الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ النَّفَقَاتِ
.
عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «جَاءَتْ هِنْدٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ خِبَاءٌ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يُذِلَّهُمْ اللَّهُ
ــ
[طرح التثريب]
الْقِيَاسَ التَّكْفِيرُ إذَا عَرِيَ عَنْ الْقَرَائِنِ الْحَامِلَةِ عَلَى غَيْرِهِ لِأَنَّ اللَّفْظَ بِوَضْعِهِ يَقْتَضِيه قَالَ: وَكَلَامُ النَّوَوِيِّ فِي الْأَذْكَارِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَكْفُرُ بِذَلِكَ، وَالْقِيَاسُ خِلَافُهُ انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَتَضَمَّنُ تَعْظِيمَ الْإِسْلَامِ وَإِبْعَادَ النَّفْسِ عَنْ التَّهَوُّدِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَحْرُمُ الْإِتْيَانُ بِهِ لَكِنْ تَقَدَّمَ عَنْ الْخَطَّابِيِّ إطْلَاقُ الْإِثْمِ، وَلَمْ يَفْصِلْ بَيْنَ الْحَلِفِ عَلَى الْمَاضِي وَالْمُسْتَقْبَلِ، وَصَرَّحَ بِذَلِكَ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ فَقَالَ يَحْرُمُ أَنْ يَقُولَ إنْ فَعَلَتْ كَذَا فَأَنَا يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ فَإِنْ قَالَهُ، وَأَرَادَ حَقِيقَةَ فِعْلِهِ وَخُرُوجِهِ عَنْ الْإِسْلَامِ بِذَلِكَ صَارَ كَافِرًا فِي الْحَالِ، وَجَرَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُرْتَدِّينَ، وَإِنْ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ لَمْ يَكْفُرْ لَكِنَّهُ ارْتَكَبَ مُحَرَّمًا فَيَجِبُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي الْمَطْلَبِ إنَّهُ مَعْصِيَةٌ.
(السَّادِسَةُ) اسْتَدَلَّ بِهِ الْخَطَّابِيُّ عَلَى أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَى قَائِلِ هَذَا اللَّفْظِ مُطْلَقًا قَالَ لِأَنَّهُ جَعَلَ عُقُوبَتَهُ فِي دِينِهِ، وَلَمْ يَجْعَلْ فِي مَالِهِ شَيْئًا، وَبِهَذَا قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ إلَى أَنَّ ذَلِكَ يَمِينٌ تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ إذَا حَنِثَ فِيهِ، وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ، وَحَكَى الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ إيجَابَهُمْ الْكَفَّارَةَ إنَّمَا هُوَ إذَا تَعَلَّقَ بِمُسْتَقْبَلٍ فَإِنَّ تَعَلَّقَ بِمَاضٍ فَاخْتَلَفُوا فِيهِ.
[بَابُ النَّفَقَاتِ]
[حَدِيث هِنْد إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ]
بَابُ النَّفَقَاتِ.
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ.
عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «جَاءَتْ هِنْدٌ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ خِبَاءٌ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ أَنْ يُذِلَّهُمْ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ خِبَائِك، وَمَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ الْيَوْمَ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِزَّهُمْ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ خِبَائِك، فَقَالَ رَسُولُ
مِنْ أَهْلِ خِبَائِك، وَمَا عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ الْيَوْمَ أَهْلُ خِبَاءٍ أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُعِزَّهُمْ اللَّهُ مِنْ أَهْلِ خِبَائِك، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَيْضًا وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُنْفِقَ عَلَى عِيَالِهِ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا حَرَجَ عَلَيْك أَنْ تُنْفِقِي عَلَيْهِمْ بِالْمَعْرُوفِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ «رَجُلٌ شَحِيحٌ لَا يُعْطِينِي مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي، وَيَكْفِي بَنِيَّ إلَّا مَا آخُذُهُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ جُنَاحٍ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيك، وَيَكْفِي بَنِيك» ..
ــ
[طرح التثريب]
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَيْضًا، وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، ثُمَّ قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ فَهَلْ عَلَيَّ حَرَجٌ أَنْ أُنْفِقَ عَلَى عِيَالِهِ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَا حَرَجَ عَلَيْك أَنْ تُنْفِقِي عَلَيْهِمْ بِالْمَعْرُوفِ» . (فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) أَخْرَجَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ بِلَفْظِ مُمْسِكٌ، وَلَيْسَ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ قِصَّةُ الْخِبَاءِ، وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ، وَمِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ أَبِي حَمْزَةَ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ، وَلَفْظُ يُونُسَ، وَابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ فَقَالَ لَا إلَّا بِالْمَعْرُوفِ كُلُّهُمْ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ، وَأَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ خَلَا التِّرْمِذِيِّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، وَلَفْظُ مُسْلِمٍ «رَجُلٌ شَحِيحٌ لَا يُعْطِينِي مِنْ النَّفَقَةِ مَا يَكْفِينِي وَيَكْفِي بَنِيَّ إلَّا مَا آخُذُهُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ فَهَلْ عَلَيَّ فِي ذَلِكَ مِنْ جُنَاحٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُذِي مِنْ مَالِهِ بِالْمَعْرُوفِ مَا يَكْفِيك، وَيَكْفِي بَنِيك»
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فَأَوْرَدَهُ الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعَ أَخَصْرَ مِنْ هَذَا.
