الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الثَّمَنُ وَاحِدًا وَالثَّوْبَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَجَائِزٌ، فَإِنْ هَلَكَ أَحَدُهُمَا بِيَدِ الْمُبْتَاعِ فِي الْخِيَارِ أَوْ دَخَلَهُ عَيْبٌ فَالْهَالِكُ وَالْمَعِيبُ بَيْنَهُمَا وَالسَّالِمُ بَيْنَهُمَا وَعَلَى الْمُبْتَاعِ نِصْفُ ثَمَنِ كُلِّ ثَوْبٍ (وَفِي الِاخْتِيَارِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ) مِنْ ابْنِ يُونُسَ: وَهَذَا بِخِلَافِ أَنْ لَوْ أَخَذَهُ عَلَى غَيْرِ الْإِلْزَامِ. هَذَا إذَا مَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَتَبَاعَدَتْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَانَا بِيَدِ الْبَائِعِ أَوْ الْمُبْتَاعِ، وَبِمُضِيِّ أَيَّامِ الْخِيَارِ يَنْقَطِعُ اخْتِيَارُهُ وَلَمْ يَقَعْ الْبَيْعُ عَلَى ثَوْبٍ مُعَيَّنٍ يَلْزَمُهُ أَخْذُهُ وَلَا عَلَى الْإِيجَابِ لِأَحَدِهِمَا فَيَكُونُ شَرِيكًا، وَلَوْ كَانَ إنَّمَا اشْتَرَى الثَّوْبَيْنِ جَمِيعًا بِالْخِيَارِ فَمَضَتْ أَيَّامُ الْخِيَارِ وَتَبَاعَدَتْ وَهُمَا بِيَدِ الْمُبْتَاعِ لَزِمَهُ أَحَدُ الثَّوْبَيْنِ لَهُ. ابْنُ يُونُسَ: فَصَارَ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: فِي شِرَائِهِ لِلثَّوْبَيْنِ يَلْزَمَانِهِ جَمِيعًا، وَفِي أَخْذِ أَحَدِهِمَا عَلَى الْإِيجَابِ يَلْزَمُهُ نِصْفُ كُلِّ ثَوْبٍ، وَفِي أَخْذِهِ عَلَى غَيْرِ الْإِيجَابِ لَا يَلْزَمُهُ مِنْهُمَا شَيْءٌ. ابْنُ شَاسٍ:.
[خِيَارُ النَّقِيصَةِ]
النَّوْعُ الثَّانِي خِيَارُ النَّقِيصَةِ وَهُوَ ضَرْبَانِ: مَا ثَبَتَ بِفَوَاتِ أَمْرٍ مَظْنُونٍ نَشَأَ الظَّنُّ فِيهِ مِنْ الْتِزَامِ شَرْطٍ أَوْ
قَضَاءٍ عُرْفِيٍّ أَوْ تَغْرِيرٍ، فَعَلَى الضَّرْبِ الثَّانِي مَا ثَبَتَ عَنْ غَبْنٍ (وَرُدَّ بِعَدَمِ مَشْرُوطٍ فِيهِ غَرَضٌ) ابْنُ شَاسٍ: إنْ شَرَطَ مَا فِيهِ غَرَضٌ وَلَا مَالِيَّةَ فَفِيهِ قَوْلَانِ مَنْصُوصَانِ فِي إلْزَامِ الْوَفَاءِ بِهِ. وَسَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ: مَنْ اشْتَرَى أَمَةً عَلَى أَنَّهَا نَصْرَانِيَّةٌ فَوَجَدَهَا مُسْلِمَةً فَكَرِهَهَا وَقَالَ: إنَّمَا أَرَدْت أَنْ أُزَوِّجَهَا عَبْدِي النَّصْرَانِيَّ، فَإِنْ عَرَفَ ذَلِكَ مِنْ الْعُذْرِ وَشِبْهِهِ فَلَهُ رَدُّهَا لِذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ لِذَلِكَ وَجْهٌ فَلَا رَدَّ لَهُ. قَالَ أَصْبَغُ: أَوْ الْيَمِينُ عَلَيْهِ لَا يَمْلِكُ مُسْلِمَةً وَقَدْ اشْتَرَطَ فَلَهُ شَرْطُهُ (كَثَيِّبٍ لِيَمِينٍ فَيَجِدُهَا بِكْرًا) ابْنُ سَهْلٍ: كَتَبَ إلَيَّ مِنْ فَاسَ رَجُلٌ ابْتَاعَ أَمَةً شَرَطَ أَنَّهَا ثَيِّبٌ فَأَلْفَاهَا بِكْرًا، فَأَتَيْت إنْ كَانَ شَرْطُهُ لِوَجْهٍ
يَذْكُرُهُ مِنْ يَمِينٍ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَمْلِكَ بِكْرًا فَلَهُ رَدُّهَا (وَإِنْ بِمُنَادَاةٍ) قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَمَةِ: تُبَاعُ فِي الْمِيرَاثِ فَيَقُولُ الصَّائِحُ عَلَيْهَا: إنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّهَا بِكْرٌ وَلَا يَشْتَرِطُونَ ذَلِكَ فَتُوجَدُ غَيْرَ بِكْرٍ فَلَهُ الرَّدُّ. وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: إنَّهَا تَزْعُمُ أَنَّهَا طَبَّاخَةٌ ثُمَّ لَمْ تُوجَدْ كَذَلِكَ فَلْتُرَدَّ. وَسَمِعَ أَشْهَبُ: إنْ بَاعَهَا عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ فَغَابَ عَلَيْهَا الْمُشْتَرِي بُكْرَةً ثُمَّ رَدَّهَا عَشِيَّةً وَقَالَ: لَمْ أَجِدْهَا بِكْرًا، فَلْيَنْظُرْ إلَيْهَا النِّسَاءُ، فَإِنْ رَأَيْنَ أَثَرًا قَرِيبًا حَلَفَ الْبَائِعُ وَلَزِمَتْ الْمُبْتَاعَ، وَإِنْ قُلْنَ مَا نَرَى أَثَرًا جَدِيدًا أَوْ إنَّهُ فِيمَا نَرَى لَقَدِيمٌ حَلَفَ الْمُبْتَاعُ وَرَدَّهَا، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ وَلَزِمَتْ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا تَحَالُفَ فِي هَذَا. ابْنُ الْمَوَّازِ: وَبِقَوْلِ مَالِكٍ أَقُولُ إنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ مَعَ شَهَادَةِ النِّسَاءِ إذْ شَهَادَتُهُنَّ فِي ذَلِكَ كَشَهَادَةِ رَجُلٍ وَلَيْسَ
مِثْلَ مَا لَا يَعْلَمُهُ غَيْرُهُنَّ مِنْ عُيُوبِ الْفَرْجِ وَالْحَيْضِ
(إلَّا إنْ انْتَفَيَا) ابْنُ شَاسٍ: إنْ شَرَطَ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ وَلَا مَالِيَّةَ لَغَى الشَّرْطُ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ خِيَارٌ. اُنْظُرْ إذَا وَجَدَ الْجَارِيَةَ مُغَنِّيَةً وَثَمَنُهَا يَزِيدُ بِسَبَبِ ذَلِكَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الصَّحِيحُ أَنَّ لَهُ رَدَّهَا إلَّا إنْ تَابَتْ مِنْ رَسْمِ سَلَفَ.
