٍ: هَلْ يُبَاعُ بِكُلِّ وَاحِدٍ كَائِنًا مَا كَانَ أَوْ يُعْتَبَرُ الْأَقَلُّ مِنْ الْعَيْنِ فَيُبَاعُ بِهِ؟ قَوْلَانِ. وَاَلَّذِي فِي الْكَافِي: إذَا اجْتَمَعَ فِي الْحُلِيِّ الذَّهَبُ وَالْفِضَّةُ وَالْجَوْهَرُ وَكَانَ الَّذِي فِيهِ مِنْ الذَّهَبِ الثُّلُثَ مِنْ جَمِيعِ قِيمَتِهِ فَأَدْنَى فَلَا بَأْسَ أَنْ يُبَاعَ بِالذَّهَبِ مُعَجَّلًا، وَإِذَا كَانَ الَّذِي فِيهِ مِنْ الْفِضَّةِ الثُّلُثَ فَأَدْنَى فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَهُ بِالْفِضَّةِ يَدًا بِيَدٍ اهـ.
اُنْظُرْ هَذَا كُلَّهُ مَعَ خَلِيلٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ خَلِيلٌ حُكْمَ الْحُلِيِّ يَكُونُ ذَهَبًا وَفِضَّةً أَحَدُهُمَا الثُّلُثَانِ وَالْآخَرُ الثُّلُثُ هَلْ يُبَاعُ بِأَقَلَّ ذَلِكَ؟ فَمَنَعَهُ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ اللَّخْمِيِّ: وَالْجَوَازُ أَقْيَسُ وَقَالَهُ أَشْهَبُ إذْ لَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ الْحُلِيِّ وَالسَّيْفِ لِأَنَّ كِلَيْهِمَا فُعِلَ بِوَجْهٍ جَائِزٍ، فَإِذَا رَأَى أَنَّ الْبَيْعَ مِنْ ذَلِكَ فِي السَّيْفِ كَاللَّغْوِ كَانَ فِي الْحُلِيِّ مِثْلُهُ.
وَانْظُرْ قَبْلَ آخِرِ مَسْأَلَةٍ مِنْ رَسْمِ الْقِبْلَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الصَّرْفِ اهـ. وَانْظُرْ سِكَّةَ التَّعَامُلِ حَكَى ابْنُ شَاسٍ أَنَّهَا بِخِلَافِ الْحُلِيِّ، لِأَنَّ الْحُلِيَّ يُقْصَدُ ذَهَبُهُ وَفِضَّتُهُ جَمِيعًا وَالْمَسْكُوكُ إنَّمَا يُقْصَدُ ذَهَبُهُ لَا غَيْرُ قَالَ: وَهَذِهِ مُشَاهَدَةٌ لِأَنَّ هُنَاكَ يُقْصَدُ ذَهَبُهُ وَفِضَّتُهُ.
ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ هُنَا أَنَّ الْمَشْهُورَ مَنْعُ الرِّبَا بَيْنَ السَّيِّدِ وَعَبْدِهِ. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا أَرَى لِمُسْلِمٍ بِبَلَدِ الْحَرْبِ أَنْ يَعْمَلَ بِالرِّبَا مَعَ حَرْبِيٍّ.
(وَجَازَتْ مُبَادَلَةُ الْقَلِيلِ الْمَعْدُودِ دُونَ سَبْعَةٍ بِأَوْزُنَ مِنْهَا) ابْنُ رُشْدٍ: كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُعْطِيَ الرَّجُلُ الْمِثْقَالَ وَيَأْخُذَ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ قِيرَاطًا مَعْدُودَةً مُرَاطَلَةً، لِأَنَّ الشَّيْءَ إذَا وُزِنَ مُجْتَمِعًا ثُمَّ فُرِّقَ زَادَ أَوْ نَقَصَ. وَأَجَازَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ اسْتِحْسَانًا عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ فِي الدِّينَارِ الْوَاحِدِ كَمَا أَجَازُوا مُبَادَلَةَ الدِّينَارِ الْوَازِنِ بِالنَّاقِصِ عَلَى وَجْهِ
الْمَعْرُوفِ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: أَمَّا بَدَلُ دِينَارٍ أَوْ دِرْهَمٍ بِأَوْزُنَ مِنْهُ فَجَائِزٌ وَذَلِكَ فِيمَا قَلَّ بِخِلَافِ الْمُرَاطَلَةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ فِي الْمُرَاطَلَةِ تَتَكَايَسُ وَفِي الْمُبَادَلَةِ مَعْرُوفٌ. ابْنُ رُشْدٍ: يَجُوزُ ذَلِكَ فِيمَا قَلَّ مِثْلَ الدِّينَارَيْنِ وَالثَّلَاثِ إلَى السِّتَّةِ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ كَانَ سَحْنُونَ قَدْ أَصْلَحَ السِّتَّةَ وَرَدَّهَا ثَلَاثَةً اهـ
قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَبْضَعَ مَعَهُ دِينَارٌ لَا بَأْسَ أَنْ يُبَدِّلَهُ بِأَجْوَدَ مِنْهُ عَيْنًا وَوَزْنًا. قِيلَ: أَتَرَى أَنْ يُعْلِمَ صَاحِبَهُ إذَا أَبْدَلَهُ؟ قَالَ: لَا بَأْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ: اسْتَخَفَّهُ لِغَلَبَةِ الظَّنِّ أَنَّ صَاحِبَ الدِّينَارِ يَرْضَى بِذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْلِمَهُ وَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يَجُوزَ ابْتِدَاءً إلَّا بِرِضَاهُ وَأَنْ يَكُونَ ضَامِنًا لَهُ إنْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ إذْ لَا يَلْزَمُهُ قَبُولُ مَعْرُوفِهِ، وَلَعَلَّهُ لَا يَرْضَاهُ فَيَدْخُلُهُ عَدَمُ الْمُنَاجَزَةِ لِلْخِيَارِ الْوَاجِبِ لَهُ
وَتَخْفِيفُهُ جَارٍ عَلَى الْخِيَارِ الْحُكْمِيِّ اهـ. اُنْظُرْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا أَبْضَعَ الرَّجُلُ بِدَنَانِيرَ مَعَ رَجُلٍ وَأَبْضَعَ آخَرُ مَعَهُ بِدَرَاهِمَ يَشْتَرِي لَهُمَا حَاجَتَهُمَا، لَا بَأْسَ أَنْ يَصْرِفَ الدَّنَانِيرَ بِالدَّرَاهِمِ بِصَرْفِ النَّاسِ. وَقَدْ أَجَازَ مَالِكٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ لِمَنْ وُكِّلَ عَلَى الصَّرْفِ أَنْ يَصْرِفَ مِنْ نَفْسِهِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي حَازِمٍ: وَلَا بَأْسَ بِهَذَا إذْ لَا مَضَرَّةَ فِيهِ فَلَا تُشَدِّدُوا عَلَى النَّاسِ هَكَذَا جَرَى فَلَيْسَ كَمَا تُشَدِّدُونَ، وَالْخِلَافُ فِي هَذَا هُوَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ خِيَارٌ لَمْ يَنْعَقِدْ عَلَيْهِ الصَّرْفُ وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ الْحُكْمُ. اُنْظُرْ الْقَبَّابَ (بِسُدُسٍ سُدُسٍ) ابْنُ شَاسٍ: أَبْلَغُ مَا اُعْتُبِرَ مِنْ النَّقْصِ سُدُسُ دِينَارٍ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَعَزَاهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِلْمُدَوَّنَةِ وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْهُ تَحْدِيدًا بَلْ فَرْضًا وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ أَبْدَلَ لَك ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ تَنْقُصُ سُدُسًا سُدُسًا بِوَازِنَةٍ عَلَى الْمَعْرُوفِ جَازَ. وَعَزَا ابْنُ عَرَفَةَ التَّحْدِيدَ بِالسُّدُسِ لِلَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ وَالصَّقَلِّيِّ قَالَ: وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: ظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَدَلُ الطَّعَامِ الْمَعْفُونِ بِالصَّحِيحِ السَّالِمِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَمَنَعَ ذَلِكَ أَشْهَبُ كَالدَّنَانِيرِ إذَا نَقَصَتْ كَثِيرًا. ابْنُ عَرَفَةَ: فَظَاهِرُهُ الِاتِّفَاقُ عَلَى مَنْعِهِ فِي الدَّنَانِيرِ الْكَثِيرَةِ النَّقْصِ وَلَمْ يَحُدَّ فِيهِ حَدًّا وَهُوَ اخْتِيَارُ مَنْ لَقِينَاهُ.
