المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌{باب} (تنعقد الإمامة) العظمى (بإيصاء) الخليفة (الأول) لأهل كما سبق ــ   {باب تنعقد - ضوء الشموع شرح المجموع - جـ ٤

[محمد الأمير المالكي]

الفصل: ‌ ‌{باب} (تنعقد الإمامة) العظمى (بإيصاء) الخليفة (الأول) لأهل كما سبق ــ   {باب تنعقد

{باب}

(تنعقد الإمامة)

العظمى (بإيصاء) الخليفة (الأول) لأهل كما سبق

ــ

{باب تنعقد الإمامة}

افتتح الباب بما تنعقد به الإمامة زيادة على أصله لتوقف معرفة البغي عليه واستقباحاً لافتتاح الباب بالبغي (قوله: بإيصاء الخليفة الأول) أي: وقبول الموصى له واختلف في زمن القبول فقيل: بعد موت الموصى والأصح ما بين عهده وموته وليس له عزله بعد العهد إلا أن يتغير حاله لأنه حق للمسلمين وظاهره أنه لا يشترط في الإيصاء حضور أهل العقد والحل وبه قال ابن عبد السلام وقال ابن عرفة: لا بد منه لأنها وصية تحتاج لتنفيذ قاله في المعيار ولا يجوز أن ينفرد بعقدها لأبيه وابنه إلا بمشاورة أهل الحل والعقد لأنها بمنزلة الشهادة لهما وقيل: تجوز لأبيه دون ولده لأن النفس إليه أميل وذكر ميارة أنه لا يجب على الخليفة الأول الإيصاء ولو أوصى لاثنين فالمقدم فإن لم يكن مقدم اختار أهل الحل والعقد واحداً منهما ولا يجوز غيره وراجع أول شرح الزقاقية لميارة فقد أشبع الكلام في هذا المبحث (قوله: لأهل) أي: حال الإيصاء وإلا استأنف أهل الحل والعقد بيعة أخرى ولا يشترط حضوره بل كونه مرجو الحياة وكان موقوفاً على قدومه فإن مات الأول استقدمه أهل الحل والعقد فإن بعدت غيبته واحتاج الأمر لحاكم استخلفوا غيره نائباً عنه فإذا قدم عزل ومضى ما حكم به قبل لا بعد وليس لولي العهد رد ما آل إليه

ــ

{باب الإمامة}

افتح الباب بها لتوقف معرفة الباغية عليها وكراهة افتتاح الباب بالبغي ولهذا لم يعقد للردة باباً وإنما استطرد أحكامها حشواً وتعقيبها للدماء لما فيها من القتال والقتل وذكره الردة مع البغي لأن أول البغاة أهل الردة الذين قاتلهم أبو بكر -رضي الله تعالى عنه- (قوله: كما سبق) أي: أول باب القضاء ولا بد أن يكون ذا رأي في النوازل ونجدة لتنفيذ الأحكام فقد ورد: «السلطان الضعيف ملعون» ولابد من قبول الوصية ولا يجبر على قبول الإمامة إلا أن تتعين وهل لابد من حضور أهل الحل والعقد الوصية خلاف.

ص: 233

(ورأى أهل الحل والعقد)(بن) وهم من اجتمع فيهم ثلاثة أمور العلم بشروط الإمام والعدالة والرأي (ح) وبيعتهم بالحضور والمباشرة بصفقة اليد وإشهاد الغائب منهم ويكفي العامي اعتقاد أنه تحت أمره فإن أضمر خلاف ذلك فسق ودخل تحت قوله صلى الله عليه وسلم: «من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» (ومن اشتدت وطأته) بالتغلب (وجبت طاعته)(بن) ولا يراعى فيه الشروط ومدار الباب على درء المفاسد وارتكاب أخف الضررين (والبغي مخالفة الإمام العدل) وأما غيره فقال الإمام: دعه وما يراد منه ينتقم الله من الظالم ثم ينتقم من كليهما (في غير معصية)

ــ

لغيره قبل موت الأول لأنها لا تستقر له إلا بعد موته (قوله: ورأى أهل الحل إلخ) قيل: لابد من اجتماع الجميع وقيل: اثنان ولا يعزل بوجود من هو أفضل منه بعد انعقادها بآراء أهل الحل والعقد كما لو عقدوها للمفضول مع وجود الفاضل اتفاقا إن كان لوجه ككون غيره مريضاً أو غائباً أو أطوع أو أقرب للقلوب ولا يجبر عليها من امتنع (قوله: العلم بشروط الإمام إلخ) ليختاروا من هو أولى بها وأجمع لشروطها فإن تكافأ فيها اثنان قدم الأشبه فإن اختلفا بالعلم والشجاعة قدم ما يقتضيه الوقت والأصح أن التنازع غير قادح وأقرع بينهما وقيل: يختار من غير قرعة اهـ مؤلف على (عب)(قوله: وجب طاعته) ولو فيما لا يعلم عاقبته وإلا كملوه وراجعوه إلى أن يظهر الصواب (قوله: مخالفة الإمام) أي: على وجه المغالبة بمنع حق وجب من زكاة أو حكم من أحكام الشريعة أو طلب مال أو ملك أو إرادة عزلة والمراد بالمغالبة إظهار القهر وإن لم يقاتل (قوله: فقال الإمام دعه إلخ) ولا يجوز الخروج عليه بل يحب وعظه وتخويفه إلا أن يقوم عليه إمام عدل فيجوز وفي المواق لا ينبغي المسارعة إلى مظهر العدل لأنه قد يظهر الأمر بخلافه (قوله: دعه وما يراد إلخ) فلا يقام معه وإنما يدفع عن نفسه وماله والمسلمين إن قدر قاله ابن مرزوق (قوله: ثم ينتقم من كليهما) أي: في

ــ

(قوله: أهل الحال والعقد) قيل: يكفي اثنان وقيل: ثلاثة وقيل: لابد من الجميع والمعظم كالكل والأظهر: جمع كثيراً ليتحقق به الحق ويشتهر فإن فوضوا لواحد منهم كفى رأيه كما في خلافه عثمان (قوله: ميتة) بكسر الميم للهيئة المذمومة وذلك الكسر هو الذي اقتضى قلب واو الموت ياء والظاهر أنه لا يسرى

