المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

الفصل: ‌من اسمه سفيان

«القوافي» ، «الأصوات» ، «كتاب الملوك» ، «معاني الشعر» ، «كتاب وقف التمام» ، «كتاب صفات الغنم وألوانها وعلاجها» ، وغير ذلك.

مات سنة عشر- وقيل خمس عشرة، وقيل إحدى وعشرين- ومائتين.

وكان أجلع، والأجلع الذي لا تنضم شفتاه على أسنانه، والأخفش: الصّغير العينين مع سوء بصرهما.

‌من اسمه سفيان

186 -

سفيان بن سعيد بن مسروق الإمام شيخ الإسلام الفقيه الحافظ الحجّة العابد أبو عبد الله الثوريّ (1) من ثور همدان، الكوفيّ، صاحب «التفسير» المشهور، الذي رواه عنه أبو حذيفة موسى بن مسعود النّهديّ.

حدث الثوري عن أبيه، وزبيده بن الحارث، وحبيب بن أبي ثابت، والأسود بن قيس، وزياد بن علاقة، ومحارب بن دثّار وطبقتهم.

وعنه ابن المبارك، ويحيى القطان، وابن وهب، ووكيع، والفريابيّ، وقبيصة، وأبو نعيم، ومحمد بن كثير، وأحمد بن يونس اليربوعيّ، وخلائق.

قال شعبة ويحيى بن معين وجماعة: سفيان أمير المؤمنين في الحديث.

وقال ابن المبارك: كتبت عن ألف شيخ ومائة شيخ ما فيهم أفضل من سفيان. وكان شعبة يقول: سفيان أحفظ مني.

وقال ورقاء: لم ير الثوري مثل نفسه.

(1) له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 203، تهذيب التهذيب لابن حجر 4/ 111، خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي 123، الرسالة المستطرفة للكتاني 41، العبر 1/ 235، الفهرست لابن النديم 225، اللباب لابن الأثير 1/ 198، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 2/ 39، وفيات الأعيان لابن خلكان 2/ 127.

ص: 193

وقال الإمام أحمد: لم يتقدمه في قلبي أحد.

وقال القطان: ما رأيت أحفظ منه، كنت إذا سألته عن حديث ليس عنده اشتد عليه.

قال عبد الرازق: وقال سفيان ما استودعت قلبي شيئا قط فخانني.

وقال الأوزاعي: لم يبق من تجتمع عليه الأمة بالرضى والصحة إلا سفيان.

وقال ابن المبارك: لا أعلم على وجه الأرض أعلم من سفيان.

وقال وكيع: كان سفيان بحرا.

وقال القطان: سفيان فوق مالك في كل شيء.

وقال أبو أسامة: من أخبرك أنه رأى مثل سفيان فلا تصدقه.

وقال ابن أبي ذئب: ما رأيت بالعراق أحدا يشبه ثوريكم.

وقال الثوريّ: وددت أني نجوت من العلم لا عليّ ولا لي وما من عمل أنا أخوف عليّ منه، يعني الحديث.

قال يحيى بن يمان سمعت سفيان يقول: العلم طبيب الدّين، والدّراهم داء الدّين، فإذا اجتر الطبيب الداء إليه متى يداوي غيره.

قال الخريبي: سمعت الثوري يقول: ليس شيء أنفع للناس من الحديث.

[وقال أبو أسامة: سمعت سفيان يقول: ليس طلب الحديث (1)] من عدّة الموت لكنه علة يتشاغل به الرجل.

قال الذهبي في «طبقات الحفاظ» عقب هذا الكلام: قلت صدق والله

(1) تكملة لازمة عن: تذكرة الحفاظ للذهبي.

ص: 194

إن طلب الحديث شيء غير الحديث، وطلب الحديث اسم عرفي لأمور زائدة على تحصيل ماهية الحديث، وكثير منها مراق إلى العلم، وأكثرها أمور يشغف بها المحدّث من تحصيل النسخ المليحة، وتطلب العالي، وتكثير الشيوخ، والفرح بالألقاب والثناء وتمنى العمر الطويل ليروي، وحب التفرد إلى أمور عديدة، لازمة للأغراض النفسانية لا للأعمال الربانية، فإذا كان طلبك للحديث النبوي محفوفا بهذه الآفات فمتى خلاصك منها إلا الإخلاص، وإذا كان علم الآثار مدخولا فما ظنك بعلم المنطق والجدل، وحكمة الأوائل التي تسلب الإيمان، وتورث الشكوك والحيرة التي لم تكن والله من علم الصحابة ولا التابعين، ولا من علم الأوزاعي، والثوري، ومالك، وأبي حنيفة، وابن أبي ذئب، وشعبة، ولا والله عرفها ابن المبارك، ولا أبو يوسف القائل: من طلب الدين بالكلام تزندق. ولا وكيع، ولا ابن مهدي، ولا ابن وهب، ولا الشافعي، ولا عفان ولا أبو عبيد، ولا ابن المديني، وأحمد، وأبو ثور، والمزني، والبخاري، والأثرم، ومسلم، والنسائي، وابن خزيمة، وابن سريج، وابن المنذر، وأمثالهم، بل كانت علومهم القرآن والحديث والفقه والنحو وشبه ذلك، نعم. وقال سفيان أيضا، فيما سمعه منه الفريابي: ما من عمل أفضل من طلب الحديث إذا صحّت النية فيه. قال وسمعته يقول: دخلت على المهدي فقلت بلغني أن عمر أنفق في حجته اثني عشر دينارا وأنت فيما أنت فيه، فغضب. وقال: تريدني أن أكون في مثل الذي أنت فيه؟ قلت فإن لم تكن في مثل ما أنا فيه ففي دون ما أنت فيه.

قال ضمرة: سمعت مالكا يقول: إنما كانت العراق تجيش علينا بالدّراهم والثياب ثم صارت تجيش علينا بسفيان الثوري.

قال صالح جزرة: سفيان أحفظ من شعبة، يبلغ حديثه ثلاثين ألفا، وحديث شعبة نحو عشرة آلاف.

ص: 195

مولد سفيان في سنة سبع وتسعين، وطلب العلم وهو حدث فإن إباه من علماء الكوفة، مات بالبصرة في الاختفاء من المهدي، فإنه كان قوالا بالحق شديد الإنكار. مات في شعبان سنة إحدى وستين ومائة رحمه الله تعالى.

وقد صح عن معدان عن الثوري في قوله تعالى (وهو معكم (1)) قال:

عمله، وهكذا جاء عن جماعة من المفسّرين.

وقد أفرد مناقب هذا الإمام بالتأليف ابن الجوزي، واختصره الذهبي.

وله «الجامع الكبير» يجري مجرى الحديث، رواه عنه يزيد بن أبي حكيم وعبد الله بن الوليد العرفيّ، وغيرهما «الجامع الصّغير» رواه عنه جماعة، منهم الأشجعي، وغسان بن عبيد، وغيرهما. و «كتاب الفرائض» و «رسالة أبي عباد بن الأرسوفيّ» .

187 -

سفيان بن عيينة بن أبي عمران ميمون (2).

الإمام المجتهد. الحافظ شيخ الإسلام أبو محمد الهلاليّ الكوفيّ.

محدّث الحرم مولى محمد بن مزاحم أخي الضحاك بن مزاحم صاحب «التفسير» يرويه عنه سعيد بن عبد الرحمن المخزومي.

ولد سنة سبع ومائة وطلب العلم في صغره. سمع عمرو بن دينار، والزّهريّ وزياد بن أسلم، وعبد الله بن دينار، ومنصور بن المعتمر، وعبد الرحمن بن القاسم، وأمما سواهم.

(1) سورة الحديد 4.

(2)

له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 1/ 262، الرسالة المستطرفة للكتاني 41، العبر للذهبي 1/ 326، الفهرست لابن النديم 226، ميزان الاعتدال للذهبي 2/ 170.

ص: 196

حدّث عنه الأعمش، وابن جريج، وشعبة، وغيرهم، من شيوخه، وابن المبارك وابن مهدي، والشافعي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وإسحاق ابن راهويه وأحمد بن صالح، وابن نمير، وأبو خيثمة، والفلاس، والزعفراني، ويونس بن عبد الأعلى، وسعدان بن نصر، وعلي بن حرب، ومحمد بن عيسى بن حيّان المدائني، وزكريا بن يحيى المروزيّ، وأحمد بن شيبان الرمليّ (1) وخلق لا ينحصرون. فقد كان خلق يحجون، والباعث لهم لقى ابن عيينة فيزدحمون عليه في أيام الحج.

وكان إماما، حجّة، حافظا، واسع العلم، كبير القدر.

قال الشافعي: لولا مالك وسفيان لذهب علم الحجاز. وعن الشافعي قال: وجدت أحاديث الأحكام كلها عند مالك سوى ثلاثين حديثا، ووجدتها كلها عند ابن عيينة سوى ستة أحاديث.

قال عبد الرحمن بن مهدي: كان ابن عيينة من أعلم الناس بحديث أهل الحجاز.

وقال الترمذي: سمعت البخاري يقول: سفيان بن عيينة أحفظ من حماد ابن زيد.

قال حرملة: سمعت الشافعي يقول: ما رأيت أحدا فيه من آلة العلم ما في سفيان، وما رأيت أحدا أكفّ عن الفتيا منه، وما [رأيت (2)] أحدا أحسن لتفسير الحديث منه.

وقال أحمد: ما رأيت أعلم بالسنن منه. وقال ابن المديني: ما في

(1) في الأصل «البرمكي» ، وأثبت ما في: ميزان الاعتدال، وتذكرة الحفاظ.

(2)

تكملة عن: تذكرة الحفاظ للذهبي.

ص: 197