(وَبِمَا الْعَادَةُ السَّلَامَةُ مِنْهُ كَعَوَرٍ) ابْنُ الْحَاجِبِ: خِيَارُ النَّقِيصَةِ هُوَ نَقْصٌ يُخَالِفُ مَا الْتَزَمَهُ شَرْطًا أَوْ عُرْفًا ثُمَّ قَالَ: وَالْعُرْفِيُّ مَا تَقْضِي الْعَادَةُ بِأَنَّهُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى السَّلَامَةِ مِنْهُ مِمَّا يُؤَثِّرُ فِي نَقْصِ الثَّمَنِ أَوْ التَّصَرُّفِ أَوْ خَوْفًا فِي الْعَاقِبَةِ كَالْعَمَى
وَالْعَوَرِ (وَقَطْعٍ وَخِصَاءٍ) الْبَاجِيُّ: عَيْبُ الرَّدِّ مَا نَقَّصَ مِنْ الثَّمَنِ كَالْعَوَرِ وَبَيَاضِ الْعَيْنِ. وَفِيهَا: وَالْقَطْعُ وَلَوْ فِي أُصْبُعِ الْجَلَّابِ وَالْخِصَاءِ وَالْجَبُّ (وَاسْتِحَاضَةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ اشْتَرَى جَارِيَةً مُسْتَحَاضَةً وَلَمْ يَعْلَمْ فَذَلِكَ عَيْبٌ يَرُدُّ مِنْهُ. رَوَى مُحَمَّدٌ: وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْفَارِهَةُ وَالْوَخْشُ (وَرَفْعِ حَيْضَةِ اسْتِبْرَاءٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ اشْتَرَى أَمَةً وَهِيَ حَدِيثَةُ السِّنِّ مِمَّنْ تَحِيضُ فَارْتَفَعَتْ
حَيْضَتُهَا عِنْدَ الْمُبْتَاعِ فِي الِاسْتِبْرَاءِ فَذَلِكَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ. (وَعَسَرٍ) ابْنُ حَبِيبٍ: الْعَسَرُ عَيْبٌ فِي الْجَارِيَةِ وَالْعَبْدِ وَهُوَ أَنْ يَبْطِشَ بِيُسْرَاهُ دُونَ يُمْنَاهُ، وَأَمَّا إنْ وُجِدَ أَعْسَرَ يَسْرٍ وَهُوَ الْأَضْبَطُ الَّذِي يَعْمَلُ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا فَلَيْسَ بِعَيْبٍ إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ فِي قُوَّتِهَا وَالْبَطْشُ بِهَا بِحَالِ مَنْ لَا يَعْمَلُ بِالْيُسْرَى، فَإِنْ نَقَصَتْ عَنْ ذَلِكَ لِعَمَلِهِ بِالْيُسْرَى فَهُوَ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ.
(وَزِنًى) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ اشْتَرَى أَمَةً فَأَلْفَاهَا قَدْ زَنَتْ عِنْدَ الْبَائِعِ فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ عَلَى الْمُبْتَاعِ أَنْ يُحِدَّهَا إلَّا أَنَّ ذَلِكَ عَيْبٌ فَيَرُدُّ بِهِ فِي الْوَخْشِ وَالْعَلِيَّةِ. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهُوَ عَيْبٌ فِي الْعَبْدِ أَيْضًا (وَشُرْبِ خَمْرٍ) رَوَى مُحَمَّدٌ: شُرْبُ الْمُسْكِرِ وَأَخْذُ الْأَمَةِ أَوْ الْعَبْدِ فِي شُرْبِهِ وَلَوْ لَمْ تَظْهَرْ بِهِمَا رَائِحَةٌ عَيْبٌ (وَبَخَرٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ: الْبَخَرُ فِي الْفَمِ عَيْبٌ يَرُدُّ مِنْهُ.
قَالَ فِي الْوَاضِحَةِ فِي الْجَارِيَةِ وَالْعَبْدِ كَانَا وَضِيعَيْنِ أَوْ رَفِيعَيْنِ.
الْمُتَيْطِيُّ: وَسَوَاءٌ كَانَ الْبَخَرُ فِي الْفَمِ أَوْ فِي الْفَرْجِ (وَزَعَرٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ وَجَدَهَا زَعْرَاءَ الْعَانَةِ لَا تُنْبِتُ فَهِيَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ. سَحْنُونَ: لِأَنَّ الشَّعْرَ يَسُدُّ الْفَرْجَ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ شَعْرٌ اسْتَرْخَى.
وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: وَكَذَلِكَ الزَّعَرُ فِي غَيْرِ الْعَانَةِ عَيْبٌ: مُحَمَّدٌ: يُرِيدُ إذَا لَمْ يَنْبُتْ فِي سَاقَيْهَا وَسَائِرِ جَسَدِهَا. ابْنُ حَبِيبٍ: وَهُوَ مِمَّا يُتَّقَى عَاقِبَتُهُ مِنْ الدَّاءِ السُّوء (وَزِيَادَةِ سِنٍّ) فِي الْوَاضِحَةِ: زِيَادَةُ السِّنِّ الْوَاحِدَةِ عَيْبٌ فِي الْعَلِيِّ وَالْوَخْشِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (وَظُفُرٍ) الْبَاجِيُّ: الْعُيُوبُ ضَرْبَانِ: أَحَدُهُمَا يَثْبُتُ بِالْخِيَارِ بِغَيْرِ شَرْطٍ وَهُوَ قِسْمَانِ: قِسْمٌ يُنْقِصُ فِي عَيْنِهِ كَالْعَمَى وَالْعَوَرِ وَقَطْعِ يَدٍ أَوْ أُصْبُعٍ وَالظَّفَرَةِ فِي الْعَيْنِ ابْنُ عَرَفَةَ: الظُّفْرَةُ لَحْمٌ نَابِتٌ فِي شَعْرِ الْعَيْنِ. (وَبُجَرٍ وَعُجَرٍ) ابْنُ حَبِيبٍ: مِنْ الْعُيُوبِ الْعُجْرَةُ وَهِيَ الْعُقْدَةُ عَلَى ظَهْرِ الْكَفِّ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ الْجَسَدِ، وَالْبُجْرَةُ وَهِيَ نَفْخٌ كَالْعُجْرَةِ إلَّا أَنَّ الْبُجْرَةَ لَيِّنَةٌ مِنْ نَفْخٍ لَيْسَ بِزَائِدٍ. الصِّحَاحُ: الْعُجْرَةُ بِالضَّمِّ الْعُقْدَةُ فِي الْخَشَبِ أَوْ فِي عُرُوقِ الْجَسَدِ، وَالْبُجْرَةُ بِالتَّحْرِيكِ خُرُوجُ السُّرَّةِ وَنُتُوءُهَا وَغِلَظُ أَصْلِهَا، وَقَوْلُهُمْ أَفْضَيْت إلَيْك بِعُجَرِي وَبُجَرِي أَيْ بِعُيُوبِي وَبِأَمْرِي كُلِّهِ.
(وَوَالِدَيْنِ أَوْ وَلَدٍ لَا جَدَّةٍ وَلَا أَخٍ) وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَسَمَاعِ عِيسَى وَرِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ: الْوَلَدُ مُطْلَقًا عَيْبٌ. الْبَاجِيُّ: الزَّوْجَةُ فِي الْعَبْدِ عَيْبٌ وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ الصَّغِيرُ وَالْكَبِيرُ وَالْأَبُ وَالْأُمُّ لِأَنَّهُ يَمِيلُ إلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ وَيَصْرِفُ إلَيْهِمْ فَضْلَ كَسْبِهِ وَبَعْضَ قُوتِهِ، وَأَمَّا الْأَخُ وَالْأُخْتُ وَسَائِرُ الْقَرَابَةِ فَلَا لِأَنَّ الضَّرَرَ بِهِمْ أَقَلُّ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: الْجَدَّةُ عَيْبٌ لِأَنَّهُ يَأْوِي إلَيْهَا (وَجُذَامِ أَبٍ) الْبَاجِيُّ: إنْ كَانَ فِي آبَاءِ الرَّقِيقِ مَجْذُومٌ أَوْ مَجْذُومَةٌ فَهُوَ عَيْبٌ رُدَّ وَخْشًا كَانَ أَوْ رَائِعًا.
رَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ لِأَنَّهُ كَانَ يَتَّقِي سِرَايَتَهُ. قَالَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله: وَرُوِيَ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَيْبٍ
لِحَدِيثِ «لَا عَدْوَى» . قَالَ: وَلَا وَجْهَ لِلتَّعْلِيقِ بِهَذَا الْحَدِيثِ إذْ مَعْنَاهُ إبْطَالُ مَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَ مِنْ أَنَّ الْمَرِيضَ يُعْدِي الصَّحِيحَ وَلَمْ يَنْفِ وُجُودَ مَرَضِ الصَّحِيحِ عِنْدَ حُلُولِ الْمَرِيضِ عَلَيْهِ غَالِبًا بِقَدَرِ اللَّهِ. قَالَ: وَقَدْ اتَّفَقُوا فِي قَمِيصِ الْمَجْذُومِ إذَا بِيعَ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ لَهُ الرَّدَّ وَاخْتَلَفُوا فِي حِمَارِهِ. وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: تُرَدُّ الْمَرْأَةُ مِنْ الْجُذَامِ وَلَوْ قَلَّ.
قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ: لِأَنَّهُ يُخْشَى حُدُوثُهُ بِالْآخَرِ.
وَقَالَ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ: جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ أَنَّ حَدِيثَ «لَا عَدْوَى» وَحَدِيثَ «لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ يَجِبُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا. نُفِيَ بِحَدِيثِ «لَا عَدْوَى» زَعْمُ الْجَاهِلِيَّةِ أَنَّ الْعَاهَةَ تُعْدِي بِطَبْعِهَا لَا بِفِعْلِ اللَّهِ، وَأَرْشَدَ لِحَدِيثِ «لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» إلَّا الِاحْتِرَازَ مِمَّا يَحْصُلُ عِنْدَهُ الضَّرَرُ بِفِعْلِ اللَّهِ وَإِرَادَتِهِ. قَالَ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ وَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ.
وَقَالَ الطُّرْطُوشِيُّ: وَمَنْ اكْتَوَى أَوْ رُقِيَ مُعْتَمِدًا عَلَى مَا أَجْرَى اللَّهُ عَادَتَهُ وَسُنَّتَهُ عِنْدَهَا فَهُوَ مُعْتَمِدٌ عَلَى خَالِقِهِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ إنَّمَا يَقْدَحُ فِي التَّوَكُّلِ أَنْ يَرَى الْبُرْءَ مِنْ قِبَلِ الِاكْتِوَاءِ وَالرُّقَى خَاصَّةً.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مَنْ شَهِدَ فِي الْجَمَادَاتِ أَنَّهَا تَفْعَلُ بِنَفْسِهَا فَهِيَ شَهَادَةُ زُورٍ إذْ لَمْ يُدْرِكْ ذَلِكَ بِحَوَاسِّهِ وَلَا حَصَلَ لَهُ بِهِ الْعِلْمُ ابْتِدَاءً فِي نَفْسِهِ، وَاَلَّذِي شَاهَدَ بِحَوَاسِّهِ وَرَأَى بِعَيْنِهِ أَنَّ شَيْئًا إذَا جَاوَرَ النَّارَ احْتَرَقَ فَإِذَا شَهِدَ بِأَنَّ الْهَشِيمَ إذَا اتَّصَلَ بِالنَّارِ احْتَرَقَ كَانَ هَذَا الْكَلَامُ صِدْقًا وَالشَّهَادَةُ حَقًّا، وَإِذَا قَالَ: النَّارُ أَحْرَقَتْهُ كَانَ كَذِبًا بَحْتًا لِأَنَّ النَّارَ لَيْسَتْ بِفَاعِلَةٍ وَإِنَّمَا هِيَ جَمَادٌ وَالْجَمَادُ لَا يَصِحُّ مِنْهُ فِعْلٌ.
فَإِنْ قَالَ خَلَقَ اللَّهُ فِيهَا قُوَّةً تَحْرُقُ بِهَا، قِيلَ لَهُ: هَذِهِ شَهَادَةٌ بِمَا لَمْ تَرَ وَلَا سَمِعْت لِأَنَّ الْقُوَّةَ لَا تُرَى وَلَا تُسْمَعُ وَلَا أَخْبَرَ اللَّهُ بِهَا وَلَا رَسُولُهُ فَقِفْ يَا وَقَّافُ وَقُلْ إنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَفْعَلُ مَا يُرِيدُ. الْبَاجِيُّ: أَجْرَى اللَّهُ عَادَتَهُ فِي الْعَائِنِ إذَا لَمْ يَبْرُكْ أَنَّهُ يُصِيبُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ بِفِعْلِ اللَّهِ وَخَلْقِهِ، وَكَذَا قَالُوا فِي السِّحْرِ. وَانْظُرْ إذَا أُخْبِرَ أَنَّ أَحَدَ جُدُودِ الْأَمَةِ كَانَ أَسْوَدَ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَرُدُّهَا بِذَلِكَ ابْنُ رُشْدٍ: وَقَالَ أَيْضًا: إنَّهَا تُرَدُّ بِذَلِكَ إذَا كَانَتْ مِنْ الْعَلِيَّةِ لِمَا يُخْشَى أَنْ يَنْزِعَ عِرْقَهُ.
وَانْظُرْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم فِي الطَّاعُونِ «لَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ وَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ» مِنْ الْمُنْتَقَى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُلِّ
مُسْلِمٍ» وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللَّهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ يَجْعَلُهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ إلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ» وَقَالَ أَيْضًا صلى الله عليه وسلم: «إنَّهُ رَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ لِمَنْ ظَهَرَ بِبَلَدِهِ وَأَقَامَ صَابِرًا مُحْتَسِبًا فَأُصِيبَ بِهِ» وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا» إنَّهُ يَجُوزُ الْخُرُوجُ عَنْهُ لِغَيْرِ ذَلِكَ الْوَجْهِ مِنْ حَاجَةٍ تَنْزِلُ، وَيَجُوزُ لِمَنْ اسْتَوْخَمَ أَرْضًا أَنْ يَخْرُجَ مِنْهَا إلَى بَلَدٍ تُوَافِقُ جِسْمَهُ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: رَأَى مَالِكٌ أَنَّ هَذَا النَّهْيَ لَيْسَ بِنَهْيِ تَحْرِيمٍ. وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ إذَا قَالَ: النَّارُ أَحْرَقَتْهُ كَانَ كَذِبًا بَحْتًا مَعَ قَوْلِهِمْ مَنْ أَرْسَلَ فِي أَرْضِهِ نَارًا ضَمِنَ مَا أَحْرَقَتْهُ لِأَنَّ هَذَا الِانْفِعَالَ وَإِنْ كَانَ خَلْقًا لَهَا فَنَحْنُ قَدْ أَدْرَكْنَاهُ بِالْحِسِّ فَيَجِبُ مُرَاعَاتُهُ كَمَا يَأْثَمُ مَنْ شَرِبَ سُمًّا أَوْ أَكَلَ حَتَّى مَاتَ بُخْلًا لَا إنْ تَرَكَهُ.
قَالَ فِي الْإِحْيَاءِ: إنَّ ذَلِكَ بِالْحِسِّ بَلْ بِالْحِسِّ يَبْقَى النَّظَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلِانْفِعَالِ عِنْدَ الْعَيْنِ وَالطِّيَرَةِ وَالْوَبَاءِ فَنَقِفُ مَعَ النُّصُوصِ الشَّرْعِيَّةِ فِي ذَلِكَ مَعَ الِاعْتِقَادِ أَنَّ النَّارَ وَالْمَاءَ وَالسُّمَّ حَتَّى الْعَيْنَ وَالْوَبَاءَ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَدْوَى سَوَاءٌ عِنْدَهَا لَا بِهَا (أَوْ بِجُنُونِهِ بِطَبْعٍ لَا بِمَسِّ جِنٍّ) اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ: جُنُونُ أَحَدِ الْأَبَوَيْنِ مِنْ فَسَادِ الطَّبْعِ كَجُذَامِهِ وَمِنْ مَسِّ الْجَانِّ لَغْوٌ اهـ.
اُنْظُرْ إذَا كَانَ أَحَدُ الْجَدَّيْنِ أَسْوَدَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الصَّحِيحُ رِوَايَةُ ابْنِ حَبِيبٍ سَوَادُ أَحَدِ الْجَدَّيْنِ عَيْبٌ (وَسُقُوطِ سِنَّيْنِ وَفِي الرَّائِعَةِ الْوَاحِدَةُ) الْبَاجِيُّ: نَقْصُ الضِّرْسِ الْوَاحِدَةِ عَيْبٌ فِي الرَّائِعَةِ حَيْثُ كَانَ وَلَيْسَ عَيْبًا فِي غَيْرِ الرَّائِعَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي مُقَدَّمِ الْفَمِ أَوْ يَنْقُصُ ضِرْسَانِ حَيْثُ كَانَا فِي الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى فَإِنَّهُ عَيْبٌ ثُمَّ قَالَ: وَهَذِهِ الْمَعَانِي يَعْنِي الْعَوَرَ وَقَطْعَ الْأُصْبُعِ وَالْبَخَرَ وَنَقْصَ الضِّرْسِ وَنَحْوَ ذَلِكَ تُعْتَبَرُ بِنَقْصِ الثَّمَنِ، فَمَا نَقَصَهُ فَهُوَ عَيْبٌ وَمَا لَمْ يُنْقِصْهُ فَلَا حُكْمَ فِيهِ لِلرَّدِّ. اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَظُفُرٍ ".
