المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[هل يفتقر الرهن للتصريح به أم لا] - التاج والإكليل لمختصر خليل - جـ ٦

[محمد بن يوسف المواق]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ] [

- ‌الْقَسْم الْأَوَّل فِي صِحَّة الْبَيْع وَفَسَاده] [

- ‌بَاب فِي أَرْكَان الْبَيْع]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[حُكْمِ الرِّبَا فِي الْمَطْعُومَاتِ]

- ‌[بَاب فِي فَسَادِ الْعَقْدِ مِنْ جِهَةِ نَهْيِ الشَّارِعِ عَنْهُ]

- ‌[مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ قَبْضٍ أَوْ فَوَاتٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَاسِدِ مِنْ جِهَةِ تَطَرُّقِ التُّهْمَةِ إلَى الْمُتَعَاوِضَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِينَةِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ فِي لُزُومِ الْعَقْدِ وَجَوَازِهِ] [

- ‌فَصْلٌ فِي الْخِيَار] [

- ‌خِيَارُ التَّرَوِّي]

- ‌[خِيَارُ النَّقِيصَةِ]

- ‌[مُبْطِلَاتُ الْخِيَارِ وَمَوَانِعُهُ]

- ‌[فَصْلٌ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَاف الْمُتَبَايِعَانِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ]

- ‌[كِتَابُ السَّلَمِ] [

- ‌بَابٌ فِي شُرُوط السَّلَم وَأَدَاء الْمُسْلِم فِيهِ وَالنَّظَر فِي صفته]

- ‌[فَصْلٌ قَرْضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ]

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْكُنَ أَوْ يُكْرِيَ]

- ‌[اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ]

- ‌[وَكَّلَ وَكِيلًا بِبَيْعِ رَهْنٍ وَقَضَى دَيْنَهُ مِنْ ثَمَنِهِ]

- ‌[هَلْ يَفْتَقِرُ الرَّهْنُ لِلتَّصْرِيحِ بِهِ أَمْ لَا]

- ‌[هَلَكَ الرَّهْنُ وَجُهِلَتْ صِفَتُهُ]

- ‌[كِتَابُ التَّفْلِيسِ] [

- ‌أَحْكَام الْحَجَر عَلَى الْمُفْلِس]

- ‌[بَيْعُ آلَةِ الصَّانِعِ إذَا فَلَّسَ]

- ‌[حَبَسَ الْمُفْلِس]

- ‌[حَبْسُ مَنْ تَقَعَّدَ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ وَادَّعَى الْعَدَمَ فَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ]

- ‌[مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ الرُّجُوعُ إلَى عَيْنِ الْمَالِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ] [

- ‌أَسْبَاب الْحَجَر]

- ‌[وَصِيَّةُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ وَأَقَلَّ مِمَّا يُقَارِبُهَا]

- ‌[لَا حَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ فِي اسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ وَنَفْيِهِ]

- ‌[تَصَرُّفَات الصَّغِير قَبْل الْحَجَر]

- ‌[الْحَجَر بِسَبَبِ الرِّقّ]

- ‌[أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلِيِّهِ]

- ‌[بَيْعُ الْمَأْذُونِ أُمَّ وَلَدِهِ]

- ‌[الْحَجَر عَلَى الْمَرِيض]

- ‌[الْحَجَر عَلَى الزَّوْجَة]

الفصل: ‌[هل يفتقر الرهن للتصريح به أم لا]

وَالرَّهْنُ بِمَا أَنْفَقْت رَهْنٌ أَيْضًا، وَهَذَا أَبْيَنُ. وَكَانَ ابْنُ شَبْلُونَ يُفَرِّقُ بَيْنَ ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ وَلَيْسَ بِشَيْءٍ.

[هَلْ يَفْتَقِرُ الرَّهْنُ لِلتَّصْرِيحِ بِهِ أَمْ لَا]

(فَفِي افْتِقَارِ الرَّهْنِ لِلَفْظٍ مُصَرَّحٍ بِهِ تَأْوِيلَانِ) ابْنُ عَرَفَةَ: هَلْ يَفْتَقِرُ الرَّهْنُ لِلتَّصْرِيحِ بِهِ أَمْ لَا؟ الْخِلَافُ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ. فَلَوْ دَفَعَ رَجُلٌ إلَى آخَرَ سِلْعَةً وَلَمْ يَزِدْ عَلَى قَوْلِهِ: " أَمْسِكْهَا حَتَّى أَدْفَعَ لَك حَقَّك " كَانَتْ رَهْنًا عِنْدَ أَشْهَبَ لَا عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ.

