المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[بَابُ الرَّهْنِ] فِي الرَّهْنِ يَجُوزُ غَيْرَ مَقْسُومٍ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا - التاج والإكليل لمختصر خليل - جـ ٦

[محمد بن يوسف المواق]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ] [

- ‌الْقَسْم الْأَوَّل فِي صِحَّة الْبَيْع وَفَسَاده] [

- ‌بَاب فِي أَرْكَان الْبَيْع]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[حُكْمِ الرِّبَا فِي الْمَطْعُومَاتِ]

- ‌[بَاب فِي فَسَادِ الْعَقْدِ مِنْ جِهَةِ نَهْيِ الشَّارِعِ عَنْهُ]

- ‌[مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ قَبْضٍ أَوْ فَوَاتٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَاسِدِ مِنْ جِهَةِ تَطَرُّقِ التُّهْمَةِ إلَى الْمُتَعَاوِضَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِينَةِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ فِي لُزُومِ الْعَقْدِ وَجَوَازِهِ] [

- ‌فَصْلٌ فِي الْخِيَار] [

- ‌خِيَارُ التَّرَوِّي]

- ‌[خِيَارُ النَّقِيصَةِ]

- ‌[مُبْطِلَاتُ الْخِيَارِ وَمَوَانِعُهُ]

- ‌[فَصْلٌ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَاف الْمُتَبَايِعَانِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ]

- ‌[كِتَابُ السَّلَمِ] [

- ‌بَابٌ فِي شُرُوط السَّلَم وَأَدَاء الْمُسْلِم فِيهِ وَالنَّظَر فِي صفته]

- ‌[فَصْلٌ قَرْضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ]

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْكُنَ أَوْ يُكْرِيَ]

- ‌[اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ]

- ‌[وَكَّلَ وَكِيلًا بِبَيْعِ رَهْنٍ وَقَضَى دَيْنَهُ مِنْ ثَمَنِهِ]

- ‌[هَلْ يَفْتَقِرُ الرَّهْنُ لِلتَّصْرِيحِ بِهِ أَمْ لَا]

- ‌[هَلَكَ الرَّهْنُ وَجُهِلَتْ صِفَتُهُ]

- ‌[كِتَابُ التَّفْلِيسِ] [

- ‌أَحْكَام الْحَجَر عَلَى الْمُفْلِس]

- ‌[بَيْعُ آلَةِ الصَّانِعِ إذَا فَلَّسَ]

- ‌[حَبَسَ الْمُفْلِس]

- ‌[حَبْسُ مَنْ تَقَعَّدَ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ وَادَّعَى الْعَدَمَ فَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ]

- ‌[مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ الرُّجُوعُ إلَى عَيْنِ الْمَالِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ] [

- ‌أَسْبَاب الْحَجَر]

- ‌[وَصِيَّةُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ وَأَقَلَّ مِمَّا يُقَارِبُهَا]

- ‌[لَا حَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ فِي اسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ وَنَفْيِهِ]

- ‌[تَصَرُّفَات الصَّغِير قَبْل الْحَجَر]

- ‌[الْحَجَر بِسَبَبِ الرِّقّ]

- ‌[أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلِيِّهِ]

- ‌[بَيْعُ الْمَأْذُونِ أُمَّ وَلَدِهِ]

- ‌[الْحَجَر عَلَى الْمَرِيض]

- ‌[الْحَجَر عَلَى الزَّوْجَة]

الفصل: ‌ ‌[بَابُ الرَّهْنِ] فِي الرَّهْنِ يَجُوزُ غَيْرَ مَقْسُومٍ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا

[بَابُ الرَّهْنِ]

فِي الرَّهْنِ يَجُوزُ غَيْرَ مَقْسُومٍ قُلْت لِابْنِ الْقَاسِمِ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الرَّهْنِ، أَيَجُوزُ غَيْرَ مَقْسُومٍ أَمْ لَا يَجُوزُ إلَّا مَقْسُومًا مَقْبُوضًا؟ قَالَ: يَجُوزُ غَيْرَ مَقْسُومٍ إذَا قَبَضَهُ صَاحِبُهُ وَحَازَهُ مَعَ مَنْ لَهُ فِيهِ شِرْكٌ وَكَانَ يُكْرِيهِ وَيَلِيهِ مَعَ مَنْ لَهُ فِيهِ شِرْكٌ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَقْسُومٍ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ، فِيمَنْ ارْتَهَنَ رَهْنًا فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى قَامَ الْغُرَمَاءُ عَلَى الرَّاهِنِ. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ رَهَنْت رَجُلًا رَهْنًا فَلَمْ يَقْبِضْهُ مِنِّي حَتَّى قَامَتْ عَلَيَّ

ص: 537

الْغُرَمَاءُ، أَيَكُونُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ أَمْ يَكُونُ أَوْلَى بِالرَّهْنِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ مَالِكٌ: هُوَ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ

(قَوْلُهُ الرَّهْنُ بَذْلُ مَنْ لَهُ الْبَيْعُ مَا يُبَاعُ أَوْ غَرَرًا) فَخَرَجَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَحِقُّ لَهُ الْبَيْعُ وَقَالَ: (وَلَوْ اشْتَرَطَ فِي الْعَقْدِ) . ابْنُ رُشْدٍ قِيلَ يُمْنَعُ رَهْنُ الْغَرَرِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ وَالْمَشْهُورُ جَوَازُهُ وَأَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ رَهْنَ الثَّمَرَةِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا وَرَهْنَ الْمُؤَبَّرِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ كَوْنِهِ فِي الْعَقْدِ أَوْ لَا (وَثِيقَةً بِحَقٍّ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ شَاسٍ وَثِيقَةً بِحَقٍّ فَتَخْرُجُ الْوَدِيعَةُ وَالْمَصْنُوعُ بِيَدِ صَانِعِهِ.

(كَوَلِيٍّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ لِلْوَصِيِّ أَنْ يَرْتَهِنَ مِنْ مَتَاعِ الْيَتِيمِ رَهْنًا فِيمَا يَبْتَاعُ لَهُ مِنْ كِسْوَةٍ أَوْ طَعَامٍ كَمَا يَتَسَلَّفُ لِلْيَتِيمِ حَتَّى يَبِيعَ لَهُ

ص: 538

بَعْضَ مَتَاعِهِ وَذَلِكَ لَازِمٌ لِلْيَتِيمِ وَلِلْوَصِيِّ أَنْ يُعْطِيَ مَالَ الْيَتِيمِ مُضَارَبَةً.

(وَمُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا رَهَنَ الْمُكَاتَبُ أَوْ ارْتَهَنَ جَازَ ذَلِكَ إنْ أَصَابَ وَجْهَ الرَّهْنِ لِأَنَّهُ جَائِزُ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ انْتَهَى. وَانْظُرْ هَلْ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَجْعَلَ الْمُكَاتَبَ رَهْنًا بِيَدِ غَيْرِهِ فِي حَقٍّ عَلَيْهِ.

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: لَا أَذْكُرُ فِي هَذَا نَصًّا قَالَ: وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عَلَى صِحَّةِ بَيْعِ كِتَابَتِهِ وَمَنْعِ بَيْعِ رَقَبَتِهِ صِحَّةُ رَهْنِهِ مَعْرُوفٌ تَعَلُّقُ رَهْنِهِ بِكِتَابَتِهِ وَرَقَبَتِهِ إنْ عَجَزَ، وَعَلَيْهِ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ يَجُوزُ رَهْنُ الْمُكَاتَبِ وَيَسْتَوْفِي مِنْ كِتَابَتِهِ أَوْ ثَمَنِهِ إنْ عَجَزَ. (وَكِتَابَتِهِ وَاسْتُوْفِيَ مِنْهَا أَوْ رَقَبَتِهِ إنْ عَجَزَ) اُنْظُرْ هَذَا هُوَ مُقْتَضَى مَا فَسَّرَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ مَعْزُوًّا لِنَفْسِهِ.

(وَخِدْمَةِ مُدَبَّرٍ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُعْجِبُنِي رَهْنُ خِدْمَةِ الْمُدَبَّرِ. ابْنُ رُشْدٍ: أَجَازَ فِي الْمُدَوَّنَةِ رَهْنَ الْمُدَبَّرِ وَإِذَا جَازَ رَهْنُ الْمُدَبَّرِ الْمَدِينِ فَمَا الَّذِي يَمْنَعُ مِنْ ارْتِهَانِ خِدْمَتِهِ وَهُوَ يَقْدِرُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ فِي الْوَقْتِ فَتَكُونُ إجَارَتُهُ رَهْنًا لَهُ، وَذَلِكَ أَحَقُّ فِي الْغَرَرِ مِنْ رَهْنِ الثَّمَرَةِ الَّتِي لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا انْتَهَى. فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِ

ص: 539

ابْنُ رُشْدٍ.

(وَإِنْ رُقَّ جُزْءٌ فَمِنْهُ لَا رَقَبَتِهِ) اُنْظُرْ مَا مَعْنَى هَذَا الْكَلَامِ، وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ رَهْنَ الْمُدَبَّرِ جَائِزٌ وَيُسْتَوْفَى الدَّيْنُ مِنْ خَرَاجِهِ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَمَا دَامَ السَّيِّدُ حَيًّا فَلَا سَبِيلَ لِبَيْعِ الْمُدَبَّرِ، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْوَفَاءِ بِيعَ فِي بَقِيَّةِ الدَّيْنِ جَمِيعُ الْمُدَبَّرِ أَوْ بَعْضُهُ، فَإِنْ كَانَ عَلَى السَّيِّدِ دُيُونٌ غَيْرُ ذَلِكَ فَيَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِالْمُدَبَّرِ مِنْ سَائِرِ الْغُرَمَاءِ (وَهَلْ يَنْتَقِلُ لِخِدْمَتِهِ؟ قَوْلَانِ كَظُهُورِ حُبُسِ دَارٍ) اُنْظُرْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ وَعِبَارَةَ غَيْرِهِ " لَوْ رَهَنَهُ عَبْدًا فَظَهَرَ أَنَّهُ مُدَبَّرٌ فَذَلِكَ كَمَنْ ارْتَهَنَ دَارًا ثُمَّ ثَبَتَ أَنَّهَا حَبْسٌ عَلَيْهِ فَقِيلَ لَا شَيْءَ لَهُ مِنْ غَلَّتِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا رَهَنَهُ الرَّقَبَةَ، وَقِيلَ يَكُونُ لَهُ مَا يَصِحُّ لِلرَّاهِنِ مِلْكُهُ مِنْهَا وَهِيَ الْمَنَافِعُ الَّتِي حُبِسَتْ عَلَيْهِ اهـ. ثُمَّ بَعْدَ حِينِ اطَّلَعْت عَلَى كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ هُوَ الَّذِي اخْتَصَرَ خَلِيلٌ فَانْظُرْهُ أَنْتَ فِي بَابِ مَنْ بَاعَ عَلَى رَهْنٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ.

(وَمَا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ ارْتَهَنَ ثَمَرَ نَخْلٍ أَوْ زَرْعًا قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِمَا أَوْ بَعْدُ جَازَ ذَلِكَ إذَا حَازَهُ الْمُرْتَهِنُ أَوْ عَدْلٌ يَرْضَيَانِ بِهِ، وَيَتَوَلَّى مَنْ يَحُوزُ سَقْيَهُ وَعِلَاجَهُ وَأَجْرُ السَّقْيِ فِي ذَلِكَ عَلَى الرَّاهِنِ كَمَا أَنَّ عَلَيْهِ نَفَقَةَ الدَّابَّةِ وَالْعَبْدِ، وَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَأْخُذَ النَّخْلَ مَعَ الثَّمَرِ وَالْأَرْضَ مَعَ الزَّرْعِ لِيَتِمَّ لَهُ الْحَوْزُ، ثُمَّ لَا يَكُونُ رَهْنًا فِي قِيَامِ الْغُرَمَاءِ إلَّا التَّمْرَ أَوْ الزَّرْعَ خَاصَّةً، وَانْظُرْ إذَا تَرَكَ الْمُرْتَهِنُ إكْرَاءَ الشَّأْنِ إكْرَاؤُهُ مِنْ عَبْدٍ أَوْ غَيْرِهِ كَالْوَكِيلِ عَلَى الْكِرَاءِ يَتْرُكُ ذَلِكَ، هَلْ عَلَيْهِمَا غُرْمٌ؟ وَانْظُرْ إنْ طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ أَجْرَ قِيَامِهِ بِالرَّهْنِ وَاقْتِضَائِهِ غَلَّتَهُ. اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ.

(وَانْتَظَرَ لِيُبَاعَ وَحَاصَّ مُرْتَهِنُهُ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ فَإِذَا صَلَحَتْ بِيعَتْ فَإِنْ وَفَّى رَدَّ مَا أَخَذَ وَإِلَّا قُدِّرَ مُحَاصًّا بِمَا بَقِيَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ فَلِسَ أَوْ مَاتَ وَقَدْ ارْتَهَنَ مِنْهُ رَجُلٌ زَرْعًا لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهُ وَهُوَ مِمَّا لَا يُبَاعُ حِينَ الْحِصَاصِ،

ص: 540

فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ يُحَاصِرُ الْغُرَمَاءَ بِجَمِيعِ دَيْنِهِ الْآنَ وَيَتْرُكُ الزَّرْعَ، فَإِذَا حَلَّ بَيْعُهُ بِيعَ، فَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ مِثْلَ دَيْنِهِ أَوْ أَزْيَدَ مِنْهُ قَبَضَ مِنْهُ دَيْنَهُ وَرَدَّ زِيَادَةً إنْ كَانَتْ مَعَ مَا كَانَ قَبَضَ فِي الْحِصَاصِ فَكَانَ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ، وَإِنْ كَانَ ثَمَنُهُ أَقَلَّ مِنْ دَيْنِهِ نَظَرَ إلَى مَا كَانَ يَبْقَى لَهُ مِنْ دَيْنِهِ بَعْدَ مَبْلَغِ ثَمَنِ الزَّرْعِ فَعَلِمْت أَنَّ بِمِثْلِهِ كَانَ يَجِبُ لَهُ الْحِصَاصُ أَوَّلًا، فَمَا وَقَعَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ فَلْيَحْسِبْهُ مِمَّا كَانَ أَخَذَ أَوَّلًا وَيَرُدُّ مَا بَقِيَ فَيَتَحَاصَّ فِيهِ الْغُرَمَاءُ.

(إلَّا كَأَحَدِ الْوَصِيَّيْنِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَدْفَعُ أَحَدُ الْوَصِيَّيْنِ رَهْنًا مِنْ مَتَاعِ الْيَتِيمِ إلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا نَظَرَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ وَكَذَلِكَ الْبَيْعُ وَالنِّكَاحُ (وَجِلْدِ مَيْتَةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَجُوزُ رَهْنُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَلَا بَيْعُهَا وَلَوْ دُبِغَتْ.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ بِرَهْنِ جُلُودِ السِّبَاعِ الْمُذَكَّاةِ وَبَيْعِهَا دُبِغَتْ أَمْ لَا (وَكَجَنِينٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: جَوَّزَ أَهْلُ الْعِلْمِ ارْتِهَانَ الْغَلَّاتِ وَلَمْ يُجَوِّزُوا ارْتِهَانَ الْأَجِنَّةِ (وَخَمْرٍ وَإِنْ لِذِمِّيٍّ) تَقَدَّمَ نَصُّهَا عِنْدَ قَوْلِهِ " مَا يُبَاعُ "(إلَّا أَنْ يَتَخَلَّلَ) أَشْهَبُ: إنْ قَبَضَ مُرْتَهِنٌ الْخَمْرَ ثُمَّ فَلِسَ رَاهِنُهُ فَلَا رَهْنَ لَهُ فِيهِ.

قَالَ سَحْنُونَ: إلَّا أَنْ يَتَخَلَّلَ فَيَكُونَ أَحَقَّ بِهَا (وَإِنْ تَخَمَّرَ أَهْرَاقَهُ بِحَاكِمٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ ارْتَهَنَ عَصِيرًا فَصَارَ خَمْرًا فَلْيَرْفَعْهَا إلَى الْإِمَامِ لِتُهْرَاقَ بِأَمْرِهِ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: إذَا وَجَدَ الْوَصِيُّ فِي التَّرِكَةِ خَمْرًا فَلَا يُهْرِيقَهَا إلَّا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَتَعَقَّبَ بِأَمْرِ مَنْ يَأْتِي يَطْلُبُهُ فِيهَا. قِيلَ: إنَّمَا أَمَرَهُ بِرَفْعِهَا إلَى الْإِمَامِ خَوْفًا أَنْ يَكُونَ يَرَى تَخْلِيلَهَا.

(وَصَحَّ مُشَاعٌ وَحِيزَ بِجَمِيعِهِ إنْ بَقِيَ فِيهِ لِلرَّاهِنِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِرَهْنِ جُزْءٍ مُشَاعٍ غَيْرِ مَقْسُومٍ مِنْ رَبْعٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَرْضٍ وَقَبْضِهِ إنْ كَانَ بَيْنَ الرَّاهِنِ وَغَيْرِهِ أَنْ يَحُوزَ الْمُرْتَهِنُ حِصَّةَ الرَّاهِنِ وَيُكْرِيهِ وَيَلِيهِ مَعَ مَنْ لَهُ فِيهِ شِرْكٌ لِرَبِّهِ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَضَعَاهُ عَلَى يَدِ الشَّرِيكِ وَالْحَوْزُ فِي ارْتِهَانِ نِصْفِ مَا يَمْلِكُ الرَّاهِنُ جَمِيعَهُ مِنْ عَيْنٍ أَوْ دَابَّةٍ أَوْ ثَوْبٍ قَبَضَ جَمِيعَهُ (وَلَا يَسْتَأْذِنُ شَرِيكَهُ) ابْنُ عَرَفَةَ: رَهْنُ الْمُشَاعِ فِيمَا بَاقِيهِ لِغَيْرِ الرَّاهِنِ رِبْعًا أَوْ مُنْقَسِمًا لَا يَفْتَقِرُ لِإِذْنِ شَرِيكِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَهُ فَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ

وَقَالَ أَشْهَبُ: مَنْ كَانَ لَهُ نِصْفُ عَبْدٍ أَوْ نِصْفُ دَابَّةٍ أَوْ مَا يُنْقَلُ كَالثَّوْبِ وَالسَّيْفِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَرْهَنَ حِصَّتَهُ إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ، وَكَذَا كُلُّ مَا لَا يَنْقَسِمُ.

(وَلَهُ أَنْ يَقْسِمَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ كَانَ الرَّهْنُ مِمَّا يَنْقَسِمُ مِنْ طَعَامٍ وَنَحْوِهِ فَرَهَنَ حِصَّةً مِنْهُ جَازَ ذَلِكَ إذَا حَازَهُ الْمُرْتَهِنُ، فَإِنْ شَاءَ الشَّرِيكُ الْبَيْعَ قَاسَمَ فِيهِ الرَّاهِنَ وَالرَّهْنُ كَمَا هُوَ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنِ لَا يُخْرِجُهُ مِنْ يَدِهِ، فَإِنْ غَابَ الرَّاهِنُ أَقَامَ الْإِمَامُ مَنْ يَقْسِمُ لَهُ ثُمَّ تَبْقَى حِصَّةُ الرَّاهِنِ فِي الْوَجْهَيْنِ رَهْنًا وَيَطْبَعُ عَلَى كُلِّ مَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ (وَيَبِيعَ وَيُسَلِّمَ) ابْنُ الْحَاجِبِ: عَلَى الْمَشْهُورِ لَا يَسْتَأْذِنُ الشَّرِيكُ وَلَهُ أَنْ يَقْسِمَ وَيَبِيعَ وَيُسَلِّمَ.

(وَلَهُ اسْتِئْجَارُ جُزْءِ غَيْرِهِ وَيَقْبِضُهُ الْمُرْتَهِنُ لَهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ رَهَنَ حِصَّتَهُ مِنْ دَارٍ ثُمَّ اكْتَرَى حِصَّةَ شَرِيكِهِ وَسَكَنَ بَطَلَ الْحَوْزُ إنْ لَمْ يَقُمْ الْمُرْتَهِنُ يَقْبِضُ حِصَّةَ الرَّاهِنِ مِنْ الدَّارِ وَيُقَاسِمُهُ لِأَنَّهُ لَمَّا سَكَنَ نِصْفَ الدَّارِ وَهِيَ

ص: 541

غَيْرُ مَقْسُومَةٍ صَارَ الْمُرْتَهِنُ غَيْرَ حَائِزٍ، وَلَا يَمْنَعُ الشَّرِيكُ أَنْ يُكْرِيَ نَصِيبَهُ مِنْ الرَّاهِنِ وَلَكِنْ تُقْسَمُ الدَّارُ فَيَحُوزُ الْمُرْتَهِنُ رَهْنَهُ وَيُكْرِي الشَّرِيكُ نَصِيبَهُ مِمَّنْ يَشَاءُ (وَلَوْ أَمَّنَا شَرِيكًا فَرَهَنَ حِصَّتَهُ لِلْمُرْتَهِنِ وَأَمَّنَا الرَّاهِنَ الْأَوَّلَ بَطَلَ حَوْزُهُمَا) ابْنُ الْمَوَّازِ: مَنْ ارْتَهَنَ نِصْفَ دَارٍ فَجَعَلَهَا عَلَى يَدَيْ شَرِيكِ الرَّاهِنِ ثُمَّ ارْتَهَنَ نِصَابَهُ الشَّرِيكُ بَعْدَ ذَلِكَ فَجَعَلَهَا عَلَى يَدَيْ الرَّاهِنِ الْأَوَّلِ، فَإِنَّهُ يَبْطُلُ رَهْنُ جَمِيعِ الدَّارِ لِأَنَّهَا قَدْ رَجَعَتْ عَلَى حَالِهَا بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ نِصَابُهُ.

(وَالْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسَاقِي وَحَوْزُهُمَا الْأَوَّلُ كَافٍ) الْجَلَّابُ: مَنْ أَجَّرَ دَارِهِ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ رَهَنَهَا مِنْهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَجَّرَهَا مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ رَهَنَهَا مِنْ غَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ مَنْ سَاقَى حَائِطَهُ مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ رَهَنَهُ مِنْ غَيْرِهِ فَلَا بَأْسَ، وَيَنْبَغِي لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَعَ الْعَامِلِ فِي الْحَائِطِ غَيْرَهُ، وَعِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ مَنْ سَاقَى حَائِطَهُ ثُمَّ رَهَنَهُ فَلْيَجْعَلْ الْمُرْتَهِنُ مَعَ الْمُسَاقِي رَجُلًا وَيَجْعَلَانِهِ عَلَى يَدِ عَدْلٍ.

قَالَ مَالِكٌ: جَعْلُهُ بِيَدِ الْمُسَاقِي أَوْ أَجِيرٍ لَهُ يُبْطِلُ رَهْنَهُ.

وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ مَذْهَبَ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَرْتَهِنَ مَا هُوَ فِي يَدَيْهِ بِإِجَارَةٍ أَوْسُقًا، وَيَكُونُ ذَلِكَ حَوْزًا لِلْمُرْتَهِنِ مِثْلَ الَّذِي يَخْدُمُ الْعَبْدَ ثُمَّ يَتَصَدَّقُ بِهِ عَلَى آخَرَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَيَكُونُ حَوْزُ الْمُخْدِمِ حَوْزًا لِلْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ.

(وَالْمِثْلِيُّ وَلَوْ عَيْنًا بِيَدِهِ إنْ طُبِعَ عَلَيْهِ) لَوْ قَالَ " وَلَوْ غَيْرَ عَيْنٍ " لَتَنَزَّلَ عَلَى مَا يَتَقَرَّرُ. قَالَ شَيْخُ شُيُوخِنَا ابْنُ لُبٍّ: الرُّهُونُ مَصْرُوفَةٌ إلَى أَمَانَاتِ النَّاسِ إذْ قَدْ يَنْتَفِعُونَ بِالرُّهُونِ وَفِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيُّ: يَكْفِي مِنْ الطَّبْعِ أَنْ يَكُونَ الطَّبْعُ إذَا أُزِيلَ عُلِمَ زَوَالُهُ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا تُرْهَنُ الدَّنَانِيرُ وَالدَّرَاهِمُ وَالْفُلُوسُ وَمَا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ إدَامٍ وَمَا يُؤْكَلُ أَوْ يُوزَنُ إلَّا أَنْ يُطْبَعَ عَلَيْهِ لِيُمْنَعَ الْمُرْتَهِنُ مِنْ النَّفْعِ بِهِ وَرُدَّ مِثْلُهُ. أَشْهَبُ: لَا أَرَى أَنْ يُطْبَعَ عَلَى مَا لَا يُرَى بِعَيْنِهِ إلَّا الْعَيْنَ، فَلَا أَرَى ارْتِهَانَهَا إلَّا مَطْبُوعَةً قَالَ: لِأَنَّ النَّفْعَ فِي الْعَيْنِ خَفِيٌّ، فَإِنْ لَمْ

ص: 542

يُطْبَعْ عَلَى الدَّرَاهِمِ لَمْ يَفْسُدْ الرَّهْنُ وَلَا الْبَيْعُ وَيَسْتَقْبِلُ طَبْعَهَا إنْ عَثَرَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَمَّا مَا بِيَدِ أَمِينٍ مِنْ ذَلِكَ فَلَا يَطْبَعُ عَلَيْهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يُطْبَعُ عَلَى الْحُلِيِّ حَذَرَ اللَّبْسِ لِأَنَّهُ يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ كَسَائِرِ الْعُرُوضِ.

(وَفَضْلَتُهُ إنْ عُلِمَ الْأَوَّلُ وَرَضِيَ) أَمَّا رَهْنُ الْفَضْلَةِ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ نَفْسِهِ فِي حَقٍّ آخَرَ لَهُ أَيْضًا فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا أَخَذْت مِنْ رَجُلٍ رَهْنًا بِدَيْنٍ لَك عَلَيْهِ ثُمَّ اسْتَقْرَضَك دَرَاهِمَ أُخَرَ عَلَى ذَلِكَ الرَّهْنِ جَازَ وَكَانَ بِالدَّيْنَيْنِ رَهْنًا. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ وَثِيقَةٌ بِحَقٍّ فَإِذَا كَانَ فِيهِ فَضْلٌ جَازَ أَنْ يُشْغَلَ بِحَقٍّ آخَرَ مَعَ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا رَهْنُهَا فِي حَقٍّ آخَرَ لِغَيْرِ الْمُرْتَهِنِ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا: لَا يَجُوزُ لِرَاهِنِ ثَوْبٍ

ص: 543

رَهْنُ فَضْلَتِهِ مِنْ مُرْتَهِنٍ آخَرَ إلَّا بِإِذْنِ الْأَوَّلِ، وَيَكُونُ الْأَوَّلُ حِينَئِذٍ حَائِزًا لِلْمُرْتَهِنِ الثَّانِي إذَا رَضِيَ.

(وَلَا يَضْمَنُهَا الْأَوَّلُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ ارْتَهَنْت ثَوْبًا قِيمَتُهُ مِائَةُ دِينَارٍ فِي خَمْسِينَ دِينَارًا ثُمَّ رَهَنَ رَبُّ الثَّوْبِ فَضْلَتَهُ لِغَيْرِهِ بِرِضَاك فَهَلَكَ الثَّوْبُ بِيَدِك بَعْدَمَا ارْتَهَنَ الثَّانِي فَضْلَتَهُ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، ضَمِنْت مِنْهُ مَبْلَغَ دَيْنِك وَكُنْت فِي الْبَاقِي أَمِينًا، وَيَرْجِعُ الْمُرْتَهِنُ الثَّانِي بِدَيْنِهِ عَلَى صَاحِبِهِ لِأَنَّ فَضْلَةَ الرَّهْنِ هِيَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ أَوْ هُوَ الْمُرْتَهِنُ الْأَوَّلُ اهـ. اُنْظُرْ لَوْ لَمْ تَرْهَنْ الْفَضْلَةَ مَاذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ يَضْمَنُ؟ اُنْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَاسْتَمَرَّ ضَمَانُهُ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الدَّيْنِ ". وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا: إنْ أَخَذْت رَهْنًا بِصَدَاقِهَا قِيمَتُهُ مِثْلُ صَدَاقِهَا ضَمِنْته إنْ كَانَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ. وَانْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ عُدُولٌ " وَقَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا: " وَرَهْنِ نِصْفِهِ ".

(كَتَرْكِ الْحِصَّةِ الْمُسْتَحَقَّةِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ ارْتَهَنَ دَابَّةً أَوْ دَارًا أَوْ ثَوْبًا فَاسْتُحِقَّ نِصْفُ ذَلِكَ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَبَاقِيهِ رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْحَقِّ، فَإِنْ شَاءَ الْمُسْتَحِقُّ الْبَيْعَ قِيلَ لِلرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ بِيعَا مَعَهُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يَنْقَسِمُ، وَقِيلَ لِلْمُرْتَهِنِ لَا تُسَلِّم رَهْنَك وَلَكِنْ يُبَاعُ وَهُوَ بِيَدِهِ وَتَصِيرُ حِصَّةُ الرَّاهِنِ مِنْ الثَّمَنِ رَهْنًا بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ مَطْبُوعًا عَلَيْهِ بِجَمِيعِ حَقِّهِ، فَلَوْ تَرَكَ الْمُسْتَحِقُّ حِصَّتَهُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَهُوَ ثَوْبٌ فَضَاعَ لَمْ يَضْمَنْ الْمُرْتَهِنُ إلَّا نِصْفَ قِيمَتِهِ لِلرَّاهِنِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ مَنْ ارْتَهَنَ نِصْفَ ثَوْبٍ فَقَبَضَ جَمِيعَهُ فَهَلَكَ عِنْدَهُ لَمْ يَضْمَنْ إلَّا نِصْفَ قِيمَتِهِ وَهُوَ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ مُؤْتَمَنٌ.

(وَمُعْطِي دِينَارٍ لِيَسْتَوْفِيَ نِصْفَهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ يَسْأَلُ رَجُلًا نِصْفَ دِينَارٍ فَأَعْطَاهُ دِينَارًا لِيَسْتَوْفِيَ مِنْهُ نِصْفَهُ وَيَرُدَّ مَا بَقِيَ، فَزَعَمَ أَنَّهُ ضَاعَ، أَنَّ النِّصْفَ مِنْ

ص: 544

الْمُقْتَضِي وَالنِّصْفَ الْآخَرَ هُوَ فِيهِ مُؤْتَمَنٌ وَعَلَيْهِ الْيَمِينُ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا وَإِلَّا لَمْ يَحْلِفْ (وَرَهْنِ نِصْفِهِ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ الْقَاسِمِ " مَنْ ارْتَهَنَ نِصْفَ ثَوْبٍ فَهَلَكَ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهِ "(فَإِنْ حَلَّ أَجَلُ الثَّانِي أَوَّلًا قُسِمَ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا بِيعَ وَقُضِيَا) ابْنُ الْحَاجِبِ: رَهْنُ فَضْلَةِ الرَّهْنِ بِرِضَا الْأَوَّلِ جَائِزٌ فَإِنْ سَبَقَ أَجَلُ

ص: 545

الثَّانِي قُسِمَ إنْ أَمْكَنَ وَإِلَّا بِيعَ وَقُضِيَا اهـ. وَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاجَعَةِ الْمُطَوَّلَاتِ فِي هَذَا.