(وَشَيْبٍ بِهَا فَقَطْ وَإِنْ قَلَّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَتُرَدُّ الرَّائِعَةُ بِالشَّيْبِ: ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا تُرَدُّ بِهِ غَيْرُ الرَّائِعَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَيْبًا يَضَعُ مِنْ ثَمَنِهَا. ابْنُ الْمَوَّازِ: وَهَذَا فِي الشَّابَّةِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يُرَدُّ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ كَثِيرًا (وَجُعُودَتِهِ وَصُهُوبَتِهِ) مِنْ
الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَ شَعْرَهَا قَدْ جَعُدَ أَوْ سَوِدَ فَإِنَّهُ عَيْبٌ يَرُدُّ لَهُ.
وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: قُلْت: فَاَلَّذِي يُوجَدُ شَعْرُهَا أَصْهَبَ أَوْ جَعْدًا أَوْ أَسْوَدَ؟ قَالَ: ذَلِكَ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ. الصُّهُوبَةُ الشُّقْرَةُ فِي شَعْرِ الرَّأْسِ، وَالْأَصْهَبُ مِنْ الْإِبِلِ الَّذِي يُخَالِطُ بَيَاضَهُ حُمْرَةٌ.
(وَكَوْنِهِ وَلَدَ زِنًى وَلَوْ وَخْشًا) ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ: إذَا وَجَدَ الْغُلَامَ أَوْ الْجَارِيَةَ أَوْلَادَ زِنًى فَهُوَ عَيْبٌ فِي الْعَلِيِّ وَلَا يُرَدُّ بِذَلِكَ فِي الْوَخْشِ إلَّا أَنْ يَكْتُمَهُ الْبَائِعُ ذَلِكَ وَهُوَ عَالِمٌ بِهِ فَيُرَدُّ بِذَلِكَ فِي الْوَخْشِ أَيْضًا. ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ: هُوَ عَيْبٌ فِي الْوَخْشِ وَالرَّائِعَةِ (وَبَوْلٍ فِي فُرُشٍ فِي وَقْتٍ يُنْكَرُ إنْ ثَبَتَ عِنْدَ الْبَائِعِ وَإِلَّا حَلَفَ إنْ أُقِرَّتْ عِنْدَ غَيْرِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: بَوْلُ الْجَارِيَةِ فِي الْفِرَاشِ عَيْبٌ. ابْنُ حَبِيبٍ: وَكَذَا الْغُلَامُ إنْ فَارَقَا حَدَّ الصِّغَرِ جِدًّا. اللَّخْمِيِّ: وَلَوْ كَانَ وَخْشًا وَنَحْوُهُ لِلْبَاجِيِّ قَالَ: وَلَا يُرَدُّ بِالْبَوْلِ فِي الْفِرَاشِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَشْهَدُ أَنَّهَا كَانَتْ تَبُولُ عِنْدَ الْبَائِعِ. ابْنُ حَبِيبٍ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْبَائِعُ عَلَى عِلْمِهِ وَلَا يَحْلِفُ بِدَعْوَى الْمُبْتَاعِ وَلَا تُوضَعُ عَلَى يَدِ امْرَأَةٍ فَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ عَنْ زَوْجَتِهِ فِي ذَلِكَ، وَيَجِبُ الْيَمِينُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَيْسَ بِمَعْنَى الشَّهَادَةِ، وَلَوْ جَاءَ الْمُشْتَرِي بِقَوْمٍ يَنْظُرُونَ مَرْقَدَهَا بِالْغَدَاةِ مَبْلُولًا فَلَا بُدَّ مِنْ رَجُلَيْنِ لِأَنَّ هَذَا بِمَعْنَى الشَّهَادَةِ ثُمَّ حِينَئِذٍ يَحْلِفُ الْبَائِعُ.
(وَتَخَنُّثِ عَبْدٍ وَفُحُولَةِ أَمَةٍ إنْ اشْتَهَرَتْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا فَوَجَدَهُ مُخَنَّثًا فَهُوَ عَيْبٌ يُرَدُّ بِهِ، وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ الْمُذَكَّرَةُ إذَا اشْتَهَرَتْ بِذَلِكَ (وَهَلْ هُوَ الْفِعْلُ أَوْ التَّشَبُّهُ؟ تَأْوِيلَانِ) فِي الْوَاضِحَةِ: وَإِذَا وُجِدَ الْعَبْدُ مُؤَنَّثًا يُؤْتَى أَوْ وُجِدَتْ الْأَمَةُ مُذَكَّرَةً فَحْلَةً لِشِرَارِ النِّسَاءِ، فَإِذَا اشْتَهَرَا بِذَلِكَ فَهُوَ عَيْبٌ. وَأَمَّا تَوْضِيعُ كَلَامِ الْعَبْدِ وَتَذْكِيرُ كَلَامِ الْأَمَةِ فِي طَبْعِهِمَا فَلَا يُرَدَّانِ بِذَلِكَ. أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا خِلَافُ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: لَيْسَ هَذَا بِخِلَافِ الْمُدَوَّنَةِ.
(وَغَلَفِ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مُوَلَّدٍ
وَطَوِيلِ الْإِقَامَةِ) مِنْ كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَالْعُتْبِيَّةِ: إذَا وَجَدَ الْجَارِيَةَ الْمُسْلِمَةَ غَيْرَ مَخْفُوضَةٍ أَوْ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ أَغْلَفَ، فَإِنْ كَانُوا مِنْ رَقِيقِ الْعَرَبِ، وَمَعْنَى رَقِيقِ الْعَرَبِ مَا طَالَ مُكْثُهُ بِأَيْدِي الْمُسْلِمِينَ وَوُلِدَ عِنْدَهُمْ فَأَمَّا فِي الْوَخْشِ فَلَا يُرَدُّ بِهِ، وَأَمَّا فِي الْعَلِيِّ فَيُرَدُّ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: هُوَ عَيْبٌ فِي الْوَضِيعِ وَالرَّفِيعِ إلَّا الصَّغِيرَيْنِ اللَّذَيْنِ لَمْ يَفُتْ ذَلِكَ مِنْهُمَا. ابْنُ عَرَفَةَ: فِي كَوْنِ عَدَمِ خِفَاضِ الْجَارِيَةِ وَخِتَانِ الْغُلَامِ الْمُسْلِمَيْنِ وَقَدْ وُلِدَا عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ طَالَ مِلْكُهُمْ لَهُمَا وَفَاتَ وَقْتُ ذَلِكَ مِنْهُمْ عَيْبًا مُطْلَقًا، أَوْ فِي الرَّفِيعَيْنِ ثَالِثُهَا فِي الْغُلَامِ مُطْلَقًا.
وَفِي الْجَارِيَةِ الرَّفِيعَةِ لِابْنِ حَبِيبٍ مَعَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَسَمَاعِ عِيسَى ابْنِ الْقَاسِمِ وَقِيَاسِ ابْنِ رُشْدٍ مُصَرِّحًا بِكَوْنِهِ قَوْلًا ثَالِثًا (وَخَتْنِ مَجْلُوبِهِمَا) قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَابْنِ حَبِيبٍ: إنْ اشْتَرَى عَبْدًا نَصْرَانِيًّا فَوَجَدَهُ مَخْتُونًا فَلَيْسَ بِعَيْبٍ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَكَذَلِكَ النَّصْرَانِيَّةُ يَجِدُهَا مَخْفُوضَةً قَالَ: وَكَذَلِكَ إذَا كَانَا مِنْ رَقِيقِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ مِنْ رَقِيقِ الْعَجَمِ الَّذِينَ عِنْدَنَا، وَأَمَّا الْمَجْلُوبُونَ فَهُوَ عَيْبٌ لِمَا يُخَافُ أَنْ يَكُونُوا أَغَارَ عَلَيْهِمْ الْعَدُوُّ أَوْ أَبَقَ إلَيْهِمْ مِنْ رَقِيقِنَا (كَبَيْعٍ بِعُهْدَةِ مَا اشْتَرَاهُ بِبَرَاءَةٍ) سَمِعَ أَشْهَبُ: مَنْ ابْتَاعَ عَبْدًا بِالْبَرَاءَةِ أَوْ بَيْعِ مِيرَاثٍ فَلَا يَبِعْهُ بَيْعَ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَتِهِ حَتَّى يُبَيِّنَ أَنَّهُ ابْتَاعَ بِالْبَرَاءَةِ، وَلَوْ أَخَذَهُ بِذَلِكَ بَعْدَ الْعَقْدِ يُرِيدُ فَسْخَ الْبَيْعِ لَمْ يُفْسَخْ إنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ثُمَّ لِلْمُبْتَاعِ رَدُّهُ إنْ شَاءَ.
وَكَذَلِكَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ وَذَلِكَ كَعَيْبٍ كَتَمَهُ لِأَنَّهُ يَقُولُ: لَوْ عَلِمْت أَنَّك ابْتَعْته بِالْبَرَاءَةِ لَمْ أَشْتَرِهِ مِنْك إذْ قَدْ أُصِيبَ بِهِ عَيْبًا وَتُفْلِسُ أَنْتَ أَوْ تَكُونُ عَدِيمًا فَلَا يَكُونُ لِي رُجُوعٌ عَلَى بَائِعِك.
قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يَجِبُ عَلَى هَذَا أَنْ لَوْ بَاعَ عَبْدًا قَدْ وُهِبَ لَهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ وُهِبَ لَهُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُشْتَرِي مُتَكَلِّمٌ فِي ذَلِكَ إذْ لَوْ ظَهَرَ لَهُ عَيْبٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ مُتَكَلِّمٌ مَعَ الْوَاهِبِ. وَانْظُرْ عَكْسَ هَذَا إذَا بَاعَ بِالْبَرَاءَةِ وَقَدْ اشْتَرَى بَيْعَ الْإِسْلَامِ وَعُهْدَتِهِ، فَرُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَيْعٌ فَاسِدٌ يُفْسَخُ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يُكْرَهُ. اُنْظُرْ أَوَّلَ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ الْعُيُوبِ.
(وَكَرَهَصٍ) الْبَاجِيُّ: مَا كَانَ مِنْ عُيُوبِ الدَّوَابِّ حَادِثًا كَالرَّهْصِ وَالدَّبْرِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ بِهِ (وَعَثْرٍ وَحَرَنٍ) الْبَاجِيُّ: مَا يُنْقِصُ ثَمَنَ الْمَبِيعِ وَلَا يُنْقِصُ جَسَدَهُ كَالْإِبَاقِ فِي الرَّقِيقِ، وَالزِّنَا فِي الْأَمَةِ، وَالْحَرْنُ فِي الْفَرَسِ، وَالنِّفَارِ الْمُفْرِطِ فِي الدَّوَابِّ، وَقِلَّةِ الْأَكْلِ الْمُفْرَطِ فِيهَا فَذَلِكَ عَيْبُ رَدٍّ. وَأَمَّا عِثَارُ الدَّابَّةِ فَعَنْ ابْنِ كِنَانَةَ: إنْ عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَ بَائِعهَا رُدَّتْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَكَانَ عِثَارُهَا قَرِيبًا مِنْ بَيْعِهَا حَلَفَ الْبَائِعُ مَا عَلِمَ بِذَلِكَ، وَإِنْ ظَهَرَ ذَلِكَ بَعْدَ زَمَانٍ يَحْدُثُ الْعِثَارُ فِي مِثْلِهِ فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ.
وَهَذِهِ الْعُيُوبُ كُلُّهَا إنَّمَا يُرَدُّ بِهَا إذَا ثَبَتَ أَنَّهَا كَانَتْ فِي مِلْكِ الْبَائِعِ، فَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ وَدَعَا إلَى يَمِينِ الْبَائِعِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لِمَالِكٍ فِي مَسْأَلَةِ الْإِبَاقِ: لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ دَاعِيَةٌ أَنْ يُحَلِّفَهُ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّاتٍ (وَعَدَمِ حَمْلٍ مُعْتَادٍ) الْبَاجِيُّ: مَا كَانَ لَهُ عُرْفٌ وَعَادَةٌ مِثْلَ أَنْ
يَشْتَرِيَ نَاقَةً يُحْمَلُ عَلَى مِثْلِهَا، فَلَمَّا جَاءَ أَنْ يَحْمِلَ عَلَيْهَا لَمْ تَنْهَضْ فَلِمَالِكٍ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: لَهُ الرَّدُّ يُرِيدُ إلَّا أَنْ يَكُونَ عُذْرٌ مَانِعٌ مِنْ عَجَفٍ أَوْ مَرَضٍ (لَا ضَبْطَ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ انْتَفَعَ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا فَلَا أَرَى أَنْ يَرُدَّ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إلَّا أَنْ تَنْقُصَ يُمْنَاهُ عَنْ يُمْنَى مَنْ لَا يَعْمَلُ بِيُسْرَاهُ فَيَكُونُ عَيْبًا قَالَهُ ابْنُ حَبِيبٍ. وَقَوْلُهُ صَحِيحٌ مُفَسِّرٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ حَبِيبٍ الْأَضْبَطُ الَّذِي يَعْمَلُ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا لَيْسَ بِعَيْبٍ وَلَيْسَ هَذَا مُطْلَقًا بَلْ هُوَ مُقَيَّدٌ. اُنْظُرْهُ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَعَسَرٍ " (وَثُيُوبَةٍ إلَّا فِيمَنْ لَا يُفْتَضُّ مِثْلُهَا) ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَهَا مُفْتَرِعَةً، فَإِنْ كَانَتْ صَغِيرَةً لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا وَهِيَ ذَاتُ ثَمَنٍ رَدَّهَا، وَإِنْ كَانَ مِثْلُهَا يُوطَأُ لَمْ تُرَدَّ وَلَيْسَ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يُخْبِرَ هَلْ هِيَ بِكْرٌ أَوْ ثَيِّبٌ.
اُنْظُرْ رَسْمَ صَلَّى مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّ الْجَارِيَةَ الَّتِي يُوطَأُ مِثْلُهَا مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهَا وُطِئَتْ، وَإِنْ كَانَ لَا يُوطَأُ مِثْلُهَا فَبَيْنَ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنَّهَا بِكْرٌ وَلَا فَرْقٌ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ فَبَيْنَ وَخْشِ الرَّقِيقِ وَغَيْرِهِ فَرْقٌ (وَعَدَمِ فُحْشِ ضِيقِ قُبُلٍ) ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ فِي الصَّغِيرَةِ الْقُبُلِ لَيْسَ ذَلِكَ بِعَيْبٍ إلَّا أَنْ يَتَفَاحَشَ فَيَصِيرَ كَالنَّقْصِ.
(وَكَوْنِهَا زَلَّاءَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَجَدَهَا رَسْمَاءَ وَهِيَ الزَّلَّاءُ الَّتِي لَا عَجِيزَةَ لَهَا فَلَيْسَ بِعَيْبٍ وَقَالَهُ مَالِكٌ. ابْنُ حَبِيبٍ: هُوَ عَيْبٌ إلَّا أَنَّهُ لَا يَخْفَى عَلَى الْمُبْتَاعِ. ابْنُ يُونُسَ: يَدُلُّ قَوْلُهُ أَنَّ كُلَّ مَا يَخْفَى عَلَى الْمُبْتَاعِ فَلَا يُرَدُّ بِهِ وَهُوَ قَوْلٌ حَسَنٌ وَإِنْ كَانَ مَالِكٌ لَمْ يُوجِبْ فِي الْعَيْبِ الظَّاهِرِ إلَّا الْيَمِينَ.
قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: وَلَوْ كَانَتْ غَائِبَةً فَاشْتَرَاهَا عَلَى صِفَةٍ فَوَجَدَهَا زَلَّاءَ كَانَ لَهُ الرَّدُّ بِذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَبِيبٍ.
(وَكَيٍّ لَمْ يُنْقِصْ) قَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ يَكُونُ الْعَيْبُ الْخَفِيفُ بِالْعَبْدِ وَالْجَارِيَةِ مِثْلَ الْكَيِّ
الْخَفِيفِ مِمَّا لَا يُنْقِصُ الثَّمَنَ وَلَيْسَ بِفَاحِشٍ وَلَا يُرَدُّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ عِنْدَ النَّخَّاسِينَ عَيْبًا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَغَيْرِهَا: إلَّا أَنْ يُخَالِفَ الْكَيُّ لَوْنَ الْجَسَدِ فَيُرَدُّ بِهِ أَوْ يَكُونَ مُتَفَاحِشًا فِي مَنْظَرِهِ أَوْ يَكُونُ كَثِيرًا مُتَفَرِّقًا وَإِنْ لَمْ يُخَالِفْ اللَّوْنَ فَلْيُرَدَّ بِهِ، أَوْ يَكُونَ فِي مَوْضِعٍ يُسْتَقْبَحُ مِثْلُ الْفَرْجِ وَمَا وَالَاهُ أَوْ فِي الْوَجْهِ فَإِنَّهُ يُرَدُّ بِهِ (وَتُهْمَةٍ بِسَرِقَةٍ حُبِسَ فِيهَا ثُمَّ ظَهَرَتْ بَرَاءَتُهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا اُتُّهِمَ عَبْدٌ بِسَرِقَةٍ فَحَبَسَهُ السُّلْطَانُ ثُمَّ أَلْفَى بَرِيئًا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَيْبًا إذَا لَمْ يُبَيِّنْهُ بَائِعُهُ وَقَدْ يَنْزِلُ ذَلِكَ بِالْحُرِّ فَلَا يُجَرِّحُهُ. ابْنُ يُونُسَ: مَعْنَى قَوْلِهِ " أَلْفَى بَرِيئًا " مِثْلَ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ غَيْرَهُ سَرَقَ ذَلِكَ الشَّيْءَ الَّذِي اُتُّهِمَ هُوَ بِهِ فَبِذَلِكَ تَصِحُّ بَرَاءَتُهُ اهـ. اُنْظُرْ إذَا اشْتَرَى أَمَةً فَوَجَدَهَا حَامِلًا فَقَالَ الْبَاجِيُّ: اتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ عَيْبٌ فِي الرَّائِعَةِ. التُّونِسِيُّ: وَهُوَ فِي ذَاتِ زَوْجٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ أَوْ ظَاهِرَةِ الزِّنَا لَغْوٌ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي حَمْلِ الْوَخْشِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ. وَانْظُرْ إذَا كَانَ الْمُبْتَاعُ دَلَّسَ بِهِ وَمَاتَتْ مِنْهُ فَرْقٌ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُبْتَاعُ قَدْ عَلِمَ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ لَا يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ فِي الْوَجْهِ الْوَاحِدِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ فِي الْوَجْهِ الْآخَرِ.
قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَانْظُرْ رَسْمَ صَلَّى إذَا وَجَدَ الْأَمَةَ حَامِلًا بَيْنَ أَنْ يَكُونَ اشْتَرَاهَا مَعَ حَمْلِهِ أَمْ لَا فَرْقٌ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّ الْحَمْلَ عَيْبٌ فِي الْوَخْشِ.
(وَمَا لَا يُطَّلَعُ عَلَيْهِ إلَّا بِتَغَيُّرٍ كَسُوسِ الْخَشَبِ وَالْجَوْزِ وَمُرِّ قِثَّاءٍ وَلَا قِيمَةَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كُلُّ مَا بِيعَ مِنْ غَيْرِ الْحَيَوَانِ وَفِي بَاطِنِهِ عَيْبٌ مِنْ أَصْلِ الْخِلْقَةِ يَجْهَلُهُ الْمُتَبَايِعَانِ وَلَا يَعْلَمُ بِعَيْبِهِ إلَّا بَعْدَ الشَّقِّ أَوْ الْكَسْرِ مِثْلَ الْخَشَبِ وَشِبْهِهَا يُشَقُّ فَيَجِدُ الْمُبْتَاعُ فِي دَاخِلِهَا عَيْبًا بَاطِنًا، فَهُوَ لَازِمٌ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ مِنْ رَدٍّ وَلَا قِيمَةِ عَيْبٍ. وَكَذَلِكَ قَالَ
مَالِكٌ فِي الرَّانِجِ وَهُوَ الْجَوْزُ الْهِنْدِيُّ وَالْجَوْزُ يُوجَدُ دَاخِلُهُ فَاسِدًا وَالْقِثَّاءُ يُوجَدُ مُرًّا، فَلَا يُرَدُّ وَهُوَ مِنْ الْمُبْتَاعِ وَسَمِعَ أَشْهَبُ: الشَّاةُ يَجِدُهَا عَجْفَاءَ وَجَوْفُهَا أَخْضَرُ لَيْسَ لَهُ رَدُّهَا.
اُنْظُرْ اضْطِرَابَ الشُّيُوخِ فِيمَنْ اشْتَرَى أُضْحِيَّةً فَوَجَدَهَا عَجْفَاءَ لَا تُجْزِئُ فِي أُضْحِيَّةٍ فِي بَابِ الْعُيُوبِ مِنْ نَوَازِلِ ابْنِ سَهْلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَرَ فِيمَنْ اشْتَرَتْ رَمَادًا وَقَالَ لَهَا الْبَائِعُ هُوَ جَيِّدٌ فَقَالَتْ بَيَّضْت بِهِ الْغَزْلَ فَلَمْ يَخْرُجْ جَيِّدًا، فَإِنْ بَقِيَ مِنْهُ شَيْءٌ غُزِلَ، فَإِنْ خَرَجَ جَيِّدًا فَلَا شَيْءَ عَلَى الْبَائِعِ وَإِلَّا رَجَعَتْ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ. الْبُرْزُلِيِّ: هَذَا مِثْلُ مَا تَقَدَّمَ فِي الزَّرِيعَةِ إذَا زَعَمَ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا لَا تُنْبِتُ يُؤْخَذُ بَعْضُهَا وَيُخْتَبَرُ. وَانْظُرْ إذَا شَقَّ الْجُبْنَ الْيَابِسَ فَوَجَدَهُ فَاسِدًا، أَفْتَى ابْنُ لُبَابَةَ بِأَنَّهُ يَرُدُّهُ لِأَنَّهُ مِمَّا عَمِلَتْهُ الْأَيْدِي وَلَيْسَ كَالْخَشَبَةِ وَالْفَصِّ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.
وَكَذَا أَيْضًا فِي الْحَدِيدِ إذَا اشْتَرَاهُ وَلَا يَعْلَمُ إنْ كَانَ لَيِّنًا أَوْ أَحْرَشَ فَيَدْخُلُ الْعَمَلُ فَيَخْرُجُ أَحْرَشَ مُنْقَطِعًا فَإِنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ وَهُوَ عَيْبٌ. وَانْظُرْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى إذَا وَجَدَ جَوْفَ الشَّاةِ أَخْضَرَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مِنْ جِنَايَةٍ عَلَيْهَا أَوْ لَا فَرْقٌ، وَلَوْ قِيلَ لَهُ هِيَ سَمِينَةٌ فَلَمْ يَجِدْهَا كَذَلِكَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَالَ ذَلِكَ الْبَائِعُ أَوْ غَيْرُهُ فَرْقٌ، وَكَذَلِكَ أَيْضًا إذَا قَالَ أَشْتَرِي مِنْك أُضْحِيَّةً فَوَجَدَهَا لَا تُنَقَّى بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي اخْتَارَ لَهُ الشَّاةَ أَوْ لَا فَرْقٌ.
اُنْظُرْ رَسْمَ الْبُيُوعِ الْأَوَّلَ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ الْعُيُوبِ، وَانْظُرْ فِي سَمَاعِ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْعُسْرَةِ وَالْجُبْنَةِ وَالْجُدَرِيِّ فِي الْجِلْدِ يَتَبَيَّنُ بَعْدَ الدَّبْغِ وَفَرْقٌ فِي الْقِثَّاءِ يُوجَدُ دَاخِلُهُ مُرًّا بَيْنَ الْأَحْمَالِ مِنْهُ الْقِثَّاءُ وَالْقِثَّاءَتَانِ (وَرُدَّ بَيْضٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: أَمَّا الْبَيْضُ فَيُرَدُّ لِفَسَادِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا يُعْلَمُ وَيَظْهَرُ فَسَادُهُ قَبْلَ كَسْرِهِ وَهُوَ مِنْ الْبَائِعِ إذَا كُسِرَ إنْ كَانَ مُدَلِّسًا.
قَالَ مُحَمَّدٌ: وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُدَلِّسٍ لَمْ يُرَدَّ وَرَجَعَ بِمَا بَيْنَ الصِّحَّةِ وَالدَّاءِ. اللَّخْمِيِّ: يُرِيدُ إنْ كَانَ عُرُوقًا، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَا يَجُوزُ أَكْلُهُ فَهُوَ مَيْتَةٌ يُرَدُّ جَمِيعُ الثَّمَنِ دَلَّسَ أَوْ لَمْ يُدَلِّسْ.
(وَعَيْبٍ قَلَّ بِدَارٍ) اُنْظُرْ جَعْلَ مَوْضُوعِ الْمَسْأَلَةِ الدَّارَ وَعِبَارَةُ الْمُتَيْطِيِّ الدُّورُ وَنَحْوُهَا.
وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ الْعَقَارُ، وَعِبَارَةُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ لِأُصُولِ الْعُيُوبِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنْ لَا يَحُطَّ مِنْ الثَّمَنِ شَيْئًا لِيَسَارَتِهِ وَلِأَنَّ الْمَبِيعَ لَا يَنْفَكُّ مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا حُكْمَ لَهُ.
الثَّانِي أَنْ يَحُطَّ مِنْ الثَّمَنِ يَسِيرًا فَهَذَا إنْ كَانَ فِي الْأُصُولِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ بِهِ الرَّدُّ، وَإِنْ كَانَ الْمَبِيعُ قَائِمًا وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ فِيهِ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ
الْعَيْبِ وَذَلِكَ كَالصَّدْعِ فِي الْحَائِطِ وَمَا أَشْبَهَهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي الْعُرُوضِ فَظَاهِرُ الرِّوَايَاتِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الرَّدَّ يَجِبُ بِهِ كَالْكَثِيرِ سَوَاءً. وَقِيلَ: إنَّهُ كَالْأُصُولِ لَا يَجِبُ الرَّدُّ بِهِ وَإِنَّمَا فِيهِ الرُّجُوعُ بِقِيمَتِهِ، وَعَلَى هَذَا كَانَ ابْنُ رِزْقٍ يَحْمِلُ ظَاهِرَ الرِّوَايَاتِ حَيْثُمَا وَقَعَتْ وَيَقُولُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأُصُولِ وَالْعُرُوضِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ زِيَادٌ عَنْ مَالِكٍ فِيمَنْ ابْتَاعَ ثَوْبًا فَإِذَا فِيهِ خَرْقٌ يَسِيرٌ يَخْرُجُ فِي الْقَطْعِ أَوْ نَحْوِهِ مِنْ الْعُيُوبِ لَمْ يُرَدَّ بِهِ وَوَضَعَ عَنْهُ قَدْرَ الْعَيْبِ. وَفِي الْمُخْتَصَرِ الْكَبِيرِ نَحْوُ هَذَا انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: كَانَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يَذْهَبُ فِي الثِّيَابِ إلَى نَحْوِ مَا قِيلَ فِي الدُّورِ. ابْنُ يُونُسَ: وَلَوْ قَالَهُ قَائِلٌ فِي جَمِيعِ السِّلَعِ لَكَانَ صَوَابًا انْتَهَى. اُنْظُرْ هُنَا مَسْأَلَةَ أَنَّهُ لَمَّا صَارَ الْعَيْبُ الْيَسِيرُ فِي الدُّورِ لَا يَلْزَمُ الرَّدُّ بِهِ وَيُحْكَمُ لِلْمُبْتَاعِ أَنْ يَرْجِعَ بِالْقِيمَةِ انْفَتَحَ بِسَبَبِ هَذَا بَابٌ لِلرُّخَصِ فِي الدِّينِ تَجِدُهُ بَعْدَ الشِّرَاءِ يُفَتِّشُ عُيُوبًا لِيَنْحَطَّ لَهُ بِذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ مَعَ اعْتِبَاطِهِ بِالْمَبِيعِ وَقَدْ يُعْطِي فِيهِ رِبْحًا، فَاَلَّذِي أَتَحَمَّلُ عُهْدَتَهُ فِي هَذَا فُتْيَا ابْنِ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ قَالَ مَا نَصُّهُ: إذَا كَانَ الْعَيْبُ فِي الْعَقَارِ يَسِيرًا فَلَا يُرَدُّ بِهِ الْمَبِيعُ
وَلِلْمُبْتَاعِ الرُّجُوعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ إلَّا أَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ اصْرِفْ عَلَى مَا بِعْت مِنْك وَخُذْ الثَّمَنَ فَمِنْ حَقِّهِ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَفُوتَ الْمَبِيعُ فَيَكُونُ فِيهِ قِيمَةُ الْعَيْبِ (وَفِي قَدْرِهِ تَرَدُّدٌ) ابْنُ رُشْدٍ: وَلَا أَعْرِفُ لِلْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا حَدًّا فِي الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يَجِبُ الرَّدُّ بِهِ فِي الدُّورِ أَوْ الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَرَأَيْت لِابْنِ عَتَّابٍ الْعَيْبُ الَّذِي يَحُطُّ مِنْ الدَّارِ رُبْعَ الثَّمَنِ كَثِيرٌ يَجِبُ الرَّدُّ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْعَيْبِ مِثْقَالَيْنِ فَهُوَ يَسِيرٌ يَرْجِعُ الْمُبْتَاعُ بِهِمَا عَلَى الْبَائِعِ وَلَا يُرَدُّ الْمَبِيعُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ عَشَرَةَ مَثَاقِيلَ فَهُوَ كَثِيرٌ يَجِبُ الرَّدُّ بِهِ فَقَالَ: إنْ كَانَ عَشَرَةَ مَثَاقِيلَ كَثِيرًا وَلَمْ يُبَيِّنْ مِنْ أَيِّ ثَمَنٍ وَاَلَّذِي عِنْدِي أَنَّ عَشَرَةَ مَثَاقِيلَ مِنْ مِائَةٍ كَثِيرٌ يَجِبُ الرَّدُّ بِهِ. انْتَهَى مِنْ ابْنِ رُشْدٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: فِي حَدِّ الْكَثِيرِ خَمْسَةُ أَقْوَالٍ (وَرَجَعَ بِقِيمَةٍ كَصَدْعِ جِدَارٍ لَمْ يُخَفْ عَلَيْهَا مِنْهُ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ اشْتَرَى دَارًا فَوَجَدَ بِهَا صَدْعًا يَخَافُ عَلَى الدَّارِ الْهَدْمَ مِنْهُ، فَلَهُ أَنْ يَرُدَّ وَإِنْ كَانَ صَدْعًا لَا يَخَافُ عَلَى الدَّارِ الْهَدْمَ مِنْهُ فَلَا يَرُدُّ بِهِ.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَإِذَا لَمْ يَخَفْ
عَلَى الدَّارِ مِنْ ذَلِكَ غَرِمَ الْبَائِعُ مَا نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا وَكَذَلِكَ كُلُّ عَيْبٍ (إلَّا أَنْ يَكُونَ وَجْهَهَا) عِيَاضٌ: لَوْ كَانَ الْحَائِطُ الَّذِي يَلِي الْمَحَجَّةَ وَلَا يُمْكِنُ سُكْنَى الدَّارِ حَتَّى يُبْنَى أَوْ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهِ بِنَاءُ الدَّارِ لَوَجَبَ بِهِ الرَّدُّ دُونَ إشْكَالٍ (أَوْ يَقْطَعُ مَنْفَعَةً أَوْ مِلْحُ بِئْرِهَا بِمَحِلِّ الْحَلَاوَةِ) اللَّخْمِيِّ: إنْ كَانَ عَيْبًا شَامِلًا رُدَّ بِهِ وَإِنْ قَلَّ مَا يَنُوبُهُ مِثْلُ أَنْ تُسْتَحَقَّ سَاحَةُ الدَّارِ أَوْ مِطْمَرُهَا.
زَادَ عِيَاضٌ: وَكَغَوْرِ مَاءِ بِئْرِهَا
وَفَسَادِ مِطْمَرِ مِرْحَاضِهَا أَوْ زُعَاقِ مَاءِ بِئْرِهَا فِي الْبِلَادِ الَّتِي مَاءُ آبَارِهَا حُلْوٌ.
(وَإِنْ قَالَتْ أَنَا مُسْتَوْلَدَةٌ لَمْ تَحْرُمْ لَكِنَّهُ عَيْبٌ إنْ رَضِيَ بِهِ بَيَّنَ) ابْنُ عَرَفَةَ: فِي كَوْنِ دَعْوَى الْأَمَةِ إيلَادَهَا سَيِّدَهَا أَوْ الْحُرِّيَّةَ عَيْبٌ تُرَدُّ بِهِ عَلَى مَنْ ادَّعَتْ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ رِوَايَتَانِ: الْأُولَى هِيَ رِوَايَةُ مُحَمَّدٍ وَسَمَاعُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوَّلَ مَسْأَلَةٍ مِنْ كِتَابِ الْعُيُوبِ وَبِهَا أَفْتَى ابْنُ لُبَابَةَ وَغَيْرُهُ، وَالرِّوَايَةُ الثَّانِيَةُ رَوَاهَا الْمَدَنِيُّونَ.
وَقَالَ ابْنُ عَاتٍ: إنْ قَامَ
شَاهِدٌ بِحُرِّيَّةِ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ لَمْ يُحْكَمْ بِهِ وَكَانَ عَيْبًا يُرَدُّ بِهِ. وَانْظُرْ السَّمَاعَ الْمَذْكُورَ أَنَّ بَيْنَ دَعْوَاهَا ذَلِكَ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ أَوْ بَعْدَهَا فَرْقٌ، وَبَيْنَ أَنْ يُخَيِّرَهُ بِذَلِكَ مُخَيِّرٌ قَبْلَ الشِّرَاءِ أَوْ بَعْدَهُ فَرْقٌ. وَانْظُرْ أَيْضًا إذَا سَرَقَ الْعَبْدُ فِي عُهْدَةِ الثَّلَاثِ أَوْ أَقَرَّ بِهَا بَيْنَ الْوَجْهَيْنِ فَرْقٌ، وَبَيْنَ نِصَابِ السَّرِقَةِ وَغَيْرِهِ فَرْقٌ.
(وَتَصْرِيَةُ الْحَيَوَانِ كَالشَّرْطِ كَتَلْطِيخِ ثَوْبِ عَبْدٍ بِمِدَادٍ) ابْنُ شَاسٍ: مِنْ أَسْبَابِ الْخِيَارِ التَّغْرِيرُ الْفِعْلِيُّ وَهُوَ أَنْ يَفْعَلَ فِي الْمَبِيعِ فِعْلًا يَظُنُّ بِهِ الْمُشْتَرِي كَمَالًا فَلَا يُوجَدُ كَذَلِكَ. وَالْأَصْلُ فِي اعْتِبَارِ هَذَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُصَرُّوا الْإِبِلَ» الْحَدِيثَ.
قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: التَّغْرِيرُ الْفِعْلِيُّ كَالشَّرْطِيِّ وَهُوَ فِعْلٌ يُظَنُّ بِهِ كَمَالٌ كَتَلْطِيخِ الثَّوْبِ بِالْمِدَادِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا إنْ ثَبَتَ أَنَّ الْبَائِعَ فَعَلَهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ لِاحْتِمَالِ فِعْلِهِ لِلْعَبْدِ دُونَ عِلْمِ سَيِّدِهِ لِكَرَاهَةِ بَقَائِهِ فِي مِلْكِهِ. وَتَصْوِيرُ الْمَازِرِيِّ أَبْيَنُ قَالَ: كَمَا لَوْ بَاعَ غُلَامًا فِي ثَوْبِهِ أَثَرُ الْمِدَادِ وَبِيَدِهِ الدَّوَاةُ وَالْقَلَمُ فَإِذَا بِهِ أُمِّيٌّ. وَمِنْ هَذَا قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ ابْتَاعَ ثِيَابًا فَرَقَّمَ عَلَيْهَا أَكْثَرَ مِمَّا ابْتَاعَهَا بِهِ وَبَاعَهَا بِرَقْمِهَا وَلَمْ يَقُلْ قَامَتْ عَلَيَّ بِكَذَا، شَدَّدَ مَالِكٌ كَرَاهَةَ فِعْلِهِ وَاتَّقَى فِيهِ وَجْهَ الْخِلَابَةِ. ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: إنْ وَقَعَ خُيِّرَ فِيهِ مُبْتَاعُهُ، وَإِنْ فَاتَ رُدَّ لِقِيمَتِهِ وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ (فَيَرُدُّهُ بِصَاعٍ مِنْ غَالِبِ الْقُوتِ) قَالَ مَالِكٌ: حَدِيثُ الْمُصَرَّاةِ مُتَّبَعٌ لَيْسَ لِأَحَدٍ فِيهِ رَأْيٌ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا نَأْخُذُ بِهِ لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ مَا هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ وَهُوَ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ. وَنَحْوُهُ لِمَالِكٍ فِي الْمُخْتَصَرِ وَقَالَ: لَهُ اللَّبَنُ بِمَا يَخْلُفُ. ابْنُ يُونُسَ: وَحَدِيثُ الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ عَامٌّ وَحَدِيثُ الْمُصَرَّاةِ مُخَصِّصٌ لِبَعْضِ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ حَدِيثُ «الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ» ، وَالْخُصُوصُ يُقْضَى بِهِ عَلَى الْعَامِّ كَمَا أَنَّ الْمُفَسَّرَ يُقْضَى بِهِ عَلَى الْمُجْمَلِ، وَالتَّصْرِيَةُ حَبْسُ اللَّبَنِ فِي الضُّرُوعِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: الْمُصَرَّاةُ مِنْ جَمِيعِ الْأَنْعَامِ سَوَاءٌ وَهِيَ الَّتِي يَدَعُونَ حَلْبَهَا لِيَعْظُمَ ضَرْعُهَا وَيَحْسُنَ حِلَابُهَا ثُمَّ تُبَاعُ، فَإِذَا حَلَبَهَا الْمُشْتَرِي مَرَّةً لَمْ يَتَبَيَّنْ ذَلِكَ، فَإِذَا حَلَبَ ثَانِيَةً عَلِمَ بِذَلِكَ نَقْصَ حِلَابَهَا، فَإِمَّا رَضِيَهَا وَإِمَّا رَدَّهَا وَصَاعًا مِنْ تَمْرٍ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِبَلَدٍ
لَيْسَ عَيْشُهُمْ التَّمْرَ أَعْطَى الصَّاعَ مِنْ عَيْشِ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَعَيْشُ أَهْلِ مِصْرَ الْحِنْطَةُ فَلْيُعْطُوا مِنْهَا.
(وَحَرُمَ رَدُّ اللَّبَنِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا رَدَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ اللَّبَنَ مَعَهَا إنْ كَانَ قَائِمًا بِغَيْرِ صَاعٍ، وَلَوْ كَانَ لَهُ رَدُّهُ كَانَ عَلَيْهِ فِي فَوَاتِهِ مِثْلُهُ، وَلَوْ رَضِيَ الْبَائِعُ أَنْ يَقْبَلَهَا مَعَ اللَّبَنِ بِغَيْرِ صَاعٍ لَمْ يُعْجِبْنِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ وَجَبَ لَهُ صَاعُ طَعَامٍ فَبَاعَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ بِلَبَنٍ إلَّا أَنْ يَقْبَلَهَا الْبَائِعُ بِغَيْرِ لَبَنِهَا فَيَجُوزُ (لَا إنْ عَلِمَهَا مُصَرَّاةً) اللَّخْمِيِّ: إنْ اشْتَرَاهَا وَهُوَ عَالِمٌ أَنَّهَا مُصَرَّاةٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدٌّ إلَّا أَنْ يَجِدَهَا قَلِيلَةَ الدَّرِّ دُونَ الْمُعْتَادِ مِنْ مِثْلِهَا (أَوْ لَمْ تُصَرَّ وَظَنَّ كَثْرَةَ اللَّبَنِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ بَاعَ شَاةً حَلُوبًا غَيْرَ مُصَرَّاةٍ فِي إبَّانِ الْحِلَابِ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا تَحْلُبُ، فَإِنْ كَانَتْ الرَّغْبَةُ فِيهَا إنَّمَا هِيَ اللَّبَنُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