المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[اشترط المرتهن منفعة الرهن] - التاج والإكليل لمختصر خليل - جـ ٦

[محمد بن يوسف المواق]

فهرس الكتاب

- ‌[كِتَابُ الْبُيُوعِ] [

- ‌الْقَسْم الْأَوَّل فِي صِحَّة الْبَيْع وَفَسَاده] [

- ‌بَاب فِي أَرْكَان الْبَيْع]

- ‌[بَابُ الرِّبَا]

- ‌[حُكْمِ الرِّبَا فِي الْمَطْعُومَاتِ]

- ‌[بَاب فِي فَسَادِ الْعَقْدِ مِنْ جِهَةِ نَهْيِ الشَّارِعِ عَنْهُ]

- ‌[مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ قَبْضٍ أَوْ فَوَاتٍ]

- ‌[فَصْلٌ الْفَاسِدِ مِنْ جِهَةِ تَطَرُّقِ التُّهْمَةِ إلَى الْمُتَعَاوِضَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعِينَةِ]

- ‌[الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْبُيُوعِ فِي لُزُومِ الْعَقْدِ وَجَوَازِهِ] [

- ‌فَصْلٌ فِي الْخِيَار] [

- ‌خِيَارُ التَّرَوِّي]

- ‌[خِيَارُ النَّقِيصَةِ]

- ‌[مُبْطِلَاتُ الْخِيَارِ وَمَوَانِعُهُ]

- ‌[فَصْلٌ بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي اخْتِلَاف الْمُتَبَايِعَانِ فِي جِنْسِ الثَّمَنِ أَوْ نَوْعِهِ]

- ‌[كِتَابُ السَّلَمِ] [

- ‌بَابٌ فِي شُرُوط السَّلَم وَأَدَاء الْمُسْلِم فِيهِ وَالنَّظَر فِي صفته]

- ‌[فَصْلٌ قَرْضُ مَا يُسْلَمُ فِيهِ]

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَسْكُنَ أَوْ يُكْرِيَ]

- ‌[اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ]

- ‌[وَكَّلَ وَكِيلًا بِبَيْعِ رَهْنٍ وَقَضَى دَيْنَهُ مِنْ ثَمَنِهِ]

- ‌[هَلْ يَفْتَقِرُ الرَّهْنُ لِلتَّصْرِيحِ بِهِ أَمْ لَا]

- ‌[هَلَكَ الرَّهْنُ وَجُهِلَتْ صِفَتُهُ]

- ‌[كِتَابُ التَّفْلِيسِ] [

- ‌أَحْكَام الْحَجَر عَلَى الْمُفْلِس]

- ‌[بَيْعُ آلَةِ الصَّانِعِ إذَا فَلَّسَ]

- ‌[حَبَسَ الْمُفْلِس]

- ‌[حَبْسُ مَنْ تَقَعَّدَ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ وَادَّعَى الْعَدَمَ فَتَبَيَّنَ كَذِبُهُ]

- ‌[مِنْ أَحْكَامِ الْحَجْرِ الرُّجُوعُ إلَى عَيْنِ الْمَالِ]

- ‌[كِتَابُ الْحَجْرِ] [

- ‌أَسْبَاب الْحَجَر]

- ‌[وَصِيَّةُ ابْنِ عَشْرِ سِنِينَ وَأَقَلَّ مِمَّا يُقَارِبُهَا]

- ‌[لَا حَجْرَ عَلَى السَّفِيهِ فِي اسْتِلْحَاقِ النَّسَبِ وَنَفْيِهِ]

- ‌[تَصَرُّفَات الصَّغِير قَبْل الْحَجَر]

- ‌[الْحَجَر بِسَبَبِ الرِّقّ]

- ‌[أَرَادَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى وَلِيِّهِ]

- ‌[بَيْعُ الْمَأْذُونِ أُمَّ وَلَدِهِ]

- ‌[الْحَجَر عَلَى الْمَرِيض]

- ‌[الْحَجَر عَلَى الزَّوْجَة]

الفصل: ‌[اشترط المرتهن منفعة الرهن]

الرَّهْنِ، فَلَا رَهْنَ بِعَيْنٍ مُشَارٍ إلَيْهَا وَلَا بِمَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ إذْ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْهُ، وَإِنَّمَا الرَّهْنُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ مِنْ ذَلِكَ وَحَيْثُ وَقَعَ فِي أَلْفَاظِ الْمَذْهَبِ إضَافَتُهُ إلَى عَيْنٍ مُشَارٍ إلَيْهَا فَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ رَهْنٌ بِقِيمَةِ الْعَيْنِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْعَارِيَّةِ.

قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يَجُوزُ الرَّهْنُ بِالْعَارِيَّةِ الَّتِي يُغَابُ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ.

(وَنَجْمِ كِتَابَةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ) ابْنُ الْحَاجِبِ: مَا كَانَ فِي أَصْلِهِ غَيْرَ لَازِمٍ وَلَا مَصِيرَ لَهُ إلَى اللُّزُومِ كَنُجُومِ الْكِتَابَةِ فَلَا رَهْنَ بِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا الْعُمُومُ خِلَافُ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِالْكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ، وَيَصِحُّ مِنْهُ وَمِثْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: مَنْ أَخَذَ مِنْ مُكَاتَبِهِ فِي عَبْدِ كِتَابَتِهِ رَهْنًا يُغَابُ عَلَيْهِ فَضَاعَ بِيَدِهِ ضَمِنَهُ، وَإِنْ سَاوَتْ قِيمَتُهُ الْكِتَابَةَ عَتَقَ مَكَانَهُ. وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ أَعْطَاك أَجْنَبِيٌّ بِكِتَابَةِ مُكَاتَبِك رَهْنًا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ كَمَا لَا تَجُوزُ الْحِمَالَةُ بِهَا، وَإِذَا خَافَ الْمُكَاتَبُ الْعَجْزَ جَازَ أَنْ يَرْهَنَ أُمَّ وَلَدِهِ فَأَمَّا وَلَدُهُ فَلَا كَالْبَيْعِ.

[اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ]

(وَجَازَ شَرْطُ مَنْفَعَتِهِ إنْ عُيِّنَتْ بِبَيْعٍ لَا قَرْضٍ) قَالَ مَالِكٌ: إذَا اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ قَرْضٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ بَيْعٍ وَشَرَطَ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ أَجَلًا مُسَمًّى فَلَا بَأْسَ بِهِ فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ، وَكَرِهَهُ مَالِكٌ فِي الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ إذْ لَا يَدْرِي كَيْفَ تَرْجِعُ إلَيْهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَغَيْرِهَا إذَا سَمَّى أَجَلًا لِجَوَازِ إجَارَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَهُوَ لَا يَدْرِي كَيْفَ تَرْجِعُ إلَيْهِ. وَهَذَا إذَنْ إنَّمَا بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ سَمَّاهُ وَبِعَمَلِ هَذِهِ الدَّابَّةِ وَلِبَاسِ هَذَا الثَّوْبِ أَجَلًا مُسَمًّى فَاجْتَمَعَ بَيْعٌ وَكِرَاءٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ (وَفِي ضَمَانِهِ إذَا تَلِفَ تَرَدُّدٌ) ابْنُ يُونُسَ: اخْتَلَفَ فُقَهَاؤُنَا إذَا ضَاعَ الرَّهْنُ الْمُشْتَرَطُ مَنْفَعَتُهُ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، فَقِيلَ يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ وَحُكْمُ الرَّهْنِ بَاقٍ عَلَيْهِ، وَقِيلَ لَا يَضْمَنُهُ كَسَائِرِ الْأَشْيَاءِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَقِيلَ يُنْظَرُ

ص: 561

إلَى الْقَدْرِ الَّذِي يَذْهَبُ مِنْهَا بِالْإِجَارَةِ إذَا كَانَ ثَوْبًا مِثْلَ أَنْ يُقَالَ: إذَا اُسْتُؤْجِرَ شَهْرًا يَنْقُصُهُ الرُّبُعُ فَيَكُونُ قَدْرُ الرُّبُعِ غَيْرَ مَضْمُونٍ لِأَنَّهُ مُسْتَأْجَرٌ، وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ مَضْمُونٌ لِأَنَّهُ مُرْتَهَنٌ.

(وَأُجْبِرَ عَلَيْهِ لِمَنْ شُرِطَ بِبَيْعٍ وَعُيِّنَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ بِعْت مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يَرْهَنَك عَبْدَهُ مَيْمُونًا بِحَقِّك فَفَارَقَك قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ، وَلَك أَخْذُهُ مِنْهُ رَهْنًا مَا لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ الْغُرَمَاءُ (وَإِلَّا فَرَهْنُ ثِقَةٍ) الْكَافِي: إنْ شَرَطَ رَهْنًا مُطْلَقًا بِغَيْرِ عَيْنِهِ ثُمَّ أَبَى الْمُشْتَرِي مِنْ دَفْعِهِ، خُيِّرَ الْبَائِعُ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ بِغَيْرِ رَهْنٍ وَفِي فَسْخِهِ انْتَهَى جَمِيعُ نَقْلِهِ.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ " يُخَيَّرُ الْبَائِعُ وَشِبْهُهُ فِي الْفَسْخِ فِي غَيْرِ الْمُعَيَّنِ " هُوَ مَدْلُولُ قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إنْ بِعْت مِنْهُ سِلْعَةً بِثَمَنٍ إلَى أَجَلٍ عَلَى أَنْ تَأْخُذَ بِهِ رَهْنًا ثِقَةً مِنْ حَقِّك فَلَمْ نَجِدْ عِنْدَك رَهْنًا فَلَكَ نَقْضُ الْبَيْعِ أَوْ تَرْكُهُ بِلَا رَهْنٍ. وَقَوْلُهُ " وَشِبْهُهُ " يُرِيدُ كَالْمُسَلِّفِ عَلَى رَهْنٍ كَذَلِكَ.

(وَالْحَوْزُ بَعْدَ مَانِعِهِ لَا يُفْسِدُ) الْبَاجِيُّ: لَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ أَوْ أَفْلَسَ وَوُجِدَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ بِيَدِ الْأَمِينِ الْمَوْضُوعِ عَلَى يَدَيْهِ، فَعَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ لَا يَنْفَعُ ذَلِكَ حَتَّى تُعْلِمَ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ حَازَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الْفَلَسِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: صَوَابُهُ لَا يَنْفَعُهُ إلَّا مُعَايَنَةُ الْحَوْزِ. ابْنُ رُشْدٍ: يَجْرِي هَذَا عَلَى الْخِلَافِ فِي الصَّدَقَةِ تُوجَدُ بِيَدِ الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُتَصَدِّقِ فَيَدَّعِي قَبْضَهَا فِي صِحَّتِهِ، وَفِي الْمُدَوَّنَةِ دَلِيلٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ جَمِيعًا.

(وَلَوْ شَهِدَ الْأَمِينُ) ابْنُ عَتَّابٍ: شَهَادَةُ الْأَمِينِ فِي الِارْتِضَاءِ ضَعِيفَةٌ.

وَقَالَ سَحْنُونَ: شَهَادَةُ الْعَدْلِ الْمَوْضُوعِ عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ جَائِزَةٌ فِي الدَّيْنِ وَالرَّهْنِ (وَهَلْ يَكْتَفِي بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْحَوْزِ قَبْلَهُ) الْبَاجِيُّ: عِنْدِي لَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ وَجَدَهُ بِيَدِهِ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الْفَلَسِ كَانَ رَهْنًا وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْحِيَازَةَ بِحُكْمِ الرَّهْنِ (وَبِهِ عُمِلَ؟) ابْنُ عَاتٍ: الْعَمَلُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَ بِيَدِهِ وَقَدْ حَازَهُ قَبْلَ الْمَوْتِ أَوْ الْفَلَسِ كَانَ رَهْنًا وَإِنْ لَمْ تَحْضُرْ الْحِيَازَةُ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مَقْبُوضًا، وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ (أَوْ التَّحْوِيزُ) تَقَدَّمَ نَقْلُ الْبَاجِيِّ لَا يَنْفَعُهُ إلَّا مُعَايَنَةُ الْحَوْزِ ثُمَّ قَالَ: وَعَنْهُ لَوْ ثَبَتَ إلَخْ

ابْنُ يُونُسَ: قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: صَوَابُهُ لَا يَنْفَعُهُ إلَّا مُعَايَنَةُ الْبَيِّنَةِ الْحَوْزَ بَعْدَ الِارْتِهَانِ. قِيلَ: يُتَّهَمُ أَنْ يَقُولَ دَعْنِي أَنْتَفِعُ بِرَهْنِي وَأَشْهَدُ لَك أَنَّك قَبَضْته فَتَكُونَ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَلِأَنَّ الْمُقِرَّ عَلَى نَفْسِهِ إنَّمَا يُقْبَلُ فِيمَا لَا يُسْقِطُ حَقَّ غَيْرِهِ. أَوَّلُ مَسْأَلَةٍ مِنْ كِتَابِ الرَّهْنِ (وَفِيهَا دَلِيلُهُمَا) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ رُشْدٍ.

