الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
أَشَدُّ مِنْ الْغَصْبِ، وَيُوَافِقُ هَذَا كَلَامَ أَبِي سَعِيدٍ الْهَرَوِيِّ مِنْ أَصْحَابِنَا فَإِنَّهُ شَرَطَ فِي كَوْنِ الْغَصْبِ مِنْ الْكَبَائِرِ كَوْنَ الْمَغْصُوبِ نِصَابًا، وَلَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ فِي السَّرِقَةِ، وَقَدْ يُقَالُ إنَّمَا سَكَتَ هُوَ وَغَيْرُهُ عَنْ ذَلِكَ فِي السَّرِقَةِ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ إلَى الْفَهْمِ مِنْ إطْلَاقِهَا كَوْنُ الْمَسْرُوقِ نِصَابًا فَإِنَّهُ الْمُوجِبُ لِلْقَطْعِ فَإِذَا أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا كَانَ إطْلَاقَ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38] مَحْمُولًا عَلَى ذَلِكَ وَيَسْتَوِي حِينَئِذٍ الْبَابَانِ، وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ تَعْظِيمُ شَأْنِ الْغَصْبِ عَلَى غَيْرِهِ بِكَوْنِهِ صلى الله عليه وسلم أَقْسَمَ عَلَى ذَلِكَ، وَالْقَسَمُ يَدُلُّ عَلَى التَّأْكِيدِ.
{السَّابِعَةُ} ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي الزَّانِي بَيْنَ أَنْ يَكُونَ مُحْصَنًا أَمْ لَا، وَلَا فِي شُرْبِ الْخَمْرِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمَشْرُوبُ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَدْ صَرَّحَ أَصْحَابُنَا بِأَنَّ شُرْب قَلِيلِ الْخَمْرِ مِنْ الْكَبَائِرِ.
[فَائِدَة النُّهْبَةُ الْمُحَرَّمَةُ]
1
{الثَّامِنَةُ} قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فَسَّرَ الْحَسَنُ وَالنَّخَعِيُّ هَذَا الْحَدِيثَ فَقَالَا النُّهْبَةُ الْمُحَرَّمَةُ أَنْ يَنْتَهِبَ مَالَ الرَّجُلِ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَهُوَ لَهُ كَارِهٌ، وَهُوَ قَوْلُ قَتَادَةَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ، وَهَذَا وَجْهُ الْحَدِيثِ عَلَى مَا فَسَّرَهُ النَّخَعِيّ وَالْحَسَنُ، وَأَمَّا النُّهْبَةُ الْمَكْرُوهَةُ فَهُوَ مَا أَذِنَ فِيهِ صَاحِبُهُ لِلْجَمَاعَةِ، وَأَبَاحَهُ لَهُمْ، وَغَرَضَهُ تَسَاوِيهِمْ فِيهِ أَوْ مُقَارِبَةُ التَّسَاوِي فَإِذَا كَانَ الْقَوِيُّ مِنْهُمْ يَغْلِبُ الضَّعِيفَ، وَيَحْرِمُهُ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسُ صَاحِبِهِ بِذَلِكَ الْفِعْلِ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا يُنْثَرُ عَلَى رُءُوسِ الصِّبْيَانِ وَفِي الْأَعْرَاسِ فَيَكُونُ فِيهِ النُّهْبَةُ فَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ، وَأَجَازَهُ الْكُوفِيُّونَ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَلَا يُخْرِجُ بِذَلِكَ شَهَادَةَ أَحَدٍ وَإِنَّمَا أَكْرَهُهُ لِأَنَّ مَنْ أَخَذَهُ إنَّمَا أَخَذَهُ بِفَضْلِ قُوَّةٍ وَقِلَّةِ حَيَاءٍ، وَلَا يُقْصَدُ بِهِ هُوَ وَحْدَهُ إنَّمَا قُصِدَ بِهِ الْجَمَاعَةُ، وَلَا يُعْرَفُ حَظُّهُ مِنْ حَظِّ غَيْرِهِ فَهُوَ خِلْسَةٌ وَسُخْفٌ، وَاحْتَجَّ الْكُوفِيُّونَ بِأَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا نَحَرَ الْهَدْيَ قَالَ دُونَكُمْ فَانْتَهِبُوا» قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ فِي إجَازَةِ أَخْذِ مَا يَنْثُرُ فِي الْمِلَاكِ وَغَيْرِهِ، وَأُبِيحَ أَخْذُهُ لِأَنَّ الْمُبِيحَ لَهُمْ ذَلِكَ قَدْ عَلِمَ اخْتِلَافَ قُوَّتِهِمْ فِي الْأَخْذِ، وَلَيْسَ فِي الْبُدْنِ الَّتِي أَبَاحَهَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ مَعْنًى إلَّا وَهُوَ مَوْجُودٌ فِي النِّثَارِ انْتَهَى.