(وَالْأَجْوَدُ أَنْقَصُ أَوْ أَجْوَدُ سِكَّةً مُمْتَنِعٌ) أَمَّا إذَا كَانَ الْأَجْوَدُ أَنْقَصَ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: إنْ كَانَ النَّاقِصُ أَفْضَلَ فِي عَيْنِهِ مِنْ الْوَازِنِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ.
اللَّخْمِيِّ: وَكَذَا إنْ كَانَتْ سِكَّتُهُ أَفْضَلَ مُنِعَ. فَلَوْ قَالَ وَالْأَنْقَصُ أَجْوَدُ أَوْ أَفْضَلُ سِكَّةً مُمْتَنِعٌ لِتَنْزِلَ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ وَاللَّخْمِيِّ (وَإِلَّا جَازَ) يَدْخُلُ بِهِ أَنَّ الْأَزْيَدَ إذَا كَانَ أَجْوَدَ سِكَّةً فَهُوَ جَائِزٌ وَهَذَا هُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَأَمَّا مَالِكٌ فَمَنَعَهُ قَالُوا: لِأَنَّ اجْتِمَاعَ النَّقْصِ مَعَ الرَّدَاءَةِ بِمَنْزِلَةِ مَا نَقَصَ مِنْهُ أَكْثَرُ مِنْ سُدُسِهِ.
وَانْظُرْ هَذَا مَعَ نَصِّ اللَّخْمِيِّ يَجُوزُ بَدَلُ دِينَارٍ طَيِّبٍ بِدَيْنِهِ مَغْشُوشٍ بِنُحَاسٍ أَوْ فِضَّةٍ إذَا كَانَتْ السِّكَّةُ وَاحِدَةً لِأَنَّ ذَلِكَ مُكَارَمَةٌ مِنْ صَاحِبِ الدِّينَارِ الطَّيِّبِ، وَكَذَلِكَ دِينَارٌ مِنْ هَذِهِ الدَّنَانِيرِ الطَّيِّبَةِ مِنْ هَذِهِ الرُّبَاعِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ مَحْمُولَةً بِالْفِضَّةِ لِأَنَّ ذَلِكَ مُكَارَمَةٌ مِنْ صَاحِبِ الدِّينَارِ الطَّيِّبِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فِي بَيْعِ دِرْهَمٍ مَغْشُوشٍ بِدِرْهَمٍ طَيِّبٍ: لَا بَأْسَ بِهِ وَإِنَّمَا يُشْبِهُ هَذَا الْبَدَلُ.
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: إنْ دَخَلَ أَحَدُ الدِّرْهَمَيْنِ بِشَيْءٍ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ إلَّا أَنْ يُحِيطَ الْعِلْمُ أَنَّ الدَّاخِلَ فِيهِمَا سَوَاءٌ نَحْوَ السِّكَّةِ الْوَاحِدَةِ.
ابْنُ رُشْدٍ: وَمَنَعَ شَيْخُنَا
ابْنُ رِزْقٍ مُرَاطَلَةَ الذَّهَبِ الْعَبَّادِيَّةِ بِالذَّهَبِ الْعَبَّادِيَّةِ لِأَنَّهَا ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ، أَوْ ذَهَبٌ وَنُحَاسٌ بِذَهَبٍ وَنُحَاسٍ، وَذَلِكَ إغْرَاقٌ وَلَا أَقُولُ بِهِ بَلْ ذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّ الْفِضَّةَ الَّتِي مَعَ هَذِهِ كَالْفِضَّةِ الَّتِي مَعَ هَذِهِ، وَالنُّحَاسَ الَّذِي مَعَ هَذِهِ كَالنُّحَاسِ الَّذِي مَعَ هَذِهِ، وَلَا يُتَّقَى فِي هَذَا مَا يُتَّقَى فِي ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ مُنْفَصِلَيْنِ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ مُنْفَصِلَيْنِ اهـ.
اُنْظُرْ هَذَا فَلَا شَكَّ أَنَّهُ فَرْعُ جَوَازِ التَّعَامُلِ بِالْمَغْشُوشِ وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الرِّضَا بِالزَّائِفِ فَرْعُ جَوَازِ الْمُعَامَلَةِ بِهِ، وَسَيَأْتِي قَوْلُ الْبَاجِيِّ فِي الْقِرَاضِ أَنَّ الْقِرَاضَ بِهَذِهِ السِّكَكِ الْمَخْلُوطَةِ أَجْوَزُ مِنْهُ بِالْفُلُوسِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: أَمَّا مُرَاطَلَةُ الذَّهَبِ الْخَالِصَةِ بِالذَّهَبِ الَّتِي لَيْسَتْ بِخَالِصَةٍ كَالْمُرَاطَلَةِ بِالْعَبَّادِيَّةِ، فَمِنْ الشُّيُوخِ مَنْ أَجَازَهُ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فِي إجَازَةِ مُبَادَلَةِ الدِّرْهَمِ السَّتُّوقِ بِالدِّرْهَمِ الْجِيَادِ وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ كَانَ لَا يُجِيزُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّفَاضُلِ بَيْنَ الذَّهَبَيْنِ وَيَقُولُ: مَعْنَى قَوْلِ أَشْهَبَ الْيَسِيرُ مِنْ الدَّرَاهِمِ قِيَاسًا عَلَى مَا أَجَازُوا مِنْ بَدَلِ النِّقَاصِ بِالْوَازِنِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ وَهُوَ الصَّحِيحُ مِنْ الْأَقْوَالِ.
(وَمُرَاطَلَةُ عَيْنٍ بِمِثْلِهِ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْمُرَاطَلَةُ بَيْعُ ذَهَبٍ بِهِ وَزْنًا أَوْ فِضَّةٍ كَذَلِكَ. فَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ " بَيْعُ عَيْنٍ بِمِثْلِهِ وَزْنًا " يُرَدُّ بِقُصُورٍ عَلَى الْعَيْنِ دُونَ أَصْلِهَا (بِصَنْجَةٍ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَلَا بَأْسَ بِالْمُرَاطَلَةِ بِالصَّنْجَةِ فِي كِفَّةٍ وَاحِدَةٍ. ابْنُ رُشْدٍ هِيَ أَصَحُّ لِتَيَقُّنِ الْمُمَاثَلَةِ إذْ قَدْ يَكُونُ عَيْبٌ فِي الْمِيزَانِ. وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ: لَا بَأْسَ بِالْمُرَاطَلَةِ بِالشَّاهِينِ. ابْنُ عَرَفَةَ: أَظُنُّهُ القرسطون وَهُوَ لَا يَحْصُلُ تَحْقِيقًا لِأَنَّ الْوَازِنَيْنِ فِيهِ قَدْ يَخْتَلِفَانِ (أَوْ كِفَّتَيْنِ) فِيهِمَا: وَجْهُ الْمُرَاطَلَةِ اعْتِدَالُ الْكِفَّتَيْنِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَجَاوَزَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ رُجْحَانَ شَيْءٍ. رَاطَلَ أَبُو بَكْرٍ أَبَا رَافِعٍ خَلْخَالَيْنِ بِدَرَاهِمَ فَرَجَحَتْ دَرَاهِمُ أَبِي رَافِعٍ فَقَالَ هُوَ لَك حَلَالٌ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إنْ أَحْلَلْته أَنْتَ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِلُّهُ.