ص: 234

ولا يطاع فيها وإن لم يعزل والأظهر لا يجب اتباعه في المكروه مع الأمن (وإن تأولا) وإن لم يأثم المتأول كما يأتى (فيجب عليه) إذا تغلبوا (قتالهم كالكفار) فينذرون ومساعدته كفاية (ولا يسترقون ولا يحرق شجرهم ولا ترفع رؤوسهم ولا يتركون بمال بل بغيره بالنظر واستعين بمالهم عليهم إن احتيج له ثم رد) المستعان به (كغيره) من أموالهم (وإن أمنوا لم يتبع منهزمهم ولم يجهز على جريحهم وكره للرجل قتل

ــ

الآخرة (قوله: ولا يطاع فيها) فإن قاتل عليها قوتل (قوله: في المكروه) أي: المتفق على كراهته وأولى إذا قيل بتحريمه وانظر المختلف فيه بالجواز والكراهة (قوله: وإن تأولا) أي: وإن كانت المخالفة تأولا أي: ذات تأول (قوله: فيجب عليه) أي: على عدل وأما غيره فلا يجوز له قتالهم مع إصراره على الفسق (قوله: كالكفار) أي: كقتال الكفار فيقاتل الباغية بعد أن يدعوهم إلى الدخول تحت طاعته وموافقة جماعة المسلمين إلا أن يعاجلونا بالقتال وبمقاتلهم بالسيف والرمي بالنبل والمنجنيق والتحريق والتغريق وقطع الميرة والماء عنهم إلا أن يكون فيهم نساء أو ذرية فلا نرميهم بالنار قاله في النوادر كما في المواق وابن عرفة وهو مفهوم بالأولى مما ذكرها ابن بشير من عدم سبي ذراريهم (قوله ولا يسترقون) لأنهم أحرار مسلمون (قوله: ولا ترفع رؤوسهم) أي: إلى محل آخر لأنه مثله حرام وأما في محل قتلهم فيجوز كما صوبه (بن) تبعاً لـ (ر) خلافاً لـ (عب)(قوله: ولا يتركون بمال) أي: لا يتركهم الإمام بمال يأخذ منهم بل يتركهم مجاناً حيث كفوا عن البغي وطلبوا أياماً حتى ينظروا في أمرهم ولم يخش منهم التحيل للغدر (قوله: بما لهم) من سلاح وخيل ونحوها مما يقاتل عليه (قوله: ثم رد إلخ) لأنهم مسلون فلم يخرج عن ملكهم (قوله: كغيره) لا يقال: الرد فرع الأخذ وهو منتف فأين الرد لأنا نقول: لما قدر عليهم صار المال كائنه ملك الإمام أو يفرط فيما إذا أظفر لهم بمال (قوله: وإن أمنوا) بالبناء للمفعول مخفف الميم أي: أمن الإمام والناس منهم بالظهور عليهم مع عدم الخوف أو بعدم انحيازهم إلى فئة فإن لم يؤمنوا اتبع منهزمهم وأجهز على جريحهم كما وقع لعلى يوم صفين: (قوله: وكره للرحل قتل) أي:

ــ

هذا الحكم لمن اشتدت وطأته بل يكفى طاعته بالظاهر (قوله: وإن لم يعزل) لشدة الخطر إلا إذا كفر (قوله: وإن أمنوا) أي: لم يخف منهم في المستقبل

ص: 235

أبيه) الباغي (وورثه ولا يأثم المتأول ولا يضمن) نفساً ولا مالا بخلاف غيره (ولا يتعقب حكم قاضيه والذمي مع المتأول يراد لذمته ومع المعاند ناقض) إلا أن يكرهه على الخروج (والمرأة تقاتل قتال الرجال كالرجل) في القتل (والردة كفر من تقرر إسلامه

ــ

عمداً وأمكنه الخلاص منه بدونه وإلا فلا كراهة كما في كبير الخرشى (قوله: أبيه الباغي) مسلماً أم لا بارزة أم لا وأولى أمه لا جده وأخوه وابنه فخلاف الأولى كما لابن مرزوق (قوله: وورثه) لأنه عمد غير عدوان (قوله: ولا يضمن إلخ) ترغيباً في الرجوع إلى الحق ولأن الصحابة أهدرت الدماء التي كانت في حروبهم (قوله: نفساً ولا مالا) ولا مهر فرج ولحق به الولد ولا حد لأنه متأول أنظر بن (قوله: بخلاف غيره) أي: بخلاف غير المتأول فإنه يضمن (قوله: ولا يتعقب حكم قاضيه) أي: أن الباغي إذا أقام قاضياً وحكم صواباً لا يتعقب حكمه لئلا تضيع الحقوق وكذا ما ثبت عنده ولم يحكم به فيحكم به من بعده من غير قضاه أهل البغي بما ثبت عند قاضيه للعلة المذكورة وشمل الحكم الحد الذي أقامه إن قلت: الحكم الصواب لأي توهم عدم إمضائه حتى ينص عليه فالجواب: أنه لما خرج عن طاعة الإمام ربما يتوهم عدم الاعتداد بما حكم به (قوله: يرد لذمته) من غير غرم عليه لما أتلف من نفس أو مال فيوضع عنه ما يوضع عن المتأول (قوله: ومع المعاند ناقض) أي: والذي مع الباغي المعاند ناقض لعهده (قوله: إلا أن يكرهه إلخ) أي فغير ناقض إلا أنه إذا قتل قتل كما سبق (قوله: كالرجل في القتل) فالمتأولة لا ضمان عليها وغير المتأولة تضمن وتقتل إن قاتلت بالسلاح أو قتلت أحداً على ما تقدم في الجهاد كما حققه (بن) خلافاً لما في (عب)(قوله: من تقرر إسلامه) بالوقوف على الدعائم والتزام أحكام الإسلام بعد الشهادتين إلا أدب فقط كما

ــ

(قوله: قتل أبيه) أي: عمداً حيث أمكن التخلص منه بغير القتل والمراد الأب دنية وغيره من القرابة قتله خلاف الأولى أي: كراهته أخف من الأب (قوله: وورثه) لأنه عمد غير عدوان (قوله: ولا مالا) منه لا مهر عليه لمن غضبها ويلحق به الولد ولا حد لأنه متأول أنظر (بن)(قوله: إلا أن يكرهه) لكن إن قتل قُتل ولو مكرهاً كما سبق (قوله: الردة) الرد الرجوع والكسر للهيئة الذميمة أعاذنا الله تعالى منها وجميع المسلمين بمنها وكرمه آمين (قوله: تقرر إسلامه)

ص: 236

كإلقاء المصحف أو حديث في قذر أو حرق (استخفافاً) صوناً أو لمريض (أو شد زنار) ميلا للكفر (وسحر) يعظم به غير الرب وتنسب له المقادير (أو قول بقدم العالم أو بقائه) بلا قيامه؛

ــ

سيأتي (قوله: كإلقاء إلخ) أدخل بالكاف وضعه بالأرض مع قصيد الاستخفاف وتفضيل غيره عليه وكإلقائه عدم نزعه منه لأن الدوام كالابتداء ويجب على من وجده بالقذر وإخراجه ولو جنباً وكالمصحف أسماء الله وأسماء أنبيائه إن كان الإلقاء من حيث إنها أسماء أنبياء لا مطلقاً (قوله: أو حديث) وإن لم يكن متواتراً إلا أن يكون الإلقاء على وجه الخوف من قتل أو قطع وأما حرقه لكونه ضعيفاً فلا إلا أن يشتد ضعفه كالموضوع وأما كتب الفقه إذا خلت عن الآيات والأحاديث وأسماء الله وأنبيائه ففيها الأدب (قوله: في قذر) أي ما يستقذر ولو طاهراً كالبصاق ويجب على مؤدب الأطفال أن ينهاهم عن مسح الألواح بالبصاق ولا يكون كفراً ولو أخذه ولطخه به لأنه لا يخشى منه الاستخفاف (قوله: أو شد زنار) بضم الزاي بعدها نون مشددة وكذلك ما يختص بالكافر كالبرنيطة والمشي لزيادة القسيس والتبرك به (قولا: ميلا للكفر) أي لا على وجه اللعب والسخرية (قوله: وسحر) أي مباشرة عمله ومن يخفيه كالزنديق وأما تعلمه وتعليمه ودفع دراهم لمن يعلمه فليس بردة وهو بالتعريف الذي ذكره المصنف يشمل ما كان للعطف أو عقد زوج عن زوجته وأما بغير هذا الوجه ففيه الأدب إلا أن يكون للعطف فلا يجوز إبطاله بغيره وإلا فلا يجوز وبه يرجع خلاف ابن المسيب والحسن بالجواز والمنع لفظياً (قوله: يعظم به إلخ) أي لا إن كان بنحو آيات قرآنية (قوله: وتنسب له المقادير) أي لا إن اعتقد أن الآثار تحدث عندها لا بها (قوله: أو قول بقدم العالم) وهو ما سوى الله تعالى لأن قدمه ينفي أن له صانعاً مختاراً ولا فرق بين القدم الذاتي والزماني كما في (عب) وخلافاً للخرشي (قوله: أو بقائه) أي بقاء هذا النظام كما يقول الدهرية فلا حشر ولو اعتقد مع ذلك أنه حادث أو أن محل الكفر إذا قال بالبقاء على سبيل الوجوب دون الجواز وبقاء الجنة والنار جائز لا واجب بخلاف القدم فإنه يكفر مطلقاً لأنه لا يعقل للزوم التسلسل في الماضي بخلاف البقاء فإنه

ــ

ولا بد من وقوفه على الدعائم والتزامه للأحكام بعد الشهادتين وإلا أدب فقط كما

ص: 237

(أو شك) في ذلك (أو تناسخ الأرواح أو في كل جنس) في الحيوانات (نذير) نبي (أو شركة غير نبي له أو بمحاربة الأنبياء أو اكتساب النبوة أو صعود للسماء أو مكالمة الله تعالى أو معانقة الحور أو أنكر معلوماً من الدين ضرورة

ــ

لا ينافي الحدوث (قوله: أو شك في ذلك) أي المذكور من أحد الأمرين أي أتى بلفظ يدل على الشك (قوله: أو بتناسخ الأرواح) أي: أو قول بتناسخ الأرواح وانقلابها بعد موتها لشكل آخر مماثل أو أعلى إن كانت مطيعة أو أدنى إن كانت من عاص وهكذا ولا جنة ولا نار وذلك تكذيب للشريعة (قوله: أو في كل جنس إلخ) لأنه يؤدي إلى أن جميع الحيوانات مكلفة وذلك مخالف للإجماع وإلى أن توصف أنبياء هذه الأصناف بصفاتهم الذميمة وفيه الازدراء على هذا المنصب الشريف والمراد بالأمة في قوله تعالى: {وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلا خَلا فِيهَا نَذِيرٌ} المكلفون (قوله: أو شركة غير نبي إلخ) أي أو قول بمشاركة غير نبي لنبي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام المنفردين (قوله أو بمحاربة الأنبياء) أي أو قول بجواز محاربة الأنبياء أي اعتقاده وأولى المحاربة بالفعل (قوله: أو اكتساب النبوة) لأنه يؤدي إلى توهين ما جاء به الأنبياء (قوله: أو صعود للسماء) أي بالجسد أو دخول الجنة والأكل من ثمارها كما في الذخيرة والنار كما بحث الشعراني (قوله: أو مكالمة الله) أي بالقول لا بالمكالمة عند الصوفية التي هي إلقاء نور في قلوبهم وإلهامهم سراً لا يخرج عن الشريعة ومن ثم كان الشاذلي يقول: قيل لي كذا وحدثت بكذا أي ألهمته كما بينه زروق ويوافقه خبر «اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله وينطق بحكمته» قال عز الدين: إذا قال ولي من أولياء الله أنا الله عزر التعزير الشديد وهذا لا ينافي الولاية فإن الأولياء غير معصومين (قوله: أو معانقة الحور) وأما تكليم الملائكة فلا وزجر إن لم يكن مشهوراً بالصلاح كما في (عب) وغيره وفي بعض كتب الشعراني أن الولي إذا رأى الملك لا يكلمه وإذا كلمه لا يراه ولا يجتمع الأمران إلا للأنبياء والله تعالى أعلم بأحوال عبيده (قوله: أو أنكر معلوماً من الدين ضرورة) من إباحة أو تحريم وأما ما علم من الدين ضرورة وليس بحكم ولا يقتضي حكماً ولا تكذيب

ــ

في (بن) وسيأتي ذلك -إن شاء الله تعالى (قوله: أو مكالمة الله) وأما الذي يقع للأولياء فمن الإلهام كما ورد في عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- وإن عبروا

ص: 238

ولا يعذر بجهل لا بدعائه بالكفر) عليه أو على غيره لأنه قاصد التعنيت لا راض بالكفر (وفصلت الشهادة فيه واستتيب ثلاثة أيام بلا معاقبة) بجوع

