الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَنَحْوُهُ، فَإِنْ عَلِمَتْ الْمَرْأَةُ وَنَحْوُهَا رِضَاهُ بِهِ جَازَ كَمَا سَبَقَ فِي النَّفَقَةِ.
(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْإِذْنَ فِي الدُّخُولِ عَلَيْهَا وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ مُطْلَقُ دُخُولِ الْبَيْتِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ دُخُولٌ عَلَيْهَا بِأَنْ أَذِنَتْ فِي دُخُولِ شَخْصٍ فِي مَكَان لَيْسَتْ فِيهِ إمَّا مِنْ حُقُوقِ الدَّارِ الَّتِي هِيَ فِيهَا وَإِمَّا فِي دَارٍ أُخْرَى مُنْفَرِدَةٍ عَنْ سَكَنِهَا وَهَذَا الِاحْتِمَالُ الثَّانِي هُوَ مُقْتَضَى اللَّفْظِ فَإِنَّهُ لَيْسَ فِيهِ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِكَوْنِ الدُّخُولِ عَلَيْهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ وَمُسْلِمٍ تَقْيِيدُ الْمَنْعِ بِكَوْنِ الزَّوْجِ شَاهِدًا أَيْ حَاضِرًا وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ لَهَا الْإِذْنَ فِي غَيْبَتِهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ هَذَا الْقَيْدَ فِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ وَالْأَخْذُ بِالْإِطْلَاقِ هُنَا أَوْلَى فَإِنَّ غَيْبَتَهُ فِي ذَلِكَ كَحُضُورِهِ بَلْ أَوْلَى بِالْمَنْعِ، فَقَدْ يَسْمَحُ الْإِنْسَانُ بِدُخُولِ النَّاسِ مَنْزِلَهُ فِي حُضُورِهِ وَلَا يَسْمَحُ بِذَلِكَ فِي غَيْبَتِهِ وَحِينَئِذٍ فَذِكْرُ الْقَيْدِ فِي رِوَايَةِ الْمُصَنِّفِ وَمُسْلِمٍ خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ فِي أَنَّ الْإِذْنَ لِلضِّيفَانِ وَنَحْوِهِمْ إنَّمَا يَكُونُ مَعَ حُضُورِ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ أَمَّا إذَا كَانَ مُسَافِرًا فَالْغَالِبُ أَنْ لَا يُطْرَقَ مَنْزِلُهُ أَصْلًا وَلَوْ طُرِقَ لَمْ تَأْذَنْ الْمَرْأَةُ فِي دُخُولِهِ، وَقَدْ قَالَ عليه الصلاة والسلام «إيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى الْمُغَيَّبَاتِ» وَهُنَّ اللَّاتِي غَابَ عَنْهُنَّ أَزْوَاجُهُنَّ وَمَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ لَا مَفْهُومَ لَهُ كَمَا تَقَرَّرَ فِي عِلْمِ الْأُصُولِ، وَقَدْ يُقَالُ هَذَا الْقَيْدُ مَعْمُولٌ بِهِ فَإِنَّهُ إذَا حَضَرَ يَعْسُرُ اسْتِئْذَانُهُ وَإِذَا غَابَ تَعَذَّرَ، وَقَدْ تَدْعُو الضَّرُورَةُ إلَى الدُّخُولِ عَلَيْهَا فَيُبَاحُ لَهَا حِينَئِذٍ ذَلِكَ لِلِاحْتِيَاجِ إلَيْهِ مَعَ عَدَمِ الِاسْتِئْذَانِ لِتَعَذُّرِهِ وَالْأَوَّلُ أَقْرَبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة نَفَقَة الْمَرْأَة مِنْ غَيْر إِذْن زَوْجهَا]
1
(الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ) قَوْلُهُ «وَمَا أَنْفَقَتْ مِنْ كَسْبِهِ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَإِنَّ نِصْفَ أَجْرِهِ لَهُ» قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ مَعْنَاهُ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ الصَّرِيحِ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ الْمُعَيَّنِ وَيَكُونُ مَعَهَا إذْنٌ عَامٌّ سَابِقٌ مُتَبَادَلٌ لِهَذَا الْقَدْرِ وَغَيْرِهِ إمَّا بِالصَّرِيحِ وَإِمَّا بِالْعُرْفِ. قَالَ وَلَا بُدَّ مِنْ هَذَا التَّأْوِيلِ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام جَعَلَ الْأَجْرَ مُنَاصَفَةً وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا إذَا أَنْفَقَتْ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ صَرِيحٍ وَلَا مَعْرُوفٍ مِنْ الْعُرْفِ فَلَا أَجْرَ لَهَا بَلْ عَلَيْهَا وِزْرٌ فَيَتَعَيَّنُ تَأْوِيلُهُ. قَالَ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ مَفْرُوضٌ فِي قَدْرٍ يَسِيرٍ يُعْلَمُ رِضَى الْمَالِكِ بِهِ فِي الْعَادَةِ فَإِنْ زَادَ عَلَى الْمُتَعَارَفِ لَمْ يَجُزْ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا أَنْفَقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ طَعَامِ بَيْتِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ» فَأَشَارَ صلى الله عليه وسلم إلَى أَنَّهُ قَدْرٌ يُعْلَمُ رِضَا الزَّوْجِ بِهِ فِي الْعَادَةِ وَنَبَّهَ بِالطَّعَامِ أَيْضًا عَلَى
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يُسْمَحُ بِهِ فِي الْعَادَةِ بِخِلَافِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ فِي حَقِّ أَكْثَرِ النَّاسِ وَفِي كَثِيرٍ مِنْ الْأَحْوَالِ انْتَهَى.
وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ ذَلِكَ عَلَى مَا إذَا أَنْفَقَتْ مِنْ مَالِهَا الَّذِي اكْتَسَبَهُ وَأَعْطَاهُ لَهَا فِي نَفَقَتِهَا فَلَهَا الْأَجْرُ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهَا فِي إنْفَاقِهِ؛ لِأَنَّهُ خَالِصُ مِلْكِهَا وَلَهُ الْأَجْرُ بِاكْتِسَابِهِ وَدَفْعِهِ لَهَا كَمَا قَالَ عليه الصلاة والسلام «حَتَّى مَا تَجْعَلُهُ فِي فِي امْرَأَتِك» فَجَعَلَ لَهُ الْأَجْرَ فِيمَا أَعْطَاهُ لَهَا فَكَيْفَ مَا انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ أَنَّهَا تَصَدَّقَتْ بِهِ فَكَانَ بِاكْتِسَابِهِ سَبَبًا لِتِلْكَ الصَّدَقَةِ وَيَدُلُّ لِهَذَا مَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَقِبَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ هَذَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْمَرْأَةِ تَصَدَّقُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا؟ قَالَ لَا إلَّا مِنْ قُوتِهَا وَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَصَدَّقَ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا إلَّا بِإِذْنِهِ وَهَذَا إمَّا مَرْفُوعٌ إنْ كَانَ لَا يُقَالُ مِثْلُهُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ وَإِمَّا مَوْقُوفٌ لَكِنَّهُ مِنْ كَلَامِ رَاوِي الْحَدِيثِ فَهُوَ أَعْلَمُ بِتَفْسِيرِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد عَقِبَ رِوَايَتِهِ هَذَا يُضَعِّفُ حَدِيثَ هَمَّامٍ كَذَا حَكَى الْمُزَنِيّ فِي الْأَطْرَافِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي أَصْلِنَا مِنْ السُّنَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ) قَوْلُهُ «فَإِنَّ نِصْفَ أَجْرِهِ لَهُ» أَيْ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ لَهَا، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد «فَلَهَا نِصْفُ أَجْرِهِ» فَحَصَلَ مِنْ مَجْمُوعِ الرِّوَايَتَيْنِ أَنَّهُ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ وَيُوَافِقُ ذَلِكَ مَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ «عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ قَالَ: كُنْت مَمْلُوكًا فَسَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَصَدَّقُ مِنْ مَالِ مَوَالِيَّ بِشَيْءٍ؟ قَالَ نَعَمْ وَالْأَجْرُ بَيْنَكُمَا نِصْفَانِ» وَفِي لَفْظٍ لَهُ «أَمَرَنِي مَوْلَايَ أَنْ أُقَدِّدَ لَحْمًا فَجَاءَنِي مِسْكِينٌ فَأَطْعَمْته مِنْهُ فَعَلِمَ بِذَلِكَ مَوْلَايَ فَضَرَبَنِي فَأَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْت ذَلِكَ لَهُ فَدَعَاهُ فَقَالَ لِمَ ضَرَبْته؟ قَالَ يُعْطِي طَعَامِي بِغَيْرِ أَنْ آمُرَهُ، قَالَ الْأَجْرُ بَيْنَكُمَا» وَهَذِهِ الْمُنَاصَفَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ لَيْسَتْ عَلَى حَقِيقَتِهَا وَظَاهِرِهَا بَلْ الْمُرَادُ أَنَّ لِهَذَا ثَوَابًا وَلِهَذَا ثَوَابًا وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مِقْدَارُ ثَوَابِهِمَا سَوَاءً بَلْ قَدْ يَكُونُ ثَوَابُ هَذَا أَكْثَرَ، وَقَدْ يَكُونُ عَكْسَهُ، وَقَوْلُهُ هُنَا نِصْفَانِ مَعْنَاهُ قِسْمَانِ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَكْثَرَ كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ
إذَا مِتُّ كَانَ النَّاسُ نِصْفَانِ
…
شَامِتٌ وَآخَرُ مُثْنٍ بِاَلَّذِي كُنْتُ أَصْنَعُ
فَإِذَا أَعْطَى الْمَالِكُ لِخَازِنِهِ أَوْ امْرَأَتِهِ أَوْ غَيْرِهِمَا مِائَةَ دِرْهَمٍ أَوْ نَحْوَهَا لِيُوَصِّلَهَا إلَى مُسْتَحِقِّ الصَّدَقَةِ عَلَى بَابِ دَارِهِ أَوْ نَحْوِهِ فَأَجْرُ الْمَالِكِ أَكْثَرُ وَإِنْ أَعْطَاهُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
رُمَّانَةً أَوْ رَغِيفًا وَنَحْوَهُمَا حَيْثُ لَيْسَ لَهُ كَبِيرُ قِيمَةٍ لِيَذْهَبَ بِهِ إلَى مُحْتَاجٍ فِي مَسَافَةٍ بَعِيدَةٍ بِحَيْثُ يُقَابَلُ مَشْيُ الذَّاهِبِ إلَيْهِ بِأُجْرَةٍ تَزِيدُ عَلَى الرُّمَّانَةِ وَالرَّغِيفِ فَأَجْرُ الْوَكِيلِ أَكْثَرُ، وَقَدْ يَكُونُ عَمَلُهُ قَدْرَ الرَّغِيفِ مَثَلًا فَيَكُونُ مِقْدَارُ الْأَجْرِ سَوَاءً، ذَكَرَ ذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ ثُمَّ قَالَ وَأَشَارَ الْقَاضِي إلَى أَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَا سَوَاءً لِأَنَّ الْأَجْرَ فَضْلٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا يُدْرَكُ بِقِيَاسٍ وَلَا هُوَ بِحَسْبِ الْأَعْمَالِ وَذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مِنْ يَشَاءُ. قَالَ النَّوَوِيُّ وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ، وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ الْمَعْنَى بِالْمُنَاصَفَةِ هَهُنَا أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْمَثُوبَةِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ أَجْرٌ كَامِلٌ وَهُمَا اثْنَانِ فَكَأَنَّهُمَا نِصْفَانِ انْتَهَى.