(وَلَوْ لَمْ يُوزَنَا عَلَى الْأَرْجَحِ) مَنَعَ الْقَابِسِيُّ أَنْ يُرَاطِلَ سَكِّيًّا بِحُلِيٍّ قَبْلَ مَعْرِفَةِ وَزْنِ السِّكِّيِّ إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُ السِّكِّيِّ جُزَافًا، وَأَجَازَ ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ لِأَنَّهُ مُتَّفِقُ الْوَزْنِ. وَقِيلَ عَنْ الْقَابِسِيِّ: إنَّهُ كَرِهَ أَنْ يَتَرَاطَلَا دَرَاهِمَ بِدَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ بِدَنَانِيرَ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَزْنَ دَرَاهِمِهِ أَوْ ذَهَبِهِ. ابْنُ يُونُسَ: وَالصَّوَابُ جَوَازُ ذَلِكَ إذْ لَا غَرَرَ فِيهِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَأْخُذُ مِثْلَ دَرَاهِمِهِ أَوْ مِثْلَ وَزْنِ ذَهَبِهِ. وَفِي الْمُوَطَّأِ: لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ أَحَدَ عَشَرَ دِينَارًا بِعَشْرَةِ دَنَانِيرَ إذَا كَانَ وَزْنُ الذَّهَبَيْنِ سَوَاءً (وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَوْ بَعْضُهُ أَجْوَدَ لَا أَدْنَى وَأَجْوَدُ) لَوْ قَالَ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا بَعْضُهُ أَجْوَدَ وَبَعْضُهُ أَدْنَى امْتَنَعَ وَإِلَّا جَازَ لِتَنْزِلَ عَلَى مَا يَتَقَرَّرُ. ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ اسْتَوَى الذَّهَبَانِ فِي الْعَيْنِ فَلَا شَكَّ فِي الْجِوَارِ وَإِنْ اخْتَلَفَا
وَلَمْ يَخْتَلِطَا فَكَذَلِكَ. وَإِنْ اخْتَلَطَا حَتَّى كَانَ أَحَدُ الذَّهَبَيْنِ أَرْدَأَ وَمَعَهُ ذَهَبٌ أَجْوَدُ فَهَاهُنَا يُنْظَرُ، فَإِنْ كَانَ الْمُفْرَدُ أَرْدَأَ أَوْ أَجْوَدَ مِنْ جَمِيعِ الْمُخْتَلَطِ الَّذِي يُقَابِلُهُ فَلَا خِلَافَ فِي الْجَوَازِ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُنْفَرِدَةُ تُسَاوِي أَحَدَ الْمُخْتَلِطَيْنِ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ لِأَنَّ الْفَضْلَ فِي أَحَدِ الْجِهَتَيْنِ
ابْنُ يُونُسَ: تَحْصِيلُ ذَلِكَ أَنْ تُنْظَرَ، فَإِنْ كَانَتْ الْمُنْفَرِدَةُ مُتَوَسِّطَةً تَكُونُ أَجْوَدَ مِنْ إحْدَى الذَّهَبَيْنِ وَأَرْدَأَ مِنْ الْأُخْرَى لَمْ يَجُزْ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَجَائِزٌ. اُنْظُرْ بِالنِّسْبَةِ لِلطَّعَامِ مَنَعَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُدَّ قَمْحٍ وَمُدَّ شَعِيرٍ بِمِثْلِهِمَا، وَكَذَلِكَ مُدَّيْنِ مِنْ حِنْطَةٍ بِمُدٍّ مِنْ حِنْطَةٍ وَمُدٍّ مِنْ شَعِيرٍ.
(وَالْأَكْثَرُ عَلَى تَأْوِيلِ السِّكَّةِ وَالصِّيَاغَةِ كَالْجَوْدَةِ) اُنْظُرْ هَذَا فَإِنَّهُ مُشْكِلٌ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ السِّكَّةَ وَالصِّيَاغَةَ وَالْعَدَدَ مُلْغَاةٌ فِي الْمُرَاطَلَةِ. ابْنُ بَشِيرٍ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا يَدُورُ فَضْلٌ بِسِكَّةٍ لِأَنَّهَا غَيْرُ زَائِدَةٍ عَلَى الْعَيْنِ وَإِنَّمَا هِيَ عَلَامَةٌ يُمَيَّزُ بِهَا. ابْنُ يُونُسَ: ظَاهِرُ النُّصُوصِ أَنْ لَا تُرَاعَى سِكَّةٌ وَلَا صِيَاغَةٌ اهـ. اُنْظُرْ مُرَاطَلَةَ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ شَرِيكَهُ فِي حُلِيٍّ بَيْنَهُمَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُهَا. اللَّخْمِيِّ: وَالدِّينَارُ وَالدِّرْهَمُ مِثْلُ الْحُلِيِّ، وَأَمَّا النُّقْرَةُ فَأَجَازَهَا فِيهِمَا ابْنُ الْقَاسِمِ، وَمَنَعَهَا أَشْهَبُ بِخِلَافِ لَوْ بَاعَ أَحَدُ الْوَرَثَةِ نَصِيبَهُ مِنْ الْحُلِيِّ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا بِوَزْنِهِ مِنْ جِنْسِهِ وَلَا بِنَقْدِ غَيْرِ جِنْسِهِ. وَانْظُرْ رَسْمَ سَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الصَّرْفِ.
(وَمَغْشُوشٌ بِمِثْلِهِ وَبِخَالِصٍ وَالْأَظْهَرُ خِلَافُهُ) تَقَدَّمَ هَذَا قَبْلَ قَوْلِهِ " وَمُرَاطَلَةُ "
(وَلِمَنْ يَكْسِرُهُ أَوْ لَا يَغُشُّ بِهِ وَكُرِهَ مِمَّنْ لَا يُؤْمَنُ) ابْنُ رُشْدٍ: يَجُوزُ أَنْ تُبَاعَ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ الْمَغْشُوشَةُ بِالنُّحَاسِ مِمَّنْ يَكْسِرُهَا أَوْ مِمَّنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغُشُّ بِهَا، وَيُكْرَهُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مِمَّنْ لَا يُؤْمَنُ أَنْ يَغِشَّ بِهَا مِثْلَ الصَّيَارِفَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَشْبَاهِهِمْ، وَيَخْتَلِفُ هَلْ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مِمَّنْ لَا يَدْرِي مَا يَصْنَعُ بِهَا؟ فَأَجَازَهُ ابْنُ وَهْبٍ.
وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَغَيْرِهِ مِنْ السَّلَفِ جَاءَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَيُّمَا رَجُلٍ زَافَتْ عَلَيْهِ وَرِقُهُ فَلَا يَخْرُجُ يُحَالِفُ النَّاسَ عَلَى أَنَّهَا طُيُوبٌ وَلَكِنْ لِيَقُلْ مَنْ يَبِيعُنِي بِهَذِهِ الزُّيُوفِ؟
وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَالِكٌ (وَفُسِخَ مِمَّنْ يَغُشُّ إلَّا أَنْ يَفُوتَ فَهَلْ يَمْلِكُهُ أَوْ يَتَصَدَّقُ بِالْجَمِيعِ أَوْ
بِالزَّائِدِ عَلَى مَنْ لَا يَغُشُّ؟ أَقْوَالٌ) ابْنُ رُشْدٍ: إنْ بَاعَهُ مِمَّنْ يَغُشُّ بِهِ وَجَبَ رَدُّهُ إنْ قَدَرَ، فَإِنْ عَجَزَ فَفِي وُجُوبِ الصَّدَقَةِ بِكُلِّ ثَمَنِهِ أَوْ بِالزَّائِدِ عَلَى قِيمَةِ بَيْعِهِ مِمَّنْ لَا يَغُشُّ، ثَالِثُهَا لَا يَجِبُ صَدَقَتُهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ إلَّا اسْتِحْبَابًا.
وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُبَاعَ الْعِنَبُ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا لَا مِنْ مُسْلِمٍ وَلَا مِنْ يَهُودِيٍّ. ابْنُ رُشْدٍ: يَدُلُّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَلَا يُفْسَخُ إذْ لَيْسَ فِيهِ فَسَادٌ فِي ثَمَنٍ وَلَا مَثْمُونٍ وَتَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ لِأَنَّهُ أَعَانَ عَلَى إثْمٍ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِمَا زَادَ فِي ثَمَنِهِ بِبَيْعِهِ لِلْخَمْرِ. وَهَذَا الْحُكْمُ أَيْضًا يَلْزَمُهُ بِعَيْنِهِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذَا فَاتَ فَإِنْ لَمْ يَفُتْ فَإِنَّهُ يُفْسَخُ. وَحُكْمُ بَيْعِ
السِّلَاحِ مِمَّنْ يُقَاتِلُ بِهِ الْمُسْلِمِينَ كَحُكْمِ بَيْعِ الْعِنَبِ مِمَّنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا.
