الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رَأَيْت فِي كَلَام ابْن عَدْلَانِ أَن شَرَائِط الْمَبِيع ثَمَانِيَة فَذكر كَونه طَاهِرا مُنْتَفعا بِهِ مَقْدُورًا على تَسْلِيمه مَمْلُوكا للعاقد أَو لمن يَقع لَهُ العقد مَعْلُوما وَزَاد سالما من الرِّبَا خَالِصا من مُقَارنَة مَا لَا يجوز العقد عَلَيْهِ وَأَن لَا يكون معرضًا للعاهة
قَالَ وَقَوْلنَا سالما من الرِّبَا احْتِرَاز عَمَّا لَو اشْتَمَل على الرِّبَا
وَقَوْلنَا خَالِصا إِلَى آخِره احْتِرَاز عَمَّا لَو جمع بَين مَعْلُوم ومجهول فَإِنَّهُ لَا يَصح فِي الْأَصَح
وَقَوْلنَا وَأَن لَا يكون معرضًا للعاهة احْتِرَاز عَمَّا لَو بَاعَ الثَّمر قبل بَدو الصّلاح أَو الزَّرْع الْأَخْضَر وَلم يشْتَرط الْقطع فَإِنَّهُ لَا يَصح
1306 - مُحَمَّد بن أَحْمد بن عُثْمَان بن قايماز
شَيخنَا وأستاذنا الإِمَام الْحَافِظ شمس الدّين أَبُو عبد الله التركماني الذَّهَبِيّ مُحدث الْعَصْر
اشْتَمَل عصرنا على أَرْبَعَة من الْحفاظ بَينهم عُمُوم وخصوص الْمزي والبرزالي والذهبي وَالشَّيْخ الإِمَام الْوَالِد لَا خَامِس لهَؤُلَاء فِي عصرهم
فَأَما الْمزي والبرزالي وَالْوَالِد فسنترجمهم إِن شَاءَ الله تَعَالَى
وَأما أستاذنا أَبُو عبد الله فَبَصر لَا نَظِير لَهُ وكنز هُوَ الملجأ إِذا نزلت المعضلة إِمَامًا لوُجُود حفظا وَذهب الْعَصْر معنى ولفظا وَشَيخ الْجرْح وَالتَّعْدِيل وَرجل الرِّجَال فِي كل سَبِيل كَأَنَّمَا جمعت الْأمة فِي صَعِيد وَاحِد فنظرها ثمَّ أَخذ يخبر عَنْهَا إِخْبَار من حضرها
وَكَانَ محط رحال تغيبت ومنتهى رغبات من تغيبت
تعْمل الْمطِي إِلَى جواره وتضرب البزل المهاري أكبادها فَلَا تَبْرَح أَو تنبل نَحْو دَاره
وَهُوَ الَّذِي خرجنَا فِي هَذِه الصِّنَاعَة وأدخلنا فِي عداد الْجَمَاعَة جزاه الله عَنَّا أفضل الْجَزَاء وَجعل حَظه من غرفات الْجنان موفر الْأَجْزَاء وسعده بَدْرًا طالعا فِي سَمَاء الْعُلُوم يذعن لَهُ الْكَبِير وَالصَّغِير من الْكتب والعالي والنازل من الْأَجْزَاء
مولده فِي سنة ثَلَاث وَسبعين وسِتمِائَة
وَأَجَازَ لَهُ أَبُو زَكَرِيَّا بن الصَّيْرَفِي وَابْن أبي الْخَيْر والقطب ابْن أبي عصرون وَالقَاسِم بن الإربلي
وَطلب الحَدِيث وَله ثَمَانِي عشرَة سنة فَسمع بِدِمَشْق من عمر بن القواس وَأحمد بن هبة الله بن عَسَاكِر ويوسف بن أَحْمد الغسولي وَغَيرهم
وببعلبك من عبد الْخَالِق بن علوان وَزَيْنَب بنت عمر بن كندي وَغَيرهمَا
