الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
لَهُمْ وَفِي الْمَسْأَلَةِ وَجْهٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهَا الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ وَالْمُتَلَقِّينَ عَنْهُ.
[فَائِدَة هَلْ يَشْتَرِط أَنْ يَكُون بَيْن المهدي والمهدى إلَيْهِ رَسُول]
1
(الْعَاشِرَةُ) فِيهِ أَنَّهُ لَا يُشْرَطْ فِي صِدْقِ اسْمِ الْهَدِيَّةِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْمُهْدِي وَالْمُهْدَى إلَيْهِ رَسُولٌ وَمُتَوَسِّطٌ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَحَكَى أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا فِيمَا إذَا حَلَفَ لَا يُهْدِي إلَيْهِ فَوَهَبَ لَهُ خَاتَمًا أَوْ نَحْوَهُ يَدًا بِيَدٍ هَلْ يَحْنَثُ - وَجْهَيْنِ وَالْمَشْهُورُ مَا تَقَدَّمَ.
[فَائِدَة العبرة فِي قَبُول الْهَدِيَّة]
(الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ) فِيهِ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ مِمَّنْ يَدَّعِي أَنَّهَا مِلْكُهُ اعْتِمَادًا عَلَى مُجَرَّدِ يَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَنْقِيبٍ عَلَى بَاطِنِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ وَلَا تَحَقُّقِ مِلْكِهِ لَهَا.
1 -
(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) قَوْلُهُ «فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ» يَحْمِلُهُ مُشْكِلُ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الْحَمْلَ غَيْرُ الْوَضْعِ فَكَيْفَ يَكُونُ الْحَمْلُ حَالًا مِنْ الْوَضْعِ فَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّ فِي الْكَلَامِ تَقْدِيمًا وَتَأْخِيرًا وَأَصْلُهُ فَجَاءَ مِنْ الْغَدِ بِمِثْلِهِ يَحْمِلُهُ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لَمَّا وَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ لَمْ يَجْعَلْ اسْتِقْرَارَهُ عَلَى الْأَرْضِ بَلْ صَارَ مَعَ ذَلِكَ حَامِلًا لَهُ مُسْتَوْفِزًا بِهِ فَإِنَّهُ مُتَوَقَّعٌ رَدُّهُ كَمَا فَعَلَ فِي الْمَرَّتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا زِيَادَةٌ فِي تَأْكِيدِ كَوْنِهِ هَدِيَّةً لِحُصُولِ الْمُبَالَغَةِ فِي الْإِكْرَامِ بِاسْتِمْرَارِ صُورَةِ الْحَمْلِ لَهُ مَعَ وَضْعِهِ عَلَى الْأَرْضِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ) قَوْلُهُ «انْشَطُوا» بِإِسْكَانِ النُّونِ وَفَتْحِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ فِعْلُ أَمْرٍ مِنْ النَّشَاطِ وَالْمُرَادُ الْأَمْرُ بِالنَّشَاطِ لِلْأَكْلِ مَعَهُ وَكُلُّ مَا خَفَّ الْمَرْءُ لِفِعْلِهِ وَمَالَ إلَيْهِ وَآثَرَهُ فَقَدْ نَشِطَ لَهُ وَكَانَتْ هَذِهِ الْهَدِيَّةُ خَاصَّةً بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ خَصَّهُ بِهَا وَقَالَ هَدِيَّةٌ لَك بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ الَّتِي أَحْضَرَهَا فِي الْيَوْمَيْنِ الْأُولَيَيْنِ فَإِنَّهُ قَالَ فِيهَا صَدَقَةٌ عَلَيْك وَعَلَى أَصْحَابِك فَفِيهِ أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِلْمُهْدَى لَهُ أَنْ يُطْعِمَ الْحَاضِرِينَ مِمَّا أُهْدِيَ لَهُ وَذَلِكَ حَسَنٌ مَعْدُودٌ مِنْ مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ.
[فَائِدَة هَدِيَّة الْكَافِر]
1
(الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ) وَفِيهِ قَبُولُ هَدِيَّةِ الْكَافِرِ فَإِنَّ سَلْمَانَ رضي الله عنه لَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ إذْ ذَاكَ وَإِنَّمَا أَسْلَمَ بَعْدَ اسْتِيعَابِ الْعَلَامَاتِ الثَّلَاثِ الَّتِي كَانَ عَلِمَهَا مِنْ عَلَامَاتِ النُّبُوَّةِ وَهِيَ امْتِنَاعُهُ مِنْ الصَّدَقَةِ، وَأَكْلُهُ لِلْهَدِيَّةِ وَخَاتَمُ النُّبُوَّةِ وَإِنَّمَا رَأَى خَاتَمَ النُّبُوَّةِ بَعْدَ قَبُولِ هَدِيَّتِهِ.
[فَائِدَة خاتم النُّبُوَّة]
(الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ) الْخَاتَمُ فِيهِ لُغَتَانِ فَتْحُ التَّاءِ وَكَسْرُهَا، وَقَدْ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَمْ يُبَيِّنْ مَحِلَّهُ مِنْ ظَهْرِهِ وَفِي سَائِرِ الْأَحَادِيثِ أَنَّهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَتْ الْأَحَادِيثُ فِي صِفَتِهِ، وَقَدْرِهِ فَفِي حَدِيثِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ «أَنَّهُ مِثْلُ ذَرِّ الْحَجَلَةِ» وَهُوَ فِي
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الصَّحِيحَيْنِ.
