الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابُ الطَّلَاقِ وَالتَّخْيِيرِ)
عَنْ نَافِعٍ عَنْ «ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ بَعْدُ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ قَبْلَ أَنْ يَمَسَّ فَتِلْكَ الْعِدَّةُ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنْ يُطَلِّقَ لَهَا النَّاسُ» زَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَةٍ «تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ
ــ
[طرح التثريب]
الْمَازِرِيُّ، وَجْهًا أَنَّ الْأَكْلَ فَرْضُ كِفَايَةٍ.
[فَائِدَة وُجُوبِ الْوَلِيمَةِ]
(الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ) اسْتَدَلَّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى وُجُوبِ الْوَلِيمَةِ، وَقَالَ لَوْ لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً لَمَا كَانَتْ الْإِجَابَةُ إلَيْهَا وَاجِبَةً وَرَدَّ بِأَنَّ ابْتِدَاءَ السَّلَامِ لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَمَعَ ذَلِكَ فَرَدُّهُ وَاجِبٌ، وَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ
[كِتَابُ الطَّلَاقِ وَالتَّخْيِيرِ]
[حَدِيث ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ]
(بَابُ الطَّلَاقِ وَالتَّخْيِيرِ)(الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ)
(فِيهِ) فَوَائِدُ:
(الْأُولَى) أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ، وَأَبُو دَاوُد مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ بِلَفْظِ «أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً» فَعَزْوُ الشَّيْخِ رحمه الله فِي النُّسْخَةِ الْكُبْرَى هَذِهِ الرِّوَايَةَ لِمُسْلِمٍ
«مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا» وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ «قَالَ ابْنُ عُمَرَ فَرَاجَعْتهَا، وَحَسِبْت لَهَا التَّطْلِيقَةَ الَّتِي طَلَّقْتهَا» وَقَالَ الْبُخَارِيُّ «حُسِبَتْ عَلَيَّ بِتَطْلِيقَةٍ» ..
ــ
[طرح التثريب]
وَحْدَهُ فَقَطْ فِيهِ نَظَرٌ فَقَدْ عَرَفْت أَنَّهَا عِنْدَ الْبُخَارِيِّ.
وَقَالَ مُسْلِمٌ جَوَّدَ اللَّيْثُ فِي قَوْلِهِ تَطْلِيقَةً وَاحِدَةً، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ «وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ إذَا سُئِلَ عَنْ ذَلِكَ قَالَ لِأَحَدِهِمْ أَمَّا أَنْتَ طَلَّقْت امْرَأَتَك مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَنِي بِهَذَا، وَإِنْ كُنْت طَلَّقْتهَا ثَلَاثًا فَقَدْ حَرُمَتْ عَلَيْك حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَك، وَعَصَيْت اللَّهَ فِيمَا أَمَرَك مِنْ طَلَاقِ امْرَأَتِك» . وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ أَيْضًا بِمَعْنَاهُ أَخَصْرُ مِنْهُ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَفِيهِ قَبْلَ أَنْ يُجَامِعَهَا، وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ قُلْت لِنَافِعٍ مَا صَنَعَتْ التَّطْلِيقَةُ؟ قَالَ وَاحِدَةً اُعْتُدَّ بِهَا، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ، وَفِيهِ كَلَامُ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي قَدَّمْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ أَرْبَعَتُهُمْ عَنْ نَافِعٍ. وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ عَنْ سَالِمٍ عَنْ «ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا» . وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَفِيهِ «فَتَغَيَّظَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» ، وَفِيهِ «، وَالطَّلَاقُ لِلْعِدَّةِ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ» . وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً فَحُسِبَتْ مِنْ طَلَاقِهَا، وَرَاجَعَهَا عَبْدُ اللَّهِ كَمَا أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَفِي لَفْظٍ «فَيُرَاجِعْهَا وَحَسِبْتُ لَهَا التَّطْلِيقَةَ الَّتِي طَلَّقْتُهَا» . وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ حُسِبَتْ عَلَيَّ بِتَطْلِيقَةٍ، وَذَكَرَ الْمِزِّيُّ أَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ فِي الْبُخَارِيِّ مُعَلَّقَةٌ، وَكَلَامُ الشَّيْخِ رحمه الله يَقْتَضِي أَنَّهَا مُسْنَدَةٌ، وَهُوَ الْحَقُّ فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ قَالَ فِيهَا.
وَقَالَ أَبُو مَعْمَرٍ ثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ ثَنَا أَيُّوبُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَأَبُو مَعْمَرَ هَذَا مِنْ شُيُوخِهِ فَرِوَايَتُهُ عَنْهُ بِصِيغَةٍ قَالَ مُتَّصِلَةٌ لِثُبُوتِ لُقِيِّهِ لَهُ، وَانْتِفَاءِ التَّدْلِيسِ فِي حَقِّهِ لَا سِيَّمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ ثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ فَثَبَتَ بِذَلِكَ اتِّصَالُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَأَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ «سَأَلْت ابْنَ عُمَرَ فَقَالَ طَلَّقَ ابْنُ عُمَرَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ فَسَأَلَ عُمَرُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا ثُمَّ يُطَلِّقَ مِنْ قُبُلِ عِدَّتِهَا قُلْت تَحْتَسِبُ، قَالَ أَرَأَيْت إنْ عَجَزَ وَاسْتَحْمَقَ» . وَأَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيقِ أَنَسِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَفِيهِ «فَقَالَ لِيُرَاجِعْهَا قُلْت فَتُحْتَسَبُ قَالَ فَمُهُ» . وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ (قُلْت)«فَاعْتَدَدْت بِتِلْكَ الَّتِي طَلَّقْت، وَهِيَ حَائِضٌ قَالَ مَالِي لَا أَعْتَدُّ بِهَا، وَإِنْ كُنْت عَجَزْت وَاسْتَحْمَقْت» ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَفِيهِ «فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيُرَاجِعْهَا فَرَدَّهَا، وَقَالَ إذَا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْ أَوْ لِيُمْسِكْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَقَرَأَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] » . لَفْظُ مُسْلِمٍ وَلَفْظُ النَّسَائِيّ فَرَدَّهَا عَلَيَّ، لَفْظُ أَبِي دَاوُد فَرَدَّهَا عَلَيَّ، وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا، وَقَالَ إذَا طَهُرَتْ فَلْتُطَلِّقْ أَوْ لِتُمْسِكْ، وَقَالَ أَبُو دَاوُد رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَأَبُو الزُّبَيْرِ، وَمَنْصُورٌ عَنْ أَبِي وَائِلٍ، وَمَعْنَاهُمْ كُلُّهُمْ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَ، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ» . وَكَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ.
وَأَمَّا رِوَايَةُ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ، وَنَافِعٍ عَنْ «ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ، ثُمَّ إنْ شَاءَ طَلَّقَ أَوْ أَمْسَكَ» . وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ نَحْوُ رِوَايَةِ نَافِعٍ، وَالزُّهْرِيِّ، وَالْأَحَادِيثُ كُلُّهَا عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ انْتَهَى.
وَلَهُ طُرُقٌ أُخْرَى لَمْ أَذْكُرْهَا اخْتِصَارًا، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ هَذَا حَدِيثٌ مُجْمَعٌ عَلَى صِحَّتِهِ مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَيْضًا فِي أَلْفَاظِهِ عَنْ نَافِعٍ. وَرَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِهِ كَمَا رَوَاهُ مَالِكٌ سَوَاءٌ ثُمَّ ذَكَرَ رِوَايَةَ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَقَالَ قَوْلُهُ، وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا مُنْكَرٌ، وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ غَيْرُ أَبِي الزُّبَيْرِ، وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ فِيمَا خَالَفَهُ فِيهِ مِثْلُهُ فَكَيْفَ بِخِلَافِ مَنْ هُوَ أَثْبَتُ مِنْهُ، وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ مَعْنَاهُ عِنْدِي، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَلَمْ يَرَهَا عَلَى اسْتِقَامَةٍ أَيْ وَلَمْ يَرَهَا شَيْئًا مُسْتَقِيمًا لِأَنَّهُ لَمْ يُمْكِنُ طَلَاقُهُ لَهَا عَلَى سُنَّةِ اللَّهِ، وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ قَالَ أَهْلُ الْحَدِيثِ لَمْ يَرْوِ أَبُو الزُّبَيْرِ حَدِيثًا أَنْكَرَ مِنْ هَذَا، وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ لَمْ يَرَهُ شَيْئًا تَامًّا تَحْرُمُ مَعَهُ الْمُرَاجَعَةُ، وَلَا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
تَحِلُّ لَهُ إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ أَوْ لَمْ يَرَهُ شَيْئًا جَائِزًا فِي السُّنَّةِ مَاضِيًا فِي حُكْمِ الِاخْتِيَارِ، وَإِنْ كَانَ لَازِمًا لَهُ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ.
(الثَّانِيَةُ) هَذِهِ الْمَرْأَةُ قِيلَ اسْمُهَا أُمَيَّةُ بِنْتُ عَقَّارٍ حَكَاهُ النَّوَوِيُّ فِي الْمُبْهَمَاتِ.