(الثَّانِيَةُ)(هِنْدٌ) هِيَ بِنْتُ عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ زَوْجُ أَبِي سُفْيَانَ صَخْرِ بْنِ حَرْبٍ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِنَسَبِهَا فِي رِوَايَةٍ لِلشَّيْخَيْنِ، وَفِي لَفْظِهَا وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ الصَّرْفُ، وَعَدَمُهُ.
(الثَّالِثَةُ) قَوْلُهَا مَا كَانَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ خِبَاءٌ بِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ مَمْدُودٌ كَذَا رَوَيْنَاهُ عَنْ وَالِدِي رحمه الله، وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ أَهْلِ خِبَاءٍ، وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ " أَهْلِ " فِي رِوَايَتِنَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (يُذِلُّهُمْ) إنْ صَحَّ حَذْفُهُ فِي رِوَايَتِنَا، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي بَعْدَهَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إنْ أَرَادَتْ بِهِ نَفْسَهُ عليه السلام فَكَنَّتْ عَنْهُ بِهَذَا، وَأَكْبَرَتْهُ عَنْ مُخَاطَبَتِهِ وَتَعْيِينِهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تُرِيدَ بِأَهْلِ الْخِبَاءِ أَهْلَ بَيْتِهِ، وَالْخِبَاءُ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ مَسْكَنِ الرَّجُلِ، وَدَارِهِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْمَشَارِقِ هُوَ بَيْتٌ مِنْ بُيُوتِ الْعَرَبِ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ يَكُونُ مِنْ وَبَرٍ أَوْ صُوفٍ، وَلَا يَكُونُ مِنْ شَعْرٍ ثُمَّ يُسْتَعْمَلُ فِي غَيْرِهِ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْ أَهْلُ بَيْتٍ كَمَا جَاءَ مُفَسَّرًا فِي بَعْضِ طُرُقِهِ، وَسُمِّيَ الْبَيْتُ خِبَاءً لِأَنَّهُ يُخَبِّئُ مَا فِيهِ، وَالْخِبَاءُ فِي الْأَصْلِ مَصْدَرٌ تَقُولُ خَبَأْت الشَّيْءَ خَبْئًا وَخِبَاءً انْتَهَى.
وَفِي الْمُحْكَمِ عَنْ ابْنِ دُرَيْدٍ أَصْلُهُ مِنْ خَبَأْت خِبَاءً قَالَ: وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ أَنَّ الْخَبْأَ أَصْلُهُ الْهَمْزُ إلَّا هُوَ بَلْ قَدْ صَرَّحَ بِخِلَافِ ذَلِكَ انْتَهَى قَالَ الْقُرْطُبِيُّ، وَوَصْفُ هِنْدٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ جَاءَ لَهَا فِي الْكُفْرِ، وَمَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ بُغْضِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَبُغْضِ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَمَا آبَتْ إلَيْهِ حَالُهَا لَمَّا أَسْلَمَتْ، تَذَكُّرٌ لِنِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْهَا بِمَا أَنْقَذَهَا اللَّهُ مِنْهُ، وَبِمَا أَوْصَلَهَا إلَيْهِ، وَتَعْظِيمٌ لِحُرْمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَلِتَنْبَسِطَ فِيمَا تُرِيدُ أَنْ تَسْأَلَ عَنْهُ، وَلِتَزُولَ آلَامُ الْقُلُوبِ لِمَا كَانَ مِنْهَا يَوْمَ أُحُدٍ فِي شَأْنِ حَمْزَةَ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
(الرَّابِعَةُ) قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام: وَأَيْضًا وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ أَيْ سَتَزِيدِينَ مِنْ ذَلِكَ وَيَتَمَكَّنُ الْإِيمَانُ مِنْ قَلْبِك، وَيَزِيدُ حُبُّك لِلَّهِ وَلِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَيَقْوَى رُجُوعُك عَنْ بُغْضِهِ. وَأَصْلُ هَذِهِ اللَّفْظِ آضَ يَئِيضُ أَيْضًا إذَا رَجَعَ، وَفِي هَذَا بُشْرَى لَهَا بِقُوَّةِ إيمَانِهَا وَتَمَكُّنِهِ وَمَنْقَبَةٌ لَهَا بِذَلِكَ.
(الْخَامِسَةُ) قَوْلُهَا (إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مِسِّيكٌ) أَيْ شَحِيحٌ كَمَا فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَالشُّحُّ عِنْدَهُمْ فِي كُلِّ شَيْءٍ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ الْبُخْلِ، وَقِيلَ الشُّحُّ لَازِمٌ كَالطَّبْعِ، وَضُبِطَتْ هَذِهِ اللَّفْظَةُ بِوَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا الْقَاضِي عِيَاضٌ (أَحَدُهُمَا) مَسِيكٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ السِّينِ، وَالثَّانِي بِكَسْرِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