الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[كِتَابُ السَّلَمِ] [
بَابٌ فِي شُرُوط السَّلَم وَأَدَاء الْمُسْلِم فِيهِ وَالنَّظَر فِي صفته]
ابْنُ شَاسٍ: كِتَابُ السَّلَمِ وَالْقَرْضِ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ السَّلَمُ وَفِيهِ بَابَانِ: الْأَوَّلُ فِي شُرُوطِهِ وَهِيَ.
سِتَّةٌ: تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ دَيْنًا، وَأَنْ يَكُونَ مُؤَجَّلًا، وَأَنْ يَكُونَ مَقْدُورًا عَلَى تَسْلِيمِهِ عِنْدَ الْمَحَلِّ، وَأَنْ يَكُونَ مَعْلُومَ الْمِقْدَارِ، وَأَنْ يَكُونَ مَعْرُوفَ الْأَوْصَافِ
الْبَابُ الثَّانِي فِي أَدَاءِ الْمُسْلَمِ فِيهِ وَالنَّظَرِ فِي صِفَتِهِ وَزَمَانِهِ وَمَكَانِهِ
(شَرْطُ السَّلَمِ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ) ابْنُ يُونُسَ: «نَهَى صلى الله عليه وسلم عَنْ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ» وَهُوَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ، فَوَجَبَ تَعْجِيلُ النَّقْدِ فِي الْمَضْمُونِ، وَكُلُّ مَنْ أَخَّرَ النَّقْدَ فِي السَّلَمِ بِشَرْطٍ فَالسَّلَمُ فَاسِدٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَتَأْخِيرُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ " نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ إنْ تَأَخَّرَ بَعْضُهُ انْفَسَخَ السَّلَمُ كُلُّهُ (أَوْ تَأْخِيرُهُ ثَلَاثًا وَلَوْ بِشَرْطٍ) ابْنُ رُشْدٍ: الْمَشْهُورُ جَوَازُ تَأْخِيرِ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَا دُونَهَا بِالشَّرْطِ. اُنْظُرْ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا وَقَدْ قَالُوا فِي الْإِجَارَةِ الْعَرْضُ الْمُعَيَّنُ أَجْرًا كَشِرَائِهِ يَجِبُ تَعْجِيلُهُ، وَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَوْ نَظَرَ إلَى الثَّوْبِ وَكَالَ الطَّعَامَ إنْ تَرَكَهُمَا عَلَى غَيْرِ شَرْطِ تَرَاخٍ لَمْ يَضُرَّ.
(وَفِي فَسَادِهَا بِالزِّيَادَةِ إنْ لَمْ تَكْثُرْ جِدًّا تَرَدُّدٌ) ابْنُ رُشْدٍ: إنْ كَانَ رَأْسُ مَالِ السَّلَمِ عَيْنًا وَتَأَخَّرَ فَوْقَ الثَّلَاثِ بِغَيْرِ شَرْطٍ فَعَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ السَّلَمَ يَفْسُدُ بِذَلِكَ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنْ
كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَيْنًا فَتَأَخَّرَ كَثِيرًا أَوْ إلَى الْأَجَلِ فَسَدَ الْبَيْعُ لِأَنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ فَأَشْبَهَ مَا فِي الذِّمَّةِ فَضَارَعَ الدَّيْنَ بِالدَّيْنِ.
(وَجَازَ بِخِيَارٍ لِمَا يُؤَخَّرُ إنْ لَمْ يُنْقَدْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِالْخِيَارِ فِي السَّلَمِ إلَى أَمَدٍ قَرِيبٍ يَجُوزُ تَأْخِيرُ النَّقْدِ إلَى مِثْلِهِ كَيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةٍ إنْ لَمْ يُقَدِّمْ رَأْسَ الْمَالِ، فَإِنْ قَدَّمَهُ كَرِهْتُهُ.
(وَبِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: يَجُوزُ كَوْنُ رَأْسِ الْمَالِ مَنْفَعَةَ مُعَيَّنٍ. ابْنُ عَاتٍ: هُوَ جَائِزٌ وَإِنْ حَلَّ أَجَلُ الطَّعَامِ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ الَّتِي هِيَ رَأْسُ مَالِهِ. وَعِنْدَ الْقِرَاءَةِ عَلَى هَذَا الْمَوْضِعِ أَنْشَدَنِي بَعْضُ الْحَاضِرِينَ مِنْ أَذْكِيَاءِ الطَّلَبَةِ لِنَفْسِهِ وَمَا سَلِمَ قَبْضُ الْمُسْلَمِ قَبْلَ أَنْ يُوفِيَ الَّذِي يُعْطِي الْمُسْلَمَ جَائِزٌ
أَجِبْ إنَّ عِلْمَ الْفِقْهِ رَوْضٌ وَدَوْحَةٌ
…
جَنَى ذَاكَ فِي الْأَوْرَاقِ دَخْرٌ وَنَاجِزٌ.
(وَبِجُزَافٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ أَسْلَمَ نُقَارَ فِضَّةٍ أَوْ تِبْرًا مَكْسُورًا جُزَافًا لَا يَعْلَمُ وَزْنَهُ فِي سِلْعَةٍ مَوْصُوفَةٍ إلَى أَجَلٍ، جَازَ ذَلِكَ لِأَنَّ التِّبْرَ هَاهُنَا بِمَنْزِلَةِ سِلْعَةٍ.
(وَتَأْخِيرُ حَيَوَانٍ بِلَا شَرْطٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ أَسْلَمَتْ عَبْدًا بِعَيْنِهِ فِي طَعَامٍ إلَى أَجَلٍ فَلَمْ تَقْبِضْهُ إلَّا بَعْدَ أَشْهُرٍ أَوْ إلَى الْأَجَلِ فَالْبَيْعُ نَافِذٌ مَا لَمْ يَكُنْ بِشَرْطٍ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ رَقِيقًا أَوْ حَيَوَانًا فَتَأَخَّرَ قَبْضُهُ الْأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ أَوْ إلَى الْأَجَلِ فَالْبَيْعُ نَافِذٌ بِغَيْرِ كَرَاهِيَةٍ لِأَنَّ ضَمَانَهُ مِنْ مُشْتَرِيهِ لِأَنَّهُ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ.
(وَهَلْ الطَّعَامُ وَالْعَرْضُ كَذَلِكَ إنْ كِيلَ وَأُحْضِرَ أَوْ كَالْعَيْنِ؟ تَأْوِيلَانِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ عَرْضًا أَوْ طَعَامًا بِعَيْنِهِ وَتَأَخَّرَ قَبْضُهُ الْأَيَّامَ الْكَثِيرَةَ أَوْ إلَى الْأَجَلِ وَلَمْ يَكُنْ شَرْطٌ وَكَانَ هَرَبًا مِنْ أَحَدِهِمَا، فَالْبَيْعُ نَافِذٌ مَعَ كَرَاهِيَةِ مَالِكٍ لَهُمَا. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنَّمَا كَانَ الْبَيْعُ نَافِذًا مَعَ الْكَرَاهِيَةِ لِأَنَّهُ لَوْ هَلَكَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ لَا نَفْسَخُ السَّلَمَ. ابْنُ مُحْرِزٍ: قِيلَ: إنَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الطَّعَامَ لَمْ يُكْتَلْ وَالثَّوْبُ غَائِبٌ عَلَى الصِّفَةِ، وَلَوْ نَظَرَ إلَى الثَّوْبِ وَكَالَ الطَّعَامَ وَتَرَكَهُمَا عَلَى غَيْرِ شَرْطِ تَرَاخٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ كَرَاهَةٌ لِأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ مِنْ دَيْنِهِ سِلْعَةً نَظَرَهَا وَقَامَ وَلَمْ يَقْبِضْهَا جَازَ اهـ. اُنْظُرْ التَّأْوِيلَيْنِ عَلَى هَذَا إنَّمَا
هُمَا فِي الْكَرَاهَةِ وَعَدَمِهَا لَا فِي الْفَسْخِ فَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ:.
(أَوْ كَالْمُعَيَّنِ وَرُدَّ زَائِفٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا أَصَابَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ رَأْسُ الْمَالِ نُحَاسًا أَوْ رَصَاصًا بَعْدَ شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ فَلَهُ الْبَدَلُ وَلَا يَنْتَقِضُ السَّلَمُ (وَعُجِّلَ) نَقْلُ ابْنِ يُونُسَ: إنْ كَانَ الَّذِي بَقِيَ مِنْ أَجَلِ السَّلَمِ كَثِيرًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَخَّرَ الْبَدَلُ إلَّا الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ.
قَالَ أَشْهَبُ: وَلَوْ لَمْ يَبْقَ مِنْ أَجَلِ السَّلَمِ إلَّا الْيَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً لَمْ يَكُنْ بَأْسٌ أَنْ يُؤَخَّرَ الْبَدَلُ شَهْرًا أَوْ أَكْثَرَ وَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ اشْتَرَى طَعَامًا نَقْدًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ.
قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: وَلَا يَدْخُلُهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ لِأَنَّ عَقْدَ السَّلَمِ قَدْ
تَقَدَّمَ عَلَى الصِّحَّةِ. اُنْظُرْ قَوْلَهُ لِأَنَّ عَقْدَ السَّلَمِ قَدْ تَقَدَّمَ فَيَكُونُ كَبَيْعِ دَيْنٍ، وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ:" وَعُجِّلَ "، (وَإِلَّا فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ لَا الْجَمِيعُ عَلَى الْأَحْسَنِ) ابْنُ يُونُسَ: إذَا قَالَ سَأُبَدِّلُهَا لَكَ إلَى شَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُفْسَخَ الشَّرْطُ وَيُجْبَرَ عَلَى الْبَدَلِ مُعَجَّلًا، وَإِنْ تَأَخَّرَ الْبَدَلُ عَلَى مَا شَرَطَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْتَقِضَ السَّلَمُ كُلُّهُ.
قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: وَقَدْ قِيلَ يَنْتَقِضُ بِقَدْرِ الزَّائِفِ فَقَطْ. ابْنُ يُونُسَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَنْتَقِضَ شَيْءٌ مِنْ السَّلَمِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ الْأَوَّلِ وَلَا يُفْسَخُ
بِالتُّهْمَةِ. اهـ مِنْ ابْنِ يُونُسَ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ مُحْرِزٍ عَنْ بَعْضِهِمْ: يَنْتَقِضُ مَا أَخَّرَهُ فَقَطْ وَأَرَاهُ قَوْلَ أَبِي عِمْرَانَ وَهُوَ أَشْبَهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إنْ تَأَخَّرَ بَعْضُ مَالِ السَّلَمِ انْفَسَخَ السَّلَمُ كُلُّهُ.
(وَالتَّصْدِيقُ فِيهِ كَطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ) تَقَدَّمَ مَنْعُ التَّصْدِيقِ فِي رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ وَتَكَلَّمَ هُنَا عَلَى الْمُسْلَمِ فِيهِ وَالْمَبِيعِ. مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ قَبَضْتَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا مِنْ سَلَمٍ أَوْ بَيْعٍ وَصَدَّقْتَهُ فِي كَيْلِهِ جَازَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ لَكَ رُجُوعٌ بِمَا تَدَّعِي مِنْ نَقْصٍ إنْ كَذَّبَكَ إلَّا أَنْ تُقِيمَ بَيِّنَةً لَمْ تُفَارِقْكَ مِنْ حِينِ قَبَضْتَهُ حَتَّى وَجَدْتَ فِيهِ النَّقْصَ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي وَجَدْتَ بِمَحْضَرِهِمْ نَقْصًا أَوْ زِيَادَةً كَنَقْصِ الْمِكْيَالِ أَوْ زِيَادَتِهِ فَذَلِكَ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، وَإِنْ زَادَ عَلَى الْمُتَعَارَفِ رَجَعَ الْبَائِعُ بِمَا زَادَ وَرَجَعْتَ عَلَيْهِ بِمَا نَقَصَ إنْ كَانَ عَلَيْهِ مَضْمُونًا، وَإِنْ كَانَ بِعَيْنِهِ فَبِحِصَّةِ النُّقْصَانِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْبَائِعُ لَقَدْ أَوْفَاهُ جَمِيعَ مَا سَمَّى إنْ كَانَ اكْتَالَهُ هُوَ.
وَإِنْ بَعَثَ بِهِ إلَيْهِ فَلْيَقُلْ فِي يَمِينِهِ لَقَدْ بَعَثْتُهُ عَلَى مَا كَتَبَ إلَيَّ أَوْ قِيلَ لِي فِيهِ مِنْ الْكَيْلِ الَّذِي يَذْكُرُ فِيهِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ نَكَلَ حَلَفْتَ أَنْتَ وَرَجَعْتَ عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرْتَ، فَإِنْ نَكَلْتَ فَلَا شَيْءَ لَكَ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنَّمَا يَحْلِفُ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ إذَا بَيَّنَ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهُ
بَعَثَ إلَيْهِ وَإِلَّا فَالْمُشْتَرِي يَقُولُ إنَّمَا رَضِيتُ بِأَمَانَتِكَ أَنْتَ وَلَمْ أَظُنَّ أَنَّكَ لَمْ تَقِفْ عَلَى كَيْلِهِ، فَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ بَعَثَ بِهِ إلَيْهِ حَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ وَجَدَهُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ وَرَجَعَ عَلَى الْبَائِعِ بِمَا يَجِبُ لَهُ (ثُمَّ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ الزَّيْدُ الْمَعْرُوفُ وَالنَّقْصُ) تَقَدَّمَ نَصُّهَا إذَا وَجَدَ ذَلِكَ بِمَحْضَرِهِمْ فَذَلِكَ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ، وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِمَحْضَرِ الْبَيِّنَةِ (وَإِلَّا فَلَا رُجُوعَ لَكَ إلَّا بِتَصْدِيقٍ أَوْ بَيِّنَةٍ لَمْ تُفَارِقْ) تَقَدَّمَ نَصُّهَا " لَا رُجُوعَ إنْ كَذَّبَكَ إلَّا أَنْ تُقِيمَ بَيِّنَةً لَمْ تُفَارِقْكَ ".
(وَحَلَفَ لَقَدْ أَوْفَى مَا سَمَّى) تَقَدَّمَ
نَصُّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ حَلَفَ الْبَائِعُ لَقَدْ أَوْفَاهُ جَمِيعَ مَا سَمَّى (إنْ كَانَ اكْتَالَهُ هُوَ أَوْ لَقَدْ بَعَثَهُ عَلَى مَا كَتَبَ بِهِ إلَيْهِ إنْ عَلِمَ مُشْتَرِيهِ) تَقَدَّمَ نَصُّهَا وَإِنْ بَعَثَ بِهِ إلَيْهِ فَلْيَقُلْ فِي يَمِينِهِ لَقَدْ بَعَثْتُهُ عَلَى مَا كَتَبَ إلَيَّ أَوْ قِيلَ لِي فِيهِ مِنْ الْكَيْلِ الَّذِي يُذْكَرُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَتَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ يُونُسَ إنَّمَا يَحْلِفُ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ إذَا بَيَّنَ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهُ بَعَثَ بِهِ إلَيْهِ (وَإِلَّا حَلَفْتَ وَرَجَعْتَ) تَقَدَّمَ نَصُّهَا وَإِنْ نَكَلَ حَلَفْت
أَنْتَ وَرَجَعْتَ عَلَيْهِ بِمَا ذَكَرْتَ.
(وَإِنْ أَسْلَمْتَ عَرْضًا فَهَلَكَ بِيَدِكَ فَهُوَ مِنْهُ إنْ أَهْمَلَ أَوْ أَوْدَعَ أَوْ عَلَى الِانْتِفَاعِ وَمِنْكَ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَوُضِعَ لِلتَّوَثُّقِ وَنُقِضَ السَّلَمُ وَحَلَفْتَ وَإِلَّا خُيِّرَ الْآخَرُ) اُنْظُرْ
هَلْ يَتَنَزَّلُ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى مَا يَتَقَرَّرُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَسْلَمْتَ إلَى رَجُلٍ عَرْضًا يُغَابُ عَلَيْهِ فِي حِنْطَةٍ إلَى أَجَلٍ فَأَحْرَقَهُ رَجُلٌ بِيَدِكَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ تَرَكَهُ وَدِيعَةً فِي يَدِكَ بَعْدَ أَنْ دَفَعْتَهُ إلَيْهِ فَهُوَ مِنْهُ وَيَتْبَعُ الْجَانِي بِقِيمَتِهِ وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ، وَإِنْ لَمْ تَدْفَعْهُ إلَيْهِ حَتَّى أَحْرَقَهُ رَجُلٌ، فَإِنْ قَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ فَهُوَ مِنْهُ وَلَهُ اتِّبَاعُ الْجَانِي وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ كَانَ مِنْكَ وَانْتَقَضَ السَّلَمُ يَعْنِي وَيَحْلِفُ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ خُيِّرَ الَّذِي عَلَيْهِ السَّلَمُ بَيْنَ أَنْ يُغَرِّمَهُ قِيمَتَهُ وَيُثْبِتَ السَّلَمَ أَوْ لَا يُغَرِّمَهُ وَيَفْسَخُ السَّلَمَ. اللَّخْمِيِّ: إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ حَاضِرًا بَيْنَ أَيْدِيهِمَا لَا أَمْكَنَهُ مِنْ أَخْذِهِ وَلَا مَنْعَهُ مِنْهُ وَمَضَى وَتَرَكَهُ، كَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ الْإِيدَاعِ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْبَائِعِ، وَيَحْلِفُ إنْ كَانَ مِمَّنْ يُتَّهَمُ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ مِنْ الرِّقَابِ وَبَقِيَ الْمَنَافِعُ اسْتَثْنَاهَا مِنْهُ صُدِّقَ، وَإِنْ مَنَعَهُ مِنْهُ حَتَّى يُشْهِدَ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ لَمْ
يُصَدَّقُ اهـ. اُنْظُرْ لَوْ كَانَ الَّذِي تَعَدَّى عَلَيْهِ هُوَ الْبَائِعُ فَأَحْرَقَهُ؛ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ وَالسَّلَمُ بِحَالِهِ وَلَا تَصْلُحُ فِيهِ الْإِقَالَةُ.
(وَإِنْ أَسْلَمْتَ حَيَوَانًا أَوْ عَقَارًا فَالسَّلَمُ ثَابِتٌ وَيُتَّبَعُ الْجَانِي) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ حَيَوَانًا فَقَتَلَهَا رَجُلٌ بِيَدِكَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْمُسْلَمُ إلَيْهِ أَوْ كَانَ دُورًا أَوْ أَرَضِينَ فَعَدَا عَلَيْهَا رَجُلٌ فَهَدَمَ الْبِنَاءَ وَاحْتَفَرَ الْأَرْضَ فَأَفْسَدَهَا، فَلِلْمُسْلَمِ إلَيْهِ طَلَبُ الْجَانِي
وَالسَّلَمُ ثَابِتٌ.
(وَأَنْ لَا يَكُونَا طَعَامَيْنِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: أَصْلُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الطَّعَامَ بِالطَّعَامِ إلَى أَجَلٍ لَا يَصْلُحُ، كَانَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ أَوْ مِنْ صِنْفَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، كَانَا أَوْ أَحَدُهُمَا مِمَّا يُدَّخَرُ أَوْ لَا يُدَّخَرُ أَوْ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَوْ يُعَدُّ، وَكَذَلِكَ جَمِيعُ التَّوَابِلِ وَاللَّحْمَانِ وَالْحِيتَانِ وَجَمِيعُ الْإِدَامِ وَالْأَشْرِبَةِ عَدَا الْمَاءَ إلَّا أَنْ يُقْرِضَ رَجُلٌ طَعَامًا أَوْ إدَامًا فِي مِثْلِهِ إلَى أَجَلٍ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ فَتَأْخُذُ مِثْلَهُ فِي كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ وَجِنْسٍ وَصِفَةٍ وَجَوْدَةٍ وَلَا تَبْتَغِي بِذَلِكَ نَفْعَ نَفْسِك فَيَجُوزُ وَلَا يَجُوزُ بِمَعْنَى التَّبَايُعِ وَإِنْ كَانَ النَّفْعُ فِيهِ لِلْآخِذِ (وَلَا نَقْدَيْنِ) التَّلْقِينُ: لَا يَجُوزُ ذَهَبٌ بِذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٌ بِفِضَّةٍ وَلَا أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ
نَسَئًا، لَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي يَجُوزُ نَقْدًا وَلَا عَلَى خِلَافِهِ، وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَجُوزُ سَلَمُ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فِي الْفُلُوسِ (وَلَا شَيْءٌ فِي أَكْثَرَ أَوْ أَجْوَدَ كَالْعَكْسِ) ابْنُ عَرَفَةَ. فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا لَا يَجُوزُ سَلَمُ شَيْءٍ فِي أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَا أَقَلَّ مِنْهُ وَلَا أَدْنَى فِي أَجْوَدَ وَلَا عَكْسُهُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا وَضَمَانٌ بِجُعْلٍ.
