الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ النِّكَاحِ
عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ " كُنْت أَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بِمِنًى فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ فَقَامَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَا نُزَوِّجُك جَارِيَةً شَابَّةً لَعَلَّهَا أَنْ تُذَكِّرَك مَا مَضَى مِنْ زَمَانِك؟ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ أَمَا لَئِنْ قُلْت ذَلِكَ لَقَدْ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» ..
ــ
[طرح التثريب]
[كِتَابُ النِّكَاحِ]
[حَدِيث يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ]
(الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ)
عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ " كُنْت أَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بِمِنًى فَلَقِيَهُ عُثْمَانُ فَقَامَ مَعَهُ يُحَدِّثُهُ فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَلَا أُزَوِّجُك جَارِيَةً شَابَّةً لَعَلَّهَا أَنْ تُذَكِّرَك مَا مَضَى مِنْ زَمَانِك، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: أَمَا لَئِنْ قُلْت ذَلِكَ لَقَدْ قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» (فِيهِ) فَوَائِدُ: {الْأُولَى} أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ خَلَا التِّرْمِذِيَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ. وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ ذَكَرَ الْأَسْوَدُ مَعَهُ أَيْضًا وَقَالَ: إنَّهُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ النَّخَعِيّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ فَكَانَ لِلْأَعْمَشِ فِيهِ إسْنَادَانِ وَقَدْ كَانَ وَاسِعَ الرِّوَايَةِ وَلَيْسَ هَذَا اخْتِلَافًا عَلَيْهِ
وَرَوَاهُ النَّسَائِيّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ كُنْت مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ عِنْدَ عُثْمَانَ فَقَالَ عُثْمَانُ: «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
صلى الله عليه وسلم عَلَى فِتْيَةٍ فَقَالَ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ ذَا طَوْلٍ فَلْيَتَزَوَّجْ» الْحَدِيثَ جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِ عُثْمَانَ وَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ مِنْ مُسْنَدِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
(الثَّانِيَةُ) فِي قَوْلِ عُثْمَانَ لِابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنهما لَأُزَوِّجَنَّكَ جَارِيَةً شَابَّةً إلَى آخِرِهِ فِيهِ اسْتِحْبَابُ عَرْضِ الصَّاحِبِ هَذَا عَلَى صَاحِبِهِ الَّذِي لَيْسَتْ لَهُ زَوْجَةٌ بِهَذِهِ الصِّفَةِ وَهُوَ صَالِحٌ لِلتَّزْوِيجِ بِهَا وَفِيهِ اسْتِحْبَابُ نِكَاحِ الشَّابَّةِ لِأَنَّهَا الْمُحَصِّلَةُ لِمَقَاصِدِ النِّكَاحِ فَإِنَّهَا أَلَذُّ اسْتِمْتَاعًا وَأَطْيَبُ نَكْهَةً وَأَرْغَبُ فِي الِاسْتِمْتَاعِ الَّذِي هُوَ مَقْصُودُ النِّكَاحِ وَأَحْسَنُ عِشْرَةً وَأَفْكَهُ مُحَادَثَةً وَأَجْمَلُ مَنْظَرًا وَأَلْيَنُ مَلْمَسًا وَأَقْرَبُ إلَى أَنْ يُعَوِّدَهَا زَوْجُهَا الْأَخْلَاقَ الَّتِي يَرْتَضِيهَا وَفِي رِوَايَةٍ جَارِيَةً بِكْرًا وَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ الْبِكْرِ وَتَفْضِيلِهَا عَلَى الثَّيِّبِ وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ.
وَقَوْلُهُ (لَعَلَّهَا أَنْ تُذَكِّرُك مَا مَضَى مِنْ زَمَانِك) مَعْنَاهُ تُذَكِّرُ بِهَا مَا مَضَى مِنْ نَشَاطِك وَقُوَّةِ شَبَابِك وَغُلْمَتِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ يُنْعِشُ الْبَدَنَ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى فِي الصَّحِيحِ لَعَلَّهَا تُرْجِعُ إلَيْك مَا كُنْت تَعْهَدُ مِنْ نَفْسِك، وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه قَدْ قَلَّتْ رَغْبَتُهُ فِي النِّسَاءِ إمَّا لِلِاشْتِغَالِ بِالْعِبَادَةِ وَإِمَّا لِلسِّنِّ وَإِمَّا لِمَجْمُوعِهِمَا فَحَرَّكَهُ عُثْمَانُ رضي الله عنه بِذَلِكَ.
(الثَّالِثَةُ) قَوْلُهُ (يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ) قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْمَعْشَرُ الطَّائِفَةُ الَّذِينَ يَشْمَلُهُمْ وَصْفٌ فَالشَّبَابُ مَعْشَرٌ وَالشُّيُوخُ مَعْشَرٌ وَالْأَنْبِيَاءُ مَعْشَرٌ وَالنِّسَاءُ مَعْشَرٌ وَكَذَا مَا أَشْبَهَهُ، وَالشَّبَابُ جَمْعُ شَابٍّ وَيُجْمَعُ أَيْضًا عَلَى شُبَّانٍ بِضَمِّ الشِّينِ وَتَشْدِيدِ الْبَاءِ وَآخِرُهُ نُونٌ، وَشَبِيبَةٌ وَالشَّابُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا هُوَ مَنْ بَلَغَ وَلَمْ يُجَاوِزْ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَإِنَّمَا خَصَّ الشَّبَابَ بِالْمُخَاطَبَةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ قُوَّةُ الشَّهْوَةِ فِيهِمْ بِخِلَافِ الشُّيُوخِ وَالْكُهُولِ لَكِنَّ الْمَعْنَى مُعْتَبَرٌ إذَا وُجِدَ فِي حَقِّ هَؤُلَاءِ أَيْضًا.
(الرَّابِعَةُ) فِي الْبَاءَةِ أَرْبَعُ لُغَاتٍ حَكَاهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ الْفَصِيحَةُ الْمَشْهُورَةُ الْبَاءَةُ بِالْمَدِّ وَالْهَاءِ وَالثَّانِيَةُ الْبَاهُ بِلَا مَدٍّ، وَالثَّالِثَةُ الْبَاءُ بِالْمَدِّ بِلَا هَاءٍ وَالرَّابِعَةُ الْبَاهَةُ بِهَاءَيْنِ بِلَا مَدٍّ وَأَصْلُهَا فِي اللُّغَةِ الْجِمَاعُ مُشْتَقَّةٌ مِنْ الْمَبَاءَةِ وَهُوَ الْمَنْزِلُ وَمِنْهُ مَبَاءَةُ الْإِبِلِ وَهِيَ مَوَاطِنُهَا ثُمَّ قِيلَ: لِعَقْدِ النِّكَاحِ بَاءَةً؛ لِأَنَّ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بَوَّأَهَا مَنْزِلًا.
(الْخَامِسَةُ) اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي الْمُرَادِ بِالْبَاءَةِ هُنَا عَلَى قَوْلَيْنِ يَرْجِعَانِ إلَى مَعْنًى وَاحِدٍ أَصَحُّهُمَا أَنَّ الْمُرَادَ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الْجِمَاعُ فَتَقْدِيرُهُ مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ الْجِمَاعَ لِقُدْرَتِهِ عَلَى مُؤَنِهِ، وَهِيَ مُؤَنُ النِّكَاحِ فَلْيَتَزَوَّجْ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ الْجِمَاعَ لِعَجْزِهِ عَنْ مُؤَنِهِ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ لِيَدْفَعَ