الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1310 - مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن المرتضى الشَّيْخ عماد الدّين البلبيسي
وقفت لَهُ على تَرْجَمته لشخص قَالَ فِيهَا هُوَ مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن مُحَمَّد بن المرتضى الشَّافِعِي الْمَشْهُور بالبلبيسي نقلته من خطه رحمه الله لقبه عماد الدّين
الْفَقِيه الأصولي الصُّوفِي الذكي
اشْتغل بِمصْر على الْفَقِيه نجم الدّين بن الرّفْعَة وَالشَّيْخ جمال الدّين الوجيزي وَالشَّيْخ شرف الدّين القلقشندي والظهير التزمنتي وَالشَّيْخ عز الدّين ابْن مِسْكين وَغَيرهم
وَكَانَ ملازما للشَّيْخ نجم الدّين كثيرا وَعنهُ أَخذ وَبِه مهر فِي الْفِقْه
وَبحث مَعَ الشَّيْخ نجم الدّين الْقَمُولِيّ وَالشَّيْخ نجم الدّين بن عقيل البالسي
وفَاق على أقرانه فِي ذَلِك الزَّمَان واشتغل بالاشتغال بِمصْر وانتفع بِهِ خلق كثير
وَأَجَازَ جمَاعَة بالإقراء بِمصْر مِنْهُم تِلْمِيذه الْفَقِيه تَقِيّ الدّين الببائي وَكَانَ الْمَذْكُور لَهُ من الذكاء والفهم حَظّ وافر
ولي الشَّيْخ عماد الدّين مدرسة الخانقاه الْمَعْرُوفَة بأرسلان بالمنشأة بَين الْقَاهِرَة ومصر ثمَّ ولي قَضَاء الْإسْكَنْدَريَّة عَن الْملك النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون فَأَقَامَ بهَا مُدَّة ثمَّ حصلت لَهُ محنة طلب مِنْهُ أَخذ أَمْوَال الْأَيْتَام للسُّلْطَان فَامْتنعَ فعزل وَوضع من مِقْدَاره بِسَبَب ذَلِك
ثمَّ ولي تصدير الْمدرسَة الملكية الجوكندار بِالْقَاهِرَةِ المحروسة قَرِيبا من المشهد الْحُسَيْنِي أَقَامَ بهَا يشغل الطّلبَة من الظّهْر إِلَى الْعَصْر كل يَوْم خلا أَيَّام الْجمع وَالثُّلَاثَاء لَا يشْغلهُ عَن ذَلِك شاغل حَتَّى كَانَ يحضر فِي بعض الْأَيَّام من بَيته مَاشِيا وَكَانَ بَعيدا وَبَعض الْأَيَّام يركب مكاريا وَإِذا ركب لَا يكْرِي إِلَّا دَابَّة ضَعِيفَة محتقرة وَكَانَ يَقُول هَذَا رُبمَا لَا يَقْصِدهُ النَّاس كثيرا فَأَنا أُرِيد بره وَالْغَرَض يحصل وَبَعض أوقاته يركب بغلته
وَكَانَ فَقِيرا لم تحصل لَهُ قطّ كِفَايَته وَكَانَ مَعْلُوم التصدير نَحْو ثَمَانِينَ درهما نقرة فِي الشَّهْر لَيْسَ لَهُ غَيرهَا وصبر على ذَلِك إِلَى أَن توفاه الله
وَكَانَ مُجْتَهدا فِي أشغال الطّلبَة حَتَّى إِنَّه يَأْمُرهُم بِالْكِتَابَةِ لما يشرحه لَهُم ويحفظونه ويستدعي عرض ذَلِك مِنْهُم
وَكَانَ مُولَعا بِذكر الألغاز فِي الْفِقْه وَغَيره
كِتَابه التَّنْبِيه وَالْحَاوِي الصَّغِير وَكَانَ يعظم الْحَاوِي ويحث الطّلبَة على الِاشْتِغَال بِهِ وَشَرحه وَلم يُخرجهُ وَشرح قِطْعَة من التَّنْبِيه
وَكَانَ شَدِيد الِاعْتِقَاد فِي الْفُقَرَاء يمشي إِلَيْهِم ويتبرك بدعائهم وَجرى لَهُ مَعَ شخص مكاري ركب مَعَه من الْقَاهِرَة إِلَى مصر قبل أَن يَلِي قَضَاء الْإسْكَنْدَريَّة مكاشفة فَلَمَّا ركب خطر فِي خاطره بغلة وَجَارِيَة تركية مليحة وَإِذا المكاري قَالَ لَهُ يَا فَقِيه شوشت علينا أَو مَا هَذَا مَعْنَاهُ بغلة وَجَارِيَة بغلة وَجَارِيَة يحصل لَك ذَلِك فَلَمَّا ولي قَضَاء الْإسْكَنْدَريَّة ركب البغلة وَملك الْجَارِيَة تركية مليحة
كَانَ رحمه الله نخبة الزَّمَان جليسه لَا يمله درسه بُسْتَان حوى الْعُلُوم ونزهة تزيل هم كل مهموم سَاعَة فِي الْفِقْه وَسَاعَة فِي النَّحْو وَسَاعَة فِي حكايات مستظرفة وأشعار مستلطفة
حكى لنا فِي درسه الْعَام قَالَ كنت ملازما للشَّيْخ نجم الدّين بن الرّفْعَة وَكَانَ منديله دَائِما فِيهِ شَيْء من الذَّهَب فَقَامَ يَوْمًا مسرعا من الدَّرْس فتبعته فَقَالَ خُذ هَذَا المنديل مَعَك وَدخل الْخَلَاء لقَضَاء حَاجته ثمَّ خرج وَهُوَ ينشد
(عِلّة الْبَوْل والخرا
…
حيرا كل من ترى)
(فهما آفَة الورى
…
سهلا أم تعسرا)
وأنشدنا للشَّيْخ تَقِيّ الدّين ابْن دَقِيق الْعِيد رحمه الله
(لعمري لقد قاسيت بالفقر شدَّة
…
وَقعت بهَا فِي حيرتي وشتاتي)