(إلَّا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ) ابْنُ بَشِيرٍ: إذَا اتَّفَقَ جِنْسُ الْمُسْلَمِ وَالْمُسْلَمِ فِيهِ وَاخْتَلَفَتْ مَنَافِعُهُمَا، فَالْأَصْلُ جَوَازُ السَّلَمِ لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الْمَنَافِعُ قَدْ تَتَبَايَنُ جِدًّا وَقَدْ تَتَقَارَبُ وَقَدْ يُشْكِلُ أَمْرُهَا كَثُرَ الشَّغَبُ فِي هَذَا الْقِسْمِ.
(كَفَارِهِ الْحُمُرِ فِي الْأَعْرَابِيَّةِ) ابْنُ عَتَّابٍ: الْحُمُرُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ ثَلَاثَةُ أَصْنَافٍ: صِغَارُهَا صِنْفٌ، وَكِبَارُهَا صِنْفَانِ حُمُرُ مِصْرَ الَّتِي لِلرُّكُوبِ صِنْفٌ، وَحُمُرُ الْأَعْرَابِ الَّتِي لِلْخِدْمَةِ صِنْفٌ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ تُسْلَمَ الْحُمُرُ فِي الْبِغَالِ لِتَقَارُبِ مَنَافِعِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ مِنْ الْحُمُرِ الْأَعْرَابِيَّةِ
الَّتِي يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ فِيهَا الْحِمَارُ الْفَارِهُ النَّجِيبُ. (وَسَابِقِ الْخَيْلِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: يُسْلَمُ كِبَارُ الْخَيْلِ فِي صِغَارِهَا وَلَا يُسْلَمُ كِبَارُهَا فِي كَبِيرِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ فَرَسًا جَوَادًا لَهُ سَبْقٌ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يُسْلَمَ فِي غَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ مِثْلُهُ فِي جَوْدَتِهِ وَإِنْ كَانَ فِي سِنِّهِ (لَا كَهِمْلَاجٍ إلَّا كَبِرْذَوْنٍ) الْهِمْلَاجُ السَّيَّارُ. اُنْظُرْ أَوَّلَ السَّلَمِ مِنْ التَّنْبِيهَاتِ. ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يُخْرِجُ الْخَيْلَ سُرْعَةُ سَيْرِهَا عَنْ جِنْسِهَا وَإِنْ تَفَاوَتَتْ بِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ فِيهَا السَّبْقُ إلَّا الْبَرَاذِينَ الَّتِي لَا جَرْيَ فِيهَا وَعُرِفَتْ بِذَلِكَ فَتَكُونُ جِنْسًا.
(وَجَمَلٍ كَثِيرِ الْحَمْلِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: سَلَمُ كِبَارِ الْإِبِلِ فِي صِغَارِهَا جَائِزٌ، يُرِيدُ صِغَارَهَا الَّتِي لَا يَحْمِلُ فِيهَا وَلَا رُكُوبَ وَلَا يُسْلَمُ كِبَارُهَا فِي كِبَارِهَا إلَّا مَا عُرِفَ فَبَانَ فِي النَّجَابَةِ وَالْحُمُولَةِ، فَلَا بَأْسَ أَنْ يُسْلَمَ فِي حَوَاشِي الْإِبِلِ (وَإِنْ كَانَتْ فِي سِنِّهِ وَصُحِّحَ وَبِسَبْقِهِ) الْمَازِرِيُّ: الْإِبِلُ لَا تُرَادُ لِلسِّبَاقِ فَيُعْتَبَرُ التَّبَايُنُ فِيهَا مِنْ هَذِهِ النَّاحِيَةِ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَتَبِعَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَهُوَ خِلَافُ نَقْلِ اللَّخْمِيِّ (وَبِقُوَّةِ الْبَقَرَةِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: تُسْلَمُ الْبَقَرَةُ الْفَارِهَةُ الْقَوِيَّةُ عَلَى الْحَرْثِ فِي حَوَاشِي الْبَقَرِ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ أَسْنَانِهَا (وَلَوْ أُنْثَى) ابْنُ بَشِيرٍ: أَمَّا الذُّكُورَةُ وَالْأُنُوثَةُ فَلَا يَخْتَلِفُ بِهَا شَيْءٌ مِنْ الْحَيَوَانِ الْغَيْرِ النَّاطِقِ. الْبَاجِيُّ: يُعْتَبَرُ الْقُوَّةُ عَلَى الْحَرْثِ فِي ذَكَرِ الْبَقَرِ اتِّفَاقًا وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْإِنَاثِ. وَحَكَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا كَثْرَةُ اللَّبَنِ، فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ سَلَمُ الْبَقَرَةِ الْكَثِيرَةِ اللَّبَنِ وَإِنْ كَانَتْ قَوِيَّةً
عَلَى الْحَرْثِ فِي ثَوْرٍ قَوِيٍّ عَلَى الْحَرْثِ.
(وَبِكَثْرَةِ لَبَنِ الشَّاةِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: الْغَنَمُ لَا يُسْلَمُ ضَأْنُهَا فِي مِعْزَاهَا وَلَا الْعَكْسُ إلَّا غَنَمًا غَزِيرَةَ اللَّبَنِ مَوْصُوفَةً بِالْكَرَمِ فَلَا بَأْسَ أَنْ تُسْلَمَ فِي حَوَاشِي الْغَنَمِ. اللَّخْمِيِّ: وَذُكُورُ الْغَنَمِ وَإِنَاثُهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ (وَظَاهِرُهَا عُمُومُ الضَّأْنِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: الْغَنَمُ لَا يُسْلَمُ ضَأْنُهَا فِي مَعْزَاهَا وَلَا عَكْسُهُ لِأَنَّ مَنْفَعَتَهَا كُلَّهَا اللَّحْمُ إلَّا شَاةً غَزِيرَةَ اللَّبَنِ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الضَّأْنَ كَالْمَعْزِ سَوَاءٌ فِي اعْتِبَارِ غَزِرِ اللَّبَنِ (وَصُحِّحَ خِلَافُهُ) ابْنُ الْحَاجِبِ: الضَّأْنُ بِخِلَافِ الْمَعْزِ عَلَى الْأَصَحِّ.
(وَكَصَغِيرَيْنِ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسِهِ) سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ: لَا خَيْرَ فِي صَغِيرٍ بِكَبِيرٍ لِأَجَلٍ مِنْ صِنْفِهِ مِنْ الْبَهَائِمِ وَلَا عَكْسُهُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ أَوْ بِضَمَانٍ، وَلَا بَأْسَ بِهِ عَلَى وَجْهِ الْبَيْعِ إنْ كَانَ صَغِيرَانِ بِكَبِيرٍ أَوْ صَغِيرٌ بِكَبِيرَيْنِ أَوْ كَبِيرَانِ بِصَغِيرَيْنِ لِخُرُوجِهِمَا مِنْ تُهْمَةِ السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَتُهْمَةِ الضَّمَانِ. ابْنُ رُشْدٍ: سَكَتَ عَنْ صَغِيرٍ فِي كَبِيرَيْنِ وَإِرَادَتُهُ إجَازَتُهُ وَهُوَ نَصُّهُ فِي رَسْمِ بَاعَ وَمِثْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ. عِيَاضٌ: ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَبِيرٌ فِي كَبِيرٍ وَلَا جَيِّدٌ فِي رَدِيءٍ حَتَّى يَخْتَلِفَ الْعَدَدُ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ، رَأَى الْكَبِيرَ وَالصَّغِيرَ صِنْفَيْنِ سِوَى بَنِي آدَمَ. ابْنُ عَرَفَةَ: فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ (أَوْ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وَعَكْسِهِ إنْ لَمْ يُؤَدِّ إلَى الْمُزَابَنَةِ) ابْنُ الْحَاجِبِ: يَجُوزُ سَلَمُ كَبِيرٍ فِي صَغِيرٍ وَصَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ عَلَى الْأَصَحِّ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَكُونَ الْمُدَّةُ تُفْضِي إلَى الْمُزَابَنَةِ بِخِلَافِ صَغِيرِ الْآدَمِيِّ عَلَى الْأَصَحِّ (وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى خِلَافِهِ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُدَوَّنَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْوَجْهَيْنِ.
(كَالْآدَمِيِّ) الشَّيْخُ: الْعَبِيدُ وَالْإِمَاءُ صِنْفٌ صِغَارُهَا وَكِبَارُهَا إلَّا ذَا النَّفَادِ وَالتِّجَارَةِ. وَسَمِعَ ابْنِ الْقَاسِمِ: جَوَازُ سَلَمِ الْعَبْدِ الْكَبِيرِ التَّاجِرِ فِي الصَّغِيرِ. اللَّخْمِيِّ: وَيُسْلَمُ الْكَبِيرُ مِنْ الْوَخْشِ الَّذِي لَا يُرَادُ إلَّا لِلْخِدْمَةِ فِي صَغِيرٍ يُرَادُ لِلتَّجْرِ إنْ كَبِرَ أَوْ لِلصَّنْعَةِ. الْبَاجِيُّ: فِي الْوَاضِحَةِ صَغِيرُ الرَّقِيقِ وَكَبِيرُهُ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَالْقِيَاسُ عِنْدِي أَنَّهُمَا جِنْسَانِ (وَالْغَنَم) ابْنُ مُحْرِزٍ: الصِّغَارُ وَالْكِبَارُ يَخْتَلِفَانِ مِنْ سَائِرِ الْحَيَوَانِ إلَّا فِي الْغَنَمِ لِأَنَّ غَالِبَ الْمُرَادِ مِنْهَا اللَّحْمُ. عِيَاضٌ: لَا تَفْتَرِقُ الْغَنَمُ إلَّا بِغَزِرِ
اللَّبَنِ.
(وَكَجِذْعٍ طَوِيلٍ غَلِيظٍ فِي غَيْرِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْخَشَبُ لَا يُسْلَمُ مِنْهَا جِذْعٌ فِي جِذْعَيْنِ مِثْلِهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ اخْتِلَافُهُمَا كَجِذْعِ نَخْلٍ طَوِيلٍ كَبِيرٍ غِلَظُهُ وَطُولُهُ كَذَا فِي جُذُوعٍ صِغَارٍ لَا تُقَارِبُهُ، فَيَجُوزُ لِأَنَّ هَذَيْنِ نَوْعَانِ مُخْتَلِفَانِ (وَكَسَيْفٍ قَاطِعٍ فِي سَيْفَيْنِ دُونَهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا خَيْرَ فِي أَنْ يُسْلِفَ سَيْفًا فِي سَيْفَيْنِ دُونَهُ لِتَقَارُبِ الْمَنَافِعِ إلَّا أَنْ يَبْعُدَ مَا بَيْنَهُمَا فِي الْجَوْهَرِ وَالْقَطْعِ كَتَبَاعُدِهِ فِي الرَّقِيقِ وَالثِّيَابِ فَيَجُوزُ.
(وَكَالْجِنْسَيْنِ وَلَوْ تَقَارَبَتْ الْمَنْفَعَةُ) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ اخْتَلَفَ الْجِنْسُ دُونَ الْمَنْفَعَةِ فَحَكَى الْبَاجِيُّ قَوْلَيْنِ عَوَّلَ فِيهِمَا عَلَى الْخِلَافِ فِي سَلَمِ الْبِغَالِ فِي الْحَمِيرِ. وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ وَلَيْسَ هَذَا كَمَا قَالَ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي هَذَا خِلَافٌ فِي شَهَادَةِ هَلْ الْمَنْفَعَةُ مُتَبَايِنَةٌ جِدًّا أَوْ مُتَقَارِبَةٌ (كَرَقِيقِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ) ابْنُ يُونُسَ: جَائِزٌ أَنْ يُسْلَمَ رَقِيقُ الْقُطْنِ فِي رَقِيقِ الْكَتَّانِ لِأَنَّهُمَا
صِنْفَانِ مِثْلَ الْمَرْوِيِّ فِي الْفَرْقِيِّ (لَا جَمَلٍ فِي جَمَلَيْنِ مِثْلِهِ عُجِّلَ أَحَدُهُمَا) الْمَازِرِيُّ: فِي جَمَلٍ بِجَمَلَيْنِ مِثْلِهِ أَحَدُهُمَا نَقْدٌ وَالْآخَرُ مُؤَجَّلٌ رِوَايَتَانِ: الْجَوَازُ وَالْكَرَاهَةُ. وَأَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْجَوَازِ اهـ. اُنْظُرْ هَذَا مَعَ لَفْظِ خَلِيلٍ. ابْنُ بَشِيرٍ: جَرَتْ فِي مَسْأَلَةِ الْجَمَلَيْنِ مُنَاظَرَةٌ بَيْنَ الْمُغِيرَةِ وَأَشْهَبَ، فَالْتَزَمَ أَشْهَبُ الْجَوَازَ فَأَلْزَمَهُ الْمُغِيرَةَ فِي ذَلِكَ دِينَارَيْنِ فَالْتَزَمَهُ. وَقَدْ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّ بَابَ الرِّبَا أَضْيَقُ مِنْ غَيْرِهِ لَا سِيَّمَا وَالشَّافِعِيُّ يُجِيزُ الزِّيَادَةَ فِي سَلَمِ الْعُرُوضِ لِأَجَلٍ اهـ. رَاجِعْ ابْنَ عَرَفَةَ.
(وَكَطَيْرٍ عُلِّمَ لَا بِالْبَيْضِ) الْمُتَيْطِيُّ: لَا يَجُوزُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ دَجَاجَةٌ بَيُوضٌ فِي اثْنَيْنِ لَيْسَتَا مِثْلَهَا فِي كَثْرَةِ الْبَيْضِ، وَكَذَلِكَ الْإِوَزُّ.
قَالَ مَالِكٌ: وَالدِّيكُ وَالدَّجَاجُ صِنْفٌ. ابْنُ حَبِيبٍ: وَالْحَمَامُ صِنْفٌ وَأَمَّا مَا لَا يُقْتَنَى مِنْ الطَّيْرِ كَالْحَجَلِ وَالْيَمَامِ فَهُوَ كَاللَّحْمِ لَا يُبَاعُ بِإِوَزٍّ أَوْ دَجَاجٍ أَوْ حَمَامٍ لِأَنَّهُ مِنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ. ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الدَّجَاجُ وَالْإِوَزُّ جِنْسَانِ، وَظَاهِرُ نَقْلِ الْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ (وَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ بَشِيرٍ أَنَّ الذُّكُورَةَ وَالْأُنُوثَةَ لَا يَخْتَلِفُ بِهَا شَيْءٌ مِنْ الْحَيَوَانِ غَيْرِ النَّاطِقِ (وَلَوْ آدَمِيًّا) اللَّخْمِيِّ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ مِنْ الْآدَمِيِّينَ صِنْفٌ وَاحِدٌ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْعِتْقِ يَكُونَانِ صِنْفَيْنِ، وَقَوْلُ مَالِكٍ أَحْسَنُ لِاخْتِلَافِ خِدْمَةِ النَّوْعَيْنِ: خِدْمَةُ الذُّكُورِ خَارِجَ الْبَيْتِ وَخِدْمَةُ الْإِنَاثِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَيْتِ.
(وَغَزْلٍ) اللَّخْمِيِّ: الْعَبِيدُ صِنْفٌ وَاحِدٌ وَتَنْقُلُهُمْ الصَّنْعَةُ فَيُسْلِمُ التَّاجِرُ فِي الصَّانِعِ وَلَا يُسْلِمُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا فِيمَا يُرَادُ مِنْهُ الْخِدْمَةُ خَاصَّةً وَهُوَ كَإِسْلَامِ الْجَيِّدِ فِي الرَّدِيءِ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ بِفَرَاهَةٍ أَوْ جَمَالٍ فَتَدْخُلُهُ الْمُبَايَعَةُ، وَيَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ التَّاجِرُ وَالصَّانِعُ فِي عَدَدٍ يُرَادُ مِنْهُمْ الْخِدْمَةُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالرَّقْمُ صَنْعَةٌ وَلَيْسَ الْغَزْلُ وَلَا عَمَلُ الطِّيبِ صَنْعَةً وَالنِّسَاءُ جَمِيعًا يَغْزِلْنَ، يُرِيدُ مَا لَمْ تَبِنْ بِذَلِكَ وَيَكُونُ بِذَلِكَ الْمَقْصُودُ مِنْهَا وَلِمِثْلِهِ تُرَادُ (وَطَبْخٍ) اللَّخْمِيِّ: قَالَ مَالِكٌ وَالطَّبْخُ وَالْخُبْزُ صَنْعَةٌ. اهـ نَقَلَهُ (وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ النِّهَايَةَ) تَقَدَّمَ هَذَا الشَّرْطُ لِلَّخْمِيِّ فِي الْغَزْلِ وَلَمْ يَقُلْهُ فِي الطَّبْخِ، وَسَوَّى
خَلِيلٌ بَيْنَ الْغَزْلِ وَالطَّبْخِ وَقَيَّدَهُمَا بِذَلِكَ الشَّرْطِ مُتَّبِعًا لِابْنِ الْحَاجِبِ وَقَدْ تَعَقَّبَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (وَحِسَابٍ وَكِتَابَةٍ) اللَّخْمِيِّ: اُخْتُلِفَ فِي الْحِسَابِ وَالْكِتَابَةِ. ابْنُ مُحْرِزٍ: أَلْغَاهُمَا بَعْضُ الْمُذَاكِرِينَ لِأَنَّهُمَا عِلْمٌ فَقَطْ لَا صِنَاعَةٌ وَهُوَ مَنْقُوضٌ بِالتَّجْرِ فَإِنَّهُ عِلْمٌ وَهُوَ مُعْتَبَرٌ اتِّفَاقًا. رَاجِعْ ابْنَ عَرَفَةَ.
(وَالشَّيْءُ فِي مِثْلِهِ قَرْضٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ أَسْلَمْت جِذْعًا فِي مِثْلِهِ صِفَةً وَجِنْسًا فَهُوَ قَرْضٌ إنْ ابْتَغَيْت بِهِ نَفْعَ الَّذِي أَقْرَضْته، وَإِنْ ابْتَغَيْت بِهِ نَفْعَ نَفْسِك رُدَّ السَّلَفُ.
(وَأَنْ يُؤَجَّلَ بِمَعْلُومٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: شَرْطُ السَّلَمِ بِكَوْنِهِ لِأَجَلٍ مَعْلُومٍ مَعْرُوفٍ الْمَذْهَبُ (زَائِدٍ عَلَى نِصْفِ شَهْرٍ) اُنْظُرْ قَوْلَهُ: " زَائِدٍ وَحَصَلَ ". ابْنُ عَرَفَةَ: فِي حَدِّ أَقَلِّهِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ. وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَجُوزُ لِرَجُلٍ أَنْ يَبِيعَ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ بِعَيْنٍ وَلَا بِعَرْضٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ مَضْمُونًا عَلَيْهِ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ تَتَغَيَّرُ فِي مِثْلِهِ الْأَسْوَاقُ، وَلَمْ يَحُدَّ مَالِكٌ فِي ذَلِكَ حَدًّا وَأَرَى الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا أَقَلَّ ذَلِكَ فِي الْبَلَدِ الْوَاحِدِ، فَأَمَّا إنْ أَسْلَمَ فِي بَلَدٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِبَلَدٍ آخَرَ إنْ كَانَتْ مَسَافَتُهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ.