[فَائِدَة قَبُولِ تَوْبَةِ الْعَبْدِ]
{التَّاسِعَةُ} «وَلَا يَغُلُّ أَحَدُكُمْ» بِفَتْحِ الْيَاءِ وَضَمِّ الْغَيْنِ كَذَا الرِّوَايَةُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَكِنَّ فِيهِ لُغَةً أُخْرَى يُغِلُّ بِضَمِّ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
الْيَاءِ وَكَسْرِ الْغَيْنِ حَكَاهَا فِي الصِّحَاحِ، وَالْمُحْكَمِ، وَالْمَشَارِقِ، وَغَيْرِهَا ثُمَّ حَكَى فِي الصِّحَاحِ عَنْ ابْنِ السِّكِّيتِ أَنَّهُ قَالَ لَمْ يَسْمَعْ فِي الْمَغْنَمِ إلَّا غَلَّ غُلُولًا، وَقَدْ أَطْلَقَ فِي الْمُحْكَمِ أَنَّ الْغُلُولَ الْخِيَانَةُ ثُمَّ قَالَ: وَخَصَّ بَعْضُهُمْ بِهِ الْخَوْنَ فِي الْفَيْءِ، وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ غَلَّ مِنْ الْمَغْنَمِ غُلُولًا أَيْ خَانَ، وَأَغَلَّ مِثْلَهُ ثُمَّ قَالَ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْغُلُولُ مِنْ الْمَغْنَمِ خَاصَّةً، وَلَا نَرَاهُ مِنْ الْخِيَانَةِ، وَلَا مِنْ الْحِقْدِ، وَمِمَّا يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُقَالُ مِنْ الْخِيَانَةِ أَغَلَّ يَغُلُّ، وَمِنْ الْحِقْدِ غَلَّ يَغِلُّ بِالْكَسْرِ، وَمِنْ الْغُلُولُ غَلَّ يَغُلُّ بِالضَّمِّ، وَقَالَ فِي الْمَشَارِقِ كُلُّ خِيَانَةٍ غُلُولٌ لَكِنَّهُ صَارَ فِي عُرِفَ الشَّرْعِ لِخِيَانَةِ الْمَغَانِمِ خَاصَّةً، وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ هُوَ الْخِيَانَةُ فِي الْمَغْنَمِ وَالسَّرِقَةُ مِنْ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَكُلُّ مَنْ خَانَ فِي شَيْءٍ خُفْيَةً فَقَدْ غَلَّ، وَسُمِّيَتْ غُلُولًا لِأَنَّ الْأَيْدِي فِيهَا مَغْلُولَةٌ أَيْ مَمْنُوعَةٌ مَجْعُولٌ فِيهَا غَلَّ، وَهُوَ الْحَدِيدَةُ الَّتِي تَجْمَعُ يَدَ الْأَسِيرِ إلَى عُنُقِهِ، وَيُقَالُ لَهَا جَامِعَةٌ أَيْضًا انْتَهَى فَإِنْ كَانَ الْغُلُولُ مُطْلَقُ الْخِيَانَةِ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ السَّرِقَةِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ الْمَغْنَمِ خَاصَّةٌ فَبَيْنَهُ، وَبَيْنَهَا عُمُومٌ، وَخُصُوصٌ مِنْ، وَجْهٍ.
{الْعَاشِرَةُ} قَوْلُهُ «فَإِيَّاكُمْ إيَّاكُمْ» كَذَا هُوَ فِي رِوَايَتِنَا هُنَا، وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مَرَّتَيْنِ، وَمَعْنَاهُ احْذَرُوا احْذَرُوا، وَالتَّكْرِيرُ لِلتَّأْكِيدِ يُقَالُ إيَّاكَ وَفُلَانًا أَيْ احْذَرْهُ، وَيُقَالُ إيَّاكَ أَيْ احْذَرْ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ فُلَانٍ كَمَا هُنَا {الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ} قَوْلُهُ «وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ» أَيْ بَعْدَ مُوَاقَعَتِهِ لِلذَّنْبِ فَلَمَّا قَطَعَهُ عَنْ الْإِضَافَةِ بَنَاهُ عَلَى الضَّمِّ، وَالْمُرَادُ بِكَوْنِهَا مَعْرُوضَةٌ أَنَّ اللَّهَ عَرَضَهَا عَلَى الْعِبَادِ فَأَمَرَهُمْ بِهَا وَوَعَدَ قَبُولَهَا، وَأَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ عَلَى قَبُولِ تَوْبَةِ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ، وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ الْإِقْلَاعُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ وَالنَّدَمُ عَلَى فِعْلِهَا وَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهَا، وَأَهْمَلَ أَصْحَابُنَا رُكْنًا رَابِعًا، وَهُوَ النِّيَّةُ وَالْإِخْلَاصُ فِيهَا كَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ قَالَ أَصْحَابُنَا وَغَيْرُهُمْ فَإِنْ تَابَ مِنْ ذَنْبٍ ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ لَمْ تَبْطُلْ تَوْبَتُهُ، وَإِنْ تَابَ مِنْ ذَنْبٍ، وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ بِآخَرَ صَحَّتْ تَوْبَتُهُ هَذَا مَذْهَبُ أَهْلِ الْحَقِّ، وَخَالَفَتْ الْمُعْتَزِلَةُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ.
{الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ} الْمُرَادُ بِنَزْعِ الْإِيمَانِ مِنْ قَلْبِهِ خُرُوجُهُ مِنْ كَمَالِ الْإِيمَانِ لَا أَصْلُهُ فَهَذِهِ الرِّوَايَةُ الْمَحْكِيَّةُ عَنْ مُسْنَدِ الْبَزَّارِ فِي احْتِيَاجِهَا إلَى التَّأْوِيلِ كَالرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ.