الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام إنَّمَا يُرَتِّبُ الْأَحْكَامَ عَلَى الْأُمُورِ الظَّاهِرَةِ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهَا الْحُكَّامُ بَعْدَهُ، وَقَدْ رُتِّبَ عَلَى الْحَمْلِ أَحْكَامٌ كَثِيرَةٌ كَإِبِلِ الدِّيَةِ إذْ قَالَ فِيهَا «النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا» ، وَطَلَاقِ الْحَامِلِ فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لِيُطَلِّقْهَا طَاهِرًا أَوْ حَامِلًا» ، وَتَأْخِيرِ رَجْمِ الْحَامِلِ فِي نَظَائِرَ عَدِيدَةٍ كَإِيجَابِ النَّفَقَةِ، وَالرَّدِّ بِالْعَيْبِ، وَالنَّهْيِ عَنْ وَطْئِهَا فِي السَّبْيِ.
(السَّابِعَةُ) فِيهِ أَنَّ نَفْيَ الْوَلَدِ سَبَبٌ لِلِّعَانِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ أَنْ لِلِّعَانِ سَبَبَيْنِ (أَحَدُهُمَا) قَذْفُ الزَّوْجَةِ بِالزِّنَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ وَلَدٌ، وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] الْآيَةَ، وَ (الثَّانِي) نَفْيُ الْوَلَدِ، وَإِنْ لَمْ يَنْضَمَّ إلَيْهِ قَذْفٌ، وَلَيْسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي الرِّوَايَاتِ الْمَشْهُورَةِ ذِكْرُ قَذْفٍ لَكِنْ قَدْ ذُكِرَ فِي بَعْضِ الرَّوِيَّاتِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَحَادِيثِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَائِدَة لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بِمُجَرَّدِ اللِّعَانِ]
(الثَّامِنَةُ) اُسْتُدِلَّ بِقَوْلِهِ فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَهُمَا عَلَى أَنَّهُ لَا تَقَعُ الْفُرْقَةُ بِمُجَرَّدِ اللِّعَانِ بَلْ يَتَوَقَّفُ ذَلِكَ عَلَى تَفْرِيقِ الْحَاكِمِ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَقَالَ بِهِ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي هَذَا التَّفْرِيقِ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ هُوَ طَلْقَةٌ بَائِنَةٌ فَلَوْ كَذَّبَ نَفْسَهُ بَعْدَ ذَلِكَ جَازَ لَهُ نِكَاحُهَا، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ هُوَ تَحْرِيمٌ مُؤَبَّدٌ، وَاَلَّذِي عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ حُصُولُ الْفُرْقَةِ بِمُجَرَّدِ اللِّعَانِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى تَفْرِيقٍ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَزُفَرُ ثُمَّ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَبَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ تَحْصُلُ الْفُرْقَةُ بِتَمَامِ لِعَانِهِ هُوَ وَإِنْ لَمْ تَلْتَعِنْ هِيَ، وَقَالَ أَحْمَدُ لَا يَحْصُلُ ذَلِكَ إلَّا بِتَمَامِ لِعَانِهِمَا مَعًا، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، وَبِهِ قَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ قَالُوا: وَهِيَ فُرْقَةُ فَسْخٍ وَحُرْمَةٌ مُؤَبَّدَةٌ، وَأَجَابَ الْجُمْهُورُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ لَيْسَ مَعْنَاهُ إنْشَاءَ الْفُرْقَةِ بَيْنَهُمَا بَلْ إظْهَارَ ذَلِكَ، وَبَيَانَ حُكْمِ الشَّرْعِ فِيهِ، وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا» ، وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ (لَا سَبِيلَ لَك عَلَيْهَا) رَاجِعًا إلَى الْمَالِ، وَقَوْلُهُ فِي حَدِيثِ سَهْلٍ، وَهُوَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «ذَلِكُمْ التَّفْرِيقُ بَيْنَ كُلِّ مُتَلَاعِنَيْنِ» قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ الْعَرَبِيِّ أَخْبَرَ عليه الصلاة والسلام بِقَوْلِهِ ذَلِكُمْ عَنْ قَوْلِهِ لَا سَبِيلَ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