(وَقَضَاءُ قَرْضٍ بِمُسَاوٍ وَأَفْضَلَ صِفَةً) . ابْنُ عَرَفَةَ: الِاقْتِضَاءُ عُرْفًا قَبْضُ مَا فِي ذِمَّةِ غَيْرِ الْقَابِضِ وَهُوَ فِي الْقَرْضِ بِالْمُمَاثِلِ وَالْأَجْوَدُ صِفَةً جَائِزٌ. الشَّيْخُ رحمه الله: وَلَوْ قَبْلَ الْأَجَلِ. (وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ بِأَقَلَّ صِفَةً وَقَدْرًا) ابْنُ بَشِيرٍ: وَإِنْ قَضَى فِي الْقَرْضِ أَنْقَصَ جَازَ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ فِي الْعَدَدِ أَوْ فِي الصِّفَةِ أَوْ فِيهِمَا. وَهَذَا إذَا حَلَّ الْأَجَلُ، وَأَمَّا قَبْلَهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ " ضَعْ وَتَعَجَّلْ "(لَا أَزْيَدَ عَدَدًا) مِنْ رَسْمِ أَسْلَمَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ إذَا بَاعَ بِنِصْفِ دِينَارٍ مَنْ صَرَفَ عِشْرِينَ بِدِينَارٍ لَيْسَ لَهُ إلَّا عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَإِنْ غَلَا الدِّينَارُ، وَإِذَا بَاعَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ مَنْ صَرَفَ عِشْرِينَ بِدِينَارٍ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا نِصْفَ عِشْرِينَ بِدِينَارٍ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا نِصْفَ دِينَارٍ وَإِنْ رَخُصَ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ نَقْدًا مِنْ سَلَفٍ أَسْلَفَهُ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي السَّلَفِ دَرَاهِمَ عَنْ دَنَانِيرَ، وَدَنَانِيرَ عَنْ دَرَاهِمَ بِخِلَافِ الْبَيْعِ لَا يَجُوزُ مِمَّنْ خَرَجَتْ مِنْ يَدِهِ دَنَانِيرُ عَلَى سَبِيلِ الْبَيْعِ أَنْ يَأْخُذَ بِهَا دَرَاهِمَ. وَانْظُرْ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْمَعْنَى إذَا اشْتَرَى بِدَرَاهِمَ فَدَفَعَ فِيهَا طَعَامًا أَوْ ذَهَبًا ثُمَّ رَدَّ الْمَبِيعَ بِعَيْبٍ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْوَجْهِ الْوَاحِدِ بِمَا دَفَعَ.
وَفِي الْوَجْهِ الْآخَرِ بِمَا عَقَدَا. اللَّخْمِيِّ: الصَّحِيحُ فِي الْمَذْهَبِ جَوَازُ أَنْ يَقْضِيَهُ فِي الْقَرْضِ أَكْثَرَ عَدَدًا. وَأَجَازَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ.
وَفِي الرِّسَالَةِ: وَمَنْ رَدَّ فِي الْقَرْضِ أَكْثَرَ عَدَدًا فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَرْطٌ وَلَا
رَأْيٌ وَلَا عَادَةٌ، فَأَجَازَهُ أَشْهَبُ وَكَرِهَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَمْ يُجِزْهُ.
(أَوْ وَزْنًا إلَّا كَرُجْحَانِ مِيزَانٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ قَضَاهُ فِي الْقَرْضِ أَزْيَدَ فِي الْمِقْدَارِ وَكَانَ التَّعَامُلُ وَزْنًا فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَا إذَا قَضَاهُ أَزْيَدَ عَدَدًا. وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ الرِّسَالَةِ.
وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: إنْ كَانَتْ الدَّرَاهِمُ بِالْمِيزَانِ جَازَ الرُّجْحَانُ إذَا كَانَ يَسِيرًا وَيُكْرَهُ مَا كَثُرَ مِنْ ذَلِكَ. هَذَا قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، ثُمَّ رَشَّحَ الْجَوَازَ. وَلَمْ يَذْكُرْ خَلِيلٌ حُكْمَ الزِّيَادَةِ فِي الْوَزْنِ إذَا كَانَ التَّعَامُلُ بِالْعَدَدِ. وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ أَسْلَفْت رَجُلًا مِائَةَ دِرْهَمٍ عَدَدًا وَزْنُهُ نِصْفُ دِرْهَمٍ نِصْفُ دِرْهَمٍ، فَقَضَاك مِائَةَ دِرْهَمٍ وَازِنَةً عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ جَازَ. ابْنُ يُونُسَ: هَذَا بِبَلَدٍ تَجُوزُ الدَّرَاهِمُ عَدَدًا، وَأَمَّا فِي بَلَدٍ لَا تَجُوزُ فِيهِ إلَّا وَزْنًا فَلَا يَجُوزُ بَيْعُهَا وَلَا قَرْضُهَا إلَّا وَزْنًا، فَيَجُوزُ حِينَئِذٍ أَنْ يَقْضِيَكَ مِنْ مِائَةٍ أَنْصَافًا وَزْنُهَا خَمْسُونَ دِرْهَمًا عَدَدًا مِثْلَ وَزْنِهَا انْتَهَى.
وَتَأَمَّلْ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ فَإِنَّهُ يُبَيِّنُ لَك أَنَّ مَنْ تَسَلَّفَ عَشَرَةَ قَرَارِيطَ فَرَدَّ فِيهَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ صِغَارًا وَتَسَلَّفَ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ صِغَارًا فَرَدَّ فِيهَا عَشَرَةَ دَرَاهِمَ كِبَارًا قَطُّ مَا هِيَ مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ كَمَا يَقُولُ بَعْضُهُمْ، لِأَنَّ قَطُّ مَا هُوَ الصَّغِيرُ يَجُوزُ بِجَوَازِ الْكَبِيرِ اُنْظُرْ تَسَلَّفَ الْجِيرَانُ الْخُبْزَ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، كَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله يَقُولُ: قَدْ صَارَتْ الزِّيَادَةُ فِي الْخَبْزَةِ كَالزِّيَادَةِ فِي الصِّفَةِ، فَقَدْ لَا يَجْمُلُ بَيْنَ الْجِيرَانِ أَنْ يَرُدَّ فِي خَبْزَةِ السَّلَفِ خَبْزَةً وَكِسْرَةً عَلَيْهَا أَوْ خَبْزَةً وَيَأْخُذَ مِنْهَا حَاشِيَةً مِنْ أَجْلِ التَّحَرِّي. وَإِذَا جَعَلْنَاهَا بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ الزِّيَادَةُ وَالنَّقْصُ فِيهَا بِمَنْزِلَةِ الْوَصْفِ سَهُلَ الْأَمْرُ لَا سِيَّمَا وَذَلِكَ أَيْضًا جَائِزٌ عَلَى مَا اخْتَارَ اللَّخْمِيِّ وَقَوْلِ أَشْهَبَ.
(أَوْ دَارَ فَضْلٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) ابْنُ بَشِيرٍ: لَوْ قَضَى فِي الْقَرْضِ أَفْضَلَ فِي شَيْءٍ حَتَّى يَكُونَ
الْأَفْضَلُ دَائِرًا فِي الذِّمَّةِ وَفِي الْمُقْتَضَى فَلَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ وَسَيَأْتِي مَا الَّذِي يَدُورُ بِهِ الْفَضْلُ (وَثَمَنُ الْمَبِيعِ مِنْ الْعَيْنِ كَذَلِكَ وَجَازَ بِأَكْثَرَ) ابْنُ عَرَفَةَ: الِاقْتِضَاءُ فِي ثَمَنِ الْمَبِيعِ الْمُعَيَّنِ كَالْقَرْضِ وَيَجُوزُ الْأَفْضَلُ مُطْلَقًا.
قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: قَوْلُ مَالِكٍ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُعْطِيَهُ فَضْلَ عَدَدٍ فِي عَيْنٍ وَلَا فِي طَعَامٍ، مَعْنَاهُ إذَا كَانَ مَا عَلَيْهِ مِنْ قَرْضٍ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ بَيْعٍ فَيَجُوزُ، يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ سَلَّفَ إلَى رَجُلٍ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ شَكَا إلَيْهِ الْغَلَاءَ فَزَادَهُ مِائَةً أُخْرَى إلَى الْأَجَلِ أَوْ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ اتَّقَى فِي الْقَرْضِ أَنْ يَكُونَ سَلَفًا جَرَّ مَنْفَعَةً وَلَا يَدْخُلُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعُ.