وبمصر من الأبرقوهي وَعِيسَى بن عبد الْمُنعم بن شهَاب وَشَيخ الْإِسْلَام ابْن دَقِيق العبيد والحافظين أبي مُحَمَّد الدمياطي وَأبي الْعَبَّاس بن الظَّاهِرِيّ وَغَيرهم
وَلما دخل إِلَى شيخ الْإِسْلَام ابْن دَقِيق الْعِيد وَكَانَ الْمَذْكُور شَدِيد التَّحَرِّي فِي الإسماع قَالَ لَهُ من أَيْن جِئْت قَالَ من الشَّام قَالَ بِمَ تعرف قَالَ بالذهبي قَالَ من أَبُو طَاهِر الذَّهَبِيّ فَقَالَ لَهُ المخلص فَقَالَ أَحْسَنت فَقَالَ من أَبُو مُحَمَّد الْهِلَالِي قَالَ سُفْيَان بن عينة قَالَ أَحْسَنت اقْرَأ ومكنه من الْقِرَاءَة عَلَيْهِ حِينَئِذٍ إِذْ رَآهُ عَارِفًا بالأسماء
وَسمع بالإسكندرية من أبي الْحسن عَليّ بن أَحْمد الغرافي وَأبي الْحسن يحيى بن أَحْمد بن الصَّواف وَغَيرهمَا
وبمكة من التوزري وَغَيره
وبحلب من سنقر الزيني وَغَيره
وبنابلس من الْعِمَاد بن بدران
وَفِي شُيُوخه كَثْرَة فَلَا نطيل بتعدادهم
وَسمع مِنْهُ الْجمع الْكثير وَمَا زَالَ يخْدم هَذَا الْفَنّ إِلَى أَن رسخت فِيهِ قدمه وتعب اللَّيْل وَالنَّهَار وَمَا تَعب لِسَانه وقلمه وَضربت باسمه الْأَمْثَال وَسَار اسْمه مسير الشَّمْس إِلَّا أَنه لَا يَتَقَلَّص إِذا نزل الْمَطَر وَلَا يدبر إِذا أقبل الليال
وَأقَام بِدِمَشْق يرحل إِلَيْهِ من سَائِر الْبِلَاد وتناديه السؤالات من كل نَاد وَهُوَ بَين أكنافها كنف لأهليها وَشرف تفتخر وتزهى بِهِ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا طورا ترَاهَا ضاحكة عَن تَبَسم أزهارها وقهقهة عذرانها وَتارَة تلبس ثوب الْوَقار والفخار بِمَا اشْتَمَلت عَلَيْهِ من إمامها الْمَعْدُود فِي سكانها
وَكَانَ شَيخنَا وَالْحق أَحَق مَا قيل والصدق أولى مَا آثره ذُو السَّبِيل شَدِيد الْميل إِلَى آراء الْحَنَابِلَة كثير الإزراء بِأَهْل السّنة الَّذين إِذا حظروا كَانَ أَبُو الْحسن الْأَشْعَرِيّ فيهم مقدم الْقَافِلَة فَلذَلِك لَا ينصفهم فِي التراجم وَلَا يصفهم بِخَير إِلَّا وَقد رغم مِنْهُ أنف الراغم
صنف التَّارِيخ الْكَبِير وَمَا أحْسنه لَوْلَا تعصب فِيهِ وأكمله لَوْلَا نقص فِيهِ وَأي نقص يَعْتَرِيه
والتاريخ الْأَوْسَط الْمُسَمّى بالعبر وَهُوَ حسن جدا
وَالصَّغِير الْمُسَمّى دوَل الْإِسْلَام
وَكتاب النبلاء
ومختصر تَهْذِيب الْكَمَال للمزي
والكاشف مُخْتَصر ذَلِك وَهُوَ مُجَلد نَفِيس
وَالْمِيزَان فِي الضُّعَفَاء وَهُوَ من أجل الْكتب
وَالْمُغني فِي ذَلِك