(وَإِنْ أَنْفَقَ مُرْتَهِنٌ عَلَى كَشَجَرٍ خِيفَ عَلَيْهِ بُدِئَ بِالنَّفَقَةِ) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: " لَا يَكُونُ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِفَضْلَةِ الرَّهْنِ عَنْ دَيْنِهِ لِأَجْلِ نَفَقَتِهِ ". مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ ارْتَهَنَ نَخْلًا بِبِئْرِهَا أَوْ زَرْعًا أَخْضَرَ بِبِئْرِهِ فَانْهَارَتْ الْبِئْرُ فَأَبَى الرَّاهِنُ أَنْ يُصْلِحَ فَأَصْلَحَهَا الْمُرْتَهِنُ لِخَوْفِ هَلَاكِ الزَّرْعِ أَوْ النَّخْلِ، فَلَا رُجُوعَ لَهُ بِمَا أَنْفَقَ عَلَى الرَّاهِنِ وَلَكِنْ يَكُونُ ذَلِكَ لَهُ فِي الزَّرْعِ وَفِي رِقَابِ النَّخْلِ يَبْدَأُ فِيهِ بِنَفَقَتِهِ، فَمَا فَضَلَ كَانَ فِي دَيْنِهِ، فَإِنْ فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ شَيْءٌ كَانَ لِرَبِّهِ. ابْنُ يُونُسَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَحَقَّ بِنَفَقَتِهِ وَبِمِقْدَارِ دَيْنِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ كَافْتِدَائِهِ الْعَبْدَ الرَّهْنَ إذَا جَنَى.

وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا: إذَا خَافَ الرَّاهِنُ هَلَاكَ الزَّرْعِ وَأَبَى الْمُرْتَهِنُ أَنْ يُنْفِقَ فِيهِ فَأَخَذَ مَالًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَأَنْفَقَهُ فِيهِ فَالْأَجْنَبِيُّ أَحَقُّ بِمَبْلَغِ نَفَقَتِهِ مِنْ ثَمَنِ الزَّرْعِ مِنْ الْمُرْتَهِنِ، وَمَا فَضَلَ كَانَ لِلْمُرْتَهِنِ،

ص: 574

فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ مِنْهُ شَيْءٌ رَجَعَ الْمُرْتَهِنُ بِدَيْنِهِ عَلَى الرَّاهِنِ. ابْنُ يُونُسَ: وَذَلِكَ إذَا شَرَطَ أَنَّ نَفَقَتَهُ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ أَحَقَّ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ فِي ذِمَّةِ الرَّاهِنِ.

وَانْظُرْ ذَكَرَ فِي الْمُدَوَّنَةِ هُنَا إذَا غَرِمَ الْمُرْتَهِنُ خَرَاجًا عَلَى الْأَرْضِ الَّتِي هِيَ رَهْنٌ بِيَدِهِ فَقَالَ: ذَلِكَ مِنْ الْمُرْتَهِنِ لَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ الْخَرَاجِ عَلَى الرَّاهِنِ إلَّا إنْ كَانَ ذَلِكَ الْخَرَاجُ حَقًّا، وَبِهَذَا قَالَ الشَّعْبِيُّ فِي نَوَازِلِهِ إذَا أَخَذَ السُّلْطَانُ وَدِيعَةً فَفَدَاهَا الْمُودِعُ عِنْدَهُ فَلَا يَغْرَمُ لَهُ صَاحِبُهَا شَيْئًا. وَانْظُرْ الِاضْطِرَارَ فِي هَذَا فِيمَنْ فَدَى مَا بِيَدِ اللُّصُوصِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ. وَسُئِلَ أَبُو عِمْرَانَ عَمَّنْ خَرَجَ إلَى الْحَجِّ وَقَدَّمَ صِهْرَهُ عَلَى رَبْعِهِ فَلَمْ يَفِ بِخَرَاجِ السُّلْطَانِ، فَتَدَايَنَ مَا أَدَّى فِي ذَلِكَ، ثُمَّ تُوُفِّيَ الْمُوَكِّلُ قَبْلَ قُدُومِهِ فَقَامَ أَرْبَابُ الدُّيُونِ لِبَيْعِ الرَّبْعِ فَقَالَ لَهُمْ: الْخَرَاجُ مُقَدَّمٌ.

فَقَالَ: إنْ كَانَتْ الضَّيْعَةُ لَوْ لَمْ يُؤَدِّ عَلَيْهَا خَرَاجًا وَرَجَعَ عَنْهَا لَهَلَكَتْ فَحُجَّتُهُ قَوِيَّةٌ، وَأَجَابَ التُّونِسِيُّ: هُوَ أَحَقُّ مِنْ الْغُرَمَاءِ كَمَنْ اسْتَنْقَذَ مَتَاعًا مِنْ أَيْدِي اللُّصُوصِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَفِيهِ اخْتِلَافٌ.

قَالَ الْبُرْزُلِيِّ: مِثْلُهُ الْيَوْمَ مَا يَقَعُ مِنْ الْأَثْقَافِ عَلَى التَّرِكَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الَّذِي يَرْجِعُ عَلَى التَّرِكَةِ مَنْ دَفَعَ ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ حُكْمُ ابْنِ عَبْدِ الرَّفِيعِ فِي الَّذِي أُجْبِرَ عَلَى دَفْعِ دَيْنٍ عَنْ الْهَارِبِ أَنَّهُ حُكْمٌ بِبَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ اهـ. وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ هَذَا فِي دَفْعِ الزَّكَاةِ لِوُلَاةِ الْجَوْرِ وَيَضْمَنُ ذَلِكَ كُلَّهُ أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى خِلَافِ مَا فِي الرُّهُونِ.