وَفِي حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ «كَأَنَّهُ بَيْضَةُ حَمَامٍ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ
وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ «كَأَنَّهُ غُدَّةٌ حَمْرَاءُ مِثْلُ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ» .
وَفِي حَدِيثِ أَبِي زَيْدِ بْنِ أَخْطَبَ أَنَّهُ «قِيلَ لَهُ وَمَا الْخَاتَمُ؟ قَالَ شُعَيْرَاتٌ مُجْتَمِعَاتٌ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ
فِي الشَّمَائِلِ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ بِلَفْظِ «شَعْرٌ مُجْتَمِعٌ» وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ.
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَرْجِسَ «فَنَظَرْت إلَى خَاتَمِ النُّبُوَّةِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ عِنْدَ نَاغِضِ كَتِفِهِ الْيُسْرَى جُمْعًا عَلَيْهِ خِيلَانٌ كَأَمْثَالِ الثَّآلِيلِ» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ
وَالْمُرَادُ بِالْجُمْعِ بِضَمِّ الْجِيمِ جُمْعُ الْكَفِّ أَوْ الْأَصَابِعِ وَقَالَ أَبُو الرَّبِيعِ سُلَيْمَانُ بْنُ سَبُعٍ فِي شِفَاءِ الصُّدُورِ هُوَ شَامَةٌ سَوْدَاءُ تَضْرِبُ إلَى الصُّفْرَةِ حَوْلَهَا شَعَرَاتٌ مُتَوَالِيَاتٌ كَأَنَّهَا عُرْفُ فَرَسٍ بِمَنْكِبِهِ الْأَيْمَنِ وَفِي حَدِيثِ أَبِي رِمْثَةَ مِثْلُ الطَّلْعَةِ وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ مِثْلُ التُّفَّاحَةِ وَفِي الشَّمَائِلِ لِلتِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ بِضْعَةٌ نَاشِزَةٌ.
وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما مِثْلُ الْبُنْدُقَةِ مِنْ لَحْمٍ عَلَيْهِ مَكْتُوبٌ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ رَوَاهُ ابْنُ عَسَاكِرَ، وَعَنْ ابْنِ هِشَامٍ تَشْبِيهُهُ بِالْمِحْجَمِ وَشَبَّهَهُ بَعْضُهُمْ بِرُكْبَةِ الْعَنْزِ وَقِيلَ فِي تَشْبِيهِهِ غَيْرُ ذَلِكَ.
وَذَكَرَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ بَعْضَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ وَقَالَ وَهَذِهِ كُلُّهَا مُتَقَارِبَةُ الْمَعْنَى مُفِيدَةٌ أَنَّ خَاتَمَ النُّبُوَّةِ كَانَ نُتُوءًا قَائِمًا أَحْمَرَ تَحْتَ كَتِفِهِ الْأَيْسَرِ قَدْرُهُ إذَا قُلِّلَ كَبَيَاضَةِ الْحَمَامَةِ وَإِذَا كُبِّرَ جُمْعُ الْيَدِ، ثُمَّ إنَّ السُّهَيْلِيَّ قَالَ لَمْ نَدْرِ هَلْ خُلِقَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَمْ وُضِعَ فِيهِ بَعْدَ مَا وُلِدَ أَوْ حِينَ نُبِّئَ؟ فَبَيَّنَ لَنَا مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا بِسَنَدِهِ إلَى أَبِي ذَرٍّ فِي حَدِيثِ الْمَلَكَيْنِ «. قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ اغْسِلْ بَطْنَهُ غَسْلَ الْإِنَاءِ وَاغْسِلْ قَلْبَهُ غَسْلَ الْمُلَاءِ ثُمَّ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ خِطْ بَطْنَهُ فَخَاطَ بَطْنِي وَجَعَلَ الْخَاتَمَ بَيْنَ كَتِفَيْ كَمَا هُوَ الْآنَ»
فَبَيَّنَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَتَى وُضِعَ وَكَيْفَ وُضِعَ وَمَنْ وَضَعَهُ، وَذَكَرَ عَبْدُ الْكَرِيمِ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِ السِّيرَةِ رِوَايَةً فِيهَا «وَأَقْبَلَ الثَّالِثُ وَفِي يَدِهِ خَاتَمٌ لَهُ شُعَاعٌ فَوَضَعَهُ بَيْنَ كَتِفَيْهِ وَثَدْيَيْهِ وَوَجَدَ بَرْدَهُ زَمَانًا» .
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْضًا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: " الْخَاتَمُ هَذَا شَقُّ الْمَلَكَيْنِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ " قَالَ الْقُرْطُبِيُّ وَهَذِهِ غَفْلَةٌ فَإِنَّ الشَّقَّ إنَّمَا كَانَ فِي الصَّدْرِ وَأَثَرُهُ إنَّمَا كَانَ خَطًّا وَاضِحًا فِي صَدْرِهِ إلَى مَرَاقِّ بَطْنِهِ كَمَا هُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ فِي كِتَابَيْ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ وَلَمْ يَثْبُتْ قَطُّ فِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا حَسَنَةٍ وَلَا غَرِيبَةٍ أَنَّهُ بَلَغَ بِالشَّقِّ حَتَّى نَفَذَ إلَى ظَهْرِهِ.
وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَزِمَ أَنْ