الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
أَحَدٍ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ أَمْ لَا وَإِنَّمَا كَانَ يَتَعَبَّدُ عَلَى سَبِيلِ التَّبَرُّعِ؟ هَذِهِ مَسْأَلَةُ خِلَافٍ فِي الْأُصُولِ، رَجَّحَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ الْمَنْعَ مِنْ ذَلِكَ وَعَزَاهُ لِجُمْهُورِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَرَجَّحَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ تَكْلِيفَهُ بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ وَتَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ وَالْآمِدِيُّ وَحَيْثُ قُلْنَا بِتَكْلِيفِهِ بِشَرْعِ مَنْ قَبْلَهُ فَقِيلَ هُوَ آدَم وَقِيلَ نُوحٌ وَقِيلَ إبْرَاهِيمُ وَقِيلَ مُوسَى وَقِيلَ عِيسَى وَقِيلَ جَمِيعُ الشَّرَائِعِ شَرْعٌ لَهُ وَغَلِطَ هَذَا الْقَوْلُ فَإِنَّ شَرَائِعَهُمْ تَخْتَلِفُ فِي الْفُرُوعِ فَلَوْ كُلِّفَ بِجَمِيعِهَا لَزِمَ أَنْ يُخَاطَبَ فِي الْفِعْلِ الْوَاحِدِ بِأَمْرَيْنِ مُتَنَافِيَيْنِ وَهُوَ بَاطِلٌ، فَلَعَلَّ مُرَادَ هَذَا الْقَائِلِ أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ جَمِيعِ الشَّرَائِعِ فَيَعْمَلُ بِأَيِّهَا شَاءَ.
قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَهْلِ التَّحْقِيقِ أَنَّهُ قَبْلَ نُبُوَّتِهِ عليه السلام وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ مُنْشَرِحُ الصَّدْرِ بِالتَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ بِاَللَّهِ لَا يَلِيقُ بِهِ الْكُفْرُ وَلَا الشَّكُّ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَلَا الْجَهْلُ بِهِ وَلَا خِلَافَ فِي عِصْمَتِهِمْ مِنْ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ جَوَّزَهُ انْتَهَى.
[فَائِدَة تَزَوُّدُهُ عليه الصلاة والسلام فِي تَحَنُّثِهِ]
1
(الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ) قَالَ بَعْضُهُمْ تَزَوُّدُهُ عليه الصلاة والسلام فِي تَحَنُّثِهِ يَرُدُّ قَوْلَ الصُّوفِيَّةِ أَنَّ مَنْ أَخْلَصَ لِلَّهِ عز وجل أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ طَعَامًا وَالنَّبِيُّ عليه الصلاة والسلام كَانَ أَوْلَى بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ؛ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ الْبَشَرِ وَكَانَ يَتَزَوَّدُ.
[فَائِدَة أَوَّلُ أَزْوَاج رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم]
(السَّادِسَةَ عَشْرَةَ) قَوْلُهَا (ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى خَدِيجَةَ) هِيَ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ زَوْجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم تَزَوَّجَهَا وَهُوَ ابْنُ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ سَنَةً وَهِيَ أُمُّ أَوْلَادِهِ كُلِّهِمْ إلَّا إبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ مِنْ مَارِيَةَ وَهِيَ أَوَّلُ أَزْوَاجِهِ وَلَمْ يَتَزَوَّجْ غَيْرَهَا فِي حَيَاتِهَا وَأَقَامَتْ مَعَهُ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ سَنَةً وَأَشْهُرًا ثُمَّ تُوُفِّيَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِثَلَاثِ سِنِينَ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَشْهُورِ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وَهِيَ أَفْضَلُ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُخْتَارِ، وَقِيلَ عَائِشَةُ رضي الله عنهن أَجْمَعِينَ، وَالْمُرَادُ بِرُجُوعِهِ إلَى خَدِيجَةَ الرُّجُوعُ إلَى مَنْزِلِهِ.
(السَّابِعَةَ عَشْرَةَ) الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهَا «فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا» يَعُودُ إلَى اللَّيَالِيِ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام لَمْ يَكُنْ يَقْتَصِرُ فِي الْمُجَاوَرَةِ عَلَى شَهْرٍ فِي السَّنَةِ بَلْ كَانَ يَتَكَرَّرُ ذَلِكَ مِنْهُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِي ذَلِكَ، وَالزَّادُ كَمَا قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الطَّعَامُ الَّذِي يَسْتَصْحِبُهُ الْمُسَافِرُ.
(الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ) قَوْلُهَا «حَتَّى فَجِئَهُ» بِكَسْرِ الْجِيمِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ، وَفِيهِ لُغَةٌ ثَانِيَةٌ فَجَأَهُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْهَمْزَةِ لُغَتَانِ مَشْهُورَتَانِ حَكَاهُمَا