(الثَّالِثَةُ) قَوْلُهُ «فَسَأَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ» أَيْ لِيَعْرِفَ الْحُكْمَ فِيمَا وَقَعَ، وَفِيمَا يَسْتَقْبِلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَعْلَمَهُ حُكْمَ مَا وَقَعَ، وَهُوَ التَّحْرِيمُ بِتَغَيُّظِهِ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ رِوَايَةِ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ فَتَغَيَّظَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَإِنَّمَا تَغَيَّظَ عليه الصلاة والسلام مِنْ فِعْلٍ مُحَرَّمٍ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ سُؤَالُ عُمَرَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ يَحْتَمِلُ وُجُوهًا (مِنْهَا) أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْا قَبْلَ هَذِهِ النَّازِلَةِ مِثْلَهَا فَأَرَادُوا السُّؤَالَ لِيَعْلَمُوا الْجَوَابَ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مَعْلُومًا عِنْدَهُ بِالْقُرْآنِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1] .
وَقَوْلُهُ {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228] ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِقُرْءٍ فَافْتَقَرَ إلَى مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ فِيهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ سَمِعَ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم النَّهْيَ، وَالْأَوْسَطُ أَقْوَاهَا انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ: وَتَغَيُّظُهُ إمَّا لِأَنَّ الْمَعْنَى الَّذِي يَقْتَضِي الْمَنْعَ كَانَ ظَاهِرًا، وَكَانَ مُقْتَضَى الْحَالِ التَّثَبُّتَ فِي الْأَمْرِ أَوْ لِأَنَّهُ كَانَ يَقْتَضِي الْأَمْرُ الْمُشَاوَرَةَ لِلرَّسُولِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ إذَا عَزَمَ عَلَيْهِ كَمَا حَكَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَالنَّوَوِيُّ ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ تَعَبُّدٌ غَيْرُ مَعْقُولِ الْمَعْنَى.
وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ بَلْ مَعْنَاهُ تَضَرُّرُ الْمَرْأَةِ بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ عَلَيْهَا، وَهَذَا قَوْلُ مَنْ يَرَى الْعِدَّةَ بِالْأَطْهَارِ، وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَطْوِيلٌ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الَّذِينَ يَرَوْنَ الْعِدَّةَ بِالْحَيْضِ فَإِنَّهُمْ يَعْتَبِرُونَ ثَلَاثَ حِيَضٍ كَامِلَةٍ فَالْمَعْنَى عِنْدَهُمْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الطَّلَاقِ الْحَظْرُ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ النِّكَاحِ الَّذِي تَعَلَّقَتْ بِهِ الْمَصَالِحُ الدِّينِيَّةُ وَالدُّنْيَوِيَّةُ، وَإِنَّمَا يُبَاحُ لِلْحَاجَةِ، وَالْمُعْتَبَرُ دَلِيلُهَا، وَهُوَ الْإِقْدَامُ عَلَى الطَّلَاقِ فِي زَمَنِ الرَّغْبَةِ، وَهُوَ الطُّهْرُ بِخِلَافِ الْحَيْضِ فَإِنَّهُ زَمَنُ النَّفْرَةِ فَلَا يُبَاحُ فِيهِ الطَّلَاقُ، وَاسْتَثْنَى أَصْحَابُنَا مِنْ تَحْرِيمِ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ صُوَرًا (إحْدَاهَا) أَنْ يُطَلِّقَهَا بِعِوَضٍ مِنْهَا فَلَوْ سَأَلَتْهُ الطَّلَاقَ، وَرَضِيَتْ بِهِ بِلَا عِوَضٍ أَوْ اخْتَلَعَهَا أَجْنَبِيٌّ فَفِيهِ لِأَصْحَابِنَا خِلَافٌ، وَالْأَصَحُّ تَحْرِيمُهُ فِيهِمَا، وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إبَاحَةُ الطَّلَاقِ فِي الْحَيْضِ بِسُؤَالِ الْمَرْأَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِعِوَضٍ قَالَ الرَّافِعِيُّ فَلَوْ عُلِّقَ طَلَاقُهَا بِمَا يَتَعَلَّقُ بِاخْتِيَارِهَا فَفَعَلَتْهُ مُخْتَارَةً يَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
هُوَ كَمَا لَوْ طَلَّقَهَا بِسُؤَالِهَا.
وَالْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ تَحْرِيمُ الْخُلْعِ كَالطَّلَاقِ (ثَانِيهَا) إذَا طُولِبَ الْمُولِي بِالطَّلَاقِ فَطَلَّقَ فِي الْحَيْضِ قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا لَيْسَ بِحَرَامٍ لِأَنَّهَا طَالَبَتْهُ رَاضِيَةً قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَهَذَا يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِتَحْرِيمِهِ لِأَنَّهُ أَخْرَجَهَا بِالْإِيذَاءِ إلَى الطَّلَبِ، وَهُوَ غَيْرُ مُلْتَجِئٍ لِلطَّلَاقِ لِتَمَكُّنِهِ مِنْ الْفَيْئَةِ، وَلَوْ طَلَّقَ الْقَاضِي عَلَيْهِ إذَا قُلْنَا بِهِ فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ فِي الْحَيْضِ، وَاخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ أَشْهَبُ لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ لِتَعَذُّرِ الْوَطْءِ فِي الْحَيْضِ، وَيُطَلِّقُ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ لِإِمْكَانِ الْكَفَّارَةِ لَهُ فَيَسْقُطُ حُكْمُ الْإِيلَاءِ.
(ثَالِثُهَا) لَوْ رَأَى الْحَكَمَانِ فِي صُورَةِ الشِّقَاقِ الطَّلَاقَ فَطَلَّقَا فِي الْحَيْضِ فَفِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْجُوَيْنِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ لِلْحَاجَةِ إلَى قَطْعِ الشَّرِّ.
(رَابِعُهَا) لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ آخِرِ حَيْضِك أَوْ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ آخِرِ حَيْضِك فَالْأَصَحُّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ سُنِّيٌّ لِاسْتِعْقَابِهِ الشُّرُوعَ فِي الْعِدَّةِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ آخِرِ جُزْءٍ مِنْ الطُّهْرِ فَإِنَّهُ بِدْعِيٌّ، وَإِنْ لَمْ يَطَأْهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ.
وَكَذَا قَالَ الْحَنَابِلَةُ فَلَوْ نَجَّزَ الطَّلَاقَ فِي طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيهِ فَصَادَفَ حُدُوثَ الْحَيْضِ عَقِبَ طَلَاقِهِ أَوْ نَجَّزَهُ فِي الْحَيْضِ فَصَادَفَ حُدُوثَ الطُّهْرِ عَقِبَ طَلَاقِهِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَقْلًا، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ فِي الْأُولَى سُنِّيٌّ، وَمَعَ ذَلِكَ تُسْتَحَبُّ الرَّجْعَةُ لِطُولِ الْعِدَّةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِدْعِيٌّ لَكِنْ لَا تُسْتَحَبُّ الرَّجْعَةُ لِعَدَمِ التَّطْوِيلِ، وَحَاصِلُ هَذَا أَنَّ لِلْبِدْعَةِ حُكْمَيْنِ الْإِثْمَ وَاسْتِحْبَابَ الرَّجْعَةِ فَثَبَتَ هُنَا أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ كَمَا قَالَ أَصْحَابُنَا فِي الطَّلَاقِ الْمُعَلَّقِ إذَا وُجِدَتْ الصِّفَةُ فِي الْحَيْضِ فَإِنَّهُ ثَبَتَ فِيهِ أَحَدُ الْحُكْمَيْنِ، وَهُوَ اسْتِحْبَابُ الرَّجْعَةِ دُونَ الْإِثْمِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(خَامِسُهَا) لَوْ كَانَتْ الْحَامِلُ تَرَى الدَّمَ، وَقُلْنَا هُوَ حَيْضٌ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فَطَلَّقَهَا فِيهِ لَمْ يُجْزَمْ عَلَى الصَّحِيحِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَكَذَا قَالَ الْحَنَابِلَةُ إنَّهُ لَا بِدْعَةَ فِي طَلَاقِ الْحَامِلِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَبِهِ قَالَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ مِنْهُمْ طَاوُسٌ وَالْحَسَنُ وَابْنُ سِيرِينَ وَرَبِيعَةُ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَآخَرُونَ.
(سَادِسُهَا) غَيْرُ الْمَدْخُولِ بِهَا لَا يَحْرُمُ طَلَاقُهَا فِي الْحَيْضِ عِنْدَنَا، وَعِنْدَ الْحَنَابِلَةِ إذْ لَا عِدَّةَ عَلَيْهَا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْحَنَفِيَّةُ لَا يُعَلِّلُونَ بِتَطْوِيلِ الْعِدَّةِ، وَقَالُوا فِي تَوْجِيهِهِ إنَّ الرَّغْبَةَ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا صَادِقَةٌ لَا تَقِلُّ بِالْحَيْضِ مَا لَمْ يَحْصُلْ مَقْصُودُهُ مِنْهَا