(وَدَارَ فَضْلٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ بِسِكَّةٍ وَصِيَاغَةٍ وَجَوْدَةٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: يَدُورُ الْفَضْلُ فِي الذِّمَّةِ وَفِي الْمُقْتَضَى بِالسِّكَّةِ وَالصِّيَاغَةِ وَالْجَوْدَةِ وَالْعَدَدِ وَكَثْرَةِ الْوَزْنِ انْتَهَى
وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُ لَا يَقْتَضِي مَسْكُوكًا عَنْ مَصُوغٍ وَلَا عَكْسَ.
وَنَقَلَ ابْنُ مُحْرِزٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ
وَفِي النَّوَادِرِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ نَكَحَ بِدَنَانِيرَ ثُمَّ أَعْطَى فِيهَا سَوَارِيَ ذَهَبٍ لَمْ يَجُزْ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَإِنْ أَعْطَاهَا فِي الدَّنَانِيرِ قِلَادَةً فِيهَا ذَهَبٌ يَسِيرٌ مِمَّا يُبَاعُ مِثْلُهَا بِذَهَبٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ.
وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ: لَا تَقْتَضِي مِنْ دَنَانِيرَ تَجُوزُ عَدَدًا حُلِّيَ ذَهَبٍ بِوَزْنِ دَنَانِيرَ.
قَالَ: وَيَجُوزُ اقْتِضَاءُ الذَّهَبِ الْمُرَابِطِيَّةِ مِنْ الْعَبَّادِيَّةِ لِأَنَّ الْعَبَّادِيَّةِ أَدْنَى فِي الْمِعْيَارِ وَأَقَلُّ فِي الْوَزْنِ فَصَارَ الْفَضْلُ بِذَلِكَ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: لَوْ ثَبَتَ لَهُ فِي ذِمَّتِهِ ذَهَبٌ مَصُوغٌ أَوْ مَسْكُوكٌ لَمْ يَجُزْ أَنْ يُتَّخَذَ تِبْرًا أَفْضَلُ لِأَنَّ الصِّيَاغَةَ ثَبَتَتْ فِي ذِمَّتِهِ فَتَرَكَهَا عِوَضًا عَنْ جَوْدَةِ التِّبْرِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمُرَاطَلَةُ، لِأَنَّ الصِّيَاغَةَ لَمْ تَثْبُتْ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا تَأْثِيرَ لَهَا. ابْنُ عَرَفَةَ: صُوَرُ الِاقْتِضَاءِ فِي الدَّنَانِيرِ فِي الْمَجْمُوعَةِ وَالْقَائِمَةِ وَالْفُرَادَى سِتٌّ مَجْمُوعَةٌ مِنْهَا وَمُرَكَّبَةٌ مِنْهَا وَعَكْسُهُ وَإِحْدَاهُمَا مِنْ الْأُخْرَى عَكْسُهُ بِالْمَجْمُوعَةِ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: هِيَ الْمَقْطُوعَةُ
النَّاقِصَةُ تُجْمَعُ فِي الْكَيْلِ. ابْنُ عَرَفَةَ: يُرِيدُ الْمُعْتَبَرَ وَزْنُهَا مِنْ حَيْثُ جَمْعُهَا لَا مِنْ حَيْثُ آحَادُهَا. وَالْقَائِمَةُ هِيَ الْمِائَةُ الْجِيَادُ إذَا جُمِعَتْ مِائَةً زَادَتْ فِي الْوَزْنِ مِثْلَ الدِّينَارِ. وَالْفُرَادَى إذَا جُمِعَتْ فِي الْوَزْنِ نَقَصَتْ فِي الْمِائَةِ مِثْلَ الدِّينَارِ.
وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: الْقَائِمُ يَزِيدُ حَبَّةً، وَالْمَجْمُوعُ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ، وَالْفُرَادَى وَالْقَائِمُ مَعْلُومَا الْوَزْنِ بِخِلَافِ الْمَجْمُوعِ.
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: لِلْقَائِمَةِ فَضْلُ الْوَزْنِ وَالْعَيْنِ، وَلِلْمَجْمُوعَةِ فَضْلُ الْعَدَدِ وَنَقْصُ الصِّفَةِ، وَلِلْفُرَادَى نَقْصُ الْوَزْنِ وَقَدْ تَكُونُ خَالِصَةً أَوْ دُونَ ذَلِكَ انْتَهَى.
ابْنُ عَرَفَةَ: مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ مَنْعُ الْمَجْمُوعَةِ مِنْ الْقَائِمَةِ، وَكَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله يَقُولُ: هَذَا الَّذِي يَتَرَتَّبُ لَهُ فِي ذِمَّةِ آخَرَ ثَمَانُونَ دِرْهَمًا لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ أُوقِيَّةً مِنْ دَرَاهِمَ وَيَقُولُ الثَّمَانُونَ دِرْهَمًا هِيَ أُوقِيَّةٌ قَالَ: لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ اقْتِضَاءِ الْمَجْمُوعِ مِنْ الْقَائِمِ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لِأَنَّهُ تَرْكُ فَضْلِ عَيْنٍ وَوَزْنٍ لِكَثْرَةِ عَدَدٍ.
وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا جَوَازُ الْعَكْسِ فَلَهُ أَنْ يَقْتَضِيَ قَائِمَةً عَنْ مَجْمُوعَةٍ، وَتُعُقِّبَ هَذَا بِأَنَّ دَوَرَانَ الْفَضْلِ أَيْضًا بَاقٍ. اُنْظُرْ الْجَوَابَ فِي ابْنِ عَرَفَةَ، وَانْظُرْ قَوْلَ سَيِّدِي ابْنِ سِرَاجٍ رحمه الله أَنَّ دَنَانِيرَ قَائِمَةٌ، وَأَمَّا الْفُرَادَى فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا أَنْ لَا تَقْتَضِيَ مِنْهُمَا الْمَجْمُوعَةُ وَلَا أَيْضًا يَجُوزُ أَنْ تَقْتَضِيَ هِيَ مِنْ الْمَجْمُوعَةِ لِدَوَرَانِ فَضْلِ عُيُونِ الْفُرَادَى وَفَضْلِ وَزْنِ الْمَجْمُوعَةِ، وَأَمَّا اقْتِضَاءُ الْفُرَادَى مِنْ الْقَائِمَةِ وَعَكْسُهُ فَجَائِزٌ انْتَهَى.
وَانْظُرْ الْقَرَارِيطَ وَالْأَثْمَانَ هَلْ تَقْتَضِي مِنْ الْقَائِمَةِ وَالْفُرَادَى؟ وَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ: مَا دُونَ الدِّينَارِ كَالْمَجْمُوعِ ثُمَّ قَالَ: فَمَنْ لَك عَلَيْهِ دِينَارٌ مِنْ قَرْضٍ أَوْ بَيْعٍ فَلَا تَأْخُذْ بِهِ ثَلَاثَةَ أَثْلَاثٍ وَلَا نِصْفَيْنِ، وَكَذَلِكَ مَنْ لَك عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَيَجُوزُ هَذَا فِي الْمُرَاطَلَةِ.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَأْخُذُ عَنْ دِرْهَمَيْنِ فُرَادَى عَرَفَ وَزْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَمْ يُجْمَعَا فِي الْوَزْنِ وَزْنَهُمَا تِبْرَ فِضَّةٍ مِثْلَ جَوْدَتِهَا أَوْ أَقَلُّ، لِأَنَّ وَزْنَ الْفُرَادَى يَزِيدُ عَلَى الْمَجْمُوعَةِ الْحَبَّةَ أَوْ الْحَبَّتَيْنِ أَوْ يَنْقُصُ.
قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: مَعْنَاهَا أَنَّهُ عَرَفَ وَزْنَهُمَا تَحَرِّيًا، وَلَوْ كَانَ تَحْقِيقًا لَجَازَ لِاتِّفَاقِ وَزْنِ الْمَجْمُوعِ وَالْفُرُوقِ.
وَإِنَّمَا يُتَّقَى اخْتِلَافُهُمَا فِيمَا كَثُرَ وَنَحْوِهِ نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَشْهَبَ إنْ عَرَفَ وَزْنَ كُلٍّ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ جَازَ قَضَاؤُهُمَا تِبْرًا مُفْرَدَيْنِ وَمَجْمُوعَيْنِ.
وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: يَجُوزُ قَضَاءُ وَزْنِ كُلِّ دِرْهَمٍ مُفْرَدًا فِضَّةً.
وَسَمِعَ الْقَرِينَانِ: لَا بَأْسَ عَلَى مَنْ ابْتَاعَ بِدَانِقٍ ثُمَّ بَدَا حَتَّى كَثُرَتْ أَنْ يَقْضِيَ عَنْهَا دَرَاهِمَ وَدِينُ اللَّهِ يُسْرٌ. ابْنُ رُشْدٍ: إنَّمَا خَفَّفَهُ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِجَوَازٍ لِأَنَّ الدَّوَانِقَ لَوْ جُمِعَتْ بَعْدَ وَزْنِهَا فُرَادَى مَقْطُوعَةً لَمْ يَكُنْ بُدٌّ أَنْ تَنْقُصَ عَنْ وَزْنِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي قَضَاهُ أَوْ تَزِيدَ، وَقَدْ اتَّقَى هَذَا فِي مَسْأَلَةٍ قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ اسْتَهْلَكَ لَك دِرْهَمَيْنِ فُرَادَى لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْطِيَك وَزْنَ الدِّرْهَمَيْنِ فِضَّةً إلَّا أَنْ يُعْطِيَك مِنْ الْفِضَّةِ وَزْنَ كُلِّ دِرْهَمٍ عَلَى حِدَةٍ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَزِيدَ وَزْنُ الْمَجْمُوعَةِ عَلَى الْفُرَادَى، وَقَدْ تَقَدَّمَ
هَذَا النَّصُّ وَقَوْلُ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ فِيهِ.
قَالَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله: أَظُنُّ هَذَا الْقَرَوِيَّ ابْنَ مُحْرِزٍ: وَفَسَّرَ ابْنُ رُشْدٍ سَمَاعَ أَبِي زَيْدٍ لَا خَيْرَ فِي قَضَاءِ نِصْفَيْنِ وَازِنَيْنِ عَنْ دِينَارٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الدِّينَارُ عِنْدَهُ لَهُ وَزْنٌ مَعْلُومٌ، فَيَجُوزُ عَنْهُ نِصْفَانِ وَازِنَانِ كَوَزْنِهِ أَوْ أَفْضَلُ، لِأَنَّ الْفَضْلَ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، وَلَوْ كَانَ الدِّينَارُ أَفْضَلَ لَمْ يَجُزْ.
وَمِنْ النَّوَادِرِ: إنْ كَانَ الدِّينَارُ مَجْمُوعًا وَقَدْ حَلَّ فَاقْتَضَى نِصْفَهُ ذَهَبًا وَأَخَذَ نِصْفَهُ وَرِقًا أَوْ عَرْضًا فَذَلِكَ جَائِزٌ، لِأَنَّ الدِّينَارَ الْمَجْمُوعَ بِمَنْزِلَةِ الدَّنَانِيرِ لَهُ أَنْ يَقْتَضِيَ بَعْضَهَا وَيَأْخُذَ بَعْضَهَا دَرَاهِمَ أَوْ سِلْعَةً بِخِلَافِ الدِّينَارِ الْوَاحِدِ الْقَائِمِ فَلَا يَقْتَضِي بَعْضَهُ ذَهَبًا وَبَعْضَهُ عَرْضًا أَوْ وَرِقًا.
وَعِبَارَةُ الْكَافِي: إذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ دِينَارٌ سَلَفًا أَوْ مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ فَلَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يَأْخُذَ نِصْفَهُ ذَهَبًا وَنِصْفَهُ دَرَاهِمَ، لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ عِنْدَهُ ذَهَبٌ وَدَرَاهِمُ بِذَهَبٍ وَقَدْ أَجَازَهُ أَشْهَبُ. ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: وَمَنْ كَانَ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دِينَارٌ فَأَرَادَ أَنْ يُقَطِّعَهُ عَلَيْهِ دَرَاهِمَ فَأَخَذَ مِنْهَا عِنْدَ كُلِّ نَجْمٍ شَيْئًا مَعْلُومًا لَمْ يَجُزْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ جُزْءًا مِنْ ذَلِكَ الدِّينَارِ عِنْدَ كُلِّ نَجْمٍ ذَهَبًا أَوْ وَرِقًا بِصَرْفِ ذَلِكَ الْيَوْمِ الَّذِي يَقْبِضُهُ فِيهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ انْتَهَى.
اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ ابْنِ عَرَفَةَ " مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ مَنْعُ الْمَجْمُوعَةِ مِنْ الْقَائِمَةِ "، وَانْظُرْ ثَالِثَ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ فِيمَنْ اشْتَرَى بِدِينَارٍ وَرُبْعٍ أَنَّهُ يُعْطِي فِي الرُّبْعِ دَرَاهِمَ أَوْ تِبْرًا ذَهَبًا مِثْلَ تِبْرِ الرُّبْعِ أَوْ أَدْنَى وَيَجُوزُ أَنْ يُعْطِيَهُ عَرْضًا.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْوَاجِبُ لَهُ بِالْحُكْمِ صَرْفُ الرُّبْعِ دَرَاهِمَ وَالثَّالِثُ فِي ذِمَّتِهِ ذَهَبٌ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُعْطِيَ مَا يُعْطِي عَنْ الذَّهَبِ وَعَنْ الدَّرَاهِمِ نَقْدًا.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَأْتِي إلَى السَّقَّاطِ فَيَأْخُذُ مِنْهُ بِرُبْعِ دِينَارٍ زَبِيبًا وَبِرُبْعٍ تَمْرًا وَبِرُبْعٍ سَوِيقًا وَيَخْلُفُ عِنْدَهُ دِينَارًا يَكُونُ بِهِ شَرِيكًا مَعَهُ: إنَّ هَذَا جَائِزٌ هُوَ عَلَى مُرَاعَاةِ مَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ، وَلَا يَجُوزُ عَلَى مُرَاعَاةِ مَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ وَكَذَلِكَ قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا فِي الَّذِي عَلَيْهِ أَثْلَاثُ دِينَارٍ مُنَجَّمَةٌ فِي كُلِّ شَهْرٍ ثُلُثُ دِينَارٍ: لَهُ أَنْ يُعَجِّلَ قَبْلَ الْأَجَلِ دِينَارًا.
هَذَا أَيْضًا عَلَى مُرَاعَاةِ مَا ثَبَتَ فِي الذِّمَّةِ. وَكَذَلِكَ الْمَسْأَلَةُ بَعْدَ هَذَا فِي الَّذِي بَاعَ ثَوْبًا بِنِصْفِ دِينَارٍ وَقَالَ لَهُ مَا عِنْدِي إلَّا دِينَارٌ فَأَقَرَّهُ عِنْدَهُ سَلَفًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَرَاهُ قَضَاءً وَسَلَفًا إذَا لَمْ يَكُنْ شُرِطَ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ. وَكَرِهَ مَالِكٌ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ هَذَا، رَاعَى مَا يُوجِبُهُ الْحُكْمُ خِلَافَ قَوْلِهِ فِي إجَازَتِهِ تَعْجِيلَ دِينَارٍ وَعَلَى أَثْلَاثِ دِينَارٍ مُؤَجَّلَةٍ.
وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: إذَا أَجَزْنَا لِمَنْ لَهُ دِينَارٌ أَنْ يَأْخُذَ بِبَعْضِهِ وَرِقًا، فَهَلْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِي بَقِيَّتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ ذَهَبًا؟ الْمَشْهُورُ مَنْعُهُ، وَنَقْدُ الْمُعَامَلَتَيْنِ كَالْوَاقِعَةِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ انْتَهَى. اُنْظُرْ رَسْمَ حَلَفَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى: لَا بَأْسَ أَنْ يَتَقَاضَى مِنْ الدِّينَارِ الْقِيرَاطَ وَالْقِيرَاطَيْنِ دَرَاهِمَ لِأَنَّهُ جُزْءٌ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينَارِ. ابْنُ رُشْدٍ: ثُمَّ لَا يَأْخُذُ فِي بَقِيَّةِ دِينَارِهِ إلَّا دَرَاهِمَ أَوْ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا.
