الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في أبيات أخر. فرضي عنه وعفا عنه، ووقع في أبيات على ظهر أبياته:
إنّما مجلس النّدامى بساط
…
للمودّات بينهم وضعوه (1)
فإذا ما انتهى إلى ما أرادوا
…
من حديث ولذّة رفعوه
مات إبراهيم سنة خمس وعشرين ومائتين.
قاله ابن الجوزي.
من اسمه أحمد
25 -
أحمد بن إبراهيم بن الزّبير بن محمد بن إبراهيم بن الزّبير بن الحسن بن الحسين الثقفيّ العاصمي الجيّاني المولد، الغرناطيّ المنشأ، الأستاذ أبو جعفر (2).
قال تلميذه أبو حيان في النّضار: كان محدثا جليلا، ماهرا، نحويا، فصيحا، مفوّها حسن الخطّ، مقرئا مفسرا مؤرخا، أقرأ القرآن والنحو والحديث بمالقة وغرناطة وغيرهما؛ وكان كثير الإنصاف، ناصحا في الإقراء، خرج من مالقة ومن طلبته أربعة يقرءون كتاب سيبويه، ثم عرض له أن السلطان تغيّر عليه، فجعل سجنه داره، وأذن له في حضور الجمعة، فلما مات شيوخ غرناطة وشغر البلد عن عالم رضى عليه، وقعد بالجامع يفيد الناس.
وولي الخطابة والإمامة بالجامع الكبير، وقضاء الأنكحة، وتخرّج عليه جماعة، و [به](3) أبقى الله ما بأيدي الطلبة من العربية وغيرها.
(1) المصدر السابق 1/ 362.
(2)
له ترجمة في: الاحاطة للسان الدين الخطيب 1/ 195، البدر الطالع للشوكاني 1/ 33، تذكرة الحفاظ للذهبي 4/ 1484، الدرر الكامنة لابن حجر 1/ 89، الديباج المذهب لابن فرحون 42، الذيل والتكملة للمراكشي 1/ 39، شذرات الذهب 6/ 16، طبقات القراء لابن الجزري 1/ 32، المنهل الصافي لابن تغري بردي 1/ 197.
(3)
تكملة عن: بغية الوعاة.
وكان محدث الأندلس بل المغرب في زمانه، خيّرا، صالحا، كثير الصدقة معظّما عند الخاصة والعامة، أمّارا بالمعروف، نهّاء عن المنكر، لا ينقل قدمه إلى أحد، جرت له أمور مع الملوك صبر فيها، ونطق فيها بالحق بحيث أدّى إلى التضييق عليه، وحبسه.
روى عن أبي الخطاب بن خليل، وعبد الرحمن بن الفرس، وابن فرتون وأجاز له من المشرق أبو اليمن بن عساكر وغيره.
وصنف: «تعليقا على كتاب سيبويه» ، و «الذيل على صلة ابن بشكوال» و «ملاك التأويل في المتشابه اللفظ من التنزيل» غريب في معناه و «البرهان في ترتيب سور القرآن» و «شرح الإشارة للباجي في الأصول» و «سبيل الرشاد في فضل الجهاد» و «ردع الجاهل عن اعتساف المجاهل» في الرد على الشوذية (1).
ولد سنة سبع وعشرين وستمائة، ومات يوم الثلاثاء ثامن ربيع الأول سنة ثمان وسبعمائة.
ومن شعره:
ما لي وللتّسآل لا أمّ لي
…
إن سلت من يعزل أو من يلي (2)
حسبي ذنوبي أثقلت كاهلي
…
ما إن أرى غماءها تنجلي
26 -
[أحمد](3) بن إبراهيم بن الفرج بن أحمد بن سابور بن علي بن
(1) في الأصل «الشيوذية» وفي الدرر الكامنة «الشرذمة» وكلاهما تحريف، والصواب في:
ذيل الموصول والصلة. والشوذية تنسب الى أبي عبد الله الشوذي الاشبيلي، وألف في الشوذية غير ابن الزبير معاصره أبو عبد الله محمد بن عمر المعروف بابن رشيد، وسمى كتابه: إماطة الأذية الناشئة من سباطة الشوذية (حواشي ذيل الموصول والصلة 1/ 44).
(2)
في الأصل «الشيوذية» وفي الدرر الكامنة «الشرذمة» وكلاهما تحريف، والصواب في:
ذيل الموصول والصلة. والشوذية تنسب الى أبي عبد الله الشوذي الاشبيلي، وألف في الشوذية غير ابن الزبير معاصره أبو عبد الله محمد بن عمر المعروف بابن رشيد، وسمى كتابه: إماطة الأذية الناشئة من سباطة الشوذية (حواشي ذيل الموصول والصلة 1/ 44).
(3)
بياض في الأصل، أكملته عن مصادر الترجمة.
غنيمة (1) عز الدين أبو العباس بن الإمام محيي الدين الفاروثيّ (2) الواسطيّ (3).
المقرئ المفسر الشافعيّ الخطيب الصوفي، أحد الأعلام.
قال الذّهبي في طبقات القراء: ولد سنة أربع عشرة وستمائة بواسط، قرأ القرآن على والده، وعلى الحسين بن أبي [الحسن بن](4) ثابت الطّيبي كلاهما عن أبي بكر بن الباقلاني.
وقدم بغداد سنة تسع وعشرين، فسمع الحديث من عمر بن كرم، والشيخ شهاب الدين السّهروردي، ولبس منه الخرقة، وأبي الحسين القطيعي وخلق سواهم.
وكان فقيها علامة، عارفا بالقراءات ووجوهها، بصيرا بالعربية واللغة، عالما بالتفسير، خيرا، صاحب أوراد وتهجد، ومروءة وفتوة، وكان له أصحاب ومريدون انتفعوا بصحبته في دينهم ودنياهم.
قرأ عليه طائفة، منهم الشيخ أحمد الحراني، والشيخ جمال الدين البدوي
(1) في الأصل «غينمة» تحريف، والصواب في طبقات القراء لابن الجزري وقد ضبطه ابن الجزري بضم الغين المعجمة وفتح النون.
(2)
في الأصل «القاروني» تحريف، والصواب في: وفيه: الفاروثي بالفاء والراء المثلثة، نسبة الى فاروث، قرية على دجلة.
(3)
له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 13/ 432، تاريخ علماء بغداد للسلامي 18، ذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي 85، طبقات الشافعية للاسنوي 216، طبقات الشافعية للسبكي 5/ 3 (ط. الحسينية)، طبقات الشافعية لابن شهبة 59 أ، طبقات القراء لابن الجزري 1/ 34، طبقات القراء للذهبي 2/ 552، العبر 5/ 381، المقفى للمقريزي، ميكروفيلم بالجامعة العربية 510 تاريخ ورقة 71 ب، النجوم الزاهرة 8/ 76.
(4)
تكملة عن: طبقات الشافعية للسبكي، والمقفى.
وشمس الدين محمد بن أحمد الرقى، وشمس الدين بن غدير، وقرأ عليه- كتاب القلانسي (1) - أبو عبد الله القصاع (2).
وسمع منه خلق بدمشق والحرمين والعراق، وكان له القبول التام من الخاص والعام.
قدم دمشق سنة تسعين فولي مشيخة الحديث بالظاهرية، وإعادة الناصرية وتدريس النجيبية، ثم ولي خطابة البلد، وكان يخطب من غير تكلف.
ويذهب من صلاة الجمعة فيشيع جنازة أو يعود صاحبا، وكان طيب الأخلاق.
وكان يمضي إلى دار نائب السلطنة الشجاعي فكان يحترمه ويحبه، فلما عزل من الخطابة بموفق الدين الحموي وعزل الشجاعي عن الشام، تألم الشيخ لذلك وسار مع الوفد سنة إحدى وتسعين، وأودع كتبه وحمل بعضها. وكانت كبيرة إلى الغاية، ثم سار إلى واسط. وكان لطيف الشكل، صغير العمامة، مطرح التكلف، له رداء أبيض.
قال الذّهبي (3): وقد سلمت عليه وحدثته، ولم يقض لي أن آخذ عنه شيئا.
سألت الشيخ عليّا الواسطي الزاهد عن الفاروثي نسبته المصطفوي (4)
(1) هو: محمد بن الحسين بن بندار أبو العز القلانسي، شيخ العراق ومقرئ القراء بواسط، صاحب التصانيف، ولد سنة 435 هـ. كان بصيرا بالقراءات وعللها وغوامضها، عارفا بطرقها، وألف كتاب الارشاد في العشر، وكتاب الكفاية أكبر من كتاب الارشاد، مات في شوال سنة 521 بواسطة. (طبقات القراء لابن الجزري 2/ 128).
(2)
محمد بن إسرائيل أبو عبد الله السلمي المعروف بالقصاع، رحل الى الديار المصرية، وقرأ بالكثير على: العز الفاروثي، وتوفى سنة 671 هـ. (طبقات القراء لابن الجزري 2/ 100).
(3)
في الأصل «قال الزهيري» . والصواب في: طبقات القراء للذهبي.
(4)
في الأصل «المطفري» . والصواب في: المقفى للمقريزي، وطبقات القراء للذهبي.
فقال: كان أبوه الشيخ محيي الدين يذكر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فواخاه فلهذا كان يكتب المصطفوي (1). توفي في ذي الحجة [سنة أربع وتسعين وستمائة](2).
27 -
أحمد بن إسماعيل بن خليفة بن عبد العالي (3) الشيخ شهاب الدين.
أبو العباس بن الإمام العلامة عماد الدين بن الحسباني الشافعي (4).
مولده سنة تسع وأربعين وسبعمائة، واشتغل في صباه بعلم الفرائض وأتقنها ثم اشتغل بالعربية على أبي العباس العنّابي فبرع فيها، وسمع الكثير من أصحاب الفخر بن البخاري وغيرهم، فطلب الحديث، وقرأ قراءة حسنة، وحصل الكتب وفضل في هذا العلم.
ورحل إلى القاهرة، فسمع بها وبدمشق من جماعة، وحصل الأجزاء، وضبط الأسماء، واعتنى بتحرير المشتبه، وكتب بخطه أشياء نسخا وتصنيفا، وشرع في «تفسير كبير» وقف عليه البلقيني وأثنى عليه.
قال الحافظ ابن حجر ومن خطه نقلت: كان موصوفا بالذكاء وجمع أشياء حسنة، منها «تفسير القرآن» وعلق على «الحاوي» وكتب من «تخريج أحاديث الرافعي» و «شرح ألفية ابن مالك» انتهى.
(1) راجع المصدر السابق.
(2)
تكملة عن: طبقات القراء للذهبي.
(3)
كذا في الأصل، وهو يوافق ما في الضوء اللامع للسحاوي، والمقفى، وفي ذيل تذكرة الحفاظ وقضاة دمشق «عبد العال» .
(4)
له ترجمة في: أنباء الغمر لابن حجر 2/ 523، ذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي 244، الضوء اللامع للسحاوي 1/ 237، طبقات ابن شهبة ورقة 108 أ، قضاة دمشق لابن طولون 132، المقفى للمقريزي ميكروفيلم بالجامعة العربية رقم 510 تاريخ، المنهل الصافي 1/ 224.
وكان يحضر عند والده في حلقة الفقه، وفهمه جيد صحيح.
ودرّس بالأمينية والإقبالية وغيرهما، وخطب بجامع التوبة، وأفتى وحكم نيابة مدة، ثم بعد الفتنة ولي قضاء القضاة استقلالا، وشارك في الخطابة ومشيخة الشيوخ.
وكانت نفسه سامية، وامتحن من جهة الدولة وكاد يهلك، وجرى له مع القاضي برهان الدين بن جماعة فتنة وآذاه ابن جماعة كثيرا، وكان عليه مآخذ في دينه، وكان الفقهاء يكرهونه.
مات في عاشر ربيع الآخر سنة خمس عشرة وثمانمائة، ودفن بسفح قاسيون (1) رحمة الله عليه.
28 -
أحمد بن إسماعيل بن عيسى أبو بكر الغزنويّ الجوهري المفسر (2).
أحد أئمة غزنة وفضلائهم، سافر إلى خراسان، والحجاز، والعراق، ولقي أبا القاسم القشيري، وسمع منه، وعاش إلى بعد العشرين وخمسمائة.
29 -
أحمد بن إسماعيل بن يوسف بن محمد بن العباس أبو الخير الطّالقاني القزويني الشافعي (3).
(1) قاسيون: هو الجبل المشرف على مدينة دمشق، وفيه عدة مغاير وفيه آثار الأنبياء وكهوف، وفي سفحه مقبرة أهل الصلاح، وهو جبل معظم مقدس (معجم البلدان).
(2)
له ترجمة في: طبقات المفسرين للأدنةوي، ميكروفيلم بدار الكتب رقم 3466، ورقة 39 ب.
والغزنوي: بفتح الغين وسكون الزاي وفتح النون وفي آخرها واو هذه النسبة الى غزنة، وهي مدينة من أول بلاد الهند (اللباب 2/ 171).
(3)
له ترجمة في البداية والنهاية لابن كثير 13/ 9، طبقات الشافعية للسبكي 6/ 7، طبقات القراء لابن الجزري 1/ 39، طبقات المفسرين للسيوطي 3، العبر للذهبي 4/ 271، اللباب 2/ 77، المختصر المحتاج اليه من تاريخ بغداد 1/ 174، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 6/ 134.
والطالقاني: بفتح الطاء وسكون اللام وفتح القاف وبعد الألف نون، نسبة الى الطالقان، ولاية عند قزوين، يقال لها: طالقان قزوين. (اللباب لابن الأثير 2/ 76).
رضي الدين، أحد الأعلام، قال ابن النجار: كان رئيس أصحاب الشافعي وكان إماما في المذهب، والخلاف، والأصول، والتفسير، والوعظ كثير المحفوظ.
أملى الحديث، ووعظ، وصنف الكثير في التفسير والحديث والفقه وغيرها مطولا ومختصرا، وانتفع بعلمه أهل العلم وعوام المسلمين.
وسمع الكثير من أبي عبد الله الفراويّ (1)، وزاهر الشّحّاميّ، وهبة الله السّيّديّ، وأبي الفتح بن البطّيّ.
وتفقه على ملكداد، ومحمد بن يحيى، ودرس ببلده، وببغداد، وحدث بالكتب الكبار، وولي تدريس النظامية، وكان كثير العبادة والصلاة، دائم الذكر، دائم الصوم، له كل يوم ختمة.
وقال ابن الدّبيثي: كان له يد باسطة في النظر والاطلاع على العلوم والمعرفة بالحديث، وكان جمّاعة للفنون.
وقال الموفّق عبد اللطيف البغدادي: كان يعمل في اليوم والليلة ما يعجز المجتهد عن عمله في شهر. ولد سنة اثنتي عشرة وخمسمائة ومات في المحرم سنة تسعين.
30 -
أحمد بن بقيّ بن مخلد المالكي (2).
من أهل قرطبة، يكنى أبا عبد الله، سمع من أبيه، وكان زاهدا فاضلا مشاورا في الأحكام، وولي قضاء الجماعة مع الصلاة والخطبة.
كان حافظا للقرآن عالما بتفسيره وعلومه، قوي المعرفة باختلاف العلماء
(1) في الأصل «من أبي عبد الله والفراوي» تحريف، صوابه في: طبقات الشافعية للسبكي.
(2)
له ترجمة في: بغية الملتمس للصفي 160، جذوة المقتبس للحميدي 110، الديباج المذهب لابن فرحون 37، العبر للذهبي 2/ 200، النجوم الزاهرة 3/ 259.
فيه وكان أحمد بن عبد ربه يعده من عجائب الدنيا، كان نسيج وحده جامعا للخلال الرفيعة منفردا بها.
توفي سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.
31 -
أحمد بن أبي بكر بن عبد الوهاب القزويني الحنفي أبو عبد الله بديع الدين العلامة (1).
قال الشيخ عبد القادر القرشي في طبقات الحنفية: رأيت له «الجامع الحريز الحاوي لعلوم كتاب الله العزيز» كان مقيما بسيواس في سنة عشرين وستمائة.
32 -
أحمد بن أبي بكر بن عمر أبو العباس المعروف بالأحنف (2).
قال الخزرجي: كان فقيها ماهرا حافظا عارفا، صنف في التفسير والحديث واللغة، ودرس بالمدرسة الشرفية ثم المؤيدية بتعز، وانتفع به الناس.
مولده سنة إحدى وأربعين وستمائة، ومات لعشر بقين من جمادى الآخرة سنة سبع عشرة وسبعمائة.
33 -
أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله بن صبيح يعرف بابن المنادي أبو الحسين البغدادي (3).
(1) له ترجمة في: تاج التراجم لابن قطلوبغا 5، الجواهر المضيئة لعبد القادر القرشي 1/ 56، الطبقات السنية للغزي 1/ 330.
(2)
له ترجمة في: العقود اللؤلؤية للخزرجي 1/ 423.
(3)
له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 11/ 219، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 4/ 69، تذكرة الحفاظ 2/ 849، طبقات القراء لابن الجزري 1/ 44، طبقات القراء للذهبي 1/ 229، العبر للذهبي 2/ 242، الفهرست لابن النديم 38، المنتظم لابن الجوزي 6/ 357، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3/ 295.
قال الداني: مقرئ جليل، غاية في الضبط والإتقان، فصيح اللسان، عالم بالآثار، ونهاية في علم العربيّة، صاحب سنة، ثقة مأمون.
سمع جدّه وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأخذ القراءة عن عبيد الله بن محمد بن أبي محمد اليزيديّ، والفضل بن مخلد الدقاق، وأبي أيوب الضبي، وغيرهم.
وعنه [أحمد بن](1) نصر الشّذائيّ، وعبد الواحد بن عمر وجماعة.
وله مائة ونيف وعشرون كتابا في علوم متفرقة، وكان الغالب عليه علوم القرآن. مات قبل سنة عشرين وثلاثمائة.
ومن تأليفه كتاب «دعاء أنواع الاستعاذات من سائر الآفات والعاهات» و «كتاب اختلاف العدد» (2).
34 -
أحمد بن الحسن بن أحمد بن الحسن بن أنوشروان قاضي القضاة جلال الدين أبو المفاخر ابن قاضي [القضاة](3) حسام الدين ابن قاضي القضاة تاج الدين أبو المفاخر الرّازيّ ثم الرّومي الحنفي (4).
(1) تكملة عن:
(2)
الفهرست لابن النديم، وفيه أن وفاته سنة 334 هـ.
(3)
تكملة عن: الطبقات السنية لتقي الدين الغزي.
(4)
له ترجمة في البداية والنهاية لابن كثير 14/ 214، الجواهر المضيئة للقرشي 1/ 63، الدرر الكامنة لابن حجر 1/ 126، الطبقات السنية 1/ 374، الفوائد البهية 16، قضاة دمشق لابن طولون 192، المقفى للمقريزي، ميكروفيلم بالجامعة العربية رقم 510 تاريخ، ورقة 73 أ. النجوم الزاهرة 10/ 109.
مولده في سنة إحدى وخمسين وستمائة، بمدينة أنكوريّة (1) من بلاد الرّوم.
وتفقه على أبيه وغيره، وبرع في الفقه والتفسير والنحو، وولي القضاء بخرت برت (2)، وعمره سبع عشرة سنة.
وقدم مع أبيه دمشق واستقر في قضاء قضاة الحنفية بها عوضا عن أبيه لما توجه إلى مصر في ثاني صفر سنة ست وتسعين وستمائة، ودرس وأفتى وعمي في آخر عمره. وتوفي يوم الجمعة تاسع عشر شهر رجب سنة خمس وأربعين وسبعمائة.