وَانْظُرْ عَلَى مَنْ تَكُونُ أُجْرَةُ بَيْعِ الرَّهْنِ فِي غَيْبَةِ رَاهِنِهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: عَلَى طَالِبِ الْبَيْعِ.

وَقَالَ أَصْبَغُ: مَا أَرَى الْجُعْلَ إلَّا عَلَى الرَّاهِنِ (وَتُؤُوِّلَتْ عَلَى عَدَمِ جَبْرِ الرَّاهِنِ عَلَيْهِ مُطْلَقًا) ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ " إنَّ الْمُرْتَهِنَ إذَا أَنْفَقَ فِي إصْلَاحِ الْبِئْرِ لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى الرَّاهِنِ وَإِنَّمَا تَكُونُ نَفَقَتُهُ عَلَى الرَّهْنِ مُبْدَأَةً عَلَى الدَّيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَفِ الرَّهْنُ بِهَا لَمْ يُتْبِعْهُ بِالنَّفَقَةِ " يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّاهِنَ عِنْدَهُ لَا يَلْزَمُهُ إصْلَاحُ الْبِئْرِ وَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ (وَعَلَى التَّقْيِيدِ بِالتَّطَوُّعِ عِنْدَ الْعَقْدِ) بَهْرَامَ: أَيْ تُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الرَّاهِنَ تَطَوَّعَ بِالرَّهْنِ بَعْدَ الْعَقْدِ فَلِهَذَا لَمْ يُجْبَرْ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُشْتَرِطًا فِي الْعَقْدِ لَجُبِرَ.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَتَأَوَّلَ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّهُ كَانَ تَطَوَّعَ بِالنَّفَقَةِ عَلَى الْبِئْرِ بَعْدَ الْبَيْعِ.

(وَضَمِنَهُ مُرْتَهِنٌ إنْ كَانَ بِيَدِهِ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ تَشْهَدْ بَيِّنَةٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَا قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ رَهْنٍ يُغَابُ عَلَيْهِ فَضَاعَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ إلَّا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ عَلَى هَلَاكِهِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ إلَّا بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ أَوْ بِتَعَدِّي أَجْنَبِيٍّ فَذَلِكَ مِنْ الرَّاهِنِ وَلَهُ طَلَبُ الْمُتَعَدِّي (بِكَحَرْقِهِ) الْبَاجِيُّ: وَمِثْلُ قِيَامِ الْبَيِّنَةِ رِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ إنْ رَهَنَهُ رَهْنًا فِي مَرْكَبٍ فَغَرِقَ أَوْ احْتَرَقَ مَنْزِلُهُ أَوْ أَخَذَهُ اللُّصُوصُ بِمُعَايَنَةٍ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، وَإِنْ جَاءَ بِالرَّهْنِ مُحْتَرِقًا لَمْ يُصَدَّقْ

ص: 575

إلَّا بِبَيِّنَةٍ، أَوْ يَكُونُ مِنْ الِاحْتِرَاقِ أَمْرٌ مَعْرُوفٌ مِنْ احْتِرَاقِ مَنْزِلِهِ أَوْ حَانُوتِهِ فَيَأْتِي بِبَعْضِ ذَلِكَ مُحْتَرِقًا فَيُصَدَّقُ.

رَوَاهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ. الْبَاجِيُّ: وَإِذَا لَمْ يَعْلَمْ سَبَبَهُ فَهُوَ ضَامِنٌ وَإِنْ جَاءَ بِهِ مُحْرَقًا وَإِنْ عَلِمَ سَبَبَهُ كَاحْتِرَاقِ مَنْزِلِهِ أَوْ حَانُوتِهِ، فَإِنْ ثَبَتَ أَنَّ ذَلِكَ الثَّوْبَ كَانَ فِيمَا احْتَرَقَ مِنْ حَانُوتِهِ أَوْ مَنْزِلِهِ فَلَا خِلَافَ فِي تَصْدِيقِهِ، أَتَى بِبَعْضِهِ مُحْرَقًا أَوْ لَا. ابْنُ زَرْقُونٍ: قَالَ مُحَمَّدٌ: وَيُعْلِمُ أَنَّ النَّارَ مِنْ غَيْرِ سَبَبِهِ. الْبَاجِيُّ: وَإِنْ لَمْ يُثْبِتْ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِيمَا احْتَرَقَ، فَإِنْ أَتَى بِبَعْضِهِ مُحْرَقًا صُدِّقَ أَنَّهُ كَانَ فِي حَانُوتِهِ الَّذِي احْتَرَقَ، فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِشَيْءٍ مِنْهُ وَادَّعَى احْتِرَاقَ جَمِيعِهِ فَظَاهِرُ.

الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ غَيْرُ مُصَدَّقٍ، وَعِنْدِي إنْ كَانَ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ بِدَفْعِهِ مِنْ الرَّهْنِ فِي الْحَوَانِيتِ حَتَّى يَكُونَ مُتَعَدِّيًا يَنْقُلُهُ عَنْهُ كَأَهْلِ حَوَانِيتِ التُّجَّارِ الَّذِينَ تِلْكَ عَادَتُهُمْ لَا يَكَادُونَ يَنْقُلُونَ مِنْ ذَلِكَ غَيْرَ حَوَانِيتِهِمْ فَأَرَى أَنْ يُصَدَّقُوا فِي احْتِرَاقِ ذَلِكَ فِيمَا عُرِفَ مِنْ احْتِرَاقِ حَانُوتِهِ، وَبِذَلِكَ أَفْتَيْتُ فِي طَرْطُوشَةَ عِنْدَ احْتِرَاقِ أَسْوَاقِهَا، وَظَنِّي أَنَّ بَعْضَ الطَّلَبَةِ أَظْهَرَ لِي رِوَايَةً عَنْ ابْنِ أَيْمَنَ بِذَلِكَ. اُنْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " أَوْ صَانِعٍ فِي مَصْنُوعٍ وَغَابَ ".

(وَلَوْ شَرَطَ الْبَرَاءَةَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ ارْتَهَنَ مَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَشَرَطَ أَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ مُصَدَّقٌ لَمْ يَنْفَعْهُ شَرْطُهُ وَضَمِنَ إنْ ادَّعَى أَنَّهُ ضَاعَ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهُ شَرْطٌ يُنَافِي حُكْمَ أَصْلِ الْعَقْدِ (أَوْ عُلِمَ احْتِرَاقُ مَحَلِّهِ إلَّا بِبَقَاءِ بَعْضِهِ مُحْرَقًا وَأَفْتَى بِعَدَمِهِ فِي الْعِلْمِ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْبَاجِيِّ بِهَذَا كُلِّهِ (وَإِلَّا فَلَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَا قَبَضَهُ الْمُرْتَهِنُ مِنْ رَهْنٍ لَا يُغَابُ عَلَيْهِ مِنْ رَبْعٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ رَقِيقٍ فِي الْمُرْتَهِنِ مُصَدَّقٌ فِيهِ، وَلَا يَضْمَنُ مَا زَعَمَ أَنَّهُ هَلَكَ أَوْ عَطِبَ أَوْ أَبَقَ أَوْ دَخَلَهُ عَيْبٌ وَيَكُونُ ضَمَانُهُ مِنْ الرَّاهِنِ (وَلَوْ اشْتَرَطَ ثُبُوتَهُ) ابْنُ الْمَوَّازِ: لَوْ شَرَطَ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَنْ

ص: 576

يَضْمَنَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ وَيَكُونُ ضَمَانُهُ مِنْ رَبِّهِ (إلَّا أَنْ يُكَذِّبَهُ عُدُولٌ فِي دَعْوَاهُ مَوْتَ دَابَّةٍ) أَشْهَبُ: إذَا زَعَمَ أَنَّ الدَّابَّةَ انْفَلَتَتْ مِنْهُ أَوْ الْعَبْدَ كَابَرَهُ فَحَضَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ النَّاسِ فَيُنْكِرُونَ ذَلِكَ، فَلَا يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ ادَّعَى حُضُورَهُمْ غَيْرَ عُدُولٍ، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ يُرِيدُ لَا إذَا كَانُوا غَيْرَ عُدُولٍ فَلَمْ يَثْبُتْ كَذِبُهُ.

قَالَ مُحَمَّدٌ: وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ. وَإِنْ ادَّعَى مَوْتَهُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُصَدَّقُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ بِدَعْوَاهُ ذَلِكَ بِمَوْضِعٍ لَا يَعْلَمُ ذَلِكَ أَهْلُهُ. وَلَوْ قَالُوا مَاتَتْ دَابَّةٌ لَا نَعْلَمُ مِمَّنْ هِيَ فَفِي الْمَجْمُوعَةِ: إنْ وَصَفُوهَا فَعَرَفُوا الصِّفَةَ أَوْ لَمْ يَصِفُوهَا قُبِلَ قَوْلُهُ إنَّهَا هِيَ وَيَحْلِفُ. ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ فُقَهَائِنَا إذَا ضَاعَ الرَّهْنُ الَّذِي لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَلَمْ يُعْلَمْ بِهَلَاكِهِ إلَّا بِقَوْلِ الْمُرْتَهِنِ فَلَا بُدَّ مِنْ يَمِينِهِ كَانَ مُتَّهَمًا أَمْ لَا، وَكَذَلِكَ فِي عَارِيَّةِ مَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ وَالشَّيْءُ الْمُسْتَأْجَرُ بِخِلَافِ الْوَدِيعَةِ وَالْقَرْضِ مِنْ رَسْمِ بَاعَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: سَاوَى يَعْنِي فِي هَذَا السَّمَاعِ فِي دَعْوَى التَّلَفِ فِيمَا لَا يُغَابُ عَلَيْهِ بَيْنَ الَّذِي يَشْتَرِي الْعَبْدَ بِالْخِيَارِ أَوْ يَرْتَهِنُهُ، أَوْ يَشْتَرِيهِ لِرَجُلٍ فِيمَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ دَيْنٍ بِأَمْرِهِ وَمَا يَشْتَرِيهِ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ بِأَمْرِهِ وَهُوَ فِيهِ مُؤْتَمَنٌ كَالْمُودَعِ سَوَاءً، فَدَلَّ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي هَذَا كُلِّهِ إلَّا أَنْ يَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ كَدَعْوَاهُ ذَلِكَ فِي حَاضِرَةٍ وَلَهُ جِيرَانٌ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.