ابْنُ حَبِيبٍ: أَوْ يَوْمَيْنِ لِاخْتِلَافِ سِعْرَيْهِمَا فَصَارَ كَبَعْدِ الْأَجَلِ فِي الْأَجَلِ الْوَاحِدِ إلَّا مَا أَجَازَهُ النَّاسُ مِنْ شِرَاءِ مَا فِي الْأَسْوَاقِ مِنْ اللَّحْمِ وَغَيْرِهِ بِسِعْرٍ وَصِفَةٍ مَعْلُومَيْنِ، وَيُسَمِّي مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ وَزْنٍ مَعْلُومٍ وَيَشْرَعُ فِي الْأَخْذِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ الثَّمَنُ فَقَدْ اسْتَخْفَوْهُ. وَمِنْ نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيُّ: يَجُوزُ السَّلَمُ الْحَالُّ لِأَرْبَابِ الْحِرَفِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ، وَسَوَاءٌ قَدَّمَ النَّقْدَ أَوْ أَخَّرَهُ. وَذَلِكَ بِشَرْطِ أَنْ يَشْرَعَ فِي الْأَخْذِ وَأَنْ يَكُونَ أَصْلُ ذَلِكَ عِنْدَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ،
وَيَنْفَسِخُ هَذَا السَّلَمُ بِمَوْتِهِ أَوْ مَرَضِهِ أَوْ فَلَسِهِ وَيَأْخُذُ بَقِيَّةَ رَأْسِ مَالِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْمَرَضِ وَيُحَاصُّ بِذَلِكَ فِي الْفَلَسِ.
هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَلَا بُدَّ مِنْ مُرَاجَعَةِ ثَالِثِ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ السَّلَمِ. وَانْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَالشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ وَأَنَّ الْمُغَارَسَةَ إنْ كَانَتْ عَلَى أَنَّ الْغُرُوسَ عِنْدَ الْغَارِسِ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا دَخَلَ فِي مَسْأَلَةِ الْبِنَاءِ عَلَى أَنَّ الْآجُرَّ وَالْجَصَّ مِنْ عِنْدِهِ مِنْ غَيْرِ ضَرْبِ أَجَلٍ اهـ. اُنْظُرْ إذَا أَعْطَى ثَوْبَهُ لِمَنْ يُرَقِّعُهُ وَخُفَّهُ لِمَنْ يُنَعِّلُهُ وَالرِّقَاعُ وَالنَّعْلُ مِنْ عِنْدِ الْخَيَّاطِ وَالْخَرَّازِ قَالَ الْقَبَّابُ: إنْ كَانَ الصَّانِعُ لَا يَعْدَمُ الرِّقَاعَ وَالْجُلُودَ فَيَجُوزُ كَمَا أَجَازَ مَالِكٌ السَّلَمَ فِي اللَّحْمِ لِمَنْ شَأْنُهُ بَيْعُهُ وَإِنْ لَمْ يُضْرَبْ أَجَلُ السَّلَمِ، وَانْظُرْ أَيْضًا مِمَّا يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَةِ الْمُذَاكِرِينَ مَنْعُهُ وَالنَّاسُ لَا يَنْفَكُّونَ عَنْهُ أَنْ يَدْفَعَ ذَهَبًا صَقَلِّيًّا لِحَرَارِيرَ فِيهِ لَهُ عَلَى طَرَفَيْ فُرْجَةٍ وَالْحَرِيرُ مِنْ عِنْدِ الْحَرَّارِ، وَكَذَلِكَ التَّفَافِيحُ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ يَنْظِمُهَا لَهُ فِي شَرَابَةِ حَرِيرٍ وَالْحَرِيرُ مِنْ عِنْدِ الصَّانِعِ.
اُنْظُرْ مَنْعَ هَذَا مَعَ مَا يَقْتَضِيهِ مَا ذَكَرُوهُ فِي كِتَابِ التَّفْلِيسِ حَيْثُ فَرَضُوا فِي الصَّبَّاغِ يَجْعَلُ الصَّبْغَ مِنْ عِنْدِهِ، وَالصَّيْقَلِ يَجْعَلُ حَوَائِجَ السُّيُوفِ مِنْ عِنْدِهِ، وَالْغَارِسِ يُعْطِي الْغُرُوسَ كَالْبِنَاءِ يَجْعَلُ الْآجُرَّ مِنْ عِنْدِهِ، وَانْظُرْ أَيْضًا مَا يَقْتَضِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ إنَّهُ لَا يَصْلُحُ أَنْ تُعْطِيَهُ فَصًّا تَقُولُ لَهُ اعْمَلْ عَلَيْهِ خَاتَمًا بِفِضَّةٍ مِنْ عِنْدِك حَتَّى أُعْطِيَكهَا مَعًا أُجْرَتَك قَالَ: وَأَخَاف أَنْ يَكُونَ فِضَّةً بِفِضَّةٍ وَزِيَادَةٍ اهـ.
فَانْظُرْ هَذَا إنَّمَا مَنَعَهُ الْإِمَامُ مِنْ قِبَلِ الرِّبَا (كَالنَّيْرُوزِ) ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ لِلنَّيْرُوزِ وَالْمِهْرَجَانِ وَفَصْحِ النَّصَارَى وَصَوْمِهِمْ وَالْمِيلَادِ وَقْتٌ مَعْرُوفٌ فَالْبَيْعُ إلَيْهِ جَائِزٌ. قَالَ: وَخُرُوجُ الْحَاجِّ أَجَلٌ مَعْرُوفٌ إذَا تَبَايَعَا إلَيْهِ. الْبَاجِيُّ: وَكَذَا إلَى قُدُومِ الْحَاجِّ وَفَصْحِ النَّصَارَى وَفِطْرِهِمْ مِنْ صَوْمِهِمْ.
(وَالْحَصَادِ وَالدِّرَاسِ وَقُدُومِ الْحَاجِّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِالْبَيْعِ إلَى الْحَصَادِ أَوْ الْجِدَادِ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ الْبَاجِيِّ فِي قُدُومِ الْحَاجِّ (وَاعْتُبِرَ
مِيقَاتُ مُعْظَمِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا حَلَّ جَدُّ الْحَصَادِ فَمُعْظَمُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَصَادٌ فِي سَنَتِهِمْ فَقَدْ بَلَغَ الْأَجَلُ مَحَلَّهُ (إلَّا أَنْ يُقْبَضَ بِبَلَدٍ كَيَوْمَيْنِ) تَقَدَّمَ قَبْلَ قَوْلِهِ: " كَالنَّيْرُوزِ "(إنْ خَرَجَ حِينَئِذٍ بِبَرٍّ أَوْ بِغَيْرِ رِيحٍ) ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: إنْ شَرَطَ أَنْ يَقْبِضَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَضْرِبَ أَجَلًا وَيَشْتَرِطَ أَنْ يَخْرُجَ إلَيْهِ حَالًا فَيَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الْأَجَلِ.
ابْنُ يُونُسَ: هَذَا أَحْسَنُ مِمَّا ذَكَرَ ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ: وَهَذَا إذَا كَانَ الطَّرِيقُ فِي الْبَرِّ، فَأَمَّا إنْ كَانَ فِي الْبَحْرِ فَلَا يَجُوزُ هَذَا لِأَنَّ السَّيْرَ لَيْسَ لَهُ وَقْتٌ مَعْرُوفٌ (وَالْأَشْهُرُ بِالْأَهِلَّةِ وَتُمِّمَ الْمُنْكَسِرُ مِنْ الرَّابِعِ) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ قَالَ إلَى ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ حُسِبَتْ بِالْأَهِلَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الشَّهْرُ الْأَوَّلُ انْكَسَرَ فِي الِابْتِدَاءِ أَوْ فَيَكْمُلُ ثَلَاثِينَ مِنْ الشَّهْرِ الرَّابِعِ (وَإِلَى رَبِيعٍ حَلَّ بِأَوَّلِهِ) الْبَاجِيُّ:
إنْ قَالَ إلَى شَهْرِ كَذَا حَلَّ بِأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ (وَفَسَدَ فِيهِ) ابْن زَرْقُونٍ: إنْ قَالَ يُوفِيهِ فِي شَهْرِ كَذَا فَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ: هُوَ أَجَلٌ مَجْهُولٌ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّهُ أَجَلٌ مَعْلُومٌ وَيَكُونُ مَحَلُّ الْأَجَلِ فِي وَسَطِ الشَّهْرِ أَوْ فِي وَسَطِ السَّنَةِ إنْ قَالَ فِي سَنَةِ كَذَا (عَلَى الْمَقُولِ إلَّا فِي الْيَوْمِ) اُنْظُرْهُ أَنْتَ.
(وَأَنْ يُضْبَطَ بِعَادَتِهِ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ) ابْنُ عَرَفَةَ: مِنْ شُرُوطِ السَّلَمِ عِلْمُ قَدْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِمِعْيَارِهِ الْعَادِي. الْبَاجِيُّ: لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ إلَّا مُقَدَّرًا بِكَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ أَوْ عَدَدٍ مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُ أَوْ بِالذِّرَاعِ فِي الثِّيَابِ، وَأَمَّا الصُّوفُ فَيَتَقَرَّرُ بِالْوَزْنِ دُونَ عَدَدِ الْجَذِّ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَالْبَيْضُ لَا يَتَقَرَّرُ إلَّا بِالْعَدَدِ (كَالرُّمَّانِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الرُّمَّانِ عَدَدًا إذَا وُصِفَ قَدْرُ الرُّمَّانِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ التُّفَّاحُ وَالسَّفَرْجَلُ إذَا كَانَ يُحَاطُ بِمَعْرِفَتِهِ، وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْجَوْزِ عَلَى الْعَدَدِ وَالصِّفَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَوْ عَلَى الْكَيْلِ إذَا عُرِفَ. ابْنُ يُونُسَ: الْعُرْفُ فِي بَلَدِنَا فِي الْجَوْزِ الْكَيْلُ فَالسَّلَمُ فِيهِ عَلَى الْعَدَدِ خَطَرٌ إلَّا فِيمَا قَلَّ.
قَالَ مَالِكٌ: وَيَجُوزُ بَيْعُ الْجَوْزِ عَلَى النَّقْدِ جُزَافًا لِأَنَّهُ مَرْئِيٌّ وَكَذَلِكَ الْبَيْضُ وَمَا يَكْثُرُ عَدَدُهُ (وَقِيسَ بِخَيْطٍ) أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ: وَتُقَاسُ الرُّمَّانَةُ بِخَيْطٍ وَيَضَعَانِهِ عِنْدَ أَمِينٍ (وَالْبَيْضِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يُسْلَمُ فِي الْبَيْضِ إلَّا عَدَدًا بِصِفَةٍ وَهُوَ الْعُرْفُ فِيهِ (أَوْ
بِحَمْلٍ أَوْ جُرْزَةٍ فِي كَقَصِيلٍ إلَّا بِفَدَّانٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الْقَصِيلِ وَالْبُقُولِ إذَا اُشْتُرِطَ جُرُزًا أَوْ حُزَمًا أَوْ أَحْمَالًا مَعْرُوفَةً، وَالسَّلَمُ فِي ذَلِكَ فِي إبَّانِهِ. وَكَذَا الْقَضْبُ وَالْقُرْطُ الْأَخْضَرُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَدَّادِينَ مَعْرُوفَةً أَوْ أَحْمَالًا مَعْرُوفَةً، وَالسَّلَمُ فِي ذَلِكَ فِي إبَّانِهِ. وَكَذَلِكَ الْقَضْبُ بِصِفَةِ طُولٍ أَوْ عَرْضٍ وَلَا يَكُونُ السَّلَمُ فِي هَذَا إلَّا عَلَى الْأَحْمَالِ وَالْحُزَمِ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ لَوْ سَلِمَ فِي الْقَصِيلِ فَدَّادِينَ لَا فَدَّانَ يَجِدُّهُ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى السَّلَمِ فِي فَدَّانٍ بِعَيْنِهِ. عِيَاضٌ: رَوَى جُزُرًا وَجُرُزًا وَهِيَ الْقَبْضُ.
(أَوْ بِتَحَرٍّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: يُشْتَرَطُ إذَا أَسْلَمَ فِي اللَّحْمِ وَزْنًا مَعْرُوفًا وَإِنْ اشْتَرَطَ تَحَرِّيًا مَعْرُوفًا جَازَ إذَا كَانَ لِذَلِكَ قَدْرٌ قَدْ عَرَفُوهُ لِجَوَازِ بَيْعِ اللَّحْمِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ وَالْخُبْزِ بِالْخُبْزِ تَحَرِّيًا اهـ. اُنْظُرْ إعْطَاءَ جَازِرٍ دِرْهَمًا عَلَى سِقْطٍ أَجَبْت بِجَوَازِهِ لِأَنَّهُ تَحَرٍّ مَعْرُوفٌ (وَهَلْ بِقَدْرِ كَذَا أَوْ يَأْتِي بِهِ وَيَقُولُ كَنَحْوِهِ تَأْوِيلَانِ) ابْنُ يُونُسَ: مَعْنَى إنْ اشْتَرَطَ تَحَرِّيًا أَنْ يَقُولَ آخُذُ مِنْك مَا إذَا تَحَرَّى كَانَ فِي وَزْنِهِ رِطْلٌ أَوْ رِطْلَانِ وَنَحْوُ ذَلِكَ فِيمَا يُقَالُ وَيُسْتَطَاعُ تَحَرِّيهِ. ابْنُ زَرْبٍ: مَعْنَاهُ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ قَدْرًا فَيَقُولَ: آخُذُ مِنْك قَدْرَ هَذَا.
(وَفَسَدَ بِمَجْهُولٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ أَسْلَمَ فِي طَعَامٍ مَوْصُوفٍ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ وَنَقَدَ وَشَرَطَ قَبْضَهُ بِمِكْيَالٍ عِنْدَهُ أَوْ عِنْدَ رَجُلٍ أَوْ بِقَصْعَةٍ أَوْ بِقَدَحٍ فَالسَّلَمُ فَاسِدٌ. وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ اشْتَرَى طَعَامًا وَشَرَطَ قَبْضَهُ بِقَدَحٍ أَوْ قَصْعَةٍ لَيْسَ بِمِكْيَالِ النَّاسِ: إنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ. فَكَذَلِكَ السَّلَمُ فِيهِ أَوْ أَشَدَّ (وَإِنْ نَسَبَهُ أُلْغِيَ) ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ عَيَّنَ مِكْيَالًا مَجْهُولًا فَسَدَ وَإِنْ عَلِمْت نِسْبَتَهُ كَانَ لَغْوًا (وَجَازَ بِذِرَاعِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ) فِي سَلَمِهَا الثَّانِي مَنْ أَسْلَمَ فِي
ثِيَابٍ مَوْصُوفَةٍ بِذِرَاعِ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ إلَى أَجَلٍ جَازَ إذَا أَرَاهُ الذِّرَاعَ وَلْيَأْخُذْ قِيَاسَ الذِّرَاعِ عِنْدهمَا فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذَهُ بِذَلِكَ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ الْقَاضِي جَعَلَ ذِرَاعًا لَتَبَايَعَ النَّاسُ، فَإِنْ نَصَّبَهُ وَجَبَ الْحُكْمُ بِهِ وَلَمْ يَجُزْ اشْتِرَاطُ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ كَمَا لَا يَجُوزُ تَرْكُ الْمِكْيَالِ الْمَعْرُوفِ لِمِكْيَالٍ مَجْهُولٍ (كَوَيْبَةٍ وَحَفْنَةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِ الْوَيْبَةِ وَحَفْنَةٍ إنْ أَرَاهُ الْحَفْنَةَ لِأَنَّهَا تَخْتَلِفُ، فَأَرَى الذِّرَاعَ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ. الْجَوْهَرِيُّ: الْحَفْنَةُ مِلْءُ الْكَفَّيْنِ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: الْحَفْنَةُ مِلْءُ يَدٍ وَاحِدَةٍ.
وَفِي الْمُحْكَمِ: الْوَيْبَةُ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ.
(وَفِي الْوَيْبَاتِ وَالْحَفَنَاتِ قَوْلَانِ) ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا: لَوْ اشْتَرَى وَيْبَاتٍ وَشَرَطَ لِكُلِّ وَيْبَةٍ حَفْنَةً وَاحِدَةً لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ. عِيَاضٌ: هَذَا قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْجَوَازُ.
(وَأَنْ تُبَيَّنَ صِفَاتُهُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِهَا الْقِيمَةُ فِي السَّلَمِ عَادَةً) ابْنُ عَرَفَةَ: مِنْ شَرْطِ السَّلَمِ وَصْفُهُ بِمَا يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ مَا لَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ بِمُعْتَبَرٍ عَادَةً فَمَا تَخْتَلِفُ فِيهِ الْأَغْرَاضُ لَا عَادَةً لَغْوٌ (كَالنَّوْعِ) ابْنُ بَشِيرٍ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَذْكُرَ فِي السَّلَمِ مِنْ الصِّفَاتِ الْخَاصَّةِ يُؤَدِّي إلَى إعْوَازِ الْوُجُودِ، وَإِنَّمَا تُذْكَرُ صِفَاتٌ يَخْتَلِفُ بِهَا ذَلِكَ الصِّنْفُ فِي الْغَرَضِ وَالثَّمَنِ وَيَعُمُّ كَثِيرًا مِنْهُ عُمُومًا يُمْكِنُ مَعَهُ كَثْرَةُ الْوُجُودِ. وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي السَّلَمِ عَلَى الْمِثَالِ مِثْلَ أَنْ يَقُولَ لَهُ أُسْلِمُ لَك عَلَى مِثَالٍ يُرِيهِ إيَّاهُ فَقِيلَ: يَجُوزُ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ ذِكْرُ الصِّفَاتِ، وَقِيلَ: يُمْنَعُ لِأَنَّ رُؤْيَةَ الْمِثَالِ تُفِيدُ الْمُنَاسِبَ فِي الصِّفَاتِ الْخَاصَّةِ فَيُؤَدِّي إلَى إعْوَازِ الْوُجُودِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ هَذَا مِثَالًا فِي حَالٍّ، إنْ قَصَدَ بِالْمِثَالِ الْمُشَابَهَةَ فِي الصِّفَاتِ الْعَامَّةِ جَازَ لِأَنَّهُ كَذِكْرِ الصِّفَةِ، وَإِنْ قَصَدَ بِهِ الْمُشَابَهَةَ فِي كُلِّ الصِّفَاتِ مُنِعَ فَيَذْكُرُ فِي الْحَيَوَانِ السِّنَّ وَالنَّوْعَ وَالذُّكُورِيَّةَ وَالْأُنُوثِيَّةَ، وَكَذَا يَذْكُرُ إنْ أَسْلَمَ فِي لَحْمٍ.
وَفِي رِوَايَةِ الْمُتَقَدِّمِينَ: لَا يَذْكُرُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى.
وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إنْ اخْتَلَفَ الْغَرَضُ وَالثَّمَنُ فِي ذَلِكَ فَلْيَذْكُرْهُ وَهَذَا تَفْسِيرٌ، وَإِنْ اخْتَلَفَ الْغَرَضُ بِالنَّاحِيَةِ ذَكَرَهَا، وَكَذَلِكَ السَّلَمُ فِي الْحِيتَانِ يَذْكُرُ نَوْعَهُ وَمِقْدَارَهُ.
قَالَ فِي الرِّوَايَةِ: وَنَاحِيَةً. يُرِيدُ الْمَكَانَ الَّذِي يُصَادُ فِيهِ. وَهَذَا إنْ اخْتَلَفَ بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِهِ وَيَذْكُرُ فِي الثِّيَابِ النَّوْعَ وَالْغِلَظَ وَالصَّفَاقَةَ. قَالَ الْمُتَقَدِّمُونَ: وَلَا يَذْكُرُ ذَلِكَ فِي ثِيَابِ الْحَرِيرِ.