قال الشهاب أحمد (3) بن يحيى بن فضل الله العمري: وهو كبير المروءة لقصّاده، حسن المعاشرة، طيب الأخلاق، طيب النفس جدا.
وله نيف وسبعون سنة يدرس بدمشق، وغالب مفتي مذهبه من الحكّام والمدرسين كانوا فقهاء عنده، وقل منهم من درس وأفتى بغير خطه.
حكى لي أعجوبة جرت له، قال: كان والدي [قد](4) سفرني
(1) تسميها العرب انكورية، ضبطها أبو الفداء إسماعيل في تقويم البلدان فقال:(بفتح الهمزة وسكون النون وضم الكاف وسكون الواو وكسر الراء المهملة ثم ياء مثناة تحتية وهاء في الآخر).
وأنقرة: كانت باقليم غلاطية القديمة بآسيا الصغرى (الاناضول). وفيها دفن امرؤ القيس الشاعر المشهور سنة 565 م. وافتتحها المعتصم الخليفة العباسي سنة 223 هـ.
وعندها أسر تيمورلنك السلطان بايزيد العثماني سنة 1117 هـ 1401 م. وهي الآن مقر الحكومة التركية. (حواشي النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 10/ 109).
(2)
في الأصل: «خربرت» ، والصواب في: النجوم الزاهرة لابن تغري بردي، والجواهر المضيئة، وقضاة دمشق لابن طولون.
(3)
في الأصل: «قال الشهاب بن أحمد» ، تحريف، صوابه في: حسن المحاضرة، والدرر الكامنة.
(4)
تكملة عن مسالك الأبصار.
لإحضار أهله من الشرق، فلما جزت البيرة ألجأنا المطر إلى أن نمنا في مغارة، وكنت في جماعة، فبينما أنا نائم إذا بشيء يوقظني، فانتبهت فإذا بامرأة وسط من النساء لها عين واحدة مشقوقة بالطول، فارتعت، فقالت ما عليك، إنما أتيتك لتتزوج ابنة لي كالقمر، فقلت لخوفي منها: على خيرة الله، ثم نظرت، فإذا برجال قد أقبلوا كهيئة المرأة التي أتتني، عيونهم كلّهم مشقوقة بالطول في هيئة قاض وشهود، فخطب القاضي، وعقد، فقبلت. ثم نهضوا، وعادت المرأة، ومعها جارية حسناء إلا أن عينها مثل عين أمها، وتركتها عندي وانصرفت، فزاد خوفي واستيحاشي، وبقيت أرمي من معي بالحجارة لينتبهوا فما انتبه والله واحد منهم (1)، فأقبلت علي بالدعاء والتضرع، ثم آن الرحيل فرحلنا وتلك الشابة لا تفارقني، فدمت على هذا ثلاثة أيام وأنا مقبل على الدعاء والتضرع، فلما كان في اليوم الرابع أتتني المرأة، وقالت: كأنّ هذه الشّابّة ما أعجبتك؟ وكأنك تختار فراقها، فقلت أي والله، فقالت:
طلقها فطلقتها فانصرفتا ثم [لم](2) أرهما، قال: فسألته إن كان أفضى إليها فزعم أن لا.
ولما قدم السلطان الملك الناصر محمد بن قلاون من الكرك سنة تسع وسبعمائة (3) تردد إليه ونفق عليه، فجلس مرة هو والقضاة إلى جانبه وقت صلاة الجمعة بالميدان الصغير، فقرأ القارئ عشرا، فسأل السلطان عن معنى آية منه فلم يحر القضاة جوابا، فقال هو للسلطان بالتركي: هؤلاء حمير، ما فيهم من يعرف التفسير، ثم أخذ يفسرها له بالتركي، فقال له: لم لا تقول بالعربي؟ فقال: لأن هؤلاء ما هم أهل لأن أعلمهم، وإنما الخطيب يعرف،
(1) في مسالك الأبصار لابن فضل الله العمري، والمقفى للمقريزي:«فما انتبه والله ولا واحد منهم» .
(2)
تكملة عن المقفى، ومسالك الأبصار.
(3)
في الأصل «سنة تسع وسبعين وسبعمائة» والصواب في المقفى.
يريد جلال الدين القزوينيّ، وسيتفرج مولانا السلطان عليّ وعليه، ويظهر له ذلك الوقت جهل هؤلاء القضاة، فضحك السلطان وجميع من حضر، ثم نزل الخطيب وصلى، فلما فرع طلبه السلطان، وأعاد السلطان (1). فتكلم هو والرازي وتناظرا والقضاة سكوت وقد سقطوا من الأعين كلها، وكان الاستظهار للرازي.
35 -
أحمد بن حسين بن علي بن رسلان الشيخ شهاب الدين الرملي الشهير بابن رسلان الشافعي (2).
الإمام العالم العلامة الزاهد الرباني العارف بالله المنقطع [إليه](3) بركة البلاد القدسية.
ولد سنة ثلاث أو خمس وسبعين وسبعمائة بالرملة، ونشأ بها، وحفظ القرآن، وكان أبوه تاجرا وأجلسه في حانوت ليبيع البز فيها، وكان يقبل على المطالعة ويهمل أمرها فظهرت فيها الخسارة، فلامه والده على ذلك، فقال: أنا لا أصلح إلا للمطالعة. فأسلم إليه قياده ولازم الاشتغال، فأخذ النحو عن شخص مغربي قدم عليهم، وتفقه على [الشيخ شمس الدين](4) القلقشندي.
وشارك في جميع الفنون إلى أن صار إماما عالما في كل منها؛ لكثرة مذاكرته بما يعرفه، وقصده الخير، وهو مع ذلك شديد الملازمة للخيرات والعبادة، لا تعرف له صبوة، وهو تارة في القدس، وتارة في الرملة، لا تخلو سنة من السنين عن المرابطة على جانب البحر بالأسلحة الجيدة، ويحث
(1) في المقفى، ومسالك الأبصار:«وأعاد السؤال» .
(2)
له ترجمة في: الأنس الجليل لمجير الدين الحنبلي 2/ 174، البدر الطالع للشوكاني 1/ 49، الضوء اللامع للسحاوي 1/ 282، عنوان الزمان للبقاعي 1/ 40.
(3)
تكملة عن: عنوان الزمان.
(4)
بياض في الأصل، أكملته عن: الأنس الجليل، والضوء اللامع.
أصحابه على الشجاعة ومعالي الأخلاق، ويدعو إلى الله سرا وجهرا، ويأخذ على أيدي الظلمة، مع محبة الخمول والشغف بعدم الظهور، ولا يقبل لأحد شيئا، عرضت عليه أشياء من زينة الدنيا فلم يقبل منها شيئا.
وانتفع به خلق كثير، منهم الشيخ الإمام العلامة أبو الأسباط أحمد (1).
وله تصانيف كثيرة نافعة: من أجلها: «شرح سنن أبي داود» في أحد عشر مجلدا، «واختصره بضبط ألفاظه» و «شرح جمع الجوامع» في مجلد، و «شرح منهاج البيضاوي» في مجلدين، وله «تصحيح على الحاوي» و «ألفية نظم في الفقه» عظيمة الجدوى، اعتمد فيها غالبا على «زبد البارزي» (2) وسماها «صفوة الزبد وإيضاحها» في مجلد، و «شرح السيرة النبوية» نظم العراقي (3)، و «اختصار شرح- العراقي- البخاري» وصل فيه إلى الحج، و «شرح أحاديث ابن أبي حمزة» في مجلد، و «قطعة من ضبط ألفاظ الشفاء» للقاضي عياض، «وقطعة من شرح البهجة» لابن الوردي، و «شرح الحاوي» لم يكمل، و «وقطعة من شرح الملحة» من حروف الجر إلى آخر الكتاب، و «قطع متفرقة من تفسير القرآن العظيم» و «استشكالات على التنقيح والكرماني» كمل منها مجلد، «مختصر حياة الحيوان للدميري» مع زيادات فيه، و «قطعة من النباتات» .
(1) هو: أحمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن أحمد بن منصور بن نعيم، الشهاب أبو الأسباط العامري الرملي، ولد سنة 805 هـ، وقرأ معظم القرآن عند الشهاب بن رسلان وصحبه الى أن مات، توفي سنة 877. (الضوء اللامع للسحاوي 1/ 327).
(2)
هبة الله بن عبد الرحيم بن إبراهيم الشيخ شرف الدين أبو القاسم البارزي، له تصانيف كثيرة منها: الزبد في الفقه، ولد سنة 645 هـ. ومات سنة 738 هـ. (الدرر الكامنة لابن حجر 5/ 174).
(3)
هو: الحافظ زين الدين عبد الرحيم بن الحسن بن عبد الرحمن بن أبي بكر بن إبراهيم العراقي من تصانيفه: نظم منهاج البيضاوي، ونظم السيرة النبوية، ولد سنة 725 هـ.
وتوفي سنة 806. (ذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي 370).
وسمع «البخاري» أجمع على أبي الخير (1) ابن الحافظ صلاح الدين خليل بن كيكلدي العلائي، أنبأنا الحجّار، أنبأنا الزّبيديّ، أنبأنا أبو الوقت: أنبأنا الداوديّ (2) أنبأنا الحمّويي (3) أنبأنا الفربريّ، أنبأنا البخاريّ.
و «الموطّأ» رواية يحيى بن بكير، على السراج أبي حفص عمر بن محمد ابن علي الصالحي ثم البصروي المعروف بابن الزراتيتي.
ومن نظمه:
لفاتحة أسماء عشر وواحد
…
فأم كتاب والقرآن ووافيه
صلاة مع الحمد الأساس ورقية
…
شفاء كذا السبع المثاني وكافيه
وله أيضا:
تواضع وكن في الناس سهلا ميسرا
…
لتلقى لهم من فيك درا وجوهرا
وإياك يبس الطبع فيهم ترفّعا
…
عليهم فترمى بالقبيح وتزدرى
(1) أحمد بن خليل بن كيكلدي الشهاب أبو الخير بن الحفاظ الصلاح أبي سعيد العلائي الدمشقي ثم المقدسي الشافعي، ولد سنة 723 هـ بدمشق، سمع من الحجار، وسمع منه الأئمة كابن رسلان، توفي سنة 802 هـ. (الضوء اللامع للسحاوي 1/ 296).
(2)
بفتح الدال وسكون الألف وضم الواو الأولى وسكون الثانية، وفي آخرها دال أخرى، نسبة الى من اسمه داود من الآباء.
والداودي هو: أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر بن محمد بن داود الداوديّ البوشنجي، سمع أبا محمد الحمويي البوشنجي. روى عنه أبو الوقت السجزي صحيح البخاري عاليا. ولد سنة 374 هـ، وتوفي سنة 467 هـ. (اللباب لابن الأثير 1/ 407).
(3)
في الأصل «الحموي» وكذا في عنوان الزمان للبقاعي، وكلاهما تحريف، والصواب في:
اللباب. والحمويي: بفتح الحاء وتشديد الميم وضمها وسكون الواو وفي آخرها ياء، نسبة الى الجد، اشتهر بها أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي الحمويي نزيل فوشنج، سمع من محمد بن يوسف الفربري صحيح البخاري. توفي بعد سنة 380 هـ. (اللباب لابن الأثير 1/ 321).
أما ترى الزرع في سهل البقاع نما
…
وفي الصخور فلا زرعا ولا ثمرا
ورافع الرأس نحو السقف يلطمها
…
ومن يطأطئه في ظله استترا
هكذا أنشد هذه الأبيات، والأولان من بحر طويل، والأخيران من البسيط.
قال البقاعيّ في معجمه (1) فلو قال عوضهما:
أما تنظر سهل الربا فزروعها
…
زكت، وبصخر لست من مثمر ترى
ومن يبتغي سقفا برأس يؤمه
…
بلطم ومن طأطأه في ظله جرى
لكانت جميعا من بحر الطويل، وهما كما ترى موفيان بالمعنى. مات بالقدس الشريف ثاني عشر من شعبان سنة أربع وأربعين وثمانمائة.
36 -
أحمد بن خلف بن عيشون بن خيار أبو العباس الجذامي الإشبيلي المجود، لقب بذلك لحسن أدائه، له مصنف في:«الناسخ والمنسوخ» ، ................ ................ ....... (2)
(1) عنوان الزمان للبقاعي 1/ 43.
(2)
بياض في الأصل، وفي حاشية الأصل «تكمل هذه الترجمة من طبقات القراء للذهبي» وهذه ترجمته كاملة من طبقات القراء للذهبي 1/ 390 «أحمد بن خلف بن عيشون بن خيار، أبو العباس الجذامي الإشبيلي، المقرئ الأستاذ. أخذ القراءات، عن أبي عبد الله محمد بن شريح، وأبي الحسن العبسي، وأبي عبد الله السرقسطي، ومحمد بن يحيى العبدي.
وتصدر للاقراء في أيام أبي داود بن سليمان بن نجاح، وطال عمره، وأخذ عنه جعفر بن الباذش، وأبو بكر بن خير، وعبد العزيز السمعاني، ونجية ابن يحيى وآخرون. وكان يلقب بالمجود لحسن أدائه، وله مصنف في «الناسخ والمنسوخ» . توفي في رجب سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، عن سبع وستين سنة» وانظر ترجمته في: بغية الملتمس للضبي 164، التكملة لكتاب الصلة لابن الأبار 1/ 38، ذيل الموصول والصلة للمراكشي 1/ 107، طبقات القراء لابن الجرزي 1/ 52.
وقد جاء في الأصل «ابن عيسون» وكذا في طبقات القراء للذهبي، وكلاهما تحريف، وضبطه المراكشي في ذيل الموصول والصلة بالعين المفتوحة والياء الساكنة والشين المعجمة المضمومة وواو مد ونون.
37 -
أحمد بن داود بن ونند أبو حنيفة الدينوري (1).
كان نحويا لغويا مع الحساب والهندسة، راوية ثقة ورعا زاهدا، أخذ عن البصريين والكوفيين. وأكثر عن ابن السكيت.
وصنّف: «تفسير القرآن» ، كتاب «الباه» ، «لحن العامة» ، «الشعر والشعراء» ، «الأنواء» ، «النبات» لم يؤلف في معناه مثله، «إصلاح المنطق» ، «الفصاحة» ، «الجبر والمقابلة» ، «البلدان» ، «الرد على لغزة» بالغين المعجمة ويقال بالكاف، واسمه الحسن بن عبد الله الأصبهاني. وغير ذلك؛ وكان من نوادر الرجال؛ ممن جمع بين بيان العرب وحكم الفلاسفة.
مات في جمادى الأولى سنة إحدى- أو اثنتين- وثمانين، وقيل سنة تسعين ومائتين.
38 -
أحمد بن سعد بن محمد أبو العباس العسكري الأندرشي الصوفيّ (2).
قال الصفدي: شيخ العربية بدمشق في زمانه، أخذ عن أبي حيّان وأبي جعفر بن الزيات، وكان منجمعا عن الناس، حضر يوما عند الشيخ تقيّ الدين السّبكي بعد إمساك الأمير تنكز بخمس سنين، فذكر إمساكه، فقال:
وتنكز أمسك؟ فقيل له: نعم، وجاء بعده ثلاثة نوّاب أو أربعة، فقال: ما علمت بشيء من هذا؛ فعجبوا منه ومن انجماعه وانقباضه.
وكان بارعا في النحو، مشاركا في الفضائل، تلا على الصائغ وشرح «التسهيل» ، واختصر «تهذيب الكمال» ، وشرع في «تفسير كبير» .
(1) له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 1/ 41، الجواهر المضيئة لعبد القادر بن محمد القرشي 1/ 67، الفهرست لابن النديم 78، معجم الأدباء لياقوت 1/ 123، نزهة الألباء 240.
(2)
له ترجمة في: الدرر الكامنة لابن حجر 1/ 145، طبقات القراء لابن الجزري 1/ 56.
مولده بعد التسعين وستمائة، ومات بعلّة الإسهال في ذي القعدة سنة خمسين وسبعمائة.
39 -
أحمد بن سهل أبو زيد البلخيّ (1).
صاحب التصانيف المشهورة.
قال النديم في الفهرست: كان فاضلا في علوم كثيرة، وكان يسلك طريق الفلاسفة، ويقال له؛ جاحظ زمانه، وكان يرمى بالإلحاد.
يحكى عن أبي القاسم البلخي أنه قال: هذا رجل مظلوم، وإنما هو موحد يعني معتزليا، وأنا أعرف به من غيري، وقد نشأنا معا وقرأنا المنطق.
وذكر الإمام فخر الدين الرازي في شرح الأسماء أن أبا زيد هذا طعن في عدة أحاديث صحيحة، منها حديث (إنّ لله تسعة وتسعين اسما (2)).
ويظهر في غضون كلامه ما يدل على الانحلال من الازدراء بأهل العلوم الشرعية وغير ذلك.
وقد بالغ أبو حيان التوحيدي في إطرائه والرفع من قدره، وأورد من ذلك في كتابه «تقريظ الجاحظ» .
وذكر ياقوت: أنه كان يسلك في مصنفاته طريقة الفلاسفة، إلا أنه بأهل الأدب أشبه، وكان قيّما بجميع العلوم القديمة والحديثة.
ويقال أنه قام في رحلته ثماني سنين، وأخذ عن يعقوب بن إسحاق
(1) له ترجمة في: الفهرست لابن النديم 138، لسان الميزان للذهبي 1/ 183، معجم الأدباء لياقوت 1/ 141.
(2)
صحيح مسلم، كتاب الذكر والدعاء، باب في أسماء الله تعالى، ص 2063. والحديث هناك بتمامه «إن لله تسعة وتسعين اسما، مائة إلا واحدا، من أحصاها دخل الجنة».
الفلسفة وأقام مدة على مذهب الإمامية ثم رجع، ويقال: إنه دخل العراق وتتلمذ ليعقوب بن إسحاق الكندي.
ووصفه أبو محمد الوزيريّ: بأنه كان ذا هيبة ووقار، واسع الكلام في الرسائل.
ونقل التوحيدي: أن أبا حامد المروزيّ أثنى على تصنيف أبي زيد في التفسير.
ولأبي زيد من الكتب: «فضائل مكة على سائر البقاع» و «القرابين والذبائح» و «عصمة الأنبياء» و «نظم القرآن» و «غريب القرآن» و «بيان أن سورة الحمد تنوب عن جميع القرآن» و «السياسة» و «المصادر» ، و «البحث عن التأويلات» و «أدب السلطان» و «أخلاق الأمم» و «فضائل بلخ» و «الحروف المقطّعة في أوائل السور» و «كتاب أسماء الله وصفاته» و «أقسام العلوم» و «النحو والتصريف» ، «المختصر في اللغة» ، «قوارع القرآن» ، «ما أغلق من غريب القرآن» ، «صناعة الشعر» ، «فضل صناعة الكتابة» ، «فضيلة علم الأخبار» ، «أسامي الأشياء» ، «كتاب الأسماء والكنى والألقاب» ، «كتاب النوادر في فنون شتّى» ، «كتاب في تفسير الفاتحة» ، وغير ذلك.
مات ليلة السبت لتسع بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة عن بضع وثمانين سنة.
40 -
أحمد بن سعيد بن غالب الأموي (1).
من أهل طليطلة؛ يكنى أبا جعفر، ويعرف: بابن اللّورانكي.
(1) له ترجمة في: ترتيب المدارك للقاضي عياض 4/ 819، الصلة لابن بشكوال 1/ 67.
كان من أهل الأدب والفرائض واللغة، دريا بالفتيا، مشاورا في الأحكام، فقيها في المسائل، مشاركا في شرح الحديث والتفسير. وكان متواضعا. توفي في شوال سنة تسع وستين وأربعمائة، وصلى عليه عبد الرحمن ابن مغيث رحمه الله تعالى.
41 -
أحمد بن صدقة بن أحمد بن حسن (1) بن عبد الله بن محمد بن محمد الشيخ الإمام العلامة، أحد أذكياء الدهر ونادرة العصر، شهاب الدين المعروف بابن الصيرفي (2)، المصري، الشافعي. ولد في سابع ذي الحجة سنة تسع وعشرين وثمانمائة.
سمع الحديث على الحافظ ابن حجر، وقرأ عليه «شرح النخبة» ، وأتقن القراءات والفقه والأصلين، والعربية، والمعاني والبيان والبديع، وفن الأدب، والمنطق، والصرف، والفرائض والحساب، والجبر والمقابلة، والهندسة والهيئة، والحكمة، والحساب المفتوح، والفلك، والمقنطرات، على أشياخ كثيرين منهم: الجلال المحليّ، والمناوي، والعلم البلقينيّ، والأبوتيجي، والحناويّ، والكافيجي، والشرواني، وابن المجديّ، والعلاء القلقشندي، والبدر العينيّ، والتقي الحصنيّ وغيرهم.
وأخذ عنه الفضلاء بالقاهرة ومكة، وناب في القضاء عن المناوي فمن بعده، وأتقن المنقولات والمعقولات.
وصنّف التصانيف المفيدة، «كشرحه على التبريزي» ، و «نظم الإرشاد لابن المقري» وسماه «عين الرشاد» ، وشرحه، و «شرح الورقة في أصول الفقه» للامام عز الدين بن جماعة، و «الكافي في العروض» و «مقدمة في
(1) في الضوء اللامع «حسين» .
(2)
له ترجمة في: بدائع الزهور لابن إياس 2/ 365، الضوء اللامع للسحاوي 1/ 316.
الفلك» و «نظم النخبة» لشيخه ابن حجر، وسماها:«عنوان معاني نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر» ، و «الحاوي في الحساب لابن الهائم» ، وشرح أصله، ونظم في القراءات «قصيدة على روي الشاطبية» ووزنها وأبوابها جمع ما تفرد به كل من الكتب الثلاثة:«التيسير» و «العنوان» و «الشاطبية» ، وله «منظومة في العروض» وأخرى في «أصول الفقه» ، و «ديوان شعر» و «تفسير مزج على القرآن العظيم» ، وله «كتابة على ديوان ابن الفارض» ونظم أشياء في تائيته وهو من رءوس الذابين عن كلامه، الرافعين لأعلامه، وغير ذلك.
وكان من محاسن الزمان، مع التواضع المفرط والاعتقاد في الصوفية بتأويل مشكل كلامهم، وحج غير مرة. ومات في منتصف شعبان سنة خمس وتسعمائة، ودفن بتربة بإزاء ضريح ابن الفارض رحمه الله.
42 -
أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الخضر بن محمد بن تيمية الحراني (1).
ثم الدمشقي الحنبلي، الإمام العلامة الفقيه المجتهد الناقد المفسر البارع الأصولي شيخ الإسلام علم الزهاد نادرة دهره تقي الدين أبو العباس، ابن المفتي شهاب الدين عبد الحليم، ابن الإمام المجتهد شيخ الإسلام مجد الدين، شهرته تغني عن الإطناب في ذكره، والإسهاب في أمره.
ولد يوم الاثنين عاشر ربيع الأول سنة إحدى وستين وستمائة بحران،
(1) له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 14/ 163، البدر الطالع للشوكاني 1/ 63، تذكرة الحفاظ للذهبي 4/ 1496، الدرر الكامنة لابن حجر 1/ 154، الذيل على طبقات الحنابلة 2/ 387، فوات الوفيات
1/ 62، مرآة الجنان لليافعي 4/ 277، المقفي للمقريزي ميكروفيلم بالجامعة العربية رقم 510 تاريخ ورقة 96 ب، المنهل الصافي 1/ 336، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 9/ 271.
وقدم به والده وبإخوته إلى دمشق، عند استيلاء التتار على البلاد سنة سبع وستين. فسمع بها من ابن عبد الدائم، وابن أبي اليسر، والمجد بن عساكر، ويحيى بن الصيرفي الفقيه. وابن أبي الخير الحداد، والقاسم الإربليّ، والشيخ شمس الدين بن أبي عمر والمسلم بن علان، وإبراهيم بن الدرجي؛ وخلق.
وعني بالحديث، وسمع «المسند» مرات، والكتب الستة، و «معجم الطبراني» الكبير، وما لا يحصى من الكتب والأجزاء.
وقرأ بنفسه، وكتب بخطه جملة من الأجزاء، وأقبل على العلوم في صغره. فأخذ الفقه والأصول عن والده، وعن الشيخ شمس الدين بن أبي عمر، والشيخ زين الدين بن المنجا. وبرع في ذلك.
وقرأ في العربية أياما على ابن عبد القوي، ثم أخذ «كتاب سيبويه» ، فتأمله ففهمه.
وأقبل على تفسير القرآن الكريم، وبرز فيه، وأحكم أصول الفقه.
والفرائض والحساب والجبر والمقابلة، وغير ذلك من العلوم، ونظر في علم الكلام والفلسفة وبرز في ذلك على أهله، ورد على رؤسائهم وأكابرهم، ومهر في هذه الفضائل.
وتأهل للفتوى والتدريس، وله دون العشرين سنة، وأفتى من قبل العشرين أيضا، وأمده الله بكثرة الكتب وسرعة الحفظ، وقوة الإدراك والفهم، وبطء النسيان، حتى قال غير واحد: إنه لم يكن يحفظ شيئا فينساه، ثم توفي والده وكان له حينئذ إحدى وعشرين سنة. فقام بوظائفه بعده، فدرس بدار الحديث السكرية في أول سنة ثلاث وثمانين.
وحضر عنده قاضي القضاة بهاء الدين بن الزكي. والشيخ تاج الدين
الفزاري، وزين الدين بن المرحل (1). والشيخ زين الدين بن المنجا، وجماعة، وذكر درسا عظيما في البسملة. وهو مشهور بين الناس، وعظّمه الجماعة الحاضرون، وأثنوا عليه ثناء كثيرا.
قال الذهبي: وكان الشيخ تاج الدين الفزاري، يبالغ في تعظيمه، بحيث أنه علق بخطه درسه بالسكرية، ثم جلس عقب ذلك مكان والده بالجامع على منبر أيام الجمع، لتفسير القرآن العظيم، وشرع من أول القرآن، وكان يورد من حفظه في المجلس نحو كراسين أو أكثر، وبقي يفسر في سورة نوح عليه السلام، عدة سنين أياما يوم أجمع. وفي سنة تسعين: ذكر على الكرسي يوم جمعة شيئا من الصفات، فقام بعض المخالفين، وسعوا في منعه من الجلوس، فلم يمكنهم ذلك.
وقال قاضي القضاة شهاب الدين بن الخويّيّ: أنا على اعتقاد الشيخ تقي الدين، فعوتب في ذلك. فقال: لأن ذهنه صحيح، ومواده كثيرة. فهو لا يقول إلا الصحيح، فقال الشيخ شرف الدين المقدسي: أنا أرجو بركته ودعاءه، وهو صاحبي وأخي، ذكر ذلك البرزالي في «تاريخه» .
وشرع الشيخ في الجمع والتصنيف من دون العشرين، ولم يزل في علو وازدياد من العلم والقدر إلى آخر عمره.
قال الذهبي في «معجم شيوخه» : برع في تفسير القرآن، وغاص في دقيق معانيه بطبع سيال، وخاطر إلى مواقع الإشكال ميّال، واستنبط منه أشياء لم يسبق إليها. وبرع في الحديث وحفظه، فقلّ من يحفظ ما يحفظه
(1) في الأصل «ابن المرجل» تحريف، والصواب في «المقفى» للمقريزي وهو: زين الدين أبو حفص عمر بن مكي بن عبد الصمد. كان من علماء زمانه، دينا متمسكا بطريقة السلف، درس وأفتى وناظر، وولي خطابة دمشق. مات في ربيع الأول سنة 691 هـ.
(حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 419).
معزوا إلى أصوله وصحابته، مع شدة استحضار له وقت إقامة الدليل، وفاق الناس في معرفة الفقه واختلاف المذاهب، وفتاوى الصحابة والتابعين، بحيث أنه إذا أفتى لم يلتزم بمذهب بل بما يقوم دليله عنده، وأتقن العربية أصولا وفروعا وتعليلا واختلافا، ونظر في العقليات، وعرف أقوال المتكلمين، وردّ عليهم، ونبه على أخطائهم، وحذّر منهم، ونصر السنة بأوضح حجج وأبهر براهين.
وأوذي في ذات الله من المخالفين، وأخيف في نصر السنة المحضة، حتى أعلى الله مناره، وجمع قلوب أهل التقوى على محبته والدعاء له، وكبت أعداءه، وهدى به رجالا من أهل الملل والنحل، وجبل قلوب الملوك والأمراء على الانقياد له غالبا، وعلى طاعته، وأحيى به الشام، بل الإسلام، بعد أن كاد ينثلم بتثبيت أولي الأمر لما أقبل حزب التتر والبغي في خيلائهم، فظنت بالله الظنون، وزلزل المؤمنون، واشرأبّ النفاق وأبدى صفحته، ومحاسنه كثيرة، وهو أكبر من أن ينبه على سيرته مثلي، فلو حلفت بين الركن والمقام، لحلفت: أني ما رأيت بعيني مثله، وأنه ما رأى مثل نفسه.
قال الذهبي: وقد قرأت بخط شيخنا العلامة كمال الدين بن الزملكاني، ما كتبه سنة بضع وتسعين تحت اسم «ابن تيمية» كان إذا سئل عن فن من العلم ظن الرائي والسامع: أنه لا يعرف غير ذلك الفن، وحكم أن أحدا لا يعرفه مثله.
وكان الفقهاء من سائر الوظائف إذا جالسوه استفادوا في مذاهبهم منه أشياء كثيرة، ولا يعرف أنه ناظر أحدا فانقطع معه، ولا تكلم في علم من العلوم- سواء كان من علم
الشرع أو غيره- إلا فاق فيه أهله، واجتمعت فيه شروط الاجتهاد على وجهها.
وأما تصانيفه رحمه الله فهي أشهر من أن تذكر، وأعرف من أن تنكر.
سارت مسير الشمس في الأقطار، وامتلأت بها البلاد والأمصار، قد جاوزت حد الكثرة، فلا يمكن أحد حصرها، ولا يتسع هذا الكلام لعد المعروف منها ولا ذكرها. وقد بلغت ثلاثمائة مجلدة.
وكتب بخطه من التصانيف والتعاليق المفيدة. والفتاوى المشبعة في الأفرع والأصول والحديث ورد البدع بالكتاب والسنة شيئا كثيرا، يبلغ عدة احمال، فمما كمل منها «كتاب الصارم المسلول على منتقص الرسول» و «كتاب تبطيل التحليل» و «كتاب اقتضاء الصراط المستقيم» و «كتاب تأسيس التقديس» في عدة مجلدات، و «كتاب الرد على طوائف الشيعة» أربع مجلدات. و «كتاب رفع الملام عن الأئمة الأعلام» ، و «كتاب السياسة الشرعية» ، و «كتاب التصوف» ، و «كتاب الكلم الطيب» ، و «كتاب مناسك الحج» ، وغير ذلك.
وقد امتحن وأوذي مرارا ومات في سحر ليلة الاثنين والعشرين من ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمائة معتقلا بقلعة الشام، وقد وقع أجره على الله.
43 -
أحمد بن عبد الرحيم بن الحسين بن عبد الرحمن الحافظ ولي الدين أبو زرعة (1).
ابن الحافظ الكبير زين الدين العراقي الشافعي.
ولد في ذي الحجة سنة اثنتين وستين وسبعمائة، واعتنى به والده، وأسمعه الكثير من أصحاب الفخر البخاريّ وغيرهم، واستملى على أبيه،
(1) له ترجمة في: البدر الطالع للشوكاني 1/ 72، حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 363، ذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي 284 رفع الأصر لابن تغري بردي 1/ 81، الضوء اللامع للسحاوي 1/ 336، المنهل الصافي لابن تغري بردي 1/ 312.
ولازم البلقينيّ في الفقه وغيره، وتخرج به، وأخذ عن البرهان الأبناسيّ، وابن الملقن، والضياء القزوينيّ، وغيرهم.
وبرع في الفنون، وكان إماما محدّثا حافظا فقيها محققا أصوليا صالحا له الخبرة التامة بالتفسير والعربية.
وصنف التصانيف الكثيرة والنافعة «كشرح سنن أبي داود» لم يتم و «شرح البهجة في الفقه» ، و «مختصر المهذب» ، و «النكت على الحاوي» ، و «التنبيه» و «شرح جمع الجوامع في الأصول» ، «وحاشية على الكشاف» ، و «نكت الأطراف» و «المهمات» ، و «أشياء في الحديث» ، وأملى أكثر من ستمائة مجلس، وولي القضاء بالديار المصرية بعد الجلال البلقيني. مات في السابع والعشرين من شعبان سنة ست وعشرين وثمانمائة.
44 -
أحمد بن أبي الفرج عبد الله بن شهاب الدين المعروف بابن البابا فرج النجيبي الشافعي (1).
برع في الفقه، وقال الشعر الجيد، وأتقن العربية، وقرأ بالسبع، وعرف التفسير. والحديث والأصلين والطب، وكتب الخط الحسن، مع الدين والمروءة.
أخذ عن العلم العراقي وغيره، ودرّس الحديث بالقبة من خانقاه بيبرس.
ومات في آخر سنة تسع وأربعين وسبعمائة مطعونا.
ومن شعره قوله في قاضي القضاة بدر الدين محمد (2) بن جماعة وقد عزم على الحج فلما ركب بغلته سقط عن ظهرها فوقعت عمامته وانكشفت رأسه.
(1) له ترجمة في: ذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي 128، المقفى للمقريزي، ميكروفيلم بالجامعة العربية رقم 510 تاريخ، ورقة 120 ب.
(2)
في الأصل «بدر الدين بن محمد» تحريف، صوابه في: ذيل تذكرة الحفاظ.
شعر:
بشراك يا قاضي القضاة بحجة
…
تكسوك من حلل الكمال لبوسا (1)
قد شاقك الإحرام لما شقته
…
فأبى يقبل رأسك المحروسا
45 -
أحمد بن عبد القادر بن أحمد بن مكتوم بن أحمد بن محمد بن سليم ابن محمد القيسيّ تاج الدين أبو محمد الحنفي الفقيه النّحوي (2).
ولد في ذي الحجة سنة اثنتين وثمانين وستمائة، وأخذ النحو عن البهاء ابن النّحّاس، ولازم أبا حيّان دهرا طويلا، وتفقه على السّروجيّ وغيره، وتقدّم في الفقه والنحو واللغة، ودرّس وناب في الحكم، وكان سمع من الدّمياطي اتفاقا قبل أن يطلب، ثم أقبل على سماع الحديث ونسخ الأجزاء فأكثر عن أصحاب النّجيب،؟؟؟ علاق، وهذه الطبقة.
وقال في ذلك (3).
وعاب سماعي للحديث وبعد ما
…
كبرت أناس هم إلى العيب أقرب
وقالوا إمام في علوم كثيرة
…
يروح ويغدو سالما يتطلّب
فقلت مجيبا عن مقالتهم وقد
…
غدوت لجهل منهم أتعجّب
إذا استدرك الإنسان ما فات من علا
…
فللحزم يعزي لا إلى الجهل ينسب
وقد سمع منه ابن رافع وذكره في معجمه.
(1) المقفى للمقريزي.
(2)
له ترجمة في: تاج التراجم لابن قطلوبغا 12، الجواهر المضيئة لعبد القادر بن محمد القرشي 1/ 75، حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 470، الدرر الكامنة لابن حجر 1/ 186، الطبقات السنية 1/ 440، طبقات القراء للذهبي 2/ 602، المقفى ص 52، ميكروفيلم بالجامعة العربية رقم 510 تاريخ ورقة 105 أ.
(3)
الدرر الكامنة لابن حجر 1/ 186.
وله تصانيف منها: «الجمع بين العباب والمحكم في اللغة» ، «شرح الهداية في الفقه» ، «الجمع المثناة في أخبار اللغويين والنحاة» عشر مجلدات، «شرح كافية ابن الحاجب» ، «شرح شافيته» ، «شرح الفصيح» «الدر اللّقيط من البحر المحيط» في التفسير، قصره على مباحث أبي حيّان مع ابن عطية والزمخشريّ، «التذكرة» ثلاث مجلدات، سماها قيد الأوابد. مات في الطاعون العام في شهر رمضان سنة تسع وأربعين وسبعمائة.
ومن شعره (1):
ما على العالم المهذّب عار
…
إن غدا خاملا وذو الجهل سامي
فاللّباب الشّهيّ بالقشر خاف
…
ومصون الثمار تحت الكمام
والمقادير لا تلام بحال
…
والأماني حقيقة بالملام
وأخو الفهم من تزوّد للمو
…
ت وخلى الدنيا لنهب الطغام
ومنه (2):
نفضت يدي من الدنيا
…
ولم أضرع لمخلوق
لعلمي أن رزقي لا
…
يجاوزني لمرزوق
ومن عظمت جهالته
…
يرى فعلي من الموق
46 -
أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الله الرّبعيّ الباغاني المقرئ (3).
(1) الدرر الكامنة لابن حجر 1/ 187. البيتان الأولان فقط. والبيت الثالث في: المقفى للمقريزي، ورقة 105 أ.
(2)
الطبقات السنية لتقي الدين الغزي 1/ 442.
(3)
له ترجمة في ترتيب المدارك للقاضي عياض 4/ 680، الديباج المذهب لابن فرحون 38، الصلة لابن بشكوال 1/ 87.
ويكنى أبا العباس، مولده «بباغا» (1) مدينة بأقصى إفريقية، سنه خمس وأربعين وثلاثمائة، وقدّم إلى الأقراء بالمسجد الجامع بقرطبة واستأدبه المنصور محمد بن أبي عامر لابنه عبد الرحمن، ثم عتب عليه فأقصاه، ثم رقّاه المؤيد بالله هشام بن الحكم في دولته الثانية إلى خطة الشورى بقرطبة مكان أبي عمر الإشبيلي الفقيه على يد قاضيه أبي بكر بن واقد ولم يطل أمده.
وكان من أهل العلم والحفظ والذكاء، وكان في حفظه آية من آيات الله تعالى وكان بحرا من بحور العلم، وكان لا نظير له في حفظ القرآن قراءاته وإعرابه وأحكامه وناسخه ومنسوخه.
وله كتاب حسن في «أحكام القرآن» نحا فيه نحوا حسنا وهو على مذهب مالك رحمه الله تعالى.
وروى بمصر عن أبي الطبيب بن غلبون، وأبي بكر الأدفوي وغيرهما.
توفي في يوم الأحد لإحدى عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة إحدى وأربعمائة مع أبي عمرو (2) الاشبيليّ في عام واحد.
47 -
أحمد بن علي بن أحمد بن أفلح رزقون (3).
- بالراء المهملة (4) والزاي المعجمة بعدها- ابن سحنون المرسيّ الفقيه المالكي المقرئ.
