المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل الفاسد من جهة تطرق التهمة إلى المتعاوضين] - التاج والإكليل لمختصر خليل - جـ ٦

[محمد بن يوسف المواق]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ] [

- ‌الْقَسْم الْأَوَّل فِي صِحَّة الْبَيْع وَفَسَاده] [

- ‌بَاب فِي أَرْكَان الْبَيْع]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[حُكْمِ الرِّبَا فِي الْمَطْعُومَاتِ]

- ‌[بَاب فِي فَسَادِ الْعَقْدِ مِنْ جِهَةِ نَهْيِ الشَّارِعِ عَنْهُ]

- ‌[مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ قَبْضٍ أَوْ فَوَاتٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَاسِدِ مِنْ جِهَةِ تَطَرُّقِ التُّهْمَةِ إلَى الْمُتَعَاوِضَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِينَةِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ فِي لُزُومِ الْعَقْدِ وَجَوَازِهِ] [

- ‌فَصْلٌ فِي الْخِيَار] [

- ‌خِيَارُ التَّرَوِّي]

- ‌[خِيَارُ النَّقِيصَةِ]

- ‌[مُبْطِلَاتُ الْخِيَارِ وَمَوَانِعُهُ]

- ‌[فَصْلٌ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَاف الْمُتَبَايِعَانِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ]

- ‌[كِتَابُ السَّلَمِ] [

- ‌بَابٌ فِي شُرُوط السَّلَم وَأَدَاء الْمُسْلِم فِيهِ وَالنَّظَر فِي صفته]

- ‌[فَصْلٌ قَرْضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ]

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْكُنَ أَوْ يُكْرِيَ]

- ‌[اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ]

- ‌[وَكَّلَ وَكِيلًا بِبَيْعِ رَهْنٍ وَقَضَى دَيْنَهُ مِنْ ثَمَنِهِ]

- ‌[هَلْ يَفْتَقِرُ الرَّهْنُ لِلتَّصْرِيحِ بِهِ أَمْ لَا]

- ‌[هَلَكَ الرَّهْنُ وَجُهِلَتْ صِفَتُهُ]

- ‌[كِتَابُ التَّفْلِيسِ] [

- ‌أَحْكَام الْحَجَر عَلَى الْمُفْلِس]

- ‌[بَيْعُ آلَةِ الصَّانِعِ إذَا فَلَّسَ]

- ‌[حَبَسَ الْمُفْلِس]

- ‌[حَبْسُ مَنْ تَقَعَّدَ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ وَادَّعَى الْعَدَمَ فَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ]

- ‌[مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ الرُّجُوعُ إلَى عَيْنِ الْمَالِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ] [

- ‌أَسْبَاب الْحَجَر]

- ‌[وَصِيَّةُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ وَأَقَلَّ مِمَّا يُقَارِبُهَا]

- ‌[لَا حَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ فِي اسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ وَنَفْيِهِ]

- ‌[تَصَرُّفَات الصَّغِير قَبْل الْحَجَر]

- ‌[الْحَجَر بِسَبَبِ الرِّقّ]

- ‌[أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلِيِّهِ]

- ‌[بَيْعُ الْمَأْذُونِ أُمَّ وَلَدِهِ]

- ‌[الْحَجَر عَلَى الْمَرِيض]

- ‌[الْحَجَر عَلَى الزَّوْجَة]

الفصل: ‌[فصل الفاسد من جهة تطرق التهمة إلى المتعاوضين]

وَرَآهُ فَوْتًا لِحُرْمَةِ الْعِتْقِ، وَهَذَا وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنْ يَعْدِلَ عَنْ حَقِيقَةِ الْقِيَاسِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ الْمَوَاضِعِ يَخْتَصُّ بِهِ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ يَتَرَجَّحُ بِهِ مَا ضَعُفَ مِنْ الدَّلِيلَيْنِ الْمُتَعَارِضَيْنِ انْتَهَى.

اُنْظُرْ قَوْلَ ابْنِ رُشْدٍ " فَلَهُ أَنْ يُجِيزَ " مَعَ لَفْظِ خَلِيلٍ وَنَصِّ السَّمَاعِ.

(وَارْتَفَعَ الْمُفِيتُ إنْ عَادَ إلَّا بِتَغَيُّرِ السُّوقِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا تَغَيَّرَ سُوقُ السِّلْعَةِ ثُمَّ عَادَ لِهَيْئَتِهِ فَقَدْ وَجَبَتْ الْقِيمَةُ، وَكَذَلِكَ إنْ وَلَدَتْ الْأَمَةُ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ، وَأَمَّا إنْ بَاعَهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إلَيْهِ بِعَيْبٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ أَوْ كَاتَبَهَا ثُمَّ عَجَزَتْ بَعْدَ أَيَّامٍ يَسِيرَةٍ فَلَهُ الرَّدُّ إلَّا أَنْ يَتَغَيَّرَ سُوقُهَا قَبْلَ رُجُوعِهَا إلَيْهِ فَذَلِكَ فَوْتٌ، وَإِنْ عَادَ لِهَيْئَتِهِ أَوْ يَمْضِي لِلْأَمَةِ نَحْوُ الشَّهْرِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَتَغَيَّرَ فِي بَدَنِهَا أَوْ سُوقِهَا.

ابْنُ يُونُسَ: إنَّمَا فَرَّقَ ابْنُ الْقَاسِمِ بَيْنَ حَوَالَةِ الْأَسْوَاقِ وَبَيْنَ الْبَيْعِ فِي رُجُوعِهَا إلَيْهِ، لِأَنَّ حَوَالَةَ الْأَسْوَاقِ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِ وَلَا صُنْعَ لَهُ فِيهِ فَلَا تُهْمَةَ تَلْحَقُهُ فِيهِ وَالْبَيْعُ مِنْ سَبَبِهِ وَفِعْلِهِ فَيُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ أَظْهَرَ الْبَيْعَ لِيُفِيتَهَا بِهِ فَيَتِمُّ لَهُ الْبَيْعُ الْحَرَامُ وَهِيَ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ مِلْكِهِ كَقَوْلِهِ فِيمَنْ حَلَفَ بِحُرِّيَّةِ عَبْدِهِ إنْ كَلَّمَ فُلَانًا فَبَاعَهُ ثُمَّ اشْتَرَاهُ أَنَّ الْيَمِينَ بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ لِلتُّهْمَةِ فِي ذَلِكَ لَكِنَّهُ ضَعَّفَ قَوْلَهُ أَوْ عَادَتْ إلَيْهِ بِمِيرَاثٍ فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُتَّهَمَ فِي ذَلِكَ.

[فَصْلٌ الْفَاسِدِ مِنْ جِهَةِ تَطَرُّقِ التُّهْمَةِ إلَى الْمُتَعَاوِضَيْنِ]

فَصْلٌ.

ابْنُ شَاسٍ: الْبَابُ الْخَامِسُ فِي الْفَاسِدِ مِنْ جِهَةِ تَطَرُّقِ التُّهْمَةِ إلَى الْمُتَعَاوِضَيْنِ فَإِنَّهُمَا قَصَدَا

ص: 267

إظْهَارَ فِعْلِ مَا يَجُوزُ لِيُتَوَصَّلَا بِهِ إلَى مَا لَا يَجُوزُ وَتَدَرَّعَا بِشَيْءٍ جَائِزٍ فِي الظَّاهِرِ إلَى بَاطِنٍ مَمْنُوعٍ فِي الشَّرِيعَةِ حَسْمًا لِلذَّرِيعَةِ (وَمُنِعَ لِلتُّهْمَةِ مَا كَثُرَ قَصْدُهُ) أَبُو عُمَرَ: أَبَى هَذَا جَمَاعَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ بِالْمَدِينَةِ وَغَيْرِهَا وَلَمْ يَفْسَخُوا صَفْقَةً ظَاهِرُهَا حَلَالٌ بِظَنٍّ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ وَقَالُوا: الْأَحْكَامُ مَوْضُوعَةٌ عَلَى الْحَقَائِقِ لَا عَلَى الظُّنُونِ انْتَهَى. اُنْظُرْ أَغْرَبَ مِنْ هَذَا فِي مِنْهَاجِ الْمُحَدِّثِينَ لِلنَّوَوِيِّ قَالَ: يُسْتَدَلُّ بِقَوْلِهِ " قَدْرَ مَا يُنْحَرُ جَزُورٌ وَيُقْسَمُ لَحْمُهَا " أَنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُ اللَّحْمِ وَنَحْوِهِ كَالْعَنَتِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ. فَإِذَا قُلْنَا بِهَذَا فَطَرِيقُهُمَا أَنْ يَجْعَلَا اللَّحْمَ قِسْمَيْنِ ثُمَّ يَبِيعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ مِنْ أَحَدِ الْقِسْمَيْنِ بِدِرْهَمٍ مَثَلًا ثُمَّ يَبِيعَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ مِنْ الْقِسْمِ الْآخَرِ لِصَاحِبِهِ بِذَلِكَ الدِّرْهَمِ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ فَيَحْصُلُ لِكُلِّ وَاحِدٍ قِسْمٌ بِكَمَالِهِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: أَبَاحَ الذَّرَائِعَ الشَّافِعِيُّ.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ لَا يَقُولُ بِسَدِّ الذَّرَائِعِ وَلَا سِيَّمَا فِي الْبَيْعِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَنْعَ فِي الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ إنَّمَا نَشَأَ عَنْ اشْتِرَاطِ السَّلَفِ نَصًّا وَبِيَاعَاتِ الْأَجَلِ لَا نَصَّ فِيهَا بِاشْتِرَاطِ أَنَّ الْبَائِعَ يَشْتَرِي السِّلْعَةَ الَّتِي بَاعَ وَإِنَّمَا هُوَ أَمْرٌ يُتَّهَمَانِ عَلَيْهِ وَيُسْتَنَدُ فِي تِلْكَ التُّهْمَةِ إلَى الْعَادَةِ

ثُمَّ قَالَ وَهْبٌ: إنَّ تِلْكَ الْعِدَّةَ وُجِدَتْ فِي قَوْمٍ فِي الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ بِالْمَدِينَةِ أَوْ بِالْحِجَازِ فَلِمَ قُلْتُمْ إنَّهَا وُجِدَتْ بِالْعِرَاقِ وَالْمَغْرِبِ فِي الْمِائَةِ السَّابِعَةِ؟ ثُمَّ قَالَ: وَأَنَا أَتَوَقَّفُ فِي الْفُتْيَا فِي هَذَا الْبَابِ وَفِيمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْأَبْوَابِ الْمُسْتَنِدَةِ إلَى الْعَادَةِ بِمَا فِي الْكُتُبِ، لِأَنَّ الَّذِي فِي الْكُتُبِ مِنْ الْمَسَائِلِ لَهَا مِئُونَ مِنْ السِّنِينَ، وَتِلْكَ الْعَوَائِدُ الَّتِي هِيَ شَرْطٌ فِي تِلْكَ الْأَحْكَامِ لَا يُعْلَمُ حُصُولُهَا الْآنَ، وَالشَّكُّ فِي الشَّرْطِ شَكٌّ فِي الْمَشْرُوطِ.

وَمِنْ الذَّخِيرَةِ: قَاعِدَةٌ: كُلُّ حُكْمٍ مُرَتَّبٍ عَلَى عُرْفٍ أَوْ عَادَةٍ يَبْطُلُ عِنْدَ زَوَالِ تِلْكَ الْعَادَةِ، فَإِذَا تَغَيَّرَ تَغَيَّرَ الْحُكْمُ.

وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَجْهُ فَسْخِ بُيُوعِ

ص: 268

الْآجَالِ وَإِنْ صَحَّ حِمَايَةً أَنْ يَقْصِدَ الْمُتَبَايِعَانِ ذَلِكَ فِي أَوَّلِ أَمْرِهِمَا.

وَلَمَّا نَقَلَ الْقَرَافِيُّ فِي قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ مَا فَعَلَهُ بِزَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ لَا إثْمَ فِيهِ قَالَ: هَذَا يَقْتَضِي عَدَمَ تَحْرِيمِ بُيُوعِ الْآجَالِ وَإِنَّمَا تُفْسَخُ سَدًّا لِذَرِيعَةِ الْقَصْدِ إلَى الْفَسَادِ. وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ أَقْرَضَ رَجُلًا طَعَامًا إلَى أَجَلٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ قَالَ لَهُ غَرِيمُهُ: بِعْنِي طَعَامًا أَقْضِيك قَالَ: إنْ ابْتَاعَ مِنْهُ بِنَقْدٍ فَلَا بَأْسَ وَلَمْ يَجُزْ إنْ كَانَ لِأَجَلٍ لِأَنَّ الطَّعَامَ قَدْ رَجَعَ إلَيْهِ فَآلَ الْأَمْرُ إلَى أَنْ أَخَذَ مِنْهُ فِي الطَّعَامِ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ الْقَرْضِ الثَّمَنَ الَّذِي بَاعَ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَ نَقْدًا جَازَ وَإِنْ كَانَ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ فَسَخَ الطَّعَامَ فِي ذَلِكَ الثَّمَنِ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ.

ابْنُ رُشْدٍ: وَلَوْ بَاعَهُ مِنْهُ بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ عَلَى غَيْرِ شَرْطِ أَنْ يَقْضِيَهُ إيَّاهُ فَلَمَّا تَمَّ شِرَاؤُهُ قَضَاهُ إيَّاهُ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا، وَفُسِخَ مِنْ بَابِ الْحُكْمِ بِالذَّرَائِعِ لَا مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ حَرَامٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَالِقِهِ إنْ صَحَّ عَمَلُهُ فِيهِ عَلَى غَيْرِ شَرْطٍ وَلَا رَجَاءٍ.

ابْنُ رُشْدٍ: وَلَوْ كَانَ الطَّعَامُ مِنْ بَيْعٍ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ طَعَامًا عَلَى أَنْ يَقْضِيَهُ إيَّاهُ إلَّا بِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي أَسْلَمَ إلَيْهِ فِيهِ نَقْدًا لَا أَقَلَّ وَلَا أَكْثَرَ. وَسَمِعَ أَبُو زَيْدٍ: إنْ أَعْطَى حَامِلُ الطَّعَامِ رَبَّهُ عَنْ نَقْصِ طَعَامِهِ ذَهَبًا لَمْ يَجُزْ إنْ كَانَ انْتَقَدَ كِرَاءَهُ.

ابْنُ رُشْدٍ: لِتُهْمَتِهِمَا عَلَى أَنَّ مَا دُفِعَ إلَيْهِ مِنْ الْكِرَاءِ بَعْضُهُ ثَمَنٌ لِحَمْلِ الطَّعَامِ أَوْ بَعْضُهُ سَلَفٌ فَيَدْخُلُهُ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى فَاعِلِ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ تَعَالَى إنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ، وَنَحْوُ هَذَا لِابْنِ رُشْدٍ أَيْضًا فِيمَنْ دَفَعَ دِينَارًا أَجْرَ سَنَةٍ فَعَمِلَ بَعْضَهَا ثُمَّ تَقَايَلَا وَتَحَاسَبَا فَيَرُدُّ بَقِيَّةَ مَا عَلَيْهِ دَرَاهِمَ أَنَّهُ لَا خِلَافَ فِي صِحَّتِهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ إذَا لَمْ يَعْمَلَا عَلَى ذَلِكَ.

وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً إلَى أَجَلٍ بِنِصْفِ دِينَارٍ فَلَمَّا وَجَبَ الْبَيْعُ أَعْطَاهُ دِينَارًا وَرَدَّ عَلَيْهِ بَقِيَّتَهُ دَرَاهِمَ لَمْ يَجُزْ. اللَّخْمِيِّ: لِتُهْمَتِهِمَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمَا فِيمَا بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ اللَّهِ.

(كَبَيْعٍ وَسَلَفٍ بِمَنْفَعَةٍ) ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ بَاعَ سِلْعَةً ثُمَّ ابْتَاعَهَا فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ الْأُولَى إلَى أَجَلٍ نَظَرْت إلَى مَا آلَ إلَيْهِ الْأَمْرُ بَعْدَ الْبَيْعَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ أَبْوَابِ الرِّبَا فَأَبْطَلَتْهُ مِنْ زِيَادَةٍ فِي سَلَفٍ أَوْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ

ص: 271

أَوْ تَعْجِيلٍ بِوَضِيعَةٍ أَوْ حَطِّ ضَمَانٍ بِزِيَادَةٍ أَوْ ذَهَبٍ وَعَرْضٍ بِذَهَبٍ مُؤَجَّلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْمَكْرُوهِ.

وَمَا سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ جَازَ (لَا مَا قَلَّ كَضَمَانٍ بِجُعْلٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ بَعُدَتْ التُّهْمَةُ بَعْضَ الْبُعْدِ وَأَمْكَنَ الْقَصْدُ إلَيْهَا فَهَاهُنَا قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ: الْجَوَازُ وَالْمَنْعُ. وَمِثَالُ هَذَا أَنْ يَظْهَرَ شَيْءٌ تَخْتَلِفُ الْعَوَائِدُ فِي الْقَصْدِ إلَيْهِ كَدَفْعِ الْأَكْثَرِ مِمَّا فِيهِ الضَّمَانُ وَأَخْذِ أَقَلَّ مِنْهُ إلَى أَجَلٍ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعَبِّرُ عَنْهُ أَصْحَابُنَا

ص: 272

بِالضَّمَانِ بِالْجُعْلِ.

ابْنُ رُشْدٍ: وَالْقَوْلَانِ مَعًا لِمَالِكٍ.

(أَوْ أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك) ابْنُ رُشْدٍ: إنْ بَاعَ مِنْهُ عَشَرَةَ أَرَادِبَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ إلَى شَهْرٍ فَيَدْفَعُ إلَيْهِ الطَّعَامَ وَيَغِيبُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَبْتَاعُ مِنْهُ مِثْلَ طَعَامِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ إلَى شَهْرَيْنِ فَيَدْخُلُهُ " أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك " فَخَفَّفَ ذَلِكَ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَكَرِهَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ، وَلَوْ لَمْ يَغِبْ عَلَى الطَّعَامِ لَكَانَ جَائِزًا.

(فَمَنْ بَاعَ لِأَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِجِنْسِ ثَمَنِهِ مِنْ عَيْنٍ وَطَعَامٍ وَعَرْضٍ فَإِمَّا نَقْدًا أَوْ لِلْأَجَلِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ بِمِثْلِ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ يُمْنَعُ مِنْهَا ثَلَاثٌ وَهِيَ مَا عُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ) ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ بَشِيرٍ.

إذَا بَاعَ الْإِنْسَانُ سِلْعَةً تُعْرَفُ بِعَيْنِهَا إلَى أَجَلٍ ثُمَّ اشْتَرَاهَا، فَإِنْ كَانَ الثَّمَنَانِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ وَهُمَا عَيْنٌ وَاتَّفَقَا فِي الصِّفَةِ فَيُتَصَوَّرُ فِي ذَلِكَ اثْنَا عَشَرَ صُورَةً، وَذَلِكَ أَنَّ الثَّمَنَ الثَّانِي لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ مُسَاوِيًا لِمِقْدَارِ الْأَوَّلِ أَوْ أَقَلَّ مِنْهُ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ الثَّانِي نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ

ص: 273

أَقْرَبَ مِنْ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ أَوْ إلَى أَجَلٍ مُسَاوٍ لَهُ أَوْ لِأَجَلٍ أَبْعَدَ مِنْهُ، لَكِنَّ ثَلَاثَ صُوَرٍ مِنْهَا تَدْخُلُ فِي مِثْلِهَا لِتَسَاوِي الْأَحْكَامِ وَهِيَ أَنْ تَكُونَ إلَى أَقْرَبَ مِنْ الْأَجَلِ فَإِنَّهَا بِمَنْزِلَةِ النَّقْدِ، فَالصُّوَرُ إذَنْ تِسْعٌ، سَبْعٌ مِنْهَا تَجُوزُ، وَصُورَتَانِ تُمْنَعَانِ: إحْدَاهُمَا أَنْ يَشْتَرِيَهَا نَقْدًا بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ، وَالثَّانِيَةُ أَنْ يَشْتَرِيَهَا إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ وَبِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ.

وَالْمُحَاذَرَةُ فِي هَذَا مِنْ سَلَفٍ جَرَّ مَنْفَعَةً بِتَقْدِيرِ السِّلْعَةِ لَغْوًا، وَهَذَا الْحُكْمُ إنْ كَانَ الثَّمَنَانِ طَعَامًا مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ أَوْ عُرُوضًا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ تُتَصَوَّرُ الصُّوَرُ التِّسْعُ وَيُمْنَعُ مِنْهَا اثْنَتَانِ بِاتِّفَاقٍ إلَّا أَنَّهُ يَخْتَلِفُ هَذَا فِي اثْنَتَيْنِ يَمْنَعُهُمَا مَنْ يُتَّهَمُ عَلَى ضَمَانٍ بِجُعْلٍ.