ــ

قرآن كإنكار وجود أبي بكر وعمر أو قتل عثمان أو خلافة علي أو غزوة تبوك أو موته أو وجود بغداد مما علم من النقل ضرورة وليس في إنكار جحد شريعة فلا يكفر بخلاف إنكار وجود مكة أو البيت أو غزوة بدر أو حنين فمرتد لتكذيب القرآن ولأن إنكار مكة أو البيت يتضمن إبطال حكم شرعي وهو الحج كذا في (عب) قال المؤلف في حاشيته: ولعل من قال إنكار وجود أبي بكر ليس كفراً أراد أنه يحمل الصاحب في الآية على غيره لكنه مخالف للإجماع إلا أن يقول ليس ضرورياً اهـ (قوله: ولا يعذر بجهل) ولا بقوله سبق لساني (قوله: لا بدعائه بالكفر إلخ) قال (عب): بخلاف قوله لكافر أماتك الله على ما تختاره بمثناة فوقية قبل الخاء المعجمة فيكفر لأنه رضي لما يختاره الكافر وهو إنما يختار الكفر بخلاف المسلم إلا صلى فلا شيء فيه على القائل ذلك فإنه إنما يختار الإسلام فإن قاله لذمي بمثناة تحتية فلا شيء عليه قال المؤلف في حاشيته: قد يقال أن قوله لكافر ليس بكفر كفرع المصنف سواء إلا أن يقال إن هذا دعاء له لا عليه ففيه كما قال تدبر (قوله: عليه) أي في غير يمين وإلا فلا يكفر قطعاً كما تقدم في بابه (قوله: وفصلت الشهادة فيه) أي في الكفر فلا يكتفي القاضي بقول الشاهدين أنه كفر من غير بيانهما وجهه صونا للدماء لاختلاف أهل السنة في أسباب الكفر فربما وجب عند بعض دون آخرين ولا يلفق شاهد أفعل مختلف فيه كشهادة شاهد عليه بإلقاء مصحف بقذر وآخر بشد نار ولا شاهد بفعل كالإلقاء المذكور والآخر بقول كفى كل جنس نذير وإنما يلفق القولان المختلفا اللفظ المتفقا المعنى كشاهد عليه أنه قال لم يكلم الله موسى تكليماً وآخر ما اتخذ الله إبراهيم خليلا (قوله: واستتيب ثلاثة أيام) أي يجب على الإمام استتابة المرتد عن الإسلام ثلاثة أيام بلياليها من يوم ثبوت الكفر عليه لا من يوم الكفر ولا من يوم الرفع ولا يحسب اليوم إن سبقه الفجر ولا تلفق الثلاثة احتياطاً للدماء ووجه التأخير ثلاثة أيام أن الله أخر قوم صالح هذا القدر فلو حكم الحاكم بقتله قبل الثلاثة مضى لأنه حكم بمختلف فيه فإن ابن القاسم يقول:

ــ

بنوديت أو قيل لي فهو تجوز عن ذلك (قوله: أيام) هذا هو المشهور وعن ابن

ص: 239

ولا غيره ولو أصر على عدم التوبة (ولغا يوم ثبوت الكفر وقتل بغروب الثالث وأخرت الحامل للوضع أو أقصاه والمرضع لقبول الولد غيرها واستبرئت غير البائن) ولو رجعية كالسرية (بحضية) لا بائن حاضت (ومال العبد لسيده وغيره فيء وبقى ولده) ولو حال الردة كأن غفل عنه (مسلماً وأخذ من ماله ما جني على عبد كعلى ذمي عمداً لا) على (حر مسلم) فيندرج بقتله (وخطؤه عليهما) أي الذمي

ــ

يستتاب ثلاث مرات (قوله: ولا غيره) من ضرب (قوله ولو أصر على عدم التوبة) مبالغة في قوله بلا معاقبة وفي قوله: واستتب ثلاثة أيام أي قال: لا أتوب (قوله وقتل بغروب الثالث) ولا يقر على كفره بجزية ولا يسبي ولا يسترق وإن لحق بدار الحرب وظفرنا به استتيب وليس كالمحارب يظفر به قبل توبته (قوله بحيضة) خشية حملها إن مضى لما ببطنها أربعون يوماً ولو رضي الزوج أو السيد بإسقاط حقهما أو لم يمض له أربعون أو لم يرضيا بإسقاط حقهما وإلا لم تؤخر وكان استبراء الحرة حيضة لأن ما عداها تعبد وهي بردتها ليست من أهل التعبد وظاهره ولو كانت ممن تحيض في خمس سنين فأكثر فإن كانت ممن لا تحيض لضعف أو إياس مشكوك فيه استبرأت بثلاثة أشهر إن كانت ممن تحمل أو يتوقع حملها إلا أن تحيض أثناءها فإن كانت ممن لا يتوقع حملها قتلت بعد الاستتابة (قوله: ومال العبد) ولو ذا شائبة قتل أو مات زمن الاستتابة (قوله: لسيده) أي ملكاً لا إرثاً (قوله: وغيره فيء) أي ومال غير العبد وهو الحر لبيت المال ولو ارتد في مرضه وقتل أو مات زمن الاستتابة ولا ترثه زوجته ولا يهتم أحد أن يرتد لئلا ترثه زوجته وإذا مات من يرثه المرتد لو لم يرتد في حال ردته ورثه غيره ممن يستحق إرثه من أقاربه ومواليه ولا يحجب المرتد وإرثا فإن أسلم المرتد لم يرجع له إرثه (قوله: وبقى ولده إلخ) أي حكم بإسلام ولده الصغير ولا يتبعه لأن التبعية إنما تكون في دين يقر عليه فيجبر على الإسلام إن أظهر خلافه (قوله: كأن غفل عنه) أي ولم يطلع عليه إلا بعد البلوغ وأظهر خلاف الإسلام فيجبر عليه بالسيف على المعتمد كما في الجواهر خلافاً لقول النوادر وابن يونس: إن ولد له حال كفره ولم يطلع عليه غلا بعد بلوغه لم يجبر بخلاف من اطلع عليه قبل بلوغه فيجبر (قوله: ما جني) ولو قيل ردته (قوله: عمداً) قيد فيما بعد الكاف وأما ما قبلها فلا فرق بين العمد والخطأ (قوله

