الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
النُّسْخَةِ الْكُبْرَى بِذِكْرِ الثَّلَاثَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ وَهُوَ أَصَحُّ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي زَكَاةِ الْبَقَرِ اهـ وَقَدْ وَرَدَ تَفْصِيلُهُ فِي أَحَادِيثَ أُخَرَ وَلَهُ تَفَارِيعُ مَعْرُوفَةٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة زَكَاة الْكَنْز]
1
(الْخَامِسَةُ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الْكَنْزُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ هُوَ الْمَالُ الْمُجْتَمَعُ الْمَخْزُونُ فَوْقَ الْأَرْضِ كَانَ أَوْ تَحْتَهَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ الْعَيْنِ وَغَيْرُهُ بِمَعْنَاهُ وَأَمَّا فِي قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34] وَمَا فِي مَعْنَاهُ فَالْجُمْهُورُ عَلَى أَنَّهُ مَا لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ وَعَلَيْهِ جَمَاعَةُ فُقَهَاءِ الْأَمْصَارِ ثُمَّ ذُكِرَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ وَابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ اُسْتُشْهِدَ لِذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ عَنْ «أُمِّ سَلَمَةَ: قَالَتْ كُنْت أَلْبَسُ أَوْضَاحًا مِنْ ذَهَبٍ فَقُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَنْزٌ هُوَ؟ قَالَ: مَا بَلَغَ أَنْ تُؤَدِّيَ زَكَاتَهُ فَزُكِّيَ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ» قَالَ وَفِي إسْنَادِهِ مَقَالٌ قُلْت قَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَقَالَ وَالِدِي رحمه الله فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ إسْنَادُهُ جَيِّدٌ، رِجَالُهُ رِجَالُ الْبُخَارِيِّ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَيَشْهَدُ بِصِحَّتِهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إذَا أَدَّيْتَ زَكَاةَ مَالِكَ فَقَدْ قَضَيْتَ مَا عَلَيْكَ» قُلْت رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَالْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَقَالَ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِ الْمِصْرِيِّينَ، وَذَكَرَ وَالِدِي رحمه الله عَلَى شَرْطِ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَفِي مَعْنَاهُ أَيْضًا حَدِيثُ جَابِرٍ مَرْفُوعًا «إذَا أَدَّيْت زَكَاةَ مَالِك فَقَدْ أَذْهَبْت عَنْك شَرَّهُ» رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ وَصَحَّحَهُ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَرَجَّحَ الْبَيْهَقِيُّ وَقْفَهُ عَلَى جَابِرٍ وَكَذَلِكَ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَكَذَا صَحَّحَ أَبُو زُرْعَةَ وَقْفَهُ عَلَى جَابِرٍ، وَذَكَرَهُ بِلَفْظِ «مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ» وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «كُلُّ مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ وَإِنْ كَانَ مَدْفُونًا تَحْتَ الْأَرْضِ وَكُلُّ مَا لَا يُؤَدَّى زَكَاتَهُ فَهُوَ كَنْزٌ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا» وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ وَالْمَشْهُورُ وَقْفُهُ.
وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ} [التوبة: 34] قَالَ كَبُرَ ذَلِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ عُمَرُ أَنَا أُفَرِّجُ عَنْكُمْ فَانْطَلَقَ فَقَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَبُرَ عَلَى أَصْحَابِك هَذِهِ الْآيَةُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ اللَّهَ لَمْ يَفْرِضْ الزَّكَاةَ إلَّا لِتُطَيِّبَ مَا بَقِيَ مِنْ أَمْوَالِكُمْ» الْحَدِيثَ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَالِاسْمُ الشَّرْعِيُّ قَاضٍ عَلَى الِاسْمِ اللُّغَوِيِّ وَمَا أَعْلَمُ مُخَالِفًا فِي أَنَّ الْكَنْزَ مَا لَمْ تُؤَدَّ زَكَاتُهُ إلَّا شَيْئًا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَأَبِي ذَرٍّ وَالضَّحَّاكِ ذَهَبَ إلَيْهِ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الزُّهْدِ قَالُوا إنَّ فِي الْمَالِ حُقُوقًا سِوَى الزَّكَاةِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
أَمَّا أَبُو ذَرٍّ فَقَدْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ كُلَّ مَالٍ مَجْمُوعٍ يَفْضُلُ عَنْ الْقُوتِ وَسَدَادِ الْعَيْشِ فَهُوَ كَنْزٌ وَأَنَّ آيَةَ الْوَعِيدِ نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ.
وَأَمَّا عَلِيٌّ فَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ أَرْبَعَةُ آلَافٍ نَفَقَةً فَمَا كَانَ فَوْقَهَا فَهُوَ كَنْزٌ.
وَأَمَّا الضَّحَّاكُ فَقَالَ: مَنْ مَلَكَ عَشْرَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ فَهُوَ مِنْ الْأَكْثَرِينَ الْأَخْسَرِينَ إلَّا مَنْ قَالَ بِالْمَالِ هَكَذَا وَهَكَذَا.
وَكَانَ مَسْرُوقٌ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ عز وجل {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 180] هُوَ الرَّجُلُ يَرْزُقُهُ اللَّهُ الْمَالَ فَيَمْنَعُ قَرَابَتَهُ الْحَقَّ الَّذِي فِيهِ فَيُجْعَلُ حَيَّةً يُطَوَّقُهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَهَذَا ظَاهِرٌ أَنَّهُ غَيْرُ الزَّكَاةِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ الزَّكَاةُ. قَالَ وَسَائِرُ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الْكَنْزِ.
قَالَ وَمَا اُسْتُدِلَّ بِهِ مِنْ الْأَمْرِ بِإِنْفَاقِ الْفَضْلِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ عَلَى النَّدْبِ أَوْ يَكُونُ قَبْلَ نُزُولِ فَرْضِ الزَّكَاةِ وَنُسِخَ بِهَا كَمَا نُسِخَ صَوْمُ عَاشُورَاءَ بِرَمَضَانَ وَعَادَ فَضِيلَةً بَعْدَ أَنْ كَانَ فَرِيضَةً قَالَ عَلِيٌّ: إنَّ أَبَا ذَرٍّ أَكْثَرُ مَا تَوَاتَرَ عَنْهُ فِي الْأَخْبَارِ الْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ أَخَذَ الْمَالَ مِنْ السَّلَاطِينِ لِنَفْسِهِ وَمَنَعَ مِنْهُ أَهْلَهُ فَهَذَا مَا لَا خِلَافَ عَنْهُ فِي إنْكَارِهِ.
وَأَمَّا إيجَابُ غَيْرِ الزَّكَاةِ فَمُخْتَلَفٌ عَنْهُ فِيهِ وَتَأَوَّلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَيْضًا كَلَامَ أَبِي ذَرٍّ عَلَى نَحْوِ ذَلِكَ فَقَالَ الصَّحِيحُ أَنَّ إنْكَارَهُ إنَّمَا هُوَ عَلَى السَّلَاطِينِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ لِأَنْفُسِهِمْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ وَلَا يُنْفِقُونَهُ فِي وُجُوهِهِ.
قَالَ النَّوَوِيُّ: وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ السَّلَاطِينَ فِي زَمَنِهِ لَمْ تَكُنْ هَذِهِ صِفَتَهُمْ وَلَمْ يَخُونُوا فِي بَيْتِ الْمَالِ إنَّمَا كَانَ فِي زَمَنِهِ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ رضي الله عنهم وَتُوُفِّيَ فِي زَمَنِ عُثْمَانَ سَنَة ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ اهـ.
قُلْت لَعَلَّهُ أَرَادَ بِالسَّلَاطِينِ بَعْضَ نُوَّابِ الْخُلَفَاءِ كَمُعَاوِيَةَ، وَقَدْ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِي ذَرٍّ بِسَبَبِ هَذِهِ الْآيَةِ تَشَاجُرٌ أَوْجَبَ انْتِقَالَ أَبِي ذَرٍّ إلَى الْمَدِينَةِ، كَانَ مُعَاوِيَةُ يَقُولُ هِيَ فِي أَصْلِ الْكِتَابِ خَاصَّةً.
وَقَالَ أَبُو ذَرٍّ هِيَ فِينَا وَفِيهِمْ عَلَى أَنَّ عِبَارَةَ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ لَيْسَتْ صَرِيحَةً فِي أَنَّ الْإِنْكَارَ عَلَى السَّلَاطِينِ كَعِبَارَةِ الْقَاضِي عِيَاضٍ بَلْ هِيَ مُحْتَمِلَةٌ لَأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ الْإِنْكَارَ عَلَى الْآحَادِ الَّذِينَ يَأْخُذُونَ الْأَمْوَالَ مِنْ السَّلَاطِينِ وَهُمْ غَيْرُ مُحْتَاجِينَ إلَيْهَا فَيَجْمَعُونَهَا عِنْدَهُمْ، وَقَدْ يُؤَدِّي ذَلِكَ إلَى مَنْعِ مَنْ هُوَ أَحَقُّ مِنْهُمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَمَّا حَكَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ قَوْلَ الضَّحَّاكِ قَالَ وَإِنَّمَا جَعَلَهُ أَوَّلَ حَدِّ الْكَثْرَةِ؛ لِأَنَّهُ قِيمَةُ النَّفْسِ الْمُؤْمِنَةِ وَمَا دُونَهُ فِي حَدِّ الْقِلَّةِ وَهُوَ فِقْهٌ بَالِغٌ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِهِ وَإِنِّي لَأَسْتَحِبُّهُ