(وَالْمُسْتَعَارُ لَهُ وَرَجَعَ صَاحِبُهُ بِقِيمَتِهِ أَوْ بِمَا أَدَّى مِنْ ثَمَنِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ اسْتَعَارَ سِلْعَةً لِيَرْهَنَهَا جَازَ ذَلِكَ وَيَقْضِي لِلْمُرْتَهِنِ بِبَيْعِهَا إنْ لَمْ يُؤَدِّ الْغَرِيمُ مَا عَلَيْهِ، وَيَتْبَعُ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ بِمَا أَدَّى عَنْهُ مِنْ ثَمَنِ سِلْعَةٍ

وَقَالَ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ: يَتْبَعُهُ بِقِيمَتِهَا، يُرِيدُ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ الْمُرْتَهِنَ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْهَا الْمُسْتَعِيرُ وَلَا الْمُرْتَهِنُ. اهـ جَمِيعُ نَقْلِ ابْنِ يُونُسَ. عِيَاضٌ: وَقَوْلُهُ " يَتْبَعُ الْمُعِيرُ الْمُسْتَعِيرَ بِقِيمَتِهَا " كَذَا عِنْدَ شُيُوخِنَا، وَكَذَا رِوَايَةُ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ وَعَلَيْهِ اخْتَصَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ.

وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ " بِثَمَنِهَا " وَفِي أُخْرَى " بِمَا أَدَّى ".

قَالَ يَحْيَى: وَهَذَا أَصْوَبُ وَهُوَ بِمَعْنَى رِوَايَةٍ بِثَمَنِهَا وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ.

(وَضَمِنَ إنْ خَالَفَ وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ لِغَيْرِهِ وَخَالَفَ الْمُرْتَهِنُ وَلَمْ يَحْلِفْ الْمُعِيرُ؟ تَأْوِيلَانِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ أَعَرْته سِلْعَةً لِيَرْهَنَهَا فِي دَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ فَرَهَنَهَا فِي طَعَامٍ فَقَدْ خَالَفَ وَأَرَاهُ ضَامِنًا. ابْنُ يُونُسَ: إنَّمَا يَضْمَنُ إذَا أَقَرَّ الْمُسْتَعِيرُ بِذَلِكَ وَخَالَفَهَا الْمُرْتَهِنُ وَلَمْ يَشَأْ الْمُعِيرُ أَنْ

ص: 546

يَحْلِفَ فَيَكُونَ رَهْنُهُ رَهْنًا فِيمَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الدَّرَاهِمِ، فَإِذَا لَمْ يَحْلِفْ كَانَ لَهُ تَضْمِينُ الْمُسْتَعِيرِ بِتَعَدِّيهِ.

وَنَقَلَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَمَنْ أَعَرْته عَبْدًا لِيَرْهَنَهُ فِي دَرَاهِمَ فَرَهَنَهُ فِي طَعَامٍ فَهُوَ ضَامِنٌ بِتَعَدِّيهِ.

قَالَ: وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْعَبْدِ وَيَكُونُ رَهْنًا فِي عَدَدِ الدَّرَاهِمِ الَّتِي رَضِيَ بِهَا السَّيِّدُ. ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ إذَا حَلَفَ أَوْ أَقَرَّ لَهُ الْمُرْتَهِنُ فَيَتَّفِقُ الْقَوْلَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ: الصَّوَابُ أَنَّ قَوْلَ أَشْهَبَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا قَالَ ابْنُ شَاسٍ.

(وَبَطَلَ بِشَرْطٍ مُنَافٍ كَأَنْ لَا يُقْبَضُ) ابْنُ شَاسٍ: كُلُّ شَرْطٍ يُنَاقِضُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ وَيُغَيِّرُ مُوجَبَهُ كَقَوْلِهِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُقْبَضَ وَلَا يُبَاعَ فِي الْحَقِّ فَهُوَ مُفْسِدٌ (وَبِاشْتِرَاطِهِ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ ظَنَّ فِيهِ اللُّزُومَ) نَحْوُ هَذَا عِبَارَةُ ابْنِ شَاسٍ وَلَا مَظْهَرَ لَهَا فِي الْخَارِجِ، وَقَدْ تَرْجَمَ ابْنُ يُونُسَ عَلَى هَذَا فَقَالَ فِي الرُّهُونِ الْفَاسِدَةِ، وَذَكَرَ أَنَّ لَك أَنْ تَحْبِسَ الرَّهْنَ حَتَّى تَأْخُذَ حَقَّك وَأَنْتَ أَحَقُّ بِهِ

ص: 547

مِنْ الْغُرَمَاءِ وَلَوْ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا أَوْ الرَّهْنُ.

وَقَالَ سَحْنُونَ، لِمُشْتَرِي سِلْعَةٍ شِرَاءً فَاسِدًا حَبْسُهَا فِي ثَمَنِهَا إنْ فَلَّسَ بَائِعُهَا. وَانْظُرْ أَيْضًا قَدْ نَصُّوا أَنَّهُ إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ دَعْوَى بَاطِلَةً فَأَعْطَاهُ رَهْنًا فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ أَيْضًا ضَمَانَ الرِّهَانِ وَإِنْ ثَبَتَ بُطْلَانُ دَعْوَاهُ، وَكَذَلِكَ مَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً وَرَهَنَ بِهَا رَهْنًا فَإِنَّ الْمُعِيرَ يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْهُ عَلَى الْأَمَانَةِ، وَكَذَلِكَ مَنْ صَرَفَ دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ فَقَبَضَ الدَّرَاهِمَ وَأَعْطَى بِالدَّنَانِيرِ رَهْنًا جَهْلًا فَإِنَّ الْمُرْتَهِنَ ضَامِنٌ لِلرَّهْنِ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَ الدَّرَاهِمِ بَرِئَ، وَإِنْ زَادَتْ أَوْ نَقَصَتْ تَرَادَّا الْفَضْلَ.