ص: 240

والمسلم (من بيت المال كأخذه جناية عليه) وإن تاب قدر) في الجناية 0 مسلمًا وإلا فمجوسي) كما سبق (وإن قذف في بلاد الحرب سقط لا ببلادنا هرب) فيقام عليه إذا رجع (وحجر عليه بردته) وما له موقوف (ورد مال التائب وقتل الزنديق ولا تقبل توبته) في إسقاط القتل فلا يستتاب (إلا قبل اطلاعنا وماله لورثته إن أكذب البينة أو لم يطلع عليه أو تاب وإن رجع من أسلم وقال: احتميت فالقرائن

ــ

كأخذه أي بيت المال (قوله جناية عليه) ممن جني عليه ولا يقتص منه ولو عبدًا كافرًا لأن شرط القصاص أن يكون المجني عليه معصومًا كما مر ومر أيضًا أن على قاتله الأدب (قوله: وإن تاب) أي المرتد بأن رجع للإسلام (قوله: في الجناية) أي منه أو عليه فإن كانت عمدًا على مسلم كان عليه القود وإن كانت خطأ كانت الدية على عاقلته وإن كانت على ذمي عمدًا ففي ماله عمد أو خطأ على العاقلة وإن جني عليه حال ردته ثم تاب فالقود في العمد والدية في الخطأ وهذا ما لبهرام وفي (عب) وسلمه في حاشيته أنه لا يعذر في الجناية عليه حال ردته إذا تاب كالمسلم فانظره (قوله: وإلا فمجوسي) أي: وإلا يثبت فحكمه حكم المجوسي في الجناية عليه (قوله: فيقام عليه) لما يلحق المقذوف من المعرة (قوله: وحجر عليه) أي: على المرتد الحر أما العبد فما له لسيده إن شاء نزعه وإن شاء تركه كما لابن الحاجب وابن عبد السلام خلافًا لما في (عب). (قوله: وقتل الزنديق) هو الذي يخفي الكفر ويظهر الإسلام وهو المنافق في الصدر الأول وإنما لم يقتله عليه الصلاة والسلام خشية أن يقال محمد يقتل أصحابه فتنفر الناس عن الإسلام ومثل الزنديق الساحر الذي يخفي السحر (قوله: في إسقاط القتل) وإن قبلت من حيث النفع في الآخرة والغسل والصلاة عليه (قوله: فلا يستتاب) لعدم تحقق توبته إذ لا يطلع عليه (قوله: إلا قبل اطلاعنا الخ) أي: لا تكون توبته قبل الإطلاع عليه فتقبل لعموم قوله تعالى: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} ولأنه لو لم يكن صادقًا في توبته ما أقر على نفسه (قوله: وما له لورثته إن أكذب الخ) وأما إن لم يتب وقتل بعد الاطلاع عليه فماله لبيت المال (قوله: أو لم يطلع عليه) أي حتى مات (قوله أو تاب) ولو قتل لأنه حينئذ لا كفر (قوله: فالقرائن) فإن قامت على

القاسم يستتاب ثلاث مرات (قوله: قدر في الجناية) أي منه بهرام وكذا عليه ورده

ص: 241

وأدب من تشهد ولم يعلم الدعائم) فلما علمها كره ورجع وهذا في الطارين أما الناشئ في بلادنا فيعلمها فرجوعه رده (كساحر ذمي) تشبيه في الأدب وإن قتل كافرًا قتل كما سبق (وإن ضر مسلمًا فنقض) لعهده (وأسقطت قضاء صلاة وزكاة وصيام) وفي الحقيقة المسقط الإسلام بعدها (وإحصانا ونذرًا ومطلق اليمين) ومنه الظهار (إلا أن يرتد لذلك) فيعامل بنقيض مقصوده (وصار بها ضرورة) لبطلان

صدق قبل وإلا فلا وهذا أن يقيم على الإسلام بعد ذهاب العذر (قوله: ولم يعلم الدعائم) أي حال إسلامه لأنه لم يعلم بها لم يكن مؤمنا لأن الإيمان هو التصديق بما علم مجيء النبي صلى الله عليه وسلم به ضرورة ومما علم مجيئه به ضرورة أقوال الإسلام وأفعاله المبني عليها فمن لم يعرفها لم يصدق بها فلم يكن مؤمنًا ولا مسلمًا وهذا القدر لابد منه خلافًا لظاهر كلام اللخمي في كفاية الإيمان بها إجمالاً (قوله: فنقض لعهده) فيجري فيه حكم من نقض عهده فيخير فيه الإمام بين القتل والاسترقاق وضرب الجزية لا أنه يتعين قتله إذا لم يسلم كما نقله الباجي (قوله: قضاء صلاة الخ) فاتت زمن الردة أو قبلها وكذلك قضاء الحج المفسد والعمرة كما في الحطاب (قوله: وإحصانا) أي أسقطت الردة إحصان من تلبس بها من زوج أو زوجة بمعنى أبطلته فمن زنى بعد إسلامه فبكر ولا يؤثر ارتداد الزوج في إحصان المرأة ولا عكسه (قوله: ونزرًا) فلا يطالب نذره في حال إسلامه أو ارتداده (قوله: ومطلق اليمين) أي وأسقطت مطلق اليمين كانت بالله أو بغيره أي أبطلت نفس اليمين إن لم يحنث وكفارتها إن حنث وظاهره ولو كانت بعتق معين وهو ظاهر المدونة المعول عليه خلافًا لتقييد ابن الكاتب له بغير المعين (قوله: ومنه الظهار) أي من مطلق اليمين كان منجزا أو معلقًا فلا يلزمه كفارة (قوله: إلا أن يرتد لذلك) أي بقصد إسقاط قضاء الصلاة وظاهره ولو الإحصان وقيل: لا يحكم له به ولكن يعامل بنقيض قصده كمن ارتد لإسقاط حد الزنا (قوله: وصار بها ضرورة) فيجب عليه فعله إذا عاد الإسلام لبقاء وقته وهو العمر.

