الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
طَلَاقٍ قَالَ: وَلَمْ تَكُنْ الْمَعْصِيَةُ إنْ كَانَ عَالِمًا يُطْرَحُ عَنْهُ التَّحْرِيمُ لِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تَزِيدُ الزَّوْجَ خَيْرًا إنْ لَمْ يُرِدْ شَرًّا، وَبَسَطَ الْكَلَامَ فِيهِ، وَحَمَلَ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي الزُّبَيْرِ لَمْ يُرِدْ شَيْئًا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَحْسِبْهُ شَيْئًا صَوَابًا غَيْرَ خَطَأٍ يُؤْمَرُ صَاحِبُهُ أَلَّا يُقِيمَ عَلَيْهِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالْمُرَاجَعَةِ، وَلَا يُؤْمَرُ بِهَا الَّذِي طَلَّقَهَا طَاهِرَةً كَمَا يُقَالُ لِلرَّجُلِ أَخْطَأَ فِي فِعْلِهِ، وَأَخْطَأَ فِي جَوَابٍ أَجَابَهُ، لَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا يَعْنِي لَمْ يَصْنَعْ شَيْئًا صَوَابًا انْتَهَى ثُمَّ حَكَى ابْنُ حَزْمٍ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ نَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى وُقُوعِ الطَّلَاقِ وَرَدَّهُ بِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ مَوْجُودٌ ثُمَّ أَخَذَ يَسْتَدِلُّ عَلَى وُجُودِ الْخِلَافِ بِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ إنَّهُ يَحْرُمُ طَلَاقُهَا حَائِضًا، وَقَالَ مُحَالٌ أَنْ يُجِيزَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَا يُخْبِرُ بِأَنَّهُ حَرَامٌ، وَهَذَا عَجِيبٌ فَإِنَّهُ مَوْضِعُ الْخِلَافِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَافَّةِ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ هُوَ حَرَامٌ، وَمَعَ ذَلِكَ فَهُوَ نَافِذٌ.
وَابْنُ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ كَغَيْرِهِ يُحَرِّمُهُ وَيُوقِعُهُ ثُمَّ حَكَى عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ مَنْ طَلَّقَ كَمَا أَمَرَهُ تَعَالَى فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ، وَمَنْ خَالَفَ فَإِنَّا لَا نُطِيقُ خِلَافَهُ، وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ لَا يُفْهَمُ مِنْهَا شَيْءٌ مِمَّا قَالَهُ ثُمَّ حَكَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ لَا يُعْتَدُّ بِذَلِكَ، وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الَّذِي فِي الصَّحِيحِ عَنْهُ خِلَافُ ذَلِكَ ثُمَّ حَكَى عَنْ طَاوُوسٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى طَلَاقًا مَا خَالَفَ وَجْهَ الطَّلَاقِ أَنْ يُطَلِّقَهَا طَاهِرًا مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ، وَإِذَا اسْتَبَانَ حَمْلُهَا، وَهُوَ قَابِلٌ لِلتَّأْوِيلِ بِأَنْ يُرِيدَ أَنَّهُ لَا يَرَاهُ طَلَاقًا مُبَاحًا ثُمَّ حَكَى عَنْ خِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ فَقَالَ لَا يُعْتَبَرُ بِهَا ثُمَّ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ، وَالْعَجَبُ مِنْ جَرَاءَةِ مَنْ ادَّعَى الْإِجْمَاعَ عَلَى خِلَافِ هَذَا، وَهُوَ لَا يَجِدُ فِيمَا يُوَافِقُ قَوْلَهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ غَيْرَ رِوَايَةٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَدْ أَعَاضَهَا مَا هُوَ أَحْسَنُ مِنْهَا عَنْهُ وَرِوَايَتَيْنِ سَاقِطَتَيْنِ عَنْ عُثْمَانَ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ.
قَالَ بَلْ نَحْنُ أَسْعَدُ بِدَعْوَى الْإِجْمَاعِ هُنَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَاحْتَجَّ بَعْضُ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَقَعُ بِمَا رُوِيَ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ إذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ حَائِضٌ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا فِي قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ، وَإِنَّمَا مَعْنَاهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ فِي الْعِدَّةِ كَمَا رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ مَنْصُوصًا أَنَّهُ قَالَ يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ، وَلَا يُعْتَدُّ بِتِلْكَ الْحَيْضَةِ.
[فَائِدَة تَطْلِيقِهَا فِي الطُّهْرِ التَّالِي لِتِلْكَ الْحَيْضَةِ]
(السَّابِعَةُ) قَوْلُهُ «ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ ثُمَّ تَطْهُرَ» يَقْتَضِي مَنْعَ تَطْلِيقِهَا فِي الطُّهْرِ التَّالِي لِتِلْكَ الْحَيْضَةِ، وَفِي ذَلِكَ لِلشَّافِعِيَّةِ وَجْهَانِ
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
أَصَحُّهُمَا عِنْدَهُمْ الْمَنْعُ، وَبِهِ قَطَعَ الْمُتَوَلِّي قَالَ الرَّافِعِيُّ، وَكَأَنَّ الْوَجْهَيْنِ فِي أَنَّهُ هَلْ يَتَأَدَّى بِهِ الِاسْتِحْبَابُ بِتَمَامِهِ فَأَمَّا أَصْلُ الْإِبَاحَةِ وَالِاسْتِحْبَابِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ بِلَا خِلَافٍ لِانْدِفَاعِ ضَرَرِ تَطْوِيلِ الْعِدَّةِ، وَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ قَدْ صَرَّحَ بِهِ الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ قَالَ الْإِمَامُ قَالَ الْجُمْهُورُ يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فِيهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لَا بَأْسَ بِهِ، وَقَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْوَسِيطِ هَلْ يَجُوزُ أَنْ يُطَلِّقَ فِي هَذَا الطُّهْرِ؟ فِيهِ وَجْهَانِ فَجَعَلَ الْخِلَافَ فِي الْجَوَازِ، وَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ صَاحِبُ الذَّخَائِرِ، وَمَالَ النَّوَوِيُّ إلَى الْأَوَّلِ، وَقَالَ إنَّ كَلَامَ الْغَزَالِيِّ شَاذٌّ أَوْ مُؤَوَّلٌ فَلَا يُغْتَرُّ بِظَاهِرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إلَى أَنَّ تَأْخِيرَ الطَّلَاقِ عَنْ ذَلِكَ الطُّهْرِ التَّالِي لِتِلْكَ الْحَيْضَةِ اسْتِحْبَابٌ، وَكَلَامُ الْحَنَابِلَةِ يَقْتَضِي أَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ فِي الْجَوَازِ، وَعِبَارَةُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ فِي الْمُحَرَّرِ، وَلَا يُطَلِّقُهَا فِي الطُّهْرِ الْمُتَعَقِّبِ لَهُ فَإِنَّهُ بِدْعَةٌ، وَعَنْهُ جَوَازُ ذَلِكَ، وَذَكَرَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ يُطَلِّقُهَا فِي الطُّهْرِ الَّذِي يَلِي الْحَيْضَةَ، وَحَكَاهُ أَبُو الْحَسَنِ الْكَرْخِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ لَا يُطَلِّقُهَا فِيهِ بَلْ يُؤَخِّرُ إلَى الطُّهْرِ الَّذِي يَلِيه، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ أَكْثَرُ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ قَالَ «مُرْهُ فَلْيُرَاجِعْهَا ثُمَّ لِيُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ إنْ شَاءَ أَمْسَكَ، وَإِنْ شَاءَ طَلَّقَ» ، وَهَكَذَا رَوَاهُ يُونُسُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَأَنَسُ بْنُ سِيرِينَ، وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، وَأَبُو وَائِلٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْهُ، وَإِنَّمَا رَوَى هَذِهِ الزِّيَادَةَ نَافِعٌ، وَقَدْ رُوِيَتْ أَيْضًا عَنْ سَالِمٍ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ.
(الثَّامِنَةُ) الَّذِي فِي الْحَدِيثِ الْأَمْرُ بِإِمْسَاكِهَا فِي الطُّهْرِ التَّالِي لِتِلْكَ الْحَيْضَةِ، وَلَيْسَ فِيهِ الْأَمْرُ بِوَطْئِهَا، وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا يُسْتَحَبُّ لَهُ جِمَاعُهَا فِي ذَلِكَ الطُّهْرِ لِيَظْهَرَ مَقْصُودُ الرَّجْعَةِ، وَيَدُلُّ لَهُ مَا رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ نَافِعٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ «ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، وَهِيَ فِي دَمِهَا حَائِضٌ فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُرَاجِعَهَا فَإِذَا طَهُرَتْ مَسَّهَا حَتَّى إذَا طَهُرَتْ أُخْرَى فَإِنْ شَاءَ طَلَّقَهَا، وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَهَا» ، وَلَكِنَّ الْأَصَحَّ عَدَمُ اسْتِحْبَابِهِ اكْتِفَاءً بِإِمْكَانِ الِاسْتِمْتَاعِ.
(التَّاسِعَةُ) ذَكَرَ الْعُلَمَاءُ فِي الْحِكْمَةِ فِي تَأْخِيرِ الطَّلَاقِ إلَى طُهْرٍ بَعْدَ طُهْرٍ أَيْ الَّذِي يَلِي ذَلِكَ الْحَيْضِ أُمُورًا: (أَحَدُهَا) لِئَلَّا تَصِيرَ الرَّجْعَةُ لِغَرَضِ الطَّلَاقِ فَوَجَبَ أَنْ يُمْسِكَهَا زَمَانًا كَانَ يَحِلُّ لَهُ فِيهِ طَلَاقُهَا، وَإِنَّمَا أَمْسَكَهَا لِتَظْهَرَ فَائِدَةُ الرَّجْعَةِ، وَهَذَا جَوَابُ أَصْحَابِنَا، وَ (الثَّانِي) أَنَّهُ عُقُوبَةٌ لَهُ وَتَوْبَةٌ مِنْ مَعْصِيَتِهِ