ص: 562

وَفِي الْمُدَوَّنَةِ دَلِيلٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ.

(وَمَضَى بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ فَرَّطَ مُرْتَهِنُهُ وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ) فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنْ بِعْت مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يَرْهَنَك عَبْدَهُ مَيْمُونًا بِحَقِّك فَلَمْ تَقْبِضْهُ حَتَّى بَاعَهُ، مَضَى الْبَيْعُ وَلَيْسَ لَك أَخْذُهُ بِرَهْنِ غَيْرِهِ لِطُولِ تَرْكِك إيَّاهُ حَتَّى بَاعَهُ كَتَسْلِيمِك لِذَلِكَ وَبَيْعُك الْأَوَّلُ غَيْرُ مُنْتَقَضٍ

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: يُرِيدُ لِطُولِ تَرْكِك إيَّاهُ حَتَّى بَاعَهُ، فَأَمَّا لَوْ بَادَرَ الرَّاهِنُ فَبَاعَهُ بِقُرْبِ ذَلِكَ لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ وَيَكُونُ ثَمَنُهُ رَهْنًا، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ ابْنُ الْمَوَّازِ. وَهَذَا أَيْضًا إذَا دَفَعَ الْبَائِعُ السِّلْعَةَ الْمُشْتَرَاةَ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَدْفَعْهَا فَبَاعَ الْمُشْتَرِي الرَّهْنَ قَبْلَ الْقَبْضِ فَهَاهُنَا لَا يَلْزَمُ تَسْلِيمٌ. انْتَهَى مَا يَخُصُّ الْمَسْأَلَةَ مِنْ جَمِيعِ مَا نَقَلَ فِيهَا ابْنُ يُونُسَ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ الِاضْطِرَابَ الَّذِي فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ

ص: 564

الرُّهُونِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى.

(وَبَعْدَهُ فَلَهُ رَدُّهُ إنْ بِيعَ بِأَقَلَّ أَوْ دَيْنُهُ عَرْضًا) ابْنُ الْمَوَّازِ: إنْ بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بَعْدَ الْحَوْزِ وَهُوَ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ أَوْ بِيَدِ أَمِينٍ، فَإِنْ بَاعَهُ بِمِثْلِ الْحَقِّ فَإِنَّهُ يُعَجِّلُ لِلْمُرْتَهِنِ حَقَّهُ وَإِنْ لَمْ يَحِلَّ وَيَنْفُذُ الْبَيْعُ، وَلَا حُجَّةَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي رَدِّهِ لِأَنَّهُ مُضَارٌّ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إلَّا أَنْ يُبَاعَ بِأَقَلَّ مِنْ حَقِّهِ فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ أَوْ يُمْضِيَهُ وَيَتَعَجَّلَ الثَّمَنَ وَيَطْلُبَهُ بِمَا بَقِيَ.

قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَهُ بِثَمَنٍ خِلَافَ الْمُرْتَهِنِ فَلَهُ نَقْضُ الْبَيْعِ. وَقَدْ كَانَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ الْبَيْعَ بَعْدَ الْحَوْزِ مَرْهُونٌ لَكِنَّ الْقَوْلَ الْآخَرَ أَحَبُّ إلَيَّ وَعَلَيْهِ أَصْحَابُهُ (وَإِنْ أَجَازَ تَعَجَّلَ) هَذَا لَفْظُ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَانْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ " أَوْ فِي بَيْعٍ وَسَلَمٍ ".

(وَبَقِيَ إنْ دَبَّرَهُ) ابْنُ يُونُسَ: لَمَّا كَانَ الرَّهْنُ وَثِيقَةً لِلْمُرْتَهِنِ لَمْ يَجُزْ لِلرَّاهِنِ أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ مَا يُبْطِلُهُ، فَإِنْ فَعَلَ عُجِّلَ دَيْنُهُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَمَّا إنْ دَبَّرَهُ جَازَ وَبَقِيَ دَيْنًا عَلَى حَالِهِ لِأَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَرْهَنَ مُدَبَّرَهُ. ابْنُ يُونُسَ: وَإِنْ كَاتَبَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ بَقِيَتْ كِتَابَتُهُ رَهْنًا بِخِلَافِ مَا لَوْ دَبَّرَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ فَإِنَّ

ص: 565

خِدْمَتَهُ لَا تَكُونُ رَهْنًا لِأَنَّهَا غَلَّةٌ.

(وَمَضَى عِتْقُ الْمُوسِرِ وَكِتَابَتُهُ وَعَجَّلَ) فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ رَهَنَ عَبْدًا ثُمَّ أَعْتَقَهُ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَوْ كَاتَبَهُ جَازَ ذَلِكَ إنْ كَانَ مَلِيًّا وَعَجَّلَ الدَّيْنَ

(وَالْمُعْسِرُ يَبْقَى) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ أَعْتَقَهُ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْهَنَهُ سِوَاهُ حَتَّى الْأَجَلِ وَلْيُعَجِّلْ لَهُ حَقَّهُ فِي مَلَائِهِ، وَإِنْ كَانَ عَدِيمًا يَبْقَى الْعَبْدُ كَمَا هُوَ رَهْنٌ، فَإِنْ أَفَادَ السَّيِّدُ قَبْلَ الْأَجَلِ مَالًا أَخَذَ مِنْهُ الدَّيْنَ وَأَنْفَذَ الْعِتْقَ، وَإِنْ لَمْ يُفِدْ السَّيِّدُ شَيْئًا بِيعَ

ص: 567

فِي الدَّيْنِ عِنْدَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِي ثَمَنِهِ فَضْلٌ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ فَضْلٌ بِيعَ مِنْهُ مَا بَقِيَ بِالدَّيْنِ وَعَتَقَ الْبَاقِي (فَإِنْ تَعَذَّرَ بَيْعُ بَعْضِهِ بِيعَ كُلُّهُ وَالْبَاقِي لِلرَّاهِنِ) ابْنُ الْمَوَّازِ: إنْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضَهُ بِيعَ كُلُّهُ فَمَا فَضَلَ مِنْ الدَّيْنِ فَلِسَيِّدِهِ يَفْعَلُ بِهِ مَا شَاءَ.

(وَمُنِعَ الْعَبْدُ مِنْ وَطْءِ أَمَتِهِ الْمَرْهُونُ هُوَ مَعَهَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ ارْتَهَنَ جَارِيَةً لَهَا زَوْجٌ أَوْ ابْتَاعَهَا لَمْ يُمْنَعْ زَوْجُهَا مِنْ وَطْئِهَا وَمَنْ رَهَنَ أَمَةَ عَبْدِهِ أَوْ رَهَنَهُمَا مَعًا فَلَيْسَ لِلْعَبْدِ وَطْؤُهَا فِي الرَّهْنِ. ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُهُمْ: إلَّا إنْ شَرَطَ أَنَّ مَالَهُ رَهْنٌ مَعَهُ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إذَا جَعَلَهُ إذَا رَهَنَهُ وَجَارِيَتَهُ كَأَنَّهُ انْتِزَاعٌ فَكَذَلِكَ إذَا رَهَنَهُ وَمَالَهُ (وَحُدَّ مُرْتَهِنٌ وَطِئَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ وَطِئَهَا الْمُرْتَهِنُ فَوَلَدَتْ مِنْهُ لَزِمَهُ الْحَدُّ وَلَمْ يَلْحَقْ بِهِ الْوَلَدُ وَكَانَ مَعَ الْأُمِّ رَهْنًا وَعَلَيْهِ لِلرَّاهِنِ مَا نَقَصَهَا الْوَطْءُ، بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا إذَا أَكْرَهَهَا، وَكَذَلِكَ إنْ طَاوَعَتْهُ وَهِيَ بِكْرٌ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَالْمُرْتَهِنُ فِي ذَلِكَ وَغَيْرِهِ سَوَاءٌ. ابْنُ يُونُسَ: الصَّوَابُ أَنَّ عَلَيْهِ مَا نَقَصَهَا وَإِنْ طَاوَعَتْهُ بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا وَهُوَ أَشَدُّ مِنْ الْإِكْرَاهِ لِأَنَّهَا فِي الْإِكْرَاهِ لَا تُعَدُّ زَانِيَةً، وَفِي الطَّوْعِ هِيَ زَانِيَةٌ. وَنَحْوُ هَذَا فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ أَنَّ الْأَجْنَبِيَّ عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ مَا نَقَصَهَا (إلَّا بِإِذْنٍ وَتُقَوَّمُ بِلَا وَلَدٍ حَمَلَتْ أَمْ لَا) ابْنُ الْحَاجِبِ: إنْ كَانَ بِإِذْنِ الرَّاهِنِ لَمْ يُحَدَّ وَلَزِمَتْهُ

ص: 568

قِيمَتُهَا، حَمَلَتْ أَمْ لَا دُونَ قِيمَةِ الْوَلَدِ.