لَك عَلَيْهَا، وَقَالَ كَذَا حُكْمُ كُلِّ مُتَلَاعِنَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْفِرَاقُ لَا يَكُونُ إلَّا بِحُكْمٍ فَقَدْ نُفِّذَ الْحُكْمُ فِيهِ مِنْ الْحَاكِمِ الْأَعْظَمِ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ ذَلِكُمْ التَّفْرِيقُ بَيْنَ كُلِّ مُتَلَاعِنَيْنِ، وَلَوْ أَشَارَ إلَى الطَّلَاقِ لَتَزَوَّجَهَا بَعْدَ زَوْجٍ بِحُكْمِ الْقُرْآنِ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ عَبَّادِ بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ الْحَدِيثَ، وَفِيهِ، وَقَضَى أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ لَا بَيْتَ لَهَا عَلَيْهِ، وَلَا قُوتَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا مُتَفَرِّقَانِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ، وَلَا مُتَوَفًّى عَنْهَا، وَرَوَى أَبُو دَاوُد أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي حَدِيثِ الْمُتَلَاعِنَيْنِ قَالَ فَمَضَتْ السُّنَّةُ بَعْدُ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ لَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا، وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ قَالَا مَضَتْ السُّنَّةُ فِي الْمُتَلَاعِنَيْنِ أَنْ لَا يَجْتَمِعَا أَبَدًا، وَعَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا، وَلَا يَجْتَمِعَانِ أَبَدًا، وَالْخِلَافُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ وَالْجُمْهُورِ قَرِيبُ الْمُدْرَكِ مِنْ الْخِلَافِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ فِي اسْتِحْقَاقِ الْقَاتِلِ السَّلْبَ، وَفِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ هُوَ يَقِفُ كُلًّا مِنْهُمَا عَلَى إذْنِ الْإِمَامِ، وَيُجْعَلُ قَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا لَهُ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ فَلَهُ سَلَبُهُ» تَنْفِيلًا، وَقَوْلُهُ عليه الصلاة والسلام «مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ» إذْنًا حُكْمِيًّا يُحْتَاجُ مَعَهُ فِي كُلِّ وَقْتٍ إلَى إذْنِ خَلِيفَةِ ذَلِكَ الْوَقْتِ كَمَا أَذِنَ هُوَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ كَمَا جُعِلَ تَفْرِيقُهُ عليه الصلاة والسلام هُنَا بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ بِطَرِيقِ الْحُكْمِ وَالْقَضَاءِ حَتَّى يُحْتَاجَ فِي كُلِّ وَاقِعَةٍ إلَى تَفْرِيقِ الْقَاضِي، وَالْجُمْهُورُ يَجْعَلُونَ ذَلِكَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثَةِ بَيَانًا لِلشَّرْعِ الْعَامِّ الْمُطَّرِدِ سَوَاءٌ قَالَهُ الْإِمَامُ أَمْ لَمْ يَقُلْهُ، وَلَقَدْ أَبْعَدَ عُثْمَانُ الْبَتِّيُّ فِي قَوْلِهِ لَا أَثَرَ لِلِّعَانِ فِي الْفُرْقَةِ، وَلَا يَحْصُلُ بِهِ فِرَاقٌ أَصْلًا، وَسَبَقَهُ إلَى ذَلِكَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ أَنَّهُ لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ، وَحَكَاهُ الطَّبَرِيُّ عَنْ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَيُقَابِلُهُ فِي الْبُعْدِ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ الْقَاسِمِ بْنِ سَلَّامٍ أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ بِنَفْسِ الْقَذْفِ بِغَيْرِ لِعَانٍ.
(التَّاسِعَةُ) نَقَلَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ أَبِي خَيْثَمَةَ فِي تَارِيخِهِ قَالَ سُئِلَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ عَنْ حَدِيثِ ابْنِ عُيَيْنَةَ أَيْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَهْلٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فَقَالَ أَخْطَأَ لَيْسَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَرَّقَ بَيْنَهُمَا، وَقَالَ أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ لَمْ يُتَابِعْ ابْنُ عُيَيْنَةَ أَحَدٌ عَلَى أَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ الْمُتَلَاعِنَيْنِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فَإِنْ صَحَّ هَذَا، وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ وَهْمٌ فَالْوَجْهُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ ابْنِ مَعِينٍ عَلَى حَدِيثِ