وَقَالَ وَالِدِي رحمه الله فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي بَقِيَّةِ حَدِيثِ عَائِشَةَ لَا يَنْقُصُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ أَجْرِ صَاحِبِهِ شَيْئًا.
(الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ) ذَكَرَ وَالِدِي رحمه الله فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ حَدِيثَ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ قَالَ: «سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ لَا تُنْفِقُ امْرَأَةٌ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا الطَّعَامَ؟ قَالَ ذَلِكَ أَفْضَلُ أَمْوَالِنَا» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (فِي الْمَرْأَةِ تَصَدَّقُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا قَالَ لَا إلَّا مِنْ قُوتِهَا وَالْأَجْرُ بَيْنَهُمَا وَلَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَصَدَّقَ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا إلَّا بِإِذْنِهِ) وَمَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ «لَمَّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ قَامَ خَطِيبًا فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ لَا يَجُوزُ لِامْرَأَةٍ عَطِيَّةٌ إلَّا بِإِذْنِ زَوْجِهَا» وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «إذَا تَصَدَّقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا كَانَ لَهَا أَجْرٌ وَلِزَوْجِهَا مِثْلُ ذَلِكَ وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ وَلَا يُنْقِصُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ أَجْرِ صَاحِبِهِ شَيْئًا، لَهُ بِمَا كَسَبَ وَلَهَا بِمَا أَنْفَقَتْ» وَمَا رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ الْخَمْسَةُ عَنْ أَسْمَاءَ «أَنَّهَا جَاءَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَيْسَ لِي شَيْءٌ إلَّا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ فَهَلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ أَنْ أَرْضَخَ مِمَّا يُدْخِلُ عَلَيَّ فَقَالَ ارْضَخِي مَا اسْتَطَعْت وَلَا تُوعِي فَيُوعِيَ اللَّهُ عَلَيْك» لَفْظُ مُسْلِمٍ وَهُوَ أَتَمُّ وَمَا رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا أَعْطَتْ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْمَرْأَةُ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا بِطِيبِ نَفْسٍ غَيْرَ مُفْسِدَةٍ فَإِنَّ لَهَا مِثْلَ أَجْرِهِ لَهَا مَا نَوَتْ حَسَنًا، وَلِلْخَازِنِ مِثْلُ ذَلِكَ» لَفْظُ التِّرْمِذِيِّ وَمَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (إذَا أَنْفَقَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ كَسْبِ زَوْجِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ عَنْ غَيْرِ أَمْرِهِ فَلَهَا نِصْفُ أَجْرِهِ) وَهُوَ حَدِيثُ الْبَابِ وَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ «لَمَّا بَايَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النِّسَاءَ قَامَتْ امْرَأَةٌ جَلِيلَةٌ كَأَنَّهَا مِنْ نِسَاءِ مُضَرَ فَقَالَتْ يَا نَبِيَّ اللَّهِ إنَّا كَلٌّ عَلَى آبَائِنَا وَأَبْنَائِنَا» قَالَ أَبُو دَاوُد وَأَرَى فِيهِ «وَأَزْوَاجِنَا فَمَا يَحِلُّ لَنَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ؟ قَالَ الرُّطَبُ تَأْكُلْنَهُ وَتُهْدِينَهُ» ثُمَّ قَالَ: أَحَادِيثُ الْبَابِ (مِنْهَا) مَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِ الْمَرْأَةِ أَنْ تُنْفِقَ مِنْ بَيْتِ زَوْجِهَا إلَّا بِإِذْنِهِ وَهُوَ حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الْأَوَّلُ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو.
(وَمِنْهَا) مَا يَدُلُّ عَلَى الْإِبَاحَةِ وَهُوَ حَدِيثُ عَائِشَةَ الْأَوَّلُ وَحَدِيثُ أَسْمَاءَ.
(وَمِنْهَا) مَا قُيِّدَ فِيهِ التَّرْغِيبُ فِي الْإِنْفَاقِ بِكَوْنِهِ بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ وَبِكَوْنِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ وَهُوَ أَصَحُّهَا.
(وَمِنْهَا) مَا هُوَ مُقَيَّدٌ بِكَوْنِهَا غَيْرَ مُفْسِدَةٍ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَمْرِهِ وَهُوَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ الثَّانِي.
(وَمِنْهَا) مَا قُيِّدَ الْحِلُّ فِيهِ بِكَوْنِهِ رُطَبًا وَهُوَ حَدِيثُ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ. قَالَ وَكَيْفِيَّةُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنَّ ذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ عَادَاتِ الْبِلَادِ وَبِاخْتِلَافِ حَالِ الزَّوْجِ فِي مُسَامَحَتِهِ بِذَلِكَ وَكَرَاهَتِهِ لَهُ وَبِاخْتِلَافِ الْحَالِ فِي الشَّيْءِ الْمُنْفَقِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ شَيْئًا يَسِيرًا يُتَسَامَحُ بِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ لَهُ خَطَرٌ فِي النَّفْسِ يُبْخَلُ بِمِثْلِهِ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ رُطَبًا يُخْشَى فَسَادُهُ إنْ تَأَخَّرَ وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ يُدَّخَرُ وَلَا يُخْشَى عَلَيْهِ الْفَسَادُ فَقَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ عَقِبَ حَدِيثِ عَائِشَةَ هَذَا الْكَلَامُ خَارِجٌ عَلَى مَذْهَبِ النَّاسِ بِالْحِجَازِ وَبِغَيْرِهَا مِنْ الْبُلْدَانِ فِي أَنَّ رَبَّ الْبَيْتِ قَدْ يَأْذَنُ لِأَهْلِهِ وَعِيَالِهِ وَلِلْخَادِمِ فِي الْإِنْفَاقِ مِمَّا يَكُونُ فِي الْبَيْتِ مِنْ طَعَامٍ وَإِدَامٍ وَنَحْوِهِ وَيُطْلِقُ أَمْرَهُمْ فِي الصَّدَقَةِ مِنْهُ إذَا حَضَرَهُمْ السَّائِلُ وَنَزَلَ بِهِمْ الضَّيْفُ فَحَضَّهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى لُزُومِ هَذِهِ الْعَادَةِ وَاسْتِدَامَةِ ذَلِكَ الصَّنِيعِ وَوَعَدَهُمْ الْأَجْرَ وَالثَّوَابَ عَلَيْهِ وَأَفْرَدَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِاسْمِهِ لِيَتَسَارَعُوا إلَيْهِ وَلَا يَتَقَاعَدُوا عَنْهُ. قَالَ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِأَنْ تَفْتَاتَ الْمَرْأَةُ وَالْخَازِنُ عَلَى رَبِّ الْبَيْتِ بِشَيْءٍ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُمَا فِيهِ وَلَمْ يُطْلِقْ لَهُمَا الْإِنْفَاقَ مِنْهُ بَلْ يُخَافُ أَنْ يَكُونَا آثِمَيْنِ إذَا فَعَلَا ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