وَهَلْ السُّلْطَانُ يَسْتَخْبِرُ الْجِيرَانَ وَلَا يُكَلِّفُهُ إقَامَةَ الْبَيِّنَةِ عَلَى ذَلِكَ؟ قَوْلَانِ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ دَلِيلُهُمَا. قَالَ فِي السَّمَاعِ: وَإِذَا ادَّعَى إبَاقَهُ أَوْ أَنَّهُ مَاتَ بِفَلَاةٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، مَعْنَاهُ وَيَحْلِفُ فِي الْوَجْهَيْنِ (وَحَلَفَ فِيمَا يُغَابُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَلِفَ بِلَا دُلْسَةٍ وَلَا يَعْلَمُ مَوْضِعَهُ) ابْنُ عَرَفَةَ: لَوْ ادَّعَى الرَّاهِنُ تَغَيُّبَ الرَّهْنِ يَعْنِي الَّذِي يُغَابُ عَلَيْهِ فَقَالَ الْعُتْبِيُّ: لَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الرَّاهِنُ عِلْمَ ذَلِكَ وَأَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِذَلِكَ مَنْ وَثِقَ بِهِ، فَإِنْ حَلَفَ حَلَفَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ.

وَقَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ: يَحْلِفُ لَقَدْ ضَاعَ وَمَا دَلَّسَ فِيهِ وَلَا يَعْلَمُ لَهُ مَوْضِعًا. وَأَنْكَرَ قَوْلَ الْعُتْبِيِّ وَقَالَ: يَمِينٌ تُوجِبُ يَمِينًا هَذَا لَا يَكُونُ

عِيَاضٌ: عَلَى قَوْلِ ابْنِ مُزَيْنٍ حَمَلَ بَعْضُ الشُّيُوخِ ظَاهِرَ الْمُدَوَّنَةِ.

(وَاسْتَمَرَّ ضَمَانُهُ إنْ قُبِضَ

ص: 577

الدَّيْنُ أَوْ وُهِبَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَبَضَ مِنْ رَجُلٍ رَهْنًا فِي دَيْنٍ لَهُ عَلَيْهِ فَقَبَضَ الْمُرْتَهِنُ دَيْنَهُ أَوْ وَهَبَهُ لِلرَّاهِنِ ثُمَّ ضَاعَ الرَّهْنُ عِنْدَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُهُ وَإِنْ زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى الدَّيْنِ (إلَّا أَنْ يُحْضِرَهُ أَوْ يَدْعُوَهُ لِأَخْذِهِ فَيَقُولَ اُتْرُكْهُ عِنْدِي) اللَّخْمِيِّ: الرَّهْنُ مَضْمُونٌ وَإِنْ قَضَى مَا رَهَنَ فَهِيَ إذَا كَانَ غَائِبًا عَنْهُمَا إلَّا أَنْ يَقُولَ لِلرَّاهِنِ اُتْرُكْهُ عِنْدَك وَدِيعَةً فَيَكُونَ ذَلِكَ تَصْدِيقًا أَنَّهُ كَانَ وَقْتَ الْقَضَاءِ مَوْجُودًا، وَإِنْ كَانَ حَاضِرًا بَيْنَ أَيْدِيهِمَا فَقَضَى مَا رَهَنَ فِيهِ ثُمَّ قَامَ الرَّاهِنُ وَتَرَكَهُ كَانَ وَدِيعَةً وَيُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ إنْ قَالَ ضَاعَ بَعْدَ ذَلِكَ.

(وَإِنْ جَنَى الرَّهْنُ وَاعْتَرَفَ رَاهِنُهُ لَمْ يُصَدَّقْ إنْ أَعْدَمَ وَإِلَّا بَقِيَ إنْ فَدَاهُ وَإِلَّا أُسْلِمَ بَعْدَ الْأَجَلِ وَدَفْعِ الدَّيْنِ) قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّ الْعَبْدَ جَنَى جِنَايَةً أَوْ اسْتَهْلَكَ مَالًا وَهُوَ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ وَلَمْ تَقُمْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ، فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ مُعْدَمًا لَمْ يُصَدَّقْ، وَإِنْ كَانَ مَلِيًّا قِيلَ لَهُ أَتَفْدِيهِ أَمْ تُسَلِّمُهُ؟ فَإِنْ فَدَاهُ بَقِيَ رَهْنًا عَلَى حَالِهِ، وَإِنْ أَسْلَمَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ، فَإِذَا حَلَّ أَدَّى الدَّيْنَ وَدَفَعَ الْعَبْدَ بِجِنَايَتِهِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا وَإِنْ فَلِسَ قَبْلَ الْأَجَلِ فَالْمُرْتَهِنُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْجِنَايَةِ وَلَيْسَ ذَلِكَ كَثُبُوتِ الْجِنَايَةِ بِبَيِّنَةٍ (وَإِنْ ثَبَتَتْ أَوْ اعْتَرَفَا وَأَسْلَمَهُ فَإِنْ أَسْلَمَهُ مُرْتَهِنُهُ أَيْضًا فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِمَالِهِ) أَمَّا إذَا ثَبَتَتْ الْجِنَايَةُ وَأَسْلَمَهُ مُرْتَهِنُهُ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَنْ ارْتَهَنَ عَبْدًا فَجَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً خُيِّرَ السَّيِّدُ أَوَّلًا، فَإِنْ فَدَاهُ كَانَ عَلَى رَهْنِهِ، وَإِنْ أَسْلَمَهُ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ أَيْضًا، فَإِنْ أَسْلَمَهُ كَانَ لِأَهْلِ الْجِنَايَةِ بِمَالِهِ قَلَّ أَوْ كَثُرَ وَبَقِيَ دَيْنُ الْمُرْتَهِنِ بِحَالِهِ.

وَإِنْ فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَكُنْ لِسَيِّدِهِ أَخْذُهُ حَتَّى يَدْفَعَ مَا فَدَاهُ بِهِ مَعَ الدِّينِ وَلَا يَكُونُ مَالُهُ رَهْنًا بِأَرْشٍ وَلَا دَيْنٍ إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الدَّيْنِ أَوَّلًا، وَإِنْ أَبَى سَيِّدُهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِيعَ بَعْدَ حُلُولِ أَجَلِ الدَّيْنِ لَا قَبْلَهُ فَفَدَى بِمَا فَدَاهُ بِهِ الْمُرْتَهِنُ مِنْ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ سَاوَتْ رَقَبَتُهُ أَقَلَّ مِمَّا فَدَاهُ بِهِ لَمْ يَتْبَعْ السَّيِّدُ بِمَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ فَدَاهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَتَبِعَهُ بِدَيْنِهِ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ كَانَ الْفَضْلُ مِنْ رَقَبَتِهِ فِي الدَّيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ إنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ أَنَّ الرَّاهِنَ لَا يُصَدَّقُ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ " أَوْ اعْتَرَفَا " قَبَضَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ (وَإِنْ فَدَاهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَفِدَاؤُهُ فِي رَقَبَتِهِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَرْهَنْ بِمَالِهِ وَلَمْ يَبِعْ إلَّا فِي الْأَجَلِ) اللَّخْمِيِّ: إنْ أَسْلَمَهُ السَّيِّدُ خُيِّرَ الْمُرْتَهِنُ بَيْنَ ثَلَاثٍ: بَيْنَ أَنْ يُسْلِمَهُ، أَوْ يَفْتَدِيَهُ فَيَكُونَ رَهْنًا إلَى أَجَلٍ، أَوْ يَفْتَكَّهُ بِزِيَادَةٍ وَلَوْ بِدِرْهَمٍ وَيَكُونَ لَهُ الْعَبْدُ بَتْلًا وَيَتْبَعُ السَّيِّدَ بِحَقِّهِ إلَّا

ص: 580

ذَلِكَ الدِّرْهَمَ وَيَفْتَرِقُ الْجَوَابُ إذَا افْتَدَاهُ بِإِذْنِ سَيِّدِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ فِي تَعَلُّقِ الْفِدَاءِ بِذِمَّةِ السَّيِّدِ وَفِي بَيْعِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَفِي مَالِ الْعَبْدِ، هَلْ يَكُونُ مَعَهُ فِيمَا فَدَى بِهِ؟ فَإِنْ فَدَاهُ بِإِذْنِهِ كَانَ سَلَفًا فِي ذِمَّةِ السَّيِّدِ وَلَا يُبَاعُ قَبْلَ الْأَجَلِ.

وَاخْتُلِفَ هَلْ يَكُونُ رَهْنًا بِمَا فَدَى بِهِ فَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ: يَكُونُ رَهْنًا.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَكُونُ رَهْنًا وَإِنْ افْتَدَاهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَمْ يَكُنْ سَلَفًا فِي ذِمَّةِ السَّيِّدِ إنْ هَلَكَ وَكَانَ مُعَلَّقًا بِعَيْنِ الْعَبْدِ.

وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا يُبَاعُ حَتَّى يَحِلَّ الْأَجَلُ.

وَقَالَ سَحْنُونَ: يُبَاعُ قَبْلَ الْأَجَلِ لِأَنَّ الرَّاهِنَ أَسْلَمَهُ وَهُوَ أَحْسَنُ، وَلَا مَقَالَ لِلرَّاهِنِ فِي تَأْخِيرِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ رَضِيَ بِإِسْلَامِهِ. وَاخْتُلِفَ فِي مَالِهِ فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَتْبَعُهُ وَالْمَالُ لِسَيِّدِهِ.

وَقَالَ مَرَّةً يَتْبَعُهُ وَيَكُونُ رَهْنًا فِيمَا فَدَى بِهِ وَهُوَ أَبْيَنُ لِأَنَّهُ افْتَدَى مَا كَانَتْ الْجِنَايَةُ أَحَقَّ بِهِ فَيُبَاعُ بِمَالِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَكُونُ رَهْنًا إذَا لَمْ يُشْتَرَطْ (وَإِنْ بِإِذْنِهِ فَلَيْسَ رَهْنًا بِهِ) عِبَارَةُ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ فَدَاهُ الْمُرْتَهِنُ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ أَتْبَعَهُ بِمَا فَدَاهُ بِهِ وَبِالدَّيْنِ جَمِيعًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ:" اُخْتُلِفَ هَلْ يَكُونُ رَهْنًا بِمَا فَدَى بِهِ " فَانْظُرْهُ أَنْتَ مَعَ لَفْظِ خَلِيلٍ.

