المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل بيع المرابحة] - التاج والإكليل لمختصر خليل - جـ ٦

[محمد بن يوسف المواق]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ] [

- ‌الْقَسْم الْأَوَّل فِي صِحَّة الْبَيْع وَفَسَاده] [

- ‌بَاب فِي أَرْكَان الْبَيْع]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[حُكْمِ الرِّبَا فِي الْمَطْعُومَاتِ]

- ‌[بَاب فِي فَسَادِ الْعَقْدِ مِنْ جِهَةِ نَهْيِ الشَّارِعِ عَنْهُ]

- ‌[مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ قَبْضٍ أَوْ فَوَاتٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَاسِدِ مِنْ جِهَةِ تَطَرُّقِ التُّهْمَةِ إلَى الْمُتَعَاوِضَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِينَةِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ فِي لُزُومِ الْعَقْدِ وَجَوَازِهِ] [

- ‌فَصْلٌ فِي الْخِيَار] [

- ‌خِيَارُ التَّرَوِّي]

- ‌[خِيَارُ النَّقِيصَةِ]

- ‌[مُبْطِلَاتُ الْخِيَارِ وَمَوَانِعُهُ]

- ‌[فَصْلٌ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَاف الْمُتَبَايِعَانِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ]

- ‌[كِتَابُ السَّلَمِ] [

- ‌بَابٌ فِي شُرُوط السَّلَم وَأَدَاء الْمُسْلِم فِيهِ وَالنَّظَر فِي صفته]

- ‌[فَصْلٌ قَرْضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ]

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْكُنَ أَوْ يُكْرِيَ]

- ‌[اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ]

- ‌[وَكَّلَ وَكِيلًا بِبَيْعِ رَهْنٍ وَقَضَى دَيْنَهُ مِنْ ثَمَنِهِ]

- ‌[هَلْ يَفْتَقِرُ الرَّهْنُ لِلتَّصْرِيحِ بِهِ أَمْ لَا]

- ‌[هَلَكَ الرَّهْنُ وَجُهِلَتْ صِفَتُهُ]

- ‌[كِتَابُ التَّفْلِيسِ] [

- ‌أَحْكَام الْحَجَر عَلَى الْمُفْلِس]

- ‌[بَيْعُ آلَةِ الصَّانِعِ إذَا فَلَّسَ]

- ‌[حَبَسَ الْمُفْلِس]

- ‌[حَبْسُ مَنْ تَقَعَّدَ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ وَادَّعَى الْعَدَمَ فَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ]

- ‌[مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ الرُّجُوعُ إلَى عَيْنِ الْمَالِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ] [

- ‌أَسْبَاب الْحَجَر]

- ‌[وَصِيَّةُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ وَأَقَلَّ مِمَّا يُقَارِبُهَا]

- ‌[لَا حَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ فِي اسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ وَنَفْيِهِ]

- ‌[تَصَرُّفَات الصَّغِير قَبْل الْحَجَر]

- ‌[الْحَجَر بِسَبَبِ الرِّقّ]

- ‌[أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلِيِّهِ]

- ‌[بَيْعُ الْمَأْذُونِ أُمَّ وَلَدِهِ]

- ‌[الْحَجَر عَلَى الْمَرِيض]

- ‌[الْحَجَر عَلَى الزَّوْجَة]

الفصل: ‌[فصل بيع المرابحة]

الْمُنَاجَزَةُ الصَّرْفُ، ثُمَّ الْإِقَالَةُ مِنْ الطَّعَامِ وَالتَّوْلِيَةُ فِيهِ، ثُمَّ الْإِقَالَةُ مِنْ الْعُرُوضِ، وَفَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدِّينِ ثُمَّ بَيْعُ الدَّيْنِ. اللَّخْمِيِّ: إنْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ شَيْئًا مُعَيَّنًا عَبْدًا أَوْ ثَوْبًا فَأَقَالَهُ عَلَى أَنْ لَا يَقْبِضَهُ إلَّا إلَى يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ فِي الطَّعَامِ. وَيَخْتَلِفُ فِي الْعُرُوضِ فَيُمْنَعُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَدْخُلُ عِنْدَهُ فِيهِ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ، وَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ وَهُوَ أَحْسَنُ. وَاخْتُلِفَ فِي التَّأْخِيرِ فِي بَيْعِ الدَّيْنِ، فَمَنَعَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَجَازَ مُحَمَّدٌ تَأْخِيرَهُ الْيَوْمَيْنِ وَهُوَ أَصْوَبُ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ بَيْعِ الدَّيْنِ وَعَقْدِ الدَّيْنِ وَهُوَ السَّلَمُ وَفِي الصُّلْحِ. مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَهُ إذَا أَخَذَ طَعَامًا عَلَى دَنَانِيرَ أَنْ يَتَأَخَّرَ كَيْلُهُ إلَى غَدٍ.

[فَصْلٌ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ]

(وَجَازَ مُرَابَحَةً) ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَذْهَبُ جَوَازُ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ. وَمَالَ الْمَازِرِيُّ لِمَنْعِهِ إنْ افْتَرَقَتْ جُمْلَةُ أَجْزَاءِ الرِّبْحِ لِفِكْرَةٍ حِسَابِيَّةٍ (وَالْأَحَبُّ خِلَافُهُ) ابْنُ رُشْدٍ: الْبَيْعُ عَلَى الْمُكَايَسَةِ وَالْمُمَاكَسَةِ أَحَبُّ إلَى أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَحْسَنُ عِنْدَهُمْ اهـ. وَانْظُرْ مُقْتَضَى مَا تَقَدَّمَ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَهَلْ إلَّا أَنْ يَسْتَسْلِمَ " وَعِنْدَ قَوْلِهِ: " وَجُزَافٍ إنْ رُئِيَ " كَانَ بَيْعُ مَا لَمْ يُسَعَّرْ عَلَيْهِمْ كَالتُّجَّارِ بِنَحْوِ الْقَيْسَارِيَّةِ وَالسَّقَّاطِينَ مُكَايَسَةً مُخَادَعَةً

فَتَحَ بَعْضُ طُلَّابِ الْعِلْمِ حَانُوتًا بِالسَّقَّاطِينَ وَطَلَبَ ثَلَاثِينَ مِثْقَالًا فِي حَاجَةٍ وَرُئِيَ بِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ أَنْ يَقُومَ بِشُرُوطِ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ، ثُمَّ أَبْرَمَ الْبَيْعَ بِسَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ مِثْقَالًا وَكَانَتْ تِلْكَ الْحَاجَةُ بِيعَتْ مُزَايَدَةً بِنَحْوِ اثْنَيْ عَشَرَ مِثْقَالًا فَشَعَرَ بِذَلِكَ الْأَمِينُ فَرَفَعَهُ إلَيَّ فَقُلْت: هَذَا مَكْرٌ وَخَدِيعَةٌ. وَالْحَقُّ أَنْ يُبَيِّنَ التَّاجِرُ الْقَدْرَ الَّذِي يُذْكَرُ كَمَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَجَهْلٍ بِمَثْمُونٍ " أَنَّهُ إذَا اشْتَرَى مَكِيلًا فَأَخَذَ مِنْهُ قَدْرًا جَهِلَهُ أَنَّهُ لَا يَبِيعُ الْبَاقِي جُزَافًا حَتَّى يَقُولَ لِلْمُشْتَرِي كَانَ كَيْلُهُ كَذَا وَأَخَذْتُ مِنْهُ نَحْوَ كَذَا وَنَسِيتُ. وَعِبَارَةُ ابْنِ سَهْلٍ: وَأَخَذَ نَوَالَهُ الْمُرَادُ فِي الْمُرَابَحَةِ اسْتِوَاءً عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُشْتَرِي.

(وَلَوْ عَلَى مُقَدَّمٍ وَهَلْ

ص: 432

مُطْلَقًا أَوْ إنْ كَانَ عِنْدَ الْمُشْتَرِي؟ تَأْوِيلَانِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ ابْتَاعَ بِمَا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَلَيْسَ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي الْمُرَابَحَةِ، وَيَضْرِبُ الرِّبْحَ عَلَى مَا أَحَبَّ مِمَّا عَقَدَ عَلَيْهِ أَوْ نَقَدَ إذَا وَصَفَ ذَلِكَ، يُرِيدُ إذَا كَانَ الطَّعَامُ الَّذِي عَقَدَ بِهِ الْبَيْعَ جُزَافًا لِأَنَّهُ إذَا كَانَ مَكِيلًا بِنَقْدِ غَيْرِهِ دَخَلَهُ بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ إنْ نَقَدَ فِي الْعَيْنِ ثِيَابًا جَازَ أَنْ يَرْبَحَ عَلَيْهَا إذَا وَصَفَهَا لَا عَلَى قِيمَتِهَا كَمَا أَجَزْنَا لِمَنْ ابْتَاعَ بِطَعَامٍ أَوْ عَرْضٍ أَنْ يَبِيعَ مُرَابَحَةً عَلَيْهَا إذَا وَصَفَهَا. ابْنُ يُونُسَ: يُرِيدُ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَقْصِدَا الْبَيْعَ مَا لَيْسَ عِنْدَك وَلَا إرَادَةَ أَنْ لَا تَرَى أَنَّهُمْ اتَّفَقُوا فِي الشِّقْصِ الْمَبِيعِ بِشَيْءٍ مِنْ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ أَنَّ لِلشَّفِيعِ أَنْ يَأْخُذَ بِمِثْلِ ذَلِكَ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ وَإِلَّا أَخَذَ بِالشُّفْعَةِ كَبَيْعٍ ثَانٍ، وَلَمْ يَجْعَلُوا ذَلِكَ مِنْ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَك إذَا لَمْ يَقْصِدْ إلَيْهِ، فَهَذَا يُقَوِّي قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُرَابَحَةِ وَقَالَهُ بَعْضُ فُقَهَائِنَا.

وَقَالَ غَيْرُهُ: مَعْنَى ذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالْمِثْلُ قَائِمٌ عِنْدَهُ.

(وَحُسِبَ رِبْحُ مَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ كَصَبْغٍ) ابْنُ رُشْدٍ: بَيْعُ الْمُرَابَحَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ: الْوَجْهُ الْوَاحِدُ أَنْ يُبَايِعَهُ عَلَى أَنْ يُرْبِحَهُ لِلدِّرْهَمِ دِرْهَمًا وَلِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَا وَأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ مِمَّا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ، فَهَذَا مَا كَانَ فِي السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ مِمَّا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ كَالصَّبْغِ وَالْكَمْدِ وَالْفَتْلِ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَنِ يُحْسَبُ وَيُحْسَبُ لَهُ الرِّبْحُ.

وَأَمَّا مَا لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ، فَإِنْ كَانَ لَا يَخْتَصُّ بِالْمُبْتَاعِ فَلَا يُحْسَبُ فِي الثَّمَنِ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ كَنَفَقَةِ وَكِرَاءِ رُكُوبِهِ وَكِرَاءِ بَيْتِهِ، وَإِنْ خَزَّنَ الْمَتَاعَ فِيهِ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ أَنْ يُخَزِّنَ الرَّجُلُ مَتَاعَهُ فِي بَيْتِ سُكْنَاهُ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ مِمَّا يَخْتَصُّ بِالْمُبْتَاعِ وَهُوَ مِمَّا يَتَوَلَّاهُ التَّاجِرُ بِنَفْسِهِ وَلَا يَسْتَأْجِرُ عَلَيْهِ غَالِبًا كَشِرَاءِ الْمَتَاعِ وَشَدِّهِ وَطَيِّهِ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا فَاسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ لَا يُحْسَبُ فِي رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ يَقُولُ لَهُ لَا يَلْزَمُنِي ذَلِكَ لِأَنَّك إنَّمَا اسْتَأْجَرْت مَنْ يَنُوبُ عَنْك فِيمَا جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ تَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِك فَلَا يَجِبُ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ.

وَإِنْ كَانَ هَذَا الَّذِي يَخْتَصُّ بِالْمُبْتَاعِ مِمَّا لَا يَتَوَلَّاهُ التَّاجِرُ بِنَفْسِهِ كُلَّ الْمَتَاعِ وَنَفَقَةَ الرَّقِيقِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ فِي أَصْلِ الثَّمَنِ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ فَيَجِبُ عَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى مِنْ الْمَتَاعِ لَا مَا يَعْلَمُ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ إلَّا بِوَاسِطَةٍ وَسِمْسَارٍ تَجْرِي الْعَادَةُ بِذَلِكَ، أَوْ اكْتَرَى مَنْزِلًا لِيُخَزِّنَ فِيهِ الْمَتَاعَ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ أَنْ

ص: 433

يُحْسَبَ فِي أَصْلِ الثَّمَنِ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ. وَهَذَا إذَا بَيَّنَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا فَقَالَ اشْتَرَيْتُ هَذِهِ السِّلْعَةَ كُلَّهَا بِكَذَا وَصَبَغْتُهَا بِكَذَا وَأُكْرِيَتْ عَلَيْهَا بِكَذَا وَأَعْطَيْت عَلَيْهَا لِلسِّمْسَارِ كَذَا فَأَبِيعُكهَا بِرِبْحٍ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ الْعَمَلُ عَلَى هَذَا وَيَنْظُرُ إلَى مَا سَمَّى مِمَّا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ فَيُحْسَبُ وَيُحْسَبُ لَهُ الرِّبْحُ وَمَا لَمْ تَكُنْ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ إلَّا أَنْ يَخْتَصَّ بِالْمَتَاعِ، وَلَا يَتَوَلَّاهُ التَّاجِرُ بِنَفْسِهِ فَإِنَّهُ يُحْسَبُ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ إنْ كَانَ يَتَوَلَّاهُ التَّاجِرُ بِنَفْسِهِ أَوْ لَا يَخْتَصُّ بِالْمَتَاعِ فَإِنَّهُ لَا يُحْسَبُ لَهُ رَأْسًا، وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْبَائِعُ أَنْ يُرْبِحَهُ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ بَعْدَ أَنْ يُسَمِّيَهُ وَيُبَيِّنَهُ فَيَجُوزُ ذَلِكَ.

وَأَمَّا إنْ قَالَ: قَامَتْ عَلَيَّ هَذِهِ السِّلْعَةُ بِكَذَا وَكَذَا وَأَبِيعُكهَا بِرِبْحٍ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَلَمْ يُبَيِّنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ، فَالْعَقْدُ عَلَى هَذَا فَاسِدٌ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَدْرِي كَمْ رَأْسُ الْمَالِ الَّذِي يَجِبُ لَهُ الرِّبْحُ وَكَمْ أُضِيفَ إلَيْهِ مِمَّا يُحْسَبُ وَلَا يَحْسُبُهُ لَهُ رِبْحٌ وَمِمَّا لَا يُحْسَبُ رَأْسًا وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ، وَهَذَا جَهْلٌ بَيِّنٌ فِي الثَّمَنِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ خِلَافًا لِمَا فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ

وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي مِنْ وُجُوهِ الْمُرَابَحَةِ وَهُوَ أَنْ يَبِيعَ بِرِبْحٍ مُسَمًّى عَلَى جُمْلَةِ الثَّمَنِ، فَإِنْ سَمَّى أَيْضًا مَا اشْتَرَاهَا بِهِ وَمَا أَنْفَقَ عَلَيْهَا فِيمَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَفِيمَا لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ مِمَّا يُحْسَبُ أَوْ لَا يُحْسَبُ، جَازَ الْبَيْعُ وَطُرِحَ عَنْ الْمُبْتَاعِ مَا لَا يُحْسَبُ رَأْسًا كَنَفَقَتِهِ وَكِرَاءِ بَيْتِهِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ إلَّا لِمَنْ يَشْتَرِطُ أَنْ يَحْسِبَ ذَلِكَ فَيَجُوزُ. وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ قَامَتْ عَلَيَّ هَذِهِ السِّلْعَةُ بِكَذَا وَكَذَا عَلَى مَا فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ جَهِلَ بِالثَّمَنِ وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ. وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا فِيمَا لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ كَالصَّبْغِ وَالْكَمْدِ وَالْفَتْلِ أَنْ يُبَيِّنَ فَيَقُولَ اشْتَرَيْت بِكَذَا وَصَبَغْت بِكَذَا وَكَذَا فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا بَاعَ بِرِبْحٍ مُسَمًّى عَلَى جُمْلَةِ الثَّمَنِ أَنَّ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ وَقَالَ شِرَاءُ هَذِهِ السِّلْعَةِ بِعَشَرَةٍ وَقَدْ كَانَ اشْتَرَاهَا بِخَمْسَةٍ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ. وَذَهَبَ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونِسِيُّ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ كَسِلْعَتَيْنِ بَاعَهُمَا مُرَابَحَةً صَفْقَةً وَاحِدَةً وَقَدْ كَانَ اشْتَرَاهُمَا فِي صَفْقَتَيْنِ (وَطَرْزٍ وَقَصْرٍ وَخِيَاطَةٍ وَكَمْدٍ وَفَتْلٍ وَتَطْرِيَةٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الْكَمْدَ وَالْفَتْلَ كَالصَّبْغِ. وَعِبَارَةُ ابْنِ عَرَفَةَ: ثَمَنُ مَا زِيدَ فِي الثَّمَنِ وَلَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ مِثْلُ الثَّمَنِ فِيهَا كَالصَّبْغِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْقِصَارَةِ، وَفِي الْوَاضِحَةِ وَالطَّرْزِ. الْمَازِرِيُّ وَالتَّطْرِيَةِ.

(وَأَصْلُ مَا زَادَ فِي الثَّمَنِ كَحُمُولَةٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ: مَا كَانَ فِي السِّلْعَةِ الْمَبِيعَةِ مِمَّا لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ وَكَانَ مِمَّا يَخْتَصُّ بِالْمَتَاعِ وَمِمَّا يَسْتَنِيبُ التَّاجِرُ عَلَيْهِ غَالِبًا وَلَا يَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِهِ كَحَمْلِ الْمَتَاعِ وَنَفَقَةِ الرَّقِيقِ، فَإِنَّهُ يُحْسَبُ فِي أَصْلِ الثَّمَنِ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ عَيْنٌ قَائِمَةٌ فِيهَا يُحْسَبُ كِرَاءُ الْحُمُولَةِ وَالنَّفَقَةِ عَلَى الرَّقِيقِ وَالْحَيَوَانِ، وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ إلَّا أَنْ يَرْبَحَهُ عَلَيْهِ.

(وَشَدٍّ وَطَيٍّ اُعْتِيدَ أُجْرَتُهُمَا

ص: 434

وَكِرَاءِ بَيْتٍ لِسِلْعَةٍ وَإِلَّا لَمْ يُحْسَبْ كَسِمْسَارٍ لَمْ يُعْتَدْ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ الشَّدَّ وَالطَّيَّ لَا يُحْسَبُ فِي رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ الْمُبْتَاعَ يَقُولُ جَرَتْ الْعَادَةُ أَنْ تَتَوَلَّاهُ بِنَفْسِك فَلَا يَجِبُ عَلَيَّ شَيْءٌ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: فَعَلَى هَذَا إذَا اشْتَرَى مَا لَا يُشْتَرَى إلَّا بِسِمْسَارٍ أَوْ اكْتَرَى مَنْزِلًا لَوْلَا الْمَتَاعُ لَمْ يَحْتَجْ لِذَلِكَ الْمَنْزِلِ أَنْ يُحْسَبَ فِي أَصْلِ الثَّمَنِ وَلَا يُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ.

اُنْظُرْهُ مَبْسُوطًا قَبْلَ هَذَا، وَانْظُرْ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ فِي السِّمْسَارِ الْمُحْتَاجِ إلَيْهِ عَادَةً أَنَّ أُجْرَتَهُ تُحْسَبُ وَلَا يُضْرَبُ لَهُ رِبْحٌ، وَنَحْوُهُ لِابْنِ أَبِي زَيْدٍ. وَاَلَّذِي لِابْنِ مُحْرِزٍ أَنَّهَا كَالصَّبْغِ يُحْسَبُ أَجْرُهُ وَيُحْسَبُ لَهُ رِبْحٌ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: السِّمْسَارُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى الشِّرَاءَ وَيُسَمَّى الْجُلَّاسَ يَأْخُذُ عِوَضًا مِنْ الْمُشْتَرِي، وَأَمَّا الَّذِي يَتَوَلَّى الْبَيْعَ لِلْبَائِعِ فَإِنَّ أُجْرَتَهُ عَلَى الْبَائِعِ وَهُوَ مِنْ الثَّمَنِ لَا شَكَّ فِيهِ اهـ.

وَانْظُرْ اللَّازِمَ الْمَخْزَنِيَّ ذَكَرَ الشَّيْخُ رحمه الله فِي تَرْجَمَةٍ قَالَ (إنْ بَيَّنَ الْجَمِيعَ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي كُلِّ وَجْهٍ مِنْ وَجْهَيْ الْمُرَابَحَةِ أَنْ يُبَيِّنَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا.

