المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل قرض ما يسلم فيه] - التاج والإكليل لمختصر خليل - جـ ٦

[محمد بن يوسف المواق]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ] [

- ‌الْقَسْم الْأَوَّل فِي صِحَّة الْبَيْع وَفَسَاده] [

- ‌بَاب فِي أَرْكَان الْبَيْع]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[حُكْمِ الرِّبَا فِي الْمَطْعُومَاتِ]

- ‌[بَاب فِي فَسَادِ الْعَقْدِ مِنْ جِهَةِ نَهْيِ الشَّارِعِ عَنْهُ]

- ‌[مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ قَبْضٍ أَوْ فَوَاتٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَاسِدِ مِنْ جِهَةِ تَطَرُّقِ التُّهْمَةِ إلَى الْمُتَعَاوِضَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِينَةِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ فِي لُزُومِ الْعَقْدِ وَجَوَازِهِ] [

- ‌فَصْلٌ فِي الْخِيَار] [

- ‌خِيَارُ التَّرَوِّي]

- ‌[خِيَارُ النَّقِيصَةِ]

- ‌[مُبْطِلَاتُ الْخِيَارِ وَمَوَانِعُهُ]

- ‌[فَصْلٌ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَاف الْمُتَبَايِعَانِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ]

- ‌[كِتَابُ السَّلَمِ] [

- ‌بَابٌ فِي شُرُوط السَّلَم وَأَدَاء الْمُسْلِم فِيهِ وَالنَّظَر فِي صفته]

- ‌[فَصْلٌ قَرْضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ]

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْكُنَ أَوْ يُكْرِيَ]

- ‌[اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ]

- ‌[وَكَّلَ وَكِيلًا بِبَيْعِ رَهْنٍ وَقَضَى دَيْنَهُ مِنْ ثَمَنِهِ]

- ‌[هَلْ يَفْتَقِرُ الرَّهْنُ لِلتَّصْرِيحِ بِهِ أَمْ لَا]

- ‌[هَلَكَ الرَّهْنُ وَجُهِلَتْ صِفَتُهُ]

- ‌[كِتَابُ التَّفْلِيسِ] [

- ‌أَحْكَام الْحَجَر عَلَى الْمُفْلِس]

- ‌[بَيْعُ آلَةِ الصَّانِعِ إذَا فَلَّسَ]

- ‌[حَبَسَ الْمُفْلِس]

- ‌[حَبْسُ مَنْ تَقَعَّدَ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ وَادَّعَى الْعَدَمَ فَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ]

- ‌[مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ الرُّجُوعُ إلَى عَيْنِ الْمَالِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ] [

- ‌أَسْبَاب الْحَجَر]

- ‌[وَصِيَّةُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ وَأَقَلَّ مِمَّا يُقَارِبُهَا]

- ‌[لَا حَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ فِي اسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ وَنَفْيِهِ]

- ‌[تَصَرُّفَات الصَّغِير قَبْل الْحَجَر]

- ‌[الْحَجَر بِسَبَبِ الرِّقّ]

- ‌[أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلِيِّهِ]

- ‌[بَيْعُ الْمَأْذُونِ أُمَّ وَلَدِهِ]

- ‌[الْحَجَر عَلَى الْمَرِيض]

- ‌[الْحَجَر عَلَى الزَّوْجَة]

الفصل: ‌[فصل قرض ما يسلم فيه]

مَنْ طَلَبَ الْقَضَاءَ مِنْهُمَا، فَإِنْ كَانَ عَرْضًا لَهُ حِمْلٌ لَمْ يُجْبَرْ مَنْ أَبَاهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حِمْلٌ كَالْجَوْهَرِ فَفِي كَوْنِهِ كَالْعَيْنِ قَوْلَانِ، أَوْ هُمَا خِلَافٌ فِي حَالِ إنْ كَانَ الْأَمْنُ فِي الطَّرِيقِ فَهُوَ كَالْعَيْنِ وَإِلَّا فَكَالْعُرُوضِ، وَيَنْبَغِي فِي الْخَوْفِ أَنْ يَكُونَ الْعَيْنُ كَالْعَرْضِ.