(وَإِذَا قُضِيَ بَعْضُ الدَّيْنِ أَوْ سَقَطَ فَجَمِيعُ الرَّهْنِ فِيمَا بَقِيَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ رَهَنَ امْرَأَتَهُ رَهْنًا بِكُلِّ الْمَهْرِ ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهَا أَخْذُ نِصْفِ الرَّهْنِ وَالرَّهْنُ أَجْمَعُ رَهْنٌ بِنِصْفِ الْمَهْرِ كَمَنْ قَضَى بَعْضَ الدَّيْنِ أَوْ وَهَبَ لَهُ فَكُلُّ الرَّهْنِ رَهْنٌ بِمَا بَقِيَ (كَاسْتِحْقَاقِ بَعْضِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ ارْتَهَنَ دَابَّةً أَوْ دَارًا أَوْ ثَوْبًا فَاسْتَحَقَّ نِصْفَ ذَلِكَ مِنْ يَدِ الْمُرْتَهِنِ فَبَاقِيهِ رَهْنٌ بِجَمِيعِ الْحَقِّ.

(وَالْقَوْلُ لِمُدَّعِي نَفْيِ الرَّهْنِيَّةِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا كَانَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ عَبْدَانِ وَادَّعَى أَنَّهُمَا رَهْنٌ وَقَالَ الرَّاهِنُ رَهَنْتُك أَحَدَهُمَا وَأَوْدَعْتُكَ الْآخَرَ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ لِأَنَّ مَنْ ادَّعَى فِي سِلْعَةٍ بِيَدِهِ أَوْ

ص: 581

عَبْدٍ أَنَّ ذَلِكَ رَهْنٌ وَقَالَ رَبُّهُ بَلْ عَارِيَّةٌ أَوْ وَدِيعَةٌ صُدِّقَ رَبُّهُ مَعَ يَمِينِهِ (وَهُوَ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ فِي مَبْلَغِ الدَّيْنِ فَالرَّهْنُ كَشَاهِدٍ لِلْمُرْتَهِنِ إذَا حَازَهُ وَثِيقَةٌ لَهُ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْحُكْمِ وَالتَّدَاعِي لَا يَوْمَ التَّرَاهُنِ مِثْلَ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ فَأَكْثَرَ صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ مَعَ يَمِينِهِ.

قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إنْ كَانَ الرَّهْنُ يُسَاوِي مَا قَالَ الرَّاهِنُ فَأَقَلَّ لَمْ يَحْلِفْ إلَّا الرَّاهِنُ وَحْدَهُ.

قَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَكِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: وَأَمَّا إنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فَإِنَّهُ يَنْظُرُ إلَى قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ وَيُصَدَّقُ فِي قِيمَتِهِ مَعَ يَمِينِهِ إنْ كَذَّبَهُ رَبُّهُ، وَيُصَدَّقُ أَيْضًا فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْحَقِّ إلَى مَبْلَغِ تِلْكَ الْقِيمَةِ تَكُونُ قِيمَتُهُ مَكَانَهُ. ابْنُ يُونُسَ: وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ رَهْنٌ قَائِمٌ يَشْهَدُ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ إلَى مَبْلَغِ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْقَبْضِ.

(لَا الْعَكْسُ) قَالَ أَصْبَغُ: مَنْ رَهَنَ رَهْنًا بِأَلْفِ دِينَارٍ فَجَاءَ لِيَقْبِضَهُ فَأَخْرَجَ الْمُرْتَهِنُ رَهْنًا يُسَاوِي مِائَةَ دِينَارٍ فَقَالَ الرَّاهِنُ لَيْسَ هَذَا رَهْنِي وَقِيمَةُ رَهْنِي أَلْفُ دِينَارٍ وَذَكَرَ صِفَةً تُسَاوِي أَلْفًا، فَالرَّاهِنُ مُصَدَّقٌ مَعَ يَمِينِهِ أَنَّهُ ادَّعَى مَا يُشْبِهُ وَادَّعَى الْمُرْتَهِنُ مَا لَا يُشْبِهُ، فَإِذَا حَلَفَ سَقَطَ عَنْهُ مِنْ الدَّيْنِ مِقْدَارُ قِيمَةِ رَهْنِهِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ وَإِنْ لَمْ يُسَاوِ إلَّا دِرْهَمًا وَاحِدًا.

وَقَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ نَحْوَ قَوْلِ أَشْهَبَ. ابْنُ حَبِيبٍ: وَبِهِ أَقُولُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ. ابْنُ يُونُسَ: كَمَا لَوْ قَالَ لَمْ تَرْهَنِّي شَيْئًا (إلَى قِيمَتِهِ) ابْنُ الْحَاجِبِ: وَالرَّاهِنُ كَالشَّاهِدِ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ إلَى مَبْلَغِ قِيمَتِهِ مَا لَمْ يَفُتْ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ فَيَحْلِفُ الْمُرْتَهِنُ وَيَأْخُذُهُ إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ، فَإِنْ زَادَ حَلَفَ الرَّاهِنُ مَا لَمْ يُنْقِصْ عَنْهَا، فَإِنْ نَقَصَ حَلَفَا وَأَخَذَهُ إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ بِقِيمَتِهِ وَقِيلَ بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ.

(وَلَوْ بِيَدِ أَمِينٍ عَلَى الْأَصَحِّ) ابْنُ يُونُسَ: اُخْتُلِفَ إنْ كَانَ الرَّهْنُ قَائِمًا بِيَدِ الْأَمِينِ هَلْ يَكُونُ شَاهِدًا أَمْ لَا؟ فَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ شَاهِدٌ كَانَ عَلَى يَدَيْ الْمُرْتَهِنِ أَوْ غَيْرِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَصَوَّبَهُ اللَّخْمِيِّ.

(مَا لَمْ يَفُتْ فِي ضَمَانِ الرَّاهِنِ) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الرَّاهِنُ إذَا أَخَذَ رَهْنَهُ خَرَجَ

ص: 583

مِنْ الرَّهْنِ وَلَمْ يَبْقَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ مَا يَكُونُ شَاهِدًا لَهُ عَلَى دَعْوَاهُ. اُنْظُرْ أَوَّلَ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَوَّلَ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى (وَحَلَفَ مُرْتَهِنُهُ وَأَخَذَهُ إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ فَإِنْ زَادَ حَلَفَ الرَّاهِنُ وَإِنْ نَقَصَ حَلَفَا وَأَخَذَهُ إنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ) بِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ (بِقِيمَتِهِ) وَانْظُرْ هَذِهِ الْعِبَارَةَ وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ قَبْلَ قَوْلِهِ " وَلَوْ بِيَدِ أَمِينٍ ".

وَقَالَ الْبَاجِيُّ: وَإِذَا اُخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الدَّيْنِ فَقَالَ مُحَمَّدٌ: يَبْدَأُ الْمُرْتَهِنُ بِالْيَمِينِ لِأَنَّ الرَّهْنَ شَاهِدٌ لَهُ، فَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ عِشْرِينَ الَّتِي ادَّعَاهَا الْمُرْتَهِنُ فَهُوَ لِلْمُرْتَهِنِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ الرَّاهِنُ أَنْ يُعْطِيَهُ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَيَأْخُذَ رَهْنَهُ. ابْنُ يُونُسَ: وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا قَالَ الرَّاهِنُ هُوَ فِي مِائَةٍ وَقَالَ الْمُرْتَهِنُ هُوَ فِي مِائَتَيْنِ وَالرَّهْنُ قَائِمٌ صُدِّقَ الْمُرْتَهِنُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ قِيمَةِ الرَّهْنِ يَوْمَ الْحُكْمِ، فَإِنْ ادَّعَى أَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ يَوْمَ الْحُكْمِ لَمْ يُصَدَّقْ فِيمَا زَادَ عَلَيْهَا وَحَلَفَ الرَّاهِنُ عَلَى مَا قَالَ فَإِنْ حَلَفَ فَإِنَّمَا يَبْدَأُ مِنْ الزِّيَادَةِ عَلَى قِيمَةِ الرَّهْنِ وَيُؤَدِّي مَبْلَغَ قِيمَةِ الرَّهْنِ وَيَأْخُذُهُ إنْ أَحَبَّ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ.

قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَإِذَا كَانَ الرَّهْنُ يُسَاوِي عَشَرَةً وَهِيَ الَّتِي ادَّعَاهَا الْمُرْتَهِنُ أَوْ كَانَ يُسَاوِي أَكْثَرَ مِنْ دَعْوَاهُ لَمْ يَكُنْ الْيَمِينُ إلَّا عَلَيْهِ وَحْدَهُ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الرَّهْنِ أَكْثَرَ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ الرَّاهِنُ وَأَقَلَّ مِمَّا ادَّعَاهُ الْمُرْتَهِنُ فَهَاهُنَا يَحْلِفَانِ، يَبْدَأُ الْمُرْتَهِنُ بِالْيَمِينِ لِأَنَّ الرَّهْنَ كَشَاهِدٍ لَهُ عَلَى قِيمَتِهِ، فَإِنْ حَلَفَ فَلْيَحْلِفْ الْآخَرُ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ كُلُّ مَا ادَّعَاهُ الْمُرْتَهِنُ، وَإِنْ حَلَفَ الرَّاهِنُ بَرِئَ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالْمُرْتَهِنُ أَوْلَى بِالرَّهْنِ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ الرَّاهِنُ قِيمَتَهُ وَيَأْخُذَ رَهْنَهُ فَذَلِكَ لَهُ، وَلَا حُجَّةَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَقُولَ وَلَا أَدْفَعُهُ إلَيْك إلَّا بِحَقِّي كُلِّهِ.

(وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ تَالِفٍ تَوَاصَفَاهُ ثُمَّ قُوِّمَ فَإِنْ

ص: 584