وَقَالَ عِيَاضٌ: مِنْ وُجُوهِ الْمُرَابَحَةِ أَنْ يُبَيِّنَ جَمِيعَ مَا لَزِمَهَا مِمَّا يُحْسَبُ وَمَا لَا يُحْسَبُ مُفَصَّلًا أَوْ مُجْمَلًا. وَيُشْتَرَطُ ضَرْبُ الرِّبْحِ عَلَى الْجَمِيعِ، فَهَذَا صَحِيحٌ لَازِمٌ لِلْمُشْتَرِي فِيمَا يُحْسَبُ وَمَا لَا يُحْسَبُ لِأَنَّ عَلَى هَذَا وَقَعَ الشِّرَاءُ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ:" إلَّا أَنْ يُرْبِحَهُ فِي ذَلِكَ فَلَا بَأْسَ بِهِ ". وَذَكَرَ عِيَاضٌ وَجْهًا آخَرَ قَسِيمًا لِهَذَا وَهُوَ أَنْ يُبَيِّنَ جَمِيعَ مَا لَزِمَ السِّلْعَةَ مِمَّا يُحْسَبُ وَمَا لَا يُحْسَبُ، وَيُفَسِّرَ مَا يُحْسَبُ وَيَرْبَحُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يَرْبَحُ عَلَيْهِ وَمَا لَا يُحْسَبُ جُمْلَةً، ثُمَّ يَضْرِبُ الرِّبْحَ عَلَى مَا يَجِبُ ضَرْبُهُ عَلَيْهِ خَاصَّةً، فَهَذَا صَحِيحٌ جَائِزٌ أَيْضًا عَلَى مَا عَقَدَاهُ.

(أَوْ فَسَّرَ الْمُؤْنَةَ فَقَالَ: هِيَ بِمِائَةٍ أَصْلُهَا كَذَا وَحَمْلُهَا كَذَا أَوْ عَلَى الْمُرَابَحَةِ وَبَيَّنَ كَرِبْحٍ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ وَلَمْ يُفَصِّلَا مَا لَهُ الرِّبْحُ) اُنْظُرْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَمُقْتَضَى مَا يَتَقَرَّرُ أَنَّهَا وَجْهٌ وَاحِدٌ.

قَالَ عِيَاضٌ: مِنْ وُجُوهِ الْمُرَابَحَةِ أَنْ يُفَسِّرَ الْمُؤْنَةَ فَيَقُولَ هِيَ عَلَيَّ بِمِائَةٍ، رَأْسُ مَالِهَا كَذَا، وَلَازَمَهَا فِي الْحَمْلِ كَذَا، وَفِي الصَّبْغِ وَالْقِصَارَةِ كَذَا، وَفِي الشَّدِّ وَالطَّيِّ كَذَا، وَبَاعَهَا عَلَى الْمُرَابَحَةِ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشْرَةَ وَلَمْ يُفَصِّلَا وَلَا شَرَطَا مَا يُوضَعُ عَلَيْهِ الرِّبْحُ مِمَّا لَا يُوضَعُ وَلَا مَا يُحْسَبُ مِمَّا لَا يُحْسَبُ، فَمَذْهَبُهُمْ جَوَازُ هَذَا، وَقَصْرُ الرِّبْحِ عَلَى مَا يَجِبُ وَإِسْقَاطُ مَا لَا يُحْسَبُ فِي الثَّمَنِ وَفِي هَذَا نَظَرٌ، لِأَنَّ الْبَائِعَ وَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ وَبَيَّنَهُ لِلْمُشْتَرِي فَقَدْ يَجْهَلَانِ الْحُكْمَ وَمَا يَجِبُ حِسَابُهُ وَمَا لَا يَجِبُ، وَمَا يَجِبُ لَهُ الرِّبْحُ وَمَا لَا يُجِيبُ، فَتَقَعُ الْجَهَالَةُ فِي الثَّمَنِ، وَأَشَارَ إلَى هَذَا أَبُو إِسْحَاقَ، وَلَعَلَّ قَوْلَهُمْ بِالْجَوَازِ لِأَنَّهُمَا ظَنَّا أَنَّ هَذَا الْحُكْمُ وَلَمْ يَقْصِدَا فَسَادًا (وَزِيدَ عُشْرُ الْأَصْلِ) وَأَمَّا قَوْلُهُ: بِرِبْحِ الْعَشَرَةِ اثْنَيْ عَشَرَ فَيُزَادُ خُمْسُ الْأَصْلِ (وَالْوَضِيعَةُ كَذَلِكَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَتَجُوزُ الْمُرَابَحَةُ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ. ابْنُ يُونُسَ: تَفْسِيرُ ذَلِكَ كَأَنَّهُ قَالَ: تَرْبَحُ لِكُلِّ عَشَرَةِ دَرَاهِمَ مِنْ الثَّمَنِ دِرْهَمًا قَالَ:

ص: 435

وَيَجُوزُ الْبَيْعُ بِوَضِيعَةٍ لِلْعَشَرَةِ أَحَدَ عَشَرَ وَيُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا فَيَحُطُّ عَنْهُ جُزْءًا مِنْهَا وَكَأَنَّهُ قَالَ: مَا ابْتَعْته بِأَحَدَ عَشَرَ تَأْخُذُهُ بِعُشْرِهِ. وَأَصْلُ مَعْرِفَةِ هَذَا أَنْ تَنْظُرَ الزَّائِدَ عَلَى الْعَشَرَةِ مِنْ قِيمَةِ الْوَضِيعَةِ فَتَنْسِبُهُ مِنْ الْوَضِيعَةِ، فَمِثْلُ ذَلِكَ الْجُزْءِ تَحُطُّ مِنْ الثَّمَنِ فَفِي هَذَا الْمِثَالِ زَادَتْ الْأَحَدَ عَشَرَ عَلَى الْعَشَرَةِ وَاحِدًا فَتَنْسُبُهُ مِنْ الْأَحَدَ عَشَرَ فَتَحُطُّ مِنْ الثَّمَنِ جُزْءًا مِنْ أَحَدَ عَشَرَ.

(لَا أَبْهَمَ كَقَامَتْ بِكَذَا أَوْ قَامَتْ بِشَدِّهَا وَطَيِّهَا بِكَذَا أَوْ لَمْ يُفَصِّلْ) عِيَاضٌ: مِنْ أَوْجُهِ الْمُرَابَحَةِ أَنْ يُبْهِمَ فِيهِ النَّفَقَةَ بَعْدَ تَسْمِيَتِهَا فَيَقُولَ: قَامَتْ عَلَيَّ بِشَدِّهَا وَطَيِّهَا وَحَمْلِهَا وَصَبْغِهَا وَيُفَسِّرَهَا فَيَقُولَ مِنْهَا عَشَرَةٌ فِي مُؤْنَةٍ وَلَا يُفَسِّرُ الْمُؤْنَةَ فَهَذِهِ أَيْضًا فَاسِدَةٌ.

قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ: وَيَفْسَخُ. وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ: جَوَازُ مِثْلِ هَذَا اهـ. اُنْظُرْ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ قَبْلَ قَوْلِهِ: وَطَرْزٍ

(وَهَلْ هُوَ كَذِبٌ أَوْ غِشٌّ؟ تَأْوِيلَانِ) عِيَاضٌ: ثُمَّ اخْتَلَفُوا إذَا بَاعَ وَلَمْ يُبَيِّنْ مَا يُحْسَبُ لَهُ فِيهِ رِبْحٌ وَفَاتَ الْمَبِيعُ، هَلْ الْمَسْأَلَةُ مِنْ بَابِ الْغِشِّ؟ لِأَنَّ هَذَا لَمْ يَكْذِبْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ ثَمَنِهِ وَلَكِنَّهُ أَبْهَمَ فَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا يَجِبُ إسْقَاطُهُ وَرَأْسُ الْمَالِ مَا بَقِيَ فَاتَتْ أَوْ لَمْ تَفُتْ، وَلَا يَنْظُرُ إلَى الْقِيمَةِ كَمَا لَمْ يَذْكُرْهَا فِي الْكِتَابِ وَهُوَ تَأْوِيلُ أَبِي عِمْرَانَ عَلَى الْكِتَابِ وَإِلَيْهِ نَحَا التُّونِسِيُّ وَالْبَاجِيُّ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ لُبَابَةَ وَقَالَ: بَلْ هِيَ مِنْ بَابِ الْكَذِبِ لِزِيَادَتِهِ فِي الثَّمَنِ مَا لَا يُحْسَبُ فِيهِ، وَحَمْلِهِ الرِّبْحَ عَلَى مَا لَا يَجِبُ حَمْلُهُ عَلَيْهِ فَيُقَالُ لِلْبَائِعِ تُسْقِطُ مَا يَجِبُ إسْقَاطُهُ مِنْ نَفَقَةٍ وَرِبْحٍ، فَإِنْ أَسْقَطَهُ لَزِمَ الْمُشْتَرِي وَرِبْحُهُ، وَإِنْ أَبَى فَسَخَ إلَّا أَنْ يُحِبَّ الْمُشْتَرِي التَّمَاسُكَ، فَإِنْ فَاتَتْ فَهِيَ كَالْكَذِبِ إنْ لَمْ يَضَعْ الْبَائِعُ مَا ذَكَرْنَاهُ لَزِمَتْ الْمُبْتَاعَ بِالْقِيمَةِ مَا لَمْ تَكُنْ أَكْثَرَ مِنْ جَمِيعِ الثَّمَنِ كُلِّهِ بِغَيْرِ طَرْحِ شَيْءٍ فَلَا يُزَادُ وَيَكُونُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الصَّحِيحِ بَعْدَ طَرْحِ كُلِّ مَا يَجِبُ طَرْحُهُ فَلَا يُنْقَضُ، وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَابْنِ عَبْدُوسٍ وَبِهِ فَسَّرَ بَعْضُهُمْ مَذْهَبَ الْكِتَابِ، وَإِلَى هَذَا مَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَعَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ لُبَابَةَ.

(وَوَجَبَ تَبْيِينُ

ص: 436

مَا يُكْرَهُ) . ابْنُ يُونُسَ: «نَهَى عليه الصلاة والسلام عَنْ الْغِشِّ وَالْخِلَابَةِ فِي الْبَيْعِ» ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا يَجْرِي فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ مِمَّا يَكْتُمُهُ الْبَائِعُ مِنْ أَمْرِ سِلْعَتِهِ مِمَّا لَوْ ذَكَرَهُ كَانَ أَوْكَسَ لِلثَّمَنِ وَأَكْرَهَ لِلْمُبْتَاعِ (كَمَا نَقَدَهُ وَعَقَدَهُ مُطْلَقًا) اُنْظُرْ قَوْلَهُ:" مُطْلَقًا " هُوَ عَلَى غَيْرِ قَوْلِ مَالِكٍ. ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ اشْتَرَى بِدَنَانِيرَ فَنَقَدَ دَرَاهِمَ أَوْ الْعَكْسُ فَلَا بَيْعَ عَلَى مَا عَقَدَ بِلَا خِلَافٍ. اللَّخْمِيِّ: حَتَّى يُبَيِّنَ. وَاخْتُلِفَ هَلْ يَبِيعُ عَلَى مَا نَقَدَ؟ فَأَجَازَهُ مَالِكٌ وَمَنَعَهُ ابْنُ حَبِيبٍ. وَعِبَارَةُ ابْنِ يُونُسَ: قَالَ مَالِكٌ: إذَا نَقَدَ دَرَاهِمَ عَنْ دَنَانِيرَ فَلْيَبِعْ عَلَى مَا نَقَدَ.

وَقَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ مَا وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ إذَا لَمْ يُحَابِ بِهِ فِي الصَّرْفِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: مِثْلُهُ إذَا نَقَدَهُ طَعَامًا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ. وَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ كَالسِّلَعِ. ابْنُ بَشِيرٍ: وَلَوْ عَقَدَ بِدَرَاهِمَ ثُمَّ نَقَدَ عَرْضًا لَمْ يَبِعْ عَلَى مَا نَقَدَ حَتَّى يُبَيِّنَ، وَاخْتُلِفَ هَلْ يَبِيعُ عَلَى مَا عَقَدَ؟ مَنَعَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَأَجَازَهُ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: وَإِنْ نَقَدَ طَعَامًا فَلْيَبِعْ عَلَى مَا عَقَدَ كَالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الطَّعَامُ فِي هَذَا كَالسِّلَعِ وَإِنْ اشْتَرَى بِعَرْضٍ فَنَقَدَ عَيْنًا أَوْ عَرْضًا أَوْ شَيْئًا مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ فَظَاهِرُ قَوْلِهِ فِي

ص: 437

الْمُدَوَّنَةِ أَنْ لَا يَبِيعَ عَلَى أَحَدِهِمَا حَتَّى يُبَيِّنَ، وَالصَّوَابُ فِي جَمِيعِ هَذِهِ الْأَسْئِلَةِ إذَا كَانَ الْمُشْتَرِي مُسْتَفْتِيًا أَنْ يُوَكِّلَ إلَى أَمَانَتِهِ، فَمَا عَلِمَ أَنَّ الْبَائِعَ أَخَذَ ذَلِكَ عَنْ الثَّمَنِ رَغْبَةً فِيهِ وَقَدْ مَكَّنَهُ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَبِيعَ عَلَى مَا عَقَدَ وَلَا يُبَيِّنُ، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لِرَغْبَةٍ مِنْ الْبَائِعِ وَإِنَّمَا كَانَ قَصْدًا مِنْ الْمُشْتَرِي إلَى الْهَضِيمَةِ لَمْ يَبِعْ حَتَّى يُبَيِّنَ.

(وَالْأَجَلِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ فَلْيُبَيِّنْ ذَلِكَ فِي الْمُرَابَحَةِ. فَإِنْ بَاعَهَا بِالنَّقْدِ وَلَمْ يُبَيِّنْ فَالْبَيْعُ مَرْدُودٌ.

قَالَ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي حَبْسُهَا إنْ لَمْ تَفُتْ. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ.

وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ: إنَّمَا يَرُدُّ إنْ شَاءَ ذَلِكَ الْمُبْتَاعُ. رَاجِعْ ابْنَ يُونُسَ.

(وَإِنْ بِيعَ عَلَى النَّقْدِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً بِدَرَاهِمَ نَقْدًا ثُمَّ أَخَّرَ بِالثَّمَنِ فَلَا يَبِيعُ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ ذَلِكَ كَمَنْ نَقَدَ غَيْرَ مَا عَقَدَ بِهِ الْبَيْعَ.

(وَطُولِ زَمَانِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً عَرْضًا أَوْ حَيَوَانًا فَحَالَتْ أَسْوَاقُهَا عِنْدَهُ فَلَا يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ وَإِنْ كَانَتْ الْأَسْوَاقُ قَدْ زَادَتْ، لِأَنَّ النَّاسَ فِي الطَّرِيِّ أَرْغَبُ مِنْ الَّذِي تَقَادَمَ فِي أَيْدِيهِمْ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا تَقَادَمَ مُكْثُ السِّلْعَةِ فَلَا يَبِيعُهَا مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ فِي أَيِّ زَمَانٍ اشْتَرَاهَا.

(وَتَجَاوُزِ الزَّائِفِ وَهِبَةٍ إنْ اُعْتِيدَتْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَوْ ابْتَاعَ

ص: 438

بِنَقْدٍ فَنَقَدَ وَحَطَّ عَنْهُ مَا يُشْبِهُ حَطِيطَةَ الْبَيْعِ أَوْ تَجَاوَزَ عَنْهُ دِرْهَمًا زَائِفًا فَلَا يَبِيعُ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ، وَإِنْ أَشْرَكْت رَجُلًا فِي سِلْعَةٍ أَوْ وَلَّيْتهَا لَهُ ثُمَّ حَطَّك بَائِعُك مِنْ الثَّمَنِ مَا يُشْبِهُ اسْتِصْلَاحَ الْبَيْعِ لَزِمَك أَنْ تَضَعَ عَمَّنْ أَشْرَكْته نِصْفَ مَا حَطَّ عَنْك وَلَا يَلْزَمُك ذَلِكَ فِيمَنْ وَلَّيْته. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ حَطَّك بَائِعُك جَمِيعَ الثَّمَنِ أَوْ نِصْفَهُ مِمَّا يَعْلَمُ أَنَّهُ لِغَيْرِ الْبَيْعِ لَمْ يَلْزَمْك أَنْ تَحُطَّ شَيْئًا، لَا فِي بَيْعٍ وَلَا شِرْكٍ، لَا تَوْلِيَةَ وَلَا خِيَارَ لَهُمْ.

(وَأَنَّهَا لَيْسَتْ بَلَدِيَّةً أَوْ مِنْ التَّرِكَةِ) قَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ تَبْيِينُ مَا يُكْرَهُ. يَبْقَى النَّصُّ عَلَى هَذَيْنِ الْفَرْعَيْنِ إنَّمَا وَرَدَ النَّصُّ عَلَيْهِمَا فِي التَّدْلِيسِ بِالْعُيُوبِ فَكَانَ اللَّائِقُ أَنْ يَذْكُرَهُمَا هُنَاكَ.

قَالَ أَصْبَغُ: مَنْ اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنَّهُ أَعْجَمِيٌّ فَوَجَدَهُ فَصِيحًا، أَوْ عَلَى أَنَّهُ مَجْلُوبٌ فَوَجَدَهُ مُوَلَّدًا، فَلَهُ الرَّدُّ زِيَادَةً كَانَتْ أَوْ وَضَيْعَةً لِأَنَّ النَّاسَ فِي الْمَجْلُوبِ أَرْغَبُ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الرَّقِيقِ يُجْلَبُ مِنْ طَرَابُلُسَ فَيَدْخُلُ الْمِصْرِيُّ رَأْسًا بَيْنَهُمَا فَبَاعَ عَلَى ذَلِكَ قَالَ: أَرَى لِلْمُبْتَاعِ رَدَّهُ، وَكَذَلِكَ الدَّوَابُّ وَالْحَمِيرُ. وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ خَلَطَ سِلْعَةً بِتَرِكَةِ مَيِّتٍ فَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّ لِلْمُبْتَاعِ الرَّدَّ اهـ. وَانْظُرْ قَوْلَ بَهْرَامُ إذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ مِنْ التَّرِكَةِ وَأَرَادَ بَيْعَهَا مُرَابَحَةً فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ كَوْنِهَا مِنْ سِلَعِ الْمِيرَاثِ لِأَنَّ النَّاسَ كَثِيرًا مَا يَمْتَنِعُونَ مِنْ الشِّرَاءِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ اهـ. وَلَمْ يُعْزَ هَذَا لِأَحَدٍ وَقَدْ نَصَّ الْأَئِمَّةُ أَنَّ نَاقِلَ الْفَرْعِ الْغَرِيبِ يَجِبُ عَلَيْهِ عَزْوُهُ. وَانْظُرْ عَلَى تَفْسِيرِ بَهْرَامُ يَكُونُ قَوْلُ خَلِيلٍ:" أَوْ مِنْ تَرِكَةٍ " مَعْطُوفًا عَلَى خَبَرِ " إنَّ " لَا عَلَى خَبَرِ " لَيْسَ ".

(وَوِلَادَتِهَا وَإِنْ بَاعَ وَلَدَهَا مَعَهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ تَوَالَدَتْ الْغَنَمُ لَمْ يَبِعْ مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ، إنْ وَلَدَتْ الْأَمَةُ عِنْدَهُ لَمْ يَبِعْ الْأُمَّ مُرَابَحَةً وَيَحْبِسُ الْوَلَدَ إلَّا

ص: 439

أَنْ يُبَيِّنَ وَيَكُونُ الْوَلَدُ فِي حَدِّ التَّفْرِقَةِ (وَجُدَّتْ ثَمَرَةٌ أُبِّرَتْ) ابْنُ بَشِيرٍ: اخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ إذَا اشْتَرَى شَجَرًا وَفِيهَا ثَمَرٌ فَاسْتُحِقَّتْ وَقَدْ جَدَّ الثَّمَرَةَ، هَلْ تَكُونُ الثَّمَرَةُ غَلَّةً؟ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا فِي وُجُوبِ الْبَيَانِ فِي الْمُرَابَحَةِ لِضِيقِ بَابِ الْمُرَابَحَةِ (وَصُوفٍ تَمَّ) لَعَلَّ النَّاسِخَ أَسْقَطَ " أَمْ لَا ". وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ مَنْ ابْتَاعَ حَوَانِيتَ أَوْ دُورًا أَوْ حَوَائِطَ أَوْ رَقِيقًا أَوْ حَيَوَانًا أَوْ غَنَمًا فَاغْتَلَّهَا أَوْ حَلَبَ الْغَنَمَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ فِي الْمُرَابَحَةِ لِأَنَّ الْغَلَّةَ بِالضَّمَانِ إلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ أَوْ تَحُولَ الْأَسْوَاقُ فَلْيُبَيِّنْ ذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ جَزَّ صُوفَ الْغَنَمِ فَلْيُبَيِّنْهُ كَانَ عَلَيْهَا يَوْمَ الشِّرَاءِ أَمْ لَا، لِأَنَّهُ إنْ كَانَ يَوْمئِذٍ تَامًّا فَقَدْ صَارَ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ فَهَذَا نُقْصَانٌ مِنْ الْغَنَمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ تَامًّا فَلَمْ يَنْبُتْ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ تَتَغَيَّرُ فِيهَا الْأَسْوَاقُ.