وكتابا ثَالِثا فِي ذَلِك
ومختصر سنَن الْبَيْهَقِيّ وَهُوَ حسن
ومختصر الْأَطْرَاف للمزي
وطبقات الْحفاظ
وطبقات الْقُرَّاء
وكتابا فِي الوفيات
ومختصرا آخر فِيهَا يُسمى بالإعلام
والتجريد فِي أَسمَاء الصَّحَابَة
والمجرد فِي أَسمَاء رجال الْكتب السِّتَّة
ومختصر الْمُسْتَدْرك للْحَاكِم
ومختصر تَارِيخ نيسابور للْحَاكِم
ومختصر ذيل ابْن الدبيثي
والمعجم الْكَبِير وَالصَّغِير
والمختص لمحدثي الْعَصْر
ومختصر الْمحلي لِابْنِ حزم
وَكتاب نبأ الدَّجَّال
ومختصرات كَثِيرَة
وَقَرَأَ الْقُرْآن بالروايات وأقرأه
توفّي فِي لَيْلَة الِاثْنَيْنِ ثَالِث ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة بِالْمَدْرَسَةِ المنسوبة لأم الصَّالح فِي قاعة سكنه
وَرَآهُ الْوَالِد رحمه الله قبل الْمغرب وَهُوَ فِي السِّيَاق وَقَالَ لَهُ كَيفَ تجدك فَقَالَ فِي السِّيَاق ثمَّ سَأَلَهُ أَدخل وَقت الْمغرب فَقَالَ لَهُ الْوَالِد ألم تصل الْعَصْر فَقَالَ بلَى وَلَكِن لم أصل الْمغرب إِلَى الْآن وَسَأَلَ الْوَالِد رحمه الله عَن الْجمع بَين الْمغرب
وَالْعشَاء تَقْدِيمًا فأفتاه بذلك فَفعله وَمَات بعد الْعشَاء قبل نصف اللَّيْل
وَدفن بِبَاب الصَّغِير حضرت الصَّلَاة عَلَيْهِ وَدَفنه
وَكَانَ قد أضرّ قبل وَفَاته بِمدَّة يسيرَة
أنشدنا شَيخنَا الذَّهَبِيّ من لَفظه لنَفسِهِ
(تولى شَبَابِي كَأَن لم يكن
…
وَأَقْبل شيب علينا تولى)
(وَمن عاين المنحنى والنقى
…
فَمَا بعد هذَيْن إِلَّا الْمصلى)
وأنشدنا لنَفسِهِ وأرسلها معي إِلَى الْوَالِد رحمه الله وَهِي فِيمَا أرَاهُ آخر شعر قَالَه لِأَن ذَلِك كَانَ فِي مرض مَوته قبل مَوته بيومين أَو ثَلَاثَة
(تَقِيّ الدّين يَا قَاضِي الممالك
…
وَمن نَحن العبيد وَأَنت مَالك)
(بلغت الْمجد فِي دين وَدُنْيا
…
ونلت من الْعُلُوم مدى كمالك)
(فَفِي الْأَحْكَام أقضانا عَليّ
…
وَفِي الخدام مَعَ أنس بن مَالك)
(وكابن معِين فِي حفظ وَنقد
…
وَفِي الْفتيا كسفيان وَمَالك)
(وفخر الدّين فِي جدل وَبحث
…
وَفِي النَّحْو الْمبرد وَابْن مَالك)
(وتسكن عِنْد رضوَان قَرِيبا
…
كَمَا زحزحت عَن نيران مَالك)
(تشفع فِي أنَاس فِي فراء
…
لتكسوهم وَلَو من رَأس مَالك)
(لتعطي فِي الْيَمين كتاب خير
…
وَلَا تُعْطِي كتابك فِي شمالك)
وَذكر بعد هَذَا أبياتا على هَذَا النمط تتَعَلَّق بمدحي لم أذكرها وختمها بقوله
(وللذهبي إدلال الموَالِي
…
على الْمولى كحلمك واحتمالك)
وَمن نظمه أَيْضا فِي أَسمَاء المدلسين
