الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ الْهِجْرَةِ
عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْت امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ وَلَوْ يَنْدَفِعُ النَّاسُ فِي شُعْبَةٍ أَوْ فِي وَادٍ وَالْأَنْصَارُ فِي شُعْبَةٍ لَانْدَفَعْت مَعَ الْأَنْصَارِ فِي شُعْبَتِهِمْ)
ــ
[طرح التثريب]
الشُّبْهَةُ لِحُصُولِ مُعَايَنَتِهِ فَصَارُوا كَعَبَدَةِ الْأَوْثَانِ فِي انْقِطَاعِ شُبْهَتِهِمْ وَانْكِشَافِ أَمْرِهِمْ فَعُومِلُوا مُعَامَلَتَهُمْ فِي أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ مِنْهُمْ إلَّا الْإِسْلَامَ، وَالْحُكْمُ يَزُولُ بِزَوَالِ عِلَّتِهِ، وَهَذَا مَعْنَى حَسَنٌ مُنَاسِبٌ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ، وَهُوَ أَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ ابْنُ بَطَّالٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
{الثَّامِنَةُ} قَوْلُهُ «وَيَفِيضُ الْمَالُ» هُوَ بِفَتْحِ الْيَاءِ، وَمَعْنَاهُ يَكْثُرُ وَتَنْزِلُ الْبَرَكَاتُ، وَتَتَوَالَى الْخَيْرَاتُ بِسَبَبِ الْعَدْلِ وَعَدَمِ التَّظَالُمِ، وَلِمَا تُلْقِيه الْأَرْضُ مِنْ الْكُنُوزِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «وَتَفِيءُ الْأَرْضُ أَفْلَاذَ كَبِدِهَا» ، وَأَيْضًا فَتَقِلُّ الرَّغَبَاتُ فِي الْأَمْوَالِ لِقِصَرِ الْآمَالِ، وَعِلْمِ النَّاسِ بِقُرْبِ السَّاعَةِ فَإِنَّ عِيسَى عليه السلام هُوَ آخِرُ عَلَامَاتِهَا تُقْبَضُ عَقِبُهُ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ، وَلَا يَبْقَى فِي الْأَرْضِ مَنْ يَعْرِفُ اللَّهَ، وَعَلَيْهِمْ تَقُومُ السَّاعَةُ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ فَاضَ الْوَادِي إذَا سَالَ وَفَاضَ الدَّمْعُ أَيْ كَثُرَ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ يَنْزِلُ فَأَخْبَرَ عليه الصلاة والسلام بِنُزُولِ عِيسَى عليه السلام يَفْعَلُ مَا حَكَاهُ عَنْهُ، وَيَفِيضُ الْمَالُ حَتَّى يَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُهُ أَحَدٌ مَعَ بَذْلِ صَاحِبِهِ لَهُ فَكَيْفَ يَأْخُذُهُ ظُلْمًا ذَلِكَ أَوْلَى بِأَنْ لَا يُؤْخَذَ.
[بَابُ الْهِجْرَةِ]
[حَدِيث لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْت امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ]
بَابُ الْهِجْرَةِ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ.
عَنْ هَمَّامٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْت امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ، وَلَوْ يَنْدَفِعُ النَّاسُ فِي شُعْبَةٍ أَوْ فِي وَادٍ وَالْأَنْصَارُ فِي شُعْبَةٍ، لَانْدَفَعْت مَعَ الْأَنْصَارِ
رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
ــ
[طرح التثريب]
فِي شُعْبَتِهِمْ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
(فِيهِ) فَوَائِدٌ {الْأُولَى} أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ فِي فَضَائِلِ الْأَنْصَارِ مِنْ صَحِيحِهِ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ «لَوْ أَنَّ الْأَنْصَارَ سَلَكُوا وَادِيًا أَوْ شَعْبًا لَسَلَكْت وَادِيَ الْأَنْصَارِ وَلَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْت امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ مَا ظُلْمٌ بِأَبِي وَأُمِّي آوَوْهُ وَنَصَرُوهُ أَوْ كَلِمَةٌ أُخْرَى» وَأَخْرَجَ الشَّيْخَانِ هَذَا الْمَتْنَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ وَأَنَسٍ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثِ. {الثَّانِيَةُ} قَوْلُهُ «لَوْلَا الْهِجْرَةُ لَكُنْت امْرَأً مِنْ الْأَنْصَارِ»
أَيْ فِي الْأَحْكَامِ وَالْعِدَادِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ النَّسَبُ قَطْعًا، وَفِيهِ فَضِيلَةٌ عَظِيمَةٌ لِلْأَنْصَارِ وَفِيهِ بَيَانُ فَضْلِ الْهِجْرَةِ، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ الْمُهَاجِرِينَ كَانُوا فَرِيقًا وَكَانَتْ الْأَنْصَارُ فَرِيقًا، وَكُلُّ قَبِيلَةٍ مَعَ أَحْلَافِهَا تُعَدُّ فَرِيقًا، وَلِكُلِّ فَرِيقٍ فِي الْحُرُوبِ رَايَةٌ، وَكَانَ عليه الصلاة والسلام فِي الْمُهَاجِرِينَ فَطَيَّبَ خَوَاطِرَ الْأَنْصَارِ بِأَنَّهُ لَوْلَا الْهِجْرَةُ الَّتِي شَارَكَهُ الْمُهَاجِرُونَ فِيهَا أَوْجَبْت أَنْ يَكُونَ مَعْدُودًا فِيهِمْ لَكَانَ عِدَادُهُ فِي الْأَنْصَارِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ قُرَيْشٍ لِمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَنْصَارِ مِنْ الْمُوَالَاةِ الْأَكِيدَةِ وَالْمُنَاصَرَةِ الشَّدِيدَةِ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه بِقَوْلِهِ مَا ظَلَمَ بِأَبِي وَأُمِّي أَيْ مَا ظَلَمَ قُرَيْشًا بِذَلِكَ أَيْ بِانْفِرَادِهِ عَنْهُمْ وَعَدِّهِ نَفْسَهُ فِي الْأَنْصَارِ بِتَقْدِيرِ فَقْدِ الْهِجْرَةِ لِأَنَّ الْأَنْصَارَ آوَوْهُ وَنَصَرُوهُ، وَفَعَلَتْ قُرَيْشٌ فِي مُبْتَدَإِ الْأَمْرِ ضِدَّ ذَلِكَ، أَوْ مَا ظَلَمَ الْأَنْصَارَ، وَلَا بَخَسَهُمْ حَقَّهُمْ بِهَذَا الْكَلَامِ الَّذِي قَالَهُ فِيهِمْ.
{الثَّالِثَةُ} قَوْلُهُ «وَلَوْ يَنْدَفِعُ النَّاسُ فِي شُعْبَةٍ» كَذَا رَوَيْنَاهُ وَضَبَطْنَاهُ هُنَا بِضَمِّ الشِّينِ، وَذَكَرَ الْجَوْهَرِيُّ أَنَّ الشُّعْبَةَ الْمَسِيلَ الصَّغِيرَ يُقَالُ شُعْبَةٌ حَافِلٌ أَيْ مُمْتَلِئَةٌ سَيْلًا، وَقَالَ فِي الْمُحْكَمِ الشُّعْبَةُ صَدْعٌ فِي الْجَبَلِ يَأْوِي إلَيْهِ الْمَطَرُ، وَالشُّعْبَةُ الْمَسِيلُ فِي ارْتِفَاعِ قَرَارِهِ الرَّمَلُ، وَالشُّعْبَةُ مَا صَغُرَ مِنْ التَّلْعَةِ وَقِيلَ مَا عَظُمَ مِنْ سَوَاقِي الْأَوْدِيَةِ، وَقِيلَ الشُّعْبَةُ مَا انْشَعَبَ مِنْ التَّلْعَةِ وَالْوَادِي أَيْ عَدَلَ عَنْهُ، وَأَخَذَ فِي غَيْرِ طَرِيقِهِ، وَالْجَمْعُ شُعَبٌ وَشِعَابٌ انْتَهَى.
وَلَفْظُ الصَّحِيحَيْنِ (شِعْبٌ) بِكَسْرِ الشِّينِ بِغَيْرِ هَاءٍ فِي آخِرِهِ، وَهُوَ مَا انْفَرَجَ بَيْن جَبَلَيْنِ كَمَا قَالَهُ الْخَلِيلُ بْنُ أَحْمَدَ