الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَعَنْ عُرْوَةَ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ «لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَايَ قَطُّ إلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَرَفَيْ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً فَلَمَّا اُبْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ حَتَّى إذَا بَلَغَ بَرْكَ الْغِمَادِ لَقِيَهُ ابْنُ الدُّغُنَّةِ، وَهُوَ سَيِّدُ الْقَارَّةِ فَقَالَ ابْنُ الدَّغِنَةِ أَيْنَ تُرِيدُ يَا أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَخْرَجَنِي قَوْمِي» فَذَكَرَ الْحَدِيثَ «، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لِلْمُسْلِمِينَ قَدْ رَأَيْت دَارَ هِجْرَتِكُمْ
ــ
[طرح التثريب]
وَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ، وَالْجَوْهَرِيُّ هُوَ الطَّرِيقُ فِي الْجَبَلِ قَالَ فِي النِّهَايَةِ، وَفِي الْمَغَازِي «خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ قُرَيْشًا وَسَلَكَ شُعْبَةً» هِيَ بِضَمِّ الشِّينِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ مَوْضِعٌ قُرْبَ يَلِيلَ، وَيُقَالُ لَهُ شُعْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ.
{الرَّابِعَةُ} أَشَارَ عليه الصلاة والسلام بِذَلِكَ إلَى أَنَّهُ لَا يُفَارِقُ الْأَنْصَارَ مُدَّةَ حَيَاتِهِ لِأَنَّهُ جَعَلَ أَرْضَهُمْ دَارَ هِجْرَتِهِ فَهُوَ مُلَازِمٌ لَهَا إلَى وَفَاتِهِ، وَقَدْ قَالَ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «الْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ، وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ» .
[حَدِيث عَائِشَة لَمْ أعقل أَبَوَايَ قَطُّ إلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ]
الْحَدِيثُ الثَّانِي.
وَعَنْ عُرْوَةَ عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ: لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَايَ قَطُّ إلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ، وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَرَفَيْ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً، فَلَمَّا اُبْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ» الْحَدِيثُ (فِيهِ) فَوَائِدٌ {الْأُولَى} أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، وَعُقَيْلٍ، وَغَيْرِهِمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ ذَكَرَهُ فِي سِتَّةِ مَوَاضِعَ مِنْ صَحِيحِهِ الصَّلَاةُ، وَالْإِجَارَةُ، وَالْكَفَالَةُ، وَالْهِجْرَةُ، وَاللِّبَاسُ، وَالْأَدَبُ طُولُهُ فِي بَعْضِهَا، وَاخْتَصَرَهُ فِي الْبَعْضِ. {الثَّانِيَةُ} قَوْلُ عَائِشَةَ رضي الله عنها «لَمْ أَعْقِلْ أَبَوَايَ» كَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَتِنَا مِنْ مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بِالْأَلِفِ وَهِيَ لُغَةُ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ وَعِدَّةِ قَبَائِلَ يَجْعَلُونَ الْمُثَنَّى بِالْأَلِفِ فِي الْأَحْوَالِ كُلِّهَا، وَعَلَيْهَا جَاءَ قَوْله تَعَالَى {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَنْ يُخْرِجَاكُمْ} [طه: 63] ، وَهِيَ قِرَاءَةٌ مَشْهُورَةٌ مُتَوَاتِرَةٌ فِي السَّبْعِ، وَأَنْكَرَ
أُرِيت سَبِخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ، وَهُمَا حَرَّتَانِ، فَخَرَجَ مَنْ كَانَ مُهَاجِرًا قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَجَعَ إلَى الْمَدِينَةِ بَعْضُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ إلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَتَجَهَّزَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى رِسْلِك فَإِنِّي أَرْجُو أَنْ يُؤْذَنَ لِي، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَتَرْجُو ذَلِكَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي؟ قَالَ نَعَمْ فَحَبَسَ أَبُو بَكْرٍ نَفْسَهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِصُحْبَتِهِ وَعَلَفَ رَاحِلَتَيْنِ كَانَتَا عِنْدَهُ مِنْ وَرَقِ السَّمُرِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ» قَالَ الزُّهْرِيُّ
ــ
[طرح التثريب]
الْمُبَرِّدُ هَذِهِ اللُّغَةَ، وَهُوَ مَحْجُوجٌ بِنَقْلِ أَئِمَّةِ اللُّغَةِ، وَرِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ أَبَوِيَّ عَلَى اللُّغَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَالْمُرَادُ بِأَبَوَيْهَا أَبُوهَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه، وَأُمُّهَا أُمُّ رُومَانَ عَلَى سَبِيلِ التَّغَلُّبِ، وَيَجُوزُ فِي الرَّاءِ مِنْ رُومَانَ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ، وَالْأَمْرُ كَمَا ذَكَرْت مِنْ أَنَّهَا لَمْ تَعْقِلْ أَبَوَيْهَا إلَّا وَهُمَا يَدِينَانِ الدِّينَ أَيْ الْإِسْلَامَ فَإِنَّ مَوْلِدَهَا قَبْلَ الْهِجْرَةِ بِنَحْوِ سَبْعِ سِنِينَ، وَكَانَ أَبَوَاهَا مُتَقَدِّمَيْ الْإِسْلَامِ، وَذَلِكَ مَعْرُوفٌ فِي الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، وَذَكَرَ أَبُو عُمَرَ فِي الِاسْتِيعَابِ أَنَّ وَفَاةَ أُمِّ رُومَانَ فِي حَيَاةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قِيلَ سَنَةَ أَرْبَعٍ، وَقِيلَ خَمْسٍ، وَقِيلَ سِتٍّ «، وَأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام نَزَلَ قَبْرَهَا فَاسْتَغْفَرَ لَهَا، وَقَالَ اللَّهُمَّ لَمْ يَخْفَ عَلَيْك مَا لَقِيَتْ أُمُّ رُومَانَ فِيك، وَفِي رَسُولِك» .
{الثَّالِثَةُ} قَوْلُهَا «وَلَمْ يَمُرَّ عَلَيْنَا يَوْمٌ إلَّا يَأْتِينَا فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَرَفَيْ النَّهَارِ بُكْرَةً وَعَشِيَّةً» فِيهِ فَضِيلَةٌ لِلصِّدِّيقِ رضي الله عنه وَبَيَانِ تَوَاضُعِهِ عليه الصلاة والسلام وَمُوَادَّتِهِ أَصْحَابَهُ وَأَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِكْثَارِ الزِّيَارَةِ عِنْدَ تَأَكُّدِ الْمَوَدَّةِ أَوْ الِاحْتِيَاجِ لِذَلِكَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا» فَهُوَ فِي غَيْرِ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا كَانَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ لِشِدَّةِ الِاحْتِيَاجِ إلَى التَّعَاوُنِ عَلَى الدِّينِ وَالتَّنَاصُرِ فِيهِ وَأَعْمَالِ الرَّأْيِ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا بَعْدَ الْهِجْرَةِ فَمَا أَظُنُّهُ كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{الرَّابِعَةُ} قَوْلُهَا «فَلَمَّا اُبْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ» بِضَمِّ التَّاءِ أَيْ اُمْتُحِنُوا
قَالَ عُرْوَةُ «قَالَتْ عَائِشَةُ فَبَيْنَا نَحْنُ يَوْمًا جُلُوسٌ فِي بَيْتِنَا فِي نَحْرِ الظَّهِيرَةِ قَالَ قَائِلٌ لِأَبِي بَكْرٍ هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُقْبِلًا مُتَقَنِّعًا فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِدًى لَهُ أَبِي وَأُمِّي، إنْ جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ لَأَمْرٌ، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاسْتَأْذَنَ فَأَذِنَ لَهُ فَدَخَلَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ دَخَلَ لِأَبِي بَكْرٍ أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَك، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ إنَّمَا هُمْ أَهْلُك بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَالصَّحَابَةَ بِأَبِي أَنْتَ
ــ
[طرح التثريب]
بِأَذَى الْمُشْرِكِينَ وَأَصْلُ الِابْتِلَاءِ الِامْتِحَانُ، وَالِاخْتِبَارُ، وَيَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ مَعًا وَمِنْهُ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ فِعْلَيْهِمَا قَوْله تَعَالَى {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} [الأنبياء: 35] قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ يُقَالُ مِنْ الْخَيْرِ أَبْلَيْته أُبْلِيَهُ إبْلَاءً وَمِنْ الشَّرِّ بَلَوْته أَبْلُوهُ بَلَاءً قَالَ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمَعْرُوفُ أَنَّ الِابْتِلَاءَ يَكُونُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ مَعًا مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ بَيْنَ فِعْلَيْهِمَا.