(عب) فانظره. (قوله: المسقط الإسلام) لقوله تعالى: {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} (قوله: ومنه الظهار) أي من قوله: ومطلق اليمن لأنه في حكم اليمين بلزوم الكفارة وأنه حلف بالظهار كإن فعلت كذا فأنت على كظهر أمي

ص: 242

الحج بها (لا) تسقط (حبسا) وهبة (وعتقًا) بأنواعه (وطلاقا إلا أن يبتها ويرتدا ثم يرجعا فتحمل بلا زوج و) لا (إحلال بردة الرجل) المحلل لأنه وصف في غيره أثره بل بردة المرأة وفي الوصية خلاف) اقتصر في الأصل على بطلانها وفي المواق وأقره (بن) صحتها إذا رجع للإسلام (وأقر كافر انتقل لكفر وحكم بإسلام من لم يميز لصغر أو جنون وتبيعيته لإسلام أبيه فقط) لا أمه وحده (كأن ميز إلا المراهق) أصالة

(قوله: لا تسقط حبسًا الخ) سواء تاب أو قتل على ردته لأنها عقود لازمة فيستمر الوقف ويمضي العتق المنجز والهبة المنجزة المجازة قبل الردة تخرج أم الولد من رأس ماله والمدبر من ثلثه (قوله: وطلاقًا) ثلاثًا أو أقل وقع منه قبل الردة منجزًا ومعلقًا ووقع المعلق عليه قبل الردة فلا تحل له إلا بعد زوج (قوله: فتحل بلا زوج) لأن أثر الطلاق بطل بردتهما وذلك لأن الطلاق نسبة بينهما فإذا ارتد أحدهما بقي ببقاء أحدهما وإذا ارتدا معًا بطل بالمرة وهذا ما لم يرتدا بقصد التحليل فيعاملان بنقيض قصدهما على ظاهر فتوى ابن عرفة كما نقله سيدي أحمد بابا (قوله: لأنه وصف الخ) أي الإحلال (قوله: بل بردة المرأة) أي بل يسقط الإحلال بردة المرأة فلا تحل لمطلقها ثلاثا إذا رجعت للإسلام إلا بعد زوج لأنها أبطلت فعلها في نفسها وهو نكاحها الذي أحلها (قوله: وفي الوصية خلاف) أي في بطلانها بالردة فلا تصح ولو عاد للإسلام خلاف (قوله: وفي الحطاب) صوابه وفي المواق كما في حاشيته على (عب) فإن ما في الحطاب موافق لما للأصل (قوله: وأقر كافر انتقل لكفر) أي لا نتعرض له ولو انتقل إلى مذهب المعطلة والدهرية ولكن تؤخذ الجزية عملا بما كان عليه قبل وحديث: " من بدل دينه فاقتلوه" محمول على دين الإسلام فإنه الدين المعتبر شرعًا (قوله: وحكم بإسلام الخ) فائدة الحكم بإسلام من ذكر الحكم بردته يعد بلوغه إن امتنع (قوله: لصغر أو جنون) أي قبل المراهقة والبلوغ لا الطارئ بعدهما فلا يحكم بإسلامه تبعًا لإسلام أبيه الطارئ (قوله: كأن ميز) أي يحكم بإسلامه بالتبع لإسلام أبيه وهو من عقل الإسلام دينًا يتدين به (قوله: إلا المراهق) أي وإلا المميز لمراهق حين إسلام أبيه فلا يحكم بإسلامه بالتبع لإسلام

فكاليمين بالطلاق ويشمل العتق المعين خلافًا لابن الكاتب والمراد إسقاط نفس اليمين أو كفارتها إن كان حنث فيها انظر (عب)(قوله: لبطلان الحج) لقوله تعالى {لئن أشركت ليحبطن عملك} (قوله: ويرتدا) وجهه عبد الله بأن الطلاق نسبة

ص: 243

وغفل عنه حتى راهق (فلا يجبر بالقتل) بل بغيره (ووقف إرثه) حتى يحتلم ولم يعتبروا لإسلامه قبل احتلامه هنا (وتبع المجوسي) ولو كبيرًا (سابيه) لا الكتابي) ولو صغيرًا (والمنتصر كأسير) وتاجر ببلادهم محمول (على الطوع) حتى يثبت الإكراه (وإن عاب ملكًا أو نبيًا ولو بدنه قتل ولو جاء تائبًا) فهو أشد من

أبيه (قوله: فلا يجبر الخ) أي وإلا المميز المراهق حين إسلام أبيه فلا يحكم بإسلامه بالتبع لإسلام أبيه (قوله: فلا يجبر الخ) أي وإذا لم يحكم بإسلامه فلا يجبر بالقتل بل بالضرب إن امتنع (قوله: ووقف إرثه) أي: إرث المراهق الذي لم يحكم بإسلامه إلى بلوغه ولو قال الآن لا أسلم إذا بلغت فإن أسلم بعد بلوغه أخذه وإلا المسلمين وإن أسلم قبل البلوغ لم يدفع إليه لأنه لو رجع عنه قبل بلوغه لم يقتل بل يجبر على الإسلام بغير قتل (قوله: ولم يعتبروا إسلامه قبل احتلامه) مع أن إسلام الصبي وردته معتبران وإنما لم يعتبروه لما علمت أنه إذا رجع عنه لا يقتل وقرينة أخذ المال تدل على أنه لم يقصد الإسلام وأنه غير ملتزم له بخلاف المميز المسلم استقلالا فإنه ملتزم له (قوله: ولو كبيرًا) خلافًا لمن قال بجبره على الإسلام (قوله: ولو صغيرًا) خلافًا لمن قال بجبره (قوله: محمول على الطوع) فله حكم المرتد لأن الأصل في أفعال المكلف الطوع حتى يثبت خلافه (قوله: حتى يثبت الإكراه) أي له بشخصه أو لعموم من دخل بلدهم كأن يشتهر عن جهة من الكفار أنهم يكرهون السير على الدخول في دينهم (قوله: وإن عاب ملكًا الخ) أي نسبه للعيب وهو خلاف المستحسن عقلاً أو شرعًا أو عرفًا (قوله: ملكًا) ظاهره ولو من عوام الملائكة مع أنهم فضلوا عليهم عوام البشر في أحد القولين، وكان هذا مزية لمصادمة قوله تعالى:{لا يعصون الله ما أمرهم} ، وقوله:{كراما كاتبين} ، نحو ذلك فليتأمل. اهـ. مؤلف على (عب). (قوله ولو في بدنه) أي هذا إذا عابه في خلقه أو خلقه أو دينه أو نسب إليه ما لا يليق بمنصب النبوة أو الملكية أو نسبة بل ولو في بدنه كعرج وعمى ونحوه (قوله: قتل) أي عاجلاً ولا إعذار له على الراجح كما يفيده المعيار (قوله: ولو جاء تائبًا) لأن قتله حينئذ حد وهو لا يسقط بالتوبة وهو حق مخلق.

بينهما فيبقى ببقاء أحدهما فإذا ارتدا جميعًا بطل (قوله: إرثه) أي من أبيه المسلم إذا مات (قوله: ولم يعتبروا إسلامه قبل احتلامه) أي لا يدفع له الميراث بإسلامه قبل احتلامه لأنه لو رجع لم يجبر بالقتل كما علمت.