(وَلِلْأَمِينِ بَيْعُهُ بِإِذْنٍ فِي عَقْدِهِ) ابْنُ عَرَفَةَ: قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ: " يَسْتَقِلُّ الْأَمِينُ بِالْبَيْعِ إذَا أُذِنَ لَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ أَوْ بَعْدَهُ مَا لَمْ يَكُنْ فِي الْعَقْدِ بِشَرْطٍ " صَوَابٌ لِأَنَّهُ مَحْضُ تَوْكِيلٍ سَالِمٍ عَنْ تَوَهُّمِ كَوْنِ الرَّاهِنِ فِيهِ مُكْرَهًا.

وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: إنْ أَذِنَ الرَّاهِنُ لِلْعَدْلِ وَقْتَ الرَّهْنِ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْأَجَلِ جَازَ، وَلَوْ قَالَ لِمَنْ عَلَى يَدِهِ الرَّهْنُ مِنْ مُرْتَهِنٍ أَوْ عَدْلٍ إنْ لَمْ آتِ إلَى أَجَلِ كَذَا فَبِعْهُ لَمْ يَبِعْهُ إلَّا بِأَمْرِ السُّلْطَانِ، وَإِنْ بَاعَهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ نَفِدَ، فَجَعَلَ شَرْطَهُ بِعَدَمِ إتْيَانِهِ مُوجِبًا لِوَقْفِ بَيْعِهِ عَلَى أَمْرِ السُّلْطَانِ لِأَنَّهُ لَا تَثْبُتُ غَيْبَتُهُ إلَّا عِنْدَ الْحَاكِمِ اهـ. نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ ارْتَهَنَ رَهْنًا وَجَعَلَهُ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ أَوْ عَلَى يَدَيْ الْمُرْتَهِنِ إلَى أَجَلِ كَذَا، وَشَرَطَ إنْ جَاءَ الرَّاهِنُ بِالْحَقِّ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ وَإِلَّا فَلِمَنْ الرَّهْنُ عَلَى يَدَيْهِ بَيْعُهُ، فَلَا يُبَاعُ إلَّا بِإِذْنِ السُّلْطَانِ وَإِنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ فَإِنْ بِيعَ بِإِذْنِ السُّلْطَانِ نَفَذَ بَيْعُهُ وَلَمْ يُرَدَّ (إنْ لَمْ يَقُلْ إنْ لَمْ آتِ إلَى أَجَلِ كَذَا) هَذَا هُوَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ الْمَذْكُورُ، وَنَقَلَهُ

ص: 569

ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ شَاسٍ. (كَالْمُرْتَهِنِ بَعْدَهُ) ابْنُ رُشْدٍ: لَوْ طَاعَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ الْبَيْعِ وَقَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ بِالْبَيْعِ دُونَ مُؤَامَرَةِ سُلْطَانٍ جَازَ اتِّفَاقًا، لِأَنَّهُ مَعْرُوفٌ مِنْهُ، وَلَوْ شَرَطَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى الرَّاهِنِ فِي عَقْدِ الْبَيْعِ أَنَّهُ مُوَكَّلٌ عَلَى بَيْعِهِ دُونَ مُؤَامَرَةِ سُلْطَانٍ أَوْ عِنْدَ حُلُولِهِ يَقُولُ أُؤَخِّرُك لِأَجَلِ كَذَا عَلَى رَهْنِ كَذَا وَتُوَكِّلُنِي عَلَى بَيْعِهِ دُونَ مُؤَامَرَةِ سُلْطَانٍ، فَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ لَازِمٌ، وَقَالَهُ الْقَاضِي إسْمَاعِيلُ وَابْنُ الْقَصَّارِ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ وَأَشْهَبُ وَكُرِهَ ذَلِكَ فِي الْمُدَوَّنَةِ. (وَإِلَّا

ص: 570