الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حُكْمِ الرِّبَا فِي الْمَطْعُومَاتِ]
فَصْلٌ.
ابْنُ شَاسٍ: النَّوْعُ الثَّانِي فِي بَيَانِ حُكْمِ الرِّبَا فِي الْمَطْعُومَاتِ (عِلَّةُ طَعَامِ الرِّبَا اقْتِيَاتٌ وَادِّخَارٌ) اُنْظُرْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: يَحْرُمُ النَّسَأُ فِي بَيْعِ طَعَامٍ بِآخَرَ مُطْلَقًا، وَالطَّعَامُ مَا غَلَبَ اتِّخَاذُهُ لِأَكْلِ الْآدَمِيِّ أَوْ لِإِصْلَاحِهِ أَوْ لِشُرْبِهِ. فَيَدْخُلُ الْمِلْحُ وَالْفِلْفِلُ لَا الزَّعْفَرَانُ وَالْمَاءُ.
ابْنُ أَبِي يَحْيَى: وَلَا مَاءُ الْوَرْدِ وَالْمَصْطَكَى. الشَّيْخُ رحمه الله: وَالصَّبْرُ. الرِّسَالَةُ: وَلَا الزَّرَارِيعُ الَّتِي لَا يُعْتَصَرُ مِنْهَا زَيْتٌ. ابْنُ رُشْدٍ: وَلَا الْحُرْفُ وَهُوَ حَبُّ الرَّشَادِ.
ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا ذِكَارُ التِّينِ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَا النَّارِنْجُ بِخِلَافِ اللِّيمِ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَحُكْمُ رِبَا الْفَضْلِ أَصْلٌ فِي الْأَرْبَعَةِ: الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالتَّمْرِ وَالْمِلْحِ وَفِي عِلَّتِهِ اضْطِرَابٌ.
ثُمَّ قَالَ: فَالْأَقْوَالُ فِي هَذَا تِسْعَةٌ. عَبْدُ الْوَهَّابِ: التَّحْرِيمُ عِنْدَنَا مُتَعَلِّقٌ بِمَعَانِي هَذِهِ الْمُسَمَّيَاتِ دُونَ أَعْيَانهَا، وَالْعِلَّةُ أَنَّهَا مَأْكُولَةٌ مُدَّخَرَةٌ لِلْعَيْشِ غَالِبًا. فَنَصَّ عَلَى الْبُرِّ لِيُفِيدَ كُلَّ مُقْتَاتٍ تَعُمُّ الْحَاجَةُ إلَيْهِ وَتَقُومُ الْأَبْدَانُ بِهِ، وَنَصَّ عَلَى الشَّعِيرِ لِيُبَيِّنَ مُشَارَكَتَهُ لِلْبُرِّ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ يَكُونُ قُوتًا فِي حَالِ الِاضْطِرَارِ فَنَبَّهَ بِهِ عَلَى الدُّخْنِ وَغَيْرِهَا، وَنَصَّ عَلَى التَّمْرِ لِيُنَبِّهَ بِهِ عَلَى كُلِّ حَلَاوَةٍ وَمُدَّخَرَةٍ غَالِبًا كَالسُّكَّرِ وَالْعَسَلِ وَالزَّبِيبِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا، وَنَصَّ عَلَى الْمِلْحِ لِيُنَبِّهَ بِهِ عَلَى مَا أَصْلَحَ الْمُقْتَاتَ مِنْ الْمَأْكُولَاتِ كَالْأَبَازِيرِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا (وَهَلْ لِغَلَبَةِ الْعَيْشِ؟ تَأْوِيلَانِ) تَقَدَّمَ نَصُّ عَبْدِ الْوَهَّابِ: الْعِلَّةُ أَنَّهَا
مُدَّخَرَةٌ لِلْعَيْشِ غَالِبًا.
ابْنُ رُشْدٍ: اقْتَصَرَ بَعْضُهُمْ عَلَى قَوْلِهِ مُقْتَاتًا مُدَّخَرًا وَلَمْ يَزِدْ أَصْلًا لِلْمَعَاشِ غَالِبًا وَهُوَ نَصُّ الْمُوَطَّأِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدِي.
وَقَالَ ابْنُ رِزْقٍ: هَذِهِ الزِّيَادَةُ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ.
ابْنُ رُشْدٍ: وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدِي بِبَيِّنٍ. (كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ وَسُلْتٍ وَهِيَ جِنْسٌ؟) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: الْقَمْحُ وَالشَّعِيرُ وَالسُّلْتُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ هِيَ نَوْعٌ وَاحِدٌ. ابْنُ حَبِيبٍ: فَيَحْرُمُ التَّفَاضُلُ فِي بَيْعِ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ فَلَا يَجُوزُ
فِيهَا جُزَافٌ بِجُزَافٍ وَلَا جُزَافٌ بِكَيْلٍ (وَعَلَسٍ وَذُرَةٍ وَدُخْنٍ وَأَرُزٍّ وَهِيَ أَجْنَاسٌ) هَكَذَا هِيَ عِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْعَلَسَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ الْقَمْحِ.
أَبُو عُمَرَ: اتَّفَقَ قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّ الدُّخْنَ وَالذُّرَةَ وَالْأَرُزَّ أَصْنَافٌ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهَا (وَقُطْنِيَّةٍ) مَثَّلَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِهَا أَيْضًا الرِّبَوِيَّ (وَمِنْهَا كِرْسِنَّةٌ) قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَيَحْيَى بْنُ يَحْيَى: لَا زَكَاةَ فِي الْكِرْسِنَّةِ. ابْنُ رُشْدٍ: فَهُوَ الْأَظْهَرُ لِأَنَّهَا عَلَفٌ وَلَيْسَتْ بِطَعَامٍ، وَرَأَى اللَّخْمِيِّ الْكِرْسِنَّةَ مِنْ الْقَطَانِيّ (وَهِيَ أَجْنَاسٌ) ابْنُ رُشْدٍ: اخْتَلَفَ قَوْلُ
مَالِكٍ فِي الْقَطَّانِيِّ فِي الْبَيْعِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ، وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْحَابِ مَالِكٍ كُلِّهِمْ أَنَّهَا أَصْنَافٌ
مُخْتَلِفَةٌ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهَا.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ جَمَاعَةَ الْقَطَّانِيُّ وَأَنَّهَا الْفُولُ وَالْحِمَّصُ وَالْجُلْبَانُ وَاللُّوبْيَا وَالتُّرْمُسُ وَالْبَسِيلَةُ وَهِيَ الْبِرْسِيمُ وَالْعَدَسُ وَالْكِرْسِنَّةُ وَهِيَ الْجُلْبَانُ الصَّغِيرُ الْحَبِّ اهـ. (وَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ) مَثَّلَ ابْنُ الْحَاجِبِ أَيْضًا بِهِمَا الرِّبَوِيَّ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صِنْفٌ عَلَى حِدَتِهِ.
(وَلَحْمِ طَيْرٍ وَهُوَ جِنْسٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: الطَّيْرُ كُلُّهَا صَغِيرُهَا وَكَبِيرُهَا وَحْشِيُّهَا وَإِنْسِيُّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي لُحُومِهَا وَلَا حَيٍّ مِنْهَا بِمَذْبُوحٍ (وَلَوْ اخْتَلَفَتْ مَرَقَتُهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: الْمَطْبُوخُ كُلُّهُ صِنْفٌ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ صِفَةُ طَبْخِهِ كَقَلَيْتُهُ بِعَسَلٍ وَأُخْرَى بِلَبَنٍ أَوْ خَلٍّ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ.
(كَدَوَابِّ الْمَاءِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَحْمُ الْحُوتِ كُلُّهُ صَغِيرُهُ وَكَبِيرُهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ.