ص: 244

الزنديق (إلا أن يسلم الكافر) الأصل وأما إن تاب ثم ارتد بغير السب ثم رجع للإسلام فأظهر ما في (ح) عدم سقوط القتل وفيه سئل ابن العربي عن رجل قال أبواه صلى الله عليه وسلم ماتا على الكفر فأجاب بأن هذا القائل ملعون لقوله: تعالى: {إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله) الآية وهذا من أعظم الإيذاء وفي كرامات ابن أبي حمرة لتلميذه ابن الحاج أنه أفتى بالقتل وعدم قبول التوبة في رجل قال في حديث: "استأذنت ربي في زيادة أمي فأذن فاستأذنته في زيارة أبي فلم يأذن" أن اللحوق بالأب ظني فقيل له: ألم يقل صلى الله عليه وسلم أنا ابن عبد المطلب فقال: ألم يقل كذب النسابون والعياذ بالله تعالى وله حكاية طويلة بسطها (ولا يعذر بجهل وزال لسان أو سكر كأن قيل رسول الله فلعن وقال أردت كالعقرب) والثعبان لأنه رسول لمن

(قوله: إلا أن يسلم الكافر) ولو كان إسلامه لأجل أن لا يقتل فلا يقتل لأن الإسلام يجب ما قبله وإنما قبل توبة الكافر دون المسلم لأن الكافر كان على كفره فاعتبر المسلم زنديق لا تعلم توبته (قوله: فأظهر ما في (ح) عدم سقوط القتل) أي: بالردة الثانية وهذا ما للمشذالي ومقابله ما لابن عرفة من عدم قتله (قوله: ولا يعذر بجهل) لأنه لا يعذر أحد في الكفر بالجهالة وإنما يعذر بعدم التمييز بجنون أو صغر وأما الصغير المميز فتقدم أن ردته وإسلامه معتبران أنه يؤخر إلى بلوغه فإذا سب وهو صغير مميز ثم بلغ فتاب أو أنكر ما شهد به عليه فالظاهر أنه ينفعه ولا يقتل لأنه قذف من غير مكلف (قوله: أو سكر) أي أدخله على نفسه ولا يرد قول حمزة للنبي صلى الله عليه وغيرها (قوله: وقال أردت) فلا يقبل منه ذلك لأنه خلاف مقتضي اللفظ.

(قوله: إلا أن يسلم الكافر) ولو كان إسلامه لأجل أن لا يقتل كما في السيد (قوله: هذا القائل ملعون) ليس فيه تصريح بكفره كيف وقد نسب للبعض قديمًا وحديثًا (قوله: لو سكر) أي بحرام بأن أدخله على نفسه وأما قصة حمزة التي في البخاري لما نفر نوق على وقوله للنبي صلى الله عليه وسلم: "هل أنتم إلا عبيد أبي" فكان قبل تحريم الخمر ولا يقبل منه مسكين إرادة "اللهم أحينى مسكينًا" الحديث كما في السيد

ص: 245

يلدغه فلا ينفعه ذلك (أو قال هزم أو كذبه أو تنبأ أو قال: لا صلى الله عليه أو على من صلى عليه أو جميع البشر يلحقهم النقص حتى النبي صلى الله عليه وسلم على أظهر ما في الأصل (أو عصى آدم في غير القرآن) ، والوارد فيه عصيان كما يعلم الله لا كعصياننا نظير وجه لا كالأوجه (وأدب اجتهادًا في أفعل كذا واشك للنبي صلى الله عليه وسلم أو لو سبني ملك

(قوله: أو قال هزم) هذا وقول مالك وأصحابه واختاره القرطبي وابن مرزوق خلافًا لقول ابن المرابط أنه مرتد يستتاب ثلاثة أيام وعليه مر الأصل (قوله: أو كذبه أو تنبأ) أعلن بذلك أم أسر كما لابن مرزوق خلافًا لما في الأصل (قوله: أو قال لا صلى الله الخ) ولو في حالة الغضب (قوله أو على من صلى عليه) لشمول لفظه للأنبياء والملائكة ولأنه استخفاف بحقه قال المؤلف في حاشية (عب). لا شيء على من لم يقبل الاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وسلم لما في حديث بريرة لما فارقت مغيثا وشفع صلى الله عليه وسلم عندها في أن تمسكه فلم تفعل كذا في السيد وفي البخاري أنها قالت له: "أتأمرني؟ " فقال: "لا وإنما اشف" فقالت: "فلا حاجة لي به إذن" اهـ وفي المعيار عن ابن القاسم العقباني أن من قال: يلعن الله أبا من هو خير مني ولو كان وذكر سيدنا محمدًا صلى الله عليه وسلم يؤدب الشديد اهـ والوجه القتل كما هو ظاهر (قوله: وأدب اجتهادًا في أفعل كذا الخ) فإن زاد إن سألت أنا أو جهلت فقد جهل أو سأل النبي صلى الله عليه وسلم فيقتل ولا تقبل توبته كما أفتى به ابن عتاب خلافًا لما في بهرام بل ظاهر نقل المواق القتل في مسئلة المصنف قال ابن حجر في شرح البخاري وهو مقتض مذهبنا (قوله أو لو سبنى مالك الخ) لأنه لم يحصل منه سب بالفعل على أمر لم يقع ومثله ولو سبنى نبي لسببته كما في النقل ويستفاد ومن ذلك تأديب من قال: لو جئتني بالنبي على كتفك ما قبلتك بالأولى لأنه دون قوله: لسببته في إيهاب التنقيص من غير قرينة نعم

لاختلاف المسافات والمقامات ولا يلزم من اتصافه بشيء جواز ذكره ألا ترى حرمة ندائه باسمه صلى الله عليه وسلم ولا شيء على من لم يقبل الاستشفاع بالنبي صلى الله عليه وسلم لحديث بريرة في فراق مغيث في البخاري وغيره (قوله: أو تنبأ) لأنه نقص مقام النبوة حيث ادعاها وكذب خاتم النبيين وما ذكرناه في هذه الفروع هو ما رجحه ابن مرزوق خلافًا لما في الأصل تبعاً لابن المرابط من الاستتابة (قوله: لو سبني الخ) لأن الشرطية لا تقتضي الوقوع.