[فَصْلٌ قَرْضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ]

فَصْلٌ

(يَجُوزُ قَرْضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْقَرْضُ دَفْعُ مُتَمَوَّلٍ فِي عِوَضٍ غَيْرِ مُخَالِفٍ لَهُ لَا عَاجِلًا تَفَضُّلًا. وَحُكْمُهُ مِنْ حَيْثُ ذَاتِهِ النَّدْبُ، وَقَدْ يَعْرِضُ مَا يُوجِبُهُ أَوْ كَرَاهَتَهُ أَوْ حُرْمَتَهُ وَإِبَاحَتَهُ تَعَسُّرٌ. عَقَدَ

ص: 528

الْقَرَافِيُّ فَرْقًا بَيْنَ مَبَرَّةِ الذِّمِّيِّ وَمَوَدَّتِهِ، تَجُوزُ مَبَرَّتُهُ وَلَا تَجُوزُ مَوَدَّتُهُ. ابْنُ بَشِيرٍ: وَكُلُّ مَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِيهِ يَجُوزُ قَرْضُهُ. وَهَذَا فِي مُرَاعَاةِ رَدِّ الْمِثْلِ، وَأَمَّا مُرَاعَاةُ رَدِّ الْعَيْنِ فَتَعْرِضُ فِيهِ الْمُحَاذَرَةُ مِنْ عَارِيَّةِ الْفُرُوجِ إذْ مِنْ أَحْكَامِ الْقَرْضِ أَنْ يُرَدَّ بِعَيْنِهِ إنْ شَاءَ أَوْ مِثْلَهُ.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مُتَعَلِّقُ الْقَرْضِ مَا صَحَّ ضَبْطُهُ بِصِفَةٍ كُلِّيًّا فَيَخْرُجُ تُرَابُ الْمَعَادِنِ وَالصَّوَّاغِينَ وَالدُّورِ وَالْأَرَضُونَ وَالْبَسَاتِينِ (إلَّا جَارِيَةً تَحِلُّ لِلْمُسْتَقْرِضِ) اللَّخْمِيِّ: لَا يَجُوزُ قَرْضُ الْجَوَارِي إلَّا أَنْ تَكُونَ فِي سِنِّ مَنْ لَا تُوطَأُ أَوْ يَكُونَ الْمُسْتَقْرِضُ لَا يُمْكِنُ الْتِذَاذُهُ بِهَا لِسِنِّهِ أَوْ امْرَأَةً أَوْ مُحَرَّمًا عَلَيْهِ وَطْؤُهَا أَوْ مَدِينًا تَقْضِي عَنْهُ. ابْنُ يُونُسَ: أَوْ لِمَنْ تُعْتَقُ عَلَيْهِ (وَرُدَّتْ إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِمُفَوِّتِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَالْقِيمَةُ) الْقَاضِي: مَنْ اقْتَرَضَ أَمَةً رَدَّهَا مَا لَمْ يَطَأْهَا.

ابْنُ يُونُسَ: فَإِنْ فَاتَتْ بِالْوَطْءِ فَالْأَصْوَبُ مِنْ الْقَوْلَيْنِ أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا لَا رَدَّ مِثْلِهَا (كَفَسَادِهِ) ابْنُ شَاسٍ: أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي فَاسِدِ الْقَرْضِ عَلَى رَدِّهِ لِحُكْمِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ.

(وَحَرُمَ هَدِيَّتُهُ إنْ لَمْ يَتَقَدَّمْ مِثْلُهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَنْبَغِي هَدِيَّةُ مِدْيَانِكَ إلَّا مَنْ تَعَوَّدْتَ ذَلِكَ مِنْهُ قَبْلَ أَنْ تُدَايِنَهُ وَتَعْلَمَ أَنَّ هَدِيَّتَهُ

ص: 529

إلَيْكَ لَيْسَتْ لِأَجْلِ دَيْنِكَ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ (أَوْ يَحْدُثُ مُوجِبٌ) ابْنُ شَاسٍ عَنْ بَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ: إنْ حَدَثَ بَيْنَهُمَا مِنْ الِاتِّصَالِ مَا يُعْلِمُ أَنَّ الْهَدِيَّةَ لَهُ جَازَتْ (كَرَبِّ الْقِرَاضِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ عَطَاءٌ: إنْ قَارَضْتَ رَجُلًا مَالًا أَوْ أَسْلَفْتَهُ إيَّاهُ فَلَا تَقْبَلْ مِنْهُ هَدِيَّةً إلَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ خَاصَّةِ أَهْلِكَ، لَا يُهْدِي لَك مِنْ أَجْلِ مَا يُظَنُّ فَخُذْ مِنْهُ (وَعَامِلِهِ وَلَوْ بَعْدَ شَغْلِ الْمَالِ عَلَى الْأَرْجَحِ) ابْنُ بَشِيرٍ: أَمَّا هَدِيَّةُ الْعَامِلِ لِرَبِّ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ يُشْغَلْ الْمَالُ مُنِعَتْ اتِّفَاقًا.

قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ أَخَذَهُ مِنْهُ فَيُتَّهَمُ أَنَّهُ إنَّمَا أَهْدَى إلَيْهِ لِيَبْقَى الْمَالُ بِيَدِهِ، وَإِنْ شَغَلَهُ جَازَ قَبُولُ هَدِيَّتِهِ إذْ لَا يَقْدِرُ رَبُّ الْمَالِ عَلَى أَخْذِهِ مِنْهُ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ قَبُولُ هَدِيَّتِهِ وَإِنْ شُغِلَ الْمَالُ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ إذَا نَظَرَ أَنْ يُبْقِيَهُ فِي يَدَيْهِ. ابْنُ يُونُسَ: وَبِهَذَا أَقُولُ.

(وَذِي الْجَاهِ) فِي طُرُرِ ابْنِ عَاتٍ: جَوَازُ إعْطَاءِ الرِّشْوَةِ إذَا خَافَ الظُّلْمَ وَكَانَ مُحِقًّا. قَالَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله: فَهِيَ عَلَى هَذَا جَائِرَةٌ لِلدَّافِعِ حَرَامٌ لِلْآخِذِ إنَّ وَاجِبَ تَخْلِيصِ الْمَظْلُومِ عَلَى كُلِّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ انْتَهَى نَصُّهُ. وَنَحْوُ هَذِهِ الْعِبَارَةِ فِي ثَانِي تَرْجَمَةٍ مِنْ حَرِيمِ الْبِئْرِ مِنْ ابْنِ يُونُسَ. وَانْظُرْ فِي الْحَجِّ عِنْدَ قَوْلِهِ " إلَّا لِأَخْذِ ظَالِمٍ مَا قَلَّ " وَانْظُرْ إذَا جَعَلَ عَلَى النَّاسِ مَظْلِمَةً وَكَانَ إنْسَانٌ إذَا دَفَعَ عَنْ نَفْسِهِ جَعَلَ مَا يَخُصُّهُ عَلَى غَيْرِهِ أَجَازَهَا الدَّاوُدِيِّ وَمَنَعَ ذَلِكَ سَحْنُونَ (وَالْقَاضِي) سَيَأْتِي النَّصُّ عِنْدَ قَوْلِهِ " قَبُولُ هَدِيَّتِهِ فِي الْأَقْضِيَةِ ".

(وَمُبَايَعَتُهُ مُسَامَحَةً) ابْنُ عَرَفَةَ: فِي مُبَايَعَةِ الْمَدِينِ قَبْلَ الْأَجَلِ قَوْلَانِ: الْجَوَازُ وَالْكَرَاهَةُ فَقَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمُبَايَعَتُهُ مُسَامَحَةً غَلَطٌ. اُنْظُرْ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " كَرَبِّ الْقِرَاضِ ". وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ أَسْلَمْتَ إلَى رَجُلٍ مِائَةَ دِرْهَمٍ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ حِنْطَةً ثُمَّ اسْتَزَدْتَهُ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ أَرَادِبَ مُعَجَّلَةً أَوْ مُؤَجَّلَةً إلَى الْأَجَلِ أَوْ أَبْعَدَ مِنْهُ، جَازَ ذَلِكَ وَكَأَنَّهُ فِي الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا هَذَا رَجُلٌ اسْتَغْلَى شِرَاءَهُ فَاسْتَزَادَ بَائِعَهُ فَزَادَهُ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَرٌ، وَكَيْفَ تَجُوزُ هَذِهِ الزِّيَادَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ وَهِيَ كَهَدِيَّةِ الْمِدْيَانِ؟ وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: هَدِيَّةُ الْمِدْيَانِ مَا ابْتَدَأَهُ بِغَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَهَذَا سَأَلَهُ لِاسْتِرْخَاصِهِ، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ اشْتَرَى زَيْتًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ فَفَضَلَ مِنْهُ رِطْلَانِ فَتَرَكَهُمَا لِبَائِعِهِ لَا بَأْسَ بِهِ، فَإِنْ كَثُرَ فَلَا يُعْجِبُنِي. سَحْنُونَ: لَا بَأْسَ بِهِ وَلَوْ كَثُرَ. ابْنُ بْنِ رُشْدٍ: هُوَ مِنْ الْمُسَامَحَةِ فِي الْبَيْعِ فَلَا يُؤْخَذُ مِنْهُ جَوَازُ هَدِيَّةِ الْمِدْيَانِ.

(أَوْ جَرُّ مَنْفَعَةٍ) ابْنُ يُونُسَ: مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا مَا جَرَّ مِنْ السَّلَفِ نَفْعًا.

قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: مَا عُلِمَ فِيهِ قَصْدُ جَرٍّ فُسِخَ لَا مَا ادَّعَاهُ الْمُقْرِضُ. وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ أَسْلَفَ شَاةً مَسْلُوقَةً لِجَازِرٍ عَلَى أَنْ يَقْضِيَهُ كُلَّ يَوْمٍ قَدْرًا مَعْرُوفًا لَا أُحِبُّهُ. ابْنُ رُشْدٍ: لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ رِفْقًا بِالْجَازِرِ فَقَطْ جَازَ. وَلِأَشْهَبَ: إنْ كَانَ الْجَازِرُ جَاءَ يَسْتَسْلِفُهُ جَازَ ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَتْ فِيهِ مَنْفَعَةٌ وَمَعْنَاهُ إذَا أَسْلَفَهُ لِحَاجَةِ الْجَازِرِ وَأَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَلَا

ص: 530

مَنْفَعَةَ لَهُ فِيهِ، وَهَذَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يَخْتَلِفَ فِيهِ إذْ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُسَلِّفَهُ إيَّاهَا وَيُسْقِطُ النَّفَقَةَ عَنْ نَفْسِهِ مِثْلَ الرِّوَايَةِ فِيمَنْ لَهُ طَعَامٌ يَخْشَى فَسَادَهُ فَيَسْأَلُهُ الْمُحْتَاجُ سَلَفَهُ جَائِزٌ إذَا سَلَّفَهُ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ.

وَانْظُرْ السَّلَفَ لِدَفْعِ مَضَرَّةٍ لَا يُقَالُ فِيهِ إنَّ السَّلَفَ هُوَ الَّذِي جَرَّ الْمَنْفَعَةَ. فَإِنَّ الْمَنْفَعَةَ كَانَتْ وَاجِبَةً لِمُسْتَحِقِّهَا بِالْعَقْدِ قَبْلَ السَّلَفِ فَلِهَذَا مَنَعُوا أَعْطِنِي بِنِصْفِ الدِّرْهَمِ وَدَعْ بَاقِيَهُ سَلَفًا عِنْدَك، وَأَجَازُوا هَذَا بَعْدَ الْعَقْدِ وَمَنَعُوا الشَّرِكَةَ عَلَى شَرْطِ سَلَفِ الزَّرِيعَةِ. وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بَعْدَ الْعَقْدِ مَعَ أَنَّهُ يَقُولُ: إنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ بِالْعَقْدِ. وَأَشَارَ ابْنُ رُشْدٍ لِهَذَا الْمَعْنَى.

وَكَذَلِكَ لَا يَلْزَمُ رَبَّ الْحَائِطِ صَلَاحُ الْبِئْرِ، وَيَجُوزُ لِلْعَامِلِ أَنْ يُسَلِّفَهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ مِنْ ثَمَنِ حَظِّ رَبِّهِ مِنْ الثَّمَرَةِ، وَكَذَا إذَا انْهَارَتْ بِئْرُ الْفَدَّانِ الْمُكْتَرَى لِلْمُكْتَرِي أَنْ يُسَلِّفَ كِرَاءَ عَامٍ. وَفِي الْبِئْرِ مَعَ كِرَاءِ سِنِينَ.

قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: فَإِنْ كَانَ الْمُكْتَرِي قَدْ دَفَعَ الْكِرَاءَ وَرَبُّ الْفَدَّانِ قَدْ أَفْلَسَ قِيلَ لِلْمُكْتَرِي أَنْفِقْهُ سَلَفًا مِنْ عِنْدِك. اُنْظُرْ الْمُسَاقَاةَ فِي الْمُنْتَقَى، وَكَذَلِكَ إذَا غَابَ الْجَمَّالُ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ لِيَفْسَخَ الْكِرَاءَ وَلَهُ الْبَقَاءُ وَيُسَلِّفُ الْعَلَفَ. قَالَ شَارِحُ التَّهْذِيبِ: وَلَا يُقَالُ فِي هَذَا سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا.

وَانْظُرْ أَيْضًا قَدْ نَصُّوا أَنَّ مَنْ عَجَّلَ مَا فِي ذِمَّتِهِ عُدَّ مُسَلِّفًا، وَأَجَازُوا إذَا حَلَّ الدَّيْنُ أَنْ يَقْضِيَ بَعْضَهُ عَلَى أَنْ يُؤَخِّرَ بَاقِيَهُ لِأَجَلٍ، وَلَمْ يَجُزْ هَذَا قَبْلَ الْحُلُولِ لِأَنَّهُ إذَا حَلَّ الدَّيْنُ وَجَبَ شَرْعًا وَانْجَلَبَ حُكْمًا، فَلَا يُقَالُ إنَّ التَّأْخِيرَ هُوَ الَّذِي جَلَبَهُ وَإِنْ تُصُوِّرَ جَلْبُهُ بِالتَّأْخِيرِ وُجُودًا عَيْنِيًّا. وَانْظُرْ أَيْضًا نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ إذَا رَهَنَ زَرْعًا أَخْضَرَ فَانْهَارَتْ بِئْرُهُ وَأَبَى الرَّاهِنُ مِنْ الْإِصْلَاحِ، فَلِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يُصْلِحَهَا لِخَوْفِ هَلَاكِ الزَّرْعِ حَتَّى يَرْجِعَ بِذَلِكَ فِي الزَّرْعِ. وَانْظُرْ أَيْضًا سَمَاعَ يَحْيَى: إذَا سَقَطَتْ حِيطَانُ الْكَرْمِ وَخِيفَ الْفَسَادُ عَلَى الثَّمَرَةِ فَإِنْ بَدَا صَلَاحُهَا بِيعَتْ عَلَى الْآبِي، وَإِنْ لَمْ يَبْدُ صَلَاحُهَا قِيلَ لِمَنْ طَلَبَ التَّحْظِيرَ إنْ شِئْت حَظِّرْ وَكُنْ مَالِكًا بِحِصَّةِ الْآبِي مِنْ الثَّمَرَةِ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ مَا أَنْفَقْتَ. وَكَذَا قَالَ ابْنُ يُونُسَ إذَا عَجَزَ عَامِلُ الْمُسَاقَاةِ أَنَّ لِرَبِّ الْحَائِطِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يُتِمَّ الْعَمَلَ وَيَسْتَوْفِي مِنْ الثَّمَرَةِ مَا أَدَّى. قَالَ: كَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُتَزَارِعِينَ يَعْجِزُ أَحَدُهُمَا بَعْدَ الْعَمَلِ وَقَبْلَ طِيبِ الزَّرْعِ يُقَالُ لِصَاحِبِهِ اعْمَلْ، فَإِذَا يَبِسَ الزَّرْعُ بِعْ وَاسْتَوْفِ حَقَّك لِأَنَّ الْعَمَلَ كَانَ لَهُ لَازِمًا.

(كَشَرْطِ عَفِنٍ بِسَالِمٍ وَدَقِيقٍ أَوْ كَعْكٍ بِبَلَدٍ) مِنْ الْوَاضِحَةِ: لَا يَجُوزُ سَلَفُ الطَّعَامِ السَّائِسِ وَلَا الْعَفِنِ وَلَا الْقَدِيمِ لِيَأْخُذَ جَدِيدًا إلَّا إنْ نَزَلَتْ بِالنَّاسِ حَاجَةٌ فَسَأَلُوا رَبَّ الطَّعَامِ الْمَذْكُورِ إذْ الْمَنْفَعَةُ لَهُمْ دُونَهُ، يُرِيدُ أَنَّهُ لَوْ بَاعَهُ حِينَئِذٍ بَاعَهُ بِثَمَنٍ غَالٍ، وَفِي الْغَالِبِ أَنَّ الطَّعَامَ الَّذِي يُؤَدُّونَهُ يَكُونُ وَقْتَ الْأَدَاءِ أَرْخَصَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ سَائِسٍ وَلَا مَعْفُونٍ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَجُوزُ لِلْحَاجِّ قَرْضُ كَعْكٍ أَوْ سَوِيقٍ عَلَى أَنْ يُوفِيَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ وَلْيُسَلِّفْهُ وَلَا يَشْتَرِطْ.

قَالَ أَبُو عُمَرَ: لَا يَشْتَرِطُ إلَّا الْقَضَاءَ. انْتَهَى مِنْ ابْنِ يُونُسَ.

(أَوْ خُبْزِ فُرْنٍ بِمُلَّةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ أَقْرَضْتَهُ خُبْزَ الْفُرْنِ فَلَا تَشْتَرِطْ عَلَيْهِ خُبْزَ تَنُّورٍ أَوْ مَلَّةَ، وَيَجُوزُ إنْ قَضَاكَ بِغَيْرِ شَرْطٍ تَحَرِّيًا

ص: 531

كَأَخْذِ السَّمْرَاءِ مِنْ الْمَحْمُولَةِ، أَوْ دِينَارٍ دِمَشْقِيٍّ مِنْ كُوفِيٍّ بِهَذَا الْمَعْنَى. (أَوْ عَيْنٍ عَظُمَ حَمْلُهَا كَسَفْتَجَةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: كُلَّمَا أَقْرَضْتَهُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ يُرِيدُ مِمَّا لَهُ حَمْلٌ أَوْ كِرَاءٌ بِبَلَدٍ عَلَى أَنْ يُوفِيَك بِبَلَدٍ آخَرَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّكَ رَبِحْت الْحَمْلَانِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَأَمَّا إنْ أَقْرَضْتَهُ عَيْنًا فَلَا حِمَالَ فِيهَا إذْ لَك أَخْذُهُ بِهَا حَيْثُ لَقِيته، فَإِنْ شَرَطْت أَخْذَهَا بِبَلَدٍ آخَرَ فَإِنَّمَا يَجُوزُ ذَلِكَ إذَا فَعَلْته رِفْقًا بِصَاحِبِك لَا تَعْتَزِي أَنْتَ بِهِ نَفْعًا مِنْ ضَمَانِ طَرِيقٍ وَنَحْوِهِ كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ الْعِرَاقِ بِالسَّفَاتِجِ. عِيَاضٌ: السَّفْتَجَاتُ جَمْعُ سَفْتَجَةٍ وَهِيَ الْبَطَائِقُ تُكْتَبُ فِيهَا الْإِحَالَاتُ بِالدُّيُونِ، وَذَلِكَ أَنْ يُسْلِفَ الرَّجُلُ فِي بَلَدٍ مَالًا لِبَعْضِ أَهْلِهِ، وَيَكْتُبَ الْقَابِضُ لِنَائِبِهِ بِبَلَدِ الْمُسْلِفِ لِيَدْفَعَ لَهُ عِوَضَهُ هُنَالِكَ مِمَّا لَهُ بِبَلَدِهِ خَوْفُ الطَّرِيقِ.

وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ خَارِجٍ إلَى مِصْرَ أُسَلِّفُك مَالًا لِتَقْضِيَنِي بِمِصْرَ فَلَا يَنْبَغِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الْمُتَسَلِّفُ هُوَ السَّائِلُ فَذَلِكَ جَائِزٌ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ إحَالَةُ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَأَنَّهَا مُسَلَّمَةٌ عِنْدَهُ خِلَافًا لِابْنِ عَرَفَةَ (إلَّا أَنْ يَعُمَّ الْخَوْفُ) ابْنُ عَرَفَةَ: فِي جَوَازِ قَرْضِ الْعَيْنِ عَلَى قَضَائِهَا بِبَلَدٍ آخَرَ لِخَوْفِ الطَّرِيقِ إنْ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ فِي السَّفَاتِجِ لِلْمُعْطِي بِمَا يَخَافُ مِنْ غَرَرِ الطَّرِيقِ لَمْ يَجُزْ.

قَالَ اللَّخْمِيِّ: يُرِيدُ إذَا لَمْ يَكُنِ الْهَلَاكُ وَقَطْعُ الطَّرِيقِ غَالِبًا، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الْغَالِبَ صَارَتْ ضَرُورَةً وَأُجِيزَتْ صِيَانَةً لِلْأَمْوَالِ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ يُؤَخَّرُ أَكْثَرُ النَّقْدِ. وَقَالَ: قَدْ اقْتَطَعَ الْأَكْرِيَاءُ أَمْوَالَ النَّاسِ وَهَذَا هُوَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ، فَأَجَازَهُ.

لِئَلَّا تَهْلَكَ أَمْوَالُ النَّاسِ (وَكَعَيْنٍ كُرِهَتْ إقَامَتُهَا) اُنْظُرْ قَبْلَ قَوْلِهِ " كَشَرْطِ عَفِنٍ "(إلَّا أَنْ يَقُومَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْقَصْدَ نَفْعُ الْمُقْتَرِضِ فَقَطْ فِي الْجَمِيعِ) . ابْنُ عَرَفَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: قَرْضُ طَعَامٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ بِبَلَدٍ عَلَى أَنْ يُوفِيَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ لَا يَجُوزُ. اللَّخْمِيِّ: إلَّا

ص: 532

أَنْ يَقُومَ دَلِيلُ كَوْنِ الْمَنْفَعَةِ لِلْمُسْتَقْرِضِ وَحْدَهُ. وَانْظُرْ نَصَّ ابْنِ رُشْدٍ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَجَرُّ مَنْفَعَةٍ ".

(كَفَدَّانٍ مُسْتَحْصَدٍ خَفَّتْ مُؤْنَتُهُ عَلَيْهِ يَحْصُدُهُ وَيَدْرُسُهُ وَيَرُدُّ مَكِيلَتَهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ أَقْرَضَك فَدَّانًا مِنْ زَرْعٍ مُسْتَحْصَدٍ تَحْصُدُهُ أَنْتَ وَتَدْرُسُهُ لِحَاجَتِك وَتَرُدُّ عَلَيْهِ مِثْلَ كَيْلِ مَا فِيهِ، فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ رِفْقًا وَنَفْعًا لَك دُونَهُ جَازَ إذَا كَانَ لَيْسَ فِيمَا كَفَيْته مِنْهُ كَبِيرَ مُؤْنَةٍ لِقِلَّتِهِ فِي كَثْرَةِ زَرْعِهِ، وَلَوْ اعْتَزَى بِذَلِكَ نَفَعَ نَفْسَهُ بِكِفَايَتِك إيَّاهُ مُؤْنَتَهُ لَمْ يَجُزْ.

(وَمُلِكَ) ابْنُ شَاسٍ: حُكْمُ الْقَرْضِ التَّمْلِيكُ وَإِنْ لَمْ يَتَصَرَّفْ فِيهِ. فِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ اسْتَعَارَ عَيْنًا أَوْ فُلُوسًا فَهُوَ سَلَفٌ مَضْمُونٌ لَا عَارِيَّةٌ (وَلَمْ يَلْزَمْ رَدُّهُ إلَّا بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ) . ابْنُ شَاسٍ: لَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ فِي قَرْضِهِ مُنِعَ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِانْتِفَاعِ بِالشَّرْطِ أَوْ الْعَادَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ: إنْ لَمْ يَكُنْ أَحَدُهُمَا جَرَى عَلَى الْعَارِيَّةِ وَفِيهَا خِلَافٌ انْتَهَى. اُنْظُرْ بَقِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّ لَهُ أَنْ يَرُدَّ عَيْنَ الْقَرْضِ وَالْمَنْصُوصُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ. قَالُوا: وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا ضَيْرَ أَنْ يُسَلِّفَهُ وَيَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَرُدَّ مِثْلَهُ. قَالَ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُسَلِّفَهُ وَلَا يَشْتَرِطَ (كَأَخْذِهِ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ) . ابْنُ عَرَفَةَ: إنْ قَضَاهُ بِمَحَلِّ قَبْضِهِ لَزِمَهُ وَبِغَيْرِ مَحَلِّ قَبْضِهِ يَجُوزُ أَنْ يَتَرَاضَيَا إنْ حَلَّ أَجَلُهُ. قَالَهُ الْجَلَّابُ انْتَهَى. وَانْظُرْ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَرُدَّهُ لَهُ بِبَلَدِهِ لِخَرَابِهِ وَانْجِلَاءِ أَهْلِهِ.

وَفِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيُّ فِي رَجُلٍ يُسَلِّفُ فُلُوسًا أَوْ دَرَاهِمَ بِالْبِلَادِ الْمَشْرِقِيَّةِ ثُمَّ جَاءَ مَعَ الْمُقْتَرِضِ إلَى بِلَادِ الْمَغْرِبِ فَوَقَعَ الْحُكْمُ بِأَنَّهُ يَغْرَمُ لَهُ قِيمَتَهَا فِي بَلَدِهَا يَوْمَ الْحُكْمِ قَالَ: وَهَذَا نَحْوُ مَا تَقَدَّمَ لِغَيْرِ وَاحِدٍ، وَهُوَ ظَاهِرُ الرُّهُونِ. مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَغُرْمُهُ الْقِيمَةَ هُوَ مِثْلُ مَا حَكَى ابْنُ رُشْدٍ فِيمَنْ سَلَّفَ طَعَامًا لِأَسِيرٍ بِدَارِ الْحَرْبِ وَانْظُرْ أَيْضًا فِي الْمَاءِ بَيْنَ الشُّرَكَاءِ يَتَسَلَّفُ أَحَدُهُمْ حَظَّ صَاحِبِهِ فِي زَمَنِ الشِّتَاءِ فَيُبْطِئُ بِطَلَبِهِ لِلصَّيْفِ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى لَهُ بِهِ. اُنْظُرْ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ السَّلَمِ.

(إلَّا الْعَيْنَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا كَانَ لَك عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ إلَى

ص: 533

أَجَلٍ فَعَجَّلَهَا لَك قَبْلَ الْأَجَلِ، جُبِرْت عَلَى أَخْذِهَا كَانَتْ مِنْ بَيْعٍ أَوْ قَرْضٍ انْتَهَى.

قَالَ بَهْرَامَ: وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّيْخُ الْمُقَاصَّةَ يَعْنِي أَنَّهَا فَصْلٌ مِنْ فُصُولِ الْبَيْعِ وَالسَّلَمِ. وَانْظُرْ أَيْضًا بِهَذِهِ النِّسْبَةِ فَقَدْ نَقَصَهُ فُصُولٌ مِنْهَا التَّوْلِيجُ وَمِنْهَا التَّصْيِيرُ. وَقَدْ تَرْجَمَ ابْنُ سَلْمُونَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: الْمُعَاوَضَةُ وَالتَّصْيِيرُ وَالتَّوْلِيجُ، وَذَكَرَ فِي التَّوْلِيجِ قَوْلَ مَالِكٍ فِيمَنْ وَلَّى ابْنَهُ حَائِطًا بِثَمَنٍ كَثِيرٍ عَنْ مَالٍ لِابْنِهِ قَبِلَهُ بِيَسِيرٍ، وَمَنْ بَاعَ مِنْ زَوْجِهِ دَارَ سُكْنَاهُ وَأَشْهَدَ بِقَبْضِ الثَّمَنِ. وَذَكَرَ أَيْضًا فِي فَصْلِ التَّصْيِيرِ أَيْضًا أَنَّهُ إنْ صَيَّرَ لِزَوْجَتِهِ أَوْ لِمَحْجُورِهِ دَارَ سُكْنَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ لَمْ يَنْقُلْ كَلَامَ ابْنِ سَهْلٍ فِي الَّذِي صَيَّرَ لِامْرَأَتِهِ فِي كَالِئِهَا نِصْفَ دَارِ سُكْنَاهُ مَعَهَا وَسُكْنَاهَا جَمِيعًا إلَى أَنْ مَاتَ فِيهَا. فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَنْفُذُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ التَّصْيِيرُ كَالْبَيْعِ لَا يَحْتَاجُ إلَى إخْلَاءٍ وَلَا إلَى حِيَازَةٍ، وَبِهَذَا أَفْتَى ابْنُ عَاتٍ وَابْنُ الْقَصَّارِ وَابْنُ مَالِكٍ.

قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ. قَالَ: لِأَنَّ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِيمَنْ وَهَبَ أَجْنَبِيًّا جُزْءًا مِنْ مَالِهِ مُشَاعًا وَاعْتَمَدَ الْمَوْهُوبُ لَهُ مَعَ الْوَاهِبِ أَنَّهُ جَائِزٌ انْتَهَى. اُنْظُرْ سَمَاعَ عِيسَى مِنْ الْبُرْزُلِيُّ. وَمِنْ فُصُولِ الْبَيْعِ أَيْضًا مَنْ بِيعَ عَلَيْهِ مَالُهُ وَهُوَ حَاضِرٌ. عَقَدَ ابْنُ سَلَمُونٍ فِيهِ فَصْلًا فِي تَرْجَمَةِ بَيْعِ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ، وَعَقَدَ عَلَيْهِ أَيْضًا ابْنُ هِشَامٍ فِي كِتَابِهِ الْمُفِيدِ فِي الْفَصْلِ الثَّانِي، وَذَكَرَ فِيهِ قَوْلَ مَالِكٍ: كُلُّ مَالٍ بِيعَ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ وَصَاحِبُهُ حَاضِرٌ يَنْظُرُ حَتَّى بِيعَ أَوْ تُصُدِّقَ بِهِ، ثُمَّ أَرَادَ الدَّعْوَى فِيهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ مَكْرٌ وَخَدِيعَةٌ إذَا كَانَ فِي بَلَدٍ غَيْرِ مَقْهُورٍ بِالطَّاقَةِ. وَانْظُرْ فِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ إنْ فَرَّقَا بَيْنَ أَنْ يَبِيعَ الشَّرِيكُ حِصَّتَهُ أَوْ جَمِيعَ الْمِلْكِ أَوْ فَدَّانًا بِعَيْنِهِ، فَإِنْ بَاعَ حَقَّهُ وَحَقَّ غَيْرِهِ فَسُكُوتُ

ص: 534

الشَّرِيكِ بَعْدَ عِلْمِهِ مُوجِبًا لِلُّزُومِ بَيْعِهِ فَضْلًا عَنْ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ خَاصَّةً إنْ قَامَ بِالْقُرْبِ وَإِلَّا فَلَا ثَمَنَ لَهُ.

ص: 535