(وَذَوَاتِ الْأَرْبَعِ وَإِنْ وَحْشِيًّا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: ذَوَاتُ الْأَرْبَعِ الْأَنْعَامُ وَالْوَحْشُ صِنْفٌ وَاحِدٌ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي لُحُومِهَا وَشُحُومِهَا وَلَا يَجُوزُ حَيٌّ مِنْهَا بِمَذْبُوحٍ (وَالْجَرَادِ وَفِي رِبَوِيَّتِهِ خِلَافٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِالْجَرَادِ بِالطَّيْرِ وَلَيْسَ هُوَ لَحْمًا وَيَجُوزُ وَاحِدٌ مِنْ الْجَرَادِ بِاثْنَيْنِ مِنْ الْحُوتِ يَدًا بِيَدٍ، وَأَجَازَ أَشْهَبُ التَّفَاضُلَ فِيهِ
وَجَعَلَهُ كَحُكْمِ الْخُضَرِ لَا كَحُكْمِ الْمُدَّخَرَاتِ مِنْ الْأَطْعِمَةِ اهـ. مِنْ ابْنِ يُونُسَ: وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْجَرَادَ غَيْرُ رِبَوِيٍّ. ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ وَجَعَلَهُ الْجَلَّابُ الْمَذْهَبَ.
(وَفِي جِنْسِيَّةِ الْمَطْبُوخِ مِنْ جِنْسَيْنِ قَوْلَانِ) إذَا طُبِخَ الْجِنْسَانِ مِنْ اللَّحْمِ هَلْ تُرَاعَى اللَّحْمَانِ؟ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَا تُرَاعَى لِأَنَّهُ صَارَ مَطْبُوخًا كُلَّهُ لِتَقَارُبِ مَنْفَعَتِهِ فَهُوَ كَصِنْفٍ وَاحِدٍ. ابْنُ يُونُسَ: ظَاهِرُ أَقْوَالِهِمْ خِلَافُ هَذَا لَا سِيَّمَا فِي قَوْلِ مَنْ يَتَحَرَّى اللَّحْمَيْنِ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْمَطْبُوخِ بِالْمَطْبُوخِ يَتَحَرَّى اللَّحْمَيْنِ وَمَا مَعَهُمَا مِنْ الْمَرَقِ لِأَنَّ الْمَرَقَ مِنْ اللَّحْمِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: إنَّمَا يَتَحَرَّى اللَّحْمَ خَاصَّةً حَيْثُ كَانَ نِيئًا وَلَا يَلْتَفِتُ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا إلَى مَا مَعَهُ مِنْ الْمَرَقِ كَمَا
يَتَحَرَّى فِي الْخُبْزِ بِالْخُبْزِ.
(وَالْمَرَقُ وَالْعَظْمُ وَالْجِلْدُ كَهُوَ) أَمَّا الْمَرَقُ فَهَذِهِ طَرِيقَةُ أَبِي مُحَمَّدٍ، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ مُعَارَضَتَهَا وَلَمْ يُشْهِرْ مِنْهَا قَوْلًا. وَأَمَّا الْعَظْمُ فَقَالَ الْبَاجِيُّ: الْعَظْمُ مِنْ اللَّحْمِ وَكَذَا الْأَكَارِعُ وَغَيْرُهَا مَا لَمْ يَكُنْ الْعَظْمُ مُضَافًا إلَيْهِ كَنَوَى التَّمْرِ حُكْمُهُ حُكْمُ التَّمْرِ مَا لَمْ يَكُنْ مُضَافًا إلَيْهِ. وَأَمَّا الْجِلْدُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا خَيْرَ فِي شَاةٍ مَذْبُوحَةٍ بِشَاةٍ مَذْبُوحَةٍ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ تَحَرِّيًا إنْ قَدَرَ عَلَى تَحَرِّيهِمَا فِي جُلُودِهِمَا قَبْلَ السَّلْخِ.
قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: يَنْبَغِي عَلَى أُصُولِهِمْ أَنْ لَا يَجُوزَ حَتَّى يَسْتَثْنِيَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا جِلْدَ شَاتِه وَإِلَّا فَهُوَ لَحْمٌ وَسِلْعَةٌ بِلَحْمٍ وَسِلْعَةٍ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذِهِ رِوَايَةُ يَحْيَى وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، لِأَنَّ الْجِلْدَ لَحْمٌ يُؤْكَلُ مَسْمُوطًا مُعْتَادًا. اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَلَمْ يُجْبَرْ عَلَى الذَّبْحِ فِيهِمَا ". وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَا أُضِيفَ إلَى اللَّحْمِ مِنْ شَحْمٍ وَكُرَاعٍ وَكَبِدٍ وَكَرِشٍ وَقَلْبٍ وَرِئَةٍ وَطِحَالٍ وَكُلًى وَحُلْقُومٍ وَخُصًى وَرَأْسٍ وَشِبْهِهِ، فَلَهُ حُكْمُ اللَّحْمِ فَلَا يَجُوز بِاللَّحْمِ وَلَا بَعْضُهُ بِبَعْضٍ إلَّا مِثْلً ابِمِثْلٍ، وَلَا بَأْسَ بِأَكْلِ الطِّحَالِ، وَلَا يَجُوزُ رَأْسٌ بِرَأْسَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ رَأْسٌ يُسَاوِيهِ فِي التَّحَرِّي وَالْوَزْنِ
صَغِيرًا فَيَجُوزُ.
قَالَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله: أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ مُوَازَنَةً وَإِنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ رَأْسٌ بِرَأْسَيْنِ. وَبَعْضٌ مِنْ الْعَامَّةِ مَنْ لَا يَأْكُلُ لَحْمَ رَأْسِ كَبْشٍ فَيُبَدِّلُهُ مِنْ غَيْرِ وَزْنٍ وَهَذَا رِبًا، وَإِنْ كَانَ فِي الْأُضْحِيَّةِ فَهُوَ بَيْعٌ، وَسَيَأْتِي فِي الْقِسْمَةِ أَنَّ لِأَحَدِ الشُّرَكَاءِ أَنْ يَفْضُلَ أَصْحَابَهُ زِيَادَةً مَا لَمْ يَكُنْ اللَّحْمُ الَّذِي أَخَذَ شَرِيكُهُ أَحْسَنَ.
(وَيُسْتَثْنَى قِشْرُ بَيْضِ النَّعَامِ) الْمَازِرِيُّ: إنَّمَا يَجُوزُ الْبَيْضُ بِالْبَيْضِ بِشَرْطِ تَحَرِّي الْمُسَاوَاةِ وَاتِّحَادِ قَدْرِهِ وَإِنْ اقْتَضَى التَّحَرِّي مُسَاوَاةَ بَيْضَةٍ لِبَيْضَتَيْنِ.
وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: يَجُوزُ بَيْضُ النَّعَامِ بِبَيْضِ الدَّجَاجِ تَحَرِّيًا بَعْدَ أَنْ يَسْتَثْنِيَ صَاحِبُ بَيْضِ النَّعَامِ قِشْرَهُ، لِأَنَّ لَهُ قَدْرًا مِنْ الثَّمَنِ فَيَصِيرُ الْبَيْضُ بِالْبَيْضِ بَيْنَهُمَا فَضْلًا. الْمَازِرِيُّ: لَمْ يَشْتَرِطْ هَذَا غَيْرُهُ لِأَنَّهُ رَأَى أَنَّ ثَمَنَهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ أَوْ لِأَنَّهُ مِنْ مَصْلَحَتِهِ فَأَشْبَهَ النَّوَى فِي التَّمْرِ لِأَنَّهُ مِنْ ضَرُورَةِ ادِّخَارِهِ.