{الْخَامِسَةُ} قَوْلُهَا «خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُهَاجِرًا قِبَلَ أَرْضِ الْحَبَشَةِ» كَانَتْ الْهِجْرَةُ إلَى الْحَبَشَةِ مَرَّتَيْنِ وَعَدَدُ الْمُهَاجِرِينَ فِي الْأُولَى اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا وَأَرْبَعُ نِسْوَةٍ ثُمَّ رَجَعُوا لَمَّا بَلَغَهُمْ عَنْ الْمُشْرِكِينَ سُجُودَهُمْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ قِرَاءَةِ سُورَةِ وَالنَّجْمِ فَلَقُوا مِنْ الْمُشْرِكِينَ أَشَدَّ مِمَّا عَهِدُوا فَهَاجَرُوا ثَانِيَةً، وَكَانُوا ثَلَاثَةً وَثَمَانِينَ رَجُلًا وَثَمَانِي عَشْرَةَ امْرَأَةً، وَلَمْ يُعَدَّ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فِي أَصْحَابِ الْأُولَى وَلَا الثَّانِيَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِلْ إلَيْهَا بَلْ رَجَعَ مِنْ الطَّرِيقِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْحَدِيثِ {السَّادِسَةُ} «بَرْكُ الْغِمَادِ» بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَبِكَسْرِهَا لِلْأَصِيلِيِّ وَالْمُسْتَمْلِي وَغَيْرِهِمَا وَالرَّاءِ سَاكِنَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَالْغِمَادُ بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَضَمِّهَا كَمَا حَكَاهُ فِي الْمَشَارِقِ عَنْ ابْنِ دُرَيْدٍ قَالَ فِي الْمَشَارِقِ هُوَ مَوْضِعٌ فِي أَقَاصِي هَجَرَ، وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ اسْمُ مَوْضِعٍ بِالْيَمَنِ، وَقِيلَ هُوَ مَوْضِعٌ وَرَاءَ مَكَّةَ بِخَمْسِ
يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَعَمْ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فَخُذْ بِأَبِي أَنْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إحْدَى رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالثَّمَنِ قَالَتْ فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الْجِهَازِ وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ مِنْ نِطَاقِهَا فَأَوْكَأَتْ الْجِرَابَ فَلِذَلِكَ كَانَتْ تُسَمَّى ذَاتَ النِّطَاقِ، ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَبُو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ ثَوْرٌ فَمَكَثَا فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ..
ــ
[طرح التثريب]
لَيَالٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الصِّحَاحِ بَرْكَ الْغِمَادِ، وَإِنَّمَا قَالَ بِرَكَ مِثْل قِرْدِ اسْمُ مَوْضِعٍ بِالْيَمَنِ انْتَهَى فَلَا أَدْرِي هُوَ هَذَا أَمْ لَا.
{السَّابِعَةُ} «ابْنُ الدَّغِنَةِ» هُوَ بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَفَتْحِ النُّونِ وَتَخْفِيفِهَا هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ الْمَضْبُوطُ الْمَحْفُوظُ، وَحَكَى فِيهِ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْمَشَارِقِ مَعَ ذَلِكَ وَجْهَيْنِ آخَرَيْنِ، وَهُمَا فَتْحُ الْغَيْنِ وَإِسْكَانُهَا وَوَجْهًا رَابِعًا حَكَاهُ عَنْ الْقَابِسِيِّ، وَهُوَ الدُّغُنَّةُ بِضَمِّ الدَّالِ وَالْغَيْنِ وَتَشْدِيدِهَا، وَحَكَى الْجَيَّانِيُّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ وَالرَّابِعَ، وَقَالَ وَبِهِمَا رَوَيْنَاهُ انْتَهَى.
وَالرَّابِعُ أَشْهَرُ مِنْ الْمُتَوَسِّطَيْنِ فَهُمَا غَرِيبَانِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الصِّحَاحِ هَذِهِ الْمَادَّةَ، وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ دَغَنَ يَوْمُنَا كَدَجْنِ عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ: وَإِنَّهُ لِذُو دُغُنَّةٍ كَدُجُنَّةٍ وَدُغَيْنَةٍ: الْأَحْمَقُ مَعْرِفَةٌ وَدُغَيْنَةُ اسْمُ امْرَأَةٍ.
{الثَّامِنَةُ} «الْقَارَّةُ» بِالْقَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَتَخْفِيفِهَا قَبِيلَةٌ مَعْرُوفَةٌ قَالَ فِي الصِّحَاحِ هُمْ عَضَلٌ، وَالدِّيشُ ابْنَا الْهُونِ بْنِ خُزَيْمَةَ سُمُّوا قَارَّةً لِاجْتِمَاعِهِمْ وَاتِّفَاقِهِمْ لَمَّا أَرَادَ ابْنُ الشَّدَّاخِ أَنْ يُفَرِّقَهُمْ فِي بَنِي كِنَانَةَ فَقَالَ شَاعِرُهُمْ
دَعُونَا قَارَّةً لَا تَنْفِرُونَا
…
فَنَجْفِلَ مِثْلَ إجْفَالِ الظَّلِيمِ فَهُمْ رِمَاءٌ
، وَفِي الْمَثَلِ أَنْصَفَ الْقَارَّةَ مَنْ رَمَاهَا.
{التَّاسِعَةُ} قَوْلُهُ «أَخْرَجَنِي قَوْمِي» أَيْ تَسَبَّبُوا فِي إخْرَاجِي لَا أَنَّهُمْ بَاشَرُوا إخْرَاجَهُ، وَهُوَ مِثْلَ قَوْلِهِ {مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ} [محمد: 13] ، وَقَوْلُهُ {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [التوبة: 40]
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَالصَّحِيحُ جَوَازُ الِاقْتِصَارِ عَلَى بَعْضِ الْحَدِيثِ إذَا كَانَ الْمَحْذُوفُ مُنْفَصِلًا عَنْ الْمَذْكُورِ لَا يَخْتَلُّ مَعْنَاهُ بِحَذْفِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{الْعَاشِرَةُ} قَوْلُهُ «قَدْ رَأَيْت دَارَ هِجْرَتِكُمْ»