الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
عَلَى الْمُنْفِقَةِ وَالسَّائِلَةِ لِحَضِّهِ عَلَى اكْتِسَابِ الْمَالِ مِنْ وَجْهِهِ وَذَمِّهِ الِاكْتِسَابَ بِالسُّؤَالِ فَإِنَّهُ أَرْذَلُ الْمَكَاسِبِ وَإِشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكْتَسِبْ احْتَاجَ إلَى السُّؤَالِ وَلِهَذَا قَالَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ: وَإِيَّاكُمْ وَالْمَسْأَلَةَ فَإِنَّهَا آخِرُ كَسْبِ الرَّجُلِ، وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «لَأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ فَيَحْتَطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَتَصَدَّقَ مِنْهُ وَيَسْتَغْنِيَ بِهِ عَنْ النَّاسِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلًا أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ، ذَلِكَ بِأَنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا أَفْضَلُ مِنْ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» ، وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ ضَعِيفٍ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ «يَدُ الْمُعْطِي الْعُلْيَا وَيَدُ الْآخِذِ السُّفْلَى إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» فَلَمْ يُقَيِّدْ الْآخِذَ بِالسُّؤَالِ وَهُوَ يَقْتَضِي كَوْنَ يَدِهِ سُفْلَى وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَيُقَالُ الْمُرَادُ الْآخِذُ مَعَ السُّؤَالِ بِدَلِيلِ بَقِيَّةِ الْأَحَادِيثِ هَذَا لَوْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ وَفِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ فِي التَّبْوِيبِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ وَالسُّفْلَى الْآخِذَةُ.
[فَائِدَة كَرَاهَةُ السُّؤَالِ وَالتَّنْفِيرَ عَنْهُ]
{التَّاسِعَةُ} فِيهِ كَرَاهَةُ السُّؤَالِ وَالتَّنْفِيرَ عَنْهُ بِتَسْمِيَةِ الْيَدِ السَّائِلَةِ سُفْلَى وَمَحَلُّهُ إذَا لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ فَإِنْ كَانَتْ بِهِ ضَرُورَةٌ بِأَنْ كَانَ عَاجِزًا غَيْرَ مُكْتَسِبٍ وَخَافَ هَلَاكَهُ فَلَا بَأْسَ بِالسُّؤَالِ حِينَئِذٍ بَلْ قَدْ يَكُونُ مَنْدُوبًا، وَقَدْ يَكُونُ وَاجِبًا، وَذَكَرَ وَالِدِي رحمه الله فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ تَنْقَسِمُ إلَى الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ: التَّحْرِيمُ وَالْكَرَاهَةُ وَالْوُجُوبُ وَالنَّدْبُ وَالْإِبَاحَةُ.
وَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ: وَبِالْجُمْلَةِ فَإِنَّ السُّؤَالَ وَاجِبٌ فِي مَوْضِعٍ جَائِزٌ فِي آخَرَ حَرَامٌ فِي آخَرَ مَنْدُوبٌ عَلَى طَرِيقٍ فَأَمَّا وُجُوبُهُ فَلِلْمُرِيدِينَ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ وَظَاهِرِ حَالِهِمْ وَلِلْأَوْلِيَاءِ لِلِاقْتِدَاءِ وَجَرْيًا عَلَى عَادَةِ اللَّهِ فِي خَلْقِهِ أَلَا تَرَى إلَى سُؤَالِ مُوسَى وَالْخَضِرِ لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ طَعَامًا وَهُمَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى بِالْمَنْزِلَةِ الْمَعْلُومَةِ؟ .
فَالتَّعْرِيفُ بِالْحَاجَةِ فَرْضٌ عَلَى الْمُحْتَاجِ وَإِذَا ارْتَفَعَتْ الضَّرُورَةُ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ فِي الزَّائِدِ عَلَيْهَا مِمَّا يَحْتَاجُ إلَيْهِ وَلَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ ثُمَّ أَنْشَدَ لِبَعْضِهِمْ
لَمَالُ الْمَرْءِ يُصْلِحُهُ فَيُغْنِي
…
مَفَاقِرَهُ أَعَفُّ مِنْ الْقَنُوعِ
قَالَ وَإِذَا كَمُلَتْ لِلْمَرْءِ مَفَاقِرُهُ وَارْتَفَعَتْ حَاجَاتُهُ لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يَسْأَلَ تَكَثُّرًا ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ يَكُونُ السُّؤَالُ وَاجِبًا أَوْ مَنْدُوبًا أَمَّا وُجُوبُهُ فَلِلْمُحْتَاجِ وَأَمَّا الْمَنْدُوبُ فَلِمَنْ يُعَيِّنُهُ وَيُبَيِّنُ حَاجَتَهُ إنْ اسْتَحْيَا هُوَ مِنْ ذَلِكَ أَوْ رَجَا أَنْ يَكُونَ بَيَانُهُ أَنْفَعَ وَأَنْجَحَ مِنْ بَيَانِ السَّائِلِ كَمَا «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُ لِغَيْرِهِ» انْتَهَى.
قَالَ وَالِدِي رحمه الله فَذَكَرَ أَرْبَعَةَ أَوْجُهٍ مِنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ فِي الْمَسْأَلَةِ دُونَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْخَامِسِ وَهُوَ قِسْمُ الْمَكْرُوهِ، فَأَمَّا تَمْثِيلُهُ لِلْوَاجِبِ بِسُؤَالِ الْمُحْتَاجِ فَوَاضِحٌ، وَأَمَّا قِسْمُ الْمَكْرُوهِ فَسُؤَالُهُ لِلسُّلْطَانِ مَعَ إمْكَانِ الِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ، وَقَدْ جَمَعَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ سَمُرَةَ بِقَوْلِهِ «إلَّا أَنْ يَسْأَلَ الرَّجُلُ سُلْطَانًا أَوْ فِي أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ» فَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ السُّؤَالُ الْوَاجِبُ قَالَ: وَأَمَّا تَمْثِيلُ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ السُّؤَالَ الْوَاجِبَ بِالْمُرِيدِينَ فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ وَبِسُؤَالِ الْأَوْلِيَاءِ لِلِاقْتِدَاءِ وَتَمْثِيلُهُ بِسُؤَالِ مُوسَى وَالْخَضِرِ طَعَامًا مِنْ أَهْلِ الْقَرْيَةِ فَفِيهِ نَظَرٌ وَلَا يُطْلَقُ عَلَى سُؤَالِ الْمُرِيدِينَ فِي ابْتِدَائِهِمْ اسْمُ الْوُجُوبِ، وَإِنَّمَا جَرَتْ عَادَةُ الْمَشَايِخِ الَّذِينَ يُهَذِّبُونَ أَخْلَاقَ الْمُرِيدِينَ بِفِعْلِ ذَلِكَ لِكَسْرِ أَنْفُسِهِمْ إذَا كَانَ فِي ذَلِكَ صَلَاحُهُمْ، فَأَمَّا الْوُجُوبُ الشَّرْعِيُّ فَلَا.
وَأَمَّا سُؤَالُ الْخَضِرِ وَمُوسَى فَلَا يَلْزَمُ هَذِهِ الْأُمَّةَ الِاقْتِدَاءُ بِهِمَا فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ الْخَضِرِ لِحِكْمَةٍ أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا لَيُبَيِّنَ لِمُوسَى عليه الصلاة والسلام مَا يَنْتَهِي الْحَالُ إلَيْهِ فِي الْمَرَّاتِ الثَّلَاثِ انْتَهَى.
وَمِنْ الصُّوَرِ الَّتِي اُخْتُلِفَ فِيهَا هَلْ السُّؤَالُ حَرَامٌ أَوْ مَكْرُوهٌ مَا إذَا قَدَرَ عَلَى الِاكْتِسَابِ وَفِي ذَلِكَ وَجْهَانِ لِأَصْحَابِنَا الشَّافِعِيَّةِ (أَصَحُّهُمَا) أَنَّهُ حَرَامٌ لِظَاهِرِ الْأَحَادِيثِ وَ (الثَّانِي) أَنَّهُ مَكْرُوهٌ وَمِمَّا وَرَدَ فِي سُؤَالِ الْمُحْتَاجِ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ الْكَبِيرِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَا الْمُعْطِي مِنْ سَعَةٍ بِأَفْضَلَ مِنْ الْآخِذِ إذَا كَانَ مُحْتَاجًا» .
1 -
{الْعَاشِرَةُ} قَالَ وَالِدِي رحمه الله فِي. شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ وَرَدَ التَّخْصِيصُ فِي السُّؤَالِ فِي أَرْبَعَةِ أَمَاكِنَ وَهِيَ أَنْ يَسْأَلَ سُلْطَانًا أَوْ فِي أَمْرٍ لَا بُدَّ مِنْهُ أَوْ ذَا رَحِمٍ فِي حَاجَةٍ أَوْ الصَّالِحِينَ، فَأَمَّا السُّلْطَانُ فَهُوَ الَّذِي بِيَدِهِ أَمْوَالُ الْمَصَالِحِ.
وَأَمَّا الْأَمْرُ الَّذِي لَا بُدَّ مِنْهُ فَهُوَ الْحَاجَةُ الَّتِي لَا بُدَّ مِنْهَا، وَأَمَّا ذُو الرَّحِمِ فَلِمَا وَرَدَ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى ذِي الرَّحِمِ مِنْ الْفَضْلِ وَلِذَهَابِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إلَى وُجُوبِ النَّفَقَةِ عَلَيْهِ مَعَ وَصْفِ الْفَقْرِ وَالْعَجْزِ فَرَخَّصَ فِي سُؤَالِهِ، وَأَمَّا سُؤَالُ الصَّالِحِينَ فَهُوَ فِي حَدِيثِ «ابْنِ الْفِرَاسِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أَسْأَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ لَا، وَإِنْ كُنْت سَائِلًا وَلَا بُدَّ فَسَلْ الصَّالِحِينَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ ثُمَّ يُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالصَّالِحِينَ الصَّالِحُونَ مِنْ أَرْبَابِ الْأَمْوَالِ الَّذِينَ لَا يَمْنَعُونَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْحَقِّ، وَقَدْ لَا يَعْلَمُونَ الْمُسْتَحَقَّ مِنْ غَيْرِهِ فَإِذَا عَرَفُوا بِالسُّؤَالِ الْمُحْتَاجَ أَعْطَوْهُ مِمَّا عَلَيْهِمْ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِمْ مَنْ