(وَذِي زَيْتٍ كَفُجْلٍ) ابْنُ رُشْدٍ: مَا كَانَ مِنْ الزَّرَارِيعِ الَّتِي يُسْتَخْرَجُ مِنْهَا الزَّيْتُ كَزَرِيعَةِ الْفُجْلِ فَإِنَّهَا مِنْ الطَّعَامِ لَا تُبَاعُ حَتَّى
تُسْتَوْفَى وَلَا يُبَاعُ مِنْهَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ. كَذَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَعْنَى ذَلِكَ فِي الْبَلَدِ الَّذِي تُتَّخَذُ فِيهِ لِذَلِكَ اهـ. اُنْظُرْ زَرِيعَةَ الْكَتَّانِ. أَجَازَ اللَّخْمِيِّ التَّفَاضُلَ فِيهَا وَبَيْعَهَا بِزَيْتِ زَيْتُونٍ إلَى أَجَلٍ. وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهَا إذْ لَيْسَتْ بِعَيْشٍ. الْقَرَافِيُّ وَهَذَا ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: زَرِيعَةُ الْكَتَّانِ طَعَامٌ وَقَالَ فِيهَا مِثْلَ مَا قَالَ فِي زَرِيعَةِ الْفُجْلِ. وَقَالَ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: فِي الْقُرْطُمِ: إنَّهُ رِبَوِيٌّ. ابْنُ رُشْدٍ: الْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِيهِ، وَكَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله يَقُولُ فِي زَيْتِ اللَّوْزِ وَالْجَوْزِ: ظَاهِرُ النَّوَادِرِ أَنَّهُ رِبَوِيٌّ. وَأَجَازَ اللَّخْمِيِّ التَّفَاضُلَ فِيهِ. قَالَ: وَكَذَا زَيْتُ الْخَيْرِيِّ.
(وَالزُّيُوتُ أَصْنَافٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: زَيْتُ الزَّيْتُونِ وَزَيْتُ الْفُجْلِ وَزَيْتُ الْجُلْجُلَانِ أَجْنَاسٌ لِاخْتِلَافِ مَنَافِعِهَا (كَالْعُسُولِ) اللَّخْمِيِّ: عَسَلُ النَّحْلِ وَالْقَصَبُ وَالْعَصِيرُ أَصْنَافٌ يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا. ثُمَّ قَالَ: وَلَا يُبَاعُ الْقَصَبُ بِعَسَلِهِ وَلَا بِرُبِّهِ إلَّا أَنْ يَدْخُلَهُ الْأَبْزَارُ. وَأَجَازَ فِي السُّلَيْمَانِيَّةِ بَيْعَ قَصَبِ السُّكَّرِ بِالسُّكَّرِ لِأَنَّ ذَلِكَ صُنْعُهُ وَيَطُولُ أَمْرُهُ وَلَا يُبَاعُ عَسَلُ الْقَصَبِ بِرُبِّهِ وَهُوَ كَالطَّرِيِّ بِالْيَابِسِ، لِأَنَّ عَسَلَ الْقَصَبِ إذَا عُمِلَ رُبًّا نَقَصَ.
قَالَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله: قَوْلُ الْقَرَافِيُّ " يَجُوزُ السُّكَّرُ بِالْفَانِيدِ " مُشْكِلٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْفَانِيدُ مَحْشُوًّا كَمَا أَجَازُوا الْخُبْزَ بِالْكَعْكِ الْمَحْشُوِّ.
(لَا الْخُلُولِ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْخُلُولُ وَإِنْ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُهَا جِنْسٌ وَاحِدٌ كَخَلِّ الْعِنَبِ بِخَلِّ التَّمْرِ. لِاتِّفَاقِ الْمَنَافِعِ، وَأَمَّا التَّمْرُ بِخَلِّهِ وَالْعِنَبُ بِخَلِّهِ فَجَائِزٌ لِطُولِ أَمْرِهِ.
(وَالْأَنْبِذَةِ) قَالَ مَالِكٌ: لَا يَصْلُحُ نَبِيذُ تَمْرٍ بِنَبِيذِ زَبِيبٍ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهُمَا وَاحِدَةٌ. ابْنُ حَبِيبٍ: الْأَشْرِبَةُ الْحَلَالُ مَا كَانَ مِنْ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَالتِّينِ صِنْفٌ.
(وَالْأَخْبَازِ وَلَوْ بَعْضُهَا قُطْنِيَّةً) ابْنُ رُشْدٍ: الْمَشْهُورُ أَنَّ الْأَخْبَازَ لَا تُرَاعَى أُصُولُهَا لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ فِيهَا وَاحِدَةٌ، فَلَا
يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي الْخُبْزِ وَإِنْ افْتَرَقَتْ أُصُولُهُ. (إلَّا الْكَعْكَ بِأَبْزَارٍ) اللَّخْمِيِّ وَالْمَازِرِيِّ: لَا يَجُوزُ الْخُبْزُ بِالْكَعْكِ مُتَفَاضِلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْكَعْكِ أَبْزَارٌ، وَيَجُوزُ الْفَضْلُ بَيْنَ الْإِسْفَنْجِ وَالْخُبْزِ لِأَنَّ الزَّيْتَ يَنْقُلُ الطَّعَامَ كَمَا يَنْقُلُ الْأَبْزَارَ.
(وَبَيْضٍ) قَوْلُهُ قَبْلَ هَذَا وَيُسْتَثْنَى قِشْرُ بَيْضِ النَّعَامِ فَرْعُ رِبَوِيَّةِ الْبَيْضِ فَهُنَاكَ كَانَ مَوْضِعُ النَّصِّ عَلَى أَنَّ الْبَيْضَ رِبَوِيٌّ، وَأَمَّا هُنَا فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَذْكُرَ هَلْ الْبَيْضُ كَالْأَبْزَارِ أَوْ لَا. وَقَدْ تَوَقَّفَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي عَسَلِ الْقَصَبِ إذَا ضُرِبَ بِالْبَيْضِ فَانْظُرْ أَنْتَ فِي هَذَا (وَسُكَّرٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَجُوزُ سُكَّرٌ بِسُكَّرٍ مُتَفَاضِلًا (وَعَسَلٍ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْعُسُولَ صِنْفٌ وَذَلِكَ فَرْعُ رِبَوِيَّتِهَا، وَيَبْقَى النَّظَرُ هَلْ يُرِيدُ أَنَّ الْعَسَلَ وَالسُّكَّرَ جِنْسَانِ بِخِلَافِ عُسُولِهِمَا.
(وَمُطْلَقِ لَبَنٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: إنَّ مُطْلَقَ اللَّبَنِ رِبَوِيٌّ، وَمِنْ
الْمُدَوَّنَةِ: لَبَنُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَيَجُوزُ لَبَنُ الْغَنَمِ الْحَلِيبُ وَفِيهِ زُبْدُهُ بِلَبَنٍ مَضْرُوبٍ قَدْ أُخْرِجَ زُبْدُهُ أَوْ بِلَبَنِ اللِّقَاحِ وَلَا زُبْدَ فِيهِ مِثْلًا بِمِثْلٍ كَمَا جَازَ دَقِيقٌ بِقَمْحٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلِلْقَمْحِ رِيعٌ بَعْدَ طَحْنِهِ، وَلَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
(وَحُلْبَةٍ وَهَلْ وَإِنْ اخْضَرَّتْ؟ تَرَدُّدٌ) ابْنُ رُشْدٍ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْحُلْبَةِ: لَيْسَتْ بِطَعَامٍ وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ الْأَدْوِيَةِ، فَتُبَاعُ قَبْلَ أَنْ تُسْتَوْفَى، وَيُبَاعُ مِنْهَا اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ، وَتُبَاعُ بِالْقَمْحِ إلَى أَجَلٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: هِيَ طَعَامٌ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ هَلْ هِيَ رِبَوِيَّةٌ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهَا.
وَقَالَ أَصْبَغُ: لِلْخَضْرَاءِ حُكْمُ الْأَطْعِمَةِ، وَلِلْيَابِسَةِ حُكْمُ الْأَدْوِيَةِ، وَمَا ذَكَرَ اللَّخْمِيِّ إلَّا قَوْلَ أَصْبَغَ خَاصَّةً غَيْرَ مُعْزٍ وَكَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ (وَمُصْلِحُهُ كَمِلْحٍ) تَقَدَّمَ قَوْلُ عَبْدِ الْوَهَّابِ وَوَرَدَ النَّصُّ عَلَى الْمِلْحِ لِيُنَبِّهَ عَلَى مَا أَصْلَحَ الْمُقْتَاتَاتِ مِنْ الْمَأْكُولَاتِ كَالْأَبَازِيرِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا.
(وَبَصَلٍ وَثُومٍ) ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ: الثُّومُ وَالْبَصَلُ بِخِلَافِ الْبُقُولِ وَالْغَالِبُ فِيهَا أَنَّ ذَلِكَ يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ فَلَا يَصْلُحُ التَّفَاضُلُ فِي رَطْبِهِ وَلَا يَابِسِهِ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَهُمَا جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ (وَتَابِلٍ كَفُلْفُلٍ وَكُزْبَرَةٍ وَكَرَوْيَا) اللَّخْمِيِّ: رِوَايَةُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ التَّوَابِلَ طَعَامٌ وَهِيَ الْكُزْبَرَةُ وَالْقَرْنَبَا ذُو الْفِلْفِلِ. ابْنُ عَرَفَةَ:
وَالزَّنْجَبِيلُ. عِيَاضٌ: الْكَرَوْيَا هِيَ الْقَرْنَبَاذُ (وَأَنِيسُونَ وَشَمَارٍ) الشَّمَارُ زَرِيعَةُ الْبِسْبَاسِ وَالْأَنِيسُونَ حَبَّةُ الْحَلْوَاءِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: هُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ (وَكَمُّونَيْنِ) ابْنُ الْقَاسِمِ: الْكَمُّونَانِ جِنْسٌ وَاحِدٌ أَحَدُهُمَا الْأَسْوَدُ وَهُوَ الشُّونِيزُ، وَالْآخَرُ الْمَعْرُوفُ (وَهِيَ أَجْنَاسٌ) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: الْأَظْهَرُ أَنَّهَا أَجْنَاسٌ لِاخْتِلَافِ مَنَافِعِهَا.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الْقُرْطُمُ وَالْخَرْدَلُ وَالتَّابِلُ كُلُّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ صِنْفٍ مِنْهُ بِصِنْفِهِ أَوْ بِخِلَافٍ إلَى أَجَلٍ، وَلَا يَجُوزُ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنْهُ وَاحِدٌ بِاثْنَيْنِ يَدًا بِيَدٍ حَتَّى تَخْتَلِفَ الْأَصْنَافُ اهـ. اُنْظُرْ لَمْ يَذْكُرْ الْقِرْفَةَ وَالسُّنْبُلَ. وَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ وَتَأَوَّلَهُ عَلَى مَالِكٍ الْفِلْفِلُ وَالْقِرْفَةُ وَالسُّنْبُلُ أَجْنَاسٌ مُخْتَلِفَةٌ
(لَا خَرْدَلٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ
رِبَوِيٌّ، وَتَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ إنَّ حَبَّ الرَّشَادِ لَيْسَ بِطَعَامٍ (وَزَعْفَرَانٍ) ابْنُ يُونُسَ: أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى أَنَّ الزَّعْفَرَانَ لَيْسَ بِطَعَامٍ (وَخُضَرٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: مَا لَيْسَ فِيهِ عِلَّةُ رِبًا غَيْرُ رِبَوِيٍّ فِي الْمُدَوَّنَةِ كَالْخُضَرِ وَالْبُقُولِ. ابْنُ شَاسٍ: كَالْخَسِّ وَالْهُنْدُبَا وَالْقَضْبِ.
(وَدَوَاءٍ) فِي الرِّسَالَةِ: وَمَا يَكُونُ مِنْ الْأَدْوِيَةِ وَالزَّرَارِيعِ الَّتِي لَا يُعْتَصَرُ مِنْهَا زَيْتٌ فَلَا يَدْخُلُ فِيمَا يَحْرُمُ مِنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ التَّفَاضُلِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ مِنْهُ اهـ. وَعَنَى بِهَذَا الزَّرَارِيعِ زَرِيعَةَ الْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ وَالْبِطِّيخِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّهَا لَا تُؤْكَلُ إلَّا لِلتَّدَاوِي فَهِيَ كَالْحُرْفِ. قَالَ اللَّخْمِيِّ: وَعُيُونُ الْبَقَرَةِ والزفيزف يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِمَا لِأَنَّهُمَا إنَّمَا يُرَادَانِ بَعْدَ الْيُبْسِ لِلْعِلَاجِ (وَتِينٍ) أَمَّا زَكَاةُ التِّينِ فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مَالِكًا تَرَجَّحَ قَوْلُهُ فِي زَكَاتِهَا، وَأَمَّا فِي هَذَا الْبَابِ فَالْمَنْصُوصُ لِمَالِكٍ أَنَّهَا رِبَوِيَّةٌ وَإِنْ كَانَتْ لَا تَيْبَسُ قَالَ: وَيُحْكَمُ فِيهِ بِالْأَغْلَبِ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: إنَّ ظَاهِرَ اللَّخْمِيِّ وَالْقَاضِي الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّ الْجَوْزَ وَاللَّوْزَ رِبَوِيَّانِ (وَمَوْزِ فَاكِهَةٍ وَلَوْ اُدُّخِرَتْ بِقُطْرٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْفَوَاكِهُ الَّتِي لَا تُقْتَاتُ وَلَا تُدَّخَرُ غَيْرُ رِبَوِيَّةٍ اتِّفَاقًا. مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ طَعَامٍ أَوْ إدَامٍ يُدَّخَرُ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ بِصِنْفِهِ وَإِنْ كَانَ يَدًا بِيَدٍ، وَأَمَّا مَا لَا يَدْخُلُ مِنْ ذَلِكَ مِثْلُ رَطْبِ الْفَوَاكِهِ كَالتُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ وَالْمَوْزِ وَالْخَوْخِ وَإِنْ اُدُّخِرَ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ الْخُضَرِ وَالْبُقُولِ فَلَا بَأْسَ بِصِنْفٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بِصِنْفِهِ أَوْ بِخِلَافِهِ يَدًا بِيَدٍ مُتَفَاضِلًا. ابْنُ الْمَوَّازِ: الزفيزف وَعُيُونُ الْبَقَرِ وَالتُّفَّاحُ مِنْ رَطْبِ الْفَوَاكِهِ وَإِنْ يَبِسَ بَعْضُهُ فَلَيْسَ بِالْغَالِبِ وَلَا يَيْبَسُ لِأَصْلِ مَعَاشٍ بَلْ لِيُتَدَاوَى بِهِ، فَلَهُ حُكْمُ رَطْبِ الْفَوَاكِهِ، وَلَا بَأْسَ بِالتَّفَاضُلِ فِي رَطْبٍ بِرَطْبِهِ وَيَابِسٍ بِيَابِسِهِ وَكَذَلِكَ الْمَوْزُ.
وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: أَجَازَ مَالِكٌ التَّفَاضُلَ فِي الرُّمَّانِ، وَأَرَى أَنْ لَا يَجُوزَ فِيهَا التَّفَاضُلُ لِأَنَّهَا تُدَّخَرُ الشُّهُورَ وَهِيَ مُتَفَكِّهَةٌ قَبْلَ الِادِّخَارِ وَبَعْدَهُ (كَبُنْدُقٍ) نَصَّ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ اللَّوْزَ وَالْجَوْزَ وَالصَّنَوْبَرَ كُلٌّ مِنْهَا صِنْفٌ عَلَى حِدَةٍ لَا يَجُوزُ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الصِّنْفَانِ جَازَ التَّفَاضُلُ فِيهِ فَقَوْلُ خَلِيلٍ مُشْكِلٌ.
(وَبَلَحٍ إنْ صَغَرَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِي صَغِيرِ الْبَلَحِ بِكَبِيرِهِ أَوْ بِبُسْرٍ أَوْ بِرُطَبٍ أَوْ بِتَمْرٍ يَدًا بِيَدٍ لِأَنَّ صَغِيرَ الْبَلَحِ عَلَفٌ لَا طَعَامٌ
ابْنُ يُونُسَ: إنَّمَا اشْتَرَطَ فِيهِ يَدًا بِيَدٍ إذَا كَانَ فِي شَجَرِهِ إذْ لَا يَجُوزُ بَقَاؤُهُ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ عَلَى الْجَدِّ وَلَوْ كَانَ مَجْدُودًا جَازَ أَنْ يُسْلِمَ فِي تَمْرٍ أَوْ رُطَبٍ بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ.
وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: وَيَجُوزُ بِطَعَامٍ إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ يَجِدَّهُ مَكَانَهُ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: الْبَلَحُ الْكَبِيرُ رِبَوِيٌّ (وَمَاءٍ) وَيَجُوزُ بِطَعَامٍ إلَى أَجَلٍ. ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَعْرُوفُ أَنَّ الْمَاءَ غَيْرُ طَعَامٍ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يَجُوزُ بَيْعُ الْمَاءِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَمُتَفَاضِلًا وَبِطَعَامٍ إلَى أَجَلٍ.
(وَالطَّحْنُ وَالْعَجْنُ وَالصَّلْقُ إلَّا التُّرْمُسَ وَالنَّبِيذَ لَا يُنْقَلُ) أَمَّا الدَّقِيقُ بِالْقَمْحِ فَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَذْهَبُ أَنَّ الطَّحْنَ وَالْعَجْنَ لَغْوٌ. وَانْظُرْ بِمَاذَا تَكُونُ الْمُمَاثَلَةُ؟ فَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ فِي ذَلِكَ تَكُونُ بِالْكَيْلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّهَا فِي اللَّبَنِ إذَا أَخْرَجَ زُبْدَهُ بِلَبَنٍ فِيهِ زُبْدٌ أَنَّهُ جَائِزٌ كَمَا جَازَ قَمْحٌ بِدَقِيقٍ وَإِنْ كَانَ لِلدَّقِيقِ رِيعٌ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: لَا يَجُوزُ إلَّا إذَا وُزِنَا جَمِيعًا. وَنَصَّ سَحْنُونَ عَلَى أَنَّ الْمِعْيَارَ الشَّرْعِيَّ فِي الدَّقِيقِ الْكَيْلُ، وَكَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله يُرَشِّحُ
طَرِيقَةَ ابْنِ الْقَصَّارِ وَيَقُولُ: أَمَّا الْبَيْعُ فَلَا يَجُوزُ إلَّا بِالْوَزْنِ كَالتَّمْرِ.
وَانْظُرْ فِي التَّمْهِيدِ فِي رَسْمِ حُمَيْدٍ لَوْ وُزِنَ الْمَكِيلُ رَجَوْت أَنْ يَكُونَ مُمَاثِلًا إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَأَمَّا السَّلْقُ فَيُقَالُ سَلَقْت الْفُولَ إذَا أَغَلَيْته بِغَلْيَةٍ خَفِيفَةٍ.
قَالَ اللَّخْمِيِّ: لَا يَجُوزُ الْحِمَّصُ الْمَبْلُولُ بِالْيَابِسِ مُتَفَاضِلًا لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِمَّا يَطُولُ وَلَا يَتَكَلَّفُ فِيهِ كَبِيرَ مُؤْنَةٍ، وَلَا مُتَمَاثِلًا لِأَنَّهُ رَطْبٌ بِيَابِسٍ، وَكَذَلِكَ يَابِسُ الْفُولِ بِمَصْلُوقِهِ، وَقَدْ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي التُّرْمُسِ لِأَنَّهُ لَا يَطُولُ أَمْرُهُ وَيَتَكَلَّفُ فِيهِ مُؤْنَةً.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا خَيْرَ فِي بَيْضٍ مَسْلُوقٍ بِنِيءٍ مِنْهُ لَيْسَ الصَّلْقُ صَنْعَةً. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا كَقَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ طَبْخُ اللَّحْمِ بِغَيْرِ أَبْزَارٍ لَغْوٌ، وَأَمَّا الْعَجْنُ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْعَجْنُ لَيْسَ بِصَنْعَةٍ فَلَا يَجُوزُ بِالدَّقِيقِ مُتَفَاضِلًا بِاتِّفَاقٍ، وَلَا تُمْكِنُ الْمُمَاثَلَةُ فِيهِ بِالْكَيْلِ وَلَا بِالْوَزْنِ.
وَاخْتُلِفَ هَلْ يَجُوزُ بِالتَّحَرِّي؟ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّ ذَلِكَ يَجُوزُ فِي الشَّيْءِ الْيَسِيرِ مِثْلَ الْخَمِيرَةِ يَتَسَلَّفُهَا الْجِيرَانُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ فَيَرُدُّونَ فِيهَا دَقِيقًا أَوْ يَتَبَادَلُونَ فِيهَا الدَّقِيقَ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَنَصِّ قَوْلِهِ فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ وَقَوْلِ أَشْهَبَ.
وَأَمَّا النَّبِيذُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ نَبِيذُ التَّمْرِ وَنَبِيذُ الْعِنَبِ جِنْسٌ وَاحِدٌ. الْبَاجِيُّ: وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الِانْتِبَاذَ صَنْعَةٌ. ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ لَمْ يَطُلْ زَمَنُ الصَّنْعَةِ فَالْمَشْهُورُ لَا يُنْقَلُ كَالتَّمْرِ بِنَبِيذِهِ (بِخِلَافِ خَلِّهِ) الْبَاجِيُّ: نَصَّ مَالِكٌ عَلَى جَوَازِ التَّمْرِ بِخَلِّهِ، فَقَاسَ عَلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ الْعِنَبَ بِخَلِّهِ فَجَوَّزَهُ اهـ.
وَانْظُرْ النَّبِيذَ بِالْخَلِّ. ابْنُ رُشْدٍ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ النَّبِيذُ لَا يَصْلُحُ بِالتَّمْرِ لِقُرْبِ مَا بَيْنَهُمَا وَلَا بِالْخَلِّ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، لِأَنَّ الْخَلَّ وَالتَّمْرَ طَرَفَانِ يَبْعُدُ مَا بَيْنَهُمَا فَيَجُوزُ التَّفَاضُلُ بَيْنَهُمَا وَالنَّبِيذُ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُمَا يَقْرُبُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَلَا يَجُوزُ بِالتَّمْرِ عَلَى حَالٍ وَلَا بِالْخَلِّ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلِ وَهَذَا أَظْهَرُ.
وَلَا يَكُونُ سَمَاعُ يَحْيَى مُخَالِفًا لِلْمُدَوِّنَةِ وَطَبْخِ لَحْمٍ بِأَبْزَارِ وَشَيِّهِ وَتَجْفِيفِهِ بِهَا. ابْنُ بَشِيرٍ: الصِّنَاعَةُ الْمُضَافَةُ إلَى الْمَصْنُوعِ إنْ كَانَتْ بِأَبْزَارٍ وَنَقَصَتْ وَلَا مُضَافَ لَهَا فَهَذِهِ لَيْسَتْ بِنَاقِلَةٍ إلَى جِنْسٍ آخَرَ، وَمِثَالُهُ شَيُّ اللَّحْمِ وَتَجْفِيفُهُ وَطَبْخُهُ مِنْ غَيْرِ إضَافَةِ مَرَقَةٍ إلَيْهِ، وَمِنْ هَذَا تَجْفِيفُ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ، فَإِنْ كَانَ بِإِضَافَةِ شَيْءٍ إلَيْهِ فَإِنَّهَا صَنْعَةٌ نَاقِلَةٌ وَهَذَا كَتَجْفِيفِ اللَّحْمِ بِالْأَبَازِيرِ وَالطَّبْخِ بِالْمَرَقَةِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْبَاجِيِّ وَاللَّخْمِيِّ أَنَّ طَبْخَ اللَّحْمِ بِالْمَاءِ وَالْمِلْحِ فَقَطْ لَغْوٌ. وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَقْلِيِّ مَعَ خَلٍّ وَزَيْتٍ وَتَابِلٍ وَرُبَّمَا كَانَتْ لَهُ مَرَقَةٌ فَلَهُ حُكْمُ الْمَطْبُوخِ فَلَا يُبَاعُ بِمَطْبُوخٍ. يُرِيدُ مُتَفَاضِلًا. وَلَا بَأْسَ بِهِ مُتَسَاوِيًا وَتَحَرِّيًا وَلَا بَأْسَ بِهِ بِالنِّيءِ (عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالْخَبْزِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ. لَا بَأْسَ بِالْخَبْزِ بِالْعَجِينِ أَوْ بِالدَّقِيقِ،
أَوْ بِالْحِنْطَةِ مُتَفَاضِلًا لِأَنَّ الْخُبْزَ قَدْ غَيَّرَتْهُ الصَّنْعَةُ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَيَجُوزُ النَّشَا بِالْخُبْزِ مُتَفَاضِلًا لِأَنَّ الصَّنْعَةَ أَخْرَجَتْهُ عَنْ مَنْفَعَةِ الْأَكْلِ إلَى غَيْرِهِ. التُّونِسِيُّ: لَا رِوَايَةَ فِي الْخَبْزِ بِالسَّوِيقِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَجُوزَ التَّفَاضُلُ فِيهِ لِاخْتِلَافِ مَنْفَعَتِهِ.
(وَقَلْيِ قَمْحٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يَجُوزُ مَقْلُوُّ الْحِنْطَةِ بِيَابِسِهَا وَمَبْلُولِهَا وَدَقِيقِهَا مُتَفَاضِلًا، وَقَدْ غَمَزَهُ مَالِكٌ حَتَّى يُطْحَنَ الْمَقْلُوُّ، وَيَجُوزُ مَقْلُوُّ الْأُرْزِ بِيَابِسِهِ وَمَبْلُولِهِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَمُتَفَاضِلًا (وَسَوِيقٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِالسَّوِيقِ وَالدَّقِيقِ أَوْ بِالْحِنْطَةِ مُتَفَاضِلًا لِصَنْعَةٍ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ سَوِيقُ السُّلْتِ وَالشَّعِيرِ لَا بَأْسَ بِهِ بِالْحِنْطَةِ مُتَفَاضِلًا.
وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: لَا تَصْلُحُ الْحَرِيرَةُ بِالسَّوِيقِ إلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ. الْأَبْهَرِيُّ: الْحَرِيرَةُ جَلِيلُ السَّوِيقِ. وَفِي اللُّغَةِ الْحَرِيرَةُ الدَّشِيشُ. اللَّخْمِيِّ: يَخْتَلِفُ فِي بَيْع الدَّقِيقِ بِالسَّعِيدِ فَمَنْ أَجَازَ الْقَمْحَ بِالدَّقِيقِ أَجَازَهُ.
(وَسَمْنٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِسَمْنٍ بِلَبَنٍ أُخْرِجَ زُبْدُهُ، وَأَمَّا بِلَبَنٍ فِيهِ زُبْدُهُ فَلَا يَجُوزُ إذْ لَا يَجُوزُ زُبْدٌ بِسَمْنٍ، لَا مُتَسَاوِيًا وَلَا مُتَفَاضِلًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُزَابَنَةِ وَهُوَ كَالرُّطَبِ بِالتَّمْرِ، لِأَنَّ الزُّبْدَ يَنْقُصُ إذَا ذُوِّبَ كَمَا يَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا يَبِسَ. فَإِنْ قِيلَ: لِمَ كَانَ كَالْقَمْحِ بِالدَّقِيقِ يَجُوزُ مِثْلًا بِمِثْلٍ؟ قِيلَ: لَيْسَ فِي الْقَمْحِ بِالدَّقِيقِ رُطَبٌ يَنْقُصُ إذَا يَبِسَ وَإِنَّمَا لِلْقَمْحِ رِيعٌ إذَا طُحِنَ كَمَا أَنَّ رِيعَهُ أَكْثَرُ مِنْ رِيعِ الشَّعِيرِ إذَا طُحِنَ، وَقَدْ أَجَازَ الصَّحَابَةُ الْقَمْحَ بِالشَّعِيرِ يَدًا بِيَدٍ كَيْلًا مِثْلًا بِمِثْلٍ، فَالدَّقِيقُ بِالْقَمْحِ مِثْلُهُ.
قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: فَأَمَّا الْجُبْنُ بِالْمَضْرُوبِ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ. فَمَنْ أَجَازَهُ فَعِنْدَهُ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمَضْرُوبِ جُبْنٌ بِحَالٍ، وَمَنْ كَرِهَهُ أَمْكَنَ عِنْدَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ الْأَقِطُ وَالْجُبْنُ بِالْأَقِطِ لَا يَجُوزُ التَّفَاضُلُ فِيهِ انْتَهَى. وَقَدْ تَحَصَّلَ أَنَّ السَّمْنَ نَاقِلٌ بِنِسْبَةٍ فَانْظُرْهُ فِي لَفْظِ خَلِيلٍ.
(وَجَازَ تَمْرٌ وَلَوْ قَدُمَ بِتَمْرٍ) ابْنُ رُشْدٍ: ظَاهِرُ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الطَّعَامَ يَجُوزُ
مُبَادَلَةُ الْمَأْكُولِ وَالْمَعْفُونِ مِنْهُ بِالصَّحِيحِ السَّالِمِ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ فِي الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، وَكَذَا فِي سَمَاعِ عِيسَى. وَمَنَعَ ذَلِكَ أَشْهَبُ وَهُوَ دَلِيلُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَجُوزُ الطَّعَامُ الْمَعْفُونُ بِالطَّعَامِ الْمَعْفُونِ إلَّا أَنْ يُشْبِهَ بَعْضُهُ بَعْضًا وَلَا يَتَفَاوَتُ. وَأَجَازَهُ سَحْنُونَ قَالَ: وَلَوْ كُرِهَ الْمَعْفُونُ بِالصَّحِيحِ لَكُرِهَ الْقَمْحُ بِالشَّعِيرِ وَالْجَيِّدُ بِالرَّدِيءِ.
(وَحَلِيبٌ وَرُطَبٌ وَمَشْوِيٌّ وَقَدِيدٌ وَعَفِنٌ وَزُبْدٌ وَسَمْنٌ وَجُبْنٌ وَأَقِطٌ بِمِثْلِهَا) أَمَّا الْحَلِيبُ بِمِثْلِهِ فَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّهَا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَمُطْلَقُ لَبَنٍ "، وَأَمَّا الرُّطَبُ بِمِثْلِهِ فَقَالَ ابْنُ جَمَاعَةَ: يَجُوزُ
الرُّطَبُ بِالرُّطَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا يَجُوزُ التَّمْرُ بِالرُّطَبِ.
قَالَ الْقَبَّابُ: الرُّطَبُ التَّمْرُ الَّذِي دَخَلَهُ إنْضَاجٌ وَلَمْ يَيْبَسْ، وَاَلَّذِي قَالَهُ هُوَ الْمَشْهُورُ لِأَنَّ رُطُوبَتَهُ جُزْءٌ مِنْهُ فَلَيْسَ كَالْمَبْلُولِ.
وَفَرَّقَ اللَّخْمِيِّ بَيْنَ رُطَبِ نَوْعَيْنِ لِأَنَّهُمَا إذَا يَبِسَا اخْتَلَفَا. تَعَقَّبَهُ الْمَازِرِيُّ بِأَنَّ النَّوْعَ الْوَاحِدَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ أَنَّ الشَّمْسَ قَدْ تَأْخُذُ مِنْ بَعْضِهِ أَكْثَرَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُضْبَطَ بِضَمِّ الرَّاءِ وَفَتْحِ الطَّاءِ أَوْ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الطَّاءِ وَالْحُكْمُ سَوَاءٌ. وَأَمَّا الْمَشْوِيُّ بِالْمَشْوِيِّ وَالْقَدِيدُ بِالْقَدِيدِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا خَيْرَ فِي الْقَدِيدِ بِالْمَشْوِيِّ وَإِنْ بِتَحَرٍّ. ابْنُ حَبِيبٍ: وَلَا خَيْرَ فِي قَدِيدٍ بِقَدِيدٍ لِاخْتِلَافِ يُبْسِهِ، وَلَا فِي الشِّوَاءِ بِالشِّوَاءِ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَدِلُ. وَلِابْنِ رُشْدٍ مَا نَصُّهُ: أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ الْمَشْوِيُّ بِالْمَشْوِيِّ وَلَا الْقَدِيدُ بِالْقَدِيدِ مِنْ اللَّحْمِ إلَّا بِتَحَرِّي أُصُولِهِمَا لِتَبَاعُدِ مَا بَيْنَهُمَا فِي الرُّطُوبَةِ وَالْيُبْسِ؟ وَأَمَّا الْعَفِنُ بِالْعَفِنِ فَقَدْ تَقَدَّمَ حُكْمُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَتَمْرٌ وَلَوْ قَدُمَ ". وَأَمَّا السَّمْنُ وَالْجُبْنُ وَالْأَقِطُ كُلُّ وَاحِدٍ بِمِثْلِهِ فَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: السَّمْنُ بِالسَّمْنِ، وَالزُّبْدُ بِالزُّبْدِ، وَالْجُبْنُ بِالْجُبْنِ، وَمَا يَتَوَلَّدُ مِنْ اللَّبَنِ، كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِصِنْفِهِ جَائِزٌ. وَأَمَّا الْجُبْنُ بِالْحَلِيبِ وَبِالْجُمْلَةِ كُلُّ وَاحِدٍ بِغَيْرِ صِنْفِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ الرَّطْبِ بِالْيَابِسِ،
وَالتَّمَاثُلُ عَلَى مُرَاعَاةِ الْمَآلِ مَعْدُومٌ. اللَّخْمِيِّ: الْأَقِطُ بِالْأَقِطِ مُتَفَاضِلًا مَمْنُوعٌ، وَيَجُوزُ الْجُبْنُ بِالْجُبْنِ مُتَمَاثِلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْيَابِسَ وَالطَّرِيَّ.
قَالَ: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْحَلِيبِ بِالزُّبْدِ وَلَا بِالسَّمْنِ وَلَا بِالْجُبْنِ وَلَا بِالْأَقِطِ، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ بِالْآخَرِ لِأَنَّ الِادِّخَارَ مَوْجُودٌ وَالتَّفَاضُلَ مَمْنُوعٌ وَالْمُمَاثَلَةَ مَعْدُومَةٌ.
(كَزَيْتُونٍ) اللَّخْمِيِّ: يَجُوزُ الزَّيْتُونُ بِالزَّيْتُونِ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَإِنْ كَانَ زَيْتُ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْآخَرِ كَالْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ يَجُوزُ كَيْلًا وَإِنْ كَانَ الرِّيعُ مُخْتَلِفًا، وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ زَيْتُونٍ بِزَيْتٍ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ كَانَ هَذَا الزَّيْتُونُ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ زَيْتٌ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: بَيْعُ الزَّيْتُونِ الْغَضِّ الطَّرِيِّ بِالزَّيْتُونِ الَّذِي قَدْ ذَبَلَ وَضَمُرَ وَيُعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ نَقَصَ كَيْلًا بِكَيْلٍ فَلَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ كَمَا لَا يَجُوزُ التَّمْرُ بِالرُّطَبِ.
(وَلَحْمٍ) اللَّخْمِيِّ: شَرْطُ بَيْعِ اللَّحْمِ بِمِثْلِهِ مِنْ جِنْسِهِ كَوْنُ الذَّبْحِ فِيهِمَا فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ أَوْ مُتَقَارِبٍ وَإِنْ بَعُدَ وَجَفَّتْ الْأَوْلَى لَمْ يَجُزْ وَزْنًا وَاخْتُلِفَ فِيهِ بِالتَّحَرِّي.
(لَا رَطْبِهَا بِيَابِسِهَا) ابْنُ بَشِيرٍ: نَبَّهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَنَّ التَّسَاوِيَ فِي الْمَآلِ يُعْتَبَرُ لِقَوْلِهِ «أَوْ يَنْقُصُ الرُّطَبُ إذَا جَفَّ» . ابْنُ رُشْدٍ: أَمَّا الرَّطْبُ بِالْيَابِسِ مِنْ الصِّنْفِ الْوَاحِدِ الَّذِي لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ، فَلَا خِلَافَ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ. وَأَمَّا الرَّطْبُ بِالْيَابِسِ مِنْ الصِّنْفِ الْوَاحِدِ الَّذِي لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ كَالتُّفَّاحِ وَالْخَوْخِ وَعُيُونِ الْبَقَرِ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
(وَمَبْلُولٍ بِمِثْلِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ الْحِنْطَةُ الْمَبْلُولَةُ بِالْحِنْطَةِ الْيَابِسَةِ أَوْ الْمَبْلُولَةِ وَلَا بِالشَّعِيرِ وَلَا بِالسَّلْتِ مُتَسَاوِيًا وَلَا مُتَفَاضِلًا (وَلَبَنٍ بِزُبْدٍ إلَّا أَنْ يُخْرَجَ زُبْدُهُ) تَقَدَّمَ نَصُّهَا يَجُوزُ السَّمْنُ بِلَبَنٍ أُخْرِجَ
زُبْدُهُ.
(وَاعْتُبِرَ الدَّقِيقُ فِي خُبْزٍ بِمِثْلِهِ) اُنْظُرْ هَذَا الْإِطْلَاقَ.
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: كُلُّ خُبْزٍ أَصْلُهُ مُخْتَلِفٌ فَلَمْ يَجُزْ فِيهِ التَّفَاضُلُ. فَانْظُرْ فَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ كَخُبْزِ قَمْحٍ وَخُبْزِ أُرْزٍ فَإِنَّمَا يُرَاعَى وَزْنُ الْخُبْزَيْنِ لَا تَمَاثُلُ الدَّقِيقَيْنِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ كَخُبْزِ قَمْحٍ وَخُبْزِ شَعِيرٍ فَإِنَّمَا يُرَاعَى تَمَاثُلُ الدَّقِيقَيْنِ. وَكَذَلِكَ خُبْزُ الْقُطْنِيَّةِ عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي جَعَلَهَا أَصْنَافًا يُرَاعَى تَمَاثُلُ الْخُبْزَيْنِ، وَعَلَى الْقَوْلِ الَّذِي جَعَلَهَا صِنْفًا يُرَاعَى تَمَاثُلُ الدَّقِيقَيْنِ قَالَهُ بَعْضُ فُقَهَائِنَا وَهُوَ حَسَنٌ.
قَالَ: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ خُبْزِ مَا لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ بِمِثْلِهِ وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَخَفَّفَ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْبُيُوتِ يَسْتَقْرِضُونَ الْخُبْزَ بِالْوَزْنِ لِأَنَّ ذَلِكَ بَابٌ مَعْرُوفٌ وَتَقَعُ فِيهِ الضَّرُورَةُ وَتَحَرِّي الدَّقِيقِ يَصْعُبُ. انْتَهَى نَقْلُ ابْنِ يُونُسَ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنْ كَانَتْ أُصُولُ الْأَخْبَازِ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ فَلَا خِلَافَ أَنَّ الْمُمَاثَلَةَ تُعْتَبَرُ بِالْوَزْنِ، وَإِنْ كَانَ أُصُولُ الْأَخْبَازِ مِمَّا لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ كَأَخْبَازِ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسَّلْتِ فَإِنَّمَا تَكُونُ الْمُمَاثَلَةُ بِاعْتِبَارِ أُصُولِهَا. وَذَهَبَ ابْنُ دَحُونَ إلَى أَنَّ الْخُبْزَ يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ وَزْنًا بِوَزْنٍ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ صِنْفًا عَلَى حِدَةٍ، فَوَجَبَ أَنْ لَا تُرَاعَى أُصُولُهُ، وَلَعَمْرِي إنَّ لِقَوْلِهِ وَجْهًا وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَالْأَنْبِذَةُ إنَّمَا تَجُوزُ مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا يُرَاعَى مَا دَخَلَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا مِنْ التَّمْرِ أَوْ الزَّبِيبِ أَوْ الْعِنَبِ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: ظَاهِرُ الْمُوَطَّأِ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْخُبْزِ بِالْخُبْزِ تَحَرِّيًا أَنْ يَتَحَرَّى الْوَزْنَ لَا الدَّقِيقَ، وَلَوْ كَثُرَ الْقَوْلُ بِهَذَا فِي الْمَذْهَبِ عِنْدِي لَكَانَ أَصَحَّ (كَعَجِينٍ بِحِنْطَةٍ أَوْ دَقِيقٍ) قَالَ اللَّخْمِيِّ:
فِي جَوَازِ الْعَجِينِ بِالدَّقِيقِ رِوَايَتَانِ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَالْعَجْنُ " (وَجَازَ قَمْحٌ بِدَقِيقٍ وَهَلْ إنْ وُزِنَا؟ تَرَدُّدٌ) تَقَدَّمَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَالطَّحْنُ ".
(وَاعْتُبِرَتْ الْمُمَاثَلَةُ بِمِعْيَارِ الشَّرْعِ) الْبَاجِيُّ: بِمَاذَا يَكُونُ التَّمَاثُلُ؟ أَمَّا فِي الْحُبُوبِ فَبِالْكَيْلِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِعْيَارُهَا فِي الشَّرْعِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ الْأَوْسَاقَ فِي زَكَاةِ التَّمْرِ، وَحُكْمُ الْحُبُوبِ حُكْمُهَا فِي اعْتِبَارِ نَصْبِ الزَّكَاةِ وَفِي إخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ، فَلَا يَجُوزُ عَلَى هَذَا شَيْءٌ مِنْ الْحُبُوبِ بِجِنْسِهِ بِغَيْرِ الْكَيْلِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ فِي الزَّيْتُونِ أَنَّ مِعْيَارَهَا الْكَيْلُ. وَقَوْلُ سَحْنُونَ أَنَّ الدَّقِيقَ كَذَلِكَ. وَانْظُرْ الْمَذْهَبَ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ تَقْدِيرُ النِّصَابِ مِنْهَا بِمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ بِالْوَزْنِ (وَإِلَّا فَبِالْعَادَةِ) الْبَاجِيُّ: أَمَّا مَا لَا مِقْدَارَ لَهُ فِي الشَّرْعِ فَإِنْ كَانَ لَهُ مِقْدَارٌ مُعْتَادٌ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ وَلَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ كَاللَّحْمِ وَالْجُبْنِ الَّذِي يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ بَلَدٍ فَلَا يَجُوزُ التَّسَاوِي فِيهِ بِمِقْدَارِ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ مَا يُعْتَبَرُ بِالْكَيْلِ فِي كُلِّ بَلَدٍ. وَانْظُرْ مَا يَخْتَلِفُ تَقْدِيرُهُ بِاخْتِلَافِ عَادَةِ الْبِلَادِ كَالسَّمْنِ وَاللَّبَنِ وَالزَّيْتِ وَالْعَسَلِ، عَادَةُ بَعْضِ الْبِلَادِ فِيهِ الْوَزْنُ وَبَعْضِهَا الْكَيْلُ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: مَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْبِلَادُ قُدِّرَ بِعَادَةِ بَلَدِهِ وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهَا إلَّا أَنْ تُعْلَمَ نِسْبَةُ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ مِنْ الْجَارِي فِي الْعَوَائِدِ، وَفِي الرُّجُوعِ إلَى التَّحَرِّي فِي الْبَيْضِ قَوْلَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ: فِي مُقَابَلَةِ التَّحَرِّي عِنْدَ وَزْنِهِ وَالْوَقْفِ الَّذِي تَقَدَّمَ لِلْبَاجِيِّ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ الْوَزْنُ انْتَهَى. اُنْظُرْ هَلْ يَكُونُ عَلَى هَذَا قِشْرُ الْبَيْضِ وَقِشْرُ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ بِمَنْزِلَةِ نَوَى التَّمْرِ؟ اُنْظُرْ قَبْلُ قَوْلَهُ " وَذُو زَيْتٍ ".
(فَإِنْ عَسُرَ الْوَزْنُ جَازَ التَّحَرِّي لَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحَرِّيهِ لِكَثْرَتِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ صُبْرَةُ قَمْحٍ بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ إلَّا كَيْلًا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا يَجُوزُ تَحَرِّيًا، يُرِيدُ وَكَذَلِكَ مَا أَصْلُهُ الْكَيْلُ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّحَرِّي إذْ لَا يُفْقَدُ الْكَيْلُ وَلَوْ بِالْحَفْنَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ: وَأَمَّا مَا أَصْلُهُ الْوَزْنُ فَيَجُوزُ فِيهِ التَّحَرِّي مِثْلُ اللَّحْمِ وَالْخُبْزِ وَالْبَيْضِ يَجُوزُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ تَحَرِّيًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَذَلِكَ إذَا بَلَغَهُ التَّحَرِّي وَلَمْ يَكْثُرْ حَتَّى لَا يُسْتَطَاعَ تَحَرِّيهِ. ابْنُ يُونُسَ: وَذَلِكَ. إذَا لَمْ يَحْضُرْهُمَا مِيزَانٌ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِيمَا يُكَالُ إذْ لَا يُفْقَدُ الْكَيْلُ وَلَوْ بِالْحَفْنَةِ. ابْنُ رُشْدٍ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُ التَّحَرِّي فِي الْمَوْزُونِ وَلَوْ لَمْ تَدْعُ لَهُ ضَرُورَةٌ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَكُلُّ صِنْفٍ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ بِصِنْفِهِ فَلَا بَأْسَ بِقِسْمَتِهِ عَلَى التَّحَرِّي كَانَ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَمْ لَا. ابْنُ عَبْدُوسٍ: