الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَرَى مُدًّا مِنْ هَذَا يَعْدِلُ مُدَّيْنِ وَفِي رِوَايَةٍ لَهُمَا «أَوْ صَاعًا مِنْ أَقِطٍ» وَلِأَبِي دَاوُد «أَوْ صَاعًا مِنْ دَقِيقٍ» وَقَالَ هَذِهِ وَهَمٌ مِنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ.
قَالَ حَامِدُ بْنُ يَحْيَى فَأَنْكَرُوا عَلَيْهِ فَتَرَكَهُ سُفْيَانُ، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ زَادَ مَالِكٌ «مِنْ الْمُسْلِمِينَ» وَرَوَى أَيُّوبُ السِّخْتِيَانِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ
ــ
[طرح التثريب]
النَّسَائِيّ وَابْنُ مَاجَهْ
قَالَ الْخَطَّابِيُّ وَهُوَ لَا يَدُلُّ عَلَى زَوَالِ وُجُوبِهَا وَذَلِكَ أَنَّ الزِّيَادَةَ فِي جِنْسِ الْعِبَادَةِ لَا تُوجِبُ نَسْخَ الْأَصْلِ الْمَزِيدِ عَلَيْهِ غَيْرَ أَنَّ مَحَلَّ سَائِرِ الزَّكَوَاتِ الْأَمْوَالُ، وَمَحَلَّ زَكَاةِ الْفِطْرِ الرِّقَابُ اهـ.
وَمِمَّنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ ابْنُ اللَّبَّانِ مِنْ أَصْحَابِنَا الشَّافِعِيَّةِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ شَاذٌّ مُنْكَرٌ بَلْ غَلَطٌ صَرِيحٌ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ مَالِكٍ فِي وُجُوبِهَا رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا مُحْتَمَلَةٌ وَالْأُخْرَى قَالَ زَكَاةُ الْفِطْرِ فَرْضٌ، وَبِذَلِكَ قَالَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ قَالَ وَتَأَوَّلَ قَوْمٌ قَوْلَهُ فَرَضَ بِمَعْنَى قَدَّرَ وَهُوَ بِمَعْنَى الْوُجُوبِ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ زَكَاةُ الْفِطْرِ فَدَخَلَتْ تَحْتَ قَوْلِهِ {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] ، فَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ " فَرَضَ " أَوْجَبَ فَبِهَا وَنَعِمَتْ، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى قَدَّرَ فَيَكُونُ الْمَعْنَى قَدَّرَ الزَّكَاةَ الْمَفْرُوضَةَ بِالْقُرْآنِ بِالْفِطْرِ كَمَا قَدَّرَ زَكَاةَ الْمَالِ.
(الثَّالِثَةُ) فِيهِ أَنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ فَرْضٌ وَهُوَ مُقْتَضَى قَاعِدَةِ الْجُمْهُورِ فِي تَرَادُفِ الْفَرْضِ وَالْوَاجِبِ وَاقْتَصَرَ الْحَنَفِيَّةُ فِي كُتُبِهِمْ عَلَى الْقَوْلِ بِالْوُجُوبِ وَهُوَ مُقْتَضَى قَاعِدَتِهِمْ فِي أَنَّ الْوَاجِبَ مَا ثَبَتَ بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ وَاخْتَلَفَ الْحَنَابِلَةُ فِي ذَلِكَ قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَهَلْ تُسَمَّى فَرْضًا مَعَ الْقَوْلِ بِوُجُوبِهَا عَلَى رِوَايَتَيْنِ قَالَ وَالصَّحِيحُ أَنَّهَا فَرْضٌ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ «فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ» وَلِاجْتِمَاعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنَّهَا فَرْضٌ وَلِأَنَّ الْفَرْضَ إنْ كَانَ الْوَاجِبَ فَهِيَ وَاجِبَةٌ وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبَ الْمُتَأَكَّدَ فَهِيَ مُتَأَكَّدَةٌ مُجْمَعٌ عَلَيْهَا اهـ.
[فَائِدَة وَقْت وُجُوب زَكَاة الْفِطْر]
1
(الرَّابِعَةُ) اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ وَقْتَ وُجُوبِهَا غُرُوبُ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْعِيدِ لِكَوْنِهِ أَضَافَهَا إلَى الْفِطْرِ وَذَلِكَ هُوَ وَقْتُ الْفِطْرِ وَإِضَافَتُهَا إلَى الْفِطْرِ؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ الْجَدِيدِ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ
وَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ " مِنْ الْمُسْلِمِينَ "، وَقَدْ رَوَى بَعْضُهُمْ عَنْ نَافِعٍ مِثْلَ رِوَايَةِ مَالِكٍ مِمَّنْ لَا يُعْتَمَدُ عَلَى حِفْظِهِ (قُلْت) لَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا مَالِكٌ بَلْ تَابَعَهُ عَلَيْهَا عَمْرُو بْنُ نَافِعٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَالضَّحَّاكُ بْنُ عُثْمَانَ عِنْد مُسْلِمٍ وَيُونُسُ بْنُ زَيْدٍ وَالْمُعَلَّى بْنُ إسْمَاعِيلَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَكَثِيرُ بْنُ فَرْقَدٍ وَاخْتُلِفَ فِي زِيَادَتِهِمَا عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَأَيُّوبَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. ..
ــ
[طرح التثريب]
وَحَكَاهُ ابْنُ قُدَامَةَ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَقْتُ وُجُوبِهَا طُلُوعُ الْفَجْرِ يَوْمَ الْعِيدِ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ مِنْ أَصْحَابِنَا مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ قَالَ الْقَاضِي أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي قَوْلِهِ الْقَدِيمِ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ أَصْحَابِ الرَّأْيِ وَأَبِي ثَوْرٍ وَحَكَاهُ ابْنُ قُدَامَةَ عَنْ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَزَعَمَ هَؤُلَاءِ أَنَّ طُلُوعَ الْفَجْرِ هُوَ وَقْتُ الْفِطْرِ فَإِنَّهُ الَّذِي تَجَدَّدَ فِيهِ الْفِطْرُ أَمَّا اللَّيْلُ فَلَمْ يَكُنْ قَطُّ مَحِلًّا لِلصَّوْمِ لَا فِي رَمَضَانَ وَلَا فِي غَيْرِهِ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ: وَكِلَا الِاسْتِدْلَالَيْنِ ضَعِيفٌ؛ لِأَنَّ إضَافَتَهَا إلَى الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ بَلْ يَقْتَضِي إضَافَةَ هَذِهِ الزَّكَاةِ إلَى الْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ فَيُقَالُ حِينَئِذٍ بِالْوُجُوبِ بِظَاهِرِ لَفْظَةِ فَرَضَ وَيُؤْخَذُ وَقْتُ الْوُجُوبِ مِنْ أَمْرٍ آخَرَ اهـ.
قُلْت لَا مَعْنَى لِإِضَافَتِهَا لِلْفِطْرِ إلَّا أَنَّهُ وَقْتُ الْوُجُوبِ وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ إضَافَتُهَا لِلتَّعْرِيفِ وَقَالَ قَوْمٌ إلَى سَبَبِ وُجُوبِهَا وَأَنَا أَقُولُ إلَى وَقْتِ وُجُوبِهَا، وَسَبَبُ وُجُوبِهَا مَا يَجْرِي فِي الصَّوْمِ مِنْ اللَّغْوِ ثُمَّ اُسْتُدِلَّ عَلَى ذَلِكَ بِمَا فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ:«فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ أَوْ الصِّيَامِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ مَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ» وَفِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ قَوْلٌ ثَالِثٌ أَنَّهَا تَجِبُ بِمَجْمُوعِ الْوَقْتَيْنِ قَالَهُ الصَّيْدَلَانِيُّ خَرَّجَهُ صَاحِبُ التَّلْخِيصِ وَاسْتَنْكَرَهُ الْأَصْحَابُ وَعِبَارَةُ التَّلْخِيصِ تَقْتَضِي أَنَّهُ مَنْصُوصٌ، وَقَالَ بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ: تَجِبُ بِطُلُوعِ الشَّمْسِ يَوْمَ الْعِيدِ، وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: تَجِبُ بِغُرُوبِ الشَّمْسِ لَيْلَةَ الْفِطْرِ