وَقَالَ الْمُتَأَخِّرُونَ: يَذْكُرُهُ وَلَا يَرْجِعُ هَذَا إلَى خِلَافٍ، وَحَظُّ الْمُفْتِي فِي هَذَا أَنْ يُحِيلَ عَلَى الثِّقَاتِ الْعَارِفِينَ بِالْعَوَائِدِ، فَمَا حَكَمُوا فِيهِ أَنَّ الْأَثْمَانَ وَالْأَغْرَاضَ تَخْتَلِفُ فِيهِ وَهُوَ يَعُمُّ وَلَا يُخَصُّ وَجَبَ ذِكْرُهُ. (وَالْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ وَبَيْنَهُمَا) الْبَاجِيُّ: لَا بُدَّ مِنْ وَصْفِ الطَّعَامِ بِجَيِّدٍ أَوْ رَدِيءٍ أَوْ وَسَطٍ
(وَاللَّوْنِ فِي الْحَيَوَانِ) ابْنُ فَتُّوحٍ وَغَيْرُهُ: يَصِفُ الرَّقِيقَ بِاللَّوْنِ وَلَوْنِ الشَّعْرِ. الْمُتَيْطِيُّ: وَيُكْتَبُ فِي ذَلِكَ سَلَمٌ فِي صَبِيٍّ رُومِيٍّ سَنَةَ كَذَا، أَصْهَبَ الشَّعْرِ، أَسْبَطَ، أَبْلَجَ الْحَاجِبَيْنِ، أَشَمَّ.
وَفِي الْجَارِيَةِ بِنْتُ أَرْبَعَ عَشْرَةَ سَنَةً وَنَحْوِهَا سَوْدَاءُ الشَّعْرِ، سَبْطَةٌ مَقْرُونَةُ الْحَاجِبَيْنِ، كَحْلَاءُ، شَمَّاءُ، صَغِيرَةُ الْفَمِ، مُمْتَلِئَةُ الْجِسْمِ، حَسَنَةُ الْقَدِّ. قَالَ: وَتُجْلَبُ مِنْ الصِّفَاتِ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ اهـ. اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ بَشِيرٍ عِنْدَ قَوْلِهِ: " كَالنَّوْعِ "(وَالثَّوْبِ) . الْمُتَيْطِيُّ: لَا يُعْرَفُ فِي وَصْفِ الثَّوْبِ جَيِّدٌ وَذِكْرُ الصِّفَةِ عِنْدَهُمْ تُجْزِئُ وَيُكْتَبُ طُولُهُ كَذَا، وَعَرْضُهُ كَذَا، أَحْمَرُ قِرْمِزٌ نِهَايَةٌ فِي الرِّقَّةِ وَالصَّفَاقَةِ.
وَإِنْ ذَكَرْت الْوَزْنَ مَعَ ذَلِكَ فِي ثِيَابِ الْحَرِيرِ كَانَ حَسَنًا وَإِلَّا فَالصَّفَاقَةُ تَكْفِي. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ شَرَطَ فِي سَلَمٍ فِي ثَوْبٍ حَرِيرٍ طُولَهُ وَعَرْضَهُ دُونَ وَزْنِهِ جَازَ إنْ وَصَفَ صَفَاقَتَهُ وَخِفَّتَهُ. ابْنُ يُونُسَ: أَنْكَرَ سَحْنُونَ قَوْلَهُ: " جَازَ ". ابْنُ عَرَفَةَ: لَمْ يَذْكُرْ مُوجِبَ إنْكَارِهِ فَلَعَلَّهُ عَدَمُ شَرْطِ وَزْنِهِ، وَالصَّوَابُ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ بَلْ شَرْطُ وَزْنِهِ مَعَ صِفَةِ مَا شَرَطَ مِنْ صَفَاقَةٍ وَخِفَّةٍ مُتَنَافٍ وَالنَّوَازِلُ تَشْهَدُ لِهَذَا. وَقَدْ رَوَى أَبُو زَيْدٍ: حَرَامٌ شِرَاءُ الْجُلُودِ وَزْنًا وَلَوْ أَجَزْته لَأَجَزْت بَيْعَ الثِّيَابِ بِالْوَزْنِ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا بَيِّنٌ اهـ.
اُنْظُرْ الْعَمَلَ الْيَوْمَ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ النَّاسِ بِالْوَزْنِ كَمَا اسْتَحْسَنَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَفُهِمَ مِنْ سَحْنُونٍ، فَيَبْقَى النَّظَرُ فِي الثَّوْبِ عِنْدَ الِاقْتِضَاءِ لَا بُدَّ أَنْ يَزِيدَ الْوَزْنُ أَوْ يَنْقُصَ، فَانْظُرْ مَاذَا يَكُونُ الْحُكْمُ. وَسَيَأْتِي لِلَّخْمِيِّ أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ فِي ثَوْبٍ ثُمَّ زَادَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ دَرَاهِمَ لِيُعْطِيَهُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَصْفَى أَوْ أَرَقَّ أَوْ أَعْرَضَ لَمْ يَجُزْ وَهُوَ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَيَجُوزُ ذَلِكَ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَكَانَ هَذَا الثَّانِي حَاضِرًا، فَعَلَى هَذَا إذَا وَجَدَ زِيَادَةً فِي الزِّنَةِ أَعْطَاهُ ثَمَنَهَا وَصَحَّ الْبَيْعُ.
وَأَمَّا إنْ وَجَدَهُ أَنْقَصَ فَقَالَ اللَّخْمِيِّ: إنْ أَخَذَ بَعْدَ الْأَجَلِ مِنْ السَّلَمِ أَدْنَى صِفَةً وَاسْتَرْجَعَ شَيْئًا مِنْ رَأْسِ مَالِهِ جَازَ إذَا كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مِمَّا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ أَوْ مِمَّا لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ وَلَمْ يَغِبْ عَلَيْهِ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ وَدَخَلَهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَلَمْ يُتَّهَمْ. ابْنُ الْقَاسِمِ: فِي بَيْعٍ وَسَلَفٍ إذَا كَانَ الَّذِي يَرْجِعُ إلَيْهِ الشَّيْءُ الْيَسِيرُ اهـ. فَانْظُرْ عَلَى هَذَا مِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا أَتَاهُ بِالثَّوْبِ عَلَى صِفَتِهِ وَقَدِّهِ وَهُوَ أَنْقَصُ وَزْنًا أَنْ لَا يُتَّهَمَ، وَلَهُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ ثَمَنَ مَا نَقَصَ، وَإِنْ أَخَذَ بِهِ سِلْعَةً نَقْدًا كَانَ أَجْوَزَ (وَالْعَسَلِ)
الْمُتَيْطِيُّ: يَصِفُ الْعَسَلَ بِالْبَيَاضِ أَوْ بِالْحُمْرَةِ (وَمَرْعَاهُ) .
(وَفِي التَّمْرِ وَالْحُوتِ وَالنَّاحِيَةِ وَالْقَدْرِ) أَمَّا التَّمْرُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ إنْ أَسْلَمَ فِي تَمْرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ بِرْنِيًّا مِنْ صَيْحَانِيٍّ وَلَا جِنْسًا مِنْ التَّمْرِ فَالسَّلَمُ فَاسِدٌ، وَأَمَّا ذِكْرُ النَّاحِيَةِ فِي التَّمْرِ فَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ إنْ اخْتَلَفَ الْغَرَضُ بِالنَّاحِيَةِ ذَكَرْت، وَأَمَّا الْحُوتُ فَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ بَشِيرٍ يَذْكُرُ فِي الْحُوتِ نَوْعَهُ وَنَاحِيَتَهُ. (وَمِقْدَارِهِ فِي الْبُرِّ وَجِدَّتِهِ) ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: لَا يُفْتَقَرُ فِي السَّلَمِ فِي الْبُرِّ لِذِكْرِ جَدِيدٍ مِنْ قَدِيمٍ لِأَنَّ الرِّوَايَةَ لُزُومُ قَبُولِ قَدِيمٍ لِمَنْ شَرَطَ جَدِيدًا. ابْنُ يُونُسَ: هُوَ مُخْتَلِفٌ عِنْدَنَا بِصِقِلِّيَةَ وَلَا يَجُوزُ حَتَّى يَشْتَرِطَ قَدِيمًا مِنْ جَدِيدٍ (وَمِلْئِهِ) الْمُتَيْطِيُّ: تَصِفُ الشَّعِيرَ بِالْبَيَاضِ وَالِامْتِلَاءِ قَالَ: وَلَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الْقَمْحِ حَتَّى يَذْكُرَ الْجِنْسَ وَالصِّفَةَ وَيَكْفِي فِيهَا أَنْ يَقُولَ جَيِّدًا أَوْ مُتَوَسِّطًا أَوْ رَدِيئًا وَلَمْ يَذْكُرْ الِامْتِلَاءَ (إنْ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا) أَمَّا هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلْجِدَّةِ فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ يُونُسَ، وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمِلْءِ فَانْظُرْ مَنْ نَصَّ عَلَيْهِ.
(وَسَمْرَاءَ بِهِ أَوْ مَحْمُولَةٍ بِبَلَدٍ هُمَا بِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ أَسْلَمَ فِي الْحِجَازِ فِي حِنْطَةٍ حَيْثُ يَجْتَمِعُ السَّمْرَاءُ وَالْمَحْمُولَةُ وَلَمْ يُسَمِّ جِنْسًا، فَالسَّلَمُ فَاسِدٌ حَتَّى يُسَمِّيَ سَمْرَاءَ مِنْ مَحْمُولَةٍ (وَلَوْ بِالْحَمْلِ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَسَوَاءٌ بِبَلَدٍ يَنْبُتُ فِيهِ الصِّنْفَانِ أَوْ
يُحْمَلَانِ إلَيْهِ لَا بُدَّ فِي ذَلِكَ مِنْ ذِكْرِ الْجِنْسِ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ (بِخِلَافِ مِصْرَ فَالْمَحْمُولَةُ وَالشَّامِ فَالسَّمْرَاءُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ أَسْلَمَ فِي حِنْطَةٍ بِمِصْرَ لَمْ يَذْكُرْ جِنْسًا قَضَى بِمَحْمُولَةٍ، وَإِنْ كَانَ بِالشَّامِ قَضَى بِسَمْرَاءَ.
(وَنَقِيٍّ أَوْ غَلِثٍ) الْبَاجِيُّ: تَصِفُ الطَّعَامَ بِالنَّقَاءِ وَالْغَلَثِ أَوْ التَّوَسُّطِ، فَإِنْ أَخَلَّ بِذَلِكَ وَذَكَرَ الْجَوْدَةَ وَالرَّدَاءَةَ أَوْ التَّوَسُّطَ لَمْ يَبْطُلْ السَّلَمُ (وَفِي الْحَيَوَان وَسِنِّهِ وَالذُّكُورَةِ وَالسِّمَنِ وَضِدَّيْهِمَا) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ بَشِيرٍ تَذْكُرُ فِي الْحَيَوَانِ النَّوْعَ وَالسِّنَّ وَالذُّكُورِيَّةَ وَالْأُنُوثِيَّةَ وَلَمْ أَجِدْ لَفْظَ السِّمَنِ.
(وَفِي اللَّحْمِ وَخَصِيٍّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الشَّحْمِ وَاللَّحْمِ إذَا شَرَطَ شَحْمًا مَعْرُوفًا وَلَحْمًا وَالْجِنْسُ مِنْ ضَأْنٍ وَمَعْزٍ. قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَيَحْتَاجُ لِذِكْرِ كَوْنِهِ مِنْ فَخِذٍ أَوْ يَدٍ أَوْ جَنْبٍ، قَالَ: لَا إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ السَّمَانَةَ، وَيَجِبُ ذِكْرُ كَوْنِهِ مِنْ جَذَعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، وَخَصِيٍّ أَوْ فَحْلٍ. مُحَمَّدٌ: قِيلَ لِابْنِ الْقَاسِمِ: إنْ قَضَاهُ مَعَ ذَلِكَ بُطُونًا فَلِمَ يَقْبَلُهَا؟ قَالَ: أَيَكُونُ لَحْمٌ بِلَا بَطْنٍ؟ قِيلَ: مَا قَدْرُهُ؟ قَالَ: قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا هَذِهِ أَشْيَاءُ عَرَفَ النَّاسُ وَجْهَهَا (وَرَاعٍ أَوْ مَعْلُوفٍ) ابْنُ شَاسٍ: يَقُولُ فِي اللَّحْمِ رَضِيعٌ أَوْ فَطِيمٌ مَعْلُوفٌ أَوْ رَاعٍ (لَا مِنْ كَجَنْبٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ بِهَذَا
(وَفِي الرَّقِيقِ وَالْقَدِّ) ابْنُ الْحَاجِبِ: يَذْكُرُ فِي الْحَيَوَانِ النَّوْعَ وَاللَّوْنَ وَالذُّكُورَةَ وَالْأُنُوثَةَ وَالسِّنَّ، وَيُزَادُ فِي الرَّقِيقِ الْقَدُّ وَكَذَا الْخَيْلُ وَالْإِبِلُ وَشِبْهُهَا.
(وَالْبَكَارَةِ) ابْنُ شَاسٍ: يَذْكُرُ فِي الْإِمَاءِ الْبَكَارَةَ أَوْ الثُّيُوبَةَ إنْ كَانَ الثَّمَنُ يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَاضِحٌ اخْتِلَافُ الْأَغْرَاضِ بِذَلِكَ (وَاللَّوْنِ) ابْنُ فَتُّوحٍ وَغَيْرُهُ: يَصِفُ الرَّقِيقَ بِالسِّنِّ وَالْقَدِّ وَاللَّوْنِ (قَالَ وَكَالدَّعَجِ وَتَكَلْثُمِ الْوَجْهِ) الدَّعَجُ شِدَّةُ سَوَادِ الْعَيْنِ مَعَ سَعَتِهَا، وَامْرَأَةٌ مُكَلْثَمَةٌ أَيْ ذَاتُ وَجْنَتَيْنِ، وَالْكَلْثَمَةُ اجْتِمَاعُ لَحْمِ الْوَجْهِ.
(وَفِي الثَّوْبِ وَالرِّقَّةِ وَالصَّفَاقَةِ وَضِدَّيْهِمَا) الْبَاجِيُّ: يُذْكَرُ فِي السَّلَمِ فِي الثِّيَابِ اخْتِلَافُ أُصُولِهَا مِنْ حَرِيرٍ أَوْ قُطْنٍ أَوْ كَتَّانٍ، وَتَصِفُ صَفَاقَتَهُ أَوْ خِفَّتَهُ وَرِقَّتَهُ وَجِنْسَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَذْكُرَ وَزْنَهُ اهـ. نَصُّ الْبَاجِيِّ (وَفِي الزَّيْتِ الْمُعْصَرِ مِنْهُ) ابْنُ عَرَفَةَ: فِي لُزُومِ ذِكْرِ جِنْسِ الزَّيْتِ مِنْ الزَّيْتُونِ نَقْلًا الْمُتَيْطِيُّ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ فِي وَثَائِقِهِ: يَفْتَقِرُ لِذِكْرِ جِنْسِ الزَّيْتِ فِي بَلَدٍ لَا يُخْلَطُ فِيهِ أَجْنَاسٌ فِي الْعَصْرِ وَحَيْثُ تُخْلَطُ فَلَا (وَبِمَا يُعْصَرُ بِهِ) ابْنُ حَبِيبٍ: مَنْ سَلِمَ فِي زَيْتٍ فَلْيَصِفْهُ بِزَيْتِ الْمَاءِ أَوْ بِزَيْتِ الْمِعْصَرَةِ (وَحُمِلَ فِي الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ عَلَى الْغَالِبِ وَإِلَّا فَالْوَسَطُ) ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ اشْتَرَطَ فِي الْجَمِيعِ الْجَوْدَةَ أَوْ الدَّنَاءَةَ جَازَ وَحُمِلَ عَلَى الْغَالِبِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْوَسَطُ. الْبَاجِيُّ: الصَّوَابُ عِنْدِي أَنَّ مَا دَفَعَهُ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ الصِّفَةُ لَزِمَ قَبْضُهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ عَيْبٌ مِنْ غَيْرِ الْخِلْقَةِ الْمُعْتَادَةِ.
(وَكَوْنُهُ دَيْنًا) الْبَاجِيُّ: لَا خِلَافَ أَنَّ مِنْ شَرْطِ السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِالذِّمَّةِ. ابْنُ بَشِيرٍ: لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالذِّمَّةِ وَكَانَتْ بَيْعَةُ نَقْدٍ فَيَكُونُ بَيْعَ مُعَيَّنٍ يُقْبَضُ إلَى أَجَلٍ إنْ كَانَ ضَمَانُهُ مِنْ بَائِعِهِ يَكُونُ قَدْ أَخَذَ لِلضَّمَانِ ثَمَنًا، وَإِنْ كَانَ مِنْ مُشْتَرِيهِ لَا يَدْرِي هَلْ يُسْلِمُ
إلَى وَقْتِ قَبْضِهِ أَمْ لَا.
(وَوُجُودُهُ عِنْدَ حُلُولِهِ) الْبَاجِيُّ: مِنْ شَرْطِ السَّلَمِ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ فِيهِ يُوجَدُ عِنْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ (وَإِنْ انْقَطَعَ قَبْلَهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَا يَنْقَطِعُ مِنْ أَيْدِي النَّاسِ فِي بَعْضِ السَّنَةِ مِنْ الثِّمَارِ الرَّطْبَةِ وَغَيْرِهَا لَا يُشْتَرَطُ أَخْذُ سَلَمِهِ إلَّا فِي إبَّانِهِ، وَإِنْ شُرِطَ أَخْذُهُ فِي غَيْرِ إبَّانِهِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ شَرْطُ مَا لَا يُقْدَرُ عَلَيْهِ. بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ: لَوْ مَاتَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ قَبْلَ الْإِبَّانِ وَقَسْمُ التَّرِكَةِ إلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ: إلَّا إنْ قَلَّ السَّلَمُ وَكَثُرَتْ التَّرِكَةُ، فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دُيُونٌ فَقَالَ هَاهُنَا يَتَحَاصُّوا فِي تَرِكَتِهِ وَيَضْرِبُ لِصَاحِبِ السَّلَمِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الَّذِي سَلِمَ إلَيْهِ فِيهِ عَلَى مُعْتَدٍ مَا يَعْرِفُ فِيهِ. وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ: وَلَا يَضْرِبُ لَهُ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ لَوْ أَسْلَمَ إلَيْهِ الْآنَ عَلَى أَنْ يَقْبِضَ فِي وَقْتِهِ بَلْ إنَّمَا يَضْرِبُ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ فِي وَقْتِهِ عَلَى عُرْفِ الْعَادَةِ. فَإِنْ جَاءَ الْإِبَّانُ فَكَانَ غَالِبًا فَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ أَرْخَصَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ زِيَادَةٌ عَلَى جَمِيعِ حَقِّهِ، فَإِذَا وَجَبَ حَقُّهُ كَامِلًا فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ.
(لَا نَسْلِ حَيَوَانٍ عُيِّنَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي نَسْلِ حَيَوَانٍ بِعَيْنِهِ. اللَّخْمِيِّ: لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يُوجَدْ بِتِلْكَ الصِّفَةِ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ تَارَةً سَلَفًا وَتَارَةً بَيْعًا، وَيَجُوزُ إنْ لَمْ يُقَدِّمْ رَأْسَ الْمَالِ وَقَرُبَ
الْوَضْعُ إنْ خَرَجَ عَلَى تِلْكَ الصِّفَةِ أَخْذُهُ وَدَفْعُ الثَّمَنِ وَإِلَّا فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا، وَيَخْتَلِفُ إنْ بَعُدَ الْوَضْعُ لِمَوْضِعِ التَّحْجِيرِ وَأَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْجَوَازُ. ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا عَلَى أَصْلِهِ فِي إجَازَتِهِ بَيْعَ مَا فِيهِ غَرَرٌ إذَا وُقِفَ ثَمَنُهُ قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ الْبَعْلِ غَيْرِ الْمَأْمُونَةِ، وَكُرِّرَ هَذَا فِي مَوَاضِعَ، وَمِثْلُهُ لِلْمَازِرِيِّ قَالَ: إنْ شَرَطَ وَقْفَ الثَّمَنِ عَلَى إنْ خَرَجَ الْجَنِينُ عَلَى الصِّفَةِ الْمُشْتَرَطَةِ تَمَّ الْبَيْعُ جَرَى عَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ الْمَشْهُورَيْنِ فِيمَنْ اكْتَرَى أَرْضًا غَرِقَةً، وَفِيمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً بِعَيْنِهَا عَلَى أَنْ لَا يَرْكَبَهَا إلَّا إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ بِشَرْطِ وَقْفِ الثَّمَنِ. وَرَأَى السُّيُورِيُّ: إذَا بِيعَتْ الثَّمَرَةُ قَبْلَ الزَّهْوِ بِشَرْطِ التَّبْقِيَةِ عَلَى وَقْفِ الثَّمَنِ لِاخْتِيَارِ سَلَامَتِهَا جَازَ بَيْعُهَا كَذَلِكَ، وَهُوَ ظَاهِرُ تَعْلِيلِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«أَرَأَيْت إنْ مَنَعَ اللَّهُ الثَّمَرَةَ فَبِمَ يَأْخُذُ أَحَدُكُمْ مَالَ أَخِيهِ؟» وَهَذَا يَجْرِي عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْأَرْضِ وَالدَّابَّةِ. ابْنُ عَرَفَةَ: فَرْقٌ بَيْنَ الْأَرْضِ وَالدَّابَّةِ وَالثَّمَرَةِ وَالنَّسْلِ لِأَنَّ الْغَرَرَ تَعَلَّقَ بِصِفَةِ الْأَرْضِ وَهُوَ انْكِشَافُ الْمَاءِ عَنْ الْأَرْضِ وَاسْتِمْرَارُ سَلَامَةِ الدَّابَّةِ وَهُمَا خَارِجَانِ عَنْ ذَاتِ الْعِوَضِ، وَالْغَرَرُ فِي صُورَةِ النِّزَاعِ مُتَعَلِّقٌ بِذَاتِ الْمَبِيعِ اهـ اُنْظُرْ هَذَا فَإِنَّهُ بَيِّنٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى النَّسْلِ وَلَيْسَ بِبَيِّنٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى الثَّمَرَةِ، فَكَمَا أَنَّهُ يَنْتَظِرُ انْكِشَافَ الْمَاءِ أَوْ نُزُولَ الْمَطَرِ لِيَنْتَفِعَ بِالْأَرْضِ كَذَلِكَ هُوَ يَنْتَظِرُ جَرَيَانَ الْمَاءِ فِي الثَّمَرَةِ، وَقَدْ كَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله يُرَشِّحُ رَأْيَ السُّيُورِيِّ فِي هَذَا أَعْنِي فِي بَيْعِ الثَّمَرَةِ، وَقَدْ رَشَّحَهُ الْمَازِرِيُّ أَيْضًا.
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: لَوْ كَانَ فِي نَسْلِ أَنْعَامٍ كَثِيرَةٍ لَا يَتَعَذَّرُ الشِّرَاءُ مِنْهَا جَازَ. ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَنْعُ مُطْلَقًا.
(أَوْ حَائِطٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي ثَمَرِ حَائِطٍ بِعَيْنِهِ قَبْلَ زَهْوِهِ وَلَوْ شَرَطَ أَخْذَهُ رُطَبًا، الزَّهْوُ الْبُسْرُ الْمُلَوَّنُ، فَإِذَا ظَهَرَتْ الصُّفْرَةُ وَالْحُمْرَةُ فِي النَّخْلِ فَقَدْ ظَهَرَ فِيهِ (وَشُرِطَ إنْ سُمِّيَ سَلَمًا لَا بَيْعًا إزْهَاؤُهُ وَسَعَةُ
الْحَائِطِ وَكَيْفِيَّةُ قَبْضِهِ لِمَالِكِهِ وَشُرُوعُهُ وَإِنْ لِنِصْفِ شَهْرٍ) اُنْظُرْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ، وَحَاصِلُ مَا يَتَقَرَّرُ أَنَّهُ يَجُوزُ الشِّرَاءُ مِنْ حَائِطٍ بِعَيْنِهِ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ سَلَمًا أَوْ بَيْعًا، وَأَمَّا قَبْلَ إزْهَائِهِ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ جُمْلَتِهِ وَلَا الْبَيْعُ مِنْهُ.
قَالَ اللَّخْمِيِّ: السَّلَمُ فِي الْحَائِطِ الْمُعَيَّنِ يَجُوزُ بِشُرُوطِ أَنْ يَكُونَ السَّلَمُ بَعْدَ مَا أَزْهَى، وَأَنْ يَكُونَ الَّذِي شُرِطَ أَخْذُهُ لَا يَتَعَذَّرُ قَبْضُهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ تِلْكَ الْأَيَّامِ وَيَذْكُرُ مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَكَوْنَ الْحَائِطِ مِلْكَ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ. اللَّخْمِيِّ: وَيَبْقَى زَهْوُ ذَلِكَ الْحَائِطِ أَوْ رُطَبُهُ إلَى آخِرِ تِلْكَ الْأَيَّامِ وَلَا يَنْقَطِعُ، وَيَجُوزُ فِي هَذَا تَأْخِيرُ رَأْسِ الْمَالِ، فَإِنْ لَمْ تُقَدِّمْ رَأْسَ الْمَالِ لَمْ تُسَمِّهِ سَلَمًا.
وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: إنْ سَمَّيَاهُ. بَيْعًا وَلَمْ يَذْكُرْ أَجَلًا فَهُوَ عَلَى الْفَوْرِ بِعَقْدِ الْبَيْعِ يَجِبُ لَهُ قَبْضُ جَمِيعِ ذَلِكَ وَهُوَ جَائِزٌ لَا فَسَادَ فِيهِ، فَإِنْ أَخَذَهُ بِتَأْخِيرِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فِي الْحَائِطِ فَقَالَ مَالِكٌ: هَذَا قَرِيبٌ، وَأَمَّا إنْ سَمَّيَاهُ سَلَمًا فَإِنْ اشْتَرَطَا مَا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ إمَّا مِنْ وَقْتِ الْبَيْعِ أَوْ مِنْ بَعْدِ أَجَلٍ ضَرَبَهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَضْرِبَا أَجَلًا وَلَا ذَكَرَ إمَّا يَأْخُذُ كُلَّ يَوْمٍ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ وَلَا مَتَى مَا يَأْخُذُهُ، فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ لِأَنَّهُ لَمَّا سَمَّيَا سَلَمًا كَانَ لَفْظُ السَّلَمِ يَقْتَضِي التَّرَاخِيَ، عَلِمَ أَنَّهُمَا قَصَدَا التَّأْخِيرَ فَفَسَدَ ذَلِكَ (وَأَخْذُهُ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنَّمَا يَصْلُحُ السَّلَمُ فِي الْحَائِطِ بِعَيْنِهِ إذَا أَزْهَى وَشُرِطَ أَخْذُهُ بُسْرًا أَوْ رُطَبًا لَا تَمْرًا لَا مِنْ مُدَّةِ إرْطَابِهِ وَغُرِّرَ بَعْدَ مُدَّةِ صَيْرُورَتِهِ تَمْرًا وَسَوَاءٌ قَدَّمَ النَّقْدَ أَوْ ضَرَبَ لَهُ أَجَلًا، وَهَذَا عِنْدَ مَالِكٍ مَحْمَلُ الْبَيْعِ لَا مَحْمَلُ السَّلَمِ. ابْنُ بَشِيرٍ: إنَّمَا سُمِّيَ هَذَا سَلَمًا مَجَازًا وَمَا هُوَ إلَّا بَيْعُ مُعَيَّنٍ.
(فَإِنْ شَرَطَ تَتَمُّرَ الرُّطَبِ مَضَى بِقَبْضِهِ وَهَلْ الْمُزْهِي كَذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ؟ تَأْوِيلَانِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ سَلِمَ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ بَعْدَ زَهْوِهِ وَشَرَطَ أَخْذَ ذَلِكَ تَمْرًا لَمْ يَجُزْ لِبُعْدِ ذَلِكَ وَقِلَّةِ أَمْنِ الْجَوَائِحِ.
قَالَ ابْنُ شَبْلُونَ: فَإِنْ نَزَلَ فُسِخَ وَلَيْسَ كَاَلَّذِي يُسْلَمُ فِيهِ وَقَدْ أَرْطَبَ وَشَرَطَ أَخْذَ ذَلِكَ تَمْرًا لِأَنَّ الزَّهْوَ مِنْ التَّمْرِ بَعِيدٌ وَالرُّطَبُ قَرِيبٌ.
وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ بَدْءًا، فَإِنْ نَزَلَ وَفَاتَ مَضَى.
وَكَذَلِكَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدِ بْنِ يُونُسَ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَقَوْلِهِ: إذَا أَسْلَمَ فِي الزَّرْعِ وَقَدْ أَفْرَكَ وَشَرَطَ أَخْذَهُ حَبًّا فَقَدْ جَعَلَهُ إذَا فَاتَ مَضَى فَكَذَلِكَ هَذَا.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَوْ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ جُزَافًا بَعْدَ أَنْ طَابَتْ جَازَ تَرْكُهَا حَتَّى تَيْبَسَ وَالسَّقْيُ عَلَى الْبَائِعِ بِخِلَافِ مَا اشْتَرَى عَلَى الْكَيْلِ. ابْنُ يُونُسَ: وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مُشْتَرِيَ الثَّمَرَةِ جُزَافًا بِطِيَابِهَا وَإِمْكَانِ جِدَادِهَا تَرْتَفِعُ الْجَائِحَةُ مِنْهَا وَيَصِيرُ الْمُشْتَرِي حِينَئِذٍ قَابِضًا لَهَا فَهُوَ كَاَلَّذِي يَشْتَرِيهَا عَلَى الْكَيْلِ وَيَشْتَرِطُ أَخْذَهَا رُطَبًا، وَأَمَّا إنْ اشْتَرَاهَا عَلَى الْكَيْلِ وَاشْتَرَطَ أَخْذَهَا تَمْرًا فَالْجَائِحَةُ أَبَدًا فِيهَا مِنْ الْبَائِعِ حَتَّى يَقْبِضَهَا الْمُبْتَاعُ، فَهَذَا أَشَدُّ فِي الْغَرَرِ
لِطُولِ أَمْرِهِ (فَإِنْ انْقَطَعَ رَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ اشْتَرَطَ أَخْذَهُ رُطَبًا وَقَبَضَ سَلَمَهُ ثُمَّ انْقَطَعَ ثَمَرَةُ ذَلِكَ الْحَائِطِ لَزِمَهُ مَا أَخَذَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ وَرَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ مِنْ الثَّمَنِ مُعَجِّلًا بِالْقَضَاءِ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ بِتِلْكَ الْحِصَّةِ مَا شَاءَ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ مُعَجَّلًا.
الشَّيْخُ: إذَا انْقَطَعَ إبَّانُ الْعِنَبِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ فِيمَا بَقِيَ زَبِيبًا أَوْ عِنَبًا شَتْوِيًّا رِطْلَيْنِ بِرِطْلٍ، وَهَذَا كُلُّهُ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِمَا بِمَا بَقِيَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَكَذَلِكَ صُبْرَةٌ يَشْتَرِي مِنْهَا كَيْلًا فَلَا يَجِدُ فِيهِمَا تَمَامَهُ، أَوْ الْمَسْكَنُ يَنْهَدِمُ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ فِي الْكِرَاءِ وَشِبْهِهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَإِنْ تَأَخَّرَ قَبْضُ مَا يَأْخُذُ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ لَهُ لَمْ يَجُزْ وَكَانَ فَسْخَ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ اهـ. اُنْظُرْ قَوْلَهُ: " فَسْخَ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ ".
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَبِهَذَا الْوَجْهِ أَيْضًا يُرَاعَى فِيهِمَا حَدُّ الصَّرْفِ وَالْمُسْتَأْخِرُ.
وَسَلَفًا جَرَّ نَفْعًا. وَلَوْ أُجِيحَ بَعْضُ الْحَائِطِ كَانَ جَمِيعُ سَلَمِهِ فِي بَقِيَّتِهِ لِأَنَّهَا مَكِيلَةٌ مَعْلُومَةٌ، وَكَذَلِكَ السَّلَمُ فِي لَبَنِ غَنَمٍ مُعَيَّنَةٍ (وَهَلْ عَلَى الْقِيمَةِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ أَوْ الْمَكِيلَةِ؟ تَأْوِيلَانِ) قِيلَ لِابْنِ مُزَيْنٍ: كَيْفَ يَتَحَاسَبَانِ إذَا انْقَطَعَ اللَّبَنُ أَوْ الثَّمَرَةُ، أَعَلَى قِيمَةِ مَا قَبَضَ وَمَا بَقِيَ أَمْ عَلَى الْكَيْلِ الَّذِي قَبَضَ وَاَلَّذِي بَقِيَ؟ قَالَ: بَلْ عَلَى كَيْلِ مَا قَبَضَ وَمَا بَقِيَ وَلَا يَنْظُرُ فِي هَذَا إلَى الْقِيمَةِ.
وَقَالَ الْقَابِسِيُّ: إنَّمَا يَحْسِبُ ذَلِكَ عَلَى الْقِيمَةِ لَا عَلَى الْكَيْلِ، لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَأْخُذُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ أَنْ يَجِدَّهُ مِنْ يَوْمِهِ يُرِيدُ أَوْ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مُسَمًّى فَهَذَا يُحْسَبُ عَلَى الْكَيْلِ.
(وَهَلْ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ كَذَلِكَ أَوْ إلَّا فِي وُجُوبِ تَعْجِيلِ النَّقْدِ أَوْ تُخَالِفُهُ فِيهِ وَفِي السَّلَمِ فِيمَنْ لَا مِلْكَ لَهُ؟ تَأْوِيلَانِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: السَّلَمُ فِي ثَمَرِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ مِمَّا يَنْقَطِعُ طَعَامُهَا أَوْ ثَمَرُهَا فِي
بَعْضِ السَّنَةِ كَالسَّلَمِ فِي حَائِطٍ بِعَيْنِهِ لَا يَصْلُحُ السَّلَمُ فِي ثَمَرِهَا إلَّا إذَا أَزْهَى، وَيُشْتَرَطُ أَخْذُهُ رُطَبًا أَوْ بُسْرًا وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ أَخْذُهُ تَمْرًا لِأَنَّ تِلْكَ الْقَرْيَةَ غَيْرُ مَأْمُونَةٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَا يَجُوزُ هُنَا تَأْخِيرُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ لِأَنَّهُ مَضْمُونٌ بِالذِّمَّةِ بِخِلَافِ الْحَائِطِ بِعَيْنِهِ.
قَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: وَذَلِكَ جَائِزٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ فِيهَا ثَمَرٌ وَلَا يَدْخُلُهُ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَك لِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ جُمْلَةَ أَهْلِ الْقَرْيَةِ لَا يَجْتَمِعُونَ عَلَى أَنْ لَا يَبِيعُوا. ابْنُ يُونُسَ: فَهُوَ فِي هَذَا كَالسَّلَمِ فِي الْقُرَى الْكِبَارِ، وَعَلَيْهِ يَدُلُّ قَوْلُ أَبِي مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ جَعَلَهُ مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا أَبْيَنُ.
وَقَالَ عِيَاضٌ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُسْلَمُ لِمَنْ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهَا. ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي عَلَى أَصْلِ قَوْلِهِ وَإِلَّا كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ بَاعَ ثَمَرَةً لِغَيْرِهِ وَاشْتَرَطَ تَخْلِيصَهَا اهـ.
وَانْظُرْ إذَا أَثْمَرَ قَبْلَ أَخْذِ جَمِيعِهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ بَقِيَّتَهُ تَمْرًا لِأَنَّهُ بَيْعُ رُطَبٍ بِتَمْرٍ، وَانْظُرْ هُنَا أَيْضًا مَنَعُوا مِنْ شِرَاءِ ثَمَرِ الْحَائِطِ كَيْلًا عَلَى تَرْكِهِ حَتَّى يَصِيرَ تَمْرًا، وَأَجَازُوا شِرَاءَ الْجَمِيعِ جُزَافًا عَلَى ذَلِكَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا إنْ كَانَ ضَمَانُ الْمَكِيلِ مِنْ بَائِعِهِ فِيمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَالْجُزَافُ لَا ضَمَانَ عَلَى الْبَائِعِ فِيهِ إلَّا ضَمَانَ الْجَائِحَةِ، فَكَانَ الْغَرَرُ فِي الْجُزَافِ يَسِيرًا وَفِي الْكَيْلِ كَثِيرًا.
وَتَعَقَّبَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا التَّعْلِيلَ وَلِابْنِ أَبِي زَيْدٍ مَا نَصُّهُ: مِنْ الْغَرَرِ شِرَاءُ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنْ لَا يَقْبِضَهُ إلَّا إلَى أَجَلٍ بَعِيدٍ، وَكَأَنَّهُ زَادَهُ فِي الثَّمَنِ لِيَضْمَنَهُ إلَّا مَا لَهُ وَجْهٌ وَلَهُمَا بِهِ عُذْرٌ كَدَارٍ يَبِيعُهَا وَيَسْتَثْنِي سُكْنَاهَا شَهْرًا، أَوْ زَرْعٍ عَلَى الْكَيْلِ وَقَدْ يَبِسَ وَيَتَأَخَّرُ حَصَادُهُ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا، أَوْ تَمْرٍ قَدْ طَابَ وَيَتَأَخَّرُ جِدَادُهُ مِثْلَ ذَلِكَ بِخِلَافِ صُوفِ الْغَنَمِ. وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ بَشِيرٍ عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَكَوْنُهُ دَيْنًا "(وَإِنْ انْقَطَعَ مَا لَهُ إبَّانٌ أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ وَالْإِبْقَاءِ وَإِنْ قَبَضَ الْبَعْضَ وَجَبَ التَّأْخِيرُ إلَّا أَنْ يَرْضَى بِالْمُحَاسَبَةِ) اُنْظُرْ قَوْلَهُ " أَوْ مِنْ قَرْيَةٍ " وَاَلَّذِي قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: إنْ انْقَطَعَ مَا لَهُ إبَّانٌ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ قَبَضَ الْبَعْضَ فَسِتَّةُ أَقْوَالٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ إذَا انْقَطَعَ ثَمَرُ الْحَائِطِ الْمُعَيَّنُ الْمُسْلَمُ فِي مَكِيلِهِ مِنْهُ أَنَّهُ يُفْسَخُ وَيَأْخُذُ بِالْقِيمَةِ ثَمَرًا أَوْ مَا أَحَبَّ، وَأَمَّا إذَا أَسْلَمَ سَلَمًا مَضْمُونًا فِي رُطَبِ قَرْيَةٍ مَأْمُونَةٍ فَقَالَ اللَّخْمِيِّ: إذَا أُجِيحَ الثَّمَرُ فِي ذَلِكَ الْعَامِ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يَتَأَخَّرُ إلَى ثَمَرَةِ قَابِلٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ طَلَبَ التَّأْخِيرَ مِنْهُمَا كَانَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى الْمُحَاسَبَةِ.
وَعَنْ ابْن الْقَاسِمِ أَيْضًا ذَلِكَ لِمَنْ لَهُ السَّلَمُ إنْ شَاءَ أَخَّرَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهُ بِبَقِيَّةِ رَأْسِ مَالِهِ نَقْدًا. قَالَ: وَفَسْخُ ذَلِكَ أَحَبُّ إلَيَّ ثُمَّ ذَكَرَ أَقْوَالًا أُخَرَ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مَجْمُوعُ الْأَقْوَالِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تِسْعَةٌ. وَأَمَّا إذَا سَلِمَ فِي ثَمَرِ قَرْيَةٍ صَغِيرَةٍ فَقَالَ اللَّخْمِيِّ: إذَا أُجِيحَ ثَمَرُهَا انْفَسَخَ ذَلِكَ السَّلَمُ وَلَا يَبْقَى فِي ذِمَّةِ الْبَائِعِ إلَى قَابِلٍ لِأَنَّهَا غَيْرُ
مَأْمُونَةٍ.
قَالَ: وَإِذَا مُنِعَ أَنْ يُسْلِمَ فِيهَا فِي هَذَا الْعَامِ إلَّا بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا لِأَنَّهُ غَرَرٌ كَانَ فِي الصُّبُرِ إلَى قَابِلٍ أَشَدَّ غَرَرًا. رَاجِعْ ثَالِثَ تَرْجَمَةٍ مِنْ السَّلَمِ الْأَوَّلِ مِنْ ابْنِ يُونُسَ. وَانْظُرْ هُنَاكَ حُكْمَ مَنْ اكْتَرَى عَلَى الْحَجِّ فَلَمْ يَأْتِ الْكَرْيُ حَتَّى فَاتَ الْإِبَّانُ، وَحُكْمُ مَنْ أَسْلَمَ فِي ضَحَايَا فَأَتَى بِهَا بَعْدَ الْوَقْتِ، وَمَنْ غَصَبَ تَمْرًا وَتَمَكَّنَ مِنْهُ فِي غَيْرِ إبَّانِهِ، وَمَنْ اكْتَرَى سَفِينَةً فَدَخَلَ عَلَيْهَا الشِّتَاءُ وَلَمْ يَتَفَاسَخَا حَتَّى عَادَ إبَّانُ السَّفَرِ، وَانْظُرْ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي نَوَازِلِ ابْنِ سَهْلٍ إذَا شَرَطَ أَنْ يُوفِيَهُ السَّلَمَ بِبَلَدٍ فَتَعَذَّرَ الْوُصُولُ لِذَلِكَ الْبَلَدِ كَقَوْلِ مَالِكٍ إذَا شَرَطَ أَنْ يُوفِيَهُ مِنْ الْعَطَاءِ فَاحْتَبَسَ.
وَفِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ: مَنْ دَايَنَ عَلَى أَنْ يُوفِيَ مِنْ عَصِيرِ كَرْمِهِ فَأَخْلَفَ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ تَسَلَّفَ عَلَى مَالِ يَتِيمٍ فَقَصَرَ الْمَالُ عَمَّا أَسْلَفَهُ لَمْ يُتْبِعْهُ بِالْبَاقِي. وَانْظُرْ مَنْ ابْتَاعَ بِغَرْنَاطَةَ حَرِيرًا وَجَدَهُ بِتُونُسَ مَعِيبًا، وَمَنْ تَسَلَّفَ فُلُوسًا أَوْ كَتَّانًا بِالْمَشْرِقِ أَوْ طَعَامًا بِأَرْضِ الْحَرْبِ. وَانْظُرْ رَسْمَ الْبُيُوعِ الْعَاشِرَ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ السَّلَمِ فِيمَنْ تَسَلَّفَ مِنْ شَرِيكِهِ قِلَالًا مِنْ مَاءٍ فِي الشِّتَاءِ فَقَامَ عَلَيْهِ فِي الصَّيْفِ، هَلْ يَدْخُلُ فِيهِ الْخِلَافُ فِيمَا لَهُ إبَّانٌ فَانْقَضَى قَبْلَ الْأَدَاءِ.
(وَلَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّمًا وَيَجُوزُ فِيمَا طُبِخَ وَاللُّؤْلُؤِ وَالْعَنْبَرِ وَالْجَوْهَرِ وَالزُّجَاجِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الْعَنْبَرِ وَالْمِسْكِ وَجَمِيعِ الْعِطْرِ إذَا اشْتَرَطَ عَلَيْهِ شَيْئًا مَعْلُومًا، وَكَذَلِكَ اللُّؤْلُؤُ وَالْجَوْهَرُ وَصُنُوفُ الْفُصُوصِ وَالْحِجَارَةِ إذَا ذَكَرَ صِنْفًا مَعْرُوفًا بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَكَذَلِكَ آنِيَةُ الزُّجَاجِ بِصِفَتِهَا (وَالْجِصِّ وَالزَّرْنِيخِ وَالنُّورَةِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي اللَّبَنِ وَالْجِصِّ وَالزَّرْنِيخِ وَالنُّورَةِ وَشِبْهِ ذَلِكَ مَضْمُونًا مَعْلُومَ الصِّفَةِ (وَأَحْمَالِ الْحَطَبِ وَالْأَدَمِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا بَأْسَ بِالسَّلَمِ فِي الْحَطَبِ إذَا اشْتَرَطَ مِنْ ذَلِكَ قَنَاطِيرَ أَوْ قَدْرًا مَعْرُوفًا بِصِفَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَكَذَلِكَ فِي الْجُذُوعِ مِنْ خَشَبِ الْبُيُوتِ وَشِبْهِهِ مِنْ صُنُوفِ الْعِيدَانِ وَفِي جُلُودِ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ والزقوق وَالْأَدَمِ وَالْقَرَاطِيسِ إذَا اشْتَرَطَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ شَيْئًا مَعْلُومًا. الْبَاجِيُّ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ يُسْلِمُ فِي الْحَطَبِ وَزْنًا أَوْ أَحْمَالًا، وَعِنْدِي أَنْ يَعْمَلَ فِي كُلِّ بَلَدٍ بِعُرْفِهِ فِي ذَلِكَ (وَصُوفٍ بِالْوَزْنِ لَا بِالْحَزْرِ) اُنْظُرْ النَّصَّ بِهَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَأَنْ يُضْبَطَ بِعَادَتِهِ ".
(وَالسُّيُوفِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَيَجُوزُ السَّلَمُ فِي نُصُولِ السُّيُوفِ وَالسَّكَاكِينِ وَفِي الْعُرُوضِ كُلِّهَا إذَا كَانَتْ مَوْصُوفَةً مَضْمُونَةً وَضَرَبَ لَهَا أَجَلًا مَعْلُومًا وَقَدَّمَ النَّقْدَ فِيهَا (وَتَوْرٍ لِيُكَمِّلَ) هَذِهِ عِبَارَةُ الْمَوَّازِيَّةِ.
وَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ اسْتَصْنَعَ تَوْرًا أَوْ قَلَنْسُوَةً أَوْ اسْتَنَحْت سَرْجًا أَوْ قَدَحًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يَعْمَلُ النَّاسُ فِي أَسْوَاقِهِمْ عِنْدَ الصُّنَّاعِ، فَإِنْ جَعَلَ ذَلِكَ مَضْمُونًا مَوْصُوفًا إلَى مِثْلِ أَجَلِ السَّلَمِ جَازَ إنْ قَدَّمَ رَأْسَ الْمَالِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا بِعَيْنِهِ يَعْمَلُهُ مِنْهُ أَوْ عَمَلَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ، فَإِنْ شَرَطَ عَمَلَهُ مِنْ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ ظَوَاهِرَ مُعَيَّنَةً أَوْ شَرَطَ عَمَلَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ وَلَوْ نَقَدَهُ، لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُسْلِمُ ذَلِكَ الْحَدِيدَ وَالنُّحَاسَ وَالظَّوَاهِرَ، أَوْ يُسْلِمُ ذَلِكَ الرَّجُلَ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ أَمْ لَا؟ فَذَلِكَ غَرَرٌ إذْ قَدْ يُسْلِمُ فَيَعْمَلُهُ لَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ يَمُوتُ قَبْلَ الْأَجَلِ فَيَبْطُلُ السَّلَفُ.
أَشْهَبُ: إذَا شَرَعَ فِي عَمَلِهِ فِي مِثْلِ الْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ جَازَ وَإِنَّمَا يُكْرَهُ ذَلِكَ إذَا
كَانَ إلَى أَجَلٍ لَا يَصْلُحُ السَّلَمُ فِيهِ فِي شَيْءٍ بِعَيْنِهِ. قَالَ: فَأَمَّا مَنْ أَتَى إلَى رَجُلٍ عِنْدَهُ عَشَرَةَ أَرْطَالِ حَدِيدٍ أَوْ نُحَاسٍ فَاشْتَرَاهُ مِنْهُ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ قِدْرًا أَوْ قُمْقُمًا بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا وَوَصَفَ ذَلِكَ، فَلَا بَأْسَ بِهِ إذَا كَانَ يَشْرَعُ فِي عَمَلِهِ عَاجِلًا. قَالَ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ تَوْرَ نُحَاسٍ عَلَى أَنْ يَعْمَلَهُ لَهُ إذَا أَرَاهُ النُّحَاسَ وَزْنَهُ وَوَصْفَهُ هَذَا مَا يَعْمَلُهُ لَهُ، وَكَذَلِكَ ظِهَارَةٌ عَلَى أَنْ يَعْمَلَهَا لَهُ قَلَنْسُوَةً، وَالْحِذَاءُ عَلَى أَنْ يَحْذُوَ لَهُ وَيَشْرَعَ فِي ذَلِكَ.
ابْنُ الْمَوَّازِ: وَفَرْقٌ بَيْنَ الثَّوْبِ يَشْتَرِيهِ عَلَى أَنْ يُتِمَّ لَهُ نَسْجَهُ وَالتَّوْرِ النُّحَاسِ عَلَى أَنْ يُتِمَّ لَهُ عَمَلَهُ، أَنَّ النُّحَاسَ إنْ جَاءَ بِخِلَافِ الصِّفَةِ أَعَادَهُ لَهُ، وَالثَّوْبُ لَا يُمْكِنُ فِيهِ ذَلِكَ وَلَا يُدْرَى كَيْفَ تَخْرُجُ بَقِيَّتُهُ. اهـ عَلَى مَسَافَةٍ مِنْ ابْنِ يُونُسَ. وَأَمَّا اللَّخْمِيِّ فَقَالَ فِي مَسْأَلَةِ شِرَاءِ النُّحَاسِ لِيَعْمَلَهُ لَهُ تَوْرًا: إنَّهُ جَائِزٌ لِأَنَّهُ إنْ خَرَجَ عَلَى غَيْرِ الصِّفَةِ الَّتِي يَشْتَرِطُ أَعَادَهُ مَرَّةً أُخْرَى حَتَّى يَصْنَعَهُ عَلَى الصِّفَةِ قَالَ: إلَّا إنْ اشْتَرَى جُمْلَةَ النُّحَاسِ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ كُلَّمَا أُعِيدَ نَقَصَ فَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ فِي الثَّانِي إلَّا دُونَ الْأَوَّلِ اهـ.
وَلِلَّخْمِيِّ أَيْضًا فِي مَسْأَلَةِ شِرَاءِ الثَّوْبِ عَلَى أَنْ يُتِمَّ لَهُ نَسْجَهُ أَنَّ مِثْلَ ذَلِكَ الثَّوْبِ يُشْتَرَطُ صَبْغُهُ، وَشِرَاءُ الْعُودِ عَلَى أَنْ يَعْمَلَهُ لَهُ تَابُوتًا. هَذَا كُلُّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ مِمَّا يَخْتَلِفُ خُرُوجُهُ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يُعَادَ لِهَيْئَتِهِ الْأُولَى قَالَ: فَأَمَّا إنْ كَانَ هَذَا الْمُشْتَرِي الْمُعَيَّنُ إذَا شَرَطَ عَلَى بَائِعِهِ أَنْ يَعْمَلَهُ لَا تَخْتَلِفُ صِفَتُهُ إذَا صَنَعَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ. قَالَ: وَذَلِكَ كَاَلَّذِي يَشْتَرِي الْقَمْحَ عَلَى أَنْ يَطْحَنَهُ بَائِعُهُ، وَالزَّيْتُونَ عَلَى أَنْ يَعْصِرَهُ فَيَأْخُذَ مِنْهُ كَيْلًا مَعْلُومًا، وَكَذَلِكَ الثَّوْبُ عَلَى أَنْ يَخِيطَهُ، فَهَذَا كُلُّهُ جَائِزٌ.
قَالَ: وَلَوْ لَمْ يُسْلِمْ فِي الْغَزْلِ عَلَى أَنْ يُنْسَجَ وَاشْتَرَاهُ عَلَى أَنَّهُ إنْ خَرَجَ عَلَى مَا وَصَفَ أَخَذَهُ وَنَقَدَ، وَإِنْ خَرَجَ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ كَانَ لِبَائِعِهِ جَازَ اهـ. اُنْظُرْ عَلَى هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحَرَّارِ يَكُونُ الثَّوْبُ بِيَدِهِ يَعْمَلُهُ فَيَشْتَرِيهِ مِنْهُ التَّاجِرُ عَلَى أَنْ يُكْمِلَهُ لَهُ عَلَى هَذَا.
الْمَأْخَذِ (وَالشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ كَالْخَبَّازِ وَهُوَ بَيْعٌ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ بِهَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " زَائِدٌ عَلَى نِصْفِ شَهْرٍ " وَهَذِهِ عِبَارَةُ اللَّخْمِيِّ: السَّلَمُ فِي الشَّيْءِ لِمَنْ هُوَ مِنْ أَهْلِ حِرْفَتِهِ جَائِزٌ عَلَى الْحُلُولِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: وَيُخَالِفُ السَّلَمُ
أَيْضًا فِي عَدَمِ وُجُوبِ نَقْدِ رَأْسِ الْمَالِ (وَإِنْ لَمْ يَدُمْ فَهُوَ سَلَمٌ كَاسْتِصْنَاعِ سَيْفٍ أَوْ سَرْجٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ كَانَ الصَّانِعُ مُعَيَّنًا وَالْمَصْنُوعُ مِنْهُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ وَهُوَ لَا يَسْتَدِيمُ عَمَلُهُ فَقَدْ أَعْطَوْهُ حُكْمَ السَّلَمِ فِي الْأَجَلِ وَتَقْدِيمِ رَأْسِ الْمَالِ وَأَجَازُوهُ لِلضَّرُورَةِ اهـ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَتَوْرٍ لِيُكْمِلَ " وَأَنَّ مَنْ اسْتَصْنَعَ طَسْتًا فَإِنْ جَعَلَهُ مَوْصُوفًا إلَى مِثْلِ أَجَلِ السَّلَمِ جَازَ أَنْ يُقَدِّمَ رَأْسَ الْمَالِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَلَا يَشْتَرِطُ عَمَلَ رَجُلٍ بِعَيْنِهِ فَانْظُرْهُ مَعَ هَذَا وَمَعَ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا فِي إجَارَةِ الْبِنَاءِ وَالْآجُرُّ مِنْ عِنْدِهِ،
وَانْظُرْ نَصَّ الْبَاجِيِّ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَجَازَ بَعْدَ أَجَلِهِ الزِّيَادَةُ " وَمِثْلُ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ هُوَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ إنْ اشْتَرَطَ عَمَلَ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يُعَيِّنْ مَا يُعْمَلُ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَجْتَذِبُهُ أَصْلَانِ مُتَنَاقِضَانِ لُزُومُ النَّقْدِ لِأَنَّ مَا يُعْمَلُ مِنْهُ مَضْمُونٌ وَامْتِنَاعُهُ لِاشْتِرَاطِ عَمَلِ الْعَامِلِ بِعَيْنِهِ.
وَلَمَّا نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا قَالَ: فِي قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ نَظَرٌ لِقَوْلِ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ اسْتَأْجَرَ مَنْ يَبْنِي لَهُ دَارًا عَلَى أَنَّ الْآجُرَّ وَالْجِصَّ مِنْ عِنْدِ الْأَجِيرِ جَازَ. قُلْت: لَمْ أُجَوِّزْهُ وَلَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا مِنْ الْجِصِّ وَالْآجُرِّ بِعَيْنِهِ قَالَ: إنَّهُ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ. قُلْت: أَرَأَيْت السَّلَمَ، هَلْ يَجُوزُ فِيهِ إلَّا أَنْ يَضْرِبَ لَهُ أَجَلًا وَهَذَا إذَا لَمْ يَضْرِبْ لِلْآجُرِّ وَالْجِصِّ أَجَلًا؟ قَالَ: لَمَّا قَالَ لَهُ ابْنِ لِي هَذِهِ الدَّارَ فَكَأَنَّهُ وَقَّتَ لَهُ لِأَنَّ وَقْتَ بُنْيَانِهَا عِنْدَ النَّاسِ مَعْرُوفٌ فَكَأَنَّهُ أَسْلَمَ إلَيْهِ فِي جَصٍّ وَآجُرٍّ مَعْرُوفٍ إلَى وَقْتٍ مَعْرُوفٍ وَإِجَارَتُهُ فِي عَمَلِ هَذِهِ الدَّارِ فَلِذَلِكَ جَازَ.
ابْنُ عَرَفَةَ: فَظَاهِرُ هَذَا خِلَافُ نَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْعَقْدَ عَلَى تَعْيِينِ الْعَامِلِ أَوْ عَدَمِ تَعْيِينِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ وِفَاقًا لِقَوْلِ ابْنِ بَشِيرٍ اهـ. اُنْظُرْ لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةَ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَتَوْرٍ لِيُكْمِلَ ".
وَفِي نَوَازِلِ شَيْخِ الشُّيُوخِ ابْنِ لُبٍّ مَسْأَلَةٌ قَالَ: دَلِيلُهَا مَا قَالُوهُ فِي مَسْأَلَةِ اسْتِئْجَارِ الْبِنَاءِ الْمُعَيَّنِ لِلْبِنَاءِ عَلَى أَنَّ الْآجُرَّ وَالْجَصَّ مِنْ عِنْدِهِ وَهِيَ مَضْمُونَةٌ عَلَيْهِ أَنَّهُمَا إنْ شَرَطَا نَقْدَ مَا يَنُوبُ الْمَضْمُونَ وَتَأْخِيرَ مَا يَنُوبُ الْمُعَيَّنَ جَازَ ذَلِكَ. حَكَاهُ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرُهُ اهـ نَصُّهُ.
وَفِي الْمُتَيْطِيِّ: أَوَّلُ الْمُغَارَسَةِ إنْ كَانَتْ الْغُرُوسُ مِنْ عِنْدِ الْغَارِسِ فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مَا دَخَلَ مَسْأَلَةَ الْبِنَاءِ عَلَى أَنَّ الْآجُرَّ وَالْجِصَّ مِنْ عِنْدِهِ. اُنْظُرْ أَوَّلَ كِتَابِ الْمُغَارَسَةِ مِنْهُ وَفِي هَذِهِ نَازِلَةٌ تَعُمُّ بِهَا الْبَلْوَى فَإِنَّ التُّجَّارَ شَأْنُهُمْ شِرَاءُ وُجُوهِ الْحَرِيرِ مِنْ الْحَرَّارِينَ وَالْحَمَائِلِ مِنْ الْحَمَائِلِيِّينَ، وَشَأْنُهُمْ دَفْعُ الْحَرِيرِ لِلصَّبَّاغِ فَيَبْقَى النَّظَرُ هَلْ ذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِمْ، وَهَلْ هُمْ مُعَيَّنُونَ، وَهَلْ يَلْزَمُ تَقْدِيمُ الثَّمَنِ وَالْآجُرِّ وَيَلْزَمُ وَرَثَةَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ تَمَامُ الْعَمَلِ؟ وَانْظُرْ نَصَّ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ اسْتَصْنَعَ تَوْرًا أَوْ شَيْئًا مِمَّا يُعْمَلُ عِنْد الصُّيَّاغِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعَيِّنَ الْعَامِلَ وَلَا الْمَعْمُولَ مِنْهُ، أَنَّهُ يَجِبُ تَقْدِيمُ رَأْسِ الْمَالِ. وَانْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " زَائِدٌ عَلَى نِصْفِ شَهْرٍ ".
وَانْظُرْ أَوَّلَ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَقَدْ نَقَلْت بَعْضًا مِنْهُ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَأَجِيرٌ تَأَخَّرَ شَهْرًا "(وَفَسَدَ بِتَعْيِينِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ أَوْ الْعَامِلِ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ شَرْطَ عَمَلِهِ مِنْ نُحَاسٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يَجُزْ وَإِنْ نَقَدَهُ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَيُسْلِمُ
ذَلِكَ النُّحَاسَ؟ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَأْخَذُ اللَّخْمِيِّ فِي هَذَا قَبْلَ قَوْلِهِ " وَالشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ "(وَإِنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ وَاسْتَأْجَرَهُ جَازَ إنْ شَرَعَ عَيَّنَ عَامِلَهُ أَمْ لَا) أَمَّا إنْ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ وَعَيَّنَ عَامِلَهُ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَيْسَ هَذَا بِسَلَمٍ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فِي الشَّيْءِ الْمَبِيعِ، فَإِنْ كَانَ يَعْرِفُ وَجْهَ خُرُوجِ ذَلِكَ الشَّيْءِ مِنْ الْعَمَلِ أَوْ تُمْكِنُ إعَادَتُهُ لِلْعَمَلِ أَوْ عَمِلَ غَيْرُهُ مِنْ الشَّيْءِ الْمُعَيَّنِ مِنْهُ الْعَمَلُ، جَازَ عَلَى الشُّرُوع فِي الْعَمَلِ أَوْ عَلَى تَأْخِيرِ الشُّرُوعِ لِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ.
وَإِنْ كَانَ عَلَى الشُّرُوعِ جَازَ بِشَرْطِ تَعْجِيلِ النَّقْدِ وَتَأْخِيرِهِ، وَإِنْ كَانَ عَلَى تَأْخِيرِهِ لِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لَمْ يَجُزْ تَعْجِيلُ النَّقْدِ بِشَرْطٍ حَتَّى يَشْرَعَ. وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ اللَّخْمِيِّ فِي حُكْمِ هَذَا الْقِسْمِ، وَتَعَقَّبَ ابْنُ عَرَفَةَ مَنْعَهُمْ مَا اخْتَلَفُوا وَجْهَ خُرُوجِهِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى جَوَازِ الْإِجَارَةِ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُخْرَى وَهِيَ إذَا اشْتَرَى الْمَعْمُولُ مِنْهُ وَلَمْ يُعَيِّنْ عَامِلَهُ، فَعِبَارَةُ ابْنِ رُشْدٍ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ عَمَلَ مَنْ اسْتَعْمَلَهُ لَكِنْ عَيَّنَ مَا يُعْمَلُ مِنْهُ فَهُوَ أَيْضًا مِنْ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فِي الْمَبِيعِ إلَّا أَنَّهُ يَجُوزُ عَلَى تَعْجِيلِ الْعَمَلِ وَتَأْخِيرِهِ عَلَى نَحْوِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِتَعْجِيلِ النَّقْدِ وَتَأْخِيرِهِ. وَيَبْقَى مِنْ تَقْسِيمِ ابْنِ رُشْدٍ صُورَتَانِ: إحْدَاهُمَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ تَعْيِينَ الْعَامِلِ وَلَا مَا يُعْمَلُ مِنْهُ الْمَصْنُوعُ فَهَذَا سَلَمٌ مَحْضٌ. الصُّورَةُ الْأُخْرَى أَنْ يَشْتَرِطَ عَمَلَهُ وَلَا يُعَيِّنُ مَا يُعْمَلُ مِنْهُ تَقَدَّمَ الِاضْطِرَابُ فِيهَا.
(لَا فِيمَا لَا يُمْكِنُ وَصْفُهُ كَتُرَابِ الْمَعْدِنِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُسْلَمُ فِي تُرَابِ الْمَعَادِنِ عَيْنًا وَلَا عَرْضًا لِأَنَّ صِفَتَهُ لَا تُعْرَفُ وَلَوْ عُلِمَتْ صِفَتُهُ جَازَ تَسْلِيمُ الْعُرُوضِ فِيهِ، وَلَا يَجُوزُ بِالْعَيْنِ لِأَنَّهُ يَدْخُلُهُ الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ إلَى أَجَلٍ، وَجَازَ أَنْ يَشْتَرِيَ يَدًا بِيَدٍ بِخِلَافِهِمَا مِنْ الْعَيْنِ أَوْ بِالْعَرْضِ لِأَنَّهَا حِجَارَةٌ مَعْرُوفَةٌ تُرَى. .
(وَالْأَرْضِ وَالدَّارِ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَنْصُوصُ الْمَعْرُوفُ مَنْعُ السَّلَمِ فِي الرَّبْعِ. اللَّخْمِيِّ: لَا يَجُوزُ السَّلَمُ فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ. اُنْظُرْ عِنْدَ قَوْلِهِ " أَوْ جِزَّةٍ فِي كَقَصِيلِ ".
(وَالْجُزَافِ) اللَّخْمِيِّ: لَا يُسْلَمُ فِي الْجُزَافِ لِجَهْلِ مَا يَقْتَضِي إلَّا فِي اللَّحْمِ عَلَى التَّحَرِّي (وَمَا لَا
يُوجَدُ) تَقَدَّمَ قَوْلُهُ: " وَوُجُودُهُ عِنْدَ حُلُولِهِ.
" (وَحَدِيدٍ وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْهُ السُّيُوفُ وَبِالْعَكْسِ) اُنْظُرْ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ هِيَ خِلَافُ طَرِيقَةِ ابْنِ يُونُسَ قَالَ مَا نَصُّهُ: لَا يَجُوزُ سَلَمُ حَدِيدٍ تَخْرُجُ مِنْهُ السُّيُوفُ فِي سُيُوفٍ أَوْ سُيُوفٍ فِي حَدِيدٍ تَخْرُجُ مِنْهُ السُّيُوفُ أَمْ لَا.
قَالَ سَحْنُونَ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسْلِمَ الْحَدِيدَ الَّذِي لَا يَخْرُجُ مِنْهُ السُّيُوفُ فِي سُيُوفٍ (وَكَتَّانٍ غَلِيظٍ فِي رَقِيقٍ إنْ لَمْ يُغْزَلَا) مِنْ الْمَوَّازِيَّةِ: الْكَتَّانُ جَيِّدُهُ وَرَدِيئُهُ كُلُّهُ صِنْفٌ حَتَّى يَنْفَسِخَ فَيَصِيرَ الرَّقِيقُ صِنْفًا وَالْغَلِيظُ صِنْفًا وَكَذَلِكَ الْقُطْنُ. ابْنُ يُونُسَ: وَكَذَلِكَ عِنْدِي إذَا غُزِلَ فَإِنَّهُ يَصِيرُ الرَّقِيقُ صِنْفًا وَالْغَلِيظُ صِنْفًا، وَصَنْعَةُ الْغَزْلِ قَدْ أَحَالَتْهُ إحَالَةً بَيِّنَةً فَأَوْجَبَتْ فِيهِ التَّفَاضُلَ إلَى أَجَلٍ.
اللَّخْمِيِّ: قَدْ تَقَدَّمَ سَلَمُ الْكَتَّانِ فِي الْكَتَّانِ أَمَّا إنْ غُزِلَا فَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ أَحَدُهُمَا فِي الْآخَرِ إذَا اخْتَلَفَا لِأَنَّهُ لَمَّا غُزِلَا فَاتَ مِنْ أَنْ يُعْمَلَ مِنْ أَحَدِهِمَا مَا يُعْمَلُ مِنْ الْآخَرِ (وَثَوْبٍ لِيُكَمِّلَ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَتَوْرٍ لِيُكَمَّلَ ".
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي تَكَلُّمِهِ عَلَى السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ فِيمَنْ مَلَكَ الْغَلَّةَ فَقَالَ: لِأَنَّ الثَّوْبَ يَخْتَلِفُ نَسْجُهُ فَلَوْ عَرَفَ وَجْهَ خُرُوجِهِ لَجَازَ عَلَى تَعْلِيلِهِ (وَمَصْنُوعٍ قُوِّمَ لَا يَعُودُ عَيْنَ الصَّنْعَةِ كَالْغَزْلِ) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ قُدِّمَ الْمَصْنُوعُ الَّذِي لَا يُمْكِنُ إتْلَافُ صَنْعَتِهِ وَعَوْدُهُ إلَى أَصْلِ جَوْهَرِهِ فِي غَيْرِ الْمَصْنُوعِ، فَإِنْ هَانَتْ الصَّنْعَةُ كَغَزْلِ الْكَتَّانِ فَقَدْ جَعَلُوهُ كَغَيْرِ الْمَصْنُوعِ وَجَعَلُوا الصَّنْعَةَ لِهَوَانِهَا كَالْعَدَمِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ: الْكَتَّانُ الْمَغْزُولُ وَالْكَتَّانُ غَيْرُ الْمَغْزُولِ عِنْدَ أَصْحَابِ مَالِكٍ صِنْفٌ وَاحِدٌ اهـ. وَانْظُرْ هَلْ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ خَلِيلٍ قُدِّمَ مَا فَهِمَهُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ عِبَارَةِ ابْنِ الْحَاجِبِ أَنَّهُ يَجُوزُ نَقْدًا لَا بِقَيْدِ تَبَيُّنِ الْفَضْلِ قَالَ: وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ (بِخِلَافِ النَّسْجِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِثَوْبِ كَتَّانٍ فِي كَتَّانٍ أَوْ ثَوْبِ صُوفٍ فِي صُوفٍ لِأَنَّ الثَّوْبَ الْمُعَجَّلَ لَا يَخْرُجُ مِنْهُ كَتَّانٌ وَلَا صُوفٌ اهـ.
وَانْظُرْ سَلَمَ الثَّوْبِ فِي الْغَزْلِ نَصَّ اللَّخْمِيِّ عَلَى أَنَّهُ جَائِزٌ، وَحَكَى ابْنُ يُونُسَ فِيهِ خِلَافًا (إلَّا ثِيَابَ الْخَزِّ) قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إلَّا ثِيَابَ الْخَزِّ فِي الْخَزِّ لِأَنَّهُ يَنْفُشُ وَكَذَلِكَ تَوْرُ نُحَاسٍ فِي نُحَاسٍ وَكَذَلِكَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ (وَإِنْ قُدِّمَ أَصْلُهُ اُعْتُبِرَ الْأَجَلُ) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ قُدِّمَ غَيْرُ الْمَصْنُوعِ نَظَرْت إلَى الْأَجَلِ؛ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يُعَادَ مَصْنُوعًا مَنَعْت لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ سَلَمِ الشَّيْءِ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْقُرْبِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ ذَلِكَ فِيهِ أَجَزْته. ابْنُ عَرَفَةَ: دَلِيلُ اعْتِبَارِ الْأَجَلِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ لَا خَيْرَ فِي شَعِيرٍ نَقْدًا فِي قَصِيلٍ لِأَجَلٍ إلَّا لِأَجَلٍ لَا يَصِيرُ الشَّعِيرُ فِيهِ قَصِيلًا (وَإِنْ عَادَ
اُعْتُبِرَ فِيهِمَا) ابْنُ الْحَاجِبِ: الْمَصْنُوعُ يَعُودُ مُعْتَبَرًا فِيهِمَا.
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: ضَمِيرُ فِيهِمَا عَائِدٌ عَلَى صُورَتَيْنِ: تَقْدِيمُ الْأَصْلِ فِي الْمَصْنُوعِ وَعَكْسُهُ. وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ كَانَ هَذَا الْمَصْنُوعُ مِمَّا يُمْكِنُ إتْلَافُ صَنْعَتِهِ وَإِعَادَتُهُ إلَى جَوْهَرِهِ، فَإِنْ قَدَّمْت غَيْرَ الْمَصْنُوعِ فَلَا شَكَّ فِي الْمَنْعِ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ سَلَمِ الشَّيْءِ فِيمَا يَخْرُجُ مِنْهُ. وَبَيَّنَ فِي هَذَا الْقِسْمِ الْمُزَابَنَةَ وَإِنْ قُدِّمَ الْمَصْنُوعُ. فَقَالَ اللَّخْمِيِّ: قَالَ يَحْيَى: لَا بَأْسَ أَنْ تُسْلَمَ سُيُوفٌ فِي حَدِيدٍ، وَمَنَعَ ذَلِكَ سَحْنُونَ قَائِلًا: وَلَيْسَ ضَرْبُ السُّيُوفِ صَنْعَةً يُخْرِجُهُ مِنْ الْحَدِيدِ لِأَنَّهُ يُعَادُ حَدِيدًا. اللَّخْمِيِّ: وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ. وَلَيْسَ هَذَا مِمَّا يَفْعَلُهُ ذُو عَقْلٍ أَنْ يُعِيدَ السَّيْفَ حَدِيدًا وَلَوْ فَعَلَهُ أَحَدٌ لَعُوقِبَ عَلَيْهِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ الْفَسَادِ وَإِضَاعَةِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَبْلَغَ عَقْلِهِ وَتَمْيِيزِهِ حُجِرَ عَلَيْهِ.
(وَالْمَصْنُوعَانِ يَعُودَانِ يُنْظَرُ لِلْمَنْفَعَةِ) ابْنُ الْحَاجِبِ: إنْ كَانَا مَصْنُوعَيْنِ يَعُودَانِ نَظَرْت إلَى الْمَنْفَعَةِ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا خَيْرَ أَنْ يُسْلَمَ سَيْفٌ فِي سَيْفَيْنِ دُونَهُ لِتَقَارُبِ الْمَنَافِعِ إلَّا أَنْ يَبْعُدَ مَا بَيْنَهُمَا فِي الْجَوْهَرِ وَالْقَطْعِ كَتَبَاعُدِهِ فِي الرَّقِيقِ وَالثِّيَابِ فَيَجُوزُ اهـ.
(وَجَازَ قَبْلَ زَمَانِهِ قَبُولُ صِفَتِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا: قَضَاءُ السَّلَمِ بِصِفَتِهِ وَقَدْرِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ جَائِزَةٌ وَلَا يَجِبُ قَبُولُهُ بِخِلَافِ الْقَرْضِ فَتُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهِ اهـ. وَانْظُرْ أَيْضًا كَذَلِكَ يُجْبَرُ عَلَى أَخْذِهِ فِي الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ. وَانْظُرْ رَسْمَ تَأْخِيرٍ مِنْ السَّلَمِ (فَقَطْ) اللَّخْمِيِّ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ إلَّا مِثْلَ الْكَيْلِ وَالصِّفَةِ، وَلَا يَأْخُذُ أَجْوَدَ أَوْ أَكْثَرَ كَيْلًا فَيَكُونُ ضَمَانًا بِجُعْلٍ، وَلَا أَدْنَى صِفَةً أَوْ أَقَلَّ كَيْلًا فَيَكُونُ قَدْ وَضَعَ وَتَعَجَّلَ (كَقَبْلِ مَحَلِّهِ فِي الْعَرْضِ مُطْلَقًا وَفِي الطَّعَامِ إنْ حَلَّ إنْ لَمْ يَدْفَعْ كِرَاءً) فِي تَنْزِيلِ هَذَا عَلَى مَا يَتَقَرَّرُ عُسْرٌ فَانْظُرْهُ أَنْتَ.
وَعِبَارَةُ الْبَاجِيِّ: إنْ كَانَ لَك دَيْنٌ مِنْ عُرُوضٍ يَفِيكَهَا بِبَلَدٍ آخَرَ فَلَا بَأْسَ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَتَرَاضَيْتُمَا أَنْ تَأْخُذَ مَا لَكَ عَلَيْهِ فِي جِنْسِهِ وَصِفَتِهِ لَا أَدْوَنَ وَلَا أَفْضَلَ، فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْأَجَلِ لَمْ يَجُزْ. ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ، وَأَجَازَ سَحْنُونَ أَنْ يَأْخُذَ بِغَيْرِ الْبَلَدِ مِثْلَ الصِّفَةِ حَلَّ أَوْ لَمْ يَحِلَّ، وَهَذَا أَحْسَنُ وَالْأَوَّلُ أَقْيَسُ لِأَنَّ الْبُلْدَانَ بِمَنْزِلَةِ الْآجَالِ فَكَأَنَّهُ قَضَاكَ قَبْلَ أَجَلِهِ وَزَادَكَ حَمْلَهُ عَلَى إنْ أَسْقَطْتَ عَنْهُ ضَمَانَهُ فَلَا يَجُوزُ اهـ. اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ عَرَفَةَ " هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَصْبَغَ " فَمُقْتَضَاهُ
أَنَّ قَوْلَ الْبَاجِيِّ فِي الْعُرُوضِ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ فَإِنَّ نَصَّ أَصْبَغَ هُوَ إنْ قَضَاهُ مِثْلَ مَا فِي الذِّمَّةِ مِنْ طَعَامٍ بِيعَ أَوْ قُرِضَ بِغَيْرِ الْبَلَدِ وَقَدْ حَلَّ أَجَلُهُ جَازَ، وَقَبْلَ حُلُولِهِ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ وَلَوْ كَانَ مِثْلَ مَا فِي الذِّمَّةِ. وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الطَّعَامِ وَالْعُرُوضِ.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ شَرَطَ قَبْضَ الطَّعَامِ بِالْفُسْطَاطِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَقْبِضَهُ بِغَيْرِهِ وَيَأْخُذَ كِرَاءَ الْمَسَافَةِ، لِأَنَّ الْبُلْدَانَ كَالْآجَالِ فَكَأَنَّكَ بِعْتَهُ قَبْلَ قَبْضِهِ أَوْ أَسْقَطْتَ عَنْهُ الضَّمَانَ عَلَى مَالٍ تَعَجَّلْتَهُ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: هَذَا التَّعْجِيلُ يَقْتَضِي أَنَّ حُكْمَ الْعُرُوضِ كَالطَّعَامِ اهـ. فَلَوْ قَالَ خَلِيلٌ " كَقَبْلِ مَحَلِّهِ فِي غَيْرِ الْعَيْنِ مُطْلَقًا إنْ لَمْ يَدْفَعْ كِرَاءً " لَكَانَ قَدْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ، وَقَدْ رَجَّحَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ، وَلَوْ قَالَ عِوَضًا مِنْ " مُطْلَقًا " إنْ حَلَّ لَكَانَ مُوَافِقًا لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَاسْتَظْهِرْ أَنْتَ عَلَى هَذَا.
وَانْظُرْ أَيْضًا مَا كَانَ يَنْبَغِي لِخَلِيلٍ أَنْ يَتْرُكَ حُكْمَ الْعَيْنِ. وَقَدْ قَالَ الْبَاجِيُّ: إنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَوُجِدَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ بِغَيْرِ بَلَدِ التَّسْلِيمِ، فَإِنْ كَانَ السَّلَمُ فِي عَيْنٍ كَانَ لَهُ أَخْذُهُ حَيْثُ وَجَدَهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ عَيْنٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ. وَكَذَا مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ مِنْ عَيْنٍ جَازَ أَنْ يُعَجِّلَهُ قَبْلَ أَجَلِهِ وَيَلْزَمُ مَنْ هُوَ لَهُ قَبْضُهُ (وَلَزِمَ بَعْدَهُمَا) ابْنُ عَرَفَةَ: قَضَاؤُهُ بِحُلُولِهِ بِصِفَتِهِ وَقَدْرِهِ لَازِمٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَعَ يُسْرِ الْمَدِينِ، فَزَادَ خَلِيلٌ وَبِمَحَلِّهِ وَهُوَ بَيِّنٌ (كَقَاضٍ إنْ غَابَ وَجَازَ أَجْوَدُ وَأَرْدَأُ) اللَّخْمِيِّ: إنْ أَسْلَمَ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ سَمْرَاءَ فَأَخَذَ بَعْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ مِائَةَ إرْدَبٍّ سَمْرَاءَ أَجْوَدَ أَوْ أَدْنَى جَازَ، وَهُوَ فِي أَجْوَدَ حَسَنٌ قَضَاءً، وَفِي أَدْنَى حَسَنٌ اقْتِضَاءً.
وَيَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ أَجْوَدَ وَأَكْثَرَ كَيْلًا وَأَدْنَى وَأَقَلَّ كَيْلًا وَلَا يَأْخُذُ أَجْوَدَ وَأَقَلَّ كَيْلًا وَلَا أَدْنَى وَأَكْثَرَ كَيْلًا وَهُوَ رِبًا.
(لَا أَقَلُّ إلَّا عَنْ مِثْلِهِ وَيَبْرَأُ مِمَّا زَادَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ لَهُ عَلَيْهِ مِائَةُ إرْدَبٍّ سَمْرَاءَ إلَى أَجَلٍ، فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذَ مِنْهُ خَمْسِينَ مَحْمُولَةً وَحَطَّهُ مَا بَقِيَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بِمَعْنَى الصُّلْحِ وَالتَّبَايُعِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ اقْتِضَاءً مِنْ خَمْسِينَ مِنْهَا ثُمَّ حَطَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ شَرْطٍ
جَازَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِم: وَكَذَلِكَ فِي أَخْذِهِ خَمْسِينَ سَمْرَاءَ مِنْ مِائَةٍ مَحْمُولَةٍ وَحَطِّهِ مَا بَقِيَ (لَا دَقِيقٌ عَنْ قَمْحٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ أَسْلَمْتَ فِي حِنْطَةٍ فَلَا تَأْخُذْ مِنْهَا دَقِيقَ حِنْطَةٍ وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ، وَلَا بَأْسَ بِهِ عَنْ قَرْضٍ بَعْدَ مَحَلِّ الْأَجَلِ.
أَشْهَبُ: كُرِهَ هَذَا لِلْخِلَافِ أَجَازَهُ عَبْدُ الْعَزِيزِ مُتَفَاضِلًا فَيَدْخُلُهُ عَلَى هَذَا بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ. اللَّخْمِيِّ: فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يَأْخُذَ شَعِيرًا عَنْ قَمْحٍ بَلْ هُوَ أَوْلَى لِقُوَّةِ الْخِلَافِ فِيهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقْضَى قَدَحٌ مِنْ قَمْحٍ مِنْ قَرْضٍ أَوْ نَقْدٍ تَمْرًا فَكَذَلِكَ يَقْضِي عَنْ ذَلِكَ دَقِيقًا. اُنْظُرْ أَوَّلَ رَسْمٍ مِنْ الصَّرْفِ.
(وَبِغَيْرِ جِنْسِهِ إنْ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ) . ابْنُ مُحْرِزٍ: مِنْ شَرْطِ جَوَازِ اقْتِضَاءِ غَيْرِ جِنْسِ مَا أَسْلَمَ فِيهِ صِحَّةُ بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ فَيُمْنَعُ وَهُوَ طَعَامٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَنْعُ لِبَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ مُؤَثِّرٌ فِي اقْتِضَاءِ طَعَامِ السَّلَمِ لَا الْقَرْضِ وَالْمَنْعُ لِضَعْ وَتَعَجَّلْ عَامٌّ فِيهِمَا. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ مَا ابْتَعْتَهُ أَوْ أَسْلَمْتَ فِيهِ عَدَا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ مِنْ سَائِرِ الْعُرُوضِ عَلَى عَدَدٍ أَوْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ، فَجَائِزٌ بَيْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ قَبْلَ قَبْضِهِ وَقَبْلَ أَجَلِهِ مِنْ غَيْرِ بَائِعِكَ بِمِثْلِ رَأْسِ مَالِكَ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ بِمَا شِئْتَ مِنْ الْأَثْمَانِ إلَّا أَنْ تَبِيعَهُ بِمِثْلِ صِنْفِهِ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، يُرِيدُ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ. وَأَمَّا مِثْلُ عَدَدِهِ أَوْ وَزْنِهِ أَوْ كَيْلِهِ فَقَدْ قَالَ فِي كِتَابِ الْهِبَاتِ: إنْ كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ لِلْمُبْتَاعِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْبَائِعِ جَازَ وَهُوَ قَرْضٌ.
قَالَ مَالِكٌ: وَجَازَ بَيْعُ ذَلِكَ السَّلَمِ مِنْ بَائِعِكَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ فَأَقَلَّ مِنْهُ نَقْدًا قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ إذْ لَا يُتَّهَمُ أَحَدٌ فِي أَخْذِ قَلِيلٍ مِنْ كَثِيرٍ، وَأَمَّا بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا يَجُوزُ بِحَالٍ، حَلَّ الْأَجَلُ أَمْ لَا، لِأَنَّ سَلَمَكَ صَارَ لَغْوًا وَدَفَعْتَ ذَهَبًا فَرَجَعَ إلَيْكَ أَكْثَرُ مِنْهَا فَهَذَا سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ كَانَ الَّذِي لَكَ عَلَيْهِ ثِيَابٌ فَرْقَبِيَّةٌ جَازَ أَنْ تَبِيعَهَا مِنْهُ قَبْلَ الْأَجَلِ بِمَا يَجُوزُ أَنْ تُسْلِفَ فِيهَا مِنْ الثِّيَابِ الْقُطْنِ الْمَرْوِيَّةِ وَالْهَرَوِيَّةِ وَالْحَيَوَانِ وَالطَّعَامِ إذَا انْتَقَدْتَ ذَلِكَ وَلَمْ تُؤَخِّرْهُ وَلَا تَأْخُذُ مِنْهُ قَبْلَ الْأَجَلِ ثِيَابًا فَرْقَبِيَّةً إلَّا مِثْلَ ثِيَابِكَ صِفَةً وَعَدَدًا، فَأَمَّا أَفْضَلُ مِنْ ثِيَابِكَ رِقَاعًا أَوْ أَشَرَّ فَلَا خَيْرَ فِيهِ، اتَّفَقَ الْعَدَدُ أَوْ اخْتَلَفَ.
وَيَدْخُلُهُ فِي الْأَرْفَعِ " حُطَّ عَنِّي الضَّمَانَ وَأَزِيدُكَ "، وَفِي الْأَشَرِّ " ضَعْ وَتَعَجَّلْ " إلَّا أَنْ يَحِلَّ الْأَجَلُ فَيَجُوزُ ذَلِكَ كُلُّهُ. وَلَوْ كَانَ رَأْسُ مَالِكَ عَرْضًا أَسْلَمْتَهُ فِيمَا يَجُوزُ أَنْ تُسْلِمَهُ فِيهِ أَوْ بِعْتَهُ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ فِيهِ إلَّا مَا يَجُوزُ أَنْ تُسْلِمَ فِيهِ عَرْضَكَ، أَوْ مَا أَسْلَمْتَهُ فِيهِ. وَإِنْ حَلَّ الْأَجَلُ فَأَعْطَاكَ مِثْلَ رَأْسِ مَالِكَ صِفَةً وَعَدَدًا أَوْ أَدْنَى فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ أَعْطَاكَ أَكْثَرَ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا.
قَالَ: وَإِنْ بِعْتَ عَرْضَكَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى شَهْرٍ جَازَ أَنْ تَشْتَرِيَهُ بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ لَهُ أَوْ بِطَعَامٍ نَقْدًا كَانَ ثَمَنُ الْعَرْضِ أَقَلَّ مِنْ مِائَةٍ أَوْ أَكْثَرَ.
(وَبَيْعُهُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً) كَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله يُقَرِّرُ لَنَا شُرُوطَ بَيْعِ الدَّيْنِ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ وَهِيَ أَنْ لَا يَكُونَ الدَّيْنُ طَعَامًا مِنْ بَيْعِ دَارٍ، وَأَنْ يَتَعَجَّلَ الْعِوَضَ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَقْبُوضُ مِمَّا يَصِحُّ بِتَسْلِيمِ رَأْسِ الْمَالِ فِيهِ، وَأَنْ يَجُوزَ بَيْعُهُ بِالدَّيْنِ الَّذِي فِي الذِّمَّةِ يَدًا بِيَدٍ اهـ.
قَالَ الْبُرْزُلِيِّ: إنْ كَانَ الدَّيْنُ عُرُوضًا، فَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَبْقَى لِلْأَجَلِ مِثْلُ
أَجَلِ السَّلَمِ؟ أُخِذَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ الْوَجْهَانِ: وَانْظُرْ إذَا أَسْلَمَ لَهُ دِينَارًا عَلَى رِطْلِ حَرِيرٍ لِعِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ بَعْدَ عَشَرَةٍ بَاعَ مِنْهُ رِطْلَ الْحَرِيرِ بِرُبْعِ كَتَّانٍ قَبَضَهُ فَقَدْ صَارَ الدِّينَارُ سَلَمًا فِي هَذَا الْكَتَّانِ الَّذِي قَبَضَ، وَصَارَ الْكَتَّانُ بِنَفْسِهِ سَلَمًا عَلَى رِطْلِ حَرِيرٍ يَقْبِضُهُ مِنْ نَفْسِهِ، وَكِلَا الْوَجْهَيْنِ خَالٍ عَنْ أَجَلِ السَّلَمِ.
قَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: فِي رَعْيٍ أَنْ يَمُرَّ بَيْنَ عَقْدِ السَّلَمِ وَالِاقْتِضَاءِ مِقْدَارُ أَجَلِ السَّلَمِ طَرِيقَانِ لِلْأَشْيَاخِ، وَكَذَا يَخْتَلِفُ فِي رَعْيِ بَقَاءِ أَجَلِهِ مِنْ وَقْتِ الِاقْتِضَاءِ لِحُلُولِ أَجَلِ السَّلَمِ إذَا اعْتَاضَ عَلَى الِاقْتِضَاءِ. اُنْظُرْ أَوَّلَ السَّلَمِ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَرُدَّ زَائِفٌ " (وَأَنْ يُسْلَمَ فِيهِ رَأْسُ السَّلَمِ) الْبَاجِيُّ: يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ يَعْنِي مِنْ الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مَا يَأْخُذُ فِيهِ يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ وَلَا يَجُوزُ عَلَى غَيْرِ هَذَا.
وَقَالَ أَيْضًا فِي بَابٍ آخَرَ: مَنْ أَسْلَمَ عَيْنًا فِي حَيَوَانٍ أَوْ فِي شَيْءٍ غَيْرِ الطَّعَامِ ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ بَائِعِهِ قَبْلَ التَّفَرُّقِ وَقَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْهُ إلَّا بِمَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ فِي الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُسْلَمَ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ فَيَتَحَرَّزَ مِنْ الْأَمْرَيْنِ. وَأَمَّا بَعْدَ الْأَجَلِ فَإِنَّمَا يُرَاعَى فِيهِ مَعْنًى وَاحِدٌ وَهُوَ أَنْ يَجُوزَ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ فِيمَا أَخَذَ، لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ حِينَئِذٍ بِمَنْزِلَةِ النَّقْدِ لَا يَفْسُدُ فِيهِ إلَّا مَا يَفْسُدُ مَعَ النَّقْدِ، فَإِنْ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ لَمْ يُرَاعَ رَأْسُ الْمَالِ فَيَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ دَنَانِيرَ وَيَبِيعَ الْمُسْلَمَ فِيهِ مِنْ أَجْنَبِيٍّ بِوَرِقٍ أَوْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ لَا يُرَاعَى مِنْ الْبَيْعِ مِنْ زَيْدٍ مَا اُبْتِيعَ مِنْ عَمْرٍو، وَأَمَّا الْمُسْلَمُ فِيهِ فَيُرَاعَى لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ مِنْ الثَّمَنِ عِوَضُ مَا يَبِيعُهُ (لَا طَعَامٌ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " إنْ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ " وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ مُحْرِزٍ.
وَمِنْ رَسْمِ أَسْلَمَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ السَّلَمِ إذَا بَاعَ طَعَامًا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ بِثَمَنِهِ زَيْتًا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا. وَانْظُرْ إذَا بَاعَ الدَّيْنَ مِنْ غَيْرِ مَنْ هُوَ عَلَيْهِ قَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ جَائِزٌ بَيْعُ ذَلِكَ كُلِّهِ مِنْ غَيْرِ بَائِعِكَ إلَخْ.
وَقَالَ الْغَرْنَاطِيُّ: لَا يَجُوزُ بَيْعُ الدَّيْنِ إلَّا بِأَرْبَعَةِ شُرُوطٍ: أَنْ لَا يَكُونَ طَعَامًا بِعَرْضٍ، وَأَنْ يَكُونَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّيْنُ حَاضِرًا مُقِرًّا بِهِ وَيُبَاعَ بِغَيْرِ جِنْسِهِ، وَكَوْنُ الثَّمَنِ نَقْدًا، وَأَنْ لَا يَكُونَ الْمُبْتَاعُ عَدُوًّا لِلْغَرِيمِ. الْبُرْزُلِيِّ: وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ عُرُوضًا، فَهَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَبْقَى مِثْلُ أَجَلِ السَّلَمِ مِنْ أَجَلِهِ، أَوْ لَيْسَ مِنْ شَرْطِهِ ذَلِكَ؟ وَأَخْذُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (وَلَحْمٍ بِحَيَوَانٍ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " وَبَيْعُهُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً ".
(وَذَهَبٍ وَرَأْسُ الْمَالِ وَرِقٌ وَعَكْسُهُ) هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ " وَأَنْ يُسْلَمَ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ ". ابْنُ مُحْرِزٍ: مِنْ شَرْطِ جَوَازِ اقْتِضَاءِ غَيْرِ جِنْسِ مَا أَسْلَمَ فِيهِ بَيْعُهُ بِالْمُقْتَضَى فَيُمْنَعُ وَرَأْسُ الْمَالِ ذَهَبٌ وَالْمُقْتَضَى عَنْ غَيْرِ الطَّعَامِ فِضَّةٌ وَالْعَكْسُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلْبَاجِيِّ أَنَّ غَيْرَ هَذَا الشَّرْطِ لَا يُرَاعَى إنْ بَاعَهُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ، وَكَذَا أَيْضًا لَا يُرَاعَى هَذَا الشَّرْطُ فِي الْقَرْضِ وَإِنْ بَاعَهُ مِمَّنْ هُوَ عَلَيْهِ إلَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ حُلُولِهِ.
اُنْظُرْ آخِرَ فَصْلٍ مِنْ كِتَابِ الْحَوَالَةِ مِنْ الْمُتَيْطِيُّ (وَجَازَ بَعْدَ أَجَلِهِ الزِّيَادَةُ لِيَزِيدَهُ طُولًا كَقَبْلِهِ إنْ عَجَّلَ دَرَاهِمَهُ وَغَزْلٌ يَنْسِجُهُ) ابْنُ شَاسٍ: إنْ زَادَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ أَعْطَاهُ أَزْيَدَ فِي الثَّوْبِ طُولًا أَوْ عَرْضًا جَازَ إنْ عَجَّلَ الدَّرَاهِمَ. قَالَ فِي الْكِتَابِ: لِأَنَّهُمَا صَفْقَتَانِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَكِلَاهُمَا وَهِمَ إنَّمَا قَالَ: هُمَا صَفْقَتَانِ إنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْأَجَلِ. مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ أَسْلَمْتَ إلَى رَجُلٍ فِي ثَوْبٍ مَوْصُوفٍ فَزِدْتَهُ بَعْدَ الْأَجَلِ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يُعْطِيَكَ ثَوْبًا أَطْوَلَ مِنْهُ مِنْ صِنْفِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ جَازَ إذَا تَعَجَّلْتَ ذَلِكَ. ابْنُ يُونُسَ: وَكَأَنَّكَ أَعْطَيْتَ فِيهِ الدَّرَاهِمَ الَّذِي زِدْتَ وَالثَّوْبَ الَّذِي أَسْلَمْتَ فِيهِ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، وَإِنْ تَأَخَّرَ ذَلِكَ كَانَ بَيْعًا وَسَلَفًا تَأْخِيرُهُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ سَلَفٌ وَالزِّيَادَةُ بَيْعٌ بِالدَّرَاهِمِ. وَلَوْ أَعْطَاهُ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهِ مُؤَخَّرًا كَانَ الدَّيْنُ بِالدَّيْنِ وَكَأَنَّهُ مَلَكَ تَعْجِيلَ ثَوْبِهِ فَتَأْخِيرُهُ بِهِ سَلَفٌ وَالزِّيَادَةُ بَيْعٌ بِالدَّرَاهِمِ الَّتِي يُعْطِيهِ.
قَالَ مَالِكٌ: وَإِنْ زَادَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ دَرَاهِمَ نَقْدًا عَلَى إنْ زَادَهُ فِي طُولِ ثَوْبِهِ جَازَ لِأَنَّهُمَا صَفْقَتَانِ.
ابْنُ يُونُسَ: وَذَلِكَ إذَا كَانَ قَدْ بَقِيَ لِلْأَجَلِ مِثْلُ أَجَلِ السَّلَمِ فَأَكْثَرُ لِأَنَّهَا صَفْقَةٌ ثَانِيَةٌ، وَلَوْ زَادَهُ عَلَى أَنْ أَعْطَاهُ خِلَافَ الصِّفَةِ لَمْ يَجُزْ وَيَدْخُلُهُ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ لِأَنَّهُ نَقَلَهُ عَمَّا أَسْلَمَهُ إلَيْهِ فِيهِ إلَى مَا لَا يَتَعَجَّلُهُ بِخِلَافِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الَّتِي زَادَ قَبْلَ الْأَجَلِ فَإِنَّهُ فِيهَا لَمْ يُخْرِجْهُ عَنْ الصِّفَةِ لِأَنَّهُ أَبْقَى الْأَذْرُعَ الْمُشْتَرَطَةَ، وَإِنَّمَا زَادَهُ فِي الطُّولِ فَالزِّيَادَةُ صَفْقَةٌ ثَانِيَةٌ.
قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ إنْ دَفَعْتَ إلَيْهِ غَزْلًا يَنْسِجُهُ ثَوْبًا سِتَّةَ أَذْرُعٍ فِي ثَلَاثَةٍ، ثُمَّ زِدْتَهُ دَرَاهِمَ وَغَزْلًا عَلَى أَنْ يَزِيدَكَ فِي عَرْضٍ أَوْ طُولٍ فَلَا بَأْسَ لِأَنَّهُمَا صَفْقَتَانِ اهـ.
مِنْ ابْنِ يُونُسَ عَلَى تَرْتِيبِهِ وَمَسَاقِهِ. فَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْفِقْهَ هُوَ الَّذِي اخْتَصَرَ خَلِيلٌ، وَانْظُرْ أَنْتَ فِي تَنْزِيلِ كَلَامِهِ عَلَيْهِ (لَا أَعْرَضَ أَوْ أَصْفَقَ)
قَالَ الْبَاجِيُّ: إنْ زَادَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يَزِيدَهُ فِي الصَّفَاقَةِ وَالطُّولِ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: لَا يَجُوزُ لِأَنَّهُ نَقَلَهُ إلَى صِفَةٍ أُخْرَى.
قَالَ ابْنُ زَرْقُونٍ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَكَ فِي الْعَرْضِ. ابْنُ عَرَفَةَ: إنْ أَرَادَ مَعَ الزِّيَادَةِ فِي الصَّفَاقَةِ فَصَوَابٌ، وَإِنْ أَرَادَ دُونَهَا فَفِيهِ نَظَرٌ اهـ.
فَانْظُرْ أَنْتَ أَيْضًا هَذَا. وَانْظُرْ قَدْ أَجَازَ فِي مَسْأَلَةِ الْغَزْلِ يَنْسِجُهُ أَنْ يَزِيدَهُ فِي الْعَرْضِ، فَهَلْ كَذَلِكَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى الَّتِي قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِيهَا إنَّهُ أَبْقَى الْأَذْرُعَ الْمُشْتَرَطَةَ وَإِنَّمَا زَادَ فِي الطُّولِ فَيَكُونُ كَذَلِكَ أَيْضًا إذَا زَادَهُ فِي الْعَرْضِ أَوْ فِي
هَذَا يَكُونُ النَّظَرُ الَّذِي قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ. وَقَالَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ: وَالْحَقُّ إنْ كَانَ الثَّوْبُ لِلتَّفْصِيلِ بِزِيَادَةِ الْعَرْضِ كَالطُّولِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ يَصِيرُ الْعَرْضُ صِفَةً فِيهِ.
(وَلَا يَلْزَمُ دَفْعُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ وَلَوْ خَفَّ حَمْلُهُ) ابْنُ يُونُسَ: إنْ أَتَى الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الْمُشْتَرَطِ فِيهِ الْقَضَاءُ وَالدَّيْنُ عَيْنٌ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