(وَإِقَالَةِ مُشْتَرِيهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً بِعِشْرِينَ دِينَارًا ثُمَّ بَاعَهَا بِثَلَاثِينَ ثُمَّ أَقَالَ مِنْهَا لَمْ يَبِعْ مُرَابَحَةً إلَّا عَلَى عِشْرِينَ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَتِمَّ بَيْنَهُمَا حِينَ اسْتَقَالَهُ. ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِهِمْ: إنَّمَا لَمْ يَجْعَلْ الْإِقَالَةَ هَاهُنَا بَيْعًا حَادِثًا لِأَنَّهُ إقَالَةٌ بِحَضْرَةِ الْبَيْعِ، وَلَوْ تَنَاقَدَا وَافْتَرَقَا وَتَبَاعَدَ ذَلِكَ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَقَايَلَا فَهَذَا بَيْعٌ مُبْتَدَأٌ وَإِنْ سَمَّوْهُ إقَالَةً، وَلَهُ أَنْ يَبِيعَ عَلَى الثَّمَنِ الْآخَرِ.

(إلَّا بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْصٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ بَاعَ سِلْعَةً مُرَابَحَةً ثُمَّ ابْتَاعَهَا بِأَقَلَّ مِمَّا بَاعَهَا بِهِ أَوْ أَكْثَرَ فَلْيَبِعْ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الْآخَرِ لِأَنَّ هَذَا مِلْكٌ حَادِثٌ. ابْنُ مُحْرِزٍ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّنْ ابْتَاعَهَا وَحَمَلَهَا فَضْلًا عَلَى أَنَّهُ فِي شِرَائِهَا مِنْ غَيْرٍ. (وَالرُّكُوبِ وَاللُّبْسِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ ابْتَاعَ ثَوْبًا فَلَبِسَهُ أَوْ دَابَّةً فَرَكِبَهَا فِي سَفَرٍ فَلَيْسَ ذَلِكَ فِي الْمُرَابَحَةِ (وَالتَّوْظِيفِ) سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُلِ يَبْتَاعُ الثَّوْبَيْنِ جَمِيعًا بِثَمَنٍ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ، أَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ أَحَدَهُمَا مُرَابَحَةً؟ قَالَ: نَعَمْ إذَا بَيَّنَ ذَلِكَ لِلْمُبْتَاعِ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا بَيَّنَ عَلَى مَا قَالَ فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَيَكُونُ

ص: 440

الْحُكْمُ فِيهِ حُكْمُ الْغِشِّ وَالْخَدِيعَةِ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ.

قَالَ فِي سَمَاعِ عِيسَى: فَإِنْ كَانَ مَا ابْتَعْتَ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ مِنْ الطَّعَامِ أَوْ غَيْرِهِ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا فَبِعْتَ بَعْضَهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَبِيعَ مَا بَقِيَ أَوْ بَعْضَ مَا بَقِيَ مُرَابَحَةً وَلَا تُبَيِّنْ أَنَّك بِعْتَ مِنْهُ شَيْئًا وَلَيْسَ عَلَيْك أَنْ تُبَيِّنَ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا مِثْلُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. الْمَازِرِيُّ: قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْقَسْمَ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ تَمْيِيزُ حَقٍّ وَأَنَّهُ لَا يُزَادُ فِيهِ لِأَجْلِ الْجُمْلَةِ.

(وَلَوْ مُتَّفِقًا إلَّا مِنْ سَلَمٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ ابْتَعْتَ ثَوْبَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً بِعِشْرِينَ دِرْهَمًا فَلَا تَبِعْ أَحَدَهُمَا مُرَابَحَةً وَتُوَلِّيهِ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا أَنْ تُبَيِّنَ، وَلَوْ كَانَ الثَّوْبُ مِنْ سَلَمٍ جَازَ ذَلِكَ قَبْلَ قَبْضِهِمَا أَوْ بَعْدَ إذَا اتَّفَقَتْ الصِّفَةُ وَلَمْ يَتَجَاوَزْ عَنْهُ فِيهِمَا إذْ لَوْ اسْتَحَقَّ أَحَدَهُمَا بَعْدَ أَنْ قَبَضَهُ رَجَعَ بِمِثْلِهِ، وَالْمَعِيبُ إنَّمَا يَرْجِعُ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ بِعْتَ جُزْءًا شَائِعًا مُرَابَحَةً مِنْ عُرُوضٍ ابْتَعْتهَا مُعَيَّنَةً جَازَ كَنِصْفِ الْجَمِيعِ أَوْ ثُلُثِهِ (لَا غَلَّةِ رَبْعٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ إنْ اغْتَلَّ الْحَوَانِيتَ وَالدُّورَ وَالْحَوَائِطَ وَالرَّقِيقَ وَالْحَيَوَانَ وَالْغَنَمَ فَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُبَيِّنَ لِأَنَّ الْغَلَّةَ بِالضَّمَانِ إلَّا أَنْ يَطُولَ (كَتَكْمِيلِ شِرَائِهِ) ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لِمَنْ أَخَذَ سِلْعَةً فِي الْمُقَاوَاةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ بَيْعُهَا مُرَابَحَةً بِتِلْكَ الْمُقَاوَاةِ وَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ إذَا صَحَّ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: يُرِيدُ وَيَحْمِلُ عَلَى الثَّمَنِ نِصْفَ الزِّيَادَةِ فَقَطْ وَهُوَ مَا أَخَذَ الشَّرِيكُ اهـ. نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ وَلَمْ يَنْقُلْ قَوْلَ الْقَابِسِيِّ.

(لَا إنْ وَرِثَ بَعْضَهُ وَهَلْ إنْ تَقَدَّمَ الْإِرْثُ أَوْ مُطْلَقًا؟ تَأْوِيلَانِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ وَرِثَ نِصْفَ

ص: 441

سِلْعَةٍ ثُمَّ ابْتَاعَ نِصْفَهَا فَلَا يَبِعْ نِصْفَهَا مُرَابَحَةً حَتَّى يُبَيِّنَ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُبَيِّنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا ابْتَاعَ وَمَا وَرِثَ، وَإِذَا بَيَّنَ فَإِنَّمَا يَقَعُ الْبَيْعُ عَلَى مَا ابْتَاعَ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: وَكَذَا إذَا اشْتَرَى نِصْفَ السِّلْعَةِ ثُمَّ وَرِثَ نِصْفَهَا الْحُكْمُ وَاحِدٌ لِقَوْلِهِ فِيهَا دَخَلَ فِي ذَلِكَ مَا ابْتَاعَ وَمَا وَرِثَ.

وَقَالَ الْقَابِسِيُّ: إنَّمَا عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ إذَا وَرِثَ النِّصْفَ ثُمَّ ابْتَاعَ النِّصْفَ لِأَنَّهُ يَزِيدُ فِي الثَّمَنِ لِتَصِيرَ لَهُ جُمْلَةُ السِّلْعَةِ وَذَلِكَ إذَا سَبَقَ الشِّرَاءُ ثُمَّ وَرِثَ.

قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: يَلْزَمُ عَلَى قَوْلِ الْقَابِسِيِّ إذَا اشْتَرَى النِّصْفَ الْبَاقِي أَنَّ عَلَيْهِ أَنْ يُبَيِّنَ لِأَنَّهُ زَادَ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ. ابْنُ عَرَفَةَ: قَدْ يُفَرِّقُ الْقَابِسِيُّ بِأَنَّ الزِّيَادَةَ لِتَكْمِيلِ مَا وَرِثَ أَكْثَرُ قَصْدٍ إلَيْهَا مِنْ الْقَصْدِ لِيُكْمِلَ مَا اشْتَرَى.

(وَإِذَا غَلِطَ بِنَقْصٍ وَصُدِّقَ أَوْ أَثْبَتَ رَدَّ أَوْ دَفْعَ مَا تَبَيَّنَ رِبْحَهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ بَاعَ سِلْعَةً مُرَابَحَةً وَقَالَ قَامَتْ عَلَيَّ بِمِائَةٍ فَأَرْبَحُ الْعَشَرَةَ ثُمَّ أَثْبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّهَا قَامَتْ عَلَيْهِ بِعِشْرِينَ وَمِائَةٍ أَوْ يَأْتِي مِنْ رَقْمِ الثَّوْبِ مَا يَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى الْغَلَطِ فَيَحْلِفُ الْبَائِعُ وَيُصَدَّقُ، فَإِنْ لَمْ تَفُتْ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي بَيْنَ رَدِّهَا أَوْ يَضْرِبُ لَهُ الرِّبْحَ عَلَى عِشْرِينَ وَمِائَةٍ (فَإِنْ فَاتَتْ خُيِّرَ مُشْتَرِيهِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ وَقِيمَتِهِ يَوْمَ بَيْعِهِ مَا لَمْ تَنْقُصْ عَنْ الْغَلَطِ وَرِبْحِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ فَاتَتْ بِنَمَاءٍ أَوْ نَقْصٍ فَالْمُشْتَرِي مُخَيَّرٌ إنْ شَاءَ لَزِمَهُ قِيمَتُهَا يَوْمَ التَّبَايُعِ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ وَمِائَةٍ فَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ أَوْ تَكُونَ أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَرِبْحِهَا فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ. ابْنُ يُونُسَ: جَعْلُ الْقِيمَةِ يَوْمَ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ لَيْسَ شِبْهَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَإِنَّمَا هُوَ غَلَطٌ فِي ثَمَنِ السِّلْعَةِ.

(وَإِنْ كَذَبَ لَزِمَ الْمُشْتَرِيَ إنْ حَطَّهُ وَرِبْحَهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ بَاعَ سِلْعَةً مُرَابَحَةً فَزَادَ فِي الثَّمَنِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مَالِكٍ: زَادَ ذَلِكَ بِغَلَطٍ أَوْ تَعَمَّدَ فِيهِ.

قَالَ: وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ لَمْ تَفُتْ خُيِّرَ الْمُبْتَاعُ بَيْنَ أَخْذِهَا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ رَدِّهَا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا أَنْ يَحُطَّ الْبَائِعُ الْكَذِبَ وَرِبْحَهُ فَتَلْزَمُ الْمُبْتَاعَ قَالَ:

ص: 442

وَإِنْ فَاتَ، وَيُفِيتُهَا مَا يُفِيتُ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ فَعَلَى الْمُبْتَاعِ قِيمَتُهَا يَوْمَ قَبْضِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ بِالْكَذِبِ وَرِبْحِهِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ أَوْ يَكُونُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الصَّحِيحِ وَبِمَا قَابَلَهُ مِنْ الرِّبْحِ فَلَا يَنْقُصُ مِنْهُ. وَانْظُرْ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى فِي رَسْمِ صَلَّى مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ فِي الَّذِي قَالَ لَك زِيَادَةُ دِينَارٍ عَلَى مَا أَعْطَيْت فَقَالَ: أَعْطَيْت مِائَةَ دِينَارٍ فَأَعْطَاهُ الْمِائَةَ وَدِينَارًا ثُمَّ سَأَلَ الَّذِي قَالَ عَنْهُ فَقَالَ: مَا أَعْطَيْتُهُ إلَّا تِسْعِينَ فَقَالَ مَالِكٌ: الْبَيْعُ لَازِمٌ لَوْ شَاءَ اسْتَثْبَتَ لِنَفْسِهِ يُصَدِّقُهُ أَوْ يُكَذِّبُهُ إلَّا إنْ كَانَ ثَمَّ شُهُودٌ حُضُورٌ يَشْهَدُونَ بِخِلَافِ مَا قَالَ

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: فَيَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، فَإِنْ فَاتَ الْمَبِيعُ فَيَكُونُ فِيهِ الْأَكْثَرُ عَلَى حُكْمِ الْكَذِبِ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ.

(بِخِلَافِ الْغِشِّ وَإِنْ فَاتَتْ فَفِي الْغِشِّ أَقَلُّ الثَّمَنِ وَالْقِيمَةِ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: مَنْ بَاعَ مُرَابَحَةً وَغَشَّ الْمُبْتَاعَ فَإِنْ كَتَمَهُ مِنْ أَمْرِ سِلْعَتِهِ مَا يَكْرَهُهُ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ فِي الثَّمَنِ فَحُكْمُهُ أَنْ يَكُونَ الْمُبْتَاعُ فِي قِيَامِ السِّلْعَةِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَمْسِكَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَرُدَّ، وَلَيْسَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَحُطَّ عَنْهُ بَعْضَ الثَّمَنِ وَيُلْزِمُهَا إيَّاهُ، وَإِنْ كَانَتْ فَاتَتْ كَانَ فِيهَا الْأَقَلُّ مِنْ الْقِيمَةِ أَوْ الثَّمَنِ. (وَفِي الْكَذِبِ خُيِّرَ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَرِبْحِهِ أَوْ قِيمَتِهَا مَا لَمْ تَزِدْ عَلَى الْكَذِبِ وَرِبْحِهِ) اُنْظُرْهُ قَبْلَ قَوْلِهِ:" بِخِلَافِ الْغِشِّ ".

(وَمُدَلِّسُ الْمُرَابَحَةِ كَغَيْرِهَا) ابْنُ رُشْدٍ: مَنْ دَلَّسَ بِعَيْبٍ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ بَاعَ غَيْرَ مُرَابَحَةٍ فِي قِيَامِ السِّلْعَةِ وَفَوَاتِهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً خُيِّرَ بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ وَيَرْجِعَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ يَمْسِكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ قَدْ فَاتَتْ بِعَيْبٍ مُفْسِدٍ كَانَ مُخَيَّرًا بَيْنَ أَنْ يَرُدَّ وَيَرُدَّ مَا نَقَصَهُ الْعَيْبُ الْحَادِثُ عِنْدَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَمْسِكَ وَيَرْجِعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ وَمَا يَنُوبُهُ مِنْ الرِّبْحِ.

فَصْلٌ (تَنَاوَلَ الْبِنَاءُ وَالشَّجَرُ الْأَرْضَ وَتَنَاوَلَتْهُمَا لَا الزَّرْعَ وَالْبَذْرَ) صَوَابُهُ وَتَنَاوَلَتْهُمَا وَالْبَذْرَ لَا الزَّرْعَ.

قَالَ ابْنُ شَاسٍ: الْأَرْضُ يَنْدَرِجُ تَحْتَهَا الْبِنَاءُ كَمَا تَنْدَرِجُ هِيَ أَيْضًا تَحْتَ الْبِنَاءِ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ ارْتَهَنَ

ص: 443

أَرْضًا ذَاتَ نَخْلٍ لَمْ يُسَمِّهَا أَوْ رَهَنَ النَّخْلَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَرْضَ فَذَلِكَ مُوجِبٌ لِكَوْنِ الْأَرْضِ وَالنَّخْلِ رَهْنًا، وَكَذَلِكَ فِي الْوَصِيَّةِ وَالْبَيْعِ انْتَهَى. وَانْظُرْ إذَا كَانَ بِالشَّجَرِ ثَمَرٌ قَدْ طَابَ هَلْ بِالْوَجْهِ الَّذِي تَدْخُلُ الشَّجَرَةُ فِي الْبَيْعِ يَدْخُلُ ثَمَرُهَا؟ اُنْظُرْ أَوَّلَ الْبُيُوعِ مِنْ نَوَازِلِ ابْنِ سَهْلٍ. الْمُتَيْطِيُّ: وَإِنْ كَانَ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ بَذْرٌ مُسْتَكِنٌّ لَمْ يَبْرُزْ مِنْهَا أَوْ فِي الشَّجَرِ ثَمَرٌ لَمْ يُؤَبَّرْ فَإِنَّهُ كُلَّهُ تَبَعٌ لِلْمَبِيعِ فِي الْبَيْعِ لَا يَجُوزُ لِلْبَائِعِ اسْتِثْنَاؤُهُ كَمَا لَا يَجُوزُ اسْتِثْنَاءُ الْجَنِينِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ. وَانْظُرْ بَصَلَ الزَّعْفَرَانِ، نَصُّ الْمُشَاوِرِ أَنَّهَا مِنْ الْبَذْرِ الْمُسْتَكِنِّ فَإِنْ نَوَّرَ فَالنَّوْرُ لِلْبَائِعِ وَالْبَصَلُ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ كَالْأُصُولِ وَانْظُرْ أَيْضًا وَرَقَ التِّينِ لِمَنْ اشْتَرَى التِّينَ عَصِيرًا هِيَ لِلْبَائِعِ إلَّا مَا يَصْلُحُ بِهِ السِّلَالُ مِنْ الْوَرَقِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَمِلْكُ غَيْرِهِ عَلَى رِضَاهُ فَقَطْ ". ابْنُ فَتْحُونَ: فَانْظُرْهُ مَعَ هَذَا. وَأَمَّا الزَّرْعُ الظَّاهِرُ فَقَالَ الْمُتَيْطِيُّ: إنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ زَرْعٌ ظَاهِرٌ حِينَ الْبَيْعِ أَوْ كَانَ فِي الشَّجَرِ ثَمَرٌ مَأْبُورٌ فَإِنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لِلْبَائِعِ بِمُطْلَقِ الْبَيْعِ لَا يَكُونُ لِلْمُبْتَاعِ إلَّا بِالشَّرْطِ. وَانْظُرْ إذَا اشْتَرَى حَائِطًا وَلَمْ يَذْكُرْ شِرْبَهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي لَا يَقْدِرُ عَلَى سَقْيِ الْحَائِطِ مِنْ غَيْرِ سَاقِيَةِ الْبَائِعِ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ وَلَا يَسْتَغْنِي عَنْ السَّقْيِ فَإِنَّ الشِّرْبَ يَكُونُ لِلْمُشْتَرِي قَوْلًا وَاحِدًا. اُنْظُرْ ثَانِيَ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ، وَانْظُرْ حُكْمَ الطَّرِيقِ كَذَلِكَ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْهُ وَهَلْ كَذَلِكَ الْهِبَةُ؟ وَانْظُرْ قَدْ نَصُّوا عَلَى جَوَازِ هِبَةِ ثَمَرِ الْحَائِطِ قَبْلَ الْإِبَارِ، وَاخْتَلَفُوا هَلْ لِلْوَاهِبِ بَيْعُ الْأَصْلِ حِينَئِذٍ؟ اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ فِي الْمُسَاقَاةِ، وَانْظُرْ هُنَاكَ بَيْعَ الْحَائِطِ الْمُسَاقِي بَعْدَ الْإِبَارِ، وَانْظُرْ أَوَّلَ الْبُيُوعِ مِنْ طُرُرِ ابْنِ عَاتٍ لِمَنْ يَكُونُ الْقَلِيبُ إذَا كَانَتْ الْأَرْضُ الْمَبِيعَةُ مَقْلُوبَةً أَوْ فِيهَا بَصَلُ زَعْفَرَانٍ أَوْ كَانَ بِالدَّارِ زِبْلٌ وَنَحْوُهُ.

(وَمَدْفُونًا) الْمُتَيْطِيُّ: لَوْ كَانَ بِالدَّارِ الْمَبِيعَةِ صَخْرٌ أَوْ رُخَامٌ أَوْ عُمَدٌ وَشِبْهُ ذَلِكَ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُتَبَايِعَانِ ثُمَّ عَلِمَاهُ، فَمَعْلُومُ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لِلْبَائِعِ إنْ ادَّعَاهُ وَأَشْبَهَ أَنَّهُ لَوْ بِمِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ (كَلَوْ جُهِلَ) اُنْظُرْ ثَالِثَ فَصْلٍ مِنْ أَوَّلِ الْبُيُوعِ مِنْ ابْنِ سَلْمُونَ. اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ إنْ لَمْ يَدَّعِهِ الْبَائِعُ أَوْ لَمْ يُشْبِهْ أَنَّهُ لَهُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ وَلَا لِلْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا هُوَ لُقَطَةٌ. وَانْظُرْ مَنْ اشْتَرَى حُوتًا فَوَجَدَ فِي جَوْفِهِ جَوْهَرَةً إنْ كَانَتْ غَيْرَ مَعْلُومَةٍ فَهِيَ

ص: 444

لِلصَّائِدِ لَا لِلْمُبْتَاعِ، وَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةً فَهِيَ لُقَطَةٌ.

(وَلَا الشَّجَرُ الْمُؤَبَّرُ) فِي الْمُوَطَّأِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ بَاعَ نَخْلًا قَدْ أُبِّرَتْ فَثَمَرَتُهَا لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ» . عِيَاضٌ: التَّأْبِيرُ تَعْلِيقُ طَلْعِ الذَّكَرِ عَلَى الْأُنْثَى لِئَلَّا تَسْقُطَ ثَمَرَتُهَا وَهُوَ اللِّقَاحُ. الْبَاجِيُّ: وَالتَّأْبِيرُ فِي التِّينِ وَمَا لَا زَهْوَ لَهُ أَنْ تَبْرُزَ جَمِيعُ الثَّمَرَةِ عَنْ مَوْضِعِهَا وَتَتَمَيَّزَ عَنْ أَصْلِهَا، فَذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ التَّأْبِيرِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ تَبَيَّنَ حَالُهُ وَقِلَّتُهُ وَكَثْرَتُهُ. وَأَمَّا الزَّرْعُ فَإِبَارُهُ أَنْ يُفْرَكَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرَوَى أَشْهَبُ أَنَّ إبَارَهُ ظُهُورُهُ فِي الْأَرْضِ.

ابْنُ رُشْدٍ: رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ: إبَارُ الزَّرْعِ نَبَاتُهُ. الْمُتَيْطِيُّ: وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ. (أَوْ أَكْثَرَهُ) . الْبَاجِيُّ: إنْ أَبَّرَ بَعْضَ الشَّجَرِ دُونَ بَعْضٍ، فَإِنْ كَانَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ أَكْثَرَ فَقَالَ مَالِكٌ: الْقَلِيلُ تَبَعٌ لِلْكَثِيرِ.

وَقَالَ أَيْضًا: هُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمُتَسَاوِي.

وَقَالَ الْجَلَّابُ: مَنْ اشْتَرَى أَرْضًا فِيهَا شَجَرٌ مُثْمِرٌ فَمَا كَانَ مِنْ غَيْرِهَا عُقَدًا فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَمَا كَانَ وَرْدًا فَهُوَ لِلْمُبْتَاعِ.

ابْنُ رُشْدٍ: تَحْصِيلُ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْأَقَلَّ تَبَعٌ لِلْأَكْثَرِ (إلَّا بِشَرْطٍ) . الْبَاجِيُّ: لَا خِلَافَ إذَا اشْتَرَطَ الْمُبْتَاعُ الثَّمَرَةَ الْمَأْبُورَةَ أَنَّهَا لَهُ بِالشَّرْطِ إنْ ابْتَاعَهَا بِغَيْرِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَإِنْ ابْتَاعَهَا بِطَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ فَمَشْهُورُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أُبِّرَتْ أَوْ لَمْ تُؤَبَّرْ إلَّا أَنْ يَجِدَهَا قَبْلَ أَنْ يَفْتَرِقَا.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْأَرْضَ لَا تُبَاعُ بِطَعَامٍ إذَا كَانَ فِيهَا زَرْعٌ صَغِيرٌ.

وَوَجْهُ الْقِيَاسِ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ. اُنْظُرْ مِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا كَانَ بِهَا زَرْعٌ مُسْتَكِنٌّ لَمْ يَبْرُزْ وَهُوَ نَصُّ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَجُوزُ شِرَاءُ الْأَرْضِ الْمَبْذُورَةِ قَبْلَ أَنْ يَبْرُزَ مِنْ الْأَرْضِ بِحِنْطَةٍ وَلَمْ يُعْتَدَّ بِمَا فِيهَا.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: خَالَفَ هُنَا ابْنُ الْقَاسِمِ قَوْلَهُ فِي مَنْعِ بَيْعِ النَّخْلِ بِطَعَامٍ إذَا كَانَ بِهَا ثَمَرٌ وَإِنْ لَمْ يُؤَبَّرْ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّمَرِ الَّذِي لَمْ يُؤَبَّرْ وَالزَّرْعِ الَّذِي لَمْ يَنْبُتْ. اُنْظُرْ السَّلَمَ الثَّالِثَ مِنْ التُّونِسِيِّ، وَذَكَرَ هُنَا أَنَّ بَيْعَ الْخَلَايَا وَالشَّاةِ اللَّبُونِ بِالطَّعَامِ نَقْدًا جَائِزٌ، وَأَمَّا إلَى أَجَلٍ فَبَيْنَهُمَا فَرْقٌ. اُنْظُرْهُ فِيهِ، اُنْظُرْ نَقْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَكَمُزَابَنَةٍ ". وَإِنْ اشْتَرَطَ بَعْضَ الْمَأْبُورِ فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الثَّمَرَةِ وَلَا فِي مَالِ الْعَبْدِ وَحِلْيَةِ السَّيْفِ، وَأَجَازَ ذَلِكَ أَشْهَبُ، فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ قَدْ يَبِسَ وَاسْتُحْصِدَ جَازَ ذَلِكَ بِاتِّفَاقٍ انْتَهَى. وَانْظُرْ إذَا بَاعَ الْفَدَّانَ رَبُّهُ بَعْدَ أَنْ زَرَعَهُ الشَّرِيكُ وَلَمْ يُؤَبِّرْ الزَّرْعَ، وَأَمَّا إذَا أَبَّرَ فَلِلْمُشْتَرِي اسْتِثْنَاءُ حِصَّةِ الْبَائِعِ (كَالْمُنْعَقِدِ) ابْنُ شَاسٍ: فِي مَعْنَى الْمَأْبُورَةِ كُلُّ ثَمَرَةٍ انْعَقَدَتْ وَظَهَرَتْ لِلنَّاظِرِينَ وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ الْجَلَّابِ مَا كَانَ عُقَدًا. وَنَصُّ الْبَاجِيِّ: التَّأْبِيرُ فِي التِّينِ أَنْ يَبْرُزَ وَيَتَمَيَّزَ. اُنْظُرْ الْفَرْقَ التَّاسِعَ وَالتِّسْعِينَ وَمِائَةً فَرْقٌ بَيْنَ الزَّرْعِ الظَّاهِرِ وَالزَّرْعِ الْكَامِنِ يَنْدَرِجُ الْوَاحِدُ فِي

ص: 445

الْأَرْضِ وَلَا يَنْدَرِجُ الْآخَرُ كَالْكَنْزِ وَالْمَعْدِنِ يَنْدَرِجُ الْوَاحِدُ وَلَا يَنْدَرِجُ الْآخَرُ، وَكَذَلِكَ الْحَجَرُ الْمَدْفُونُ دُونَ الْحَجَرِ الْمَخْلُوقِ فِيهَا، وَهَذَا كُلُّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْعَوَائِدِ إلَّا مَسْأَلَةَ الْإِبَارِ فَمَدْرَكُهَا النَّصُّ وَمَا عَدَاهَا مَدْرَكُهُ الْعُرْفُ وَالْعَادَةُ، فَإِذَا تَغَيَّرَتْ الْعَادَةُ أَوْ بَطَلَتْ بَطَلَتْ هَذِهِ الْفَتَاوَى وَحَرُمَتْ الْفُتْيَا بِهَا انْتَهَى. اُنْظُرْ هَذَا الْمَعْنَى بِالنِّسْبَةِ لِقُرَى الْجَبَلِ تَجِدُ بِهَا زَيْتُونَةً لِإِنْسَانٍ وَزَيْتُونَةً لِآخَرَ وَلَا شَجَرَةَ لِرَبِّ الْأَرْضِ، أَوْ يَكُونُ بِهَا بَعْضُ شَجَرٍ، فَإِذَا بَاعَ الْفَدَّانَ صَعُبَ أَنْ يُقَالَ لِلْمُشْتَرِي فَتِّشْ الْأَشْجَارَ فَمَا هُوَ لِلْغَيْرِ فَهُوَ لَهُ وَمَا لَا فَهُوَ لَك، وَالْبَيِّنُ فِي هَذَا النَّظَرُ إلَى الْعُرْفِ.

(وَمَالِ الْعَبْدِ) فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: مَنْ بَاعَ عَبْدًا وَلَهُ مَالٌ فَمَالُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُ الْمُبْتَاعُ. أَبُو عُمَرَ: رُوِيَ أَيْضًا مَرْفُوعًا. الْبَاجِيُّ: لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ اشْتِرَاطِ مَالِ الْعَبْدِ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فِي نَفْسِ الْعَقْدِ ثُمَّ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَزِيدَ الْبَائِعُ شَيْئًا يُلْحِقُ الْمَالَ بِالْبَيْعِ فَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ بِالْجَوَازِ.

(وَخِلْفَةِ الْقَصِيلِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: يَجُوزُ لِمَنْ اشْتَرَى أَوَّلَ جَذَّةٍ مِنْ الْقَصِيلِ اشْتِرَاءُ خِلْفَتِهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنَّمَا يَجُوزُ شِرَاءُ الْخِلْفَةِ بَعْدَ الرَّأْسِ إذَا كَانَ مُشْتَرِي الرَّأْسِ لَمْ يَجُذَّهُ حَتَّى اشْتَرَى الْخِلْفَةَ، وَأَمَّا إنْ جَذَّ الرَّأْسَ ثُمَّ أَرَادَ شِرَاءَ الْخِلْفَةِ فَهُوَ وَغَيْرُهُ سَوَاءٌ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ غَرَرٌ مُنْفَرِدٌ، وَالْأَوَّلُ قَدْ أَضَافَهُ إلَى أَصْلٍ فَاسْتَخَفَّ لِأَنَّهُ فِي حَيِّزِ النَّبْعِ. وَانْظُرْ خِلْفَةَ الْقَصِيلِ إذَا لَمْ تُشْتَرَطْ كَالزَّرْعِ الَّذِي أَفْسَدَتْهُ الْبَهَائِمُ وَأَخْلَفَ بَعْدَ الْغُرْمِ. اُنْظُرْ فَصْلَ الضَّرَرِ مِنْ الْمُتَيْطِيِّ، وَانْظُرْ أَيْضًا إذَا تَحَبَّبَ الْقَصِيلُ مُرْتَضَى ابْنِ يُونُسَ: أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ إنْ أَخَّرَهُ لِاسْتِغْلَاءٍ قَالَ: كَتَأْخِيرِ الْحَوْزِ لِخِصَامٍ. وَيُرَشِّحُ هَذَا مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى إذَا اشْتَرَى طَعَامًا لِأَجَلٍ فَاسْتَغْلَاهُ فَتَغَيَّبَ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ لِأَنَّ هَذَا كَانَ بِغَيْرِ شَرْطٍ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّرْفِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ السَّلَمِ (وَإِنْ أُبِّرَ النِّصْفُ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ) ابْنُ زَرْقُونٍ: لَمْ يُحْسِنْ الْبَاجِيُّ تَحْصِيلَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ، وَتَحْصِيلُهَا أَنَّهُ إذَا كَانَ مَا أُبِّرَ مُسَاوِيًا لِمَا لَمْ يُؤَبَّرْ أَنْ يُنْظَرَ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُتَمَيِّزًا مَا أُبِّرَ فِي نَخَلَاتٍ بِأَعْيَانِهَا وَمَا لَمْ يُؤَبَّرْ فِي نَخَلَاتٍ بِأَعْيَانِهَا فَلَا يَخْتَلِفُ هُنَا أَنَّ مَا أُبِّرَ لِلْبَائِعِ وَمَا لَمْ يُؤَبَّرْ لِلْمُبْتَاعِ. وَأَمَّا إنْ كَانَ مَا أُبِّرَ شَائِعًا فِي كُلِّ نَخْلَةٍ وَمَا لَمْ يُؤَبَّرْ كَذَلِكَ شَائِعًا فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ. فَعَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ إمَّا سَلَّمَ جَمِيعَ الثَّمَنِ وَإِلَّا فَسَخَ الْبَيْعَ.

وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّ الْبَيْعَ مَفْسُوخٌ. وَرَوَى ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لِلْبَائِعِ. وَقَالَ ابْنُ دِينَارٍ: ذَلِكَ كُلُّهُ لِلْمُبْتَاعِ.

(وَلِكِلَيْهِمَا السَّقْيُ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْآخَرِ) الْمُتَيْطِيُّ: إذَا ثَبَتَ أَنَّ الثَّمَرَةَ لِلْبَائِعِ فَلَيْسَ لِلْمُبْتَاعِ إجْبَارُهُ عَلَى جَدِّهِ قَبْلَ أَوَانِ الْجِدَادِ. وَرَوَى مُحَمَّدٌ: وَسَقْيُ الْأُصُولِ مُدَّةَ ذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ.

وَقَالَ الْمُغِيرَةُ: عَلَى الْمُبْتَاعِ. ابْنُ رُشْدٍ: الْقِيَاسُ أَنَّهُ عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُ مَنْفَعَةٌ لَهُمَا. ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلِكِلَيْهِمَا السَّقْيُ مَا لَمْ يَضُرَّ بِالْآخَرِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يَعْنِي لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ صَاحِبَيْ الْمَأْبُورِ وَالْمُنْعَقِدِ إذَا بَقِيَا عَلَى مِلْكِ الْبَائِعَيْنِ السَّقْيُ مَا لَمْ يَضُرَّ ذَلِكَ بِالْمُشْتَرِي (وَالدَّارُ الثَّابِتَ كَبَابٍ وَرَفٍّ)

ص: 446

ابْنُ شَاسٍ: لَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ الدَّارِ الْمَنْقُولَاتُ وَتَنْدَرِجُ الثَّوَابِتُ كَالْأَبْوَابِ وَالرُّفُوفُ وَالسَّلَالِيمُ الْمُثَبَّتَةُ بِالْمَسَامِيرِ. ابْنُ عَرَفَةَ: كُلُّ مَا فِي الدَّارِ الْمَبِيعَةِ حِينَ الْبَيْعِ مِمَّا يُنْقَلُ مِنْ دَلْوٍ وَبَكَرَةٍ وَبَابٍ وَحَجَرٍ وَتُرَابٍ كَانَ مُعَدًّا لِإِصْلَاحِ الدَّارِ أَوْ مِمَّا انْهَدَمَ مِنْهَا فَهُوَ لِبَائِعِهَا لَا لِمُبْتَاعِهَا إلَّا بِشَرْطٍ، وَكَذَا قَالَ ابْنُ فَتُّوحٍ وَغَيْرُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَنَحْوُهُ: قَوْلُهَا مَا كَانَ مُلْقًى فِي الْأَرْضِ مِنْ حَجَرٍ أَوْ بَابٍ أَوْ خَشَبَةٍ أَوْ سَارِيَةٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكْتَرِي فِيهِ. وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ دَارٍ بِيعَتْ وَفِيهَا نَقْضٌ لِرَجُلٍ هُوَ فِيهَا بِكِرَاءٍ أَوْ أَبْوَابٌ فِي بُيُوتِ الدَّارِ فَقَالَ الْمُشْتَرِي وَجَبَ لِي كُلُّ مَا فِي الدَّارِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَرَى الْأَبْوَابَ وَالنَّقْضَ لِلْمُكْتَرِي. ابْنُ رُشْدٍ: إنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ وَلَوْ ادَّعَى النَّقْضَ الْمَبْنِيَّ فِي الدَّارِ وَالْأَبْوَابَ الْمُرَكَّبَةَ فِيهَا وَلَمْ تَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ مِنْهَا، وَلَوْ كَانَ النَّقْضُ مَطْرُوحًا بِالْأَرْضِ وَالْأَبْوَابُ غَيْرُ مُرَكَّبَةٍ لَمَا دَخَلَتْ فِي الْبَيْعِ وَلَكَانَتْ لِلْمُكْتَرِي، بِيعَتْ الدَّارُ أَوْ لَمْ تُبَعْ، مَعَ يَمِينِهِ إنْ ادَّعَاهَا صَاحِبُ الدَّارِ.

(وَرَحًا مَبْنِيَّةٍ بِفَوْقَانِيَّتِهَا وَسُلَّمٍ سُمِّرَ وَفِي غَيْرِهِ قَوْلَانِ) سُئِلَ ابْنُ عَتَّابٍ عَمَّنْ بَاعَ دَارًا فِيهَا مَطَاحِنَ لَمْ تُذْكَرْ فِي الْبَيْعِ وَقَالَ: إنْ كَانَتْ مَبْنِيَّةً فَهِيَ لِلْمُبْتَاعِ وَكَذَلِكَ الدُّرْجُ الْمَبْنِيُّ، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مَبْنِيَّةٍ فَهِيَ لِلْبَائِعِ وَكَذَلِكَ السُّلَّمُ الَّذِي يُنْقَلُ مِنْ مَكَان إلَى مَكَان. وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: الْحَجَرُ الْأَعْلَى لِلْبَائِعِ وَالْأَسْفَلُ لِلْمُبْتَاعِ لِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ فَهُوَ كَسَائِرِ الدَّارِ. وَقَالَ فِي السُّلَّمِ: إنَّهُ لِلْمُبْتَاعِ بِخِلَافِ مَا قَالَ ابْنُ عَتَّابٍ.

قَالَ ابْنُ زَرْبٍ: وَهَذَا مَذْهَبِي أَنَّ السُّلَّمَ دَاخِلٌ فِي الْبَيْعِ.

قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: يُؤَيِّدُ مَا قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَابْنُ زَرْبٍ مَا فِي سَمَاعِ عِيسَى. ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ عَتَّابٍ: السُّلَّمُ الْمَبْنِيُّ لِلْمُبْتَاعِ وَالْمَنْقُولُ لِلْبَائِعِ. ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُ ابْنِ الْعَطَّارِ إنَّ السُّلَّمَ لِلْمُبْتَاعِ غَيْرُ صَحِيحٍ، وَقَوْلُهُ فِي الْمَطَاحِنِ قِيَاسٌ عَلَى مَا قَالَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ مِنْ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ لَا شُفْعَةَ فِي الرَّحَا إنَّمَا يُرِيدُ الْحَجَرَ الْفَوْقِيَّ لَا الْحَجَرَ السُّفْلِيَّ. ابْنُ رُشْدٍ وَالصَّوَابُ فِي الْمَطَاحِنِ أَنَّهَا لِلْبَائِعِ وَلَا عِبْرَةَ بِكَوْنِهَا مَبْنِيَّةً فِي الدَّارِ إذْ لَيْسَتْ مِنْ شِرَاءِ الدَّارِ

ص: 447

وَلَا مِنْ أَنْقَاضِهِ وَإِنَّمَا هِيَ عُرُوضٌ لِلْبَائِعِ مِنْ رَسْمِ مُوصًى مِنْ كِتَابِ الدُّورِ.

(وَتَنَاوَلَ الْعَبْدُ ثِيَابَ مِهْنَتِهِ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ بِيعَتْ الْجَارِيَةُ وَعَلَيْهَا حُلِيٌّ وَثِيَابٌ لَمْ يَشْتَرِطْهَا بَائِعٌ وَلَا مُبْتَاعٌ فَهِيَ لِلْبَائِعِ إلَّا مَا لَا تَتَزَيَّنُ بِهِ فَهُوَ لَهَا. ابْنُ رُشْدٍ: إذَا كَانَ الْحُلِيُّ وَالثِّيَابُ لِلْبَائِعِ لَزِمَهُ أَنْ يَكْسُوَهَا كِسْوَةَ مِثْلِهَا الْبِذْلَةَ وَقِيلَ: لَا يَجِبُ ذَلِكَ عَلَيْهِ (وَهَلْ يُوَفَّى بِشَرْطِ عَدَمِهَا وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ لَا كَمُشْتَرِطِ زَكَاةِ مَا لَمْ

ص: 448

يَطِبْ وَأَنْ لَا عُهْدَةَ وَلَا مُوَاضَعَةَ وَلَا جَائِحَةَ أَوْ إنْ لَمْ يَأْتِ بِالثَّمَنِ لِكَذَا فَلَا بَيْعَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ اشْتَرَطَ بَيْعَ الْجَارِيَةِ عُرْيَانَةً أَوْ شَرَطَ فِي الْعَبْدِ ذَلِكَ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَيُقْضَى عَلَيْهِ بِمَا يُوَارِيهَا مِنْ الثِّيَابِ.

الْمُتَيْطِيُّ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ السِّتِّ مَسَائِلَ الَّتِي ذَكَرَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْبَيْعَ جَائِزٌ وَالشَّرْطَ بَاطِلٌ. وَهِيَ هَذِهِ وَمَسْأَلَةُ مَنْ بَاعَ عَلَى أَنْ لَا زَكَاةَ عَلَيْهِ، وَمَنْ بَاعَ عَلَى أَنْ لَا عُهْدَةَ عَلَيْهِ، وَمَنْ بَاعَ عَلَى أَنْ لَا مُوَاضَعَةَ عَلَيْهِ، وَمَنْ بَاعَ عَلَى أَنْ لَا جَائِحَةَ عَلَيْهِ، وَمَنْ بَاعَ عَلَى أَنَّ الْمُبْتَاعَ إنْ لَمْ يَأْتِ بِالثَّمَنِ إلَى أَجَلِ كَذَا وَإِلَّا فَلَا بَيْعَ لَهُ.

قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ نَزَلَ هَذَا جَازَ الْبَيْعُ وَبَطَلَ الشَّرْطُ قَالَ: وَأَمَّا بَائِعُ السِّلْعَةِ عَلَى أَنَّهُ مَتَى رَدَّ الثَّمَنَ فَهِيَ لَهُ فَفَاسِدٌ لَا يَجُوزُ.

اُنْظُرْ آخِرَ تَرْجَمَةٍ مِنْ الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ. وَقَالَ مَالِكٌ. لَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ لَا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا مِثْلُ الْأَجَلِ الْقَصِيرِ الْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ، لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ أَمَةً لَمْ يَطَأْهَا.

وَفِي كِتَابِ ابْنِ زِيَادٍ: إذَا اشْتَرَى عَبْدًا عَلَى أَنْ لَا يَبِيعَ وَلَا يَهَبَ حَتَّى يَدْفَعَ الثَّمَنَ لِلْبَائِعِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رَهْنٍ إذَا كَانَ الثَّمَنُ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى اهـ.

مِنْ ابْنِ يُونُسَ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَوْ شَرَطَ الْبَائِعُ أَخْذَ الْجَارِيَةِ عُرْيَانَةً فَسَمِعَ أَشْهَبُ يَبْطُلُ شَرْطُهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهَا مَا يُوَارِيهَا، وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ فَتُّوحٍ عَنْ الْمَذْهَبِ غَيْرَ هَذَا. ابْنُ مُغِيثٍ: وَهُوَ الَّذِي جَرَتْ بِهِ الْفَتْوَى.

وَقَالَ عِيسَى: وَرَوَاهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ شَرْطُهُ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَهُوَ الْقِيَاسُ وَبِهِ الْفَتْوَى. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ بَاعَ أَرْضَهُ بِزَرْعِهَا الْأَخْضَرِ وَقَدْ طَابَ فَزَكَاتُهُ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ حِينَ الْبَيْعِ أَخْضَرَ فَاشْتَرَطَهُ الْمُبْتَاعُ فَقَالَ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ. فَإِنْ اشْتَرَطَ زَكَاتَهُ عَلَى الْبَائِعِ لَمْ يُجْزِهِ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَلَا يُعْلَمُ مِقْدَارُهُ. الْقَرَافِيُّ: إنَّمَا هِيَ عَلَى الْمُبْتَاعِ لِحُدُوثِ سَبَبِ الْوُجُوبِ عِنْدَهُ.

ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَوْ شَرَطَ إسْقَاطَ الْعُهْدَةِ حَيْثُ الْعَادَةُ بِثُبُوتِهَا فَفِي سُقُوطِهَا وَلُزُومِهَا ثَالِثَهَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ. رَاجِعْهُ فِيهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي صِحَّةِ إسْقَاطِ الْمُوَاضَعَةِ فِي الْعَقْدِ وَبُطْلَانِهِ ثَالِثُهَا يَبْطُلَانِ مُطْلَقًا، وَرَابِعُهَا إنْ شَرَطَ نَقْدَ الثَّمَنِ، وَخَامِسُهَا إنْ تَمَسَّكَ بِالشَّرْطِ،

ص: 450

وَالْقَوْلُ الثَّانِي هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ. ابْنُ رُشْدٍ: إنْ بَاعَهَا بِشَرْطِ تَرْكِ الْمُوَاضَعَةِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَالشَّرْطُ بَاطِلٌ وَيُحْكَمُ بَيْنَهُمَا بِالْمُوَاضَعَةِ. وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: شَرْطُ إسْقَاطِ الْجَائِحَةِ لَغْوٌ وَهِيَ لَازِمَةٌ.

ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّهُ لَوْ أَسْقَطَهَا بَعْدَ الْعَقْدِ لَمْ يَلْزَمْهُ لِأَنَّهُ إسْقَاطُ حَقٍّ قَبْلَ وُجُوبِهِ فَكَذَا فِي الْعَقْدِ، وَلَا يُؤَثِّرُ فَسَادًا لِأَنَّهُ لَا حَظَّ لَهُ مِنْ الثَّمَنِ لِأَنَّ الْجَائِحَةَ أَمْرٌ نَادِرٌ. ابْنُ رُشْدٍ: وَمِنْ الشُّرُوطِ الْمُقْتَرِنَةِ بِالْبَيْعِ مَا يَجُوزُ فِيهِ الْبَيْعُ وَيَفْسَخُ الشَّرْطَ، وَذَلِكَ مَا كَانَ الشَّرْطُ فِيهِ غَيْرَ صَحِيحٍ إلَّا أَنَّهُ خَفِيفٌ فَلَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَبِيعَ السِّلْعَةَ وَيَشْتَرِطَ إنْ لَمْ يَأْتِ بِالثَّمَنِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ أَوْ نَحْوِهَا فَلَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا (أَوْ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ وَلَا مَالِيَّةَ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ:" لَا إنْ انْتَفَى " إنْ شَرَطَ مَا لَا غَرَضَ فِيهِ وَلَا مَالِيَّةَ يُلْغَى (وَصُحِّحَ؟ تَرَدُّدٌ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُتَيْطِيَّ قَالَ: مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ إنْ شَرَطَ أَخْذَ الْعَبْدِ عُرْيَانًا أَنَّ هَذَا الشَّرْطَ بَاطِلٌ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ فَتُّوحٍ لَمْ يَحْكِ غَيْرَهُ قَالَ ابْنُ مُغِيثٍ: وَبِهِ الْفَتْوَى.

(وَصَحَّ بَيْعُ ثَمَرٍ وَنَحْوِهِ بَدَا صَلَاحُهُ) فِي الْمُوَطَّأِ نَهَى عليه الصلاة والسلام عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا، نَهَى الْبَائِعَ وَالْمُشْتَرِيَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَبَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا مِنْ بَيْعِ الْغَرَرِ (وَلَمْ يَسْتَثْنِ) ابْنُ الْحَاجِبِ: بَيْعُ الثَّمَرِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ يَصِحُّ مَا لَمْ يَسْتَثْنِ نَحْوَ الْبِزْرِ مِنْ الْكَتَّانِ. الْبَاجِيُّ: لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْرِدَ الْحِنْطَةَ فِي سُنْبُلِهَا بِالشِّرَاءِ دُونَ السُّنْبُلِ، وَكَذَلِكَ الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ وَالْبَاقِلَّا لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْرَدَ بِالْبَيْعِ دُونَ قِشْرِهِ عَلَى الْجُزَافِ مَا دَامَ فِيهِ، وَأَمَّا شِرَاءُ السُّنْبُلِ إذَا يَبِسَ وَلَمْ يَنْفَعْهُ الْمَاءُ فَجَائِزٌ، وَكَذَلِكَ الْجَوْزُ وَاللَّوْزُ وَالْبَاقِلَّا.

وَفِي رَسْمِ الصُّبْرَةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى: لَا يَجُوزُ شِرَاءُ الْفُولِ وَالْحِمَّصِ أَخْضَرَ عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ الْبَائِعُ حَتَّى يَيْبَسَ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا مِثْلُ مَا لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقَدْ أَجَازُوا شِرَاءَ الْعِنَبِ وَالتِّينِ إذَا طَابَ عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ مُشْتَرِيهِ حَتَّى يَيْبَسَ. وَحَكَى الْفَضْلُ أَنَّ هَذَا اخْتِلَافٌ مِنْ الْقَوْلِ يَدْخُلُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ انْتَهَى نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ. (وَقَبْلَهُ مَعَ أَصْلِهِ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْبَاجِيِّ لَا خِلَافَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الْمُبْتَاعُ الثَّمَرَةَ الْمَأْبُورَةَ أَنَّهَا لَهُ بِالشَّرْطِ (أَوْ أُلْحِقَ بِهِ) الْبَاجِيُّ: إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ فِي الْعَقْدِ ثُمَّ أَرَادَ

ص: 451

أَنْ يُلْحِقَهُ بِالْعَقْدِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ جَائِزٌ فِي مَالِ الْعَبْدِ وَثَمَرَةِ النَّخْلِ.

ابْنُ زَرْقُونٍ: وَسَوَاءٌ اسْتَلْحَقَ ذَلِكَ بِحِدْثَانِ الْعَقْدِ أَوْ بَعْدَ مُدَّةٍ. اُنْظُرْ أَوَّلَ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ (أَوْ عَلَى قَطْعِهِ) فِي الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا: جَوَازُ بَيْعِ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ عَلَى جَدِّهِ (إنْ نَفَعَ وَاضْطُرَّ لَهُ وَلَمْ يَتَمَالَأْ عَلَيْهِ) اللَّخْمِيِّ: شَرْطُ ذَلِكَ بُلُوغُ الثَّمَرِ أَنْ يُنْتَفَعَ بِهِ وَاحْتِيجَ لِبَيْعِهِ وَلَمْ يَتَمَالَأْ عَلَيْهِ أَكْثَرُ أَهْلِ مَوْضِعِهِ وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ فَسَادٌ.

ابْنُ رُشْدٍ: شِرَاءُ الْحِصْرِمِ وَسَائِرِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَطِيبَ عَلَى أَنْ يُقْطَعَ جَائِزٌ إلَّا أَنَّهُ كُرِهَ فِي الرِّوَايَةِ ذَلِكَ فِيمَا عَدَا الْأَمْصَارِ الْقَلِيلَةِ الثِّمَارِ رِفْقًا بِأَهْلِ ذَلِكَ الْمَكَانِ كَالْمَنْعِ مِنْ بَيْعِ الْفَتَايَا مِنْ الْبَقَرِ الْقَوِيَّةِ الْحَرْثِ لِلذَّبْحِ نَظَرًا لِلْعَامَّةِ وَصَلَاحًا لَهُمْ، وَكَمَا كُرِهَ أَنْ يُؤَثِّرَ فِي التِّينِ أَثَرٌ كَالْجُرْحِ لِيُسْرِعَ لَهَا التَّرْطِيبُ قَبْلَ أَوَانِهِ نَظَرًا لِلْعَامَّةِ إذْ فِيهِ فَسَادٌ لِلثَّمَرَةِ مِنْ رَسْمِ شَكَّ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ (لَا عَلَى التَّبْقِيَةِ) . ابْنُ عَرَفَةَ: بَيْعُ الثَّمَرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ عَلَى بَقَائِهِ نُصُوصُ الْمَذْهَبِ فَسَادُهُ.

وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: هَذَا إنْ شَرَطَا مُصِيبَتَهُ مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ مِنْ الْبَائِعِ وَالْبَيْعُ بِالنَّقْدِ لِأَنَّهُ تَارَةً بَيْعٌ وَتَارَةً سَلَفٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُصِيبَةُ مِنْ الْبَائِعِ وَالْبَيْعُ بِغَيْرِ نَقْدٍ جَازَ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ لِلسُّيُورِيِّ نَحْوُ هَذَا، وَكَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله يَقُولُ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمَازِرِيِّ أَنَّ قَوْلَ السُّيُورِيِّ هُوَ الْفِقْهُ. اُنْظُرْ إذَا اشْتَرَى الثَّمَرَةَ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلَى التَّبْقِيَةِ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَصْلَ أَنَّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا اشْتَرَاهَا عَلَى الْجَدِّ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَصْلَ أَنَّ لَهُ أَنْ يُبْقِيَهَا. وَانْظُرْ أَيْضًا بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْأَصْلَ أَوْ يَرِثَهُ فَرْقٌ، وَانْظُرْ أَيْضًا بَيْنَ أَنْ يَصِيرَ لَهُ بِالْإِرْثِ مِنْ الْبَائِعِ أَوْ غَيْرِهِ فَرْقٌ، وَانْظُرْ أَيْضًا إذَا اشْتَرَى الثَّمَرَةَ قَبْلَ الْإِبَارِ عَلَى الْبَقَاءِ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَصْلَ فَلَمْ يَفْطِنْ لِذَلِكَ حَتَّى أَزْهَتْ فَإِنَّ الْبَيْعَ مَاضٍ وَعَلَيْهِ قِيمَةُ الثَّمَرَةِ. وَانْظُرْهُ أَيْضًا إذَا اشْتَرَى الثَّمَرَةَ قَبْلَ الْإِبَارِ عَلَى الْبَقَاءِ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَصْلَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ شِرَاؤُهُ الْأَصْلَ قَبْلَ الْإِبَارِ فَتُفْسَخُ الصِّفَتَانِ أَوْ بَعْدَهُ فَتُفْسَخُ الثَّمَرَةُ وَحْدَهَا فَرْقٌ.

اُنْظُرْ رَسْمَ الثَّمَرَةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ (وَالْإِطْلَاقِ) عَبْدُ الْوَهَّابِ: بَيْعُ الثِّمَارِ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: عَلَى الْجِدَادِ وَعَلَى التَّبْقِيَةِ أَوْ مُطْلَقًا لَا شَرْطَ فِيهِ، فَأَمَّا عَلَى الْجَدِّ فَيَجُوزُ بِإِجْمَاعٍ، وَأَمَّا عَلَى التَّبْقِيَةِ فَلَا يَجُوزُ بِإِجْمَاعٍ، وَأَمَّا مُطْلَقًا فَلَا يَجُوزُ عِنْدَنَا.

(وَبُدُوُّهُ فِي بَعْضِ حَائِطٍ كَافٍ فِي جِنْسِهِ إنْ لَمْ يُبَكَّرْ) مِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: إذَا أَزْهَى فِي الْحَائِطِ نَخْلَةٌ أَوْ دَالِيَةٌ بِيعَ جَمِيعُهُ بِذَلِكَ مَا لَمْ تَكُنْ بَاكُورَةً.

قَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا عُجِّلَ زَهْوُ الْحَائِطِ جَازَ بَيْعُهُ، وَإِذَا أَزْهَتْ الْحَوَائِطُ حَوْلَهُ وَلَمْ يُزْهِ هُوَ جَازَ بَيْعُهُ. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَحَبُّ إلَيَّ حَتَّى يُزْهِيَ هُوَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَالْأَوَّلُ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ لَوْ

ص: 452

مَلَكَ مَا حَوَالَيْهِ جَازَ بَيْعُهَا بِإِزْهَاءِ بَعْضِهَا إلَى أَنْ يَتَفَاحَشَ تَبَاعُدُ بَعْضِهَا مِنْ بَعْضٍ. انْتَهَى نَقْلُ ابْنِ يُونُسَ. ابْنُ الْقَاسِمِ: يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ الْحَائِطَ فِيهِ صِنْفٌ وَاحِدٌ مِنْ الثَّمَرِ يَبْدُو صَلَاحُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعُمَّ كُلَّ الْحَائِطِ إنْ كَانَ طَيِّبُهُ مُتَتَابِعًا. ابْنُ رُشْدٍ: يُرِيدُ بِالصِّنْفِ الْوَاحِدِ أَنَّهُ نَخْلٌ كُلُّهُ أَوْ تِينٌ كُلُّهُ أَوْ رُمَّانٌ كُلُّهُ وَلَوْ اخْتَلَفَتْ أَجْنَاسُ ذَلِكَ إذَا تَتَابَعَ طَيِّبُ جَمِيعِهِ قَرِيبًا بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ.

قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: وَإِنْ لَمْ يَقْرَبْ بَعْضُهُ مِنْ بَعْضٍ إنْ كَانَ لَا يَفْرُغُ آخِرُ الْأَوَّلِ حَتَّى يَطِيبَ أَوَّلُ الْآخِرِ وَيُقَوَّمَ هَذَا مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فِي رَسْمِ ط ل ق. ابْنُ رُشْدٍ: وَمَا اُسْتُعْجِلَ زَهْوُهُ بِسَبَبِ مَرَضٍ فِي الثَّمَرَةِ وَشَبَهِهِ لَمْ يُبَعْ بِهِ الْحَائِطُ اتِّفَاقًا.

(لَا بَطْنٌ ثَانٍ بِأَوَّلَ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الشَّجَرَةُ تُطْعِمُ بَطْنَيْنِ فِي السَّنَةِ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ لَا يُبَاعُ الْبَطْنُ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ بَلْ كُلُّ بَطْنٍ وَحْدَهُ. ابْنُ رُشْدٍ: ظَاهِرُ قَوْلِهِ: " لَا يَجُوزُ " وَإِنْ كَانَ لَا يَنْقَطِعُ الْأَوَّلُ حَتَّى يَبْدُوَ طِيبُ الثَّانِي وَهُوَ خِلَافُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ. وَرَوَى ابْنُ نَافِعٍ فِي جَوَازِ بَيْعِ الْبَطْنِ الثَّانِي مَعَ الْأَوَّلِ إنْ كَانَ لَا يَنْقَطِعُ الْأَوَّلُ حَتَّى يُدْرِكَهُ الثَّانِي.

ابْنُ عَرَفَةَ: يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْبَطْنَ الثَّانِيَ غَيْرُ مَوْجُودٍ حِينَ بِيعَ الْأَوَّلُ وَلَا مَرْئِيٌّ بِخِلَافِ الصِّنْفَيْنِ لِأَنَّهُمَا مَرْئِيَّانِ حِينَ يَبِيعُ أَوَّلَهُمَا طَيِّبًا، وَلَمْ يَنْقُلْ ابْنُ يُونُسَ فِيمَا يُطْعِمُ بُطُونًا مُتَوَالِيَةً إلَّا جَوَازَ بَيْعِهِ بِطِيبِ أَوَّلِ بَطْنٍ مِنْهُ، وَلَمْ يَنْقُلْ سَمَاعَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَنَقَلَ إنْ قِيلَ: إنَّ الثَّمَرَةَ إنَّمَا تَزِيدُ حَلَاوَةً وَهَذَا بَطْنٌ بَعْدَ بَطْنٍ قِيلَ ذَلِكَ كَاتِّصَالِ خُرُوجِ لَبَنِ الظِّئْرِ يَخْرُجُ كُلَّ حِينٍ، وَقَدْ أَجَازَ اللَّهُ الْإِجَارَةَ عَلَى ذَلِكَ وَالْإِجَارَةُ بَيْعٌ. ابْنُ يُونُسَ: وَكَبَيْعِ لَبَنِ غَنَمٍ مُعَيَّنَةٍ جُزَافًا شَهْرًا، وَأَمَّا بَيْعُ التِّينِ عِنْدَنَا بِصِقِلِّيَةَ فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ الْبَطْنِ الثَّانِي مِنْهُ بِطِيبِ الْأَوَّلِ لِانْقِطَاعِهِ مِنْهُ وَتَبَاعُدِ مَا بَيْنَهُمَا، فَهُوَ بِخِلَافِ الْمُتَّصِلِ.

اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَخِلْفَةِ الْقَصِيلِ ". ابْنُ رُشْدٍ: إنْ كَانَ الْحَائِطُ أَصْنَافًا مِثْلَ عِنَبٍ وَتِينٍ وَرُمَّانٍ فَلَا يُبَاعُ مَا لَمْ يَطِبْ مِنْ صِنْفٍ بِمَا طَابَ مِنْ آخَرَ اتِّفَاقًا وَلَوْ قَرُبَ وَتَتَابَعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَا لَمْ يَطِبْ تَبَعًا لِمَا طَابَ عَلَى اخْتِلَافٍ نَذْكُرُهُ. سَمِعَ أَشْهَبُ: لَا خَيْرَ فِي بَيْعِ شَجَرِ تِينٍ شَتْوِيٍّ لَمْ يَطِبْ الْآنَ وَلَا إلَى شَهْرٍ مَعَ أَشْجَارِ تِينٍ طَابَتْ الْآنَ. ابْنُ رُشْدٍ: إذَا كَانَ الشَّتْوِيُّ لَا يَطِيبُ حَتَّى يَنْقَضِيَ ثَمَرُ الَّذِي لَيْسَ بِشَتْوِيٍّ، فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَيْعُ الشَّتْوِيِّ بِطَيِّبِ الَّذِي لَيْسَ بِشَتْوِيٍّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لِلْمُشْتَرِي فِي حَيِّزِ الْبَيْعِ الثُّلُثُ فَأَقَلُّ فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ. فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ دَلِيلٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ.

وَقَالَ التُّونِسِيُّ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُبْتَاعِ فِي بَقَاءِ مَا لَمْ يَطِبْ لِلْبَائِعِ إذْ لَا بُدَّ مِنْ دُخُولِ الْحَائِطِ لِسَقْيِهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَلَوْ كَانَ الْمُبْتَاعُ أَرَادَ أَنْ يَنْفَرِدَ بِعِيَالِهِ فِي الْحَائِطِ وَشَرَطَ السَّقْيَ عَلَى نَفْسِهِ لَجَازَ ذَلِكَ قِيَاسًا عَلَى الشَّجَرَةِ فِي الدَّارِ، فَسَمَاعُ أَشْهَبَ مُخَالِفٌ لِمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ لَا يَكُونَ خِلَافًا لِمَا ذَهَبَ إلَيْهِ التُّونِسِيُّ انْتَهَى. اُنْظُرْ ابْنَ يُونُسَ فِي أَوَّلِ تَرْجَمَةٍ مِنْ الْجَوَائِحِ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي فَإِنَّهُ أَتَى بِقَوْلِ التُّونِسِيِّ فِقْهًا مُسَلَّمًا غَيْرَ مَعْزُوٍّ. الْمُتَيْطِيُّ: سَقْيُ الثَّمَرَةِ الْمُشْتَرَاةِ بَعْدَ بُدُوِّ صَلَاحِهَا عَلَى الْبَائِعِ رَوَاهُ مُحَمَّدٌ.

قَالَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ رحمه الله: إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي أَوْ يَكُونَ بِهِ عُرْفٌ كَمَا بِبَلَدِنَا غَرْنَاطَةَ فِي بَيْعِ الْعَصِيرِ وَالْمَقَاثِئِ. وَمِنْ

ص: 453

الِاسْتِغْنَاءِ مَا نَصُّهُ: الْقَضَاءُ فِي قُبَالَةِ الْجِنَانِ وَالشَّجَرِ وَإِذَا كَانَتْ الشَّجَرُ فِي الْجِنَانِ قَلِيلَةً تَكُونُ أَقَلَّ مِنْ قِيمَةِ ثُلُثِ الْقُبَالَةِ جَازَ قُبَالَتُهَا وَاشْتِرَاطُ الشَّجَرِ، وَإِنَّمَا تُقْسَمُ الْقِيمَةُ عَلَيْهَا بِقُبَالَةِ الْأَرْضِ بِلَا شَجَرٍ وَعَلَى الْعَامِلِ الشَّجَرُ وَمَا يُسَاوِي ذَلِكَ وَمُؤْنَتُهُ ثُمَّ يَفُضُّ الْجَمِيعَ، فَإِذَا وَقَعَ ثَمَرُ الشَّجَرِ فِي الثُّلُثِ جَازَ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ

حَمْدِيسٌ: فَإِنْ اسْتَثْنَى الْمُتَقَبِّلُ بَعْضَ الشَّجَرِ إذَا كَانَتْ تَبَعًا لَمْ يَجُزْ وَإِنَّمَا يَسْتَثْنِي الْجَمِيعَ أَوْ يَتْرُكُ.

قَالَ الْجَزِيرِيُّ: وَيَعْقِدُ فِي ذَلِكَ اكْتَرَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ الْجَنَّةِ الَّتِي بِغَرْبِيِّ مَدِينَةِ كَذَا بِقَاعَتِهَا وَبَيْتِ الْجِنَانِ مِنْهَا وَبِئْرِ سَقْيِهَا وَصِهْرِيجِهَا وَسَوَادِهَا كُلِّهَا إذْ هُوَ تَبَعٌ لِبَيَاضِهَا، وَعَلِمَ أَنَّ ثَمَرَةَ سَوَادِ الْجَنَّةِ تَطِيبُ كُلَّ عَامٍ قَبْلَ انْقِضَائِهِ قَالَ: وَجَرَتْ عَادَةُ بَعْضِهِمْ بِأَنْ يُفْتَتَحَ الْعَقْدُ بِاسْمِ الْقُبَالَةِ فَيَقُولَ تَقَبُّلُ فُلَانٍ الْأَوَّلِ أَحْسَنُ. .

(وَهُوَ الزَّهْوُ) . الْبَاجِيُّ: الْإِزْهَاءُ فِي ثَمَرِ النَّخْلِ أَنْ تَبْدُوَ فِيهَا الْحُمْرَةُ أَوْ الصُّفْرَةُ وَهُوَ بُدُوُّ الصَّلَاحِ وَذَلِكَ بَعْدَ أَنْ تَطْلُعَ الثُّرَيَّا مَعَ طُلُوعِ الْفَجْرِ فِي النِّصْفِ الْأَخِيرِ مِنْ شَهْرِ مايه الْأَعْجَمِيِّ.

(وَظُهُورُ الْحَلَاوَةِ وَالتَّهَيُّؤُ لِلنُّضْجِ) الْبَاجِيُّ: وَبُدُوُّ صَلَاحِ التِّينِ أَنْ يَطِيبَ وَتُوجَدَ فِيهِ الْحَلَاوَةُ وَيَظْهَرَ السَّوَادُ فِي أَسْوَدِهِ وَالْبَيَاضُ فِي أَبْيَضِهِ، وَكَذَلِكَ الْعِنَبُ الْأَسْوَدُ بُدُوُّ صَلَاحِهِ أَنْ يَنْحُوَ إلَى السَّوَادِ وَأَنْ يَنْحُوَ أَبْيَضُهُ إلَى الْبَيَاضِ مَعَ النُّضْجِ، وَكَذَلِكَ الزَّيْتُونُ بُدُوُّ صَلَاحِهِ أَنْ يَنْحُوَ إلَى السَّوَادِ (وَفِي ذِي النَّوْرِ بِانْفِتَاحِهِ وَالْبُقُولِ بِإِطْعَامِهَا) الْمُتَيْطِيُّ: يَجُوزُ بَيْعُ الْمَقَاثِئِ وَالْمَبَاطِخِ إذَا بَدَا صَلَاحُ أَوَّلِهَا وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ مَا بَعْدَهُ، وَكُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي إلَى تَمَامِ إطْعَامِهِ، وَالْوَرْدُ وَالْيَاسَمِينُ إذَا آنَ قِطَافُ أَوَّلِهِ وَكُلِّهِ لِلْمُشْتَرِي إلَى آخِرِ إبَّانِهِ. الْبَاجِيُّ: وَأَمَّا الْجَزَرُ وَاللِّفْتُ وَالْفُجْلُ وَالثُّومُ وَالْبَصَلُ فَبُدُوُّ صَلَاحِهِ إذَا اسْتَقَلَّ وَرَقُهُ وَانْتُفِعَ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِي قَلْعِهِ فَسَادٌ، وَقَصَبُ السُّكَّرِ إذَا طَابَ وَلَمْ يَكُنْ كَسْرُهُ فَسَادًا، وَالْوَرْدُ وَالْيَاسَمِينُ وَسَائِرُ الْأَنْوَارِ أَنْ يَنْفَتِحَ كِمَامُهُ وَيَظْهَرَ نَوْرُهُ، وَالْقَصَبُ وَالْقَصِيلُ وَالْقُرْطُ إذَا بَلَغَ أَنْ يُرْعَى دُونَ فَسَادٍ (وَهَلْ هُوَ فِي الْبِطِّيخِ الِاصْفِرَارُ أَوْ التَّهَيُّؤُ لِلنُّضْجِ؟ قَوْلَانِ) الَّذِي لِابْنِ يُونُسَ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إنَّمَا يَجُوزُ بَيْعُ الْقِثَّاءِ وَالْفَقُّوسِ، إذَا بَلَّحَ وَذَلِكَ حِينَ يُؤْكَلُ فَيُوجَدُ لَهُ طَعْمٌ عِنْدَ أَوَّلِ ظُهُورِهِ، وَأَمَّا الْبِطِّيخُ فَلَيْسَ كَذَلِكَ وَلَكِنْ إذَا نَحَى نَاحِيَةَ الْبِطِّيخِ بِالِاصْفِرَارِ، وَاللَّبَنُ وَالطِّيَابُ وَالْجَزَرُ وَالْمَوْزُ كَذَلِكَ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ مَعَ بَقِيَّةِ بُطُونِهِ، وَانْظُرْ رَسْمَ الْبُيُوعِ الْأَوَّلَ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ أَنَّ شِرَاءَ لَبَنِ الْغَنَمِ شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ جَائِزٌ بِخِلَافِ شِرَاءِ ثَمَرَةِ الْمَقْثَأَةِ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهَا شَهْرًا أَوْ شَهْرَيْنِ، وَيَجُوزُ شِرَاءُ ثَمَرَةِ الْمَقْثَأَةِ إذَا بَدَا صَلَاحُهَا حَتَّى يَنْقَطِعَ بِخِلَافِ ثَمَرَةِ الْمَقْثَأَةِ.

وَقَالَ الْبَاجِيُّ عَنْ أَشْهَبَ: بُدُوُّ صَلَاحِ الْبِطِّيخِ أَنْ يُؤْكَلَ فَقُّوسًا قَدْ تَهَيَّأَ لِلنُّضْجِ وَأَمَّا الصِّفَارُ فَلَا يُرَاعَى. ابْنُ حَبِيبٍ: الْغَرَضُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ عَلَى وَجْهِ مَا يُؤْكَلُ مِنْهُ (وَلِلْمُشْتَرِي بُطُونٌ كَيَاسَمِينِ وَمَقْثَأَةٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُتَيْطِيِّ: " كُلُّهُ لِلْمُشْتَرِي إلَى آخِرِ إبَّانِهِ " وَقَوْلُهُ فِي الْمَقَاثِئِ: " إلَى تَمَامِ إطْعَامِهِ.

" (وَلَا يَجُوزُ بِكَشَهْرٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَشْتَرِيَ مَا تُطْعِمُ

ص: 454

الْمَقْثَأَةُ شَهْرًا لِاخْتِلَافِ الْحَمْلِ فِي كَثْرَةِ الْحَمْلِ وَقِلَّتِهِ (وَوَجَبَ ضَرْبُ الْأَجَلِ إنْ اسْتَمَرَّ كَالْمَوْزِ) عَبْدُ الْوَهَّابِ: الْوَرْدُ وَالْيَاسَمِينُ كَالْمَقَاثِئِ، وَأَمَّا الْمَوْزُ فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ضَرْبِ الْأَجَلِ أَوْ يُسْتَثْنَى بُطُونًا مَعْلُومَةً.

(وَمَضَى بَيْعُ حَبٍّ أَفْرَكَ قَبْلَ يُبْسِهِ بِقَبْضِهِ) سَمِعَ يَحْيَى: سَأَلْته عَنْ الرَّجُلِ يَبِيعُ الزَّرْعَ وَقَدْ أَفْرَكَ، وَالْفُولَ وَقَدْ امْتَلَأَ حَبُّهُ وَهُوَ أَخْضَرُ، وَالْحِمَّصَ وَالْعَدَسَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيَتْرُكُهُ مُشْتَرِيهِ حَتَّى يَيْبَسَ وَيُحْصَدَ، أَيَجُوزُ بَيْعُهُ؟ فَقَالَ: إنْ عَلِمَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَيْبَسَ فُسِخَ الْبَيْعُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَيْبَسَ مَضَى الْبَيْعُ وَلَمْ يُفْسَخْ، وَلَيْسَ هُوَ مِثْلَ مَنْ يَشْتَرِي الثَّمَرَةَ قَبْلَ أَنْ تُزْهِيَ لِأَنَّ النَّهْيَ جَاءَ فِي بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ تُزْهِيَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي وَقْتِ بَيْعِ الزَّرْعِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إذَا أَفْرَكَ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَتَّى يَيْبَسَ، فَأَنَا أُجِيزُ الْبَيْعَ إذَا فَاتَ بِالْيُبْسِ لِمَا جَاءَ فِيهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ وَأَرُدُّهُ إذَا عُلِمَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَيْبَسَ. ابْنُ رُشْدٍ: لَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَيْبَسَ وَيَسْتَغْنِيَ عَنْ الْمَاءِ إلَّا أَنَّهُ إذَا بِيعَ عِنْدَهُمْ بَعْدَ أَنْ أَفْرَكَ وَقَبْلَ أَنْ يَيْبَسَ لَا يَحْكُمُونَ لَهُ بِحُكْمِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ مُرَاعَاةً لِمَنْ أَجَازَ ذَلِكَ مِنْهُمْ. ابْنُ شِهَابٍ: وَظَاهِرُ مَا فِي السَّلَمِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يُفْسَخُ وَإِنْ قَبَضَ مَا لَمْ يَفُتْ بَعْدَ الْقَبْضِ. وَقَوْلُهُ فِي الْفُولِ وَالْحِمَّصِ: " إنَّهُ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهُ أَخْضَرَ عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ الْبَائِعُ حَتَّى يَيْبَسَ " هُوَ مِثْلُ مَا لَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ أَجَازُوا شِرَاءَ الْعِنَبِ وَالثَّمَرِ إذَا طَابَ عَلَى أَنْ يَتْرُكَهُ حَتَّى يَيْبَسَ. وَحَكَى الْفَضْلُ أَنَّ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ مِنْ الْقَوْلِ يَدْخُلُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.

(وَرُخِّصَ لِمُعْرٍ) مَالِكٌ: الْعَرِيَّةُ هِبَةُ الثَّمَرِ مِنْ نَخْلٍ أَوْ شَجَرٍ. فِي الْمُوَطَّأِ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْمُزَابَنَةِ وَأَرْخَصَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا مَا دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ أَوْ فِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ» (وَقَائِمٍ مَقَامَهُ وَإِنْ بِاشْتِرَاءِ الثَّمَرَةِ فَقَطْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا بَاعَ الْمُعْرِي أَصْلَ حَائِطِهِ دُونَ ثَمَرَتِهِ أَوْ ثَمَرَتَهُ دُونَ أَصْلِهِ أَوْ الثَّمَرَةَ مِنْ رَجُلٍ وَالْأَصْلَ مِنْ آخَرَ، وَجَازَ لِمَالِكِ الثَّمَرَةِ شِرَاءُ الْعَرِيَّةِ الْأُولَى بِخَرْصِهَا تَمْرًا إلَى الْجُذَاذِ. قَالَ: وَلَوْ بَاعَ الْمُعْرِي عَرِيَّتَهُ بَعْدَ الزَّهْوِ بِمَا يَجُوزُ لَهُ أَوْ وَهَبَهَا جَازَ لِمُعْرِيهَا شِرَاؤُهَا بِالْخَرْصِ مِمَّنْ صَارَتْ لَهُ كَمَنْ أَسْكَنْته دَارًا حَيَاتَهُ فَوَهَبَ هُوَ سُكْنَاهَا لِغَيْرِهِ، كَانَ لَك شِرَاءُ السُّكْنَى مِنْ الْمَوْهُوبِ كَمَا كَانَ لَك شِرَاؤُهَا مِنْ الَّذِي

ص: 455

وَهَبْته. قَالَ: وَلَا يَجُوزُ لِمَنْ أَسْكَنْته حَيَاتَهُ أَنْ يَبِيعَ سُكْنَاهُ مِنْ غَيْرِهِ لِأَنَّهُ غَرَرٌ وَلَهُ أَنْ يَهَبَهُ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: وَإِذَا بَاعَ الْمُعْرِي أَصْلَ حَائِطِهِ وَثَمَرَتَهُ جَازَ لَهُ شِرَاءُ الْعَرِيَّةِ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لِأَنَّهُ يُجِيزُ شِرَاءَهَا لِوَجْهَيْنِ لِلرِّفْقِ وَلِدَفْعِ الضَّرَرِ فَهُوَ رِفْقٌ بِالْمُعْرِي.

(اشْتِرَاءُ ثَمَرَةٍ تَيْبَسُ كَلَوْزٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا أَعْرَاهُ مَا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ مِثْلَ التَّمْرِ وَالتِّينِ وَالْعِنَبِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَشِبْهِهِ، جَازَ لِمُعْرِيهَا أَنْ يَشْتَرِيَ الثَّمَرَةَ إذَا أَزْهَتْ وَحَلَّ بَيْعُهَا لَا قَبْلَ ذَلِكَ بِخَرْصِهَا يَابِسَةً إلَى الْجُذَاذِ إنْ كَانَتْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ. ابْنُ بَشِيرٍ: وَلَا يَجُوزُ تَعْجِيلُهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ إلَّا أَنْ يَنْعَقِدَ الْبَيْعُ عَلَى التَّأْجِيلِ ثُمَّ يُرِيدُ التَّعْجِيلَ وَيَتَرَاضَيَا عَلَى ذَلِكَ فَالْمَنْصُوصُ جَوَازُهُ، وَإِذَا جَازَ شِرَاءُ الْعَرِيَّةِ بِالْخَرْصِ فَهُوَ بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَالْعُرُوضِ أَجْوَزُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ.

(وَلَا كَمَوْزٍ إنْ لَفَظَ بِالْعَرِيَّةِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَوْ وَهَبَ ثَمَرَ حَائِطِهِ أَوْ جُزْءًا مِنْهُ أَوْ ثَمَرَ نَخْلٍ مُعَيَّنَةٍ سِنِينَ قَبْلَ الزَّهْوِ لَمْ يَجُزْ لَهُ شِرَاءُ ثَمَرَةِ ذَلِكَ أَوْ بَعْضِهِ بِالْخَرْصِ وَلَكِنْ بِعَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ، وَالسَّقْيُ فِي ذَلِكَ عَلَى الْمَوْهُوبِ وَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ إنْ بَلَغَ حِصَّةَ مَا فِيهِ الزَّكَاةُ، وَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ فَلَا زَكَاةَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: يُفَرَّقُ بَيْنَ الْعَرِيَّةِ وَالْهِبَةِ فِي السَّقْيِ وَالزَّكَاةِ وَانْظُرْ الصَّدَقَةَ.

(وَبَدَا صَلَاحُهَا وَكَانَ خَرْصُهَا وَنَوْعُهَا يُوفِي عِنْدَ الْجُذَاذِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ شِرَاءُ الْعَرِيَّةِ بِثَمَرٍ مِنْ غَيْرِ صِنْفِهَا إلَى الْجُذَاذِ وَلَا بِرُطَبٍ أَوْ بُسْرٍ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ شِرَاؤُهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا مِنْ صِنْفِهَا إلَى الْجُذَاذِ بِعَيْنٍ أَوْ عَرَضٍ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ، وَلَا يَجُوزُ شِرَاؤُهَا قَبْلَ زَهْوِهَا بِعَيْنٍ وَلَا بِعَرَضٍ إلَّا عَلَى أَنْ يَجُذَّهَا مَكَانَهُ، وَلَا يَجُوزُ أَيْضًا لِتَخَرُّصِهَا تَمْرًا جَذَّهَا أَوْ لَمْ يَجُذَّهَا.

قَالَ مَالِكٌ: وَلَا تُبَاعُ بِخَرْصِهَا مِنْ بَرْنِيِّ وَهِيَ عَجْوَةٌ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَيَجُوزُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَنْ يُعْطِيَهُ تَمْرًا مِنْ غَيْرِ صِنْفِهَا كَالطَّعَامِ الْقَرْضِ الَّذِي يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ فِيهِ بَعْدَ الْأَجَلِ خِلَافَ صِنْفِهِ مِثْلَ الْكَيْلِ بِخِلَافِ الطَّعَامِ مِنْ بَيْعٍ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّ الْعَرَايَا طَرِيقُهَا الْمَعْرُوفُ، وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ يَجُوزَ لَهُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ

ص: 456

كَالْقَرْضِ.

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَإِنْ تَطَوَّعَ لَهُ بِتَعْجِيلِ خَرْصِهَا قَبْلَ الْجُذَاذِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ. الْبَاجِيُّ: مَا يُتَمَّرُ وَلَا يُزَبَّبُ مِنْ الْعِنَبِ فَعَلَى شَرْطِ التَّيْبِيسِ يَجِبُ أَنْ لَا يَجُوزَ لِأَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ أَنْ يُعْطِيَهُ تَمْرًا فَإِنَّمَا يَشْتَرِطُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْ صِنْفٍ غَيْرِهِ (فِي الذِّمَّةِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَجُوزُ بَيْعُهَا بِعَجْوَةٍ مِنْ صِنْفِهَا مِنْ حَائِطٍ آخَرَ مُعَيَّنٍ وَلَكِنْ بِتَمْرٍ مَضْمُونٍ عَلَيْهَا مِنْ صِنْفِهَا (وَخَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ) تَقَدَّمَ نَصُّهَا إنْ كَانَتْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَقَلَّ.

(وَلَا يَجُوزُ أَخْذُ زَائِدٍ عَلَيْهِ مَعَهُ بِعَيْنٍ عَلَى الْأَصَحِّ) ابْنُ يُونُسَ: إذَا أَعْرَاهُ أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَاشْتَرَى خَمْسَةَ أَوْسُقٍ بِالْخَرْصِ وَالزَّائِدَ عَلَيْهَا بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِ بَلَدِنَا: إنَّهُ جَائِزٌ. وَمَنَعَ مِنْهُ بَعْضُهُمْ وَالصَّوَابُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَنَّهَا رُخْصَةٌ خَرَجَتْ عَنْ حَدِّهَا كَمُسَاقَاةٍ وَبَيْعٍ وَقِرَاضٍ وَبَيْعٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الرُّخْصَةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فَكَذَلِكَ هَذَا (إلَّا لِمَنْ أَعْرَى عَرَايَا فِي حَوَائِطَ فَمِنْ كُلٍّ خَمْسَةٌ إنْ كَانَ بِأَلْفَاظٍ لَا بِلَفْظٍ عَلَى الْأَرْجَحِ) حُكِيَ عَنْ الْقَابِسِيِّ فِي الرَّجُلِ يُعْرِي حَوَائِطَ لَهُ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ مِنْ كُلِّ حَائِطٍ أَعْرَى الْحَوَائِطَ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ أَوْ لِرَجُلَيْنِ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ: إنْ أَعْرَى تِلْكَ الْحَوَائِطَ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فَلَا يَشْتَرِي مِنْ جَمِيعِ الْحَوَائِطِ بِالْخَرْصِ إلَّا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ. قَالَ حَاكِي الْقَوْلَيْنِ وَيَظْهَرُ لِي إنْ كَانَ أَعْرَى ذَلِكَ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ فِي لَفْظٍ وَاحِدٍ وَعَقْدٍ وَاحِدٍ فَهِيَ عَرِيَّةٌ وَاحِدَةٌ وَلَا يَشْتَرِي مِنْ الْحَوَائِطِ إلَّا خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَقَطْ، وَإِنْ أَعْرَاهُ ذَلِكَ فِي أَوْقَاتٍ مُتَفَرِّقَةٍ فَيَحْسُنُ هَاهُنَا أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْ كُلِّ حَائِطٍ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ بِخَرْصِهَا لِأَنَّهَا عَرِيَّةٌ بَعْدَ عَرِيَّةٍ. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: يُؤَيِّدُ هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِيمَنْ اشْتَرَى حَوَائِطَ فَأَصَابَتْهَا جَائِحَةٌ أَنَّهُ إنْ كَانَ شِرَاؤُهُ لِذَلِكَ فِي صَفَقَاتٍ فَجَائِحَةُ كُلِّ حَائِطٍ عَلَى حِدَةٍ، وَإِنْ كَانَ فِي صَفْقَةٍ رُوعِيَ ثُلُثُ الْجَمِيعِ. اهـ.

نَصُّ ابْنِ يُونُسَ: (لِدَفْعِ الضِّرَارِ أَوْ لِلْمَعْرُوفِ) تَقَدَّمَ أَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ أَجَازَ شِرَاءَهَا لِلْوَجْهَيْنِ: لِلرِّفْقِ وَلِدَفْعِ الضَّرَرِ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ شِرَاءُ عَرِيَّتِهِ وَإِنْ كَانَ قَدْ بَاعَ أَصْلَ حَائِطِهِ وَثَمَرَتَهُ، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ

ص: 457

لِهَذَا الْمُشْتَرِي شِرَاءُ الْعَرِيَّةِ الْأُولَى بِخَرْصِهَا إلَى الْجُذَاذِ (فَيَشْتَرِي بَعْضَهَا) قَالَ مَالِكٌ: لِلْمُعْرِي خَمْسَةَ أَوْسُقٍ شِرَاءُ بَعْضِهَا بِالْخَرْصِ، وَإِنْ أَعْرَى أَكْثَرَ مِنْ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَلَهُ شِرَاءُ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ، وَقَدْ يَجُوزُ لِمَنْ أَسْكَنَ رَجُلًا حَيَاتَهُ شِرَاءُ بَعْضِ السُّكْنَى، وَمَنْ مَاتَ مِنْ مُعْرٍ أَوْ مُعْرًى جَازَ لِوَرَثَتِهِ مَا جَازَ لَهُ (كَكُلِّ الْحَائِطِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ أَعْرَى جَمِيعَ حَائِطِهِ وَهُوَ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ أَوْ أَدْنَى جَازَ لَهُ شِرَاءُ جَمِيعِهِ أَوْ بَعْضِهِ بِالْخَرْصِ (وَبَيْعِهِ الْأَصْلَ) نَقَصَ هُنَا كَلَامٌ اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ.

وَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُ ابْنِ يُونُسَ إذَا بَاعَ الْمُعْرِي أَصْلَ حَائِطِهِ وَثَمَرَتَهُ جَازَ لَهُ شِرَاءُ الْعَرِيَّةِ لِأَنَّهُ رِفْقٌ بِالْمُعْرِي، وَمَا كَانَ خَلِيلٌ لِيَتْرُكَ هَذَا الْفَرْعَ لِأَنَّهُ قَدْ نَقَلَ مَا قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ هُنَا وَمَا رَجَّحَهُ فَقَوْلُهُ:" وَبَيْعِهِ الْأَصْلَ " لَا شَكَّ أَنَّهُ يُرِيدُ هَذَا الْفَرْعَ.

(وَجَازَ لَك شِرَاءُ أَصْلِ حَائِطِك بِخَرْصِهِ إنْ قَصَدْت الْمَعْرُوفَ فَقَطْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا مَلَكَ رَجُلٌ نَخْلَةً فِي حَائِطِك فَلَكَ شِرَاءُ ثَمَرَتِهَا مِنْهُ بِالْخَرْصِ أَوْ مِمَّنْ صَارَتْ لَهُ كَالْعَرِيَّةِ إنْ أَرَدْت بِذَلِكَ رِفْقَهُ بِكِفَايَتِك إيَّاهُ مُؤْنَتَهَا، وَإِنْ كَانَ لِدَفْعِ ضَرَرِ دُخُولِهِ فَلَا يُعْجِبُنِي بِخِلَافِ الْعَرِيَّةِ يَجُوزُ شِرَاؤُهَا بِخَرْصِهَا لِمُعْرِيهَا لِوَجْهَيْنِ: إمَّا لِدَفْعِ ضَرَرِ دُخُولِهِ وَخُرُوجِهِ أَوْ لِلرِّفْقِ فِي الْكِفَايَةِ (وَبَطَلَتْ إنْ مَاتَ قَبْلَ الْحَوْزِ وَهَلْ هُوَ حَوْزُ الْأُصُولِ أَوْ أَنْ يَطْلُعَ ثَمَرُهَا؟ تَأْوِيلَانِ) ابْنُ حَبِيبٍ: حِيَازَةُ الْعَرِيَّةِ بِوَجْهَيْنِ: قَبْضُ الْأُصُولِ وَأَنْ يَطْلُعَ فِيهَا ثَمَرٌ قَبْلَ مَوْتِ الْمُعْرِي، فَإِنْ قَبَضَهَا وَلَمْ يَطْلُعْ فِيهَا ثَمَرٌ حَتَّى مَاتَ الْمُعْرِي بَطَلَتْ، قَالَهُ مَالِكٌ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: إنْ مَاتَ بَعْدَ الْإِبَارِ فَهُوَ حَوْزٌ لِأَنَّ الْمُعْطِي يَدْخُلُ وَيَخْرُجُ وَلَا يُمْنَعُ، وَكَمَنْ وَهَبَ أَرْضًا بِصَحْرَاءَ فَحَوْزُهَا أَنْ تُسَلَّمَ إلَيْهِ وَإِنْ مَاتَ رَبُّهَا قَبْلَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَلَا

ص: 458

شَيْءَ لِلْمُعْرِي إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَرِيَّةُ مِمَّا تَسْلَمُ لِلْمُعْرِي فَتُحَازُ، فَإِنَّهُ إنْ لَمْ يَحُزْ حَتَّى مَاتَ رَبُّهَا جَازَ وَإِنْ لَمْ تُؤَبَّرْ. ابْنُ يُونُسَ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَخَيْرٌ مِنْ كَلَامِ ابْنِ حَبِيبٍ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْهِبَاتِ: إذَا وَهَبَهُ مَا تَلِدُ أَمَتُهُ أَوْ ثَمَرَ نَخْلِ عِشْرِينَ سَنَةً جَازَ ذَلِكَ إذَا حَوَّزَهُ الْأَصْلِيَّ أَوْ الْأَمَةَ أَوْ حَازَ لَهُ ذَلِكَ أَجْنَبِيٌّ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لِأَنَّ ثَمَرَ عِشْرِينَ سَنَةً لَمْ يَأْتِ بَعْدُ.

(وَزَكَاتُهَا وَسَقْيُهَا عَلَى الْمُعْرِي وَكَمُلَتْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: زَكَاةُ الْعَرِيَّةِ وَسَقْيُهَا عَلَى رَبِّ الْحَائِطِ وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ إلَّا مَعَ بَقِيَّةِ حَائِطِهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي ذَلِكَ: أَعْرَاهُ جُزْءًا شَائِعًا أَوْ نَخْلَةً مُعَيَّنَةً أَوْ جَمِيعَ الْحَائِطِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُعْطِيهِ ثَمَرَ جَمِيعِ الْحَائِطِ وَيَكُونُ عَلَيْهِ أَنْ يُزَكِّيَ عَنْهُ غَيْرُهُ (بِخِلَافِ الْوَاهِبِ) تَقَدَّمَ نَصُّهَا بِهَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " إنْ لَفَظَ بِالْعَرِيَّةِ ".

(وَتُوضَعُ جَائِحَةُ الثِّمَارِ) ابْنُ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ: وَيَقْضِي بِوَضْعِ الْجَائِحَةِ وَلَا يَنْفَعُ الْبَائِعَ شَرْطُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْجَائِحَةِ (كَالْمَوْزِ) ابْنُ الْقَاسِمِ: كُلُّ مَا جَازَتْ فِيهِ الْمُسَاقَاةُ فَالْجَائِحَةُ فِيهِ إذَا بَلَغَتْ الثُّلُثَ إلَّا الْمَوْزَ فَإِنَّ الْمُسَاقَاةَ لَا تَجُوزُ فِيهِ وَتُوضَعُ فِيهِ

ص: 459

الْجَائِحَةُ إذَا بَلَغَتْ الثُّلُثَ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهَا ثَمَرَةٌ فَكَانَتْ فِيهَا الْجَائِحَةُ كَالثِّمَارِ، وَلَمْ يَجُزْ فِيهَا الْمُسَاقَاةُ لِأَنَّهَا لَمْ تَجُزْ ثُمَّ تُخْلَفُ كَالْبُقُولِ (وَالْمَقَاثِئِ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَا بِيعَ مِمَّا يُطْعِمُ بُطُونًا كَالْمَقَاثِئِ وَالْوَرْدِ وَالْيَاسَمِينِ وَشِبْهِهِ مِنْ الثِّمَارِ، أَوْ مِمَّا لَا يُخْرَصُ وَلَا يُدَّخَرُ مِمَّا يُطْعِمُ فِي كَرَّةٍ إلَّا أَنَّ طَيِّبَهُ يَتَفَاوَتُ وَلَا يُحْبَسُ أَوَّلُهُ عَلَى آخِرِهِ كَالتُّفَّاحِ وَالرُّمَّانِ وَالْخَوْخِ وَالتِّينِ.

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: الْبَطْنُ الْأَوَّلُ مِنْهُ وَمِثْلُ الْأُتْرُجِّ والقراسيا وَالرُّمَّانِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَإِنْ أُجِيحَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ نُظِرَ؛ فَإِنْ كَانَ مَا أَصَابَتْ الْجَائِحَةُ مِنْهُ قَدْرَ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ فِي النَّبَاتِ فَأَكْثَرَ فِي أَوَّلِ مَجْنَاهُ أَوْ فِي وَسَطِهِ أَوْ فِي آخِرِهِ حُطَّ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرُ قِيمَتِهِ فِي زَمَنِهِ مِنْ قِيمَةِ بَاقِيهِ، كَانَ فِي الْقِيمَةِ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ أَوْ أَكْثَرَ. وَإِنْ كَانَ الْمُجَاحُ مِنْ الْجَمِيعِ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فِي كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ لَا فِي الْقِيمَةِ، فَلَا تُوضَعُ فِيهِ جَائِحَةٌ نَافَتْ قِيمَتُهُ عَنْ الثُّلُثِ أَوْ نَقَصَتْ، مِثْلَ أَنْ يَبْتَاعَ مَقْثَأَةً بِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَأُجِيحَ بَطْنٌ مِنْهَا ثُمَّ جَنَى بَطْنَيْنِ فَانْقَطَعَتْ، فَإِنْ كَانَ الْمُجَاحُ مِمَّا لَمْ يُجَحْ قَدْرَ ثُلُثِ النَّبَاتِ بَعْدَ مَعْرِفَةِ نَاحِيَةَ النَّبَاتِ وُضِعَ قَدْرُهُ.

وَقِيلَ: مَا قِيمَةُ الْمُجَاحِ فِي زَمَنِهِ؟ فَقِيلَ: ثَلَاثُونَ، وَالْبَطْنُ الثَّانِي عِشْرُونَ، وَالثَّالِثُ عَشَرَةٌ فِي زَمَانَيْهِمَا لَغَا، وَلَهُ إنْ قَلَّ رَخْصٌ آخَرُ وَإِنْ كَثُرَ فَيَرْجِعُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ. وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَ الْمُجَاحُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الْقِيمَةِ لَرَجَعَ بِمِثْلِهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فِي النَّبَاتِ لَمْ يُوضَعْ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ تِسْعَةَ أَعْشَارِ الصَّفْقَةِ، وَكَذَلِكَ فِيمَا يَتَفَاوَتُ طَيِّبُهُ مِمَّا لَيْسَ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ. ابْنُ يُونُسَ: وَوَجْهُ هَذَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ بِوَضْعِ الْجَوَائِحِ، وَكَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ الِاعْتِبَارُ بِمَا تَكُونُ فِيهِ الْجَائِحَةُ وَهُوَ الثَّمَرَةُ لِأَنَّ الثَّمَرَ لَا جَائِحَةَ فِيهِ وَرَاعَى أَشْهَبُ الْقِيمَةَ.

(وَإِنْ بِيعَتْ عَلَى الْجَذِّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ ابْتَاعَ فُولًا أَخْضَرَ أَوْ شَيْئًا مِنْ الْقُطْنِيَّةِ عَلَى أَنْ يَقْطَعَهَا خَضْرَاءَ فَذَلِكَ جَائِزٌ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَتُوضَعُ فِيهِ الْجَائِحَةُ إذَا بَلَغَتْ الثُّلُثَ وُضِعَ عَنْهُ ثُلُثُ الثَّمَنِ، وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ تَأْخِيرِهِ حَتَّى يَيْبَسَ. وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ اشْتَرَى بَلَحَ الثِّمَارِ كُلِّهَا التِّينِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يَجِدَّهُ قَبْلَ طِيبِهِ فَأُجِيحَ قَبْلَ الْجَذِّ، فَهُوَ كَالثِّمَارِ تُوضَعُ فِيهِ الْجَائِحَةُ إذَا بَلَغَتْ الثُّلُثَ.

ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ إنَّمَا يَجِدُّهُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَأَشْبَهَ جَنْيَ الثَّمَرَةِ فَكَانَتْ فِيهِ الْجَائِحَةُ.

(وَمِنْ عَرِيَّتِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَعْرَى حَائِطَهُ رَجُلًا ثُمَّ أَخَذَهُ مِنْهُ يَخْرُصُهُ فَأَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلْيُوضَعْ ذَلِكَ عَنْهُ مِثْلَ مَا يُوضَعُ عَنْهُ فِي الشِّرَاءِ سَوَاءً. ابْنُ يُونُسَ: صَوَابٌ (لَا مَهْرَ) ابْنُ يُونُسَ فِي الْعُتْبِيَّةِ: مَنْ نَكَحَ بِثَمَرَةِ حَائِطِهِ فَلَا جَائِحَةَ فِيهَا وَالْمُصِيبَةُ مِنْ الْمَرْأَةِ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّ أَصْلَ النِّكَاحِ الْمُكَارَمَةُ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: فِيهَا الْجَائِحَةُ.

ص: 460

ابْنُ يُونُسَ: صَوَابٌ.

(إنْ بَلَغَتْ نِصْفَ الْمَكِيلَةِ) ابْنُ الْقَاسِمِ: مَا بِيعَ مِنْ الثِّمَارِ مِمَّا يَيْبَسُ وَيُدَّخَرُ وَيُتْرَكُ حَتَّى يَجُذَّهُ جَمِيعَهُ مِمَّا يُخْرَصُ أَمْ لَا كَالنَّخْلِ وَالْعِنَبِ وَالزَّيْتُونِ وَالْجَوْزِ وَاللَّوْزِ وَالْجِلَّوْزِ وَالْفُسْتُقِ وَمَا أَشْبَهَهُ، فَأَصَابَتْ مِنْهُ قَدْرَ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ فَأَكْثَرَ فِي كَيْلٍ أَوْ مِقْدَارٍ فِي الْقِيمَةِ، وُضِعَ عَنْ الْمُبْتَاعِ قَدْرُ ذَلِكَ مِنْ الثَّمَنِ إنْ أُجِيحَ الثُّلُثُ رَجَعَ بِثُلُثِ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ النِّصْفَ رَجَعَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ بِلَا تَقْوِيمٍ، وَإِنْ أُجِيحَ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ فِي الْمِقْدَارِ لَمْ يُوضَعْ عَنْهُ شَيْءٌ (وَلَوْ مِنْ كَصَيْحَانِيٍّ وَبَرْنِيِّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ أَصْنَافٌ مِنْ التَّمْرِ بَرْنِيُّ وَعَجْوَةٌ وشقم وَغَيْرِهَا فَأُجِيحَ أَحَدُهَا، فَإِنْ كَانَ قَدْرَ الثُّلُثِ فِي الْكَيْلِ مِنْ الْأَصْنَافِ وُضِعَ مِنْ الثَّمَنِ قَدْرُ ثُلُثَيْهِ مِنْ جَمِيعِهَا، نَافَ عَلَى ثُلُثِ الثَّمَنِ أَوْ نَقَصَ (وَبُقِّيَتْ لِيَنْتَهِيَ طِيبُهَا) ابْنُ الْقَاسِمِ: كُلُّ مَا لَا يُبَاعُ إلَّا بَعْدَ يُبْسِهِ مِنْ

ص: 461

الْحُبُوبِ مِنْ قَمْحٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ حَبِّ فُجْلِ الزَّيْتِ فَلَا جَائِحَةَ فِي ذَلِكَ وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا بَاعَهُ فِي الْأَنَادِرِ. وَمَا بِيعَ مِنْ ثَمَرِ نَخْلٍ وَعِنَبٍ وَغَيْرِهِ بَعْدَ أَنْ يَبِسَ فَصَارَ تَمْرًا أَوْ زَبِيبًا فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ، وَلَوْ اشْتَرَى ذَلِكَ حِينَ الزَّهْوِ ثُمَّ أُجِيحَ بَعْدَ إمْكَانِ جُذَاذِهِ وَتَيْبِيسِهِ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ وَكَأَنَّك ابْتَعْتهَا بَعْدَ إمْكَانِ الْجُذَاذِ.

قَالَ سَحْنُونَ: إذَا تَنَاهَى الْعِنَبُ الْمُشْتَرَى وَآنَ قِطَافُهُ حَتَّى لَا يَتْرُكَهُ تَارِكُهُ إلَّا لِسُوقٍ يَرْجُوهُ أَوْ لِشُغْلٍ يَعْرِضُ لَهُ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ وَلَا سَقْيَ عَلَى بَائِعِهِ بِخِلَافِ النَّخْلِ. السَّقْيُ عَلَى الْبَائِعِ حَتَّى يَيْبَسَ الثَّمَرُ وَالْجَائِحَةُ فَإِذَا يَبِسَ سَقَطَتْ الْجَائِحَةُ وَالسَّقْيُ عَنْهُ.

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَكَذَلِكَ الزَّيْتُونُ إذَا بَلَغَ مِنْ الطِّيَابِ الْمِقْدَارَ الَّذِي يُمْكِنُ فِيهِ جَمْعُهُ كُلِّهِ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ.

(وَأُفْرِدَتْ) ابْنُ يُونُسَ: إذَا اشْتَرَى الْأَصْلَ وَالثَّمَرَ مَعًا وَهُوَ مُزْهٍ أَوْ غَيْرُ مُزْهٍ، تَبَعٌ أَوْ غَيْرُ تَبَعٍ، فَلَا جَائِحَةَ فِي الثَّمَرَةِ (أَوْ أُلْحِقَ الْأَصْلُ) ابْنُ يُونُسَ: إنْ اشْتَرَى ثَمَرًا بَعْدَ زَهْوِهِ ثُمَّ اشْتَرَى الْأَصْلَ فَفِيهَا الْجَائِحَةُ (لَا عَكْسُهُ) ابْنُ الْمَوَّازِ: إنْ اشْتَرَى الْأَصْلَ ثُمَّ اشْتَرَى الثَّمَرَةَ بَعْدُ فَلَا جَائِحَةَ أَصْلًا، وَكَذَا فِي الْأَسَدِيَّةَ وَرَوَاهُ يَحْيَى وَسَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ فِيهِ الْجَائِحَةَ. ابْنُ يُونُسَ: كَأَنَّهُ يَقُولُ السَّقْيُ بَاقٍ عَلَى الْبَائِعِ فَعَلَيْهِ حَقُّ التَّوْفِيَةِ (أَوْ مَعَهُ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ يُونُسَ إنْ اشْتَرَى الْأَصْلَ وَالثَّمَرَ مَعًا فَلَا جَائِحَةَ.

(وَنُظِرَ مَا أُصِيبَ مِنْ الْبُطُونِ إلَى مَا بَقِيَ فِي زَمَنِهِ لَا يَوْمَ الْبَيْعِ) اُنْظُرْ هَذَا كُلَّهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَالْمَقَاثِئُ "(وَلَا يُعَجِّلُ عَلَى الْأَصَحِّ) مِنْ النُّكَتِ: إذَا أُجِيحَ أَوَّلُ بُطُونِ الْمَقْثَأَةِ هَلْ يَسْتَعْجِلُ التَّقْوِيمَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ الْبُطُونِ الْآنَ عَلَى مَا جَرَى مِنْ عُرْفِ عَادَتِهَا، أَوْ يَسْتَأْنِي حَتَّى تُجْنَى جَمِيعُ الْبُطُونِ؟ وَأَصْوَبُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدِي الِاسْتِينَاءُ حَتَّى يَجْنِيَ جَمِيعَ الْبُطُونِ وَلَا يَرْجِعُ إلَى الِاجْتِهَادِ فِي أَمْرٍ يَعْلَمُهُ حَقِيقَةً شَاهَدَهُ عِيَانًا. وَتَأَوَّلَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى أَنَّ التَّقْوِيمَ يَوْمَ الْبَيْعِ.

(وَفِي الْمُزْهِيَةِ التَّابِعَةِ لِلدَّارِ تَأْوِيلَانِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ اكْتَرَى دَارًا فِيهَا نَخَلَاتٌ يَسِيرَةٌ أَقَلُّ مِنْ الثُّلُثِ فَاشْتَرَطَهَا الْمُكْتَرِي فَأَثْمَرَتْ ثُمَّ أُجِيحَ ثَمَرُهَا فَلَا جَائِحَةَ فِيهَا، أُبِّرَتْ فِي حِينِ الْكِرَاءِ أَوْ لَمْ تُؤَبِّرْ، طَابَتْ أَوْ لَمْ تَطِبْ، لِأَنَّهَا لَا حِصَّةَ لَهَا إذَا كَانَتْ تَبَعًا كَمَالِ الْعَبْدِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَبَعًا فَاشْتَرَطَهَا الْمُكْتَرِي فَإِنْ لَمْ تُزْهِ فَسَدَتْ الصَّفْقَةُ كُلُّهَا، وَإِنْ أَزْهَتْ جَازَتْ وَفِيهَا الْجَائِحَةُ. اللَّخْمِيِّ: وَمَنْ اكْتَرَى دَارًا فِيهَا ثَمَرَةٌ قَدْ طَابَتْ، فَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الثَّمَرَةِ أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ

ص: 462

وَأُصِيبَ جَمِيعُهَا أَوْ ثُلُثُهَا فَأَكْثَرُ فَقِيلَ: لَا جَائِحَةَ فِيهَا لِأَنَّهَا تَبَعٌ، وَقِيلَ: فِيهَا الْجَائِحَةُ وَهَذَا أَحْسَنُ لِأَنَّهَا مُشْتَرَاةٌ وَلَيْسَتْ بِمُلْغَاةٍ.

(وَهَلْ هِيَ مَا لَا يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ كَسَمَاوِيٍّ وَجَيْشٍ أَوْ وَسَارِقٍ خِلَافٌ) مِنْ، الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: كُلُّ مَا أَصَابَ الثَّمَرَةَ مِنْ الْجَرَادِ وَالرِّيحِ وَالنَّارِ وَالْغَرَقِ وَالْبَرْدِ وَالْمَطَرِ وَالطَّيْرِ الْغَالِبِ وَالدُّودِ وَعَفَنِ الثَّمَرَةِ فِي الشَّجَرِ وَالسُّمُومِ، فَذَلِكَ كُلُّهُ جَائِحَةٌ تُوضَعُ عَنْ الْمُبْتَاعِ إنْ أَصَابَتْ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا، وَالْجَيْشُ يَمُرُّ بِالنَّخْلِ فَيَأْخُذُ ثَمَرَتَهُ فَذَلِكَ جَائِحَةٌ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ سَرَقَهَا سَارِقٌ كَانَتْ جَائِحَةً أَيْضًا.

وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: لَيْسَ السَّارِقُ جَائِحَةً. ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَصْوَبُ لِأَنَّهُ فِعْلُ

ص: 463

مَخْلُوقٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى دَفْعِهِ كَالْجَرَادِ (وَتَعْيِيبُهَا كَذَلِكَ) اللَّخْمِيِّ: إنْ عَابَهَا السُّمُومُ وَلَمْ يُسْقِطْ مِنْهَا شَيْئًا فَلَهُ الرَّدُّ بِالْعَيْبِ أَوْ يَتَمَسَّكُ وَلَا شَيْءَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ مَعَ إسْقَاطِهِ ثُلُثَهَا رَجَعَ بِمَنَابِ السَّاقِطِ وَلَهُ فِي الْبَاقِي حُكْمُ الْعَيْبِ، إمَّا أَنْ يَتَمَاسَكَ بِهِ بِجَمِيعِ مَا يَنُوبُهُ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ يَرُدُّ بِالْعَيْبِ. وَكَذَلِكَ الْغُبَارُ إنْ أَعَابَهَا وَلَمْ يُسْقِطْ مِنْهَا شَيْئًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ بِالْعَيْبِ أَوْ يَتَمَسَّكَ وَلَا شَيْءَ لَهُ. وَلَمْ يَنْقُلْ ابْنُ يُونُسَ فِي هَذَا إلَّا مَا نَصُّهُ: قَالَ مَالِكٌ فِي الثَّمَرَةِ يُصِيبُهَا غُبَارٌ أَوْ تُرَابٌ حَتَّى تَبْيَضَّ وَتَصِيرَ بَلَحًا وَتَتَفَتَّتَ: إنَّهُ جَائِحَةٌ، وَفِي الزَّاهِي إنْ أُسْقِطَتْ الثَّمَرَةُ بِرِيحٍ وَأَمْكَنَ لَقْطُهَا فَهِيَ جَائِحَةٌ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ: لَيْسَ بِجَائِحَةٍ وَلَوْ أُصِيبَتْ سَائِرُهَا سَقَطَ ثُلُثُ ثَمَنِهَا وَالْمَكِيلَةُ قَائِمَةٌ، فَفِي كَوْنِهَا جَائِحَةً قَوْلَانِ، الَّذِي أَرَاهُ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِحَةٍ انْتَهَى. رَاجِعْ هَذَا وَتَأَمَّلْهُ.

(وَتُوضَعُ مِنْ الْعَطَشِ وَإِنْ قَلَّتْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَمَّا إنْ هَلَكَتْ الثَّمَرَةُ مِنْ انْقِطَاعِ مَاءِ السَّمَاءِ أَوْ انْقَطَعَ عَنْهَا عَيْنٌ يَسْقِيهَا فَهَذَا يُوضَعُ قَلِيلُ مَا هَلَكَ بِسَبَبِهِ وَكَثِيرُهُ بِخِلَافِ الْجَوَائِحِ، وَلَا بَأْسَ بِشِرَاءِ شِرْبِ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ لِسَقْيِ أَرْضِهِ دُونَ شِرَاءِ أَصْلِ الْعَيْنِ. فَإِنْ غَارَ الْمَاءُ فَنَقَصَ قَالَ مَالِكٌ: إنْ نَقَصَ قَدْرُ ثُلُثِ الشِّرْبِ الَّذِي ابْتَاعَ وُضِعَ عَنْهُ كَجَوَائِحِ الثِّمَارِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَنَا أَرَى أَنَّهُ مِثْلُ مَا أَصَابَ الثَّمَرَةَ مِنْ قِبَلِ الْمَاءِ.

التُّونِسِيُّ: اُنْظُرْ لَوْ مَاتَ دُودُ الْحَرِيرِ الَّذِي لَا يُرَادُ وَرَقُ التُّوتِ إلَّا لِأَكْلِهِ، هَلْ مُشْتَرِيهِ كَمُشْتَرٍ حَمَّامًا أَوْ فُنْدُقًا خَلَا بَلَدُهُ فَلَا يَجِدُ مَنْ يَعْمُرُهُ فَيَكُونُ لَهُ مُتَكَلَّمٌ، أَوْ لَا يُشْبِهُهُ لِأَنَّ مَنَافِعَ الرَّبْعِ فِي ضَمَانِ مُكْرِيهِ وَوَرَقَ التُّوتِ سِلْعَةٌ تُضْمَنُ بِالْعَقْدِ كَمَنْ اشْتَرَى عَلَفًا لِقَافِلَةٍ تَأْتِيهِ فَعَدَلَتْ عَنْ مَحَلِّهِ، أَوْ لَيْسَ مِثْلَهُ لِإِمْكَانِ نَقْلِ الطَّعَامِ حَيْثُ يُبَاعُ

ص: 464

وَوَرَقُ التُّوتِ لَا يُنْقَلُ؟ الصَّقَلِّيُّ: وَكَذَا لَوْ اشْتَرَى قَوْمٌ ثِمَارَ بَلْدَةٍ وَانْجَلَى أَهْلُهَا عَنْهَا لِفِتْنَةٍ أَوْ لِأَجْلِ حَرْبٍ كَانَ ذَلِكَ جَائِحَةً. انْتَهَى نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ.

وَنَصُّ ابْنِ يُونُسَ: وَرَقُ التُّوتِ الَّذِي يُبَاعُ فَيُجْمَعُ أَخْضَرَ لِعَلَفِ دُودِ الْحَرِيرِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنَّهُ كَالْبَقْلِ يُوضَعُ فِيهِ مَا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ. وَانْظُرْ لَوْ مَاتَ دُودُ الْحَرِيرِ أَوْ أَكْثَرُهُ وَهَذَا الْوَرَقُ لَا يُرَادُ إلَّا لَهُ، هَلْ مَوْتُ دُودِ الْحَرِيرِ جَائِحَةٌ فَالْأَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَالْجَائِحَةِ كَمَنْ اكْتَرَى حَمَّامًا أَوْ فُنْدُقًا فَخَلَا الْبَلَدُ فَلَمْ يَجِدْ مَنْ يَسْكُنُهُ. ابْنُ يُونُسَ: وَكَذَا عِنْدِي لَوْ اشْتَرَى قَوْمٌ ثِمَارَ بَلَدٍ فَانْجَلَى أَهْلُهُ لِفِتْنَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَنَّ جَائِحَةَ ذَلِكَ مِنْ بَائِعِهِ لِأَنَّ مُشْتَرِيهِ إنَّمَا اشْتَرَاهُ لِمَنْ يَبِيعُهُ مِنْهُ، فَإِذَا لَمْ يَجِدْهُ هَلَكَتْ الثَّمَرَةُ فَذَلِكَ كَهَلَاكِهَا بِأَمْرٍ غَالِبٍ انْتَهَى.

اُنْظُرْ قَوْلَهُ: " لِأَنَّ مُشْتَرِيَهُ إنَّمَا اشْتَرَاهُ لِمَنْ يَبِيعُهُ مِنْهُ كَذَا هُوَ " يَعْنِي أَيْضًا فِي الْوَرَقِ قَالَ: إنَّمَا اشْتَرَى الْوَرَقَ يَقْبِضُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَيَبِيعُهُ لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ، فَجَعَلَهُ كَالْحَمَّامِ وَالْفُنْدُقِ وَقَالَ: إنَّمَا اشْتَرَى مَنَافِعَ يَقْبِضُهَا شَيْئًا فَشَيْئًا وَيَبِيعُهَا لِمَنْ يَنْتَفِعُ بِهِ.

وَنَقَلَ أَيْضًا أَنَّهُ كَذَلِكَ مَنْ اكْتَرَى رَحًى سَنَةً فَأَصَابَ أَهْلَ ذَلِكَ الْمَكَانِ فِتْنَةٌ جَلَوْا بِهَا مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَجَلَا مَعَهُمْ الْمُكْتَرِي أَوْ أَقَامَ آمِنًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَأْتِيهِ طَعَامٌ لِجَلَاءِ النَّاسِ، فَهُوَ كَبُطْلَانِ الرَّحَا مِنْ نُقْصَانِ الْمَاءِ أَوْ كَثْرَتِهِ، وَيُوضَعُ عَنْهُ قَدْرُ الْمُدَّةِ الَّتِي جَلَوْا فِيهَا، وَكَذَلِكَ الْفَنَادِقُ الَّتِي تُكْرَى لِأَيَّامِ الْمَوْسِمِ إذَا أَخْطَأَهَا ذَلِكَ لِفِتْنَةٍ نَزَلَتْ أَوْ غَيْرِهَا بِخِلَافِ الدَّارِ تُكْتَرَى ثُمَّ يُجْلَى أَهْلُ ذَلِكَ الْمَكَانِ لِفِتْنَةٍ وَأَقَامَ الْمُكْتَرِي آمِنًا أَوْ رَحَلَ لِلْوَحْشَةِ وَهُوَ آمِنٌ، فَإِنَّ هَذَا يَلْزَمُهُ الْكِرَاءُ كُلُّهُ، وَلَوْ انْجَلَى لِلْخَوْفِ سَقَطَ عَنْهُ مُدَّةَ الْجَلَاءِ انْتَهَى.

وَخَرَّجَ الْمَازِرِيُّ عَلَى خُلُوِّ الْبَلَدِ مَسْأَلَةً سُئِلَ عَنْهَا وَهِيَ رَجُلٌ اكْتَرَى مَوْضِعًا لِغَسْلِ الْغَزْلِ بِكِرَاءٍ غَالٍ ثُمَّ أَحْدَثَ رَجُلٌ بِقُرْبِهِ مَوْضِعًا آخَرَ فَنَقَصَ مِنْ كِرَاءِ الْأَوَّلِ كَثِيرٌ فَأَجَابَ: أَنَّهُ إنْ عَقَدَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إحْدَاثُهُ فَجَاءَ مِنْ ذَلِكَ مَا لَمْ يَظُنَّ فَلَهُ مَقَالٌ كَمَا يَكُونُ لَهُ إذَا خَلَا الْبَلَدُ أَوْ غَيْرُهُ مِمَّا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ مِنْ الْمُمْكِنِ الْإِحْدَاثُ فَلَا مَقَالَ لَهُ إذْ نُقْصَانُ الْغَلَّةِ لِإِحْدَاثِ فُرْنٍ عَلَى فُرْنٍ لَيْسَ بِعَيْبٍ. وَأَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ: إنْ رَأَى الْقَاضِي أَنْ يَضَعَ شَيْئًا لِلِاسْتِئْلَافِ لِمُكْتَرِي الْحَبْسِ فَلَا بَأْسَ بِهِ كَالْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ يَحُطُّ بَعْضَ الثَّمَنِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ.

وَانْظُرْ أَيْضًا الْوَكِيلُ يَبِيعُ بِالْخِيَارِ فَيُزَادُ قَالَ فِي رَسْمِ طلق مِنْ كِتَابِ الْبَضَائِعِ: رُبَّ رَجُلٍ لَوْ زَادَهُ لَمْ يَبِعْهُ يُكْرَهُ مُخَالَطَتُهُ وَخُصُومَتُهُ وَيَأْمَنُ مِنْ نَاحِيَةِ الَّذِي زِيدَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ عَطِيَّةً.

وَنَقَلَ الْبُرْزُلِيِّ عَنْ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ إذَا أُجِيحَتْ دُودُ الْحَرِيرِ فَلَمْ يَجِدْ مُشْتَرِي الْوَرَقِ مَنْ يَشْتَرِيهَا مِنْهُ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِحَةٌ، فَإِنْ وَجَدَ مُشْتَرِيًا مِنْهُ بِثَمَنٍ يَسِيرٍ فَلَا يُوضَعُ عَنْهُ شَيْءٌ، فَإِنْ وَجَدَ مُشْتَرِيًا بِمَا لَا بَالَ لَهُ (كَالْبُقُولِ) قَالَ مَالِكٌ: مَنْ اشْتَرَى شَيْئًا مِنْ بُقُولِ السِّلْقِ وَالْبَصَلِ وَالْجَزَرِ وَالْفُجْلِ وَالْكُرَّاثِ وَشِبْهِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُوضَعُ قَلِيلُ مَا أُجِيحَ مِنْهُ وَكَثِيرُهُ.

ابْنُ الْمَوَّازِ: اللِّفْتُ وَالْأُصُولُ الْمُغَيَّبَةُ فِي الْأَرْضِ مِمَّا لَا يُدَّخَرُ هِيَ بِمَنْزِلَةِ الْبُقُولِ (وَالزَّعْفَرَانِ وَالرَّيْحَانِ وَالْقُرْطِ) سَحْنُونَ: أَمَّا الزَّعْفَرَانُ وَالرَّيْحَانُ وَالْبَقْلُ وَالْقُرْطُ

ص: 465

وَالْقَصْبُ فَإِنَّ الْجَوَائِحَ تُوضَعُ فِي قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا وَلَا يَصْلُحُ فِيهَا الْمُسَاقَاةُ (وَوَرَقِ التُّوتِ) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: إنَّهُ كَالْبَقْلِ (وَمُغَيَّبِ الْأَصْلِ كَالْجَزَرِ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ الْمَوَّازِ الْأُصُولُ الْمُغَيَّبَةُ فِي الْأَرْضِ بِمَنْزِلَةِ الْبُقُولِ (وَلَزِمَ الْمُشْتَرِي بَاقِيهَا وَإِنْ قَلَّ) ابْنُ عَرَفَةَ: الْمَذْهَبُ لُزُومُ مَا سَلِمَ مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ قَلَّ، وَعَدَمُ الرُّجُوعِ بِمَا أُجِيحَ إنْ قَلَّ بِخِلَافِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهِمَا لِدُخُولِ الْمُشْتَرِي عَلَى عَدَمِ الْكَمَالِ لِغَلَبَةٍ.

(وَإِنْ اشْتَرَى أَجْنَاسًا فَأُجِيحَ بَعْضُهَا وُضِعَتْ إنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ ثُلُثَ الْجَمِيعِ وَأُجِيحَ مِنْهُ ثُلُثُ مَكِيلَتِهِ) ابْنُ الْمَوَّازِ: إنْ كَانَ فِي الْحَائِطِ أَنْوَاعٌ مُخْتَلِفَةٌ نَخْلٌ وَكَرْمٌ وَرُمَّانٌ فَأُجِيحَ بَعْضُ نَوْعٍ مِنْهَا نُظِرَ؛ فَإِنْ كَانَ جَمِيعُ ذَلِكَ الصِّنْفِ لَا تَبْلُغُ قِيمَتُهُ لَوْ لَمْ يُجَحْ ثُلُثُ قِيمَةِ الْجَمِيعِ فَلَا جَائِحَةَ فِيهِ، أُجِيحَ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ. وَإِنْ كَانَ كُلُّهُ يَبْلُغُ ثُلُثَ قِيمَةِ الْجَمِيعِ اُنْظُرْ مَا أُجِيحَ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ قَدْرَ ثُلُثِ ثَمَرَتِهِ وُضِعَ قَدْرُ ثُلُثِ قِيمَةِ ذَلِكَ مِنْ قِيمَةِ بَاقِيهِ مِنْ الثَّمَنِ، وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثُلُثِ ثَمَرَتِهِ لَمْ يُوضَعْ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهُوَ كَقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ اكْتَرَى دَارًا وَفِيهَا ثَمَرَةٌ قَدْ طَابَتْ فَاشْتَرَطَهَا الْمُكْتَرِي وَهِيَ أَكْثَرُ مِنْ الثُّلُثِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، فَإِنْ أَصَابَتْ الثَّمَرَةَ جَائِحَةٌ أَذْهَبَتْ ثُلُثَهَا وُضِعَ مَا يَقَعُ عَلَى الْمُجَاحِ مِنْ حِصَّةِ الثَّمَرَةِ مِنْ الْكِرَاءِ، وَإِنْ أُصِيبَ مِنْهَا أَقَلُّ مِنْ ثُلُثِ الثَّمَرَةِ أَوْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ كُلُّهَا أَقَلَّ مِنْ الثُّلُثِ فَلَا جَائِحَةَ فِيهَا (وَإِنْ تَنَاهَتْ الثَّمَرَةُ فَلَا جَائِحَةَ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ:" وَبَقِيَتْ بِتَنَاهِي طِيبِهَا "(كَالْقَصَبِ الْحُلْوِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا تُوضَعُ فِي قَصَبِ الْحُلْوِ جَائِحَةٌ إذْ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ حَتَّى يَطِيبَ وَيُمْكِنَ قَطْعُهُ وَلَيْسَ بِبُطُونٍ.

قَالَ سَحْنُونَ: وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: تُوضَعُ جَائِحَةُ قَصَبِ الْحُلْوِ وَهُوَ أَحْسَنُ. ابْنُ يُونُسَ: وَالْقَوْلُ: إنَّ فِي الْبُقُولِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ الْجَائِحَةُ إذَا بَلَغَتْ الثُّلُثَ هُوَ الْقِيَاسُ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى السَّقْيِ وَهُوَ يُجْمَعُ شَيْئًا فَشَيْئًا كَالثِّمَارِ.

قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَجَائِحَةُ قَصَبِ غَيْرِ الْحُلْوِ تُوضَعُ إذَا بَلَغَتْ الْجَائِحَةُ الثُّلُثَ (وَيَابِسِ الْحَبِّ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَبَقِيَتْ لِيَتَنَاهَى طِيبُهَا ".

(وَخُيِّرَ الْعَامِلُ فِي الْمُسَاقَاةِ بَيْنَ سَقْيِ الْجَمِيعِ أَوْ تَرْكِهِ إنْ أُجِيحَ الثُّلُثُ فَأَكْثَرُ) الْمُتَيْطِيُّ: إنْ أُجِيحَتْ ثَمَرَةُ الْمُسَاقَاةِ فَهُمَا شَرِيكَانِ فِي النَّمَاءِ وَالنَّقْصِ وَلَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يَخْرُجَ. رَوَاهُ أَشْهَبُ مِنْ مَالِكٍ. وَرَوَى غَيْرُهُ أَنَّهُ إنْ بَلَغَتْ الْجَائِحَةُ الثُّلُثَ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْقِيَ الْحَائِطَ كُلَّهُ أَوْ يَخْرُجَ، فَإِنْ خَرَجَ فَلَا شَيْءَ لَهُ مِنْ عِلَاجِهِ وَلَا نَفَقَتِهِ. وَهَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَتْ الْجَائِحَةُ شَائِعَةً فِي الثَّمَرَةِ كُلِّهَا، فَأَمَّا إنْ أُجِيحَتْ جِهَةٌ وَاحِدَةٌ وَأُخْرَى سَالِمَةٌ فَإِنَّهُ تَلْزَمُهُ مُسَاقَاةُ السَّالِمَةِ إذَا كَانَتْ الْمُجَاحَةُ يَسِيرَةَ الثُّلُثِ فَأَقَلَّ. قَالَهُ مُحَمَّدٌ اهـ. نَقَلَهُ الْمُتَيْطِيُّ بِنَصِّهِ. وَمِنْ ابْنِ يُونُسَ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَخَذَ نَخْلًا مُسَاقَاةً فَلَمَّا عَمِلَ أَصَابَتْ الثَّمَرَةَ جَائِحَةٌ فَأَسْقَطَتْهَا فَذَلِكَ جَائِحَةٌ وَتُوضَعُ عَنْهُ. وَحَفِظَ سَعْدٌ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إنْ أُجِيحَ دُونَ الثُّلُثِ لَمْ يُوضَعْ عَنْهُ سَقْيُ شَيْءٍ مِنْ

ص: 466