(وَكَذَا لَوْ أُجِّلَ بَعْضُهُ مُمْتَنِعٌ مَا تُعُجِّلَ فِيهِ الْأَقَلُّ أَوْ بَعْضُهُ) ابْنُ الْحَاجِبِ. فَإِنْ كَانَ الثَّانِي

ص: 277

بَعْضُهُ نَقْدٌ وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ وَهِيَ تِسْعٌ فَإِنْ تَعَجَّلَ الْأَقَلَّ أَوْ بَعْضَهُ امْتَنَعَ.

(كَتَسَاوِي الْأَجَلَيْنِ إنْ شَرَطَا نَفْيَ الْمُقَاصَّةِ لِلدَّيْنِ بِالدَّيْنِ وَلِذَلِكَ صَحَّ فِي أَكْثَرَ لِأَبْعَدَ إذَا اشْتَرَطَاهَا) ابْنُ بَشِيرٍ: مِمَّا يَتَفَرَّعُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ أَنْ يَشْتَرِطَ فِي الْعَيْنِ عَدَمَ الْمُقَاصَّةِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُمْنَعَ مُطْلَقًا إذَا كَانَ الْبَيْعُ الثَّانِي إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ، لِأَنَّهُ يَقْتَضِي إخْرَاجَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا فِي ذِمَّتِهِ مِنْ الذَّهَبِ فَيَكُونُ اشْتِرَاطُ التَّبَادُلِ بِذَهَبَيْنِ بِتَأْخِيرٍ، وَلَوْ اشْتَرَطَ أَيْضًا فِي كَوْنِ الْبَيْعَةِ الثَّانِيَةِ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ الْمُقَاصَّةَ لَوَجَبَ الْجَوَازُ مُطْلَقًا إذْ لَا يُخْرِجُ أَحَدُهُمَا شَيْئًا فَيَأْخُذُ أَكْثَرَ مِنْهُ.

ابْنُ يُونُسَ: قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْمُقَاصَّةَ فَجَائِزٌ إذَا كَانَ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ.

قَالَ رَبِيعَةُ: بِالثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ أَقَلَّ اهـ. وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ يُونُسَ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ، وَلَمْ يُصَرِّحْ ابْنُ بَشِيرٍ بِحُكْمِ الْمُقَاصَّةِ إذَا لَمْ يَشْتَرِطَاهَا، وَإِنَّمَا صَرَّحَ بِشَرْطِهَا أَوْ شَرْطِ عَدَمِهَا. وَعِبَارَةُ خَلِيلٍ قَدْ وَفَّتْ بِمَا زَادَ ابْنُ بَشِيرٍ عَلَى ابْنِ يُونُسَ وَبِمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ يُونُسَ وَلَمْ يُصَرِّحْ بِهِ

ص: 278

ابْنُ بَشِيرٍ.

(وَالرَّدَاءَةُ مِنْ الْجَوْدَةِ كَالْقِلَّةِ وَالْكَثْرَةِ) ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَوْ بَاعَهُ بِيَزِيدِيَّةٍ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ ابْتَاعَهُ بِمُحَمَّدِيَّةٍ يَعْنِي مِثْلَ عَدَدِهَا وَوَزْنِهَا نَقْدًا جَازَ لِأَنَّهَا أَجْوَدُ فَهُوَ كَمَنْ ابْتَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ نَقْدًا، وَلَوْ كَانَ إنَّمَا بَاعَهُ بِمُحَمَّدِيَّةٍ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ ابْتَاعَهُ بِيَزِيدِيَّةٍ نَقْدًا لَمْ يَجُزْ وَكَأَنَّهُ ابْتَاعَهُ بِأَقَلَّ، لِأَنَّ الْمُحَمَّدِيَّةَ أَفْضَلُ.

(وَمُنِعَ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ اخْتَلَفَ نَوْعُ الثَّمَنِ وَكَانَ الْمَدْفُوعُ أَوَّلًا مُسَاوِيًا

ص: 279

لِقِيمَةِ الثَّانِي كَمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ لِأَجَلٍ ثُمَّ بَاعَهَا مِنْ بَائِعِهَا بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ نَقْدًا وَالصَّرْفُ دِينَارٌ بِخَمْسِينَ فَمَذْهَبُ الْكِتَابِ الْمَنْعُ (إلَّا أَنْ يُعَجِّلَ أَكْثَرَ مِنْ قِيمَةِ الْمُتَأَخِّرِ جِدًّا) ابْنُ بَشِيرٍ: وَإِنْ كَانَ الْمَدْفُوعُ أَوَّلًا فَوْقَ مِقْدَارِ الثَّانِي وَقِيمَتِهِ بِالشَّيْءِ الظَّاهِرِ فَهَاهُنَا قَوْلَانِ، الْمَشْهُورُ الْجَوَازُ وَفِيهَا نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ بِهَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " وَامْتَنَعَ لِغَيْرِ صِنْفٍ ثَمَنُهُ ".

(وَبِسِكَّتَيْنِ إلَى أَجَلٍ كَشِرَائِهِ بِمُحَمَّدِيَّةٍ مَا بَاعَ بِيَزِيدِيَّةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ بِعْت ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ مُحَمَّدِيَّةٍ إلَى شَهْرٍ فَلَا تَبْتَعْهُ بِعَشَرَةٍ

ص: 280

يَزِيدِيَّةٍ إلَى ذَلِكَ الشَّهْرِ. اللَّخْمِيِّ: لِتَضَمُّنِهِ الْمُبَادَلَةَ بِتَأْخِيرٍ. (وَإِنْ اشْتَرَى بِعَرْضٍ مُخَالِفٍ ثَمَنَهُ جَازَتْ ثَلَاثُ النَّقْدِ فَقَطْ) ابْنُ الْحَاجِبِ: إنْ كَانَ الثَّمَنَانِ عَرْضًا وَاحِدًا فَكَالطَّعَامِ، فَإِنْ كَانَا نَوْعَيْنِ جَازَتْ الصُّوَرُ كُلُّهَا إذْ لَا رِبَا فِي الْعُرُوضِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إنَّمَا يَجُوزُ صَرْفُ النَّقْدِ خَاصَّةً. بَهْرَامَ: إنَّمَا يُتَصَوَّرُ فِي النَّقْدِ صُورَتَانِ.

وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ بَاعَ سِلْعَةً بِدَرَاهِمَ لِأَجَلٍ لَا يَشْتَرِيهَا بِعَرْضٍ مُؤَجَّلٍ لِأَنَّهُ دَيْنٌ، بِدَيْنٍ اهـ. وَلَا شَكَّ أَنَّ صُورَةَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَبِيعَ ثَوْبًا مِنْ حَرِيرٍ مَوْصُوفٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ يَشْتَرِيَ مِنْهُ ذَلِكَ الثَّوْبَ بِمَكِيلَةِ قَمْحٍ مَثَلًا، فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْقَمْحُ مُؤَجَّلًا لِأَقْرَبَ مِنْ أَجَلِ الْحَرِيرِ وَلَا لِأَبْعَدَ وَلَا لِأَجَلِهِ، وَيَجُوزُ مُعَجَّلًا. وَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا أَنْ يُقَالَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ مُسَاوٍ لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَسْأَلَةِ فِي عَرْضَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ اهـ فَانْظُرْ إنْ كَانَ عَنَى خَلِيلٌ مَسْأَلَةَ الْمُدَوَّنَةِ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ " ثَلَاثُ النَّقْدِ "؟ وَنَحْوُهُ نَصُّ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. وَانْظُرْ أَيْضًا نَصَّ ابْنِ بَشِيرٍ فَإِنَّهُ أَطْلَقَ الْجَوَازَ مُطْلَقًا وَتَبِعَهُ

ص: 281

ابْنُ الْحَاجِبِ، وَانْظُرْ أَيْضًا قَوْلَ خَلِيلٍ ثَمَنَهُ إنْ كَانُوا يَعْنُونَ بِهَذَا كُلِّهِ غَيْرَ مَا فَهِمْته أَنَا فَانْظُرْهُ أَنْتَ.

(وَالْمِثْلِيُّ صِفَةً وَمِقْدَارًا كَمِثْلِهِ) ابْنُ بَشِيرٍ: لَوْ كَانَ الْمَبِيعُ طَعَامًا ثُمَّ اُسْتُرِدَّ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا اسْتَرَدَّهُ بِعَيْنِهِ أَوْ مِثْلِهِ صِفَةً أَوْ مِقْدَارًا يَكُونُ جَائِزًا بِشَرْطِ مُرَاعَاةِ الثَّمَنِ (فَيُمْنَعُ بِأَقَلَّ إلَى أَجَلِهِ أَوْ أَبْعَدَ إنْ غَابَ مُشْتَرِيهِ بِهِ) أَمَّا بَيْعُهُ بِأَقَلَّ لِأَجَلِهِ إنْ غَابَ مُشْتَرِيهِ بِهِ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنْ بَاعَ مِنْهُ عَشَرَةَ أَرَادِبَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ ابْتَاعَ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ غَابَ عَلَى الطَّعَامِ عَشَرَةَ أَرَادِبَ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يُقَاصَّهُ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ مِنْ الْعَشَرَةِ، فَإِنَّهُ أَيْضًا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ أَمْرَهُمَا آلَ إلَى أَنْ أَسْلَفَهُ عَشَرَةَ أَرَادِبَ فَانْتَفَعَ بِهَا ثُمَّ رَدَّ إلَيْهِ مِثْلَهَا عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الْمُسْلِفُ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ، وَأَمَّا بَيْعُهُ بِأَقَلَّ لِأَبْعَدَ مِنْ أَجَلِهِ إنْ غَابَ مُشْتَرِيهِ بِهِ فَاَلَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ إذَا اشْتَرَى مِنْهُ مِثْلَ طَعَامِهِ بَعْدَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ بِمِثْلِ

ص: 282

الثَّمَنِ لِأَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ خَفَّفَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَمْ يَتَّهِمْهُ عَلَى " أَسْلِفْنِي وَأُسْلِفُك "(وَهَلْ غَيْرُ صِنْفِ طَعَامِهِ كَقَمْحٍ وَشَعِيرٍ مُخَالِفٌ أَوْ لَا؟ تَرَدُّدٌ) ابْنُ يُونُسَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: لَوْ بِعْت مِنْهُ مَحْمُولَةً ثُمَّ اشْتَرَيْت مِنْهُ سَمْرَاءَ أَوْ شَعِيرًا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ تُهْمَةٌ وَإِنَّمَا يُرَاعَى الصِّنْفُ بِعَيْنِهِ. ابْنُ يُونُسَ: فَيَجُوزُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافًا لِسَحْنُونٍ وَمُحَمَّدٍ.

(وَإِنْ بَاعَ مُقَوَّمًا بِمِثْلِهِ كَغَيْرِهِ) ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ بِعْت مِنْهُ ثَوْبًا رَقِيقًا بِدِينَارَيْنِ إلَى أَجَلٍ فَلَا بَأْسَ أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْهُ قَبْلَ الْأَجَلِ ثَوْبًا فِي صِفَتِهِ وَجِنْسِهِ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ أَوْ أَكْثَرَ نَقْدًا أَوْ إلَى أَجَلٍ، لِأَنَّ الثِّيَابَ تُعْرَفُ بِأَعْيَانِهَا وَالطَّعَامَ لَا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ فَمِثْلُهُ كَعَيْنِهِ وَإِنَّمَا عَلَى مُسْتَهْلِكِ الثَّوْبِ قِيمَتُهُ بِخِلَافِ مَا يُوزَنُ وَيُكَالُ.

(كَتَغَيُّرِهَا كَثِيرًا) ابْنُ الْمَوَّازِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: عَنْ مَالِكٍ فِي الدَّابَّةِ أَوْ الْبَعِيرِ يَبْتَاعُهُمَا بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ ثُمَّ يُسَافِرُ عَلَيْهِمَا الْمُبْتَاعُ إلَى مِثْلِ الْحَجِّ وَبَعِيدِ السَّفَرِ فَيَأْتِي وَقَدْ أَنْقَصَهَا ثُمَّ يَبْتَاعُهَا مِنْهُ الْبَائِعُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ نَقْدًا فَلَا يُتَّهَمُ فِي هَذَا أَحَدٌ وَلَا بَأْسَ بِهِ.

(وَإِنْ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْهِ لِأَبْعَدَ مُطْلَقًا أَوْ أَقَلَّ نَقْدًا امْتَنَعَ) أَمَّا شِرَاءُ أَحَدِهِمَا لِأَبْعَدَ مُطْلَقًا فَقَالَ اللَّخْمِيِّ: إنْ بَاعَ عَبْدَيْنِ بِمِائَةِ دِينَارٍ إلَى سَنَةٍ ثُمَّ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِخَمْسِينَ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ سِتِّينَ لِأَنَّهُ يُتَّهَمُ أَنْ يَتْرُكَ الْعَشَرَةَ وَهِيَ فَضْلُ قِيمَةِ الْعَبْدِ لِمَكَانِ مَا يُسْلِفُهُ الْمُشْتَرِي وَهِيَ

ص: 283

الْخَمْسُونَ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَرْبَعِينَ جَازَ وَإِنْ اشْتَرَاهُ بِمِائَةٍ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ لَمْ يَجُزْ وَيَدْخُلُهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ انْتَهَى. فَانْظُرْ قَوْلَهُ وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَرْبَعِينَ مَعَ قَوْلِ خَلِيلٍ مُطْلَقًا. وَأَمَّا شِرَاءُ أَحَدِهِمَا بِأَقَلَّ نَقْدًا فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ بَاعَ ثَوْبَيْنِ بِعَشَرَةٍ إلَى سَنَةٍ ثُمَّ اشْتَرَى إحْدَاهُمَا نَقْدًا بِتِسْعَةٍ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ فَأَكْثَرَ جَازَ.

وَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ بِعْت عَبْدَيْنِ بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ فَلَا تَبْتَعْ أَحَدَهُمَا بِتِسْعَةٍ نَقْدًا وَلَا بِدِينَارٍ نَقْدًا لِأَنَّ بَيْعَ الرَّاجِعِ إلَيْك يُعَدُّ لَغْوًا، وَكَأَنَّك بِعْت الثَّانِي وَتِسْعَةَ دَنَانِيرَ بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ فَذَلِكَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ (لَا بِمِثْلِهِ أَوْ أَكْثَرَ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ:" وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ فَأَكْثَرَ جَازَ "

(وَامْتَنَعَ بِغَيْرِ صِنْفِ ثَمَنِهِ إلَّا أَنْ يَكْثُرَ الْمُعَجَّلُ) اُنْظُرْ مَا صُورَةُ هَذَا فِي الْخَارِجِ إنْ كَانَ يَعْنِي غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَمُنِعَ بِذَهَبٍ وَفِضَّةٍ. ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ اشْتَرَى أَحَدَهُمَا بِغَيْرِ صِنْفِ الثَّمَنِ الْأَوَّلِ فَقَالُوا: يُمْنَعُ مُطْلَقًا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إنَّمَا قَالَ: قَالُوا: لِتَعَقُّبِ إطْلَاقِهِمْ الْمَنْعَ بَلْ يَجِبُ تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْمُعَجَّلُ مِنْ الْعَيْنِ أَكْثَرَ مِمَّا يُقَابِلُهُ مِنْ الثَّمَنِ جِدًّا حَسْبَمَا مَرَّ فِي التُّهْمَةِ عَلَى صَرْفٍ مُسْتَأْخِرٍ. اُنْظُرْ ابْنَ عَرَفَةَ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ بِعْت ثَوْبًا بِثَلَاثِينَ دِرْهَمًا إلَى شَهْرٍ فَلَا تَبْتَعْهُ بِدِينَارٍ

ص: 284

نَقْدًا فَيَصِيرُ صَرْفًا مُسْتَأْخِرًا، وَلَوْ ابْتَعْته بِعِشْرِينَ دِينَارًا نَقْدًا جَازَ لِبُعْدِكُمَا مِنْ التُّهْمَةِ، وَإِنْ بِعْته بِأَرْبَعِينَ إلَى شَهْرٍ جَازَ أَنْ تَبْتَاعَهُ بِثَلَاثَةِ دَنَانِيرَ نَقْدًا لِبَيَانِ فَضْلِهَا فَلَا تُهْمَةَ فِي هَذَا.

(وَلَوْ بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مَعَ سِلْعَةٍ نَقْدًا مُطْلَقًا أَوْ لِأَبْعَدَ بِأَكْثَرَ أَوْ بِخَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ امْتَنَعَ) أَمَّا إذَا بَاعَ مِنْ رَجُلٍ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ وَثَوْبًا مِنْهُ بِعَشَرَةٍ نَقْدًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ عَشَرَةٍ أَوْ أَقَلَّ فَقَالَ اللَّخْمِيِّ: لَا يَجُوزُ، قَالَ: وَيَدْخُلُهُ فِي أَكْثَرَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَبِعَشَرَةٍ فَأَقَلَّ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ لِأَنَّ ثَوْبَهُ رَجَعَ إلَيْهِ فَكَانَ لَغْوًا. وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَثَوْبًا مَعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ فَقَالَ اللَّخْمِيِّ: لَا يَجُوزُ.

قَالَ: وَيَدْخُلُهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ. قَالَ: وَالسَّلَفُ هَاهُنَا مِنْ الْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ بِخِلَافِ مَا لَوْ اشْتَرَاهُ وَثَوْبًا مَعَهُ بِعَشَرَةٍ فَأَقَلَّ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ، وَأَمَّا إذَا بَاعَهُ بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ قَالَ ابْنُ شَاسٍ: لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ مِنْهُ بِخَمْسَةٍ وَثَوْبٍ مِنْ نَوْعِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّ الْبَائِعَ يُخْرِجُ الْآنَ خَمْسَةً وَثَوْبًا عِوَضًا عَنْ عَشَرَةٍ يَأْخُذُهَا إذَا حَلَّ الْأَجَلُ بِخَمْسَةٍ مِنْ هَذِهِ الْعَشَرَةِ

ص: 285

الَّتِي يَأْخُذُهَا إذَا حَلَّ الْأَجَلُ قَضَاءً عَنْ الْخَمْسَةِ الَّتِي كَانَتْ مَعَ الثَّوْبِ، وَالثَّوْبُ الَّذِي مَعَ الْخَمْسَةِ مَبِيعٌ بِالْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْ الْعَشَرَةِ. وَعِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ بِعْت ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ إلَى شَهْرٍ فَاشْتَرَيْته قَبْلَ الْأَجَلِ بِخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَبِثَوْبٍ مِنْ نَوْعِهِ أَوْ مِنْ غَيْرِ نَوْعِهِ لَمْ يَجُزْ، لِأَنَّ ثَوْبَك رَجَعَ إلَيْك وَصَحَّ إنَّك بِعْت الثَّانِيَ وَخَمْسَةَ دَرَاهِمَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ فَذَلِكَ بَيْعٌ وَسَلَفٌ. (لَا بِعَشَرَةٍ وَسِلْعَةٍ) ابْنُ الْحَاجِبِ: لَوْ بَاعَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ بِخَمْسَةٍ وَسِلْعَةٍ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ اشْتَرَاهُ بِعَشَرَةٍ فَأَكْثَرَ جَازَ خِلَافًا لِابْنِ الْمَاجِشُونِ، وَلَمْ أَجِدْ هَذَا الْفَرْعَ لِابْنِ عَرَفَةَ وَلَا لِابْنِ شَاسٍ (وَبِمِثْلٍ وَأَقَلَّ لِأَبْعَدَ) تَقَدَّمَ نَقْلُ اللَّخْمِيِّ إذَا بَاعَهُ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ اشْتَرَاهُ وَثَوْبًا مَعَهُ بِعَشَرَةٍ فَأَقَلَّ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ انْتَهَى. اُنْظُرْ ابْنَ الْحَاجِبِ فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِهَذَا.

(وَلَوْ اشْتَرَى بِأَقَلَّ لِأَجَلِهِ ثُمَّ رَضِيَ بِالتَّعْجِيلِ فَقَوْلَانِ) ابْنُ بَشِيرٍ: وَمِمَّا يَجْرِي عَلَى مُرَاعَاةِ التُّهَمِ الْبَعِيدَةِ أَنْ يَقَعَ الشِّرَاءُ بِأَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ أَوْ إلَى أَبْعَدَ مِنْهُ ثُمَّ يَقَعَ التَّرَاضِي بِتَعْجِيلِهِ، فَهَاهُنَا اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي جَوَازِ التَّعْجِيلِ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يُعَبِّرُ عَنْهُ أَصْحَابُنَا بِحِمَايَةِ الْحِمَايَةِ، وَذَلِكَ أَنَّ التُّهْمَةَ هَاهُنَا عَلَى أَنْ يَعْقِدَا عَلَى إظْهَارِ الشِّرَاءِ إلَى الْأَجَلِ أَوْ إلَى أَبْعَدَ مِنْهُ وَيُبْطِنَا تَعْجِيلَ النَّقْدِ (كَتَمْكِينِ بَائِعِ مُتْلَفٍ مَا قِيمَتُهُ أَقَلُّ مِنْ الزِّيَادَةِ عِنْدَ الْأَجَلِ) مِثَالُ هَذَا أَنْ يَشْتَرِيَ ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ يَغِيبُ عَلَيْهِ الْبَائِعُ أَوْ يَفُوتُهُ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَوَاتِ، فَلَا خِلَافَ أَنَّهُ يَغْرَمُ قِيمَتَهُ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مَثَلًا ثَمَانِيَةً وَغَرِمَهَا فَهَلْ يُمَكَّنُ عِنْدَ الْأَجَلِ مِنْ أَخْذِ الْعَشَرَةِ كُلِّهَا مِنْ الْمُشْتَرِي أَوْ لَا يُمَكَّنُ إلَّا مِنْ ثَمَانِيَةٍ خَاصَّةً؟ فَمُقْتَضَى سَمَاعِ يَحْيَى أَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى مَا دَفَعَ. ابْنُ رُشْدٍ: أَتَّهِمُهُمَا عَلَى الْقَصْدِ إلَى دَفْعِ دَنَانِيرَ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا إلَى أَجَلٍ. وَاَلَّذِي

ص: 286

لِابْنِ يُونُسَ عَنْ الْمَجْمُوعَةِ. لَوْ تَعَدَّى عَلَى السِّلْعَةِ الْبَائِعُ الْأَوَّلُ بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهَا فَبَاعَهَا أَوْ أَفْسَدَهَا فَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَأْخُذُهَا بِمَا بِيعَتْ بِهِ، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَدَّى الثَّمَنَ الَّذِي أَغْرَمَهُ الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ وَإِنْ شَاءَ الثَّمَنَ الَّذِي كَانَ ابْتَاعَهَا بِهِ، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ رَدَّ الثَّمَنَ الَّذِي ابْتَاعَهَا بِهِ وَلَا يُتَّهَمَا وَلِأَنَّهُمَا لَمْ

ص: 287

يَتَعَامَلَا عَلَى هَذَا.

(وَإِنْ أَسْلَمَ فَرَسًا فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّ مِثْلَهُ مَعَ خَمْسَةٍ مُنِعَ مُطْلَقًا) ابْنُ الْحَاجِبِ: وَإِنْ أَسْلَمَ فَرَسًا فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّ مِثْلَهُ مُنِعَتْ الصُّوَرُ كُلُّهَا يَعْنِي: سَوَاءٌ إذَا اسْتَرَدَّ مِثْلَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ عِنْدَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ قَالَ: لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ (كَمَا لَوْ اسْتَرَدَّهُ) لَوْ قَالَ كَمَا لَوْ اسْتَرَدَّهُ أَوْ سِلْعَةً أُخْرَى لَتَنَزَّلَ عَلَى مَا يَتَقَرَّرُ. مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ أَسْلَمْت إلَيْهِ فَرَسًا فِي عَشَرَةِ أَثْوَابٍ إلَى أَجَلٍ فَأَعْطَاك خَمْسَةً مِنْهَا قَبْلَ الْأَجَلِ مَعَ الْفَرَسِ أَوْ مَعَ سِلْعَةٍ سِوَاهُ عَلَى أَنْ أَبْرَأْتَهُ مِنْ بَقِيَّةِ الثِّيَابِ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ بَيْعٌ وَسَلَفٌ وَوَضِيعَةٌ عَلَى تَعْجِيلِ حَقٍّ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: فَوَجْهُ الْبَيْعِ وَالسَّلَفِ أَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ عَجَّلَ لَك الْخَمْسَةَ الْأَثْوَابَ سَلَفًا مِنْهُ يَقْبِضُهَا مِنْ نَفْسِهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ وَالْفَرَسُ أَوْ السِّلْعَةُ بِيعَ بِالْخَمْسَةِ الْبَاقِيَةِ، وَأَمَّا " ضَعْ وَتَعَجَّلْ " فَأَنْ تَكُونَ الْفَرَسُ أَوْ السِّلْعَةُ الْمُعَجَّلَةُ لَا تُسَاوِي الْخَمْسَةَ الْبَاقِيَةَ فَيَجُزْ لِلْوَضِيعَةِ وَيَدْخُلُهُ تَعَجَّلْ حَقَّك وَأَزِيدُك دُخُولًا ضَعِيفًا، وَلَوْ كَانَتْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ الْمُعَجَّلَةِ أَضْعَافَ قِيمَةِ الثِّيَابِ الْمُؤَخَّرَةِ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا إذْ لَوْ أَسْلَمَ ثَوْبًا وَسِلْعَةً أَكْثَرَ مِنْهُ ثَمَنًا فِي ثَوْبَيْنِ مِنْ صِنْفِهِ لَمْ يَجُزْ، قَالَ رَبِيعَةُ: مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُسْلِمَ بَعْضَهُ فِي بَعْضٍ فَلَا تَأْخُذُهُ قَضَاءً مِنْهُ. ابْنُ يُونُسَ: وَلَوْ أَعْطَاهُ الْفَرَسَ فِي خَمْسَةٍ مِنْهَا وَأَبْقَى الْخَمْسَةَ إلَى أَجَلِهَا لَجَازَ كَمَا لَوْ أَعْطَاهُ الْفَرَسَ أَوْ سِلْعَةً سَوَاءً فِي جُمْلَةِ الثِّيَابِ لَجَازَ لِأَنَّ ذَلِكَ بَيْعٌ لَهَا (إلَّا أَنْ يُبْقِيَ الْخَمْسَةَ لِأَجَلِهَا) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ يُونُسَ " لَوْ أَبْقَى الْخَمْسَةَ لِأَجَلِهَا لَجَازَ "(لِأَنَّ الْمُعَجِّلَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ أَوْ الْمُؤَخِّرَ مُسَلِّفٌ) وَعِبَارَةُ ابْنِ الْحَاجِبِ مِنْ أَنَّ هَذَا يَنْبَنِي عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ أَنَّ الْمُعَجِّلَ لِمَا فِي الذِّمَّةِ مُسَلِّفٌ ثُمَّ يَقْتَضِيهِ مِنْ ذِمَّتِهِ عِنْدَ أَجَلِهِ

ص: 288

لِأَنَّهُ أَدَّاهُ وَبَرِئَ. وَصَوَّبَ الْمُتَأَخِّرُونَ الشَّاذَّ.

(وَإِنْ بَاعَ حِمَارًا بِعَشَرَةٍ لِأَجَلٍ ثُمَّ اسْتَرَدَّهُ وَدِينَارًا نَقْدًا أَوْ مُؤَجَّلًا مُنِعَ مُطْلَقًا إلَّا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ لِلْأَجَلِ) أَمَّا إذَا اسْتَرَدَّهُ وَدِينَارًا نَقْدًا فَفِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ رَبِيعَةُ:

ص: 289

وَإِنْ بِعْت حِمَارًا بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ فِي شَهْرٍ ثُمَّ أَقَلْته عَلَى أَنْ عَجَّلَ لَك دِينَارًا أَوْ بِعْته بِنَقْدٍ فَأَقَلْته عَلَى إنْ زَادَك دِينَارًا أَخَّرْته عَلَيْهِ لَمْ يَجُزْ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَيَدْخُلُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ.

ابْنُ يُونُسَ: وَبَيَانُهُ فِي مَسْأَلَةِ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَبَ لَك عَلَيْهِ عَشَرَةٌ إلَى أَجَلٍ فَدَفَعَ إلَيْك الْحِمَارَ فِي تِسْعٍ مِنْهَا وَأَسْلَفَك دِينَارًا يَقْبِضُهُ مِنْ نَفْسِهِ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ. وَوَجْهُ ذَلِكَ فِي بَيْعِهِ النَّقْدَ أَنَّهُ قَدْ وَجَبَ لَك عَلَيْهِ عَشَرَةٌ نَقْدًا فَإِذَا أَقَالَك كَمَا ذَكَرْنَا فَقَدْ دَفَعَ إلَيْك فِيهَا حِمَارًا نَقْدًا وَدِينَارًا مُؤَخَّرًا، فَالْحِمَارُ ثَمَنُ تِسْعَةٍ مِنْهَا، وَالدِّينَارُ الْبَاقِي أَسْلَفْته إلَى شَهْرٍ فَصَارَ السَّلَفُ فِي الْأُولَى مِنْهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ مِنْك، وَسَوَاءٌ نَقَدَك الْعَشَرَةَ أَمْ لَا. وَهَذَا فِي زِيَادَةِ الْمُبْتَاعِ، وَأَمَّا لَوْ زَادَك ذَلِكَ الْبَائِعُ لَجَازَ.

وَأَمَّا إذَا اسْتَرَدَّهُ وَدِينَارًا مُؤَجَّلًا إلَّا فِي جِنْسِ الثَّمَنِ إلَى أَجَلٍ فَقَالَ ابْنُ يُونُسَ: أَمَّا إذَا زَادَهُ الْمُبْتَاعُ فِي بَيْعَةِ النَّسِيئَةِ دِينَارًا مِنْ سِكَّةِ الثَّمَنِ فِي الْعَيْنِ وَالْوَزْنِ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ جَازَ، لِأَنَّ الْبَائِعَ كَأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ الْحِمَارَ بِتِسْعَةٍ مِنْ الْعَشَرَةِ الْمُؤَجَّلَةِ وَأَبْقَى عَلَيْهِ الدِّينَارَ الْعَاشِرَ إلَى أَجَلِهِ فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ فَسَادٌ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ، فِيمَنْ بَاعَ عَبْدًا بِمِائَةِ دِينَارٍ إلَى شَهْرٍ ثُمَّ أَقَالَ مِنْهُ عَلَى أَنْ زَادَهُ الْمُبْتَاعُ عَيْنًا نَقْدًا فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ إلَى الْأَجَلِ نَفْسِهِ مِنْ جِنْسِ الثَّمَنِ فَتَصِيرُ مُقَاصَّةً، وَلَا يَجُوزُ إلَى أَبْعَدَ مِنْ الْأَجَلِ (وَإِنْ زِيدَ

ص: 290

غَيْرُ عَيْنٍ وَبِيعَ بِنَقْدٍ وَلَمْ يُقْبَضْ جَازَ إنْ عُجِّلَ الْمَزِيدُ) اُنْظُرْ قَوْلَهُ " غَيْرُ عَيْنٍ " وَاَلَّذِي لِابْنِ يُونُسَ: وَلَوْ كَانَتْ زِيَادَةُ الْمُبْتَاعِ فِي بَيْعَةِ النَّقْدِ الَّتِي لَمْ يَنْقُدْهُ مُعَجَّلَةً فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ، كَانَتْ الزِّيَادَةُ عَيْنًا أَوْ طَعَامًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، وَإِنْ زَادَهُ دَرَاهِمَ فَيَزِيدُهُ مِنْهَا مَا يَكُونُ صَرْفًا، وَلَوْ زَادَهُ جَمِيعَ ذَلِكَ مُؤَجَّلًا لَمْ يَجُزْ، وَيَدْخُلُهُ فِي الطَّعَامِ وَالْعُرُوضِ وَالدَّرَاهِمِ فَسْخُ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ مَعَ صَرْفٍ مُسْتَأْخِرٍ فِي أَخْذِهِ الدَّرَاهِمَ.

وَأَمَّا زِيَادَةُ الْبَائِعِ فَهِيَ عَلَى كُلِّ حَالٍ جَائِزَةٌ، وَكَأَنَّهُ اشْتَرَى الْحِمَارَ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَجَبَ لَهُ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَبِزِيَادَةٍ زَادَهُ فَلَيْسَ فِي ذَلِكَ فَسَادٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ الزِّيَادَةُ مِنْ صِنْفِ الْحِمَارِ فَيَجُوزُ نَقْدًا وَلَا يَجُوزُ إلَى أَجَلٍ لِأَنَّ ذَلِكَ حِمَارٌ بِحِمَارٍ إلَى أَجَلٍ وَزِيَادَةٍ.

(وَصَحَّ أَوَّلُ مِنْ بُيُوعِ الْآجَالِ فَقَطْ) ابْنُ بَشِيرٍ: إذَا وَقَعَتْ بِيَاعَاتُ الْآجَالِ عَلَى الصِّفَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا، فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُفْسَخُ الْبَيْعُ الثَّانِي خَاصَّةً بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَنْعَ فِي بُيُوعَاتِ الْآجَالِ لِلذَّرِيعَةِ، وَإِنْ قُلْنَا: إنَّهُ مُحَرَّمٌ لِنَفْسِهِ

ص: 291

قَوِيَ فَسْخُ الْبَيْعَتَيْنِ (إلَّا أَنْ يَفُوتَ الثَّانِي فَيُفْسَخَانِ) ابْنُ بَشِيرٍ: فَإِنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ فَقِيلَ يَمْضِي بِالْفَوَاتِ مُرَاعَاةً لِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَقِيلَ إنَّهُ يُفْسَخُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ (وَهَلْ مُطْلَقًا أَوْ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ؟ خِلَافٌ) ابْنُ رُشْدٍ: إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً صَحَّتْ الْبَيْعَةُ الْأُولَى وَفُسِخَتْ الثَّانِيَةُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، فَإِنْ فَاتَتْ فَاَلَّذِي تَأَوَّلَ التُّونِسِيُّ عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْبَيْعَتَيْنِ تُفْسَخَانِ جَمِيعًا فَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُبْتَاعِ إلَّا الثَّمَنُ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ. وَذَهَبَ عَبْدُ الْحَقِّ تَأَوُّلًا عَلَى ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ فُسِخَتْ الْبَيْعَتَانِ وَلَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ عَلَى الْمُبْتَاعِ إلَّا الثَّمَنُ الَّذِي دَفَعَ إلَيْهِ، وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ الثَّمَنِ فُسِخَتْ الْبَيْعَةُ الثَّانِيَةُ خَاصَّةً وَقَضَى عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ، فَإِذَا حَلَّ الْأَجَلُ أَخَذَ الثَّمَنَ. وَقَالَهُ سَحْنُونَ نَصًّا.

ص: 292