(1) في الأصل «ببغاي» تحريف، والصواب في الصلة لابن بشكوال 1/ 87.
(2)
في الصلة: «أبي عمر» .
(3)
له ترجمة في: تاريخ الاسلام للذهبي، وفيات سنة 542، الديباج المذهب لابن فرحون 52، طبقات القراء لابن الجزري 1/ 83، طبقات القراء للذهبي 2/ 408، طبقات المفسرين للسيوطي 4.
(4)
وضبطه بتقديم الراء المهملة أيضا، ابن فرحون في: الديباج المذهب. وابن حجر، في تبصير المنتبه.
وفي طبقات القراء للذهبي، وطبقات القراء لابن الجزري «زرقون» وهو تحريف.
قال الذهبي: كان فقيها مشاورا حافظا محدثا مفسرا نحويا، سمع من أبي عبد الله بن الفرج الطلاعي، وأبي علي الغساني، وأخذ القراءات عن أبي الحسن بن الجزار الضّرير صاحب مكي، وتصدر للإقراء بالجزيرة الخضراء، وأخذ الناس عنه.
روى عنه أبو حفص بن عذرة، وابن خير، وجماعة، آخرهم أحمد بن أبي جعفر بن فطيس الغافقي. مات في ذي الحجة سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
[48]
أحمد بن علي بن أبي جعفر بن أبي صالح الإمام أبو جعفر البيهقيّ النحوي المفسر المعروف ببو جعفرك (1).
نزيل نيسابور وعالمها، قال ابن السمعاني، كان إماما في القراءة والتفسير والنحو واللغة.
له المصنفات المشهورة منها «تاج المصادر» ، سمع أحمد بن صاعد، وعلي ابن الحسن بن العباس الصندلي، وله تلامذة نجباء، وكان لا يخرج من بيته إلا [في](2) أوقات الصلوات، وكان يزار ويتبرّك به.
ولد في حدود السبعين وأربعمائة، ومات في آخر رمضان سنة أربع وأربعين وخمسمائة فرحمه الله تعالى.
49 -
أحمد بن علي المهرجاني المقرئ
…
(3) له «جوابات
(1) له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 1/ 89، طبقات المفسرين للأدنةوي ميكروفيلم بدار الكتب رقم 3466 ورقة 44 أ، طبقات المفسرين للسيوطي 4، معجم الأدباء لياقوت الحمويي 1/ 414. والبيهقي، بفتح الباء وسكون الياء: منسوب الى بيهق، وهي قرى مجتمعة بنواحي نيسابور. والكاف في «جعفرك» للتصغير، بالفارسية. قاله السيوطي في بغية الوعاة، وياقوت في معجم الأدباء.
(2)
تكملة عن: معجم الأدباء، وطبقات المفسرين للسيوطي.
(3)
بياض في الأصل وذكره ابن النديم في الفهرست ص 38 ولم يزد عن ذلك، فقال: أحمد ابن علي المهرجاني المقرئ، له:«جوابات القرآن» .
القرآن» ................ ........... (1)
................ ................ ........ (2)
50 -
أحمد بن علي أبو بكر الرازي الحنفي .......... (3)
توفي في العشر الأول من ذي الحجة سنة ست وسبعين وثلاث مائة.
صنف «أحكام القرآن» ، «شرح مختصر الطحاوي» ، «شرح الجامع الكبير» لمحمد بن الحسن، «شرح الجامع الكبير» النسخة الثانية، «المناسك» لطيف، ................ .......... (4)
51 -
أحمد بن عمار الإمام أبو العباس المهدوي (5).
نسبة إلى المهدية بالمغرب، أستاذ مشهور، رحل وقرأ على: محمد بن
(1) بياض في الأصل، وفي حاشية لعبد القادر بن محمد القرشي الأصل «تراجع ترجمته من طبقات الحنفية» .
جاءت ترجمته في الجواهر المضيئة لعبد القادر بن محمد القرشي 1/ 84: أحمد بن علي أبو بكر الرازي الامام الكبير الشأن المعروف بالجصاص وهو لقب له، ولد سنة 305 هـ.
سكن بغداد، وعنه أخذ فقهاؤها، قال الخطيب: كان أمام أصحاب أبي حنيفة في وقته، وكان مشهورا بالزهد. تفقه على أبي سهل الزجاج صاحب كتاب الرياضة. وله من المصنفات: أحكام القرآن، وشرح مختصر شيخه أبي الحسن الكرخي، وشرح مختصر الطحاوي، وشرح الجامع لمحمد بن الحسن، وشرح الأسماء الحسنى، قال ابن النجار: توفي في يوم الأحد سابع ذي الحجة سنة 370 هـ.
وانظر ترجمته في: تاج التراجم لابن قطلوبغا 6، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 4/ 314، تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 959، الفوائد البهية للكنوي 27، مفتاح السعادة 2/ 183، المنتظم لابن الجوزي 7/ 105، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 4/ 138.
(2)
بياض في الأصل، وفي حاشية لعبد القادر بن محمد القرشي الأصل «تراجع ترجمته من طبقات الحنفية» .
جاءت ترجمته في الجواهر المضيئة لعبد القادر بن محمد القرشي 1/ 84: أحمد بن علي أبو بكر الرازي الامام الكبير الشأن المعروف بالجصاص وهو لقب له، ولد سنة 305 هـ.
سكن بغداد، وعنه أخذ فقهاؤها، قال الخطيب: كان أمام أصحاب أبي حنيفة في وقته، وكان مشهورا بالزهد. تفقه على أبي سهل الزجاج صاحب كتاب الرياضة. وله من المصنفات: أحكام القرآن، وشرح مختصر شيخه أبي الحسن الكرخي، وشرح مختصر الطحاوي، وشرح الجامع لمحمد بن الحسن، وشرح الأسماء الحسنى، قال ابن النجار: توفي في يوم الأحد سابع ذي الحجة سنة 370 هـ.
وانظر ترجمته في: تاج التراجم لابن قطلوبغا 6، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 4/ 314، تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 959، الفوائد البهية للكنوي 27، مفتاح السعادة 2/ 183، المنتظم لابن الجوزي 7/ 105، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 4/ 138.
(3)
بياض في الأصل.
(4)
له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 1/ 91، الصلة لابن بشكوال 1/ 88، طبقات القراء لابن الجرزي 1/ 92، طبقات المفسرين للسيوطي 5، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1/ 227، مفتاح السعادة لطاش
كبرى زاده 2/ 84.
والمهدوي: نسبة الى المهدية، بينها وبين القيروان مرحلتان؛ بناها أحمد بن إسماعيل المهدي على ساحل البحر. (معجم البلدان لياقوت 4/ 694).
(5)
له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 1/ 91، الصلة لابن بشكوال 1/ 88، طبقات القراء لابن الجرزي 1/ 92، طبقات المفسرين للسيوطي 5، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1/ 227، مفتاح السعادة لطاش كبرى زاده 2/ 84.
والمهدوي: نسبة الى المهدية، بينها وبين القيروان مرحلتان؛ بناها أحمد بن إسماعيل المهدي على ساحل البحر. (معجم البلدان لياقوت 4/ 694).
سفيان، وعلى: جده لأمه مهدي بن إبراهيم، وأبي الحسن أحمد بن محمد القنطري بمكة.
ألف التواليف منها: «التفسير المشهور» ، «الهداية في القراءات السبع» ، وهو الذي ذكره الشاطي في باب الاستعاذة، روى عن أبي الحسن القابسي. قرأ عليه غانم بن الوليد، وغيره. قال الذهبي: توفي بعد الثلاثين وأربعمائة رحمه الله تعالى.
52 -
أحمد بن عمر بن هلال الربيعي (1).
نسبة إلى ربيعة الفرس بن نزار بن معد بن عدنان المالكي، إمام عادل فاضل متفنن في علوم شتى، كان فاضلا في الفقه والأصلين والعربية والمعاني والبيان.
سمع الحديث على: الشيخ تقي الدين بن عرّام وغيره، وتفقه بقاضي القضاة فخر الدين بن المخلطة (2)، وبسراج الدين عمر بن علي المراكشي، وبزين الدين أبي أحمد عبد الملك بن رستم السكندري، وأخذ الأصول عن الشيخ شمس الدين الأصبهاني، والعربية عن الإمام أثير الدين أبي حيّان.
ورحل من الإسكندرية إلى القاهرة. فأخذ بها الفقه عن الشيخ الولي العارف بالله تعالى عبد الله المنوفي، والإمام شرف الدين أبي موسى بن علي
(1) له ترجمة في: انباء الغمر لابن حجر 1/ 458، الدرر الكامنة لابن حجر 1/ 246، الديباج المذهب لابن فرحون 82.
(2)
هو: أحمد بن محمد بن عبد الله الإسكندري المالكي، مهر في الفقه والعربية، ورحل الى دمشق، فأخذ عن الذهبي، ثم ولي قضاء الاسكندرية، مات سنة 759 هـ. (الدرر الكامنة 1/ 295).
الزواوي، وقاضي القضاة تقي الدين الإخنائيّ (1)، وشرف الدين عيسى المغيلي وغيرهم.
وله تواليف عدة، منها «شرح ابن الحاجب الفقهي» في ثمانية أسفار كبار، وكان قد شرحه شرحا مطولا ثم تركه فلم يكمله لطوله، وله على مختصر ابن الحاجب الأصلي «شرحان» ، وله «شرح على كافية ابن الحاجب في العربية» لم يكمله، وله «تأليف مستقل على الأشكال الأربعة» التي في مختصر ابن الحاجب الأصلي، سماه «رفع الإشكال عما في المختصر من الأشكال» ، وله «تفسير آية الكرسي» أتى فيه بفوائد كثيرة، لقيه الشيخ برهان الدين بن فرحون بدمشق، قال، وكان مع مجموع فضائله خامل الذكر، كثير العزلة عن أهل المناصب، بل عن الناس ما عدا خواص طلبته. توفي سنة خمس وتسعين وسبعمائة.
53 -
أحمد بن عمر بن محمد بن عبد الله (2).
أبو الجنّاب- بفتح الجيم وبعدها نون مشددة وباء موحدة- الشيخ الإمام الزاهد الكبير المعروف بالشيخ نجم الدين الكبراء، جمع كبير بالباء الموحدة، وقيل على صيغة فعلى كعظمى الخيوقي (وخيوق (3)) بفتح الخاء المعجمة وقد تكسر، وآخرها قاف من قرى خوارزم، الشافعي.
(1) تقي الدين محمد بن أبي بكر السعدي المعروف بابن الاخنائي، كان من عدول القضاة وخيارهم، ولد سنة 658 هـ. ومات سنة 750 هـ. (حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 460).
والاخنائي، بالكسر، نسبة لاخنا، مقصورة، بلد بقرب الاسكندرية من الغربية.
(الضوء اللامع للسحاوي 11/ 183).
(2)
له ترجمة في: سير أعلام النبلاء للذهبي ج 13 ق 1 ورقة 143 ب طبقات الشافعية للسبكي (ط. الحسينية) 5/ 11، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ورقة 42، طبقات المفسرين للأدنةوي، ميكروفيلم بدار الكتب رقم 3466، ورقة 51 أ، العبر للذهبي 5/ 73، المقفى، ميكروفيلم بالجامعة العربية رقم 510 تاريخ، ورقة 118 أ.
(3)
تكملة عن العبر للذهبي.
قال الذهبي: سمعت أبا العلاء الفرضي، يقول: إنما هو نجم الكبراء، ثم غير فقيل: نجم الدين الكبراء، كان إماما زاهدا صوفيا فقيها مفسرا، له عظمة في النفوس وجاه عظيم، ولد بقرية من قرى خوارزم، يقال لها:
«خيوق» في سنة خمس وأربعين وخمسمائة.
طاف البلاد وقدم القاهرة ونزل بالخانكاه الصلاحية سعيد السعداء، وسمع بالإسكندرية من الحافظ السلفي، وبتبريز من محمد بن أسعد، وبأصبهان من أبي المكارم أحمد بن محمد اللبان، وأبي سعيد خليل بن بدر ابن ثابت، وأبي عبد الله محمد بن أبي زيد الكرّانيّ، وأبي جعفر محمد بن أحمد ابن نصر الصيدلانيّ، وأبي الحسن مسعود بن أبي منصور الجمّال، وبهمذان من الحافظ أبي العلاء، وبنيسابور من أبي المعالي الفراويّ.
وحدث بخوارزم، وكتب عنه عامة الرّحّالة من أهل الحديث وغيرهم.
روى عنه عبد العزيز بن هلالة، وناصر بن منصور، والشيخ سيف الدين الباخرزي، وآخرون.
[قال](1) ابن نقطة: هو شافعيّ المذهب إمام في السنة.
وقال ابن هلالة: جلست عنده في الحلقة مرارا فوجدت من بركته شيئا عظيما، و «فسر القرآن الكريم» في اثنتي عشرة مجلدة، وله عدة رسائل في التصوف وكان له معرفة بالفقه والجبر، وصار من كبار مشايخ الصوفية، وانتهت إليه المشيخة بناحية خوارزم وما يليها، وكثر أتباعه وانتشر مريدوه في تلك النواحي، وانتفع به خلائق في سلوك طريق الله تعالى.
واجتمع به الإمام فخر الدين الرازي فاعترف بفضله، واستوطن خوارزم
(1) تكملة عن: طبقات الشافعية للسبكي.
إلى أن قصدتها التتار في ربيع الأول سنة ثماني عشرة وستمائة، فخرج فيمن خرج لقتالهم مع جماعة من مريديه، وكانوا نحو الثمانين، فقاتلوا إلى أن استشهدوا جميعا على باب البلد، بعد أن قاتلوا معه، وجاهدوا في سبيل الله، حتى أكرمهم الله معه بالشهادة، رحمهم الله وإيانا.
54 -
أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب أبو الحسين اللغوي (1).
صاحب «المجمل» .
قال ياقوت في معجمه: ذكره السّلفيّ في «شرح مقدمة معالم السنن» للخطّابيّ، فقال أصله من قزوين.
وقال غيره: إنه أخذ عن أبي بكر، أحمد بن الحسن الخطيب راوية ثعلب، وأبي الحسن علي بن إبراهيم القطّان، وعليّ بن عبد العزيز المكي صاحب أبي عبيد وأبي القاسم سليمان بن أحمد الطّبراني (2).
وكان مقيما بهمذان ثم حمل منها إلى الرّيّ ليقرأ عليه أبو طالب بن فخر
(1) وردت له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 1/ 92، الديباج المذهب لابن فرحون 36، طبقات المفسرين للسيوطي 5، طبقات النحاة لابن قاضي شهبة 1/ 230، الفهرست لابن النديم 80، معجم الأدباء لياقوت 2/ 6، مفتاح السعادة لطاش كبرى زادة 1/ 109، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 4/ 112، نزهة الألباء 230، وفيات الأعيان لابن خلكان 1/ 100، يتيمة الدهر للثعالبي 3/ 400. وفي حواشي إنباه الرواة مراجع أخرى لترجمة أحمد بن فارس.
(2)
في الأصل «الطهراني» تحريف. صوابه في: معجم الأدباء لياقوت الحموي.
والطبراني: بفتح الطاء والباء الموحدة والراء وبعد الألف نون، نسبة الى طبرية الشام، وهي مدينة بالأردن. منها أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني اللخمي، رحل في طلب الحديث، وسكن أصبهان الى أن مات بها سنة 360 هـ. (اللباب لابن الأثير 2/ 80).
الدولة فسكنها، وكان شافعيا فتحول مالكيا، وقال: أخذتني الحميّة لهذا الإمام المقبول القول على جميع الألسنة، أن يخلو مثل هذا البلد عن مذهبه.
وكان الصاحب بن عبّاد يتتلمذ له، ويقول: شيخنا ممن رزق حسن التصنيف.
وقرأ عليه البديع الهمذاني، وكان كريما جوادا ربما سئل فيهب ثيابه وفرش بيته.
وله من التصانيف: «جامع التأويل في تفسير القرآن» أربع مجلدات، «كتاب سيرة النبي صلى الله عليه وسلم» ، «كتاب أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم» ، «تفسير أسماء النبي صلى الله عليه وسلم» ، «كتاب غريب إعراب القرآن» ، «كتاب فقه اللغة» ، «كتاب المجمل في اللغة» ، «كتاب دارات العرب» ، «كتاب الليل والنهار» ، «كتاب العم والخال» ، «كتاب خلق» «الإنسان» «كتاب الشيات والحلى» ، «كتاب مقاييس اللغة». قال ياقوت: وهو كتاب جليل لم يصنّف مثله، «مقدمة في النحو» «ذم الخطأ في الشعر» ، «فتاوى فقيه العرب» ، «الاتباع والمزاوجة» ، «اختلاف النحويين» ، «الانتصار لثعلب» ، «الحماسة المحدثة» ، وغير ذلك.
وكان نحويا على طريقة الكوفيين.
قال الذهبي: مات سنة خمس وتسعين وثلاثمائة بالري، وهو أصح ما قيل في وفاته.
قال ياقوت: وقال قبل وفاته بيومين:
شعر:
يا رب إن ذنوبي قد أحطت بها
…
علما وبي وبإعلاني وإسراري (1)
أنا الموحد لكني المقر بها
…
فهب ذنوبي لتوحيدي وإقراري
وله:
مرّت بنا هيفاء مقدودة
…
تركيّة تنمي لتركيّ (2)
ترنو بطرف فاتن فاتر
…
كأنه حجة نحويّ
وله:
إذا كنت في حاجة مرسلا
…
وأنت بها كلف مغرم
فأرسل حكيما ولا توصه
…
وذاك الحكيم هو الدّرهم
وله:
قد قال فيما مضى حكيم
…
ما المرء إلّا بأصغريه (3)
فقلت قول امرئ لبيب
…
ما المرء إلا بدرهميه
من لم يكن معه درهماه
…
م تلتفت عرسه إليه
وكان من ذلّه حقيرا
…
تبول سنّوره عليه
55 -
أحمد بن الفرات بن خالد الحافظ الحجة أبو مسعود الضبيّ الرازيّ (4).
(1) معجم الأدباء لياقوت الحموي 2/ 6.
(2)
المصدر السابق 2/ 9.
(3)
نفس المصدر 2/ 12.
(4)
له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 2/ 544، تهذيب التهذيب لابن حجر 1/ 66، خلاصة تذهيب الكمال للخزرجي 9، الرسالة المستطرفة للكتاني 87، العبر للذهبي 2/ 16، مرآة الجنان لليافعي 2/ 169، ميزان الاعتدال للذهبي 1/ 127، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3/ 29.
نزيل أصبهان، وصاحب التصانيف، «التفسير» وغيره، سمع عبد الله ابن نمير وأبا أسامة، ويزيد بن هارون، وابن أبي فديك، وعبد الرزاق، وأكثر الترحال في لقاء الرجال.
حدث عنه أبو داود، وابن أبي عاصم، والفريابي، وعبد الرحمن بن يحيى ابن منده، وعبد الله بن جعفر بن فارس، وآخرون.
قال إبراهيم بن محمد الطيان: سمعت أبا مسعود يقول: كتبت عن ألف وسبعمائة شيخ، وكتبت ألف ألف حديث وخمسمائة ألف، فعملت من ذلك في تواليفي خمسمائة ألف حديث.
وعن أحمد بن حنبل قال: ما أظن بقي أحد أعرف بالمسندات من ابن الفرات.
قال أبو عروبة: هو في عداد أبي بكر بن أبي شيبة في الحفظ، وأحمد بن سليمان الرّهاويّ في التثبت.