وَهَذَا فِي الدِّينَارِ الْقَائِمِ، وَأَمَّا فِي
الدِّينَارِ الْمَجْمُوعِ فَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ بِبَعْضِهِ ذَهَبًا وَبِبَقِيَّتِهِ وَرِقًا. اُنْظُرْ نِسْبَةَ أَبِي عُمَرَ لِأَشْهَبَ جَوَازَ أَنْ يَأْخُذَ عَنْ دِينَارٍ قَائِمٍ فِي ذِمَّتِهِ نِصْفَهُ دَرَاهِمَ وَنِصْفَهُ ذَهَبًا.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ دِينَارٍ أَقْرَضْتَهُ بِجُزْءٍ مِنْهُ وَرِقًا أَوْ عَرْضًا ثُمَّ لَا تَأْخُذُ فِي بَقِيَّتِهِ ذَهَبًا، وَإِنْ أَقْرَضْته دِينَارَيْنِ قَائِمَيْنِ فَلَكَ أَنْ تَأْخُذَ صَرْفَ أَحَدِهِمَا أَوْ عَرْضًا انْتَهَى. اُنْظُرْ هُنَا مَسْأَلَةً إذَا تَسَلَّفَ ثَمَانِينَ دِرْهَمًا ثُمَّ عِنْدَ الِاقْتِضَاءِ دَفَعَ دِينَارًا وَرَدَّ عَلَيْهِ الْمُسَلِّفُ بَقِيَّةَ صَرْفِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ. اُنْظُرْ آخِرَ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ
وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ تَسَلَّفَ دِرْهَمًا صَغِيرًا لَا يَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَهُ دِرْهَمًا كَبِيرًا أَوْ يَرُدَّ عَلَيْهِ دِرْهَمًا صَغِيرًا. اُنْظُرْ رَسْمَ إنْ أَمْكَنْتنِي مِنْ سَمَاعِ عِيسَى. وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: مَنْ لَهُ قِبَلَ رَجُلٍ نِصْفُ دِينَارٍ فَأَتَاهُ بِدِينَارٍ فَقَضَاهُ نِصْفَهُ وَجَعَلَ نِصْفَهُ فِي سِلْعَةٍ إلَى أَجَلٍ فَلَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ يَكُنْ النِّصْفُ الْأَوَّلُ دَرَاهِمَ أَسْلَفَهُ إيَّاهَا وَلَا نِصْفُ دِينَارٍ مَضْرُوبٍ فَأَمَّا ثَمَنُ سِلْعَةٍ فَلَا بَأْسَ.
وَقَالَ، ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ حَلَّ الْأَجَلُ، فَإِنْ لَمْ يَحِلَّ فَلَا خَيْرَ وَكَانَ سَلَفًا وَبَيْعًا " وَضَعْ وَتَعَجَّلْ ". اللَّخْمِيِّ: إنْ كَانَ النِّصْفُ دَرَاهِمَ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ لِأَنَّ دَافِعَ الدِّينَارِ الْآنَ اشْتَرَى بِهِ الدَّرَاهِمَ الَّتِي فِي ذِمَّتِهِ وَسِلْعَةً مُؤَجَّلَةً بِدِينَارٍ.
(وَإِنْ بَطَلَتْ فُلُوسٌ فَالْمِثْلُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ لَك عَلَيْهِ فُلُوسٌ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ فَأُسْقِطَتْ لَمْ تَتْبَعْهُ إلَّا بِهَا وَلَوْ كَانَتْ حِينَ الْعَقْدِ مِائَةً بِدِرْهَمٍ ثُمَّ صَارَتْ أَلْفًا بِهِ (وَإِنْ عُدِمَتْ فَالْقِيمَةُ وَقْتَ اجْتِمَاعِ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْعَدَمِ) ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ عُدِمَتْ فَالْقِيمَةُ وَقْتَ الِاسْتِحْقَاقِ وَالْعَدَمِ.
اللَّخْمِيِّ: لَهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ انْقَطَعَتْ وَلَمْ تُؤَجَّلْ إذَا كَانَ الدَّيْنُ حَالًّا، وَإِنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ وَانْقَطَعَتْ قَبْلَ الْأَجَلِ كَانَ لَهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ يَحِلُّ الْأَجَلُ وَلَمْ يَنْظُرْ إلَى قِيمَتِهَا يَوْمَ انْقَطَعَتْ لِأَنَّهُ لَمْ
يَكُنْ تَوَجَّهَ لَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ طَلَبٌ، فَإِنْ أَخَّرَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ ثَانِيًا كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ حَلَّ الْأَجَلُ الْأَوَّلُ لِأَنَّ بِالْقِيمَةِ وَقَعَ التَّأْخِيرُ.
(وَتُصُدِّقَ بِمَا غُشَّ وَلَوْ كَثُرَ) لَوْ قَالَ " لَا إنْ كَثُرَ " لَتَنَزَّلَ عَلَى مَا يَتَقَرَّرُ. سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُحْرَقُ الزَّعْفَرَانُ الْمَغْشُوشُ وَلَا يُرَاقُ اللَّبَنُ الْمَغْشُوشُ وَيُتَصَدَّقُ بِذَلِكَ عَلَى مَنْ غَشَّهُ وَكَذَلِكَ الْمِسْكُ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فِيمَا قَلَّ.
قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: يُعَاقَبُ مَنْ غَشَّ بِسَجْنٍ أَوْ ضَرْبٍ أَوْ إخْرَاجِهِ مِنْ السُّوقِ إنْ كَانَ مُعْتَادًا لِلْغِشِّ وَالْفُجُورِ، وَلَا يُرَاقُ عَلَيْهِ مَتَاعُهُ إلَّا مَا خَفَّ مِنْ اللَّبَنِ يَغُشُّهُ بِالْمَاءِ أَوْ يَسِيرِ الْخُبْزِ النَّاقِصِ فَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ أَدَبًا لَهُ مَعَ تَأْدِيبِهِ بِمَا ذَكَرْنَا.
وَأَمَّا الْكَثِيرُ مِنْ لَبَنٍ
أَوْ خُبْزٍ فَلَا، وَلَا مَا غُشَّ مِنْ مِسْكٍ وَزَعْفَرَان. ابْنُ حَبِيبٍ: وَقَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ.
وَقَالَ فِي كِتَابِ
مُحَمَّدٍ: وَأَرَى أَنْ يُخْرَجَ مِنْ السُّوقِ مَنْ فَجَرَ فِيهِ فَذَلِكَ أَشَدُّ عَلَيْهِ مِنْ الضَّرْبِ. (إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى كَذَلِكَ) ابْنُ رُشْدٍ: لَا يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يَغُشَّهُ إنَّمَا اشْتَرَاهُ كَذَلِكَ أَوْ وَرِثَهُ، وَالْوَاجِبُ أَنْ يُبَاعَ مِمَّنْ لَا يُدَلِّسُ بِهِ.
وَرَوَى مُحَمَّدٌ: يُعَاقَبُ مَنْ خَلَطَ طَعَامًا بِطَعَامٍ دُونَهُ أَوْ قَمْحًا بِشَعِيرٍ وَيُمْنَعُ مِنْ بَيْعِهِ، وَإِنْ بَاعَ وَبَيَّنَ مَضَى وَلَا رَدَّ لِلْمُبْتَاعِ وَقَدْ أَسَاءَ (إلَّا الْعَالِمَ بِعَيْبِهِ كَبَلِّ الْخَمْرِ بِالنَّشَاءِ) نَقَصَ هُنَا شَيْءٌ وَلَعَلَّ فِيهِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْغِشُّ التَّدْلِيسُ وَهُوَ إبْدَاءُ الْبَائِعِ مَا يُوهِمُ كَمَالًا فِي مَبِيعِهِ كَاذِبًا أَوْ كَتْمُ عَيْبٍ وَهُوَ مُحَرَّمٌ إجْمَاعًا كَبِيرَةٌ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا فَقَالَ: مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ. قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: أَفَلَا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ حَتَّى يَرَاهُ النَّاسُ؟ مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» .
وَلَا يَجِبُ فَسْخُهُ فَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا خَيْرَ فِي خَمْرٍ تُعْمَلُ مِنْ الْغُزِّ وَتُرَشُّ بِخُبْزٍ مَبْلُولٍ لِتَشْتَدَّ وَتَصْفُقَ وَهُوَ غِشٌّ.
ابْنُ رُشْدٍ: لِظَنِّ مُشْتَرِيهَا أَنَّ شِدَّتَهَا مِنْ صَفَاقَتِهَا، فَإِنْ كَانَ مُشْتَرِيهَا عَلِمَ أَنَّ شِدَّتَهَا مِنْ ذَلِكَ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا فَلَهُ رَدُّهَا.
(وَسَبْكِ ذَهَبٍ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ) قَالَ مَالِكٌ: مِنْ الْغِشِّ أَنْ تَخْلِطَ الذَّهَبَ الْجَيِّدَةَ بِدُونِهَا فَتَسْبِكَهَا. وَسُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَمَّا يُصَاغُ مِنْ الْحُلِيِّ مِنْهُ ذَهَبٌ خَالِصٌ وَمِنْهُ غَيْرُ خَالِصٍ وَهُوَ مَعْلُومٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ الذَّهَبُ فِي عِيَارَاتِهِ لَا يَخْفَى عَلَيْهِمْ زَائِدُ الْيَسِيرِ وَلَا نُقْصَانُهُ، وَأَغْرَاضُ النَّاسِ مُخْتَلِفَةٌ فِي اقْتِنَاءِ الْحُلِيِّ، مِنْهُمْ مَنْ يُرِيدُ الطَّيِّبَ ذَخِيرَةً لِزَمَانِهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يُرِيدُ غَيْرَهُ عَلَى قَدْرِ يُسْرِ النَّاسِ وَعُسْرِهِمْ. فَأَجَابَ: صِيَاغَةُ الْحُلِيِّ مِنْ الذَّهَبِ الْخَالِصَةِ وَغَيْرِ الْخَالِصَةِ الْمَشُوبَةِ بِالْفِضَّةِ وَالصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ جَائِزٌ اسْتِعْمَالُهُ إذَا كَانَ يَمْتَازُ ذَلِكَ كَمَا وَصَفْتَ قَالَ سُبْحَانَهُ {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: 18] وَيَجُوزُ بَيْعُهُ بِالْعُرُوضِ وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ، وَلَا يَجُوزُ مُرَاطَلَتُهُ إلَّا إنْ كَانَ خَالِصًا وَلَا يُمْنَعُ الْغَاشُّ مِنْهُ إلَّا مَا كَانَ مِنْهُ مَغْشُوشًا أَعْلَاهُ ذَهَبٌ وَدَاخِلَهُ صُفْرٌ أَوْ نُحَاسٌ فَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُكْسَرَ وَيُمْنَعَ النَّاسُ مِنْ
عَمَلِهِ.
(وَنَفْخِ اللَّحْمِ) سَمِعَ الْقَرِينَانِ: أَكْرَهُ نَفْخَ الْجَزَّارِينَ اللَّحْمَ. رَوَى أَشْهَبُ: وَيُؤَدَّبُونَ. ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّهُ غِشٌّ.
قَالَ فِي الرِّوَايَةِ: وَهُوَ يُغَيِّرُ طَعْمَ اللَّحْمِ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْجَزَّارِ يَخْلِطُ السَّمِينَ بِالْمَهْزُولِ: لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْأَرْطَالِ الْيَسِيرَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ الْغِشِّ خَلْطُ الْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ.
ابْنُ رُشْدٍ: فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الصِّنْفَيْنِ يَسِيرًا جِدًّا تَبَعًا لِلْآخَرِ جَازَ بَيْعُهُ دُونَ بَيَانٍ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ يَرَاهُ. ابْنُ عَرَفَةَ: قَدُمَ وَاسْتَمَرَّ حَالُ بَائِعِي سِلَلِ التِّينِ وَحُمُولَاتِ الْعِنَبِ عَلَى جَعْلِ أَطْيَبِهَا أَعْلَاهَا ثُمَّ مَا يَلِيهِ أَدْنَى مِنْهُ وَأَطْيَبَ مِمَّا تَحْتَهُ وَعَلِمَ الْمُتَبَايِعُونَ ذَلِكَ وَهُوَ خَفِيفٌ، وَلَا مَقَالَ لِمُبْتَاعِهِ، إلَّا أَنْ يَكْثُرَ خِلَافُ الْأَسْفَلِ لِمَا فَوْقَهُ اهـ.
اُنْظُرْ الَّذِي يَشْتَرِي الْأَعْدَالَ مِنْ الْبَزِّ أَوْ الْكَتَّانِ فَيَنْظُرُ إلَى ثَوْبَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ أَوْ رِطْلٍ مِنْ الْكَتَّانِ أَوْ رِطْلَيْنِ ثُمَّ يُوجَدُ الَّذِي بَعْدَهُ لَا يُشْبِهُهُ فَقَالَ مَالِكٌ: الْأَعْدَالُ يَكُونُ أَوَّلُهَا أَفْضَلَ مِنْ آخِرِهَا فَإِذَا كَانَ صِنْفَهُ وَقَرِيبًا مِنْهُ جَائِزٌ. وَكَذَلِكَ الَّذِي يَشْتَرِي الْبَيْتَ فِيهِ تَمْرٌ أَوْ قَمْحٌ فَيَكُونُ أَوَّلُهُ خَيْرًا مِنْ دَاخِلِهِ، فَإِذَا جَاءَ فِي ذَلِكَ تَغَيُّرٌ قَرِيبٌ رَأَيْت ذَلِكَ جَائِزًا.
ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا صَحِيحٌ لِأَنَّ الْعُرْفَ كَالشَّرْطِ فَلَا قِيَامَ لِلْمُبْتَاعِ إلَّا فِيمَا خَرَجَ عَنْ الْعُرْفِ. اُنْظُرْ مَسْأَلَةَ الشَّمْعِ هَذَا شَأْنُهُ مِنْ بَابِ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ جَائِزًا. وَانْظُرْ أَيْضًا خَلْطَ السُّكَّرِ فَإِنَّهُ يَسْتَظْهِرُ فِي الْفَانِيدِ، فَهَلْ يُسَوَّغُ لِذَلِكَ أَوْ لَا؟ وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: مِنْ الْغِشِّ خَلْطُ لَبَنِ الْبَقَرِ بِلَبَنِ الْغَنَمِ لِإِخْرَاجِ زُبْدِهِمَا بِضَرْبِهِمَا مَعًا، فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَبِعْ لَبَنَهُمَا وَلَا زُبْدَهُمَا إلَّا بِبَيَانٍ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يَحِلُّ خَلْطُ جَيِّدِ الزَّبِيبِ بِرَدِيئِهِ، وَكَذَلِكَ السَّمْنُ وَالْقَمْحُ وَلَوْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يُبَيِّنَ إذَا بَاعَ. ابْنُ حَبِيبٍ: وَمَا تَصْنَعُهُ حَاكَّةُ الدِّيبَاجِ مِنْ تَصْمِيغِهِ غِشٌّ لِأَنَّهُ وَإِنْ عَلِمَهُ الْمُشْتَرِي فَقَدْ يَخْفَى عَلَيْهِ قَدْرُ مَا أَخَذَتْ فِيهِ مِنْ الشِّدَّةِ وَالتَّصْفِيقِ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ يَشْتَرِي الْمَتَاعَ فِيهِ الْخَلَلُ فَيُكَمِّدُهُ حَتَّى يَصْفُقَ وَيَشْتَدَّ كُلُّ خَلَلِهِ لَا خَيْرَ فِي الْغِشِّ. ابْنُ رُشْدٍ: مَنْ اشْتَرَى قَلَنْسُوَةً حَشْوُهَا قُطْنٌ فَإِنَّ لَهُ رَدَّهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ الَّتِي يَعْرِفُ أَنَّهَا لَا تُحْشَى إلَّا بِالْبَالِي كَسَمَاعِ أَشْهَبَ مَنْ اشْتَرَى قَلَنْسُوَةً سَوْدَاءَ فَوَجَدَهَا مِنْ ثَوْبٍ لَبِيسٍ لَا رَدَّ لَهُ، يُرِيدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا صُنِعَتْ مِنْهُ مَنْهُوكًا جِدًّا أَوْ مَعْفُونًا.