(وَحَلَفَ الْمُخْطِئُ الرَّاهِنُ أَنَّهُ ظَنَّ لُزُومَ الدَّابَّةِ وَرَجَعَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: يَجُوزُ الرَّهْنُ فِي دَمِ الْخَطَأِ إنْ عَلِمَ الرَّاهِنُ أَنَّ الدِّيَةَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَلَوْ ظَنَّ أَنَّ ذَلِكَ يَلْزَمُهُ وَحْدَهُ لَمْ يَجُزْ وَلَهُ رَدُّ الرَّهْنِ، وَكَذَا الْكَفَالَةُ فِيهِ. اهـ نَقْلُ ابْنِ يُونُسَ.

(أَوْ فِي قَرْضِ دَيْنٍ قَدِيمٍ وَصَحَّ فِي الْجَدِيدِ) ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ رَهَنَهُ رَهْنًا فِي قَرْضٍ جَدِيدٍ مَعَ الْقَدِيمِ فَسَدَ وَلَمْ يَكُنْ رَهْنًا إلَّا فِي الْجَدِيدِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ أَقْرَضْته مِائَةَ دِرْهَمٍ وَأَخَذْت فِيهَا رَهْنًا قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ ثُمَّ اسْتَقْرَضَك مِائَةً أُخْرَى فَفَعَلْت عَلَى أَنْ يَرْهَنَك بِمِائَتَيْنِ

ص: 552

رَهْنًا آخَرَ قِيمَتُهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ، لَمْ يَجُزْ لِأَنَّك انْتَفَعْت بِزِيَادَةِ تَوَثُّقٍ فِي الْمِائَةِ الْأُولَى فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً. وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ الْمِائَةُ الْأُولَى بِغَيْرِ رَهْنٍ، فَإِنْ نَزَلَ ذَلِكَ وَقَامَتْ الْغُرَمَاءُ عَلَى الْمُسْلِفِ فِي فَلَسٍ أَوْ مَوْتٍ فَالرَّهْنُ الثَّانِي رَهْنٌ بِالدَّيْنِ الْأَخِيرِ خَاصَّةً. وَانْظُرْ إنْ كَانَ لَك عَلَيْهِ ثَمَنُ شَيْءٍ ثُمَّ طَلَبَ مِنْك دَنَانِيرَ تُسَلِّمُهَا لَهُ عَلَى شَيْءٍ قَالَ فِي الرِّوَايَةِ: هَذَا جَائِزٌ إذَا كَانَ الدَّيْنُ الْأَوَّلُ لَمْ يَحِلَّ قَبْلُ، فَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْتَهِنَ مَعَ ذَلِكَ رَهْنًا بِالْأَوَّلِ وَالْآخِرِ قَالَ: ذَلِكَ حَرَامٌ. وَانْظُرْ رَسْمَ أَوْصَى مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ السَّلَمِ.

(وَبِمَوْتِ رَاهِنِهِ وَفَلَسِهِ قَبْلَ حَوْزِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا لَمْ يَقْبِضْ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ حَتَّى مَاتَ الرَّاهِنُ أَوْ فَلَّسَ كَانَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فِي الرَّهْنِ وَغَيْرِهِ (وَلَوْ جَدَّ فِيهِ) اللَّخْمِيِّ: اخْتَلَفَ إذَا لَمْ يُفَرِّطْ الْمُرْتَهِنُ فِي الْقَبْضِ حَتَّى فَلَّسَ الرَّاهِنُ أَوْ مَاتَ، فَقِيلَ يَبْطُلُ لِعَدَمِ الْحَوْزِ، وَقِيلَ يَصِحُّ وَإِنَّمَا تُبْطِلُهُ التُّهْمَةُ أَنْ يَكُونَا قَصَدَا إلَى بَقَائِهِ وَهُوَ أَحْسَنُ، وَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ شَرْطًا فِي أَصْلِ الْبَيْعِ أَوْ الْقَرْضِ كَانَ أَبْيَنَ لِأَنَّهُ يَجْرِي فِي الْجَبْرِ عَلَى تَسْلِيمِهِ مَجْرَى الْبِيَاعَاتِ، وَإِذَا كَانَ بَعْدَ الْعَقْدِ كَانَ فِي الْجَبْرِ عَلَى حُكْمِ الْهِبَاتِ.

(وَبِإِذْنِهِ فِي وَطْءٍ) ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي وَطْءٍ بِظِلِّ الرَّهْنِ

الْجَلَّابُ: وَإِنْ وَطِئَهَا بِغَيْرِ إذْنٍ وَلَمْ تَحْمِلْ فَهِيَ رَهْنٌ بِحَالِهَا. وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ رَهَنَ أَمَةً ثُمَّ وَطِئَهَا فَأَحْبَلَهَا فَإِنْ وَطِئَهَا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ كَانَتْ مُخَلَّاةً تَذْهَبُ وَتَجِيءُ فِي حَوَائِجِ الْمُرْتَهِنِ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلرَّاهِنِ وَلَا رَهْنَ لِلْمُرْتَهِنِ فِيهَا، وَإِنْ وَطِئَهَا عَلَى وَجْهِ التَّسَوُّرِ وَالْغَصْبِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُرْتَهِنِ عَجَّلَ الْحَقَّ إنْ كَانَ مَلِيًّا وَكَانَتْ لَهُ أُمَّ وَلَدٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ بِيعَتْ الْجَارِيَةُ بَعْدَ الْوَضْعِ

ص: 553