(حد المدلسين يَاذَا الْفِكر
…
جبر الْجعْفِيّ ثمَّ الزُّهْرِيّ)
(وَالْحسن الْبَصْرِيّ قل مَكْحُول
…
قَتَادَة حميد الطَّوِيل)
(ثمت ابْن عبد الْملك القبطي
…
وَابْن أبي نجيح الْمَكِّيّ)
(والثبت يحيى بن أبي كثير
…
وَالْأَعْمَش النَّاقِل بالتحرير)
(وَقل مُغيرَة أَبُو إِسْحَاق
…
والمرئي الميمون بِاتِّفَاق)
(ثمَّ يزِيد بن أبي زِيَاد
…
حبيب ثَابت فَتى الأجداد)
(أَبُو جناب وَأَبُو الزبير
…
وَالْحكم الْفَقِيه أهل الْخَيْر)
(عباد مَنْصُور قل ابْن عجلَان
…
وَابْن عبيد يُونُس ذُو الشان)
(ثمَّ أَبُو حرَّة وَابْن إِسْحَاق
…
حجاج أَرْطَأَة لكل مساق)
(ثمَّ أَبُو سعد هُوَ الْبَقَّال
…
عِكْرِمَة الصَّغِير يَا هِلَال)
(ثمَّ ابْن وَاقد حُسَيْن الْمروزِي
…
وَابْن أبي عرُوبَة اصغ تفز)
(وليد مُسلم حكى بقيه
…
فِي حذف واه خلة دنيه)
وَقد كنت لما توفّي شَيخنَا رثيته بقصيدة مطْلعهَا
(من للْحَدِيث وللسارين فِي الطّلب
…
من بعد موت الإِمَام الْحَافِظ الذَّهَبِيّ)
(من للرواية للْأَخْبَار ينشرها
…
بَين الْبَريَّة من عجم وَمن عرب)
(من للدراية والْآثَار يحفظها
…
بِالنَّقْدِ من وضع أهل الغي وَالْكذب)
(من للصناعة يدْرِي حل معضلها
…
حَتَّى يُرِيك جلاء الشَّك والريب)
(من للْجَمَاعَة أهل الْعلم تَلبسهمْ
…
أَعْلَامه الغر من أبرادها القشب)
(من للتخاريج يبديها وَيدخل فِي
…
أَبْوَابهَا فاتحا للمقفل الأشب)
(من فِي القراآت بَين النَّاس نافعهم
…
وَعَاصِم ركنها فِي الجحفل اللجب)
(من للخطابة لما لَاحَ يرفل فِي
…
ثوب السوَاد كبدر لَاحَ فِي سحب)
مِنْهَا
(بِاللَّه يَا نفس كوني لي مساعدة
…
وحاذري جزع الأوصاب والرعب)
(فَهَذِهِ الدَّار دَار لَا ذمام لَهَا
…
لَيست بنبع إِذا عدت وَلَا غرب)
(وَلَيْسَ تبقى على حَال وَلَيْسَ لَهَا
…
عهد يمسك بالأوتاد والطنب)
(بَينا يرى الْمَرْء فِي بَحر المعزة ذَا
…
خوض ترامت عَلَيْهِ ذلة النوب)
(وَالْأَمر من وَاصل الْأَيَّام مُنْقَطع
…
وَعمر عامرها كالمربع الخرب)
(هذي الْمنية لَا تنفك آخذة
…
مَا بَين محتقر فِينَا وَذي نسب)
(هِيَ السِّهَام نصبنا نَحْوهَا غَرضا
…
تصمي وتسلب كالعسالة السَّلب)
(وَهُوَ الْحمام فَلَا تعجب عَلَيْهِ وَلَا
…
تعجب لَدَيْهِ فَمَا فِي الْمَوْت من عجب)
(وَإِن تغب ذَات شمس الدّين لَا عجب
…
فَأَي شمس رأيناها وَلم تغب)
(هُوَ الإِمَام الَّذِي رَوَت رِوَايَته
…
وطبق الأَرْض من طلابه النجب)
(مهذب القَوْل لاعي ولجلجة
…
مُثبت النَّقْل سامي الْقَصْد والحسب)