ص: 246

لسببته أو ابن ألف معرص) حيث لم يرد الأنبياء (أو تعيرني بالفقر والنبي صلى الله عليه وسلم قد رعى لغنم) فإن رعيها لتعليم السياسة لا لما ساقه له (أو قال الغضبان كأنه وجه منكر أو الجبارين كأنهم الزبانية أو رفع نقصًا في حقه بحال نبي كإن كذبت فقد كذبوا) بالبناء للمجهول فيهما أو إن أحببت النساء فقد أحبهن (لا تأسيا) فلا بأس به (أو قال لا عن العرب أو بنى هاشم أدت الظالمين

إن قامت عليه قرينة قتل وأما لو جئتني بالنبي على كتفك ما قبلته فالظاهر تعيين قتله لأنه لفظ فيه تنقيص وإن لم يرده أفاده (عب)(قوله: أو ابن ألف الخ) ولو كرر لفظ ألف (قوله: حيث لم يرد الأنبياء) وإلا فساب وإنما لم يقتل مع عدم علم إرادته الأنبياء مع أنه لا يخلو لفظه من دخول نبي لاحتمال أن يريد المبالغة والكثرة لا حقيقة الألف قال الزرقاني ولو قال لعنك الله إلى آدم قتل كما نقله عياض عن ابن عباس لأن في آبائه نبيًا وهو نوح إذ هو أب لمن بعده (قوله: أو تعيرني بالفقر والنبي صلى الله عليه وسلم قد رعى الغنم) وكذا قد رعى كما في المواق فيؤدب اجتهادًا إلا أن يقصد تنقيصًا فيقتل وإن تاب كقولهم: يتيم أبي طالب أو أكل الشعير أو ضحى بكبش لعدم القدرة على ثمن قمح وإبل أو رهن درعه في ثمن شعير اشتراه من يهودي أو خرج من مخرج البول فيقتل وإن تاب حيث لم يقل ذلك في رواية لاستخفافه بحقه صلى الله عليه وسلم ولا يلزم من اتصافه بشيء جواز الإخبار به ألا ترى حرمة ندائه باسمه (قوله: أو قال لغضبان كأنه وجه منكر) لأنه جرى مجرى تحقير مخاطبه وتهويل أمره بغضبه وليس فيه تصريح سب الملك وإنما السب واقع على المخاطب (قوله: أو رفع نقصًا الخ) أي ولم يقصد تنقيص النبي وإلا قتل ولو تاب (قوله كإن كذبت الخ) أو إن أو ذيت فقد أوذوا أو إن قيل في مكروه فقد قيل في النبي المكروه أو إن أحببت النساء فالنبي أحبهن أو أنا في قومي غريب كصالح في ثمود أو صبرت كما صبر أيوب أو أولو العزم من الرسل أو قيل له: إنك أمي فقال: النبي أمي لأن الأمية في حقه-عليه الصلاة والسلام كمال فإنها من أعظم معجزاته وفي غيره نقص (قوله: لا تأسيا) أي لا إن قال ذلك على وجه التأسي والتسلي بهم فلا أدب عليه (قوله: أو قال لا عن العرب الخ) أي فيؤدب وفي الثانية أشد فإن لم يقل أردت الظالمين قتل كما قال ابن مرزوق وظاهره من غير استتابة وكذا يؤدب

ص: 247

وشدد عليه في كل صاحب فندق قرنان ولو نبيًا أو نسب قبيحًا لأحد ذريته -علية الصلاة والسلام- أو انتسب له وإن تلويحاً أو سب صحابيًا) إلا عائشة بما فيها برأها الله منه كفر لتكذيب القرآن؛

أدبًا وجيعًا كما في الشفاء قائل: لعن الله من حرم المسكر أو قال: لا أعلم من حرمه وكذا لو قال: لعن الله من قال: لا يبع حاضر لباد إن عذر بجهل لكونه حديث عهد لعدم قصد حينئذ سب الله أو رسوله وإنما لعن من حرمه من الناس فإن لم يعذر فمرتد في الأول لأن المحرم حقيقة هو الله تعالى وساب في الثاني (قوله: وشدد عليه) أي في الأدب بالضرب والقيود (قوله: قرنان) أي زوجته يزني بها (قوله: أو نسب قبيحًا) قولاً أو فعلاً فيشدد عليه في الأدب (قوله أو انتسب له) أي بغير حق تصريحًا بالقول أو الفعل كلبس العمامة الخضراء في زماننا فيؤدب لعموم قول مالك: من ادعى الشرف كاذبًا ضرب ضربًا وجيعًا ثم يشهر ويسجن مدة طويلة حتى تظهر لنا توبته لأن ذلك استخفاف منه بحقه صلى الله عليه وسلم ومع ذلك كان يعظم من طعن في نسبه ويقول لعله شريف في نفس الأمر قال في المنن في الباب العاشر: إنما لم يحد مع أنه يلزم عليه حمل غير أبيه على أمه لأن القصد بانتسابه له شرفه لا الجهل المذكور ولأن المذهب ليس بمذهب (قوله: وإن تلويحًا) كأن قيل له: أنت شريف النفس أو ذو نسب فقال مجيبًا: ومن أشرف نفسًا من ذريته صلى الله عليه وسلم وإنما لم يكن صريحًا لاحتمال قصد هضم نفسه أي أن ذريته- عليه الصلاة والسلام هم الذين لهم الشرف في النفس والنسب ولم يقصد الانتساب له صلى الله عليه وسلم (قوله: أو سب صحابيًا) ولو بما يوجب حدًا وأما من قال كانوا على ضلالة أو كفر فيقتل لأنه أنكر معلومًا من الدين فقد كذب الله ورسوله وكذلك من كفر أحد الخلفاء الأربعة أو ضللهم وهل حكمه حكم المرتد أو الزنديق فيه خلاف ذكره القرطبي وعياض على مسلم وفي (عج) عن الإكمال ما يفيد اعتماد عدم كفر من كفر الأربعة فانظره (قوله: إلا عائشة الخ) واختلف في غيرها من أزواجه صلى الله عليه وسلم فقيل: يقتل لأن ذلك إيذاء له صلى الله عليه وسلم وقيل: يحد وينكل قال في الإكمال: وأما غيرها من أزواجه صلى الله عليه وسلم فالمشهور أنه يحد لما فيه من ذلك حد ويعاقب لغيره وحكي ابن شعبان قولاً آخر أنه يقتل على كل حال (قوله: بما برأها الله به) أي: في تلك القضية وأما في غيرها

ص: 248