وقال ابن عدي: لا أعلم له رواية منكرة، وهو من أهل الصدق والحفظ.
قال أبو عمران الطّرسوسي سمعت الأثرم يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: ما تحت أديم السماء أحفظ لأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي مسعود الرّازيّ.
وعن أبي مسعود قال: كتبت الحديث وأنا ابن اثنتي عشرة سنة، وذكرت بالحفظ ولي ثماني عشرة سنة.
وسئل أبو بكر الأعين أيما أحفظ أبو مسعود، أو الشّاذكونيّ؟ فقال: أما
المسند فأبو مسعود، وأما المنقطع فالشّاذكونيّ. توفي في شعبان سنة ثمان وخمسين ومائتين، فرحمه الله وإيانا.
56 -
أحمد بن فرح- بالحاء المهملة- ابن جبريل أبو جعفر البغدادي العسكري (1).
الضرير المقرئ المفسر، قرأ على أبي عمر الدّوري، وأقرأ الناس مدة.
وحدث عن علي بن المديني، وأبي بكر وعثمان ابني أبي شيبة، وأبي الربيع الزّهراني، وعنه أحمد بن جعفر الختّلي (2)، وابن سمعان.
وكان ثقة عالما بالقرآن واللغة، بصيرا بالتفسير، قرأ عليه أبو بكر النقّاش وغيره. مات بالكوفة في ذي الحجة سنة ثلاث وثلاثمائة.
57 -
أحمد بن قلمشاه أبو العباس القونوي الحنفي (3).
قاضي القضاة بمدينة قونية من بلاد الروم أكثر من ثلاثين سنة، كان عالما بالتفسير والفقه والنحو والأصلين، ودرّس بقونية بالمصلحية والنظامية وغيرهما.
ذكره القرشي في طبقات الحنفية، ولم يؤرخ وفاته.
58 -
أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة بن منصور بن كعب بن يزيد أبو بكر البغدادي (4).
(1) له ترجمة في: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 4/ 345، طبقات القراء لابن الجرزي 1/ 95، العبر للذهبي 2/ 125.
(2)
بضم الخاء والتاء المشدّدة نسبة الى الختل. قرية على طريق خراسان. (اللباب لابن الأثير 1/ 345).
(3)
له ترجمة في: الجواهر المضيئة لعبد القادر بن محمد القرشي 1/ 90.
(4)
له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 1/ 97، تاج التراجم لابن قطلوبغا 14، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 4/ 357، الجواهر المضيئة للقرشي 1/ 90، طبقات القراء لابن الجرزي 1/ 98، الفهرست لابن النديم 32، اللباب لابن الأثير 2/ 13، لسان الميزان للذهبي 1/ 249، معجم الأدباء لياقوت 2/ 16، ميزان الاعتدال للذهبي 1/ 129.
القاضي الحافظ يعرف بوكيع، صاحب التصانيف، وأحد أصحاب ابن جرير، ولد بسرّمن رأى سنة ستين ومائتين.
روى القراءة عرضا عن أبي بكر الأصبهاني، ومحمد بن يحيى الكسائي، وأحمد بن يعقوب بن أخي العرق، وعبد الله بن أحمد الفسطاطيّ، وأبي بكر ابن التمّار.
وروى عن أبي قلابة الرقاشيّ وغيره، روى عنه أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد الطبريّ، وقرأ عليه أبو بكر بن مهران، والحسن بن علي بن الزمن، وأحمد بن محمد بن عبدون، وإبراهيم بن أحمد المروزيّ، والدارقطنيّ، وسئل عنه فقال: كان متساهلا وربما حدث من حفظه بما ليس في كتابه، وأهلكه العجب فاختار لنفسه مذهبا ومشّاه غيره.
وقال ابن رزقويه: لم تر عيناي مثله.
قال الخطيب: كان عالما بالأحكام وعلوم القرآن والنحو والشعر والتاريخ وأصحاب الحديث، تقلد قضاء الكوفة، وكان أولا جريري المذهب، ثم اختار لنفسه مذهبا، وأملى «كتابا في السير» ، وتكلم على الأخبار.
وحدث عن محمد بن سعد العوفيّ، وعبد الله بن روح المدائنيّ، وابن أبي خيثمة، ومحمد بن إسماعيل الترمذي، وإبراهيم بن الهيثم البلدي، وخلق كثير. وعنه الدارقطني، والمرزباني، وجماعة من القدماء، وابن رزقويه، وابن الفضل، وابن شاذان، وأبو الحسن بن الحمامي.
وقال الخطيب: أخبرنا الحسن بن أبي بكر، قال: سمعت أحمد بن كامل القاضي يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقرأت عليه الفاتحة وخمسين آية من سورة البقرة.
وصنف «غريب القرآن» «القراءات» «كتاب التقريب في كشف الغريب» «كتاب موجز التأويل عن معجز التنزيل» «كتاب الوقوف» «كتاب التاريخ» «كتاب المختصر في الفقه» «كتاب الشروط الكبير» و «الصغير» «كتاب أخبار القضاة» «أخبار الشعراء» وغير ذلك. مات يوم الأربعاء لثمان خلون من المحرم سنة خمسين وقيل خمس وثلاثمائة.
59 -
أحمد بن محمد بن إبراهيم أبو إسحاق النّيسابوري الثّعلبيّ (1) صاحب «التفسير» .
كان أوحد زمانه في علم القرآن وله كتاب «العرائس في قصص الأنبياء عليهم السلام» وكتاب «ربيع المذكرين» قال ابن السّمعانيّ:
يقال له الثّعلبي، والثّعالبي، وهو لقب لا نسب.
روى عن أبي طاهر محمد بن الفضل بن خزيمة، وأبي محمد المخلديّ، وأبي بكر بن هانئ، وأبي بكر بن مهران المقرئ، وجماعة.
وعنه أخذ أبو الحسن الواحدي.
وقد جاء عن الأستاذ أبي القاسم القشيري، أنه قال: رأيت ربّ العزّة في المنام وهو يخاطبني، وأخاطبه فكان في أثناء ذلك أن قال الرب جل اسمه أقبل الرجل الصالح. فالتفتّ، فإذا الثعلبي مقبل.
(1) له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 1/ 119، البداية والنهاية لابن كثير 12/ 40، تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 1090، طبقات الشافعية للسبكي 4/ 58، طبقات المفسرين للأدنةوي ميكروفيلم بدار الكتب رقم 3466، ورقة 30 ب، طبقات المفسرين للسيوطي 5، اللباب لابن الأثير 1/ 194، مرآة الجنان لليافعي 3/ 46، مفتاح السعادة 2/ 67، معجم الأدباء لياقوت الحموي 2/ 104 النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 4/ 283، وفيات الأعيان لابن خلكان 1/ 61.
ومن شعر الثّعلبي:
وإني لأدعو الله والأمر ضيق
…
عليّ فما ينفكّ أن يتفرّجا
ورب فتى سدّت عليه وجوهه
…
أصاب له في دعوة مخرجا
توفي في المحرم، سنة سبع وعشرين وأربعمائة.
60 -
أحمد بن محمد بن إبراهيم بن محمد أبو العباس العشاب المرادي القرطبي (1).
إمام كامل مقرئ ثقة، نزل بالثغر، وروى القراءات عن عبد الله بن يوسف صاحب الحصار.
وروى عنه محمد بن أحمد اللبان، وعبد الوهاب القروي، وعبد العزيز ابن عبد الرحمن بن أبي زكنون وألف «تفسيرا صغيرا» «وكتابا في المعاني والبيان» توفي سنة ست وثلاثين وسبعمائة. وله سبع وثمانون سنة.
61 -
أحمد بن محمد بن أحمد الملقب بعلاء الدولة وعلاء الدين أبو المكارم السّمناني (2).
ذكره الأسنويّ في طبقاته وقال: كان عالما مرشدا، له كرامات، وتصانيف كثيرة، في التفسير، والتصوف، وغيرهما، وتوفي قبل الأربعين وسبعمائة.
(1) له ترجمة في: الدرر الكامنة لابن حجر 1/ 256، طبقات القراء لابن الجرزي 1/ 100.
(2)
له ترجمة في: الدرر الكامنة لابن حجر 1/ 266، طبقات الشافعية للاسنوي 143.
والسمناني: نسبة الى سمنان، بسين مهملة مفتوحة ثم ميم ساكنة ونونين بينهما ألف، وهي مدينة بخراسان. (طبقات الشافعية للاسنوي 143).
62 -
أحمد بن محمد بن أحمد بن برد الأندلسي أبو حفص الكاتب (1).
قال الحميدي مليح الشّعر، بليغ الكتابة، من أهل بيت أدب ورئاسة.
له كتب في علم القرآن، منها:«كتاب التحصيل في تفسير القرآن» «وكتاب التفصيل في تفسيره أيضا» وله «رسالة في المفاخرة بين السيف والقلم» وهو أول من سبق إلى القول في ذلك بالأندلس، رأيته بالمريّة بعد الأربعين والأربعمائة.
63 -
أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس أبو جعفر المعروف بابن المرادي المصري النحوي (2).
رحل إلى العراق، وسمع من الزجاج، وأخذ عنه النحو، وقرأ عليه في كتاب سيبويه، وسمع ببغداد من عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان، وأبي القاسم عبد الله البغوي، والحسن بن عمر بن أبي الأحوص وجماعة.
وسمع بالرملة من عبيد الله بن إبراهيم البغدادي وسمع من ابن الأنباري، ونفطويه، وأخذ عن علي بن سليمان الأخفش وغيره، وعاد إلى مصر فسمع من أبي جعفر أحمد بن محمد بن سلامة الطحاويّ، والنسائيّ، وبكر بن سهل الدمياطي.
(1) له ترجمة في: بغية الملتمس للضبي 153، جذوة المقتبس للحميدي 107، طبقات المفسرين للأدنةوي ميكروفيلم بدار الكتب رقم 3466، ورقة 31 ب، طبقات المفسرين للسيوطي 6، معجم الأدباء 2/ 106.
(2)
له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 1/ 101، الانساب للسمعاني 555 أ، البداية والنهاية لابن كثير 11/ 222، حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 531، العبر 2/ 246، مرآة الجنان لليافعي 2/ 311، معجم الأدباء 2/ 72، مفتاح السعادة لطاش كبرى زادة 2/ 82، المقفى، ميكروفيلم بالجامعة العربية رقم 510 تاريخ، ورقة 154 ب، المنتظم 6/ 364، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3/ 300، نزهة الألباء 291، وفيات الأعيان لابن خلكان 1/ 82.
واشتغل بالتصنيف في علوم القرآن والأدب، فزادت تصانيفه على خمسين مصنفا منها «تفسير عشرة دواوين للعرب» و «إعراب القرآن» جلب فيه الأقاويل وحشد الوجوه، ولم يذهب في ذلك مذهب الاختيار والتقليد.
وكتاب «معاني القرآن» وكتاب «الناسخ والمنسوخ» وهو كتاب حسن وكتاب «الكافي في علم العربية» وهو مختصر وكتاب «المقنع» ذكر فيه اختلاف البصريين والكوفيين و «شرح المعلقات» و «شرح المفضليات» و «شرح أبيات الكتاب» و «كتاب الاشتقاق» و «كتاب الأنواء» و «كتاب تفسير أسماء الله عز وجل» أحسن فيه، ونزع في صدره بالاتباع للسنة والانقياد للآثار، وكتاب «أخبار الشعراء» وكتاب «أدب الكتّاب» وكتاب «أدب الملوك» وكتاب «التفاحة» في النحو، وغير ذلك.
قال الزّبيدي: وكان واسع العلم غزير الرواية، ولم يكن له مشاهدة، وإذا خلا بقلمه جوّد وأحسن، وكان لا يتكبر أن يسأل الفقهاء وأهل النظر، ويناقشهم عما أشكل عليه في تأليفاته، وكان يحضر حلقة ابن الحداد الشافعي، وكانت لابن الحداد ليلة في كل جمعة، يتكلّم فيها عنده في مسائل الفقه على طرائق النحو، وكان لا يدع حضور مجلسه تلك الليلة. قال:
وحدّثني قاضي القضاة المنذر بن سعيد قال: أتيت ابن النحاس في مجلسه فألفيته يملي في أخبار الشعراء في شعر قيس بن معاذ المجنون، حيث يقول:
خليليّ هل بالشام عين حزينة
…
تبكّي على نجد لعلّي أعينها (1)
قد اسلمها الباكون إلا حمامة
…
مطوّقة باتت وبات قرينها
فلما بلغ هذا الموضع قلت: باتا يفعلان ماذا؟ قال لي: وكيف [تقول
(1) معجم الأدباء لياقوت الحموي 2/ 72.
أنت؟] (1) فقلت: «بانت وبان قرينها» فسكت، قال القاضي: فما زال يستقلني بعدها حتى منعني كتاب «العين» ، وكنت قد ذهبت إلى الانتساخ من نسخته؛ فلما قطع بي قيل لي: أين أنت من أبي العباس بن ولّاد فقصدته، فلقيت رجلا كامل العلم والأدب. حسن المروءة. وسألته الكتاب فأخرجه إلي. ثم تندم أبو جعفر بن النحاس حين بلغه إباحة أبي العباس كتابه لي، وعاد إلى ما كنت أعرفه منه. قال: وكان أبو جعفر لئيم النفس، شديد التقتير على نفسه، وكان ربما أهديت إليه العمامة يقطّعها على ثلاث عمائم، وكان يلي شرى حوائجه بنفسه، ويتحامل فيها على أهل معرفته.
وتوفي بمصر لخمس خلون من ذي الحجة سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة.
وذكر الوزير أبو الحسن علي بن يوسف القفطيّ: أن ابن النحاس جلس على درح المقياس بمصر على شاطئ النيل في مدة زيادته، ومعه كتاب في العروض، وهو يقطّع بحرا منه، فسمعه بعض العوام، فقال هذا يسحر النيل، حتى لا يزيد، فتغلوا الأسعار، ثم دفعه برجله، فذهب في المد، فلم يوقف على خبره.
وذكره الداني في طبقات القراء، فقال: روى الحروف عن أبي الحسن ابن شنبوذ، وأبي بكر الداجوني، وأبي بكر بن يوسف. وسمع الحسن بن غليب، وبكر بن سهل.
قال عبد الرحمن بن أحمد بن يونس: كان عالما بالنحو حاذقا، وكتب الحديث [وخرج إلى العراق](2) ولقي أصحاب المبرد.
64 -
أحمد بن محمد بن أيوب أبو بكر الفارسي (3).
(1) تكملة عن: المقفى للمقريزي، ومعجم الأدباء لياقوت الحموي.
(2)
تكملة عن: انباه الرواة للقفطي.
(3)
له ترجمة في: طبقات المفسرين للسيوطي 5.
الواعظ المفسر، نزيل نيسابور، كان يحضر مجلسه نحو عشرة آلاف، أخذ عنه أبو عبد الله الحاكم، مات سنة أربع وستين وثلاثمائة.
65 -
أحمد بن محمد بن حنبل (1).
ابن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيّان بن عبد الله بن أنس ابن عرف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن عليّ بن بكر (2) بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمي بن جديلة بن أسد ابن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان بن أد بن أدد بن الهميسع بن حمل بن النبت بن قيذار بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، الشيباني المروزي، نزيل بغداد، أبو عبد الله أحد الأئمة، حافظ فقيه، حجة زاهد ورع، وهو رأس الطبقة العاشرة.
ولد في ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة، ومات سنة إحدى وأربعين [ومأتين](3) وله سبع وسبعون سنة.
قال ابن الجوزي في مناقبه في الباب السابع والعشرين منها ذكر مصنفاته: كان الإمام أحمد رضي الله عنه لا يرى وضع الكتب، وينهى أن يكتب عنه كلامه ومسائله، ولو رأى ذلك لكانت له تصانيف كثيرة ولنقلت عنه كتب. فكانت تصانيفه المنقولات؛ فصنف «المسند» وهو إحدى وثلاثون ألف حديث، وكان يقول لابنه عبد الله: احتفظ بهذا المسند فإنه سيكون للناس إماما (4).
(1) له ترجمة في: تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 4/ 412، تذكرة الحفاظ للذهبي 2/ 431، حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني 9/ 161، طبقات الحنابلة 1/ 4، العبر 1/ 435، الفهرست لابن النديم 229، مرآة الجنان لليافعي 2/ 132، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 2/ 304، وفيات الأعيان 1/ 47.
(2)
في الأصل: «علي بن أبي بكر» ، تحريف، والصواب في: مناقب الامام أحمد لابن الجوزي 16، وطبقات الحنابلة، والنجوم الزاهرة لابن تغري بردي.
(3)
سقط
(4)
مناقب الامام أحمد، لابن الجوزي 191.
قال ولده عبد الله: وصنف أبي «المسند» سنة ثمانين، و «التفسير» وهو مائة ألف وعشرون ألفا. و «الناسخ والمنسوخ» و «التاريخ» و «حديث شعبه» ، و «المقدم والمؤخر في القرآن» ، و «جوابات القرآن» ، و «المناسك الكبير والصغير» و «العلل» و «الزهد» و «المسائل» و «الفضائل» و «الفرائض» و «الايمان» . و «الرد على الجهمية» و «الأشربة» . و «طاعة الرسول» وأشياء أخر.
وكان ينهى الناس عن كتابة كلامه، فنظر الله تعالى إلى حسن قصده فنقلت ألفاظه وحفظت، فقل أن تقع مسألة إلا وله فيها نص من الفروع والأصول، وربما عدمت في تلك المسألة نصوص الفقهاء الذين صنعوا وجمعوا.
قال حنبل بن إسحاق: جمعنا أحمد بن حنبل أنا، وصالح، وعبد الله، وقرأ علينا المسند وما سمعه منه غيرنا، وقال لنا: هذا كتاب قد جمعته وانتقيته من أكثر من سبعمائة ألف وخمسين ألفا، فما اختلف المسلمون فيه من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم [فارجعوا إليه](1) فإن وجدتموه فيه وإلا فليس بحجة.
66 -
أحمد بن محمد بن خالد البرقي (2).
من برقة من قرى قم، وأصله كوفي من كبار الرّافضة.
له تصانيف جمة أدبية، منها «فضائل القرآن» و «اختلاف الحديث» و «العيافة والقيافة» وأشياء كثيرة. وكان في زمن المعتصم، وعد النديم في الفهرست شيئا كثيرا منها ويقال: إنها تحتوي على سبعين كتابا، ويقال:
ثمانين.
(1) تكملة عن: مناقب الامام أحمد بن حنبل.
(2)
له ترجمة في الفهرست للطوسي 37، الفهرست لابن النديم 221.
67 -
أحمد بن محمد بن رستم الطّبري (1).
ويعد في طبقة أبي يعلى بن أبي زرعة.
له من الكتب كتاب «غريب القرآن» و «المقصور والممدود» و «المذكر والمؤنث» و «صورة الهمز» و «التصريف» و «النحو» .
68 -
أحمد بن محمد بن سعيد بن إسماعيل الحافظ أبو سعيد بن الشيخ أبي بكر ابن الشيخ الزاهد أبي عثمان الحيري النيسابوري الشافعي (2).
سمع أبا عمرو والخفاف، وعبد الله بن شيرويه، والحسن بن سفيان، والهيثم بن خلف الدّوريّ، وحامد بن شعيب، والقاسم بن الفضل الرازي، وطبقتهم، بخراسان، والعراق، والجبال، وكان ذا أموال وحشمة وفضائل.
روى عنه الحاكم كثيرا وقال: صنف «التفسير الكبير» ، و «الصحيح المخرج على كتاب مسلم» وغير ذلك قال: ولما خرج إلى بغداد خرج بعسكر كثير وأموال واجتمع عليه ببغداد خلق كثير مجاهدون، وكان من محبّته للحديث يكتب. بخطّه ويسمع، إلى أن استشهد بطرسوس في سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة وله خمس وستون سنة.
(1) له ترجمة في: إنباه الرواة للقفطي 1/ 128، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 5/ 125، طبقات القراء لابن الجزري 1/ 114، الفهرست لابن النديم 60، معجم الأدباء لياقوت 2/ 60.
(2)
له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 920، طبقات الشافعية للسبكي 3/ 43، العبر للذهبي 2/ 296.
69 -
أحمد بن محمّد بن سلامة بن عبد الملك أبو جعفر الأزديّ الحجريّ المصريّ الطّحاويّ الحنفي (1).
وطحا من قرى مصر، الإمام العلامة الحافظ، سمع هارون بن سعيد الأيليّ، وعبد الغنيّ بن رفاعة، ويونس بن عبد الأعلى، وعيسى بن مثرود، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وبحر بن نصر وطبقتهم.
روى عنه أحمد بن القاسم الخشّاب، وأبو الحسن محمّد بن أحمد الإخميميّ، ويوسف الميانجيّ (2)، وأبو بكر بن المقرئ، والطبرانيّ، وأحمد ابن عبد الوارث الزجّاج، وعبد الغني بن محمد الجوهري قاضي الصعيد، ومحمد بن بكر بن مطروح، وآخرون.
خرج إلى الشام سنة ثمان وستين ومائتين فتفقّه بالقاضي أبي خازم (3) وبغيره.
قال ابن يونس: ولد سنة تسع وثلاثين ومائتين، وكان ثقة ثبتا فقيها عاقلا لم يخلف بعده مثله.
قال أبو إسحاق الشيرازيّ في الطبقات: انتهت إلى أبي جعفر رئاسة أصحاب أبي حنيفة بمصر، أخذ العلم عن أبي جعفر أحمد بن عمران وأبي
(1) له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 11/ 174، تاج التراجم لابن قطلوبغا 8، تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 808، الجواهر المضيئة للقرشي 1/ 102، حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 350، طبقات الشيرازي 120، الفهرست لابن النديم 207، الفوائد البهية 31، اللباب لابن الأثير 2/ 82، لسان الميزان للذهبي 1/ 274، مرآة الجنان لليافعي 2/ 281، مفتاح السعادة 2/ 275، وفيات الأعيان لابن خلكان 1/ 53.
(2)
بفتح الميم والياء وسكون الألف وفتح النون وفي آخرها الجيم، نسبة الى ميانج، موضع بالشام (اللباب 3/ 197).
(3)
في الأصل «أبي حازم» ، والضبط عن لسان الميزان للعسقلاني 1/ 275.
خازم القاضي، وغيرهما، وكان أولا شافعيا يقرأ على المزنيّ، فقال له يوما:
والله لا جاء منك شيء؛ فغضب من ذلك، وانتقل إلى ابن أبي عمران، فلما صنف مختصره قال: رحم الله أبا إبراهيم، لو كان حيا لكفّر عن يمينه.
وذكر أبو يعلى الخليليّ (1) في كتاب «الإرشاد» في ترجمة المزنيّ أنّ الطحاوي وكان ابن أخت المزني، وأن أحمد بن محمد الشّرطيّ (2) قال: قلت للطحاويّ: لم خالفت خالك واخترت مذهب أبي حنيفة؟ قال: لأني كنت أرى خالي يديم النظر في كتب أبي حنيفة؛ فلذلك انتقلت إليه انتهى، وناب في القضاء عن أبي عبيد (3) الله محمد بن عبدة قاضي مصر بعد السبعين ومائتين، وترقت حاله. فحدث أنه حضر رجل معتبر عند القاضي محمد بن عبدة فقال: أيش روى أبو عبيدة بن عبد الله عن أمّه عن أبيه؟ [فقلت حدثنا بكار بن قتيبة أنبأنا أبو أحمد أنبأنا سفيان عن عبد الأعلى الثعلبي عن أبي عبيدة عن أمه عن أبيه (4)] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
(إنّ الله تعالى ليغار للمؤمن فليغر) وحدثنا به إبراهيم بن أبي داود حدثنا سفيان بن وكيع عن أبيه عن سفيان موقوفا، قال: فقال لي الرّجل: تدري ما تقول، تدري ما تتكلم به؟ قلت: ما الخبر؟ قال: رأيتك العشية مع
(1) هو: الخليل بن عبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن الخليل القزويني الخليلي، القاضي الحافظ، المتوفى سنة 446 هـ، وكتابه «الارشاد في علماء البلاد» ذكر فيه المحدثين وغيرهم من العلماء، على ترتيب البلاد الى زمانه، ورتبه الحافظ زين الدين أبو العدل قاسم بن قطلوبغا الحنفي، من تلاميذ الحافظ ابن حجر، المتوفى بحارة الديلم سنة تسع وسبعين وثمانمائة، على الحروف. وتوجد نسخة من كتاب «الارشاد» للخليلي، بدار الكتب، ميكروفيلم 487.
(تاريخ قزوين 299)(الرسالة المستطرفة للكتاني 130).
(2)
بضم الشين والراء وبعدها الواو وفي آخرها الطاء. نسبة الى الشروط، وهي: كتابة الوثائق بالديون والمبيعات وغير ذلك (اللباب لابن الأثير 2/ 18).
(3)
في الأصل «عن أبي عبد الله» تحريف، صوابه في: الولاة والقضاة للكندي ص 514.
(4)
تكملة عن: تذكرة الحفاظ للذهبي وبها يتم المعنى.
الفقهاء في ميدانهم وأنت الآن في ميدان أهل الحديث، وقل من يجمع ذلك، فقلت. هذا من فضل الله وإنعامه.
صنف أبو جعفر كتاب «الشروط الكبير» ، و «الشروط الصغير» ، و «المختصر الكبير» ، «المختصر الصغير» ، «شرح الجامع الكبير» لمحمد بن الحسن، «شرح الجامع الصغير» ، و «المحاضر والسجلات» ، وكتاب «الوصايا» ، وكتاب «الفرائض» ، وكتاب «شرح مشكل أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم» وكتاب «نقض كتاب المدلسين على الكرابيسي» و «كتاب أحكام القرآن» وكتاب «شرح معاني الآثار» ، وكتاب «العقيدة» ، وكتاب «التسوية بين حدثنا وأخبرنا» صغير، وكتاب «الاختلاف بين الفقهاء» و [هو](1) كتاب كبير لم يتمّه، والذي خرج منه نحو ثمانين كتابا على ترتيب كتب الاختلاف على الولاء، وكتاب «معاني الآثار» .
وهو ابن أخت المزنيّ وأما ابن أبي عمران الحنفي فكان قاضي الدّيار المصرية بعد القاضي بكار.
قال ابن يونس. مات أبو جعفر في مستهل ذي القعدة سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة عن بضع وثمانين سنة.
70 -
أحمد بن محمد بن شارك أبو حامد الهروي الشافعي (2).
مفتي هراة، وأديبها، وعالمها، ومفسرها، ومحدّثها في زمانه، سمع الحسن
(1) تكملة عن: الفهرست لابن النديم.
(2)
له ترجمة في: طبقات الشافعية للسبكي 3/ 45، طبقات المفسرين للأدنةوي، ميكروفيلم بدار الكتب رقم 3466، ورقة 25 ب، طبقات المفسرين للسيوطي 5، العبر للذهبي 2/ 321.
ابن سفيان، وأبا يعلى الموصلي، وعنه أبو عبد الله الحاكم. مات بهراة سنة خمس- وقيل ثمان- وخمسين وثلاثمائة.
71 -
أحمد بن محمد بن عبد الكريم بن عطاء الله بن عبد الرحمن بن عبد الكريم بن الحسن المالكي أبو الفضل تاج الدين بن أبي عبد الله بن أبي محمد الجذاميّ الإسكندري الإمام المتكلم الشاذلي (1).
كان جامعا لأنواع العلوم من تفسير وحديث، ونحو وأصول وفقه، وغير ذلك.
وله تواليف مفيدة، وكان رحمه الله متكلما على طريقة أهل التصوف، واعظا، انتفع به خلق كثير وسلكوا طريقه، وكان شاذلي الطريقة، ينتمي إلى الشيخ أبي الحسن رحمه الله، وكان أعجوبة زمانه في كلام التصوف.
قدم القاهرة، وتكلم بالجامع الأزهر وغيره فوق كرسي بكلام يروح النفوس على طريقة القوم، مع إلمام بآثار السلف، ومشاركة في الفضائل، فأحبه الناس وكثرت أتباعه، وكان رجلا صالحا له ذوق، وعليه سيما الخير.
توفي بالمدرسة المنصورية في القاهرة في ثالث عشر جمادى الآخرة سنة تسع وسبعمائة، ودفن بالقرافة، وتردد الناس لزيارة قبره تبركا به، وعملوا عند قبره في كل ليلة حادي عشر جمادى من كل سنة مجتمعا يقرءون فيه القرآن ويطعمون الطعام، فيحشر الناس من أكثر الجهات لشهود هذا المحيا.
ومن مصنفاته كتاب «التّنوير في إسقاط التدبير» وكتاب «الحكم»
(1) له ترجمة في: حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 524، الدرر الكامنة لابن حجر 1/ 291، الديباج المذهب لابن فرحون 70، طبقات الشافعية للسبكي 5/ 176 (طبعة الحسينية)، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 8/ 280.
وكتاب «لطائف المنن» وكتاب «المرقى إلى القدس الأبقى» و «مختصر تهذيب المدوّنة» للبرادعي في الفقه.
واجتمع ثلاثة بالقاهرة، فقال أحدهم. أنا لو سلمت من العائلة [لتجردت](1)، وقال الثاني: أنا أصلي وأصوم وما علي من أثر الفلاح ذرّة.
وقال ثالثهم؛ وهو محمّد بن نصر بن سلامة الصواف: أنا صلاتي ما ترضي نفسي. فكيف ترضي الله ثم قاموا إلى مجلسه فتكلم في الوعظ، ثم قال: ومن الناس من يقول
وتكلم على ما قالوه.
ومن شعره:
مرادي منك نسيان المراد
…
إذا رمت السبيل إلى الرشاد
فإن تدع الوجود فلا تراه
…
وتصبح مالكا حبل اعتمادي
إلى كم غفلة عني وإني
…
على حفظ الرعاية والوداد
وودّي فيك لو تدري قديم
…
ويوم البت تشهد بانفراد
وهل ربّ سواي فترتجيه
…
غدا ينجيك من كرب شداد
فوصف العجز عم الكون طرّا
…
فمفتقر لمفتقر ينادي
وبي قد قامت الأكوان طرّا
…
وأظهرت المظاهر من مراد
أفي داري وفي ملكي وفلكي
…
توجه للسّوى وجه اعتمادي
وها خلعي عليك فلا تزلها
…
ومن وجه الرجاء عن العباد
ووصفك فالزمنه وكن ذليلا
…
ترى مني المنى طوع القياد
وكن عبدا لنا والعبد يرضى
…
بما تقضي الموالي من مراد
(1) تكملة عن: الدرر الكامنة لابن حجر.
72 -
أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي عيسى بن لب بن يحيى أبو عمر المعافريّ المالكي الحافظ الطّلمنكيّ (1).
من طلمنكة، بفتح الطاء واللام والميم وسكون النون وفتح الكاف وهاء ساكنة من ثغر الأندلس الشرقي، نزيل قرطبة.
سمع بها من القلعيّ، وابن عون الله، وغيرهما. ورحل إلى المشرق فلقي جماعة: الدّمياطي، وابن غلبون، وعنه أخذ القراءة، وأبا القاسم الجوهري، وأبا بكر الأدفويّ.
ودخل إفريقية فأخذ عن ابن أبي زيد.
روى عنه ابن عبد البر، وابن حزم وطائفة. وكان حبرا في علوم القرآن، قراءاته وإعرابه، وناسخه ومنسوخه، وأحكامه ومعانيه، ذا عناية تامّة بالآثار ومعرفة الرّجال، حافظا للسّنن، عارفا بأصول الدّيانات، عالي الأسناد شديدا في ذات الله قامعا لأهل الأهواء والبدع.
وله تواليف جليلة ككتاب «الدليل إلى معرفة الجليل» مائة جزء، كتاب في «تفسير القرآن» نحو هذا، وكتابه في «الوصول إلى معرفة الأصول» وكتاب «البيان في إعراب القرآن» . و «فضائل مالك» و «رجال الموطأ» و «الرد على ابن مسرّة» و «رسالة في أصول الديانات» إلى أهل أشبونة (2) وهي جيدة، وغير ذلك.
(1) له ترجمة في: بغية الملتمس للضبي 151، تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 1098 ترتيب المدارك للقاضي عياض 4/ 749، جذوة المقتبس للحميدي 106، الديباج المذهب لابن فرحون 39، الصلة لابن بشكوال 1/ 48، طبقات القراء لابن الجزري 1/ 120، طبقات القراء للذهبي 1/ 309، طبقات المفسرين للأدنةوي ميكروفيلم بدار الكتب رقم 3466، ورقة رقم 30 ب، طبقات المفسرين للسيوطي 5، العبر 3/ 168، المقفى، ميكروفيلم بالجامعة العربية، رقم 510 تاريخ ورقة 128، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 5/ 28.
(2)
أشبونة: بالضم ثم السكون وضم الباء الموحدة وواو ساكنة ونون وهاء، مدينة بالأندلس يقال لها لشبونة، قريبة من البحر المحيط (معجم البلدان لياقوت 1/ 275).
سكن قرطبة وأقرأ بها. ثمّ سكن المريّة ثم مرسية ثم سرقسطة. ثم رجع إلى بلده طلمنكة، فبقي بها إلى أن مات في ذي الحجة سنة تسع وعشرين وأربعمائة، ومولده سنة أربعين وثلاثمائة.
قال أبو القاسم بن بشكوال في كتاب الصّلة: أخبرنا أبو القاسم بن بقي الحجاريّ قال: خرج علينا أبو عمر الطّلمنكي يوما ونحن نقرأ عليه فقال:
اقرءوا وأكثروا فإني لا أتجاوز هذا العام فقلنا له: ولم؟ قال: رأيت البارحة في منامي منشدا ينشدني يقول:
اغتنموا البر بشيخ ثوى
…
يفقده السّوقة والصيد
قد ختم العمر بعيد مضى
…
ليس له من بعده عيد
قال فتوفي في ذلك العام، رحمه الله وإيانا.
73 -
أحمد بن محمد بن عبد الرحمن أبو عبيد العبدي المؤدّب الهرويّ الفاشانيّ (1).
صاحب كتاب «الغريبين» كان من العلماء الأكابر. قرأ على أبي سليمان الخطابيّ وأبي منصور الأزهري. (2)
وكتابه المذكور جمع فيه بين غريب القرآن الكريم والحديث النبوي، وسار
(1) تذكرة الحفاظ للذهبي، والصلة لابن بشكوال.
(2)
له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 11/ 344، طبقات الشافعية للسبكي 4/ 84، العبر للذهبي، 2/ 75، معجم الأدباء لياقوت 2/ 86، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 4/ 228، وفيات الأعيان لابن خلكان 1/ 79.
والفاشاني: بفتح الفاء وبعد الألف شين معجمة، وبعد الألف الثانية نون: نسبة الى «فاشان» ويقال «باشان» بالباء الموحدة بدل الفاء، من قرى هراة، على ما ذكر ابن خلكان حكاية عن السمعاني، ويجعلها ياقوت من نواحي مرو. (معجم البلدان لياقوت 3/ 884)(وفيات الأعيان لابن خلكان 1/ 80).
في الآفاق، وهو من الكتب النافعة (1). وله أيضا كتاب «ولاة هراة» .
روى عنه عبد الواحد المليحيّ (2) وأبو بكر الأردستانيّ. وكانت وفاته شهر رجب سنة إحدى وأربعمائة.
74 -
أحمد بن محمد بن عبد الولي بن جبارة المقدسي الحنبليّ المقرئ الأصوليّ النحويّ شهاب الدين أبو العباس (3).
ابن الشيخ تقيّ الدّين أبي عبد الله، ولد سنة سبع- أو ثمان- وأربعين وستمائة.
وقال البرزالي: سنة تسع وأربعين. أظنه بقاسيون.
وسمع من خطيب مردا حضورا، ومن ابن عبد الدائم، وجماعة.
وارتحل إلى مصر بعد الثمانين، فقرأ بها القراءات، على الشيخ حسن الراشدي، وصحبه إلى أن مات، وقرأ الأصول على الإمام شهاب الدين القرافي المالكيّ، والعربية على الشيخ بهاء الدين بن النحاس، وبرع في ذلك، وتفقه في المذهب، لعله على ابن حمدان.
وقدم دمشق بعد التسعين، فأقرأ بها القراءات، ثم تحول إلى حلب، فأقرأ بها أيضا، ثم استوطن بيت المقدس، وتصدّر لإقراء القرآن، والعربية.
(1) قام بتحقيقه الأستاذ محمود الطناحي، وقد صدر منه الجزء الأول.
(2)
المليحي: بفتح الميم وكسر اللام وآخرها الحاء المهملة. نسبة عرف بها عبد الواحد هذا (اللباب لابن الأثير 3/ 177).
(3)
له ترجمة في: الدرر الكامنة لابن حجر 1/ 276، الذيل على طبقات الحنابلة 2/ 386، طبقات القراء لابن الجزري 1/ 122، طبقات القراء للذهبي 2/ 593، المقفى ميكروفيلم بالجامعة العربية رقم 510 تاريخ ورقة 130.
وصنف «شرحا كبيرا للشاطبية» ، و «شرحا آخر للرائية في الرسم» و «شرحا لألفية ابن معط» قال ابن رجب: ولا أدري أكمله أم لا؟
وصنف «تفسيرا» وأشياء في القراءات.
قال الذهبي في طبقات القراء: هو صالح متعفف، خشن العين، جمّ الفضائل، ماهر بالفن، قلّ من رأيت بعد رفيقه مجد الدين- يعني التونسي- مثله.
وذكره في معجم شيوخه أيضا، فقال: كان إماما مقرئا بارعا فقيها متقنا، نحويا، نشأ إلى اليوم في صلاح ودين وزهد، سمعت منه مجلس البطاقة، وانتهت إليه مشيخة بيت المقدس.
وذكره البرزاليّ في تاريخه، وذكر: أنه حج وجاور بمكة، قال: وكان رجلا صالحا، مباركا عفيفا منقطعا، يعد في العلماء الصالحين الأخيار، قرأت عليه بدمشق والقدس، عدة أجزاء.
وتوفي بالقدس سحر يوم الأحد رابع رجب سنة ثمان وعشرين وسبعمائة، ودفن في اليوم المذكور بمقبرة ماملا، وصلي عليه بجامع دمشق صلاة الغائب، في سادس عشر الشهر. وذكر الذهبي: أنه مات فجأة، نفعنا الله به.
75 -
أحمد بن محمد بن عماد بن علي الشيخ الإمام العلامة أبو العبّاس المصريّ القرافيّ المعروف بابن الهائم (1).
(1) له ترجمة في: انباء الغمر لابن حجر 2/ 525، الأنس الجليل لمحيي الدين الحنبلي 2/ 110، البدر الطالع للشوكاني 1/ 117، الضوء اللامع للسحاوي 2/ 17، المقفى ميكروفيلم بالجامعة العربية رقم 510 تاريخ، ورقة 133.
ولد في سنة ست وخمسين أو سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة بالقرافة الصغرى، وسمع من التقي بن حاتم، والجمال الأميوطيّ والعراقيّ، وغيرهم.
وتفقه على شيخ الإسلام سراج الدين البلقينيّ واشتغل كثيرا، وبرع في الفقه والعربية، وتقدّم في الفرائض والحساب ومتعلقاتهما على أهل عصره.
وارتحل إلى بيت المقدس، فانقطع هناك به للتدريس والإفتاء، وناب هناك في تدريس الصلاحية، وكان حبرا مهابا معظّما قوالا بالحق.
وله عدة تواليف انتفع الناس بها، وصار عليها المعول وهي «الفصول المهمة في علم مواريث الأمّة» ، و «المعونة في الحساب الهوائي» و «مختصرها» و «المبدع» و «[اللمع] (1) المرشدة في صناعة الغبار» ومختصرها، المسمى «نزهة النظار في صناعة الغبار» و «مختصر تلخيص ابن البناء المسمّى بالحاوي» و «شرح الياسمينية في الجبر
والمقابلة»، «منظومة لاميّة في الجبر» من بحر البسيط، وأخرى لاميّة من الطويل تسمى «بالمقنع» وشرحها الكبير المسمى «بالممتع» ومختصره المسمّى «بالمشرع» و «ترغيب الرائض في علم الفرائض» . والألفية فيه المسمّاة «بالكافية» و «النفحة القدسية» و «غاية السول في الإقرار بالدين المجهول» و «نظم قواعد الإعراب لابن هشام» المسمّى «بتحفة الطلاب» و «شرحه» في مطوّل ومختصر و «القواعد الحسان فيما يتقوم به اللسان» المشهور «بالسماط» و «نظمه في قصيدة ميمية» من بحر البسيط، وسماه «نظم السماط» وعدتها ثلاثمائة وخمسون بيتا و «شرحها» و «خلاصة الخلاصة في النحو» و «مختصر اللمع للشيخ أبي إسحاق في الأصول» و «تحقيق المعقول والمنقول في نفي الحكم الشرعي عن الأفعال قبل بعثة الرسول» و «المغرب من
(1) تكملة عن الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع للسحاوي.
استحباب ركعتين قبل المغرب» و «جزء في صيام ستة أيام من شوال» و «التحرير بدلالة نجاسة الخنزير» و «نزهة النفوس في بيان حكم التعامل بالفلوس» و «اللمع في الحث على اجتناب البدع» و «التبيان في تفسير غريب القرآن» و «دفع الملام عن القائل باستحباب القيام» .
والذي لم يكمل فكثير منها: «شرح الجعبرية في الفرائض» و «شرح كفايته» وقد قارب الفراغ وهو ثلاثة أجزاء ضخمة، و «العقد النضيد في تحقيق كلمة التوحيد» كتب منه ثلاثين كراسا، و «تحرير القواعد العلائية وتمهيد المسالك الفقهية» و «البحر العجاج في شرح المنهاج» لو كمل لكان قريبا من ثلاثين مجلدة، وشرح الخطبة منه في عشرين كراسا في قطع الكامل من مسطرة خمسة وعشرين، و «قطعة جيّدة من التفسير» إلى قوله تعالى:
(فأزلّهما الشّيطان عنها)(1) و «إبراز الخفايا في فن الوصايا» و «العجالة في حكم استحقاق الفقهاء أيام البطالة» و «تعاليق على مواضع من الحاوي» وغير ذلك.
أجاز للحافظ ابن حجر كما ذكره في معجمه وإنبائه، وقال: اجتمعت به في بيت المقدس، وسمعت من فوائده.
ومات في العشر الأخير من جمادى الآخرة، كما قاله المقريزي والحافظ ابن حجر في أنبائه، وقال في معجمه: في رجب سنة خمس عشرة وثمانمائة ببيت المقدس، بعد ان أثكل ولده محمّد، وكان نادرة عصره، فصبر واحتسب، فرحمهما الله وإيانا.
76 -
أحمد بن محمد بن عمر الإمام العلامة الزاهد زين الدّين أبو نصر، وقيل أبو القاسم العتّابيّ البخاريّ الحنفيّ (2).
(1) سورة البقرة 36.
(2)
له ترجمة في: تاج التراجم لابن قطلوبغا 9، الجواهر المضيئة للقرشي 1/ 114، طبقات المفسرين للسيوطي 6، الفوائد البهية للكنوي 36.
أحد من سار ذكره.
من تصانيفه «الزيادات» الكتاب المشهور، رواها عنه جماعة منهم حافظ الدين، وشمس الأئمة الكردري، وغيرهما، و «جوامع الفقه» ، أربع مجلدات. و «شرح الجامع الصغير» ، و «تفسير القرآن العظيم» ، لازمه الكردريّ.
مات يوم الأحد وقت الظهر سنة ست وثمانين وخمسمائة ببخاري، ودفن «بكلاباذ» (1)، بمقبرة القضاة السبعة، وأحدهم أبو زيد الدّبّوسيّ.
والعتّابيّ: نسبة إلى «دار عتّاب» محلة ببخارى.
ذكره القرشيّ في طبقات الحنفية.
77 -
أحمد بن محمد بن عمر بن يوسف بن إدريس بن عبد الله بن ورد التميميّ (2).
من أهل المرية يكنى أبا القاسم ويعرف بابن ورد.
قال الملاحي: كان من جلة العلماء الفقهاء المحدّثين، وقال ابن الزبير كذلك، وزاد أنّه كان موفور الحظ من الأدب والنحو والتاريخ، متقدّما في علم الأصول والتفسير حافظا متفنّنا.
انتهت الرئاسة في مذهب مالك إليه وإلى القاضي أبي بكر بن العربي في وقتهما، لم يتقدمهما بالأندلس أحد في ذلك بعد وفاة القاضي أبي الوليد بن رشد.
(1) كلاباذ: بالفتح والباء الموحدة وآخره ذال معجمة، محلة ببخارى. (معجم البلدان لياقوت 4/ 293).
(2)
له ترجمة في: الديباج المذهب لابن فرحون 41، الصلة لابن بشكوال 1/ 83.
ونقل أن أبا عمر بن عات قال: حدّثت أن القاضي أبا بكر بن العربيّ اجتمع بابن ورد وسهرا ليلة واحدة في التناظر والتذاكر، فكانا عجبا، يتكلم أبو بكر فيظن السامع أنه ما ترك شيئا إلا أتى به، ثم يجيبه أبو القاسم بأبدع الجواب ينسى السامع ما سمع قبله، وكانا أعجوبتي دهرهما، وكان له مجلس يتكلم فيه على الصّحيحين، ويخص الأخمسة بالتفسير.
روى عن أبي علي الغسانيّ، وأبي الحسين بن سراج، وأبي بكر بن سابق الصّقليّ، وأبي محمد عبد الله بن فرح المعروف بابن الغسّال الزاهد، وغيرهم من الجلة.
روى عنه أبو جعفر بن الباذش، وابن حكم، وابن رفاعة وغيرهم. توفي سنة أربعين وخمسمائة.
78 -
أحمد بن محمد بن الفضل أبو بكر الخطيبي القزويني (1).
سمع بها الحديث وبالريّ، وكان له حظ من الفقه والتفسير، واللغة والنحو والشروط، صالح، ويقرأ عليه كل من هذه الفنون وهو ملازم مسجده، وكان ينظم الشعر. والقضاة يثقون بخطه وبجرحه وتعديله، ويعتمدون قوله.
سمع سنن ابن ماجة من الإمام ملكداد بن علي سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة.
ذكره الرافعي في «تاريخ قزوين» ، وقال: وأجاز له عامة شيوخ والدي.
(1) له ترجمة في: تاريخ قزوين، مصور بدار الكتب برقم 6154 ح، ص 219.
79 -
أحمد بن محمد بن محمد بن سعيد أبو العباس بن الخروبيّ الأنصاريّ الأندلسيّ الوادي آشي (1).
روى عن أبي بحر سفيان بن العاصي، وأبي بكر بن غالب بن عطية، وأبي الحسين شريح، وأبي علي الصّدفيّ، وأبي الحسن بن الباذش، وأبي الوليد بن رشد، وابن خيرة، وعبد الحق بن غالب بن عطية، وأجازه المازريّ.
وروى عنه أبو الخطاب بن واجب، وعبد المنعم بن الفرس، وأبو ذرّ الخشنيّ وأبو عبد الله الأندرشي وجماعة أجلاء فضلاء.
وكان فقيها عارفا متقنا للقراءات وأصول الفقه وعلم الكلام، حسن القيام على تفسير القرآن العظيم، محدثا رواية مكثرا، حسن المشاركة في كثير من فنون العلم، يغلب عليه حفظ اللغة والآداب، مقدما في كل ما ينتحله، موفور الحظ من علم العربية، يقرض يسيرا من الشعر، واستقضى ببلده فشكر. توفي سن اثنتين وعشرين وخمسمائة.
80 -
أحمد بن محمد بن المظفر بن المختار أبو العباس.
الفقيه الرازيّ الحنفيّ الصوفيّ المفسر.
قال القرشي: قدم دمشق وكان يفسر القرآن على المنبر بجامعها، ثم رحل منها متوجها إلى بلاد الروم، وتولى بها القضاء والتدريس، وسمع الحديث الكثير من أبي المعالي عبد المنعم بن عبد الله بن محمد بن الفضل الفراويّ، وبدمشق من أبي اليمن الكنديّ، وأبي المعالي محمد بن موهوب بن البناء وغيرهما.
(1) له ترجمة في: التكملة لابن الأبار 1/ 70، الديباج المذهب لابن فرحون 57، طبقات المفسرين للسيوطي 6.
ومن نظمه:
تفقد السّادات خدامهم
…
مكرمة لا ينقص السّؤددا
هذا سليمان على ملكه
…
قد قال ما لي لا أرى الهدهدا
81 -
أحمد بن محمد بن مكّي بن ياسين المخزوميّ الشيخ العلامة نجم الدين أبو العباس القموليّ (1).
المصري الشافعي، اشتغل إلى أن برع، وأفتى وصنّف، وولي قضاء قوص ثم إخميم ثم أسيوط والمنية والشرقية والغربية، ثم ولي نيابة الحكم بالقاهرة وحسبة مصر مع الوجه القبلي، ودرّس بالفخرية بالقاهرة، وبالفائزية بمصر.
وشرح «الوسيط» شرحا مطوّلا، أقرب تناولا من «المطلب» ، وأكثر فروعا، وإن كان كثير الاستمداد منه.
قال الإسنويّ: لا أعلم كتابا في المذهب أكثر مسائل منه، وسماه «البحر المحيط في شرح الوسيط» ثم لخص أحكامه خاصة «كتلخيص الرّوضة» من الرافعي سماه «جواهر البحر» و «شرح كافية ابن الحاجب في النحو» شرحا مطولا، و «شرح الأسماء الحسنى» في مجلد، وكمل «تفسير الإمام فخر الدّين» (2).
قال السّبكي في الطبقات الكبرى: كان من الفقهاء المشهورين،
(1) له ترجمة في: البداية والنهاية لابن كثير 14/ 131، حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 424، الدرر الكامنة لابن حجر 1/ 324، الطالع السعيد للادفوي 125، طبقات الشافعية للاسنوي 231، طبقات الشافعية للسبكي (ط. الحسينية 5/ 179)، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة ورقة 71 أ. النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 8/ 279.
(2)
طبقات الشافعية للاسنوي 231.
والصّلحاء المتورعين، يحكى أن لسانه كان لا يفتر عن قول:«لا إله إلا الله» ولم يبرح يفتي ويدرّس ويصنف ويكتب.
وكان الشيخ صدر الدين بن الوكيل يقول فيما نقل لنا عنه: ليس بمصر أفقه من القموليّ.
وقال جعفر الأدفويّ، قال: لي أربعون سنة أحكم ما وقع لي حكم خطأ ولا مكتوب فيه خلل. وكان مع جلالته في الفقه عارفا بالنحو والتفسير.
مولده سنة ثلاث وخمسين وستمائة، ومات يوم الأحد ثامن رجب سنة سبع وعشرين وسبعمائة عن ثمانين سنة ودفن بالقرافة.
وقمولا: بفتح القاف وضم الميم وإسكان الواو بلده في البر الغربيّ من الأعمال القوصية، قريبة من قوص.
82 -
أحمد بن محمد بن منصور بن أبي القاسم بن مختار بن أبي بكر بن علي أبو العبّاس المنعوت بناصر الدين المعروف بابن المنيّر الجروي الجذاميّ الإسكندرانيّ المالكيّ (1).
ولد سنة عشرين وستمائة، كان إماما بارعا في الفقه، ورسخ فيه وفي الأصلين والعربية وفنون شتى، وله اليد الطولي في علم النظر وعلم البلاغة والإنشاء، وكان متبحرا في العلوم مدققا فيها، له الباع الطويل في علم التفسير والقراءات، وكان علامة الإسكندرية وفاضلها.
(1) له ترجمة في: حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 316، الديباج المذهب لابن فرحون 71، العبر 5/ 342، فوات الوفيات 1/ 132، مرآة الجنان لليافعي 4/ 198، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 7/ 361.
وولي نظر الأحباس والمساجد وديوان النظر، ثم القضاء نيابة عن القاضي ابن التّنسيّ في سنة إحدى وخمسين وستمائة، ثم ولى القضاء استقلالا وخطابتها في سنة اثنتين وخمسين، ثم عزل عن ذلك، ثم ولي ثم عزل، وكان خطيبا مصقعا.
سمع من أبيه ومن أبي بحر عبد الوهاب بن رواح بن أسلم الطوسي بسماعه من السلفيّ.
قال ابن قريش (1): وخرجت له مشيخته وقرأتها عليه.
روى عنه أبو حيان وغيره، وتفقه بجماعة اختص منهم بالإمام العلامة أبي عمرو بن الحاجب وتفنن به، وفيه يقول:
لقد سئمت حياتي اليوم لولا
…
مباحث ساكن الإسكندريّة (2)
كأحمد سبط أحمد حين يأتي
…
بكل غريبة كالعبقريّة
تذكرني مباحثه زمانا
…
وإخوانا لقيتهم سريّة
زمانا كان الابياري فيه
…
مدرسنا وتغبطنا البريّة
مضوا فكأنهم إما منام
…
وإما صبحة أضحت عشيّة
وقوله سبط أحمد أشار به إلى جده لأمه، وهو كمال الدين الإمام أحمد ابن فارس.
وكان الشيخ عز الدين بن عبد السلام يقول: الديار المصرية تفتخر برجلين في طرفيها: ابن دقيق العيد [بقوص وابن المنير بالإسكندرية (3)]
(1) هو: إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرحمن المخزومي المصري، تاج الدين أبو الطاهر، كان ذا معرفة وفهم، مات سنة 694 هـ. (ذيل تذكرة الحفاظ للسيوطي 83).
(2)
الديباج المذهب لابن فرحون
(3)
تكملة عن: حسن المحاضرة للسيوطي، والديباج المذهب، وبها يتم المعنى.
[وسأله ابن دقيق العيد (1)] يوما عن الحجّة في كون عمل أهل المدينة حجّة، فقال. وهل يتّجه غير هذا! وذكر كلاما طويلا، فلم يتكلم الشيخ معه، فلمّا خرج سئل عن ترك الكلام معه، فقال: رأيت رجلا لا ينتصف منه إلا بالإساءة إليه.
وله تصانيف حسنة جليلة مفيدة، منها:«تفسير القرآن العظيم» سماه «البحر الكبير في نخب التفسير» واعترض عليه في هذه التسمية بأن البحر الكبير مالح، وأجيب عن ذلك بأنه محل العجائب والدرر، ومنها «الانتصاف من الكشّاف» ألفه في عنفوان الشبيبة، وكتب له عليه الشيخ عز الدين بن عبد السلام بالثناء عليه، وكذا الإمام شمس الدين الخسروشاهيّ، أحد شيوخ الشيخ شهاب الدين القرافي، وغيرهما من العلماء.
ومنها «المقتفى في آية الإسراء» وهو كتاب نفيس، فيه فوائد جليلة واستنباطات حسنة، وله «اختصار التهذيب» من أحسن مختصراته، وله على تراجم البخاري «مناسبات» وله «ديوان خطب» مشهور بديع، يسمى «عقود الجواهر على أجياد المنابر» وله «مناقب الشيخ أبي القاسم القبّاري» وأراد أن يصنّف في الردّ على الأحياء فخاصمته أمه، وقالت له:
فرغت من مضاربة الأحياء وشرعت في مضاربة الأموات! فتركه.
وله شعر لطيف، وذكر في ديباجة تفسيره أنه لم يجتمع بأبي عمرو بن الحاجب حتى ضغط مختصريه في الفقه والأصول، وأجازه ابن الحاجب بالإفتاء. ومات- قيل مسموعا- في يوم الخميس مستهل شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين وستمائة.
83 -
أحمد بن محمد بن موسى بن أبي عطاء أبو بكر القرشي (2).
(1) تكملة عن، وبها يستقيم الكلام.
(2)
له ترجمة في: طبقات المفسرين للسيوطي 6.
مولاهم الدّمشقي المفسّر، روى عن بكّار بن قتيبة، وعبد الله بن الحسين المصّيصيّ، وعنه أبو هاشم المؤدّب، وعبد الوهاب الكلابيّ، وغيرهما. مات سنة خمس وعشرين وثلاثمائة.
84 -
أحمد بن محمد بن هاشم الجلفريّ.
بضم الجيم وسكون اللام وفتح الفاء وراء، نسبة إلى «جلفر» إحدى قرى مرو، صاحب «التفسير» .
سمع مغيث بن بدر، وعنه خارجة ............... (1)
85 -
أحمد بن المعذّل (2).
من الطبقة الأولى الذين انتهى إليهم فقه مالك ممن لم يره ولم يسمع منه، من أهل العراق.
هو أحمد بن المعذّل بن غيلان بن الحكم العبديّ، يكنى أبا الفضل، بصري، وأصله من الكوفة.
وهو: الفقيه المتكلم من أصحاب عبد الملك بن الماجشون، ومحمد بن مسلمة، كان مفوّها ورعا، متبعا للسنة.
قال القاضي عياض: وسمع أيضا من إسماعيل بن أبي أويس، وبشر ابن عمر، وغيرهما، وعليه تفقه جماعة من كبار المالكية، كإسماعيل بن إسحاق القاضي، وأخيه حماد، ويعقوب بن شيبة، وسمع منه ابنه محمد بن أحمد، وعبد العزيز بن إبراهيم البصريّ، وغيرهم.
قال أبو عمر الصدفيّ: هو ثقة. وأثنى عليه أبو حاتم.
(1) بياض في الأصل.
(2)
له ترجمة في: ترتيب المدارك للقاضي عياض 1/ 550، الديباج المذهب لابن فرحون 30، العبر للذهبي 1/ 434.
وقال أبو سليمان الخطّابيّ: أحمد بن المعذّل، مالكيّ المذهب، يعدّ في زهاد أهل البصرة وعلمائها.
وقال أبو خليفة الفضل [بن](1) الحباب الجمحيّ القاضي، لأبي بكر النقّاش: أحمدنا يعني ابن المعذّل: أفضل من أحمدكم، يعني أحمد بن حنبل، قيل: وكان ابن المعذّل من العلماء الأدباء الفصحاء النظار، فقيها بمذهب مالك، ذا فضل ووصل وورع ودين وعبادة ليلا، له أشعار ملاح.
وكان أخوه عبد الصمد يؤذيه ويهجوه، فكان أحمد يقول له: أنت كالإصبع الزائدة، إن تركت شانت، وإن قطعت آلمت، فأجابه عبد الصمد:
أطاع الفريضة والسنة
…
فتاه على الإنس والجنة
كأن لنا النار من دونه
…
وأفرده الله بالجنة
وينظر نحوي إذا زرته
…
بعين حماة إلى كنه
وكان أحمد من الأبهة والتمسك بالمنهاج، والتجنب للعيب، وعدم التعرض لما في أيدي الناس، والزهد فيه على غاية، وكان من أفصح الناس وأبلغهم وأنسكهم وأصمتهم، حتى نسب بذلك إلى الكبر.
وكان يسمى الراهب لفقهه ونكسه، لم يكن المالك بالعراق أرفع منه، ولا أعلى درجة ولا أبصر بمذهب أهل الحجاز، منه.
وقال أحمد بن المعذّل: دخلت المدينة فتحملت على عبد الملك بن الماجشون، برجل ليخصّني ويعني بي، فلما فاتحني قال: ما تحتاج أنت إلى شفيع. معك من الحذاء والسقاء ما تأكل به لب الشجر، وتشرب به صفو
(1) تكملة عن: ترتيب المدارك للقاضي عياض.
الماء، وكان يذهب إلى البادية ويكتب عن الأعراب، وقيل إنه توفي وقد قارب الأربعين سنة.
قال القاضي عياض في أول المدارك: كثير من يقول أحمد بن المعدّل بدال مهملة وصوابه معجمة، انتهى، وبما ضبطه القاضي عياض، ضبطه الدارقطنيّ وغيره.
قال في الصحاح: ورجل معذّل لإفراطه في الجود، شدّد للكثرة.
ولابن المعذّل كتاب «فضائل القرآن» و «أحكام القرآن» .
86 -
أحمد بن مغيث بن أحمد بن مغيث أبو جعفر الصدفيّ الطّليطلي المالكيّ (1).
كان من أهل البراعة والفهم والرئاسة في العلم، متفنّنا، عالما بالحديث وعلله، وبالفرائض والحساب واللغة والنحو، وله يد طولى في التفسير.
وله كتاب «المقنع في عقد الشروط» . مات في صفر سنة تسع وخمسين وأربعمائة، وولد سنة ست وأربعمائة.
87 -
أحمد بن موسى بن مردويه الأصبهانيّ (2).
الحافظ الكبير، الثبت العلامة، صاحب «التفسير» و «التاريخ» وغير ذلك.
(1) له ترجمة في: إنباه الرواة للقفطي 1/ 135، الديباج المذهب لابن فرحون 40، الصلة لابن بشكوال 1/ 63، طبقات المفسرين للأدنةوي، ميكروفيلم بدار الكتب رقم 3466، ورقة 32 ب، طبقات المفسرين للسيوطي 6.
(2)
له ترجمة في: تاريخ أصبهان لابن العماد الحنبلي 1/ 168، تذكرة الحفاظ للذهبي 3/ 1050، الرسالة المستطرفة للكتاني 26، العبر للذهبي 3/ 102، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 4/ 245.
روي عن أبي سهل بن زياد القطّان، وميمون بن إسحاق، وعبد الله بن إسحاق الخراسانيّ، ومحمد بن عبد الله بن علم الصفّار، وإسماعيل الخطبيّ، ومحمد بن علي بن دحيم الشيبانيّ، وأحمد بن عبد الله بن دليل، وإسحاق بن محمد بن علي الكوفيّ، ومحمد بن أحمد بن علي الأسواريّ، وأحمد بن عيسى الخفاف، وأحمد بن محمد بن عاصم الكرّانيّ، وطبقتهم.
روى عنه أبو القاسم عبد الرحمن بن منده، وأخوه عبد الوهاب، وأبو الخير محمد بن أحمد بن ررا (1)، وأبو منصور محمد بن شكرويه، وأبو بكر محمد بن الحسن بن محمد بن سليم، وأبو عبد الرحمن الثقفيّ الرئيس، وأبو مطيع محمد بن عبد الواحد المصريّ، وأحمد بن عبد الرحمن الذكوانيّ، وهو راوي التفسير عنه، وخلق كثير.
وعمل «المستخرج على صحيح البخاريّ» وكان قيّما بمعرفة هذا الشأن، بصيرا بالرجال، طويل الباع، مليح التصانيف.
ولد سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، ومات لست بقين من رمضان سنة عشر وأربعمائة.
88 -
أحمد بن ناصر بن طاهر العلامة برهان الدين أبو المعالي الشريف الحسينيّ الحنفيّ (2).
ذكره البرزاليّ فقال: كان إماما علّامة زاهدا عابدا مفتيا، وعنده انقطاع وعبادة وزهد ومعرفة بالتفسير والفقه والأصول.
صنّف «تفسيرا» في سبع مجلدات، و «كتابا في أصول الدين» فيه سبعون مسألة.
(1) بمهملتين مفتوحتين، تبصير المنتبه لابن حجر 2/ 598.
(2)
له ترجمة في: تاج التراجم لابن قطلوبغا 11، الجواهر المضيئة للقرشي 1/ 129، طبقات المفسرين للسيوطي 7، وهو فيها: إسماعيل بن ناصر.
توفي في شوال سنة تسع وثمانين وستمائة بدمشق، ودفن بمقابر الصوفية.
89 -
أحمد بن يحيى بن زيد بن سيّار الشّيبانيّ مولاهم الإمام العلامة المحدث شيخ اللغة والعربية أبو العباس ثعلب (1).
إمام الكوفيين فيهما، ولد سنة مائتين، وابتدأ بالطلب في العربية والشعر واللغة سنة ست عشرة، وحفظ كتب الفرّاء فلم يشذ عنه منها حرف، وعني بالنحو أكثر من غيره، فلما أتقنه أكبّ على الشّعر والمعاني والغريب. ولازم ابن الأعرابيّ بضع عشرة سنة.
وسمع من إبراهيم بن المنذر الحزاميّ، ومحمد بن سلّام الجمحيّ، وعبيد الله بن عمر القواريريّ، وعليّ بن المغيرة الأثرم. وسلمة بن عاصم، وخلق سواهم.
وروي عنه محمد بن العباس اليزيديّ، والأخفش الأصغر، ونفطويه، وأبو عمر الزّاهد وجمع.
قال بعضهم: إنما فضل أبو العباس أهل عصره بالحفظ للعلوم التي تضيق عنها الصدور.
وقال ثعلب: كنت أصير إلى الرّياشي لأسمع منه، فقال لي يوما وقد قرئ عليه:
ما تنقم الحرب العوان منّي
…
بازل عامين صغير سنّي
كيف تقول: بازل أو بازل؟ فقلت: أتقول لي هذا في العربية؟ إنما
(1) له ترجمة في: انباه الرواة للقفطي 1/ 138، الأنساب للسمعاني، الورقة 555، البداية والنهاية لابن كثير 11/ 98، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي 5/ 204، تذكرة الحفاظ للذهبي 2/ 666، طبقات الحنابلة 1/ 83، طبقات القراء لابن الجزري 1/ 148، العبر 2/ 88، الفهرست لابن النديم 74، اللباب 3/ 217، مرآة الجنان 2/ 219، معجم الأدباء 2/ 133، مفتاح السعادة 1/ 180، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 3/ 133، وفيات الأعيان لابن خلكان 1/ 84.
أقصدك لغير هذا، يروى بالرفع على الاستئناف والنصب على الحال والخفض على الإتباع. فاستحيا وأمسك.
قال: وكان محمد بن عبد الله بن طاهر يكتب ألف درهم واحدة، بالهاء، فإذا مرّ به ألف درهم واحد أصلحه واحدة، وكان كتّابه يهابون أن يكلّموه في ذلك، فقال يوما: أتدري لم عمل الفرّاء كتاب البهاء؟ قلت لا.
قال: لعبد الله أني، بأمر طاهر جدّي، قلت له: إنه قد عمل له كتبا منها كتاب «المذكر والمؤنث» ، قال: وما فيه؟ قلت: مثل ألف درهم واحد، ولا يجوز واحدة، فتنبه وأقلع.
قال أبو الطيّب اللّغويّ: كان ثعلب يعتمد على ابن الأعرابيّ في اللغة وعلى سلمة (1) عن عاصم في النحو، ويروى عن ابن نجدة كتب أبي زيد، وعن الأثرم كتب أبي عبيدة، وعن أبي نصر كتب الأصمعي، وعن عمرو ابن أبي عمرو كتب أبيه.
وكان ثقة متقنا يستغني بشهرته عن نعته، وكان ضيّق النفقة مقترا على نفسه، وكان بينه وبين المبرّد منافرة، فقيل له قد هجاك المبرد، فقال:
بماذا؟ فقيل: بقوله:
أقسم بالمبتسم العذب
…
ومشتكى الصب إلى الصبّ (2)
لو أخذ النحو عن الرب
…
ما زاده إلا عمى القلب
فقال: أنشدني من أنشده أبو عمرو بن العلاء:
يشتمني عبد بني مسمع
…
فصنت عنه النفس والعرضا (3)
ولم أجبه لاحتقاري له
…
من ذا يعض الكلب إن عضّا
(1) في الأصل «ابن سلمة» ، والصواب في: معجم الأدباء لياقوت.
(2)
إنباه الرواة، ومعجم الأدباء لياقوت.
(3)
معجم الأدباء لياقوت، وأنباه الرواة للقفطي.
وقال أبو بكر بن مجاهد: قال ثعلب يا أبا بكر، اشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا، وأصحاب الحديث بالحديث ففازوا، وأصحاب الفقه بالفقه ففازوا؛ واشتغلت أنا بزيد وعمرو، فليت شعري ماذا يكون حالي؟
فانصرفت من عنده، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة فقال لي:
أقرئ أبا العباس مني السلام، وقل له: أنت صاحب العلم المستطيل.
قال أبو عبد الله الروذباريّ، العبد الصالح، أراد أن الكلام به يكمل، والخطاب به يجمل، وأن جميع العلوم مفتقرة إليه.
وقال أبو عمر الزاهد: سئل ثعلب عن شيء فقال: لا أدري، فقيل له:
أتقول: لا أدري، وإليك تضرب أكباد الإبل من كلّ بلد! فقال: لو كان لأمّك بعدد ما لا أدري بعر لاستغنت.
صنف «المصون في النحو» ، «اختلاف النحويين» ، «معاني القرآن» ، «معاني الشعر» ، «القراءات» ، «التصغير» ، «الوقف والابتداء» ، «الهجاء» ، «الأمالي» ، «غريب القرآن» ، «كتاب ما ينصرف وما لا ينصرف» ، «ما يجرى وما لا يجرى» ، «الأمثال» ، «الإيمان والدواهي» ، «استخراج الألفاظ من الأخبار» ، «المسائل» ، «حدّ النحو» ، «تفسير كلام ابنة الخسّ» ، «المجالسات» ، «الفصيح» - وقيل هو للحسن بن داود الرّقيّ، وقيل: ليعقوب ابن السّكيت- وله أشياء أخر.
وثقل سمعه بأخرة، ثم صمّ، فانصرف يوم الجمعة من الجامع بعد العصر وإذا بدوابّ من ورائه، فلم يسمع صوت حافرها، فصدمته فسقط على رأسه في هوّة من الطريق، فلم يقدر على القيام، فحمل إلى منزله.
ومات فيه ثاني يوم السبت لعشر خلون- وقيل لثلاث عشرة بقيت-
من جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين ومائتين، وخلّف كتبا تساوي جملة وألفي دينار وواحدا وعشرين ألف درهم، ودكاكين تساوي ثلاثة آلاف دينار؛ فردّ ماله على ابنته.
ورثاه بعضهم بقوله:
مات ابن يحيى فماتت دولة الأدب
…
ومات أحمد أنحى العجم والعرب (1)
فإن تولّى أبو العبّاس مفتقدا
…
فلم يمت ذكره في النّاس والكتب
وذكره الداني في طبقات القرّاء فقال: روى القراءة عن سلمة بن عاصم عن أبي الحارث، عن الكسائيّ عن الفراء، وله كتاب حسن فيها.
روى القراءة عنه ابن مجاهد وابن الأنباريّ وغيرهما.
وذكره الذهبي في طبقات الحفاظ، وقال: إنما أخرجته في هذا الكتاب لأنه قال: سمعت من القواريريّ مائة ألف حديث.
وقال الخطيب: كان ثعلب ثقة حجّة ديّنا صالحا مشهورا بالحفظ.
90 -
أحمد بن يوسف بن أصبغ بن خضر الأنصاريّ المالكيّ (2).
من أهل طليطلة؛ يكنى أبا عمر.
سمع من أبيه يوسف بن أصبغ، وعبد الرحمن بن محمد بن عبّاس.
وكان ماهرا في الحديث، والتفسير، والفرائض. وشوور في الأحكام.
وكانت له رحلة إلى المشرق وحج فيها، وولي القضاء بطليطلة وكان مرضيا.
(1) معجم الأدباء لياقوت الحموي 2/ 152.
(2)
له ترجمة في: الصلة لابن بشكوال 1/ 71، طبقات المفسرين للأدنةوي، ميكروفيلم بدار الكتب رقم 3466، ورقة 37 ب، طبقات المفسرين للسيوطي 6.
توفيّ بقرطبة في شعبان سنة تسع وسبعين وأربعمائة (1)، رحمه الله وإيانا.
91 -
أحمد بن يوسف بن حسن بن رافع بن حسين (2).
الإمام العلامة الزاهد الكبير موفق الدين أبو العباس الموصلي الكواشي الشيباني الشافعي المفسّر.
نزيل الموصل، ولد بكواشة. وهي قلعة من أعمال الموصل، سنة تسعين- أو إحدى وتسعين- وخمسمائة.
اشتغل وبرع في القراءات والتفسير والفضائل، وقرأ على والده، وقدم دمشق فأخذ عن السخاوي وغيره، وحج وزار بيت المقدس، ورجع إلى بلده وتعبد.
قال الذهبي: وكان منقطع القرين عديم النظير زهدا وصلاحا وتبتّلا وصدقا واجتهادا، وكان يزوره السلطان فمن دونه فلا يعبأ بهم ولا يقوم لهم، ولا يقبل لهم شيئا، وله كشف وكرامات، وأضر قبل موته بنحو من عشر سنين.
قال الذهبي: وبلغنا أنه اشترى قمحا من قرية الجابية (3) لكونها من فتوح عمر رضي الله عنه، ثلاثة أمداد وحملها إلى الموصل، فزرعها بأرض البقعة، وخدمها بيده، ثم حصدها وتقوت منه.
(1) في الأصل «وتسعمائة» تحريف، صوابه في: مصادر الترجمة.
(2)
له ترجمة في: تذكرة الحفاظ للذهبي 4/ 1465، طبقات الشافعية للسبكي (ط، الحسينية) 5/ 18، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 54 ب، طبقات القراء للذهبي 2/ 547، طبقات القراء لابن الجزري 1/ 151، العبر للذهبي 5/ 327، النجوم الزاهرة لابن تغري بردي 7/ 348.
(3)
الجابية، بكسر الباء وياء مخففة، قرية من أعال دمشق (معجم البلدان لياقوت 2/ 3).
وخبأ بذرا ثم زرعه فنما وكثر، إلى أن بقي يدخل عليه من ذلك القمح ما يقوم به وبجماعة من أصحابه.
قال الشيخ تقي الدين أبو بكر المقصّاتي: قرأت على الشيخ موفق الدين تفسيره، فلما بلغت إلى والفجر منعني من إتمام الكتاب، وقال أنا أجيزه لك، ولا تقول قرأته كله على المصنف، يعني أن للنفس في ذلك حظا.
قال: وغبت عنه سنة ونصفا، فجئت ودققت الباب، وكان قد أضرّ فجاء ليفتح وقال: من، ذا أبو بكر، فاعتددتها له كرامة.
صنف «التفسير الكبير» ، و «التفسير الصغير» وجوّد فيه الإعراب، وحرّر أنواع الوقوف، وأرسل منه نسخة إلى مكة والمدينة والقدس.
قال شيخنا الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي في «طبقات النحاة» في ترجمته: وعليه اعتمد الشيخ جلال الدّين المحليّ في «تفسيره» ، واعتمدت عليه أنا في تكملته مع «الوجيز» و «تفسير البيضاويّ» و «ابن كثير» .
وأشهر [من](1) أخذ عنه القراءات محمد بن عليّ بن خروف الموصلي، وتقيّ الدين المقصّاتي نائب الخطابة بدمشق. مات بالموصل في سابع عشر جمادى الآخرة سنة ثمانين وستمائة.
92 -
أحمد بن يوسف بن محمد بن عبد الدائم الحلبيّ (2).
شهاب الدين أبو العبّاس المقرئ النحويّ الشافعيّ نزيل القاهرة المعروف بالسّمين.
قرأ النحو على أبي حيّان، والقراءات على ابن الصّائغ، وسمع الحديث
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2)
له ترجمة في: حسن المحاضرة للسيوطي 1/ 536، الدرر الكامنة لابن حجر 1/ 360، طبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 80 أ، طبقات القراء لابن الجزري 1/ 152.
من يونس الدّبوسيّ، وولي تدريس القراءات والنحو بالجامع الطولونيّ، والإعادة بالشافعيّ، وناب في الحكم بالقاهرة وولي نظر الأوقاف.
وصنف تصانيف حسنة، منها؛ «تفسير القرآن» مطوّل وقد بقي منه أوراق قلائل في عشرين سفرا، و «إعراب القرآن» سمّاه «الدّر المصون» في أربعة أجزاء ألفه في حياة شيخه أبي حيّان إلا أنه زاد عليه، وناقشه في مواضع مناقشة حسنة، و «أحكام القرآن» وشرح «التسهيل» شرحا مختصرا من شرح أبي حيّان وشرح «الشاطبيّة» .
قال الإسنويّ: كان فقيها بارعا في النحو والتفسير وعلم القراءات ويتكلم في الأصول خيّرا ديّنا، مات في جمادى الآخرة، وقيل: في شعبان سنة ست وخمسين وسبعمائة.
93 -
أبو أحمد بن جزيّ الكلبيّ المالكيّ (1).
كان شيخا جليلا ورعا زاهدا عابدا متقلّلا من الدنيا، وكان فقيها مفسّرا.
وله «تفسير القرآن العزيز» . توفي في حدود العشرين وستمائة.
94 -
أحمشاد (2) بن عبد السلام بن محمود- وهو فرد- ابن عبد السلام بن محمود (3).
أبو المكارم الغزنويّ الحنفيّ الفقيه الواعظ.
(1) له ترجمة في: الديباج المذهب لابن فرحون 99.
(2)
ترجم له تقي الدين عبد القادر التميمي فقال: أحمد شاد، كذا رأيته في غالب الكتب والأشعار التي له فيها ذكر، وبعضهم كتبها «أحمشاد» فوصل بين الميم والشين وأسقط الدال، وأتى به في الشعر كذلك، بحيث لو أتى بالدال لذهب الوزن فيه، ولعل إسقاط الدال لضرورة الشعر (الطبقات السنية لتقي الدين الغزي ورقة 113 ب).
(3)
له ترجمة في الجواهر المضيئة 1/ 135، الطبقات السنية الورقة 113/ ب.